انتخابات فرنسا بعيون مغاربية.....انتخابات فرنسا: ما بعد الدورة الأولى

انتخابات الرئاسة الفرنسية: الفائزان اليوم يتأهلان الى جولة الحسم...«اليسار القوي» في مواجهة «فرنسا القوية»

تاريخ الإضافة الإثنين 23 نيسان 2012 - 6:43 ص    عدد الزيارات 2367    القسم دولية

        


 

انتخابات الرئاسة الفرنسية: الفائزان اليوم يتأهلان الى جولة الحسم
المستقبل...باريس ـ مراد مراد
تشهد فرنسا اليوم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حيث يتوجه الناخبون الى صناديق الإقتراع لإختيار مرشحهم المفضل لرئاسة الجمهورية من بين عشرة أسماء هي نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند وجان لوك ميلانشون ومارين لوبين وفرنسوا بايرو وايفا جولي وجاك شميناد وناتالي ارتو ونيكولا ديبو- انيان وفيليب بوتو. وبعد انتهاء عمليات فرز الأصوات في شتى المقاطعات يتم اعلان تأهل المرشحين الفائزين بالمركزين الاول والثاني الى الجولة النهائية من هذه الانتخابات التي تجرى يوم السادس من ايار (مايو) المقبل.
وقبيل افتتاح اقلام الاقتراع اكدت استطلاعات الرأي ان مرشح الحزب الاشتراكي (اليسار المعتدل) فرنسوا هولاند في وضع مريح وانه المرشح الوحيد الذي يمكن القول ان تأهله لجولة الحسم امر شبه مؤكد. وفيما اعطت هذه الاستطلاعات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مرشح حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية" (اليمين المعتدل) المركز المؤهل الثاني، الا ان باب المفاجآت مفتوح على مصراعيه مع الأكثرية الصامتة من الفرنسيين التي لا تنتسب الى هذا الحزب او ذاك والتي يتوقع ان تكون اصواتها هي الحاسمة ليس فقط في جولة اليوم انما ايضا في تحديد هوية الرئيس الفرنسي مساء السادس من ايار (مايو) المقبل.
وابرز الأسماء التي يمكن ان تسحب البساط من تحت اقدام احد المرشحين يظهر بوضوح كل من جان لوك ميلانشون مرشح اليسار المتشدد (جبهة اليسار) ونقيضته مارين لوبين مرشحة اليمين المتطرف (الجبهة الوطنية).
وفي إنتظار كلمة الفصل التي تخطها صناديق الاقتراع مساء اليوم، تستعرض "المستقبل" سير المرشحين العشرة الذين يخوضون سباق الاليزيه من الأوفر الى الأقل حظا:
[فرنسوا هولاند (57 عاما). سياسي فرنسي شغل منصب الامين العام للحزب الاشتراكي بين عامي 1997 و2008. نائب في البرلمان الفرنسي بين 1988 و1993 ومنذ 1997 حتى الآن عن منطقة كوريز. كان رئيسا لبلدية تول من عام 2001 حتى 2008. في 16 تشرين الاول (اكتوبر) 2011 اصبح المرشح الرسمي للحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب.كان الاشتراكيون يرغبون في ترشيحه الى الرئاسة العام 2007 لكنه ابتعد وقتها عن الواجهة افساحا في المجال امام صديقته السابقة وام اولاده سيغولين روايال التي هزمت في المعركة الرئاسية السابقة امام ساركوزي. يحظى الآن بدعم جميع الاسماء الكبيرة في الحزب بمن فيهم الذين تغلب عليهم في الانتخابات التمهيدية مثل مونتبور واوبري وروايال وفالس. وتربطه صداقة متنية ايضا برئيس بلدية باريس برتران ديلانوي.
تشير استطلاعات الرأي الاخيرة الى تقدمه السباق ضد منافسيه من الاحزاب الاخرى، لكن هذا التقدم تقلص قليلا خلال الشهرين الأخيرين. وهذا ما ينذر بأن هولاند عليه تكثيف جهوده الانتخابية قبل جولة الحسم في حال تاهل اليها هو وساركوزي وتبقى عليه عندها مسؤولية اقناع الفرنسيين بأنه الرجل الأفضل لفرنسا في المرحلة المقبلة.
يؤخذ على هولاند عدم شغله في السابق اي منصب حكومي وهذا ما سيستغله منافسه وستسلط عليه الحملة المعادية الأضواء في الجولة المقبلة الحاسمة. وسيحاول هؤلاء طبعا ابراز ضعف خبرته في السلك الحكومي بما سيلقي ظلالا من الشك في نفوس الناخبين الفرنسيين حول مدى اهليته للقفز من العمل الحزبي والبرلماني مباشرة الى الكرسي الرئاسي.
رغم نقاط الضعف هذه، الا ان التغييرات التاريخية التي شهدتها فرنسا في العامين الاخيرين خلال الانتخابات المحلية والمناطقية وابدت تفوقا اشتراكيا واضحا على الحزب الحاكم، تجلت في انتقال رئاسة مجلس الشيوخ للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية الى اليسار بعدما كانت دائما مع اليمين. كما ان ضيق صدور شريحة واسعة من الفرنسيين من حكم ساركوزي يدفعهم نحو التغيير وتشبه الحالة الانتخابية في فرنسا اليوم مع صعود نجم هولاند ما حصل في الولايات المتحدة العام 2008 عندما ضاق الاميركيون ذرعا بالجمهوريين وسياساتهم فلجأوا الى انتخاب المرشح الديموقراطي باراك اوباما. كلها اشارات تدل بحسب المراقبين على ان حظوظ هولاند في الفوز بالرئاسة الفرنسية في 2012 كبيرة جدا.
