مفاجأة أبو مازن
الخميس 25 كانون الأول 2014 - 11:44 ص 431 0
مفاجأة أبو مازن
معتصم حمادة
"المفاجأة السياسية" التي وعد بها الرئيس أبو مازن الفلسطينيين، لم تكن تستحق منهم هذا الانتظار الطويل، ليقفوا أمام مشروع مقدم إلى مجلس الأمن، سجل، في مضمونه، خطوات تراجعية في ما يتعلق بالقدس، حين اعتبرها عاصمة لدولتين، وحين تناول الاستيطان بعبارات غامضة توحي بالموافقة على ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل، وحين فتح باب المساومة على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، مستعيناً بعبارة مسلوخة من المبادرة العربية للسلام. والأخطر من هذا، كله، ان التعديل الفرنسي البريطاني على مشروع القرار، حوله من مشروع هدفه رحيل الاحتلال الإسرائيلي عن الارض الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67، بسقف زمني ملزم لإسرائيل وللمجتمع الدولي، إلى مشروع يمهد لاستئناف المفاوضات بالآلية ذاتها التي انحكمت بها المفاوضات السابقة، ووصلت بالطرفين إلى الطريق المسدود.
وخوفاً من الاصطدام بالفيتو الأميركي، أبدت رام الله استعدادها لإدخال المزيد من التعديلات على المشروع، مما رشحه للمزيد من التراجع والهبوط بسقفه السياسي عن العديد من القرارات الدولية ذات الصلة، وعما كان قد توافق عليه الفلسطينيون، خاصة في محطتين رئيستين، هما وثيقة الحوار الوطني الشامل، في 26/6/2006، وبيان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في 24/4/2014.
ما يبعث على القلق الشديد أن القيادة الفلسطينية تقدمت بمشروعها إلى مجلس الأمن، دون أن تعرض مسودته على الهيئات الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية، كاللجنة التنفيذية واللجنة السياسية، وحتى في الاجتماع الموسع المسمى بالقيادة السياسية [وهي هيئة هلامية تتعرض للفك والتركيب ولا تتمتع بأي صفة قانونية] لم يعرض نص المشروع على الآخرين، بل اكتفي ببعض بنوده وأستبعدت، في العرض، البنود الشائكة.
وحده، ما يسمى بالمطبخ الفلسطيني، أدار لعبة المشروع في مجلس الأمن، من خلف باقي الهيئات والمحطات القيادية، ما ألقى بظلال الشك على طبيعة "الوحدة الوطنية" الفلسطينية وما إذا كانت تشكل أساساً كافياً، بآلياتها المعروفة، لبناء شراكة وطنية فلسطينية، تعزز من الحالة الفلسطينية في مواجهة مراحل سياسية شديدة التعقيد، أم أن هذه الوحدة باتت حالة ابتزازية، ومجرد غطاء، تلجأ إليهما القيادة السياسية الفلسطينية لتمرر سياساتها، التي ما زالت، رغم كل ما شهدته الأوضاع، من تطورات، تلتزم سقف الاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، متجاهلة، تماماً، ان هذه الاتفاقات، ما وضعت أساساً، سوى لإغلاق الطريق أمام أي حل يضمن للفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة.
بدلاً من أن يخوض الفلسطينيون في مجلس الأمن واحدة من معارك الاستقلال، أدخلوا أنفسهم في مأزق سياسي، لا مخرج منه إلا بسحب مشروعهم من التداول والبحث عن سياسات بديلة.