تقارير..من طارق عزيز... الى معلولا: مسألة المسيحيين...سيمور هيرش: ولا كلمة حقيقية في رواية البيت الأبيض عن مقتل بن لادن..ثالث هجوم خلال أسبوع: ٣٨ قتيلاً بتفجير سيارة مفخّخة في بيشاور

"القاعدة" تهاجم لإجهاض الوفاق الاميركي - الروسي....اوباما والرهان على اسلاميي سوريا

تاريخ الإضافة الإثنين 30 أيلول 2013 - 8:49 ص    عدد الزيارات 2231    القسم دولية

        


 

"القاعدة" تهاجم لإجهاض الوفاق الاميركي - الروسي
النهار...سليم نصار- لندن.. كاتب وصحافي لبناني
عندما قرر أسامه بن لادن إنشاء تنظيم "القاعدة"، جلس مع مساعده المصري أيمن الظواهري لاستعراض مختلف المفاهيم التي يجب تبنيها وتطبيقها. وركز بن لادن في تنظيره على الاهتداء بأفكار أستاذه ومرشده سيد قطب الذي كتب يقول: إن كل تصور وكل إنجاز حققه البشر يجب القضاء عليه، باستثناء كلام الله.
كتب سيد قطب في مرحلة خلافه مع الحكم الناصري، عن خصائص التصور الاسلامي ومقوماته يقول: "وبالكلمة التي تجسدت في القرآن الكريم سيشهد العالم تحرير الانسان، لا بل ولادته الحقيقية".
وبخلاف مؤسس جماعة "الاخوان المسلمين"، حسن البنا (1906-1949) الذي اعتمد أسلوب الحوار والاقناع لتعميم خطابه العقائدي، فان وريثه السياسي والنظري سيد قطب (1929-1966) حضَّ على استخدام العنف، ورأى فيه مظهراً من مظاهر الجهاد في سبيل الله.
وفي كتابه "الفريضة الغائبة"، فتح سيد قطب باب الاجتهاد مضيفاً، الى الفرائض الخمس، فريضة تعزز شرعية العنف إذا كان يقود الى إنتصار الاسلام. وفي ضوء هذا المفهوم، لجأ "اخوان" مصر الى العمل السري والاغتيالات السياسية. وبينها محاولة إغتيال جمال عبدالناصر، ومن قبله إغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا إنتقاماً لقرار حلّ الجماعة.
وعلى هذا المنطق إعتمد أسامه بن لادن عندما قرر إرهاب الغرب المسيحي بافتعال جريمة 11 ايلول التي أودت بحياة ثلاثة آلاف مدني. وكان بهذه العملية، المدبرة باحكام، يسعى الى تشويه مناعة الديموقراطية الغربية والسلطة المدنية والعلمنة ونفوذ الدولة.
بعد إغتيال بن لادن في أفغانستان، تفرد الظواهري بحكم "القاعدة"، الأمر الذي حرره من السطوة المركزية التي كان يمارسها صديقه المؤسس. وبسب إطلاعه على الطريقة التي كان يعمل بها الحزب الشيوعي المصري، قرر الظواهري إعادة تنظيم كوادر "القاعدة" حسب تنظيم "الكومنترن" الذي أسسه لينين.
وهكذا إستطاع الظواهري توسيع مظلة التمويل والرعاية والاشراف على عشرات الخلايا المنتشرة في الشرق الأوسط وافريقيا واوروبا. وقد حرص في الوقت ذاته على منح الأحزاب المحلية التابعة لـ "القاعدة" إستقلالاً محدوداً يعينهم على التكيّف مع الأوضاع القائمة.
وقد تكون "حركة الشباب" الصومالية أفضل مَثل على التنظيم الجديد الذي إعتمده الظواهري. لهذا السبب اعتُبِرَت عملية إقتحام مجمع "ويست غيت" في نيروبي الدليل القاطع على نشاط قراصنة الصومال الذين نفذوا تهديدهم بقتل 140 رهينة.
ويرى المحللون أن الزعيم الجديد لحركة الشباب، أحمد عبدي غوداني، سيستخدم هذه الحادثة المروعة لدحر الحكومة الشرعية وتعطيل القوات التابعة للاتحاد الافريقي المؤلفة من 18 ألف جندي. ومن المؤكد أن زعيم حركة الشباب أحمد غوداني سيوظف عملية الاستنجاد بقوات اسرائيلية، من أجل إحراج "الاتحاد الافريقي" ومنع العرب والمسلمين من الاستثمار في دولة تتعاون مع "الموساد".
