أزمة الاقتصاد الإيراني عشية قرارات المقاطعة والعزل..العقوبات الأوروبية تؤخر وصول النفط الإيراني إلى الصين

إيران تطلق صواريخ وأميركا تحشد في الخليج..نتانياهو يدعو المجتمع الدولي الى محاربة ايران بعد الكشف عن خطة للإعتداء على اهداف اسرائيلية في كينيا

تاريخ الإضافة الخميس 5 تموز 2012 - 5:42 ص    عدد الزيارات 2124    القسم دولية

        


 

إيران تطلق صواريخ وأميركا تحشد في الخليج
طهران، واشنطن – أ ب، رويترز، أ ف ب
أقرّت إيران أمس، بأن حظراً فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد نفطها، هو «الأقسى على الإطلاق»، لكنها أطلقت «عشرات الصواريخ الباليستية» وأثنت على مشروع قانون في مجلس الشورى (البرلمان) لإغلاق مضيق هرمز، فيما أشارت معلومات إلى حشد الولايات المتحدة عسكرياً في الخليج، لردع أي محاولة إيرانية في هذا الشأن.
وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن الحظر النفطي «هو الأقسى الذي فُرض على إيران على الإطلاق، لكن الأعداء الذين يخالون أنهم قادرون على إضعافنا، مخطئون».
وأشار إلى أن «إجمالي الواردات النفطية يشكّل أقل من 10 في المئة من حجم العائدات المالية لاقتصاد البلاد»، مضيفاً: «يجب اعتبار العقوبات فرصة للتقليل من اعتماد موازنة البلاد على العائدات النفطية، لنجرّد العدو من أداة النفط بوصفه سلاحاً للضغط علينا». لكن وكالة «أسوشييتد برس» أفادت بأن صادرات النفط تشكّل نحو 80 في المئة من مصادر العملات الأجنبية لإيران.
وكان مئة نائب إيراني وقعوا مشروع قانون لمنع ناقلات النفط التي تحمل شحنات إلى دول فرضت الحظر، من عبور مضيق هرمز.
وعلّق الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست على مشروع إغلاق المضيق، مشيراً إلى أنه «مجرد اقتراح». وأضاف: «النواب يمثلون أبناء الشعب الإيراني ويعكسون أفكاره وتطلعاته في شأن التدابير العدائية ضد البلاد، وأمن الخليج يحتل الأولية في سياساتنا ونحن قادرون على إحلال الأمن والحفاظ علی أمن إمدادات الطاقة في المنطقة».
وأشار الى أن الحكومة ستطبّق القرار، بعد تمريره في البرلمان.
في غضون ذلك، أعلن «الحرس الثوري» إطلاق «عشرات الصواريخ الباليستية، بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدی»، دمّرت «نماذج للقواعد العسكرية الغربية المنتشرة في المنطقة». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) بأن طائرات من دون طيار «دمّرت 7 قواعد افتراضية تابعة لقوات دخيلة علی المنطقة».
واعتبر الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس»، المناورات «ردّ فعل طبيعياً على من يعلنون أن كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع إيران»، فيما قال الجنرال محمد شيرازي، رئيس المكتب العسكري لمرشد الجمهورية الإسلامية، إن «الدول المعادية فهمت فحوى رسالة المناورات الناجحة».
في المقابل، أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الولايات المتحدة عزّزت وجودها العسكري في الخليج، لردع أي محاولة إيرانية لإغلاق مضيق هرمز ولزيادة مقاتلاتها القادرة على قصف عمق إيران، إذا اندلع نزاع في شأن ملفها النووي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية أن ذلك جزء من مسعى إلى طمأنة اسرائيل بأنه في ما يتعلق بإيران، «حين يقول الرئيس (باراك أوباما) أن ثمة خيارات أخرى على الطاولة، تتعدى المفاوضات، هو يعني ما يقول».
ونسبت إلى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن «الرسالة الموجهة إلى الإيرانيين هي التالية: لا تفكروا ولو للحظة في إغلاق مضيق هرمز، لأننا سننزع الألغام. لا تفكروا في إرسال زوارق سريعة لمضايقة سفننا الحربية أو التجارية، لأننا سنغرقها».
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن البحرية الأميركية تملك ثماني كاسحات ألغام، أي ضعف العدد العادي، ونشرت مقاتلات من طراز «أف - 22» و»أف - 15» في قاعدتين في المنطقة، إضافة إلى حاملات طائرات وقوات مرافقة لها. ونقلت عن مسؤول عسكري إن الولايات المتحدة و19 دولة ستنظم في أيلول (سبتمبر) المقبل، تدريبات ضخمة في الخليج على مواجهة الألغام.
 «الحرس الثوري» أطلق صواريخ موجهة «دمّرت» نماذج لقواعد في المنطقة
الحياة..طهران – أ ب، رويترز، أ ف ب
أعلنت إيران أمس، إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية، مشيرة الى أنها دمرت نماذج لقواعد أجنبية في دول مجاورة، ووجّهت رسالة تؤكد «استعدادها لإرساء الأمن في الخليج، وعبور شحنات النفط مضيق هرمز».
