اختراق محدود في العلاقات الدولية والإقليمية لإيران وموسوي يتحدى النظام محاكمته علناً: مستعد لفضح فساد هائل في إيران
الثلاثاء 30 كانون الأول 2014 - 7:59 ص 525 0
موسوي يتحدى النظام محاكمته علناً: مستعد لفضح فساد هائل في إيران
لندن – «الحياة»
تحدى الزعيم المعارض مير حسين موسوي الخاضع لإقامة جبرية في إيران منذ شباط (فبراير) 2011، النظام أن يحاكمه علناً، معلناً استعداده لـ»فضح» فساد مستشرٍ في البلاد بعد الثورة.
وأصدر موسوي بياناً سياسياً هو الأول بعد إخضاعه لإقامة جـبرية، مع زوجته زهرة رهنورد والزعيم المعارض الآخر مهدي كروبي، سخر من اتهامــات وجّهــــتها إلــيـــه السلطـــات بقـــيادة «تيار فتـــنة» لإطاحة النظام، بمساعدة من «الاستكبار العالمي».
ووَرَدَ في البيان: «منذ بداية إخضاعنا لإقامة جبرية، أبلغنا، زوجتي وأنا، السلطات تكراراً (عبر حراس السجن) استعدادنا للمثول أمام محكمة نزيهة وعلنية. أنا مستعد للردّ على مزاعم كاذبة مزاعم ضدي، ولفضح مصدر فساد واسع اجتاح بلادنا وثورتنا».
ونفى «ادعاءات» بتوجيه «اتهامات رسمية» إليه وإلى زوجته، مشيراً إلى أن السلطات لم تستجب طلبه «وجود سلطة قضائية تحدّد حقوقنا القانونية وتحقّق في الدخول غير المشروع (لرجال الأمن) ووجودهم في منزلنا في الأشهر الماضية، من دون أمر من محكمة».
وسخر موسوي من «حفنة حمقى يعيثون خراباً في البلاد، ويجدون أنفسهم الآن في موقف لا يُحسدون عليه، لحاجتهم إلى إنكار تفشي الفساد في البلاد، والاعتماد بدل ذلك على حرب نفسية وافتراءات هدفها تحوير الرأي العام عن الأخطار التي تواجه أمّتنا، نتيجة لانحطاطٍ وفسادٍ». وتابع أن «الفتنة والتمرد يمثّلهما مَن نهبوا الجيوب الفارغة للفقراء والمحرومين والمظلومين، مسبّبين فساداً هائلاً تشهده بلادنا الآن».
في المقابل، ذكر رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي أن «مرسوماً خاصاً» أصدره مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي لإخضاع موسوي وكروبي لإقامة جبرية، «حال دون إعدامهما». وأضاف: «لولا هذا المرسوم الخاص، لوجب معاقبتهما وإعدامهما، وفقاً للشرع والقوانين».
في غضون ذلك، كرّر الناطق باسم الحكومة محمد باقر نوبخت نفي مزاعم «بلا أساس» اتهمت الحكومة بسحب 4.1 بليون دولار من صندوق التنمية الوطنية. وقال: «هذه معلومات خاطئة وعلى الذين أثاروها أن يعتذروا للشعب». واتهم ديوان المحاسبة بإشاعة معلومات «غير واقعية»، داعياً إياه إلى تقديم اعتذار. وتابع: «ليس ممكناً سحب مال من صندوق يُشرف عليه مجلس إدارة يضمّ أعضاء من السلطات الثلاث».
إلى ذلك، أعلن مسؤول إيراني أن لدى بلاده نحو 100 بليون دولار أموالاً مجمدة في مصارف صينية وهندية ويابانية.
مناورات
على صعيد آخر، شهد اليوم الرابع من مناورات ضخمة تنفذها القوات المسلحة الإيرانية، من مضيق هرمز إلى بحر عُمان، تدمير مقاتلتين من طراز «أف-4» «أهدافاً بحرية متحركة» بصواريخ «جو – أرض» من طراز «مافريك».
وأعلن الجيش أن مقاتلتين من طراز «سوخوي-24» أنجزتا بنجاح للمرة الأولى «عملية للتزوّد بوقود جواً بينهما»، مشيراً إلى أن هذه المقاتلة هي «الأكثر استراتيجية في سلاح الجوّ الإيراني، وازداد مداها العملاني مع إضافة إمكان تزوّدها بوقود جواً».
المناورات التي تُنفّذ في جنوب إيران وجنوب شرقها، شهدت أيضاً «زرع ألغام بحرية وتفجيرها، وقصفاً جوياً لأهداف بحرية»، وتدشين «منظومة كاسحة ألغام جديدة».