[نيكولا ساركوزي (56 عاما). الرئيس الحالي لفرنسا منذ العام 2007، من حزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية. تقلب سابقا في مناصب حكومية رفيعة عدة ، فكان وزيرا للموازنة في حكومة ادوار بالادور بين عامي 1993 و1995 ووزيرا للمالية في حكومة جان بيار رافارين بين آذار (مارس) وتشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2004 ووزيرا للداخلية في حكومة رافارين بين 2002 و2004 ثم في حكومة دومينيك دوفيلبان بين 2005 و2007.
يحاول خصومه السياسيون اليوم النيل من سمعته السياسية عبر التشكيك في دور لعبه خلال تسلمه وزارة الموازنة ايام ابرام صفقة غواصات اغوستا مع الحكومة الباكستانية، حيث يتهمه الخصوم بأنه لعب دورا ما في استخدام عمولات من الصفقة لتمويل حملة ادوار بالادور في انتخابات الرئاسة العام 1995 ضد جاك شيراك.
تميزت السنوات الثلاث الاولى من حكمه بسياسة خارجية غريبة ادارها مستشاره الاول كلود غيان بطريقة مشبوهة انصفت العديد من الديكتاتوريين في الشرق الاوسط وافريقيا عبر وساطات ابرمها رجل الاعمال اللبناني الاصل زياد تقي الدين. الانجاز الوحيد الذي حققه خارجيا في تلك الفترة كان اعادة فرنسا الى حلف شمال الاطلسي ورفع مستوى التمثيل الديبلوماسي الفلسطيني في فرنسا الى مستوى سفير. فالربيع العربي الذي بدأ هذا العام اثبت فشل سياسات غيان ما دفع بساركوزي الى نقل المخضرم الان جوبيه من وزارة الدفاع الى الخارجية. وهناك تغيرت الامور الى الافضل بوتيرة سريعة حيث سبقت فرنسا الآخرين في الاعتراف بمجلس الثوار الليبيين وقادت الحملة الدولية للتغيير في ليبيا. وهي تلعب اليوم دورا اساسيا في دعم المعارضين السوريين لنظام الاسد الذي كان غيان في بداية ولاية ساركوزي اعاده الى الساحة الدولية، بعدما كان الرئيسان السابقان الاميركي جورج بوش الابن والفرنسي جاك شيراك وضعاه في عزلة شبه تامة اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 2005.
حاول ساركوزي اطلاق مشروعه للمنطقة "الاتحاد من اجل المتوسط" لكن هذا المشروع تعثر مرارا ولم يتمكن ولو لمرة طيلة ولاية ساركوزي من السير فعليا على قدميه. فقد فرملت عجلته الغارات الاسرائيلية على غزة اواخر العام 2008 ومطلع 2009 ثم جاءت الثورات العربية المتتالية لتطيح بما تبقى منه جتى اجل غير مسمى.
حاول الرئيس الفرنسي ايضا عقد مؤتمرات للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل في باريس لكن اسرائيل ادارت ظهرها له تماما ولم تلب اي دعوة وجهها اليها. فما كان منه الا ان انتقم عبر تصويت فرنسا لصالح الاعتراف بفلسطين ثقافيا كدولة عضو في اليونيسكو.
داخليا شهدت فرنسا في 2010 سلسة من التظاهرات المليونية المناهضة لسياسة ادارة ساركوزي الاقتصادية وتدنت شعبيته الى مستويات قياسية. وفي2011 تحسنت الصورة قليلا مع المساعي التي يقوم بها ساركوزي لإخراج الاتحاد الاوروبي واليورو من المشاكل المتراكمة، لكن حتى الآن لم يتحقق شيء فعلي على الارض. ويعتبر قربه من المستشارة الالمانية انغيلا ميركل وانسجامه معها احد ابرز نقاط قوته اقتصاديا واوروبيا. كما ادى نصر الاطلسي في ليبيا الى تحسن ما في شعبية ساركوزي في فرنسا بعد مقتل معمر القذافي. كما ان استناده في 2011 على فرنسوا فيون في رئاسة الحكومة والان جوبيه في وزارة الخارجية اعاد نوعا من الثقة الى نفوس الفرنسيين. ولكن يرى المراقبون انه في احسن الاحوال ان حظوظ الحزب الحاكم مع ساركوزي في الحصول على ولاية ثانية في الاليزيه لا تتجاوز ال40 في المئة في حين ان هذه النسبة كانت لتتجاوز ال50 في المئة لو كان مرشح الحزب الحاكم جوبيه او فيون بدلا من ساركوزي.
[جان لوك ميلانشون (60 عاما). مرشح الجبهة اليسارية للانتخابات الرئاسية. شغل منصب وزير التعليم المهني والتقني بين 2000 و2002. كان ممثلا لمنطقة ايسون في مجلس الشيوخ. حصل على مقعد في البرلمان الاوروبي في انتخابات 2009 عن منطقة جنوب غرب فرنسا.
ازدات شعبيته في الشارع الفرنسي العام 2010 بسبب تصريحاته الاعلامية المتكررة المنددة بقانون اصلاح نظام التقاعد الذي اقرته ادارة ساركوزي وادى الى اشتعال الشارع الفرنسي بتظاهرات مليونية في شتى انحاء البلاد.