وقال قائد سلاح الجو في «الحرس الثوري» الجنرال أمير علي حاجي زاده: «لدينا صواريخ مداها 2000 كيلومتر، لكننا أطلقنا في هذه المناورات صواريخ مداها 1300 و800 و500 و300 كيلومتر».
وأضاف: «أُطلقت كل الصواريخ بنجاح على أهداف محددة في صحراء سمنان، وأصابت كلّ أهدافها». وأشار الى أن إطلاق الصواريخ أعقبه إطلاق مقاتلات لـ «الحرس» صواريخ على أهداف محددة، ثم نفذت طائرات من دون طيار عمليات» في المنطقة.
وأوردت وسائل إعلام ايرانية أن سلاح الجو التابع لـ «الحرس» أطلق بنجاح «صواريخ باليستية بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدی، أصابت قواعد وهمية لقوات أجنبية في صحراء سمنان وسط البلاد، ودمرتها». وأشارت الى إطلاق «عشرات الصواريخ من طراز شهاب-1 وشهاب-2 وشهاب-3 وفاتح وتندر وزلزال وخليج فارس وقيام، أصابت كلها الأهداف المحددة بنجاح».
وبثت قناة «العالم» الايرانية أن «الحرس» أطلق «صاروخاً باليستياً من طراز قادر، يبلغ مداه أكثر من ألفي كيلومتر ويعمل بوقود صلب»، متحدثة عن «اختبار صاروخ مضاد للرادار، تبلغ سرعته ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، ويعمل بوقود سائل». وأشارت الى أن «أهداف المناورات هي نماذج للقواعد العسكرية الغربية المنتشرة في المنطقة، وتشبه تحديداً التي في الكويت والبحرين وأفغانستان».
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الايرانية (إرنا) بأن طائرات من دون طيار «دمرت 7 قواعد افتراضية تابعة لقوات دخيلة علی المنطقة، في صحراء لوت وسط ايران».
واعتبر الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس»، أن المناورات «هدفها الأساسي إبراز تصميم الشعب الايراني وإرادته السياسية في الدفاع عن قيمه الحيوية ومصالحه الوطنية». وأضاف: «هذا ردّ فعل طبيعي وحقيقي على الذين يهددون الشعب الايراني، بالإعلان دوماً أن كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع ايران».
أما الجنرال محمد شيرازي، رئيس المكتب العسكري لمرشد الجمهورية الاسلامية، فاعتبر أن «العالم شاهد المناورات ولمس القدرة الحقيقية التي تحظى بها ايران، والدول المعادية لنا فهمت فحوي رسالة المناورات الناجحة».
وشدد الناطق باسم الخارجية الايرانية رامين مهمان برست على أن المناورات «توجّه رسالة مفادها استعداد ايران في شكل كامل لإرساء الأمن في منطقة الخليج، وعبور شحنات النفط عبر مضيق هرمز». واعتبر أن «هذه الظروف تؤدي الى توفير أمن المنطقة، إذ إن أمن الإمدادات جزء لا يتجزأ من أمن سوق الطاقة، فيما أن عقوبات الدول الأوروبية والإدارة الاميركية عامل استفزازي يهدد أمن المنطقة». لكن فرنسا دانت المناورات وإطلاق الصواريخ، اذ اعتبرت ذلك «انتهاكاً» لقرار أصدره مجلس الأمن «يمنع إيران من أي نشاط مرتبط بالتكنولوجيا الباليستية».
 المحادثات النووية
في غضون ذلك، أعلن ديبلوماسي أوروبي أن اجتماعاً بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي، عُقد في اسطنبول أمس، ضم خبراء في الفيزياء النووية، من دون مشاركة ديبلوماسيين.
وأشار ناطق باسم الخارجية التركية الى أن الاجتماع «ذا الصفة التقنية أساساً»، مغلق تماماً أمام الصحافيين وعُقد في مكان سري، بناءً على طلب الأطراف المشاركين في المحادثات.
وأكد مهمان برست أن بلاده «لن تتراجع عن مواقفها، تحت تأثير الضغوط والعقوبات الغربية»، مضيفاً: «تصوّر الغرب بأن تشديد الضغوط والعقوبات، سيجبر إيران على التراجع ويعزّز موقف الدول الست في المحادثات النووية، سيؤثر سلباً في مسار المحادثات».
واعتبر أن «رفض الدول الست حقوق إيران النووية، ولا سيما حقها في تخصيب اليورانيوم والتوصل إلى اتفاق متوازن، يعزّز فكرة إمكان وجود رغبة لدى الغرب لإطالة أمد المحادثات ومنع نجاحها، وأحد الاحتمالات هو بسبب انتخابات (الرئاسة) الاميركية» المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.
وشدد على أن «رفض الحقوق النووية لإيران، قد يصل بالمحادثات إلى طريق مسدود».
