أوباما يحاذر "الفخ الليبي" بسبب "التركة السلبية للعراق"

تاريخ الإضافة السبت 12 آذار 2011 - 5:27 ص    عدد الزيارات 2690    القسم دولية

        


أوباما يحاذر "الفخ الليبي" بسبب "التركة السلبية للعراق"

مع توسع القتال واحتدامه في ليبيا، وتكثيف العقيد معمر القذافي هجماته على المواقع التي تسيطر عليها القوى المناوئة له، تزداد الضغوط الخارجية والداخلية على ادارة الرئيس اوباما لاتخاذ اجراءات عسكرية، تراوح بين فرض منطقة حظر طيران، والتشويش على اتصالات القوات الحكومية، وحتى تسليح الثوار للتعجيل في اسقاط نظام القذافي قبل غرق البلاد في نزاع مفتوح، مع ما يحمله ذلك من احتمال سقوط ليبيا في جحيم حرب اهلية أو تقسيمها، او فتحها لقوى ظلامية مثل تنظيم "القاعدة".
ويتفادى المسؤولون الاميركيون وصف المأزق العسكري الراهن للطرفين، أي حال التوازن في القوى التي تمنع كلا الطرفين من الحسم السريع، بانها حال حرب اهلية، لكن المطالبين بالتدخل العسكري السريع، ومعظمهم من خارج الحكومة، يحذرون من ان اخفاق اميركا وحلفائها في التدخل لمصلحة الثوار سيؤدي الى مذابح للمدنيين، ويذكّرون بالثمن البشري الباهظ لبطء ادارة الرئيس الاميركي سابقاً بيل كلينتون في التدخل العسكري لوقف مذابح المدنيين في البوسنة وكوسوفو في التسعينات من القرن الماضي.
وعلى رغم المواقف العلنية للرئيس اوباما الداعية الى تنحي القذافي عن منصبه ومغادرته البلاد، وهي مواقف تضعه نظريا الى جانب الحركة الشعبية المناهضة للزعيم الليبي، الا ان الرئيس الاميركي لا يزال مترددا في استخدام الخيار العسكري المحدود، بسبب ما وصفه احد المسؤولين بـ"التركة السلبية للعراق" وقلق اوباما وكبار المسؤولين وبينهم وزير الدفاع روبرت غيتس، وهو من ابرز معارضي الخيار العسكري، من مغبة التدخل العسكري في دولة مسلمة ثالثة (ومنتجة للنفط)، وقت تواصل الولايات المتحدة تحمل اعباء عسكرية كبيرة في افغانستان والعراق.
وقال احد المسؤولين ان ثمة عقبات سياسية امام التدخل بينها عدم وجود موقف دولي او عربي داعم بوضوح لمثل هذا التدخل، الى تردد في واشنطن من اعطاء القذافي ذريعة ليقول إن تأكيداته ان قوى خارجية تقف وراء الحركة المناهضة له صحيحة. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد أبدت علنا مثل هذا القلق حين قالت ان واشنطن لا تريد ان تبدو كأنها تقوم بما يجب ان يقوم به الشعب الليبي.
وعلى خلفية المناوشات والسجالات السياسية  والفكرية في واشنطن بين السياسيين والاكاديميين والخبراء، تواصل وزارة الدفاع الاميركية اتصالاتها مع حلفائها في حلف شمال الاطلسي لدرس طيف واسع من الخيارات العسكرية، على رغم إدراك البيت الابيض ووزارة الخارجية صعوبة، وربما استحالة، الموافقة على قرار لمجلس الامن باتخاذ اجراءات عسكرية بما فيها منطقة حظر طيران في ليبيا، نظراً الى المعارضة المتوقعة من اعضاء بينهم الصين وروسيا والبرازيل. وحتى لو سعى البيت الابيض الى منطقة فرض حظر طيران من طريق حلف شمال الأطلسي، فإنه لا يزال يواجه ترددا او معارضة من دول اطلسية (متوسطية) من الضروري الحصول على موافقتها لفرض حظر كهذا مثل ايطاليا وتركيا.