افكاره مرتكزة على الفكر المادي الماركسي ويطالب بمحاربة الفساد الذي اباحته الحرية الليبرالية الاقتصادية ما ادى الى المشاكل التي يعاني منها الاتحاد الاوروبي اليوم. ميلانشون هو المرشح الرسمي لتحالف جبهة اليسار المؤلف من الحزب اليساري والحزب الشيوعي والموحدين اليساريين.
يدور عالميا في الفلك الصيني وله علاقات مميزة مع النظام الشيوعي هناك. كان بطل الحملات الانتخابية هذا العام دون منازع حيث تمكن من تسجيل تقدم ملحوظ في استطلاعات الرأي بشكل متتال. بسبب شعبيته المرتفعة لدى اليسار المتطرف يعطيه المراقبون نسبة متساوية مع اليمين المتطرف ومرشحته مارين لوبين لتفجير مفاجأة مدوية اليوم والتأهل الى الجولة الحاسمة بعد اسبوعين.
[مارين لوبين (43 عاما). محامية فرنسية، الابنة الصغرى للسياسي اليميني المتطرف جان ماري لوبين. خلفت والدها في رئاسة حزب "الجبهة الوطنية" مطلع 2011. تقلبت في مناصب بلدية ومناطقية عدة في منطقة ايل دو فرانس وكانت نائب عن تلك المنطقة في البرلمان الاوروبي بين 2004 و2009 ثم اصبحت نائبا في البرلمان الاوروبي نفسه انما ممثلة منطقة شمال غرب فرنسا منذ 2009 حتى الآن.
مارين اليوم المرشحة الرسمية لـ"الجبهة الوطنية" في سباق الاليزيه 2012. متزوجة ومطلقة مرتين ولها ثلاثة اولاد. لها السياسات المتشددة نفسها التي سبق لوالدها ان اتخذها، وكان لتصريحات نارية اطلقتها عندما شبهت صلاة المسلمين في شوارع فرنسا بالاحتلال الالماني لأجزاء من فرنسا في الحرب العالمية الثانية تداعيات داخلية وانتقادات واسعة.
في السياسة الخارجية تناهض لوبين الاستمرار في منطقة اليورو وتنتقد كل ما ينتقص من القومية الفرنسية وهوية الفرنسيين. وتعارض معاهدة لشبونة التي تشكل العمود الفقري للاتحاد الاوروبي. كما تعارض بشدة اي محاولة لدخول تركيا الى المجتمع الاوروبي. واكدت لوبين انها في حال فازت في السباق الرئاسي ستخرج فرنسا من حلف شمال الاطلسي وتسحب الجيش الفرنسي من افغانستان.
تعتبر لوبين ان المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كلها انتهت صلاحياتها، وتدعو الى استبدال المنظمة الاولى بمنظمة دولية للتجارة تحفظ حق المؤسسات المحلية في البلدان المختلفة بالوجود بدلا من ابتلاعها لصالح شركات العولمة العملاقة.
تدعو لوبين ايضا الى تعزيز العلاقات مع روسيا بوتين والى اعادة النظر في العلاقة الفرنسية الاميركية التي اذابت الموقف الفرنسي ضمن موقف حليفه الاطلسي.
داخليا تحمل لوبين المسؤولية الاكبر عن تدهور وضع الفرنسيين الاصليين الاقتصادي والمعيشي للسياسيين الفاسدين في السلطة والمهاجرين الذين يستفيدون من اموال الدولة الفرنسية دون ان يقدموا لها شيئا. ووعدت في حال وصولها الى الحكم بنزع الجنسية عن كل فرنسي من اصل اجنبي لا يثبت قدرة على تقديم عمل قيم للجمهورية الفرنسية كما اكدت انها ستفرض على هؤلاء جميعا عدم ازدواج الجنسية (اما الفرنسية او هوية البلد الأم).
تزداد شعبية لوبين لدى الطبقة الفقيرة من الفرنسيين الاصليين والمتعصبين قوميا من النبلاء. لكن شعبيتها لدى رجال الاعمال والمهاجرين هي صفر. وبسبب خطبها النارية وحماسة انصارها المتزايدين عددا لا يستبعد بعض المراقبين قدرة مارين لوبين على تكرار مفاجأة والدها التي دوت في انتخابات 2002 عندما تجاوز الأخير المرشح الاشتراكي ليونيل جوبسين وتأهل الى الجولة الحاسمة لمنازلة جاك شيراك.
[فرنسوا بايرو (60 عاما): سياسي فرنسي وسطي يرأس الحركة الديموقراطية (موديم). اخفق مرتين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عامي 2002 و2007. شغل منصب وزير التربية الوطنية في حكومتي ادوار بالادور والان جوبيه بين 1993 و1997.
اعلن بايرو في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 ترشيحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2012 بعدما كان اصدر كتابا يوثق فيه آراءه الداخلية والخارجية في آب (اغسطس) الفائت. في السياسة الخارجية بايرو مولع بالاتحاد الاوروبي ويرغب في ان تسهم فرنسا بلعب دور اكبر في تطوير الاتحاد. يشبه الخبراء شخصية بايرو ومواقفه الى حد بعيد بشخصية الرئيس الاميركي باراك اوباما فهو خطيب جيد ولديه القدرة على الاقناع. مناهض جدا لسياسات الصين في ما يتعلق بحقوق الانسان ويطالب بحق اقليم التيبت بالانفصال عنها وكان طالب صيف العام 2008 بعدم مشاركة فرنسا في اولمبياد بكين بسبب القمع الذي مارسته القوى الامنية الصينية ضد الرهبان البوذيين. ولبايرو ايضا مواقف متشددة ايضا من حرب العراق 2003 التي انتقدها واعتبرها سببا لإثارة الفوضى في الشرق الاوسط. وندد بشدة بإستقبال ساركوزي للقذافي في باريس وتطبيع العلاقات مع نظامه.