في العراق، تصاعدت وتيرة العنف الذي تمارسه "القاعدة" منذ تسع سنوات، بحيث سقط في تفجيرين إنتحاريين أكثر من 275 قتيلاً. وقد وقعا في مجالس عزاء للطائفة الشيعية، الأمر الذي يهدد سلطة نوري المالكي بالأفول إذا ما استمر تعاون الظواهري مع قيادات حزب البعث المنحل.
وخلافاً لتوصيات الحكومة، تعرضت هذا الأسبوع الجالية المسيحية في مدينة بيشاور الباكستانية لهجوم دموي حصد أكثر من 75 قتيلاً. وذكرت مصادر رسمية أن الهجوم جاء إنتقاماً لعملية قامت بها طائرة اميركية من دون طيار.
وتُعتبَر منطقة شمال غرب باكستان المعقل الجديد لمجموعات المتمردين الاسلاميين، وبينها "طالبان" الباكستانية، حليفة تنظيم "القاعدة." وقد نفذت عدداً لا يحصى من الاعتداءات الانتحارية التي أودت بأكثر من ستة آلاف قتيل منذ سنة 2007.
والمسيحيون الذين يمثلون 2 في المئة من عدد السكان، المقدر بـ 180 مليون نسمة، هم من الطبقة الفقيرة المهمشة. صحيح أنهم يتعرضون للتمييز الاجتماعي... ولكن الصحيح أيضاً أنهم نادراً ما يُستهدَفون بالاعتداءات التي تنفذ ضد قوات الأمن أو الأقليات المسلمة كالشيعة والأحمديين. ويُقدَّر عدد الشيعة بعشرين في المئة من عدد السكان. وغالباً ما يستهدفهم "عسكر جنقوي." وهذه مجموعة مسلحة قريبة من "القاعدة" و"طالبان" الباكستانية. ويُقال إنها هي التي نفذت عملية بيشاور بناء على أوامر الظواهري الذي يطمع في طرد كل المسيحيين من باكستان.
وسط هذه الأجواء المحمومة، تلقت قوات الجيش والأمن في اليمن ضربة قاسية من مسلحي تنظيم "القاعدة" أسفرت عن مقتل ما يزيد عن خمسين جندياً وخطف عدد من الضباط والجنود. وكان ذلك حصيلة ثلاث هجمات مباغتة إستهدفت مواقع عسكرية في محافظة "شبوة".
وجاءت الهجمات في وقت يشهد اليمن اضطرابات أمنية واسعة تجددت معها هجمات القبائل ضد المصالح الحيوية في محافظة مأرب، شرق صنعاء. ونتج عن ذلك توقف ضخ النفط اثر تفجير الأنبوب الرئيسي وإنقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة ومدن أخرى.
وتعتبر الجامعة العربية اليمن دولة بالغة التعقيد سياسياً وقبائلياً وجغرافياً، ذلك أن إتحاد الشمال والجنوب تم لأسباب تتعلق بمستقبل الشطرين في 22 أيار سنة 1990. ولكن زعماء الجنوب يطالبون بالاستقلال عن الشمال لايمانهم بأن الظروف التي فرضت الاتحاد لم تعد قائمة. وكان الرئيس السابق لجمهورية اليمن الجنوبي علي سالم البيض قد طالب بالانفصال لأن الشطر الجنوبي يعاني من الاهمال والتمييز في التعليم والتوظيف والمساواة مع الشمال.
الرئيس عبد ربه منصور هادي رد على الاتهامات بالقول إنه حريص على وحدة اليمن، وعلى إخراج البلاد الى آفاق الوئام والسلام والازدهار. كما أكد حرصه على تقاسم السلطة والثروة الوطنية بين الشمال والجنوب بنسبة خمسين في المئة.
الادارة الاميركية تتوقع إنتهاء الحروب بالوكالة في حال تمت صفقة المصالحة بينها وبين ايران، والسبب أن غالبية الحروب الصغيرة في المنطقة هي من صنع طهران، أو من صنع حلفائها. صحيح أن أسامه بن لادن هو الذي شجع الحوثيين على التمرد سنة 2002 بهدف مضايقة المملكة العربية السعودية وفتح ثغرة إستنزاف في جدار العلاقات بين الرياض وصنعاء... ولكن الصحيح أيضاً أن المجتمع القبلي في اليمن كان المهيمن على مؤسسات الدولة.