 
أزمة الاقتصاد الإيراني عشية قرارات المقاطعة والعزل
الحياة...فريدون أ. خوند *
لم يكتم آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، احتقاره الاقتصاد، على خلاف علي خامنئي الذي أحل الاقتصاد في القلب من جهد الأمة، وجعل السنة الإيرانية 1390 (2011 - 2012) سنة «الجهاد الاقتصادي». وسمى السنة 1391 (2012 - 2013) «سنة الإنتاج الوطني ودعم العمل ورأس المال الإيراني». وميل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية إلى الاقتصاد سببه هشاشة الاقتصاد الإيراني المتفاقمة ونتائج هذه الهشاشة على مستقبل الثيوقراطية الشيعية التي تسيطر منذ 3 عقود على أحد البلدان البارزة في الشرق الأوسط. ويوكل النظام إلى الإحصاءات الاقتصادية «مهمة» دحض «مؤامرة» الغربة على إيران. وتدور منذ أعوام طويلة حرب إحصاءات بين المسؤولين الإيرانيين البارزين وبين الهيئات الدولية. ورفض الخبراء الإيرانيون التكنوقراطيون، مثل موظفي المصرف المركزي، التصديق على الأرقام «السوفياتية» التي يعلنها السياسيون.
واحتسبت إحصاءات صندوق النقد الدولي، في نيسان (أبريل) 2011، متوسط نمو الناتج الداخلي الإجمالي الإيراني في الأعوام 2008 - 2010 بأقل من 0.7 في المئة، في العام. وتوقع الصندوق أن يبلغ النمو صفراً في 2011، متخلفاً كثيراً عن متوسط نمو إقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز. ونددت سلطات الجمهورية الإسلامية بنوايا الصندوق «الخبيثة والمغرضة»، وكالت له التهم. ولكن، ما لا يسع المراقبين نكرانه هو أن الاقتصاد الإيراني يعاني أعمق كساد منذ نهاية الحرب مع العراق، في 1989. ويجمع الكساد الإيراني نمواً ضعيفاً إلى تضخم كبير. ويقول ممثلو غرف التجارة إن عدداً كبيراً من الشركات أغلقت أبوابها، وتلك التي تقاوم الإفلاس تشكو ضعف استخدام عوامل الإنتاج، وتعمل بأقل من طاقتها.
وأدى التردي الاقتصادي إلى أزمة في سوق العمل، عبثاً تحاول التستر عليها أرقام غير معقولة تزعم إنشاء 2.5 مليون وظيفة في 2011 - 2012. ووفق مصادر شبه رسمية، بلغت نسبة البطالة الحقيقية نحو 20 في المئة، في شتاء 2011. وتصيب البطالة، في المرتبة الأولى، الشباب وحاملي الشهادات. وأما التضخم فهو داء مزمن، ولم يكد يخسر بعض الشيء حتى عاود الارتفاع. فبعد أن انخفض المؤشر الرسمي لأسعار الاستهلاك إلى 12.4 في المئة، في 2010، ارتفع في 2011، إلى 26 في المئة، وزاد عن توقع صندوق النقد الدولي (22.5 في المئة) حائزاً السبق في الميدان التاعس هذا.
وليس مرد تردي المؤشرات الاقتصادية العامة بإيران إلى أسباب ظرفية أو خلل إداري أو تقني، بل هو جزء من سيرورة انحطاط بلد نام عجز، على رغم طاقاته الضخمة، عن التكيف مع انقلابات الجغرافيا الاقتصادية الكونية في العقود الثلاثة الأخيرة. واقتصر أثر العقوبات الاقتصادية الأخيرة على تعجيل الانحطاط. ولا تعدم إيران عوامل إيجابية راجحة: فهي تملك احتياطاً نفطياً ثابتاً يبلغ 10.3 في المئة من الاحتياط العالمي، وباعها في استخراج النفط الخام وتسويقه طويلة. ويبلغ احتياط الغاز الثابت 15.8 في المئة، ولا يتقدم عليه إلا الاحتياط الروسي. وأركان إيران الثقافية والتاريخية متينة، وتتمتع بيد عاملة مؤهلة نسبياً، وانتقالها السكاني أو الديموغرافي، أي ضبطها زيادتها السكانية في حدود معقولة، نادر المثال في العالم الإسلامي، وتقاليدها التجارية عريقة ورعت على الدوام روابطها القوية ببؤر الاقتصاد العالمي الديناميكية.
ولكن الاقتصاد الإيراني، على رغم هذا كله، «بارك» في مستنقعه الذي قاده إليه النظام المولود من ثورة 1979 الإسلامية، واختياراته الداخلية والخارجية الجوهرية. ولم يعد النظام النظر في سياساته العامة، غداة الثورة، بينما طرأت انقلابات اقتصادية عميقة داخل إيران وخارجها. فدستور 1979 لوَّح بـ «برنامج اقتصادي إسلامي». ولم تخرج السياسة الاقتصادية عن «النماذج العلمانية» الناجمة عن «المذاهب المادية». واقتصرت طوال العقد الأول على صيغة أوكلت إلى الدولة إدارة اقتصاد موجه وتوزيعي. وعادت هذه السياسة إلى إجراءات ليبرالية في 1989 - 2005 لم تلبث أن اصطدمت بمعوقات بنيوية نجم معظمها عن عقيدة أركان النظام الثيوقراطي. وأفضى إخفاق الإصلاحات إلى مد شعبوي أناخ بثقله، طوال 6 سنوات، على الحياة السياسية والاقتصادية الإيرانية.