كما دان بايرو كلام البابا بنديكتوس السادس عشر عندما اعتبر الاخير ان "الواقي الذكري يروج لمرض الايدز"، وقال السياسي الفرنسي "هذا كلام غير مقبول. لأن الدور الاول للمسيحية هو الحفاظ على حياة البشر".
داخليا يأمل بايرو بإجراء اصلاحات حازمة في الهيكلية السياسية الفرنسية لمحاربة الفساد والمصالح الشخصية التي تضر بالمصالح العامة للشعب الفرنسي. ويبدو ان مواقف بايرو الجريئة والصريحة في آن بدأت منذ لحظة اعلان ترشيحه تشد انتباه الناخبين الفرنسيين حيث سجل بايرو في استطلاعات الرأي فور دخوله السباق 11 في المئة وهي نسبة مرتفعة جدا لمرشح اعلن للتو ترشيحه، لكن رقمه تجمد عند هذه النسبة خلال الاشهر القليلة الماضية حيث تبين انهم لم يستطع احراز اي تقدم يذكر.
يعتبر المراقبون ان الناخبين الفرنسيين الذين ملوا من سياسات الحزبين الكبيرين في البلاد والذين يرون تشابها كبيرا بين ساركوزي وهولاند قد يجدون ضالتهم المنشودة للتغيير في بايرو الذي لا يوجد اي نقطة سوداء في سجله. ولكن عدم ادارته الحملة الانتخابية كما ينبغي يقلل حظوظه في تفجير مفاجأة اليوم ولكن الأغلبية الصامتة ستكون لها كلمة وربما يكون بايرو حصانها الأسود.
[ايفا جولي (68 عاما). فرنسية من اصول نروجية. المرشحة الرسمية عن الخضر والبيئيين لإنتخابات الرئاسة الفرنسية 2012. جاءت من اوسلو الى باريس في عمر العشرين وتزوجت من ابن العائلة التي عملت لديها. بعد دراسات جامعية تدرجت محامية واصبحت قاضيا في سن الثامنة والثلاثين. لعبت دورا محوريا في محاربة الفساد واحد ابرز القضايا التي تسلمتها كانت فضيحة الوزير السابق برنار تابي والبنك الفرنسي "كريدي ليونيه". قامت بالتنسيق مع وزارة العدل النروجية بملاحقة العديد من ارتكابات النصب والفساد بين فرنسا والنروج واسست عام 2003 ما عرف ب"اعلان باريس ضد الفساد في 2003". وارتفعت شعبيتها في البلدان الاسكندينافية اكثر فأكثر واصبحت ايقونة لمحاربة فساد كبار الاسماء في عالم المصارف. بين عامي 2008 و2011 طلبت اليها حكومة ايسلندا مساعدتها في التخلص من شبكة الفساد المصرفي وهذا ما قامت به جولي حتى اواخر 2010 عندما قررت الانسحاب والتفرغ للسياسة الفرنسية.
وفي السابع من حزيران (يونيو) 2009 فازت جولي بمقعد لحزب الخضر في البرلمان الاوروبي ممثلة منطقة ايل دو فرانس. وفازت في 2011 بالترشيح الرسمي لتحالف الخضر والبيئيين في سباق الاليزيه بعد فوزها في الانتخابات التمهيدية على منافسها الاعلامي نيكولا هيلو بغالبية 58 في المئة من الاصوات.
رغم سجلها المهني الناصع بما يولد نوعا من الثقة لدى الناخب الفرنسي، الا ان صعوبة قدرتها في تمويل حملتها الانتخابية بالشكل المناسب بسبب الحرب التاريخية بينها وبين كبار رجال البنوك لا يترك للمراقبين قدرة اعطائها رقما اعلى من نسبة 5 في المئة من اجمالي الاصوات اليوم.
[نيكولا ديبو- انيان (50 عاما). نائب في البرلمان الفرنسي عن منطقة ايسون منذ 1997. ورئيس بلدية المنطقة نفسها منذ 1995. كان عضوا في الحزب الحاكم حتى عام 2008 حين انفصل عنه واسس حزب "نهضة الجمهورية". حظوظه ضئيلة جدا بحسب الاستطلاعات ولا تتجاوز ال3 في المئة.
[فيليب بوتو (44 عاما). عامل في مصنع للسيارات. ناشط سياسي في اليسار المتطرف. اختاره الحزب الجديد المناهض للرأسمالية لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية كمرشح له. يستبعد المراقبون حصوله على اكثر من واحد في المئة من اجمالي الاصوات.
[جاك شميناد (71 عاما). من مواليد العاصمة الارجنتينية بوينوس ايرس. اسس حزب التضامن والتقدم عام 1996. ترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 1995 وخرج من الجولة الاولى بعد حصوله على نسبة ضئيلة من الأصوات لم تتجاوز ال0,28 في المئة. ولم يتمكن من جمع التواقيع الرسمية الكافية للترشح في انتخابات 2007. حظوظه في تسجيل رقم جديد يذكر في انتخابات اليوم قليلة جدا.
[ناتالي ارتو (42 عاما). الأصغر سنا بين المرشحين. تمثل التيار الشيوعي التروتسكي. وهي آخر من اعلن ترشحه رسميا بعدما تمكنت جاهدة من الحصول على التواقيع الرسمية ال500 من رؤساء بلديات في فرنسا. تجربة اليوم مجرد خبرة لن تضرها في شيء.

