القادة الإسرائيليون العسكريون لا يستبعدون حربا أخرى قبل الانتخابات
القادة الإسرائيليون العسكريون لا يستبعدون حربا أخرى قبل الانتخابات
الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة والوضع السياسي يعززان التوقع
تل أبيب: نظير مجلي
على الرغم من الانتخابات العامة، المقررة ليوم 17 مارس (آذار) القادم، لا تستبعد تقييمات جهاز الاستخبارات الإسرائيلية لعام 2015 «وجود احتمالات كبيرة لاستئناف المواجهة المسلحة مقابل غزة والضفة، بقوة مختلفة، هذا العام»، بل هناك تقديرات بأن إسرائيل «ستضطر إلى المواجهة خلال شهور وربما في ظروف معينة تقع قبل الانتخابات».
ومع أن التقرير أعد بعد دراسات معمقة خلال عدة شهور ماضية، إلا أنه بات يحمل طابعا واقعيا جدا، بعد التدهور الأمني الأخير الذي حصل مع سقوط قذائف صاروخية من غزة في إسرائيل (الجمعة) والرد الإسرائيلي الفوري عليها بقصف مصنع باطون جنوب القطاع.
وكشفت مصادر عسكرية، أمس، أن «القيادة العامة للجيش سارعت إلى إصدار أمر بالاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة». وقالت هذه المصادر، على خلفية التدهور الأمني الأخير مع قطاع غزة، أول من أمس: «إن كل حريق يتم إشعاله من قبل حماس أو السلطة الفلسطينية أو إسرائيل سيترك تأثيره الخطير، حتى إن كان المقصود حدثا محليا محدودا لا يفترض أن تكون له أبعاد فورية على أمن المنطقة. هكذا يجب قراءة التدهور الأمني في أعقاب قيام تنظيم لا يرتبط ظاهريا بحماس، بإطلاق صاروخ قصير المدى».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن مصادر أمنية رفيعة قولها: «حاليا، لا يبدو واضحا ما إذا كان إطلاق النيران الأخير قد تم كجزء من تجربة أو تم مقصودا، وإذا ما كانت حماس تعرف عنه مسبقا أم لا. ولكن بالنسبة إلى إسرائيل شكل ذلك فرصة لِبثّ رسالة إلى حماس من زاوية مختلفة تماما، على شكل قصف مصنع للباطون. في إسرائيل يشعرون بالقلق إزاء إمكانية وصول جزء من مواد البناء التي يتم تحويلها لترميم القطاع إلى مصانع حماس، واستخدامها لإعادة بناء الأنفاق. ويشعرون بالقلق من قيام حماس بتدريبات عسكرية كبيرة أقدموا خلالها على تجربة إطلاق صواريخ باتجاه البحر. ولذلك أرسلت إسرائيل سلاحها الجوي إلى جنوب القطاع وضربت عصفورين بحجر واحد: فمن جهة لبّت طلب الجمهور بالرد الفوري على إطلاق النيران من غزة، ومن جهة عالجت المصنع الذي ينتج الباطون للأنفاق».
وجاء في تقديرات المخابرات أن صورة العمل في ترميم الأنفاق ليست واضحة حتى اليوم، وما من شك أنها ليست بذات الوتيرة التي سبقت عملية «الجرف الصامد» (الحرب الأخيرة على غزة). ورغم أن حماس معنية بترميم الأنفاق والتزود بالأسلحة، فإن قدراتها تقلصت جدا. ولذلك تستخدم ما يتوفر من مواد محلية لتصنيع الصواريخ، وعندما يتم إجراء تجربة عليها عبر إطلاقها باتجاه البحر، لا يعني ذلك بالضرورة تجربة نوعيات جديدة وإنما فحص سلسلة إنتاج قائمة. في هذه الأثناء تنشغل حماس في ترميم الأنفاق القائمة داخل غزة والتي تخدمها في الحرب داخل المناطق المأهولة. وهي تستطلع أوضاع أنفاقها الهجومية، التي يفترض وصولها إلى إسرائيل، ومن المحتمل جدا أنها تعيد إحياء الأنفاق التي دمرها الجيش، أو أنها بدأت بحفر أنفاق جديدة.
ويلاحظ أن بعض الجهات السياسية الإسرائيلية تحاول بناء صورة لحماس وكأنها عادت إلى قوتها السابقة، وتستفيد من هذا التقويم لأغراض انتخابية. في المعارضة يقصدون إظهار الكومة فاشلة في حربها الأخيرة، وفي اليمين يدافعون ويقولون إن المطلوب قيادة قوية في إسرائيل تعرف كيف توجه الضربات لحماس وغيرها. لكن تقديرات الجيش، كما طرحت أمس في جلسة الحكومة الإسرائيلية، هي أن حماس ليست معنية بجولة عسكرية أخرى. وتمت الإشارة إلى تصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي في حماس، بالقول: «إننا لا نبحث الآن عن أي حرب، نحن نريد بناء غزة». وأول من أمس، بعد الهجوم الإسرائيلي، قال إن حماس تعمل مقابل كل التنظيمات بهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار، وعدم توفير ذريعة لإسرائيل كي تكرر الهجوم.
ومع ذلك فقد أشار الخبراء الإسرائيليون إلى وجود سببين ملحّين يمكنهما أن يدهورا الوضع. وكما كتب شيمعون شيفر في «يديعوت أحرونوت» أمس: «في نهاية الأمر، تبقى الرغبات في جانب والواقع في جانب آخر. والواقع هو أن في إسرائيل انتخابات، وفي قطاع غزة وضع إنساني وسياسي متدنٍّ ولا يبدو أنه سيتحسن قريبا. ومن شأن هذين المركبين أن يقودا إلى التدهور الذي تتوقعه شعبة الاستخبارات».