وتضرب سيطرة الدولة الإيرانية على حقل الاقتصاد بجذورها في أعماق تاريخ فارس. وحملت السياسة التحديثية التي انتهجها الشاهان البهلويان في القرن العشرين، وكذلك الريع النفطي، على تقوية مكانة الدولة وتدخلها. ولكن النظام الذي أنشأته ثورة 1979 أناط بالدولة مقاليد الإدراة الاقتصادية على نحو غير مسبوق، وألزمها بناء اقتصاد مغلق ومفرط الحمائية، وحظر على الأجانب حظراً مطلقاً تأسيس شركات عاملة، وأوكل إليها بناء قطاع عام يشمل الصناعات الكبيرة أو التجارة الخارجية والمصارف وشركات التأمين، ويرعى دور دولة العناية الريعية وتصرفها في عوائد «الذهب الأسود» وتلبية حاجات الأهالي الأولى من سكن وصحة وتعليم. فشهدت إيران، في ثمانينات القرن الماضي، أفولاً اقتصادياً قل نظيره في القرن العشرين: فبين 1977 – 1978 و1988 - 1989، تقلص الناتج الداخلي الإجمالي، بالريال، 1.5 في المئة في السنة الواحدة. وأدت زيادة السكان، في الأثناء، إلى تدهور أعاد الاقتصاد 20 سنة إلى الوراء. والانهيار الاقتصادي كان عاملاً مؤثراً في قبول آية الله الخميني قرار مجلس الأمن 598، في 20 تموز (يوليو) 1987، القاضي بوقف النار بين إيران والعراق.
وانتهجت إيران طريق الإصلاح الاقتصادي والليبرالي في عهدي علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 - 1997) ومحمد خاتمي (1997 - 2005). وأقرت حكومات الرئيسين 4 خطط خمسية لم يعمل بها إلا جزئياً. ونهضت الخطط الخمسية على 3 دعائم: الانتقال من اقتصاد النفط الريعي إلى اقتصاد تصدير سلع مصنعة وتقليص تبعية موازنة الدولة للنفط وزيادة الضريبة على الأنشطة الاقتصادية المحلية، والانتقال من الإدارة الاقتصادية المركزية إلى اقتصاد السوق وتخصيص الشركات العامة. وأخيراً، التخلي عن الاقتصاد المغلق والمنكفئ إلى اقتصاد منفتح يستقبل الاستثمارات الدولية ويكسر العزلة.
ولا ريب في أن إصلاحات رفسنجاني وخاتمي أثمرت بعض النتائج الإيجابية. فهي وحدت سعر صرف العملة، وأصلحت النظام الضريبي بعض الشيء، وجعلت التجارة الخارجية أكثر مرونة، وأقرت قانون استثمارات جديداً، واستدرجت رجال أعمال إلى افتتاح مصارف وطنية. ولكن الإجراءات المتصلة لم تقيد سيطرة الدولة، ولم تقلص التبعية للريع النفطي. والتزمت الإصلاحات مصالح مراكز السلطة والنفوذ التي يتربع المرشد في وسطها وقلبها. وحال مناخ الحذر والشك الغالب على الحياة السياسية دون مساندة القوى الحية الإصلاحات، واقتراح إصلاحات أعمق. وحالت سياسة المرشد المعادية للغرب دون مغامرة الشركات الأوروبية في الاستثمار. وبدا جلياً أن أي تقييد أو تقليص للاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة، ويقوم على النفط، إنما ينخر أركان سيطرة النظام الإسلامي. وخلف إخفاق الإصلاحات صعود نجم الشعبوية في قيادة محمود أحمدي نجاد.
ويشبه «برنامج» أحمدي نجاد الاقتصادي برنامج العالمثالثيين في ستينات القرن العشرين. ويقوم على مديح الاكتفاء الذاتي، ويدعو إلى عدالة اجتماعية من طريق توزيع الريع النفطي، ويتحفظ عن اقتصاد السوق ويتهمه بخدمة «غطرسة الاستكبار». ولم يكد أحمدي نجاد يتسلم مقاليد الرئاسة حتى عمد إلى إقصاء التكنوقراط المتحدرين من تيارات الإصلاحيين أو القريبين منها، وعين محلهم من تقتصر كفاءاتهم على موالاته. وأسعف ارتفاع أسعار النفط سياسة الرئيس الشعبوي. فحافظت الحسابات الخارجية على فائضها، ومولت العوائد المتعاظمة استيراداً ضخماً سد فجوات الإنتاج الوطني. ولكنها لم تؤثر في ارتفاع التضخم والبطالة، ولم تقلصهما.