 

 

«اليسار القوي» في مواجهة «فرنسا القوية»
الحياة...باريس - آرليت خوري
 

يتنافس عشرة مرشحين يمثلون التيارات السياسية الفرنسية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تجرى اليوم، في اختتام حملة تبدو نتائجها شبه معروفة ما لم تحصل مفاجأة، إذ يتصدرها الرئيس نيكولا ساركوزي المرشح لولاية ثانية ومنافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند.

وبدأت عمليات التصويت أمس لحوالى 900 ألف فرنسي في الأراضي الفرنسية ما وراء البحار، أو من المقيمين في القارة الأميركية.

وبموجب الدستور الفرنسي توقفت الحملة رسمياً منتصف ليل الجمعة – السبت، والتزم المرشحون عدم الإدلاء بتصريحات في انتظار ما ستؤول اليه نتائج الجولة الأولى للاقتراع. كما حظّر على معاهد الاستطلاع نشر أي تقديرات لنسب الأصوات التي ستتوزع على المرشحين ويسود الانتخابات الرئاسية تخوف من ارتفاع نسبة الممتنعين عن التصويت، التي قد تصل إلى ٢٩ في المئة في الجولة الأولى، لا سيما في أوساط الشباب والعمال وفقاً لما أشارت اليه استطلاعات الرأي، على رغم تنوّع البرامج الانتخابية، نظراً إلى ارتفاع عدد المرشحين وتفاوت توجهاتهم.

لكن الانطباع الغالب لدى كثيرين من الناخبين الفرنسيين الذين يقدّر عددهم بحوالى ٤٥ مليوناً، هو أن التنافس الفعلي محصور بين ساركوزي الذي يطمح إلى التقدّم على هولاند في الجولة الأولى واستغلال فترة الأسبوعين الفاصلين عن الجولة الثانية (٦ أيار/ مايو) لإعادة تركيز حملته أملاً بالتفوق على منافسه، الذي أشارت الاستطلاعات على مدى الشهور الماضية إلى أنه الأوفر حظاً في الفوز بالرئاسة.

وعلى رغم براعة ساركوزي الخطابية التي أكدها مجدداً عبر المهرجانات والمقابلات التي أدلى بها، فإن حملته التي ركزت على مخاطبة الناخبين اليمينيين واليمينيين المتطرفين، وعلى انتقاد شخصية هولاند وخبرته، لم تقلع فعلياً ربما نتيجة الأخطاء التي راكمها على مدى ولايته الرئاسية التي اتسمت في الرغبة بالتفرّد وحب الظهور.

كما أن ساركوزي الذي كان وعد بالكثير على صعيد القدرة الشرائية والأجور والرفاهية قبل توليه الرئاسة عام ٢٠٠٧، وجد نفسه مضطراً لإدارة أزمة اقتصادية خانقة لم تساعده في الوفاء بوعوده، وحالت دون خوضه الانتخابات الحالية انطلاقاً من حصيلة ما أنجزه خلال السنوات الخمس الماضية.

أما هولاند فخاض حملة تتسم بالثبات، ركّزت على ضرورة تغيير أسلوب إدارة شؤون البلاد لتحقيق مزيد من العدل في توزيع العائدات والحفاظ على المكاسب الاجتماعية ورص صفوف الفرنسيين وتحقيق المصالحة بينهم، معتبراً أن سنوات حكم ساركوزي فرّقتهم وألّبت بعضهم على بعض.

واضطر هولاند في إطار برنامجه إلى مراعاة التيارات المختلفة داخل حزبه ومسايرة حلفائه اليساريين الذين سيلتفون حول ترشّحه في حال تقدّمه في الجولة الأولى، ما جعله يتمادى في التهجم على الأسواق المالية ويتعهّد فرض ضرائب ثقيلة على أصحاب المداخيل المرتفعة.

لذا فإن ارتفاع نسبة مؤيدي هولاند قد لا يكون مرده تحديداً إلى شخصه أو برنامجه، بل الى درجة الرفض الذي يثيره ساركوزي لدى الرأي العام، بما فيه الشرائح اليمينية.

وبالنسبة إلى الآخرين، فإن التنافس على أشده بين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون، إذ يراهن كل منهما على الحلول ثالثاً بعد ساركوزي وهولاند.

ويطمح مرشح تيار الوسط فرانسوا بايرو إلى إحراز نسبة لائقة من الأصوات في الجولة الأولى، تتيح تحقيق مكاسب لتياره إذا قرر تأييد أحد المرشحين الرئيسيين في الجولة الثانية.