ويرى منتقدو اوباما ان الرئيس الاميركي لا يستطيع ان يقول ان القذافي قد فقد أي غطاء شرعي لمواصلة حكم ليبيا، ثم ان يقبل قرار ليبيا تعيين ديبلوماسي يمثلها في سفارتها في واشنطن بعد استقالة السفير علي العجيلي من منصبه وانضمامه الى المعارضة كما حدث فعلاً   (تراجعت واشنطن بعض الشيء عن هذا القرار المحرج لاحقا). ويتابع هؤلاء ان اوباما لا يستطيع ايضا ان يطالب بتنحي القذافي واعلان وقوفه مع تطلعات الشعب الليبي الى التغيير والحرية، ثم ان يقف متفرجا وألا يتخذ الاجراءات العملية لمساعدة الليبيين على تحقيق هدفهم الاولي بإطاحة القذافي وعائلته.
ويقول المسؤولون الاميركيون ان دعاة التدخل العسكري السريع لا يدركون انه يمكن ان يؤدي الى الوقوع في "فخ ليبي" كما قال احدهم، اذا لم يسبق ذلك وجود معطيات واقعية عن طبيعة القوى المناهضة للقذافي وتركيبة قيادتها "اذا افترضنا ان لها قيادة موحدة وهذا غير واضح"، استناداً الى احد المسؤولين.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية قد اعلنت ان السفير الاميركي في ليبيا جين كريتز يقوم باتصالات مع ممثلين للثوار الليبيين في روما والقاهرة للتعرف عليهم وعلى اهدافهم وحاجاتهم. ويتساءل المسؤولون الذين يتحدثون عن "فخ ليبي" محتمل، عن ردود الفعل اذا ادى التدخل الاميركي الى سقوط ضحايا من المدنيين، او قتل العديد من العسكريين الليبيين اذا قصفت القوات الاميركية الدفاعات الجوية الليبية في حال فرض منطقة حظر طيران، كما قال غيتس، او اذا  ادى التدخل العسكري الى وقوع طيار اميركي في الاسر وغيرها من الاسئلة الصعبة.
وتفيد مصادر مطلعة على النقاش داخل الحكومة انه على رغم تأكيدات اوباما ان الثورات الناجحة هي دوماً ثورات "عضوية" أي ثورات تتوافر لها عوامل النجاح الداخلية، الا ان اوباما يميل الى تأييد بعض مساعديه الشباب في البيت الابيض الذين يؤيدون اتخاذ اجراءات عسكرية محدودة تساعد الانتفاضة الليبية على التخلص من القذافي، لكنه يريد قبل ذلك ان يتأكد من وجود مظلة شرعية للتدخل وضمان عدم انزلاق اميركا الى فخ في الصحراء الليبية.
وما يسترعي الانتباه في السجال الراهن حول ليبيا ان دعاة التدخل العسكري لا ينتمون الى تيار سياسي او ايديولوجي واحد، بل هم مزيج من الاصوات الليبرالية (السناتور الديموقراطي جون كيري دعا الى تدمير مدارج القواعد العسكرية الليبية) والمحافظة (السناتور الجمهوري جون ماكين الذي دعا الى تدريب الثوار)، الى عدد ملحوظ  من "المحافظين الجدد" الذين أيدوا غزو العراق مثل المسؤولين السابقين جون بولتون وبول وولفوفيتز ومعلقون وباحثون مثل بيل كريستول ودوف زاخام وغيرهم.
وفي المقابل هناك مسؤولون سابقون في ادارة الرئيس السابق جورج بوش مثل ريتشارد هاس الذي يرأس حاليا "مجلس العلاقات الخارجية" وهو من ابرز مراكز الابحاث الاميركية والذي حذّر حديثاً من اخطار التدخل العسكري في ليبيا.
وعكس  جورج ويل، المعلق المحافظ الاكثر نفوذاً ربما في البلاد، معارضته للتدخل العسكري في ليبيا من خلال طرح عدد من الاسئلة المشككة  حتى في جدوى فرض منطقة حظر الطيران. بينما رأى المعلق الليبرالي نيكولاس كريستوف، الذي عارض بقوة غزو العراق ان ادارة اوباما قد بالغت في صعوبة فرض منطقة حظر طيران في ليبيا، وابدى قلقه من ان يؤدي الاخفاق في التدخل العسكري الى اجهاض الانتفاضة الليبية كما حدث للانتفاضة المجرية ضد الهيمنة السوفياتية عام 1956 وانتفاضة ربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا عام 1968 او في جنوب العراق عام 1991. 

واشنطن - من هشام ملحم     


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,920,516

عدد الزوار: 6,971,928

المتواجدون الآن: 84