وبادر أحمدي نجاد، في نهاية ولايته الأولى، إلى معالجة الثغرة الفاغرة الناجمة عن سياسة دعم استهلاك الطاقة والسلع الضرورية الأساسية. وانتظر عام 2009، أي بداية ولايته الثانية، ليضع مسألة نفقات الدعم في القلب من سياسته الاقتصادية الجديدة. وتبلغ نفقات الدعم 25 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، على ما تقدر حسابات صندوق النقد الدولي والاقتصاديين الإيرانيين. ودعا مصممو الخطتين الثالثة والرابعة إلى إلغاء الدعم تدريجاً. وقاوم المحافظون، ومن ورائهم المرشد، الإجراءات المؤدية إلى «حقيقة» الأسعار، مقاومة شرسة. واقترح أحمدي نجاد، في برنامج حملة ولايته الثانية، إلغاء الدعم تدريجاً في غضون 5 سنوات، واستبداله بتقديمات نقدية مباشرة مصدرها الوفرات الناجمة عن إلغاء نفقات الدعم. ومدح صندوق النقد الدولي هذه الإجراءات وأيدها. وبدأ تطبيق القانون في 19/12/2010، بعد أشهر من التلكؤ. ومذّاك تمنح الخزينة كل إيراني، بمعزل من دخله وعمله، 455 ألف ريال (نحو 18 يورو) في الشهر الواحد.
وقد يكون الحافز على هذا الإجراء الذي يخالف السياسة الاقتصادية المحافظة مخالفة رأسية، تطور القطاع النفطي، وتعاظم الاستهلاك الداخلي على حساب التصدير. فعوائد النفط الخام الغالية بين 2005 و2010 بلغت 61 بليون دولار في السنة، وبلغت 85 في المئة من قيمة الصادرات و70 في المئة من موارد الموازنة. ويتهدد تآكل الدعامة الاقتصادية الأولى، وشيخوخة جهاز الإنتاج، النظام الثيوقراطي بالانهيار. فالإنتاج الإيراني كان بلغ، عشية الثورة، 6 ملايين برميل في اليوم. وهو لا يتخطى اليوم 3.6 مليون برميل. وقلص تزايد الاستهلاك الداخلي حجم الصادرات من 5.5 مليون برميل في 1978 إلى مليونين في 2010. وفي الأثناء زاد عدد السكان ضعفين، ما أدى إلى تخفيض الدخل النفطي للفرد من 2435 دولاراً في 1975 إلى 933 دولاراً في 2010.
ولم يؤت العلاج ثماره المرجوة. فعجزت الدولة عن تعويض خسائر الشركات. وأثقلت زيادة أسعار المحروقات على كاهل الشركات. وبدا أن توفير الخزانة من إلغاء الدعم أقل من تكلفة التقديمات المالية الموعودة. ويتهدد التضخم الاقتصاد الإيراني. فالحكومة قررت معالجة الأسعار بمراقبتها، ما تسبب في سلسلة إفلاسات طويلة، وقلص الإنتاج. وانتهجت سياسة الاستيراد علاجاً لزيادة الأسعار والتضخم. ولكنها أدت إلى انهيار جزء من الإنتاج الوطني وشركاته أمام بلدان مصدرة ذات قوة تنافسية لا تبارى مثل الصين. فطرق الاقتصاد الإيراني في كساد لم يشهد نظيره منذ نهاية الحرب بين العراق وإيران. ولولا أسعار النفط لغرقت إيران في دوامة التضخم والانكماش المدمرة.
ولا يرجى علاج الأزمة الاقتصادية مع تعاظم دور العسكريين، وتمسكهم المستميت بانكفاء الاقتصاد، وغموض إدارته، وسيطرة «الحرس» على الشركات المخصخصة. وتفاقم عزلة إيران في قيادة «الحرس» وعهدتهم، العقوبات الاقتصادية القاسية التي أقرتها قرارات مجلس الأمن منذ انتقال ملف طهران النووي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى مجلس الأمن في شباط (فبراير) 2006. وبعض الدول الكبيرة أقر إجراءات عقابية إضافية أدى بضعها، في الحقل المالي والمصرفي، إلى ضرب الشبكات المصرفية والمالية الإيرانية، وتعطيل عملها واتصالاتها وتجارتها. وقرار الاتحاد الأوروبي بفرض حصار نفطي، في 23/1/2012، وإلغاء عقود شراء الخام في 1/7/2012، وحظر تعامل إيران بنظام «سويفت»، ومواصلاته المالية العالمية، علامات انعطاف في مسار الاقتصاد الإيراني. فخسرت العملة الإيرانية 70 في المئة من سعر صرفها في سنة واحدة، ورفع التضخم أسعار المواد الغذائية. وأرجئ هدف بلوغ 5 ملايين برميل، في اليوم، إلى أجل غير محدد. وتبددت أحلام تسويق الغاز في الأسواق الناشئة.
