تقارير...البلد الثري والمواطن الفقير..الألبانيون أسعد شعوب البلقان والإسرائيليون الأسعد في الشرق الأوسط

الإخوان المسلمون والسعودية....وزيرة شؤون الرعايا الفرنسيين في الخارج: نأمل من إيران أن تفتح أبوابها وتتبع الكلام بأفعال ملموسة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 تشرين الأول 2013 - 8:09 ص    عدد الزيارات 2236    القسم دولية

        


 

 
الإخوان المسلمون والسعودية
النهار..سعود المولى.. استاذ جامعي
لا يمكن فهم التطور الذي حصل داخل التيار العام للحركة الإسلامية العربية في إتجاه السلفية المتشددة ، إلا بالعودة إلى قراءة العلاقة الملتبسة التي نشأت بين الإخوان المسلمين من جهة والسعودية بشقيها الرسمي الملكي والدعوي الوهابي من جهة ثانية.
عند قيام التجربة السعودية الوهابية الجديدة بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود، عمل هذا الأخير على إستمالة الرأي العام الإسلامي ومفكريه لتدعيم شرعيته الإسلامية خصوصاً في ظل تجاوزات الوهابية السابقة ضد العراق والكويت وضد الحجازيين، وفي ظل الصراع مع اليمن. وبحسب زكريا سليمان بيومي فإن عبد العزيز سعى لإستمالة بعض الكتاب من التيار السلفي المصري (رشيد رضا ومجلته "المنار"، محب الدين الخطيب ومجلته "الفتح") إلى جانب بعض مشايخ الأزهر وحتى بعض زعماء الطرق الصوفية من أمثال الشيخ محمد ماضي أبو العزايم.. وقد إتصل بالسيد رشيد رضا وبالأمير شكيب أرسلان اللذين صار لهما مكانة خاصة عند عبدالعزيز... وكان رشيد رضا مدافعاً عن الوهابية متبنياً لها وللدولة السعودية الناشئة. وقد أصدر لاحقاً مقالاته في "المنار" في الدفاع عنها في كتاب بعنوان "الوهابيون والحجاز".
وكان حسن البنا شديد التأثر في مطلع عهده بسلفية مجلتي "المنار" و"الفتح". وهو يقول في ذلك: "كما كان ينّفس عن نفسي التردد على المكتبة السلفية. حيث نلتقي الرجل المؤمن المجاهد العامل القوي العالم الفاضل والصحفي الإسلامي القدير السيد محب الدين الخطيب. كما نتردد على دار العلوم ونحضر في بعض مجالس الأستاذ السيد رشيد رضا. " كما أن البنا تولى إصدار الأعداد الأخيرة من "المنار" قبل توقفها النهائي.
وبحسب البنا نفسه فإن مستشار الملك عبد العزيز "فضيلة الشيخ حافظ وهبه حضر إلى القاهرة رجاء إنتداب بعض المدرسين من وزارة المعارف ليقوموا بالتدريس في معاهدها الناشئة. وإتصل الشيخ حافظ وهبه بجمعية الشبان المسلمين لتساعده في إختيار المدرسين، فاتصل بي السيد محب الدين الخطيب وحدثني في هذا الشأن فوافقت مبدئياً"... وجاءه بعد ذلك خطاب من الدكتور يحيى الدرديري المراقب العام للجمعية بتاريخ 6 تشرين الثاني سنة 1928 يدعوه للحضور "لمقابلة صاحب الفضيلة الأستاذ حافظ وهبه مستشار جلالة الملك إبن سعود للإتفاق معه على السفر وشروط الخدمة للتدريس في المعهد السعودي بمكة... وفي الموعد إلتقينا وكان أهم شرط وضعته أمام الشيخ حافظ ألا أعتبر موظفاً يتلقى مجرد التعليمات لتنفيذها، بل صاحب فكرة يعمل على أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل من آمال الإسلام والمسلمين وشعارها العمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحري سيرة السلف الصالح"... ولا نعرف السبب الحقيقي لتعثر هذا المسعى للتدريس في الدولة الناشئة! ومع أن البنا يعيد الأمر إلى تعقيدات بيروقراطية إلا أن المعروف أنه جرى إنتداب الأستاذ إبرهيم الشورى للتدريس في السعودية. فهل كان عدم إنتداب البنا لسبب مصري رسمي (لا نظن ذلك فهو لم يكن معروفاً بعد بموقف معارض للدولة) أم لسبب سعودي رسمي؟ نرجح الظن الثاني كما سنرى لاحقاً.
بعد ذلك تأسست الدولة السعودية وصارت واقعاً فرض نفسه على العالمين العربي والإسلامي وصار الحج مناسبة سياسية بإمتياز يستخدمها إخوان البنا للدعوة لحركتهم. وهكذا فحين توجه حسن البنا للحج أول مرة (1936) فإن ذلك كان بهدف الدعوة حيث يقول محمود عبد الحليم بخصوص هذا الحج إن "الأستاذ المرشد قد كاشفنا بأن فكرة الهجرة بالدعوة إلى بلد آخر من البلاد الإسلامية يكون أقرب إلى الإسلام من مصر قد سيطرت على تفكيره وملأت نفسه". إلا أن البنا بعد عودته من الحج قال لجماعته ما نصه: "وقد إتصلت بالمحكومين والحكام في كل بلد إسلامي وخرجت من ذلك بإقتناع تام بأن فكرة الهجرة بالدعوة أصبحت غير ذات موضوع وأن العدول عنها أمر واجب".
ماذا جرى في الحج حتى قرر البنا أن العدول عن الفكرة "أمر واجب"؟؟ ينقل محمود عبد الحليم أخبار إهتمام الصحافة السعودية (جريدة "أم القرى" وكانت يومها شبه رسمية) بخبر زيارة البنا ويقول إنها "نشرت في مكان الصدراة خطاباً للأستاذ البنا". والحقيقة أن الجريدة كتبت تحت عنوان "على الرحب والسعة"، تشير إلى وصول البنا مع غيره "الكثير من الشخصيات المصرية المحترمة... نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن أفندي البنا المرشد العام لجمعية الإخوان المسلمين".
وبحسب مصادر إخوانية مختلفة فإن اللقاء الشهير بين البنا والملك عبد العزيز إنتهى بأن طلب البنا إنشاء فرع للإخوان المسلمين في السعودية فكان "جواب الملك ذكياً وديبلوماسياً" حين رفض الطلب قائلاً للبنا "كلنا إخوان وكلنا مسلمون". ويبدو أن المملكة رفضت كل الطلبات اللاحقة المقدمة من قيادات الإخوان المسلمين لتأسيس فرع لهم في السعودية.
وحين زار الملك عبد العزيز مصر عام 1945 إستقبله جوالة الإخوان المسلمين في مطار القاهرة بالمشاعل والهتافات الإسلامية. كما إستقبلوه أثناء زيارته للإسكندرية في تجمع في ملعب الأولمبي.
ويبدو أن العلاقات بين السعودية والإخوان المسلمين توترت إثر ثورة اليمن التي أعلن الإخوان المسلمون أنهم هم من خطط لها. فيقول محمود عبد الحليم "إن فكرة إعداد الشعب اليمني للثورة قد نبتت في المركز العام... وعند تناول هذه الثورة نجد أنفسنا أمام شخصيتين من غير اليمنيين كانا قطبي رحى هذه الثورة هما الفضيل الورتلاني وعبد الحكيم عابدين".