واستناداً الى تلك التوقعات المغرية، ترى واشنطن أن نجاحها في ردم هوة خلاف إستمر نحواً من ثلاثين سنة، يمكن أن يساهم في تصفية نزاعات مصطنعة سنية-شيعية، وإسلامية-مسيحية، آخرها جماعة بوكوحرام في شمال شرق نيجيريا.
ويبدو أن دول افريقيا الشمالية لم تسلَم من موجات العنف التي أقلقت كينيا والصومال واليمن، بدليل أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" باشر نشاطه عبر الجزائر. وقد كشفت التحقيات حول الهجوم على محطة جزائرية للغاز عن أدلة جنائية تثبت وجود إرتباط بين المهاجمين والمتورطين في قتل السفير الاميركي في ليبيا منذ سنة تقريباً.
وتعمل عناصر هذا التنظيم على توسيع نشاطاتها بحيث تشمل موريتانيا والمملكة المغربية وتونس وليبيا، مستغلة الانتخابات في الجزائر لتدسَّ أنفها في شؤون البلد الذي خرجت من أحضانه.
وبما أن الإستقواء بالدين أصبح نموذجاً لتنظيمات الاسلام السياسي، لذلك أطلت منظمة "داعش" لتأخذ نصيبها في النزاع الدائر على أرض العراق وسوريا. و"داعش" هو تنظيم مستحدث يختصر عبارة "الدولة الاسلامية في العراق والشام." وقد دشنت عملها بافتعال معركة مفاجئة مع "جبهة النصرة" لدى سيطرتها على مقرها في شرق سوريا. وتقول مصادر قريبة من الفريقين إن جماعة "داعش" وجبهة النصرة تهدفان الى إقامة دولة إسلامية في كل من العراق وسوريا.
ولكن زعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني يعتبر محاربة النظام السوري أولوية بالنسبة لقائمة مشاريعه. في حين يرى أبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الاسلامية، أن أولوياته تكمن في البعد الاقليمي للدولة الاسلامية المنتشرة على امتداد مساحة العالم العربي. وبين هذا وذاك، تولد تنظيمات علمانية وطائفية يشجعها النظام السوري على الانطلاق لأن خلافاتها ستكون خشبة الخلاص التي تحميه من الغرق.
 
اوباما والرهان على اسلاميي سوريا
النهار... محمد ابراهيم
 رغم التشكيك الاميركي بنيات الاسد الكيميائية والتشكيك الاسرائيلي بنيات خامنئي النووية، فإن الملفين يتقدمان بخطى ثابتة وبرعاية روسية وثيقة. وبات معروفا ان امل النظام السوري بالاستمرار، حتى على رقعة جغرافية محدودة، رهن بصدقه "الكيميائي"، وان روحاني هو صيغة خامنئي للعودة الى "الاسرة الدولية"، اي لاستقرار النظام.
في الملفين يحقق الرئيس الاميركي، الذي يتهم بالنقص في قدراته القيادية، انجازات عجز عنها رؤساء صقور لم يترددوا في استخدام القوة. وفي الطريق الى هذه الانجازات كان اوباما واضحا في القول ان بلاده لا تسعى الى تغيير النظام في ايران، اما بالنسبة للأسد فإن الاخير هو الذي لايسمح بضمّه الى مسيرة التسوية، بنبرة توحي بأنه كان منفتحا على احتمالات اخرى. لذلك الانجازان المنتظران، الكيميائي والنووي، لا يجيبان على مصير النظام السوري، وان كانا يزودان هذا ببعض عناصر القوة التي تجعل وجوده ضروريا للوصول بالانجاز الى خاتمته السعيدة.
في السياق نفسه خَفَت الكلام الاميركي على تسليح المعارضة باعتباره وسيلة تعديل موازين القوى بما يجعل ممكنا التمييز بين مصير الشخص ومصير النظام في سوريا. كما خفت الكلام الاميركي على خطورة المجموعات الاسلامية المتطرفة، رغم ان الاسابيع الاخيرة شهدت تطورات في اتجاه اضعاف "الجيش الحر"، ولمصلحة التواصل بين المتطرف والمعتدل في الاتجاه الاسلامي، والفرز بين الاسلامي والعلماني. وكانت لافتة اشارة اوباما في خطابه الاخير الى ان "القاعدة" تحولت الى مجموعة "شبكات محلية" غير قادرة على القيام بعمليات شبيهة بعملية "11 ايلول". لكن هذه الشبكات المحلية التي باتت غير مزعجة للرئيس الاميركي تثير لدى الرئيس الروسي، كما صرح، قلقا عميقا باعتبار ان جنوب روسيا والدول الاسلامية في الاتحاد السوفياتي السابق تقع في مدار هذه النشاطات "المحلية".