أما صغار المرشحين، وهم مرشحة أنصار البيئة الخضر ايفا جولي ومرشحة القوى العمالية نتالي أرتو ومرشح الحزب المعادي للرأسمالية فيليب بوتو، والمرشح غير القابل للتصنيف جاك شوميناد، فقد أسمعوا صوتهم ودافعوا عن مواقفهم، لكن نسب التأييد التي يحظون بها ضئيلة، وقد لا تتجاوز لبعضهم ٢ في المئة.

 

 

صدارة الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية يتنازعها ساركوزي و«نقيضه» هولاند
 
 
 
باريس - «الحياة»، أ ف ب - مع استبعاد حصول مفاجآت كبيرة، ستشهد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية اليوم صراعاً على احتلال المركز الأول بين المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند والرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، تمهيداً لتواجههما معاً في الجولة الثانية المقررة في السادس من أيار (مايو).

وحاول هولاند خلال جولاته التي استمرت سنتين في انحاء فرنسا، تأكيد كونه النقيض الكامل لساركوزي، وأنه يريد أن يكون «رئيساً عادياً، وليس رئيساً أفرط في ممارسة الحكم بعنف من دون أن يستطيع ضمان مستقبل لشبابها»، في اشارة الى ساركوزي الذي تدنت شعبيته، وبات فرنسيون كثيرون يعتبرونه «رئيس الأثرياء»، منتقدين غطرسته في الحكم واعتماده اسلوباً قاسياً في تنفيذ المهمات.

وفيما يتهم منتقدو هولاند تردده وافتقاده خبرة العمل الحكومي، لفت اعلان رئيس الوزراء السابق ليونيل جوسبان الذي تخلى عن قيادة الحزب الاشتراكي لمصلحة هولاند نفسه عام 1997 انه «اشركه بشكل وثيق بكل القرارات التي اتخذها» حين كان في السلطة.

وشدد هولاند في تصريحاته على ان افتقاده الخبرة الحكومية ليس عائقاً، «خصوصاً ان الرئيس الأميركي باراك اوباما لم يحكم ابداً قبل ان يتولى السلطة»، مذكراً بأنه شغل مناصب ادارية مهمة مثل عمدة ونائب في الجمعية الوطنية ونائب رئيس مجلس اقليم كوريز.

ويرى اصدقاؤه القدامى انه «قادر على لمّ الشمل عبر الجمع بين الحذر والشجاعة». وهو يحظى بصدقية لدى الفرنسيين الذين وعدهم بإصلاح ضريبي وعدالة اجتماعية، فيما يعتبر من المدافعين عن الاتحاد الأوروبي والابن العقائدي لجاك ديلور.

الرئيس المتراجع

وعموماً، نجح هولاند في الإفادة من تراجع شعبية ساركوزي الذي تقول ستيفان روزس، الخبيرة في معهد «كاب»، إنه «جرّد خلال ولايته السياسة من قدسيتها، وخفّض وظائف الرئيس ليضعها في خدمة شخصه، ما جعل رئيس الوزراء فرنسوا فيون اقرب الى مساعد له. كما اثارت طريقته في العيش استياء الفرنسيين».

وأغضب ساركوزي معسكره نفسه عبر إصلاحات وإعلانات تناولت أخباراً صغيرة تتعلق بمنحرفين جنسياً أو الغجر.

وينقسم حوالى 30 في المئة من الناخبين، بالتساوي تقريباً بين التصويت لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن او لمرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون اللذين يتنازعان المرتبة الثالثة.

ويدل بروزهما على رفض قسم من الفرنسيين «للنظام»، وانقسام الطبقة السياسية الى قطبين موزعين بين الاشتراكيين و»الاتحاد من اجل حركة شعبية» بزعامة ساركوزي.

وستؤثر نتيجة لوبن على نتيجة ساركوزي، لأن قسماً كبيراً من ناخبيها صوتوا للرئيس المنتهية ولايته عام 2007، لكنها استدرجتهم بمواضيع الهجرة والانسحاب من اليورو.

ويستفيد مرشح جبهة اليسار من اعجاب الغاضبين من القيود المالية التي تستدعيها الأزمة والاتحاد الأوروبي، إذ اوجد دينامية جديدة في اليسار عندما دعا الى «انتفاضة مواطنة».

ولا يتوقع ان يكرر الوسطي فرانسوا بايرو احتلاله المرتبة الثالثة كما حصل عام 2007. لكن ساركوزي سيحتاج الى ناخبيه (نحو 10 في المئة بحسب الاستطلاعات)، إذا بلغ الدورة الثانية. لذا بدأ الرئيس ومقربوه يغازلونه ملمحين الى احتمال تعيينه رئيساً للوزراء.

 

 

انتخابات فرنسا بعيون مغاربية
الحياة...محمد الأشهب

لا يتنافس الرئيس نيكولا ساركوزي وخصمه فرانسوا هولاند وحدهما على عرش الإليزيه. هناك عواصم أقربها منطقة الشمال الأفريقي تتطلع إلى نتائج الصراع السياسي الساخن، وتود أن ترى صناديق الاقتراع تميل في هذا الاتجاه أو ذاك. وكما أن ديموقراطية تقنين القوة تدور رحاها في بلاد مونتيسكيو على إيقاع البرامج والخيارات التي تلغي السأم وتجدد النخب والآمال، وترسم معالم السياسة الخارجية، فإن ذلك التقنين ينحو مغاربياً في اتجاه من تكون له الأفضلية في العلاقات بين باريس ومستعمراتها السابقة.