وقد أبدى الإخوان المسلمون غضبهم للموقف السعودي الداعم لحكم الإمامة الزيدية الوراثية في اليمن على حساب الثورة التي كانوا أبطالها. وكان تقديرهم (بحسب محمود عبد الحليم) أن العاهل السعودي "قد لا يسعده أن يقوم حكم في جارته المتاخمة له يضرب بنظام الوراثة والأسر المالكة عرض الحائط ويختار الأصلح غير عابىء بالأسرة التي ينتمي إليها"... ولكن الأخطر هو التقارب بين الملكين فاروق وعبد العزيز "وقد قربت ثورة اليمن ما بينهما وأنستهما الخلافات التي كانت بينهما". وهكذا دخل الإخوان المسلمون سنة حرب فلسطين ثم الصراع العنيف مع النظام المصري وهم في حالة جفاء (حتى لا نقول عداء) مع النظام السعودي... سبق ذلك على كل حال إشارة وردت في مقال قد يكون لحسن البنا نفسه (بتوقيع م.ع.) في جريدة "الإخوان المسلمون" حول فلبي بعنوان: "الحاج عبد الله فلبي هل هو من المسلمين الأطهار أم من دعائم الإستعمار؟" حيث قال الكاتب: "أما أنا فلا ألوم المستر فلبي فهو رجل قد وقف نفسه على خدمة أمته وبلاده، إنما ألوم العرب إذا أنخدعوا بأمثال هؤلاء وغرتهم مظاهرهم. ألوم أولئك الذين لا يزالون يعتقدون بإخلاصهم وولائهم. وكم أرجو لو أعادوا النظر. وفي ما بدر عبرة لمن إعتبر".
وبعد إغتيال البنا ثم قيام ثورة الضباط الأحرار في مصر ووفاة الملك عبد العزيز في السعودية كانت مرحلة قمع الإخوان وإعتقالهم. يومها حضر الملك سعود بن عبد العزيز للوساطة بينهم وبين الحكومة بعد قرارات الحل الأول (1954) "وفعلاً جامله أعضاء الثورة وفتحوا صفحة جديدة مع الإخوان". ويبدو أن سياسة الملك الجديد سعود إختلفت عن سياسة والده تجاه الإخوان المسلمين نظراً الى قيام النظام الثوري الجديد في مصر والى بداية نشوء سياسة الأحلاف والتكتلات في المنطقة. ولذا نلحظ دعوته المبكرة للمرشد حسن الهضيبي في مطلع صيف 1954 إلى السعودية ومنها إنتقل إلى سوريا ولبنان حيث قام بنشاطات دعوية بارزة... وفي السنوات التي تلت حملة 1954 فتحت أبواب المملكة أمام الهاربين من بطش السلطات المصرية (ثم السورية) خصوصاً بعد تصاعد الصراع المصري-السعودي (وفي الأعوام 1958-1965 بشكل أكبر). وقد إستقدمت المملكة الآلاف من قيادات وأفراد الإخوان المسلمين ووفرت لهم العمل والمراكز والمناصب الحساسة وحصل الكثيرون منهم على الجنسية السعودية وبعضهم على الجواز الديبلوماسي حتى. ونظراً إلى لجوء معظم قيادات وكوادر الإخوان إلى السعودية ودول الخليج فقد تشكلت "لجان للعضوية في الكويت وقطر والإمارات وفي الرياض والدمام وجدة". وفي مجلس الشورى العام، وهو السلطة التشريعية للجماعة، "كان هناك 3 من السعودية... وكانت السعودية وأقطار الخليج ممثلة بثقل يفوق أهميتها بكثير نظراً لحاجة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلى المال وهذا يتم تلبيته من خلال ذلك". فمندوبو السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت، وعددهم 7 من أصل 38، "يتم دائماً توظيفهم في عملية جباية الأموال للتنظيم الدولي".
وكما أثّر الإخوان المسلمون في الشبيبة السعودية (خصوصاً أنهم أمسكوا بمفاصل التعليم والجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية ودور النشر والمطابع) فقد تأثروا هم أيضاً بالوضع السعودي. "فإستفادوا بقدر ما أفادوا أدبياً ومادياً".
 