وعندما اجاب سيرغي لافروف عن مدى تمسك بلاده بالاسد، كرر ما اصبح تقليديا في الديبلوماسية الروسية من عدم الارتباط بشخصٍ وانما بسوريا واحدة ومستقلة، مضيفا انها ينبغي ان تكون علمانية، وان ذلك يشكل مصلحة روسية - اميركية مشتركة، وكأنه يبدي استغرابه من عدم استعجال الولايات المتحدة للخوض في تفاصيل تسوية اميركية - روسية للوضع السوري برمّته.
طبعا الموقف الروسي ليس بهذه البراءة، لكن في مقابله يتضح اكثر فأكثر ان رهان اميركا على تعديل موازين القوى في سوريا بما يتيح تسوية مع موسكو، بات عمليا، بعد استبعاد "الضربة" واستبعاد تسليح المعارضة، على اسلاميي سوريا. فهو الرهان الاقل كلفة، طالما ان الآخرين هم الذين يتولون التمويل، وهو الاكثر انسجاما مع استراتيجية اوباما لـ"القيادة من بعيد" والاكتفاء بالتقاط الثمار الناضجة.
 
من طارق عزيز... الى معلولا: مسألة المسيحيين
النهار...أسعد الخوري... كاتب سياسي
كان وزير الخارجية العراقي طارق عزيز يحرص على لقاء العميد ريمون اده كلما زار العاصمة الفرنسية، وغالبًا ما كانت تتمّ هذه اللقاءات في منزل المهندس نقولا الفرزلي أحد قادة حزب البعث السابقين.
كان العميد خلال سنوات الحرب اللبنانية يبدي أمام عزيز ومضيفيه قلقه الدائم من الخطر على وحدة لبنان وتقسيمه كانتونات طائفية بما يؤدي الى تفتيته وإشعال حروب دائمة بين "دويلاته" وميليشياته.
كان طارق عزيز يُطمئن دائمًا عميد الكتلة الوطنية بأنه طالما "العراق بخير فان لبنان بخير". وكان الوزير العراقي المطلع على الأوضاع الإقليمية والدولية يقول أن تقسيم العراق – إذا حصل – يؤدي الى تفتيت لبنان الى دويلات للطوائف، وهو ما تخطط له اسرائيل التي تسعى لقيام دويلات طائفية ومذهبية في المشرق العربي.
كان طارق عزيز يتخوف من تداعيات الحصار الدولي على العراق ويعتبره "قضية خطيرة للغاية من شأنها أن تقوّض الدولة والمجتمع العراقي". كان الديبلوماسي العراقي المحنّك وصاحب التجربة الطويلة في الحكم، أكثر وزراء العراق قدرة على النقاش مع الرئيس صدام حسين والادلاء بآرائه وأفكاره، وطرح خطط مناسبة لإخراج العراق من أتون الحصار والعقوبات الدولية والحروب "العبثية" في كثير من الأحيان. لكن وزير خارجية العراق المثقل بهموم الداخل والخارج وتداعياتها الخطيرة على النظام والشعب العراقيين، كان يبدي تصلبًا في مواقفه بعدما رأى أن "المؤامرة الأميركية – الاسرائيلية" على العراق تسير وفق "أجندة" مختلطة ومتشابكة الأهداف والتوجهات والنيات، تشارك فيها الى جانب واشنطن وتل أبيب دول مؤثرة في المنطقة بينها ايران ودول خليجية عديدة.
الاجتياح الأميركي
قبل الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، قمت بزيارة بغداد في تشرين الأول 2002، كانت كل المؤشرات تؤكد على حصول اجتياح أميركي لهذا البلد الذي أثقله الحصار الدولي والعربي على السواء، مثلما أثقلته هموم الداخل العراقي الذي كان يعاني منذ سنوات (ولا يزال حتى اليوم مع الأسف) جراء نتاج سياسات عبثية ومؤامرات خارجية قصمت ظهور الناس وحوّلتهم سجناء في وطن يتعذّب من البصرة الى الموصل مرورًا ببغداد وحتى كردستان شمالاً...
كانت إدارة جورج بوش الابن يومئذ، وخاصة وزير الدفاع ديك تشيني، يهددون العراق كل يوم بتدميره وإعادته الى "العصر الحجري". كان طارق عزيز في ظلّ هذه المعركة الكبيرة "الرجل الأول" المعني بالاتصالات الخارجية وبالتواصل مع زعماء الدول لمنع حصول عدوان أميركي على العراق كان يعتبره "وشيكًا".