وأعلنت طهران أن بحريتها «أجبرت مدمرتين أميركيتين على مغادرة منطقة المناورات، بعدما حذّرتها طائرة استطلاع اثر دخول المدمرتين منطقة تقع في مدى صواريخ». وأشارت إلى أن المدمرتين «غادرتا المكان فور تحذيرهما».
إلى ذلك، اعتبر قائد بحرية الجيش الإيراني الأميرال حبيب الله سياري أن «على دول الجوار أن تدرك أن القوة القتالية لإيران لا تشكّل تهديداً لأي بلد، بل (هدفها) الدفاع عن حدود البلاد ومصالحها».
وكرّر أن المناورات «تحمل رسالة سلام لدول المنطقة»، مفادها أن طهران «قادرة على ضمان أمن الإقليم»، معلناً استعداد بلاده لتنظيم «مناورات مشتركة مع دول الجوار».
اختراق محدود في العلاقات الدولية والإقليمية لإيران رغم إخفاق في إبرام اتفاق نووي
الحياة...طهران – محمد صالح صدقيان
لم يكن الرئيس الإيراني حسن روحاني يتوقّع عدم موافقة الدول الست المعنية بالملف النووي لبلاده، على إبرام اتفاق يطوي الملف، بعد تمديد المفاوضات إلى 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكان يحلم بأن يكون عام 2014 نهاية لتراجيديا الملف النووي، خصوصاً أن طهران فعلت ما في وسعها من أجل تبديد قلق تلك الدول والمجتمع الدولي من أخطار برنامجها الذري.
ولا شك في أن الملف النووي كان الأبرز خلال عام 2014 في إيران، ولو أنه لا يبتعد كثيراً عن بقية الملفات الإقليمية أو الداخلية، سواء السياسية أو الاقتصادية.
وسعت الحكومة الإيرانية إلى وضع ما تملك من بيض في سلة المفاوضات، ووعدت بتحسين الاقتصاد الداخلي، استناداً إلى تصوّرها بالتوصل إلى تسوية للملف النووي ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في مهلة لا تتعدى ستة أشهر، كما رجّح الرئيس حسن روحاني بعد إبرام اتفاق جنيف بين طهران والدول الست المعنية بملفها النووي، في 24 تشرين الثاني 2013.
لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، فلا المفاوضات أفضت إلى اتفاق خلال عام 2014، ولا رُفعت العقوبات الاقتصادية، وستراوح الأمور مكانها حتى نهاية حزيران (يونيو) 2015. هذا على الأقل ما يفكّر به مناهضون إيرانيون للسياسة التي ينتهجها روحاني في الملف النووي. لكن ذلك لم يمنع القيادة الإيرانية من حض الحكومة على تجنّب الاعتماد على نتائج المفاوضات، والسير في اتجاه «الاقتصاد المقاوم» من أجل استيعاب ما أمكَن من تداعيات استمرار العقوبات، وعدم الركون إلى وعود الغرب ولا على أسعار النفط.
وسعى الوفد المفاوض الإيراني الذي يقوده وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى حلحلة المحادثات، لتبلغ نقطة يستطيع من خلالها رفع العقوبات، تحديداً المفروضة على المصرف المركزي الإيراني وهي في يد الرئيس الأميركي باراك أوباما، لا الكونغرس، لكن جهوده لم تثمر.
وتفاقم الوضع بعد تراجع أسعار النفط إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل، ما أحرج الحكومة التي كانت حددت سعر النفط بمئة دولار للبرميل، في موازنة السنة الإيرانية التي تنتهي في 20 آذار (مارس) المقبل، في وقت اقترحت سعر 72 دولاراً للبرميل في مشروع موازنة السنة المقبلة.
لكن مراقبين للشأن الإيراني يعتقدون بأن المفاوضات النووية، ولو لم تسفر عن إبرام اتفاق، إلا أنها نجحت في تحقيق اختراق للعلاقات الإيرانية – الأميركية، كان عصياً طيلة العقود الثلاثة الماضية. وبات مشهد مصافحة بين وزيرَي خارجية البلدين، أمراً طبيعياً بالنسبة إلى الإيرانيين، كما أن جلوس الرجلين على طاولة واحدة بات ظاهرة مستساغة لديهم، ما يؤشر إلى مزيد من التعاون والتنسيق، لا على صعيد ملف العلاقات الثنائية، بل في شأن ملفات إقليمية ساخنة تحتاج إلى تعاون الجانبين لتسويتها، بما يملكان من إمكانات وأوراق في المنطقة.