أرقام المبادلات التجارية والاقتصادية تقول إن نفوذ فرنسا لم يتراجع، وإن حظوتها تتجاوز الأبعاد السياسية نحو التغلغل في مفاصل عالم المال والتجارة. ولم تنجح دول الشمال الأفريقي بعد في إيجاد محاور آخر لها بنفس المواصفات الفرنسية، وإن حاولت مرات عدة أن تقفز على الحواجز التي ربطت عجلات اقتصادياتها بالآلة الفرنسية أكثر من غيرها.

المغاربيون يتنفسون هواء فرنسا، وشاءت معطيات تاريخية وحقائق ثقافية أن تبقي على مظاهر الانجذاب وتفاعل النخب، وحتى ليبيا التي لم تتذوق طعم الاستعمار الفرنسي وعانت من خلطة البيتزا الإيطالية وجدت نفسها في معركة إطاحة نظام العقيد القذافي أقرب إلى ميول حكام فرنسا.

ساركوزي وليس غيره كسر القاعدة وذهب إلى طرابلس، عندما أيقن أن لا بد لفرنسا أن تتمدد خارج رقعتها التقليدية. فثمة واقع محلي فرض نفسه على الجميع من دون استثناء. ولعله استفاق من غفوة حواجز الحدود. فعاود استنساخ منظومة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلبوس الاتحاد من أجل المتوسط.

في مقابل التربص الفرنسي يبرز انجذاب مغاربي يختلف بين عاصمة وأخرى. فهو في الرباط سمن على عسل وفي الجزائر ما انفكت العلاقات تغادر منطقة الأحقاد التاريخية حتى تعاود الرسو على ساحل التردد والعتب المتبادلين. وإذا كان من شيء يؤرق الطبقة السياسية في فرنسا، فهي المشاحنات التي لم تفلح الجهود في التخفيف من حدتها. وفي كل مرة يراد إثارة المشاعر الجياشة يكفي طرح اسم الجزائر والنبش في تاريخ الاستعمار الفرنسي .

كذلك هي حال موريتانيا التي ترقب موازين القوى على مقاس الرياح الفرنسية. فيما تبدو تونس في طريقها إلى الخلاص من عقدة بن علي ومعاودة بناء أسس جديدة لما بعد الثورة داخلياً وخارجياً. وبالقدر نفسه ينشغل الامتداد المغاربي في اتجاه الساحل جنوب الصحراء بما سيكون عليه موقف باريس بعد انتخاب رئيس جديد. فقد رحلت فرنسا عن مراكز نفوذها التقليدية لكن تأثيرها لا يزال يفرض سطوته.

لم تحدث تغييرات جوهرية على السياسة الفرنسية حيال بلدان الضفة الجنوبية للبحر المتوسط. وما اعتبره ساركوزي إنجازاً تاريخياً لحمل هذه الدول على ترتيب علاقات جديدة بين أطرافها المتباينة، من خلال طرح خطة الاتحاد من أجل المتوسط، لم يتطور إلى إجراءات ملموسة باستثناء الحفاظ على وتيرة الاجتماعات الدورية لمجموعتي 5+5، والتي تركز أكثر على التحديات الأمنية. لكن فرنسا لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة. فقد دخلت أطراف أوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا على الخط. وكان الانفتاح الأميركي أكبر من أن تحده الروابط الثقافية بالنظر إلى الحجم المتزايد لدور أميركا منذ انهيار الحرب الباردة. إلا أن حجم منافساتها الخارجية يبقى أقل من نظيرتها الفرنسية، وإن انبرت الصين وروسيا إلى احتلال مكانة رفيعة في الرقعة الإستراتيجية.

أكثر ما يشجع البلدان المغاربية على رصد عقارب الساعة الفرنسية أن علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي تمثل مشروعاً استراتيجياً. ومن لم يحظ بدعم باريس في أفق الانخراط في الشراكة الأوروبية يتملكه اليأس. وقد لا يعني تلويح المرشح الاشتراكي هولاند برفض انضمام تركيا إلى الفضاء الأوروبي أكثر من استمالة الدول المغاربية، بخاصة أن الجاليات المهاجرة في فرنسا باتت تقلق السياسيين الفرنسيين في ملف الهجرة.

توالدت أجيال مغاربية جديدة حازت الجنسية الفرنسية وأضحت تنضبط أو تتمرد وتغضب تجاه سياسية البلد المضيف. فهي لا ترى أنها موجودة في غير المحيط الذي نشأت فيه. لكن عواطفها إزاء بلدانها الأصلية لم تخمد أبدا. ولهذا السبب فإن عيون المغاربيين تلتصق أكثر بصناديق الاقتراع، في انتظار ما يصدر منها من أصوات.

ترى لو كان الاهتمام يسير في اتجاه أفقي، هل كانت أوضاع المنطقة المغاربية ستكون بالصورة التي هي عليها الآن؟ إنه مجرد سؤال.

 

 

انتخابات فرنسا: ما بعد الدورة الأولى
الحياة...عبدالله إسكندر

من دون مجازفة أو مفاجأة، يمكن القول إن الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي ومنافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند سيكونان مساء اليوم، بعد إعلان نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية، المرشحين اللذين سيتنافسان في الدورة الثانية، بعد أسبوعين.