لم تكن تنقص قائد الديبلوماسية العراقية (ولو بلباسه العسكري) القدرة على التحليل السياسي وقد أدرك معاني وأبعاد وأهداف "الهجمة" الأميركية غير المسبوقة عسكريًا (بما في ذلك أسطورة "الكيماوي" التي ثبت بُطلانها) واعلاميًا واقتصاديًا وديبلوماسيًا ضد العراق وقيادته السياسية وشعبه الذي تحوّل الى "شعب كريم أُذِلّ" كما ردّد أمامي استاذ جامعي عراقي كان يعاني مثل كل مواطنيه من تراجع قيمة النقد العراقي وعدم القدرة على السفر الى خارج البلاد سائحًا أو مغتربًا.
طارق عزيز سجينًا
لكن ما كُتب كان قد كُتب. وبدأت جحافل الجيش الأميركي في آذار 2003 تتدفق على العراق عبر أراضي الجيران العرب، مصحوبة بقصف صاروخي لم يشهد تاريخ الحروب الحديثة مثيلاً له. وبقية هذه "القصة الدرامية" معروفة ومفهومة بأهدافها التي تحقق بعضها وهو تدمير الجيش العراقي وتفكيكه وإشغال العراق بحروب مذهبية رهيبة ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين وهي مستمرة حتى اليوم عبر استهداف أحياء مدنية وأبرياء بسيارات مفخخة أدت الى فرز مذهبي لم يعرفه العراق في تاريخه، كما ادت الى تهجير معظم المسيحيين من بغداد ومن مناطق العراق الأخرى بما في ذلك الموصل حيث عشرات الأديرة والكنائس القديمة. وهاجر عشرات الآلاف الى خارج البلاد بعدما باتت حتى ممارسة طقوس العبادة في الكنائس متعذّرة أو حذرة!
عندما سلّم طارق عزيز نفسه للقوات الأميركية المحتلة في بغداد كان يعتقد، وهو الديبلوماسي وليس العسكري، ان التحقيقات معه وفترة اعتقاله لن تستمر طويلاً فهو لم يشارك يومًا في معارك عسكرية وكان بعيدًا عن أية مقررات لها مثل هذا الطابع. كان حزينًا لأن بلاده أحتلت وتُدمر بشكل منهجي، وسرقت آثارها ومتاحفها الوطنية التي تحتوي على أقدم وأغلى كنوز الأرض.
ولم يسلم منزل طارق عزيز في بغداد وتمّت مصادرة كل محتوياته الشخصية وأوراقه... وحتى "البيانو" القديم الذي كان يعزف على (أوتاره) منذ شبابه صادره الأميركيون ولم يعرف أحد ماذا فعلوا به حتى الآن.
بقي طارق عزيز لدى سلطات الاحتلال الأميركي سجينًا لسنوات قبل انتقاله الى السلطات العراقية التي نقلته الى سجن جديد. وبالرغم من اصابته بأمراض كثيرة وخطيرة، باعتراف أطبائه، وعدم قدرته حتى على ارتداء ثيابه إلا بمساعدة أحد حراسه، وعجزه عن النطق بسهولة، إلا أن حكومة نوري المالكي لا تزال مصرّة على سجنه في ظروف انسانية صعبة حيث حياته مهدّدة كل يوم.
... ومعلولا
عندما غزا المتطرفون الإسلاميون من "جبهة النصرة" وحلفائها بلدة معلولا المسيحية في سوريا، تحدّث كثيرون بقلق عن مصير "مسيحيي الشرق" ومعاناتهم في الدول العربية. تذكّر كثيرون "مسيحيي العراق" وعذاباتهم وتشردهم وهجراتهم داخل العراق وخارجه، كما توقّفوا أمام استمرار سجن طارق عزيز رغم مرضه وشيخوخته وبراءته من كل ما حاولوا أن ينسبوه اليه من اتهامات ظهر أنها ملفّقة وغير صحيحة.
لقد حاول الفاتيكان والعديد من الكنائس المسيحية في العالم، ومن بينها بكركي التوسط مع الأميركيين قبل خروجهم من العراق، ثم مع الحكومات العراقية المتتالية للأفراج عن طارق عزيز الذي لم يلوّث يديه بالدم يومًا. لكن الوعود الإيجابية لم تتحقق.