الأزمة السورية
ولم تغيّر إيران موقفها من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على رغم السياسة الجديدة التي انتهجتها حكومة روحاني والتي دعت إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دول الإقليم، تحديداً في الخليج. وما زالت طهران تراهن على حلّ سياسي لإنهاء الأزمة السورية، ما يعني في القاموس الإيراني جعل الأسد جزءاً من أي تسوية، بمعنى أن تكون المرحلة الانتقالية في إطار نتائج انتخابات الرئاسة التي نُظمت في أيار (مايو) 2014 وفاز بها الرئيس السوري.
العلاقات مع الخليج
زار ظريف خلال عام 2014 كل دول «مجلس التعاون الخليجي»، في استثناء لمملكة العربية السعودية والبحرين، لأسباب تتعلق بموقف إيران من مسائل إقليمية. وأجرى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح زيارة إلى طهران اعتُبِرت مهمة على صعيد العلاقات الإيرانية – الخليجية، كما هي مهمة مع سلطنة عُمان ومع دولة الإمارات إلى حد ما. وتعتقد طهران بأنها نجحت في تحقيق اختراق لدول المجلس يحول دون حدوث إجماع خليجي على طابع العلاقة مع إيران.
إيران - العراق
لم تتأخر طهران عن إعلان تقديم دعم كامل، سواء على مستوى السلاح أو المستشارين، للحكومة والجيش في العراق، لمواجهة سيطرة تنظيم «داعش» على محافظات، وتمدّده إلى قرب مدن مهمة، مثل بغداد وكربلاء.
وأفادت معلومات، نفتها طهران، بوجود تفاهمات غير مكتوبة مع الولايات المتحدة في شأن آلية التصدي لـ «داعش»، بعد إعلان إدارة أوباما تشكيل تحالف دولي لمواجهة التنظيم في العراق. لكن إيران لم تنفِ مساندتها العراق، بل اعتبرت الأمر واجباً للدفاع عن أمنها الإقليمي، وعن المراقد المقدسة في بغداد وكربلاء وسامراء والنجف.
على المستوى الداخلي في العراق، رحّبت طهران بنقل سلمي للسلطة من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، بعد إصرارها على بقاء الأول، التزاماً منها بنتائج الانتخابات النيابية التي نُظِمت مطلع عام 2014. لكن إصرار المرجع علي السيستاني على التغيير في رئاسة الحكومة، شكّل ضغطاً على القيادة الإيرانية لتسحب تأييدها من المالكي لمصلحة العبادي الذي زار طهران والتقى المرشد علي خامنئي، في الرحلة الأولى له إلى خارج بلاده، بعد تكليفه تشكيل الحكومة.
العلاقات مع الغرب
أثارت المفاوضات النووية أجواء مريحة بالنسبة إلى الحكومة الإيرانية التي أجـــرت محادثــــات مع الدول الخمس الدائمة العضــوية في مجلس الأمن وألمانيا، تطرقت إلى قضـــايا عدة على هامش المفاوضات النـــووية، سواء العلاقات الثنائية أو مسائل إقليمية، أو تلك التي تنتظرها طهران بعد إبرام اتفاق يطوي الملف النووي.
وعلـــى رغم أن إيران وبريطانيا لم تتمكّنا من إعادة فتح سفارتَي البلدين، خلال عام 2014، إلا أنهما تسيران في هذا الاتجاه.
تهدئة الشارع
سعت حكومة روحاني إلى تهدئة الشارع وإبعاده من التجاذبات السياسية التي ورثتهـــا من حكومة سلفه محمود أحمدي نجاد، فـــي وقت سارت في خطوات حذرة على صعيد المصالحة الوطنية وعـــودة الإصلاحيين إلى الساحة السياسية. الإصـــلاحيون الذين استفادوا من السياسة المـــعتـــدلة التي ينتهــجها الرئيس الإيراني، انتــقـــدوه بسبب استمرار إخضاع الزعيمين المـــعـارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي لإقامة جبرية منذ عام 2011.
وجهدت الحكومة للحفاظ على سعر صرف العملة الإيرانية في مقابل العملات الأجنبية، من أجل عودة الاستقرار إلى السوق الداخلية. كما عملت على معالجة الركود الاقتصادي والبطالة والتضخم، فيما رأت في وقف مسار العقوبات على مستواه الحالي، خطوة إيجابية تساهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية.
إلا أن استــمرار العقوبات الغربية وتـــراجع أسعـــار النـفط الـــذي تعتـــمد عليــــه إيـــران، شكّل تحدياً حقيقياً للحكومة التـــي تــــواجه أمـــراضـــاً اقتصادية مزمنة.
وفي سابقة، أعلن خامنئي في أيلول (سبتمبر) 2014 دخوله مستشفى حيث أُخضــِع لجـــراحة في البروستاتا، فيمــا بقي منصب رئيس مجلس خبراء القيادة المكلّف انتخاب المرشد، فارغاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) بعد وفاة محمد رضا مهدوي كني.