هذا ما أكدته كل استطلاعات الرأي، وهذا ما يعرفه أركان حملات جميع المرشحين العشرة. وإذا كان من نتائج هذه التوقعات هبوط من نسبة الإقبال على الاقتراع من الناخبين الفرنسيين البالغ عددهم نحو 45 مليوناً، فإن أركان الحملات سيتوقفون عند النسب التي ستحوز عليها مرشحة «الجبهة الوطنية» اليميمنية المتطرفة مارين لوبن ومرشح «جبهة اليسار» والاشتراكي السابق جان - لوك ميلانشون ومرشح «الحركة من اجل الديموقراطية» الوسطي فرنسوا بيرو.

شهدت حملة الدورة الأولى ظاهرة جديدة في الانتخابات الفرنسية. لم تثر الوعود والبرامج الانتخابية التقليدية حماسة كبيرة بين الناخبين نظراً إلى تكرارها في ظل وضع اقتصادي متدهور وانسداد في سبل الخروج من حال الركود الاقتصادي وفرص العمل والاقتطاع المتزايد من موازنات التربية والصحة. ولم يقدم أي من المرشحين مشروعاً ذا صدقية لمعالجة هذا الواقع المتدهور. لتصبح المنافسة تدور حول الأشخاص وليس البرامج، وهي السمة التي في العادة تطبع الدورة الثانية.

ويعترف أركان حملة ساركوزي أن انهيار شعبية الأخير ترتبط بشخصيته اكثر من كونها ترتبط بالحصيلة الكارثية لولايته الممتدة خمس سنوات. ويبدو أن مستشارين نصحوه بالسعي إلى تحسين صورته الشخصية لدى الناخبين عبر الاعتراف بأخطاء سلوكية وعجرفة. فجاءت هذه الاعترافات لتصب ضد مصلحته ولتزيد صورته تدهوراً أمام الناخبين.

في المقابل، وضع هولاند نفسه منذ البداية في صورة الرجل العادي، من دون توزيع أوهام حول شخصه كرجل استثنائي سيقوم بمهمة استثنائية. وسعى، شيئاً فشيئاً، ومنذ أن نال ترشيح حزبه، إلى الاقتراب من الناخبين عبر زيارات ميدانية إلى كل المناطق والأرياف ومواقع العمل، ليبدو في صورة الرئيس المقبل الساعي إلى التقرب من هموم الناس وتفهمها. وذلك ليزيل صورة رجل السياسة الذي لم يتولّ يوماً مسؤولية كبيرة في الحكومة، وعدم خبرته في إدارة شؤون البلاد. وقد نجح هولاند في هذه العملية، فارضاً نفسه في نهاية السباق كرجل دولة. لكن الأهم من كل ذلك، أنه تفادى الخطأ الكبير الذي وقع فيه سلفه الاشتراكي ليونيل جوسبان الذي افترض عندما نافس على الرئاسة العام 2002 الرئيس حينذاك جاك شيراك، أن انتخابه إلى الدورة الثانية محسوم، فتقاعس عن القيام بحملة واسعة في الوقت الذي رفض أي تنازلات للقوى اليسارية والخضر والداعمة لحزبه تقليدياً في انتخابات الرئاسة. فكانت حملته مملة وفاشلة على نحو أدى إلى وصول مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن إلى الدورة الثانية في منافسة شيراك.

أما حالياً، فيبدو مستبعداً أن تكرر مارين لوبن تجربة والدها. لكن المحللين سيتوقفون عند النسبة التي ستحصل عليها في الدورة الأولى. إذ إن ناخبيها سيكونون الخزان الأساسي الذي سيسعى ساركوزي للغرف منه، ما سينعكس على طبيعة الحملة للدورة الثانية وشعاراتها، والتي من المتوقع أن تزداد انحرافاً نحو اليمين لإرضاء ناخبي «الجبهة الوطنية» واستقطابهم.

كما سيكون ناخبو «جبهة اليسار» الخزان الذي سيرفع من رصيد هولاند في الدورة الثانية. لكن من دون أن يضطر المرشح الاشتراكي إلى تعديل شعاراته الانتخابية. فالشعبية الكبيرة التي يجتذبها ميلانشون، في الاستطلاعات والمهرجانات، تعود أولاً إلى شخصية الرجل، أستاذ الأدب الفرنسي والخطيب المفوه الذي استطاع أن يجمع ناخبي الحزب الشيوعي ويسار الحزب الاشتراكي والمعترضين والمهمشين من كل الفئات، وذلك تحت شعار إنزال الهزيمة بساركوزي والتصدي لمارين لوبن. وهذا يعني تلقائياً أن هذا الجمهور سيتجه في الدورة الثانية إلى هولاند.

أما ناخبو بايرو الذي انحدر في الاستطلاعات من المرتبة الثالثة إلى الخامسة، فسيتوزعون بين هولاند وساركوزي، وإن بنسبة اكبر لمصلحة الأخير، أو الامتناع عن التصويت. وذلك ما لم يجد بايرو صيغة تفاهم ما مع هولاند، نظراً إلى استحالة ذلك مع ساركوزي، تضمن له مشاركة في حكومة ائتلاف اشتراكية - وسط - الخضر.


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,283,815

عدد الزوار: 6,985,749

المتواجدون الآن: 68