اليوم، طارق عزيز يعيش عذابات أيامه الأخيرة، وهو الذي يعاني من أمراض خطيرة... ووساطة جدّية من "قوى فاعلة" في لبنان مع ايران التي سلّمها الأميركيون العراق على طبق من ذهب، أو مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قد تكون كافية لأخراج طارق عزيز من ظلمات سجنه.
لا يكفي أن ندّعي الحرص على "مسيحيي الشرق" بطريقة استنسابية واستغلال مآسي المسيحيين الإنسانية لتوظيفها في السياسة. أفرجوا عن طارق عزيز اليوم قبل الغد، تكونوا فعلاً لا قولاً، حريصين على المسيحيين في هذا الشرق العربي، وحريصين، فعلاً لا قولاً، على العيش المشترك الآمن والمتفاعل لكل الديانات والمذاهب في أرض مقدسة كانت مهبط التعاليم والأديان السموية وتتحوّل يومًا بعد يوم الى مسرح للقتل المذهبي وللتكفير الديني، وسط موجة همجية يترحم فيها سكان هذه الأرض الطيبة على زمن هولاكو.
 
سيمور هيرش: ولا كلمة حقيقية في رواية البيت الأبيض عن مقتل بن لادن
قال الصحافي الأميركي البارز سيمور هيرش إن الرواية الرسمية التي أوردتها الإدارة الأميركية في العام 2011 حول الغارة التي أسفرت عن قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن «لم تكن سوى كذبة كبيرة».
جاء تصريح هيرش في سياق مقابلة أجرتها معه صحيفة «الغارديان» البريطانية ونشرتها في عددها الصادر أمس، حيث أكد الصحافي الفائز بجائزة بولتيزر انه «لم تكن هناك ولا كلمة واحدة حقيقية» في ما أعلنه البيت الأبيض حول الغارة المفترضة التي شنتها قوات أميركية خاصة وقيل إنها أدت إلى قتل بن لادن.
ووجه هيرش انتقادات لاذعة إلى وسائل الإعلام الأميركية معتبراً أنها أخفقت في التصدي لـ «أكاذيب» البيت الأبيض حول قضايا كثيرة كقضية مقتل بن لادن وقضايا أخرى، واصفاً الإعلاميين الأميركيين بأنهم «مثيرون للشفقة ويخشون توجيه الانتقادات إلى أوباما».
وأضاف: «المشكلة تكمن في أن وسائل الإعلام الأميركية تسمح لإدارة أوباما بأن تفلت بأكاذيبها».
ورأى الصحافي المخضرم البالغ من العمر 76 عاماً أن الحل هو أن يتم إغلاق شبكات إخبارية أميركية من أمثال «ان بي سي» و«اي بي سي» وتسريح 90 في المئة من محرريها الرئيسيين والاستعاضة عنهم بـ «صحافيين حقيقيين» لا يخشون قول الحقيقة. وحذر هيرش من أن الولايات المتحدة تواجه مشكلة بسبب أن وسائل الإعلام باتت تكذب حول كل شيء إلى درجة أن الكذب أصبح السلعة الرئيسية.
 
ليس لدى الأسد من يفاوضه!
الحياة..طوني فرنسيس ** كاتب من أسرة «الحياة» 
رغم هول المجزرة الكيماوية في الغوطة الدمشقية تبقى المشكلة السورية الحقيقية في مكان آخر، فاللجوء إلى السلاح الكيماوي مسألة تقنية لا يفرقها عن القصف بالطيران أو بالمدفعية الكثير، سوى أن الكيماوي أبلغ فعالية وهو سلاح اتفق دوليًا على حظره منذ أن ظهرت خطورته في الحرب العالمية الأولى.
المشكلة السورية أعمق بكثير من حدث 21 آب (أغسطس) يوم استفاق العالم على مئات الضحايا في الغوطتين، والذي انتظره السوريون بعد هذه الجريمة لم يكن اقل من التزام دولي بالانخراط في مشروع شامل للحل والخلاص. بعضهم ذهب أبعد من ذلك أملاً بضربة عسكرية هدّد بها الرئيس الأميركي باراك أوباما وحددت مواعيد لها، والبعض الآخر حلم بتغيير في المناخ الدولي يتيح الإسراع بوضع حد نهائي لـ «حفلات» الكيماوي ويدفع الروس والأميركيين إلى تعاون بعد تنافر، بما يخلق أجواء جديدة لفتح نافذة خلاص.
لم يحصل شيء من ذلك، واكتفى الأقطاب الدوليون باتفاق على «إنقاذ» السلاح الكيماوي السوري ودفعه إلى أحضان آمنة، أما إنقاذ الشعب السوري فعملية يمكنها الانتظار.