 * استاذ جامعي، عن «إسبري» الفرنسية، 7/2012، إعداد منال نحاس
 
نتانياهو يدعو المجتمع الدولي الى محاربة ايران بعد الكشف عن خطة للإعتداء على اهداف اسرائيلية في كينيا
القدس المحتلة - «الحياة الإلكترونية» - امال شحادة
 اعتبر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو  اعلان السلطات الكينية عن اعتقال ايرانيين للاشتباه بتخطيطهما للاعتداء على اهداف اسرائيلية، تاكيدا على الموقف الاسرائيلي بضرورة تكاتف المجتمع الدولي في مواجهة ايران. وقال نتانياهو في بيان خاص اصدره بعد الاعلان الكيني ان واجب المجتمع الدولي محاربة اكبر مصدِّر للارهاب في العالم وهي ايران".
 واضاف نتانياهو : "الارهاب الايراني لا يعرف حدودا وبعد ان ارسلت طهران افرادها لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة وارتكاب اعتداءات في اذربيجان وبانكوك وتبيليسي ونيو دلهي يكشف الآن عن نيتها تنفيذ اعتداءات في القارة الافريقية ايضا. التخطيط كان للاعتداء ليس فقط على اهداف اسرائيلية انما  ايضا كان الاعتداء على اهداف امريكية وبريطانية وسعودية  وهذا يؤكد خطورة ايران على المجتمع الدولي بأسره".
 وكان مسؤولون في كينيا ذكروا في سياق الاعلان عن اعتقال الايرانيين انهما ينتميان الى قوة القدس التابعة للحرس الثوري الايراني وقد ضبط في حوزتهما كمية كبيرة من المتفجرات. ووفق ما تناقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن اعتقال المشتبه بهما فقد اعترف احدهما انه اخفى 15 كيلوغراما من المواد المتفجرة داخل المدينة الساحلية مومباسا، وهي اكثر المناطق تتواجد فيها فنادق لاسرائيليين.
 
العقوبات الأوروبية تؤخر وصول النفط الإيراني إلى الصين، خط أنابيب إماراتي لتجنب المرور بمضيق هرمز.. وغاز إيران يعود لتركيا

لندن: «الشرق الأوسط»... قالت مصادر في بكين، أمس، إن تسليم ملايين البراميل من الخام الإيراني إلى الصين أكبر مشتر له قد يتأخر بسبب نزاع بين شركة التكرير العملاقة «سينوبك» وشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية بشأن شروط الشحن.
ونتيجة للعقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي لجأت الصين إلى شركة الناقلات لشحن الخمسمائة ألف برميل يوميا من الخام الذي تشتريه من إيران. ودخلت الإجراءات الأوروبية حيز التنفيذ يوم الأحد، ويحظر بموجبها على شركات التأمين الأوروبية المهيمنة في قطاع النقل البحري تقديم الغطاء التأميني للخام الإيراني؛ ولهذا أصبحت «سينوبك» عاجزة عن استخدام شركات الشحن الصينية واضطرت للجوء إلى شركة الناقلات الإيرانية. وأبلغت مصادر في «الصناعة» «رويترز» أنه لم يتم حجز أي ناقلة لشحن الـ12 مليون برميل من الخام التي تعاقدت الصين على شرائها من إيران في أول 20 يوما من يوليو (تموز). وقال مسؤول في قطاع النفط الإيراني طلب عدم نشر اسمه نظرا لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام «توجد مشكلة ما بين شركة الناقلات الإيرانية و(يونيبك)، وهي الذراع التجارية لـ(سينوبك) بشأن الشحن».
وقال المسؤول: «اقترحت (يونيبك) رقما وشركة الناقلات تدرسه. آمل أن يكون الحل سريعا جدا». وبحسب وكالة الطاقة الدولية تراجعت شحنات النفط الإيرانية 40 في المائة بالفعل هذا العام مع قيام أكبر عملاء طهران - الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية - بخفض أو وقف المشتريات بسبب عقوبات غربية تهدف إلى وقف برنامج إيران النووي.
وكانت «يونيبك» طلبت الشهر الماضي من إيران تحمل تكاليف نقل شحنات يوليو من الخام إلى الموانئ الصينية، وأن تكون الأسعار المقدمة شاملة تكاليف التأمين والشحن. وقبل عقوبات الاتحاد الأوروبي كانت الصين تدفع لإيران ثمن الخام فحسب، بينما تتحمل تكاليف الشحن والتأمين بشكل منفصل، لكن في ظل عدم توافر تأمين بحري فإنها تضطر الآن إلى الاعتماد على سفن شركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية. وقال تاجر خام صيني: «يحدوني الأمل وأعتقد أن الجانب الإيراني سيتعاون لأنها مشكلة فنية صغيرة». وأضاف: «ينبغي أن لا يضيعوا الوقت في هذا الأمر. من دون ذلك سيتكبدون خسائر كبيرة حقا».
وقال تجار إن «سينوبك» ستشتري عبر «يونيبك» وشركة التجارة الوطنية «تشو هاي تشن رونغ» نحو 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني هذا الشهر. لكن تجارا صينيين قالوا إن شهية «سينوبك» للاستيراد قد تكون محدودة بعد شراء كميات قياسية في مايو (أيار) وبسبب ضعف الطلب المحلي الذي أجبرها على خفض الإنتاج في مصافيها.