كان اقتناء الكيماوي في أدبيات النظام بنداً من بنود التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، إلا انه، مثله مثل المدفعية والدبابات والصواريخ والطائرات، لم يستعمل مرة ضدها، فبقي في مخازنه في انتظار «التوقيت المناسب»، ولم يتوافر هذا التوقيت إلا في مواجهة الداخل، منذ شقت درعا طريق الانتفاضة.
إسرائيل وحدها بقيت المطالب الأشرس بنزع الكيماوي السوري ومعه منع أي تطوير لبرامج سورية عسكرية، خصوصاً في المجال النووي، لذلك كان سهلاً على الأميركيين والروس أن يتفقوا بسرعة فائقة في جنيف، بعد لقاء العشرين دقيقة بين بوتين وأوباما في سان بطرسبورغ، على تدمير المخزون السوري، ووافق الأسد من دون ملاحظات، ولو من باب حفظ ماء وجه ممانعة كانت تستعد قبل ساعات لإزالة إسرائيل من الخريطة.
لم يتوقف الرئيس السوري عن تكرار التزامه التنفيذ منذ إعلان اتفاق كيري - لافروف. تحدث إلى محطات أميركية وروسية وصينية وفنزويلية... وفي كل أحاديثه «الدولية» لم يخرج عن «الخط»، فـ «لا توجد لدينا عقبات حقيقية» في وجه عمل الخبراء، و»سورية تلتزم عادة بكل الاتفاقيات التي توقعها» ( اتفاق الجولان يشهد). بدا الأسد مرتاحاً إلى التعامل الدولي معه، إلا انه في أحاديث إلى الزوار اللبنانيين وأمثالهم من الأصدقاء العرب ذهب أبعد من ذلك مضيفاً جرعة صمود وتصد، ستشكل زاداً لهؤلاء في دفاعهم الموصول عن النظام.
كشف الأسد في تصريحات نشرت في بيروت انه يملك ما هو «اكثر أهمية من السلاح الكيميائي... لدينا أسلحة ردع اكثر تطوراً حيال إسرائيل...ويمكننا أن نعمي بصرها في لحظات.» وأن الروس تعهدوا إرسال قواتهم إلى سورية للقتال وصد أي عدوان.
في معزل عن مضمون الخطاب الموجه إلى العالم أو الخطاب الموجه إلى الأنصار، لا يظهر الأسد منزعجاً مما آلت إليه الأحوال بمقتضى الإجماع الدولي على نزع سلاحه الكيماوي. وعلى رغم أن فرصة للقضاء على إسرائيل قد ضاعت نتيجة تراجع أوباما و»تردده» وفق أدبيات الممانعة، فإن صمود النظام يترسخ، أقله حتى ينجز دوره كاملاً في تنفيذ اتفاق الكيماوي، الذي يفرض تعاون النظام في مواكبة المفتشين والـمراقبـين ثـم في عـمليات التخزين وربما نقل المخزون إلى روسيا لإتلافه، وسـتـستـغرق العملية زمناً قد لا ينتهي قبل منتصف العام المقبل.
سيطيل اتفاق نزع الكيماوي السوري، في نقاش آلياته وتحديد مهله الزمنية، أمد الصراع في سورية وعليها، وفي أثناء عمليات التفتيش والتجميع المضنية ستزداد الجبهات اشتعالاً والصراع على المغانم احتداماً، ولن يتاح للمشكلة الأصلية التي انطلقت من درعا أن تعرف طريقها إلى التسوية.
لقد ركز التفاهم الأميركي - الروسي على المخزون الكيماوي السوري ولم يربط هذه المشكلة «التفصيلية» بالاتفاق الشامل على حل للصراع، وعلى رغم إعلان الطرفين مواصلة البحث والتحضير لمؤتمر يجمع الحكومة والمعارضة في اجتماعات نيويورك، فإن مجريات التجاذب بشأن قرار يصدر عن مجلس الأمن يكرّس الاتفاق حول الكيماوي لم توحِ بتسهيل الانتقال إلى جنيف-2 ، حيث بدا أن الروس يفضلون قراراً تنفيذياً تقنياً يستند إلى ثقتهم بحليفهم السوري، فيما يجنح الأميركيون والغربيون نحو تضمين القرار الدولي التزامات، بمقتضى الفصل السابع، تفتح الباب أمام محاسبة أقوى لحظة الانتقال إلى البحث في التسوية النهائية.
مسار قمة العشرين وصولاً إلى جنيف فنيويورك ثبّت أمرين حتى الآن: إفقاد النظام السوري احد أسلحته الاستراتيجية في مواجهة إسرائيل، وإعطاءه في المقابل فرصة إضافية للاستمرار، يمكن أن تتحول إلى مديدة بسبب المعارضة السورية نفسها، التي ارتأى «إسلاميوها» إعلان عدم اعترافهم بالائتلاف لحظة وصول وفده إلى الأمم المتحدة، في خطوة تذكّر باستقالة الحكومة اللبنانية عندما كان رئيسها سعد الحريري مجتمعاً بالرئيس الأميركي أوباما.
فحتى إذا نجح مجلس الأمن في الوصول إلى موقف موحّد وأقرّ الذهاب إلى جنيف-2 لن يكون لدى الأسد من يفاوضه، وسيزداد الاقتتال في سورية شراسة في حين يتم تثبيت نظرية لافروف القائلة إن «75 في المئة من المعارضين مجرمون وقطاع طرق». وعندها تستمر المأساة السورية إلى ما لا نهاية. 
 
 ثالث هجوم خلال أسبوع: ٣٨ قتيلاً بتفجير سيارة مفخّخة في بيشاور
اللواء..(ا.ف.ب)
قتل 38 شخصا على الاقل في مدينة بيشاور شمال غرب باكستان امس في انفجار سيارة مفخخة بحسب ما افاد مسؤولون، في ثالث هجوم دموي تشهده المدينة خلال اسبوع.
ووقع الانفجار في سوق كيسا خواني المكتظ في المدينة التي تعتبر بوابة مناطق القبائل التي تعد معقلا للمسلحين المرتبطين بحركة طالبان وتنظيم القاعدة.
واكدت مستشفى لايدي ريدينغ التي نقل اليها الضحايا، ان الاعتداء اسفر عن سقوط 38 قتيلا واكثر من 90 جريحا.
وقال المسؤول المحلي البارز صاحب زادة محمد انيس ان من بين القتلى امرأتان وستة اطفال تتراوح اعمارهم ما بين 5 و9 اعوام. وانفجرت السيارة المفخخة قرب مركز للشرطة، الا ان مسؤولين استبعدوا ان يكون المركز هو الهدف.
وذكر مسؤول تفكيك القنابل في المنطقة شفقت مالك انه «يبدو ان السوق كان هدف التفجير». وصرح لوكالة فرانس برس ان سيارة كانت متوقفة على جانب احدى الطرق تم تفخيخها على ما يبدو وتفجيرها عن بعد. ودان رئيس الوزراء نوزا شريف، الذي يزور نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، الهجوم بشدة.
 وقال في تصريحات نشرها مكتبه «ان الضالعين في قتل الابرياء هم اشخاص مجردون من الانسانية ومن اي دين». وتسبب الانفجار في اضرار جسيمة حيث ادى الى انهيار مبنى من طابقين والعديد من المتاجر التي اندلعت فيها النيران. وتضرر او دمر خمسين متجرا على الاقل. وتناثرت الاشلاء البشرية والدماء وشظايا الزجاج والملابس المخضبة بالدماء والاحذية في الشارع الذي شهد الانفجار.
وانتشل عمال الانقاذ العديد من الجثث من حافلة صغيرة للركاب كانت تمر قرب السيارة المفخخة عند انفجارها.
 وعكف مسؤولون وعمال انقاذ على جمع اشلاء الجثث ووضعها في عربات اسعاف على مدى ساعة بعد الانفجار.
وقال محمد ساجد (26 عاما) في المستشفى «كنت اقف امام متجر لشراء الايس كريم لابن اخي المريض الذي كان معي عندما هز انفجار المنطقة باكملها».
 واضاف ساجد الذي اصيب بجروح طفيفة «لقد كان الانفجار قويا لدرجة انه القى بي وبابن اخي ارضا على مسافة عدة امتار ما ادى الى اصابتنا».
وتجمع اقارب الضحايا وهم يبكون في المستشفى فيما واصل رجال الانقاذ احضار الجثث او الاشلاء الى المستشفى.
 وقال محمد وجيه (40 عاما) انه كان يقوم باصلاح ساعة احد الزبائن في متجره عندما وقع الانفجار. واضاف «لقد طار نصف وجه الزبون الذي كان يقف امام واجهة متجري، فيما اخترقت الشظايا المتطايرة ظهره».

 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,636,069

عدد الزوار: 6,958,463

المتواجدون الآن: 76