إلى ذلك، أعلن وزير الطاقة التركي، تانر يلديز، أمس، استئناف إمداد تركيا بالغاز الإيراني بعد إصلاح أضرار لحقت بأنبوب غاز جراء تفجير الأسبوع الماضي، على ما أوردت وكالة أنباء الأناضول التركية.
وأضاف الوزير أثناء نقاش مع صحافيين في أنقرة كما نقلت عنه وكالة الأناضول، أنه من المقرر أن تنقل إيران 29.9 مليون متر مكعب من الغاز يوميا إلى تركيا، لكن الإمداد ينخفض أحيانا إلى 20 مليون متر مكعب. وكان إمداد تركيا عبر أنبوب الغاز تبريز - أنقرة توقف إثر انفجار الأربعاء الماضي في محافظة أغري التركية (شمال شرقي) على الحدود مع إيران. وسبق أن تبنى متمردو حزب العمال الكردستاني الأكراد اعتداءات بالمتفجرات على هذا الأنبوب. وأشار يلديز إلى أن إمدادات الغاز الإيرانية تغطي 16 إلى 20 في المائة من حاجات تركيا للغاز الطبيعي.
وفي السياق ذاته قال مسؤول نفطي إماراتي، أمس، إنه سيتم ضخ النفط «بشكل منتظم» عبر خط الأنابيب الذي يتجنب مضيق هرمز اعتبارا من أغسطس (آب) المقبل. وأوضح علي الجروان، مدير عام «أبوظبي مارين»، إحدى الشركات النفطية في الإمارات: «نتوقع أن يكون ضخ النفط منتظما في أغسطس» عبر خط الأنابيب الذي يربط بين حقول حبشان في أبوظبي والفجيرة الواقعة على بحر عمان. وأضاف أمام المشاركين في مؤتمر نفطي: «نحن بصدد الاقتراب من مرحلة العمليات المستمرة».
وكان حاكم الفجيرة أعلن لوكالة الصحافة الفرنسية أواخر مايو الماضي أن عمليات تصدير النفط عبر الأنبوب ستبدأ في يونيو (حزيران) من دون أن يحدد متى سيصبح ضخ النفط مؤمنا بشكل منتظم دائم باتجاه منشآت التخزين قبل تصديره.
والفجيرة هي الإمارة الوحيدة التي تطل على خليج عمان والمحيط الهندي من بين الإمارات الـ7 التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت أعمال إنشاء الأنبوب وطوله 360 كيلومترا بدأت أواخر 2008 بهدف السماح بتصدير النفط الإماراتي دون المرور عبر مضيق هرمز الذي تسيطر إيران على ضفته الشمالية ويشهد توترات جيوسياسية. وحاليا، تمر الصادرات النفطية البحرينية والقطرية والإماراتية والإيرانية جميعها عبر مضيق هرمز، بالإضافة إلى القسم الأكبر من النفط السعودي والعراقي. وتصدر السعودية قسما من نفطها عبر البحر الأحمر. وهددت إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره 35 في المائة من النفط العالمي المنقول بحرا، وذلك في حال فرض عقوبات على صادرتها النفطية.
خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تلويح إيران بإغلاق المضيق شكل من أشكال القرصنة البحرية، نصف نفط العالم يعبر مضيق هرمز يوميا بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة

جريدة الشرق الاوسط... دبي: محمد نصار .. ما إن دخلت العقوبات النفطية الدولية على إيران حيز التنفيذ حتى صعدت إيران في موقفها حيال دول الجوار والمنطقة ككل، معيدة إلى الواجهة تهديداتها القديمة الجديدة بإغلاق مضيق هرمز الحيوي الذي يعبر منه ما يعادل 40 في المائة من النفط المنقول بحرا على مستوى العالم، لكن اللافت هذه المرة أن إيران تحاول أن تضفي الصبغة القانونية على تهديدها بإغلاق المضيق من خلال استصدار قانون برلماني يدعو الحكومة الإيرانية إلى محاولة منع مرور شاحنات النفط الخام من مضيق هرمز إلى الدول التي تدعم العقوبات المفروضة عليها.
ولم يتوقف التصعيد الإيراني عند المواقف السياسية، فإيران تبعث برسالة مفادها أنها قادرة على إغلاق المضيق إذا قررت ذلك، وفي سبيل ذلك على ما يبدو بدأت إيران أول من أمس مناورات عسكرية تحاكي هجوما مضادا على أهداف أميركية أو إسرائيلية في المنطقة في حال شن غارات ضد منشآت نووية إيرانية.
وتقام هذه المناورات التي تستمر ثلاثة أيام في صحراء دشت كوير بوسط البلاد بعد أيام على فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات جديدة قاسية على إيران، وعشية جولة جديدة من المفاوضات تستضيفها إسطنبول اليوم مع القوى العظمى حول الملف النووي.
لكن السؤال الذي يبقى مثارا للتحليل والتأويل، هل تقدم إيران فعلا على إغلاق المضيق إذا ضاق خناق العقوبات النفطية عليها بعد سريان هذه العقوبات؟ في سبيل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من إدراك بعض الحقائق حول هذا المضيق الاستراتيجي - أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، حيث يقع هرمز في منطقة الخليج العربي فاصلا ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر، وتطل عليه من الشمال إيران معبر محافظة بندر عباس ومن الجنوب سلطنة عمان عبر محافظة مسندم التي تعتبر امتدادا للأراضي الإماراتية جغرافيا، ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها، وبالمفهوم القانوني الدولي يشير مصطلح «أعالي البحار» إلى مناطق المحيطات التي تقع خارج سلطة أي دولة. وتبدأ بشكل عام بعد 200 ميل بحري (يساوي الميل البحري نحو 1.9 كلم)، من سواحل الدول المتاخمة للمحيطات، أما مناطق المحيطات التي تمارس الدول سلطتها عليها، فتسمى المياه الإقليمية.
في القانون الدولي، تعتبر أعالي البحار مفتوحة أمام أي دولة للصيد، والسفر، والبحث وجميع الدول لها حقوق متساوية في أعالي البحار، ويجب أن تحترم كل منها حقوق الدول الأخرى.
ويسمح القانون الدولي أثناء الحرب، للدول المحايدة، أن تواصل التجارة مع الدول الأخرى المحايدة، ومع الدول المتحاربة. ومع ذلك ففي مثل هذه الأوقات، يفترض ألا تنقل سفن الدول المحايدة التجارة المحظورة في الحرب، (البضائع غير القانونية)، وتقرر الدول المتحاربة، المواد التي تعتبرها مهربات حرب.
وبناء على ما سلف لا تملك إيران حقا قانونيا في منع أي سفينة أو ناقلة من عبور مضيق هرمز في أي حال من الأحوال، وأي عمل في هذا الإطار يدرجه مراقبون في إطار القرصنة البحرية، فموقع المضيق الجغرافي لا يعطي إيران السيادة عليه، ولا يدرجه في إطار الممرات المائية التي تقع تحت سيادة دولة بعينها، مثل قناة بنما أو قناة السويس.
فضلا عن ذلك، فإن مضيق هرمز يضم الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران منذ عام 1971 (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، إلى جانب عدد من الجزر الصغيرة غير المأهولة؛ كبراها جزيرة قشم الإيرانية وجزيرة لاراك وجزيرة هرمز.
ورغم كل هذه الأهمية الاستراتيجية للمضيق، فإن عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60م فقط، ويبلغ عرض ممري الدخول والخروج فيه ميلين بحريين (أي 10.5 كم). وتعبره 20 - 30 ناقلة نفط يوميا بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة - محملة بنحو 40 في المائة من النفط المنقول بحرا على مستوى العالم، بحسب موسوعة «ويكيبيديا» العالمية.
ويرى المراقبون أنه ومن حيث المبدأ، لا تبدو عملية إغلاق المضيق أمرا عصيا أو صعبا، لكن استمرار الإغلاق هو الأمر الأكثر صعوبة، فهو بمثابة «انتحار سياسي» يفتح جبهة حرب بين إيران من جهة والغرب والخليج والصين واليابان ودول أخرى من جهة ثانية، ويعتقد الخبراء أن إيران تدرك تبعات مثل هذا التصرف، وهو ما يجعلهم يستبعدون حدوثه، وإن كان واردا بنسب ضئيلة جعلت بعض دول الخليج تفكر في بدائل لنقل إمداداتها النفطية، كما فعلت الإمارات بإنشاء خط نفطي ينقل نفطها بعيدا عن المضيق.
ويرى الخبير الاستراتيجي رياض قهوجي، مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري، أن خطوة إغلاق المضيق أقل ما يمكن أن توصف به أنها «انتحارية»، ولن تنتهي إلا بإسقاط النظام الإيراني، لأنه يعد بمثابة إعلان حرب ويهدد مصالح إقليمية ودولية، ويعتدي على مياه دولية، مضيفا أن «كل دولة تستخدم المضيق ستعتبر نفسها في حالة حرب مع إيران فيما إذا أقدمت الأخيرة على أي حركة لزعزعة النشاط الأمن الملاحي في المضيق».
وفي حال تم إغلاق المضيق، يقول قهوجي: «وفقا لمعلوماتي الخاصة، فإن القوى العظمى ستعمل على فتحه.. وهناك سيناريوهات عدة لعملية مثل تلك، قد تستهدف القوة البحرية والمنشآت العسكرية الإيرانية، مع احتمال احتلال غالبية الجزر الإيرانية في المنطقة»، مضيفا «لدي معلومات مؤكدة أنه خلال مدة لا تتعدى عشرة أيام سيتم وضع حد لأي تصرف عنفي قد تلجأ إليه إيران في هذا الإطار».
ويخلص قهوجي إلى القول أن «لا إيران ولا أي دولة في العالم تمتلك الحق بإغلاق مضيق هرمز أو منع سفينة من المرور في مياهه الدولية لأنها مياه دولية»، معتبرا أن الطرف الوحيد القادر هو الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن.
 
 

المصدر: جريدة الحياة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,086,191

عدد الزوار: 6,977,952

المتواجدون الآن: 86