وزيرة شؤون الرعايا الفرنسيين في الخارج: نأمل من إيران أن تفتح أبوابها وتتبع الكلام بأفعال ملموسة وأكدت وقوف السعودية بحزم تجاه الملف السوري وحذرت من إرهابيين استغلوا الوضع في سوريا

جريدة الشرق الاوسط... الرياض: هدى الصالح ... شددت هيلين كونوي الوزيرة المكلفة شؤون الرعايا الفرنسيين بالخارج، على موقف بلادها تجاه السلاح النووي الإيراني، ودعت الرئيس الإيراني حسن روحاني بالسماح لوكالة الطاقة النووية بالتفتيش لإثبات النوايا الحقيقية، فيما علقت على الاتصال الهاتفي الثنائي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني بالقول: «إننا نستحسن الحل الدبلوماسي ويسعدنا الاتصال الهاتفي ونأمل بذلك أن تفتح إيران أبوابها وتتبع الكلام بأفعال ملموسة».
وجاءت تعليقات المسؤولة الفرنسية خلال مؤتمر صحافي عقدته في الرياض أمس، حيث تناولت الوضع السوري، وأكدت أنه من غير الممكن استمرار هذا الوضع على ما هو عليه، وأشارت إلى خطورة تدفق الإرهابيين إلى الأراضي السورية وانعكاس ذلك على دول المنطقة. وأكدت الوزيرة الفرنسية حذر وزارة الداخلية في بلادها بشأن خروج الشباب الفرنسيين للقتال في سوريا بصورة فردية والتي قدرت أعدادهم ببضع عشرات، وشددت على اتخاذ السلطات الأمنية كافة التدابير ومتابعتهم أمنيا. وقالت: «نعلم عنهم فور عودتهم إلى الأراضي الفرنسية، فيما تتابعهم السلطات في بلادي وتحدد هويتهم».
وكانت الوزيرة الفرنسية التقت خلال زيارتها للرياض عددا من المسؤولين السعوديين والتي تأتي ضمن جولة إقليمية تشمل الأردن ولبنان، حيث التقت أول من أمس في مدينة جدة الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، واستعرض اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فيما أكدت خلال المؤتمر الصحافي الذي حضره السفير الفرنسي لدى السعودية برتران بوزانسونو على عمق العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين واعتبار السعودية شريكا مهما لا سيما في سياستها التي وصفتها بـ«الحازمة» تجاه الملف السوري ودورها البارز في استقرار المنطقة. وأشارت إلى زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير خارجيته ووزير الدفاع إلى السعودية مطلع العام المقبل قائلة «هناك تطابق في الآراء تجاه النزاع السوري وحول عدد كبير من الملفات»، فيما قدرت عدد الرعايا بالخارج بـ2.5 مليون فرنسي، من بينهم ستة آلاف من رعايا بلادها يقيمون في السعودية.
وأشارت إلى أن محادثاتها مع المسؤولين بوزارة الحج تناولت سبل تيسير أداء المناسك على الحجاج الفرنسيين الذين قدرت أعداهم هذا العام بـ30 ألف حاج مقابل 13 ألف معتمر، والتشديد على الأنظمة والتعليمات التي يستوجب على وكلاء السياحة والسفر الالتزام بها وذلك لتأمين استضافة الحجاج في ظروف سكنية ومعيشية وصحية لائقة.
من جهة أخرى، أفادت الوزيرة الفرنسية بعدم تأثير قانون منع النقاب على حركة سياحة السعوديين في فرنسا والتي عدتها الوجهة الثانية لهم بعد ماليزيا، وأكدت أن القانون يتعلق فقط بالمدارس الفرنسية. وتطلعت كونوي من خلال زيارتها إلى تشجيع الاستثمار المتنوع من قبل رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين في بلادها، وأن الاستثمارات السعودية تتركز على العقارات والأسهم والصناديق الاستثمارية، وأوضحت أن «حجم الاستثمارات الفرنسية في السعودية بلغت 15 مليار يورو بينما هي أقل من ذلك بكثير في فرنسا». وبينت أن هناك شراكات اقتصادية بين البلدين لا بد من تعزيزها، وأوضحت أن السعودية تعد شريكا اقتصاديا مهما لفرنسا، ولفتت النظر إلى أنه يتعين التعرف بشكل أفضل على سوق الاستثمار في المملكة وتشجيع الشركات للاستثمار في المملكة لتقديم خبراتها.
 
 
الألبانيون أسعد شعوب البلقان والإسرائيليون الأسعد في الشرق الأوسط
المستقبل...محمد م.الأرناؤوط
في هذه الايام نشرت الامم المتحدة "تقرير السعادة في العالم 2013" الذي جاء حصيلة أبحاث استمرت طيلة 2010-2012. ويبدو في التقرير مفاجآت في ترتيب "الشعوب السعيدة" و"الشعوب غير السعيدة"، حيث أن الامر لايرتبط دائما بمستوى الدخل ونسبة البطالة ولا مكانة الدولة في الاقليم أو في العالم، بل انه حصيلة عوامل نفسية وثقافية واقتصادية واجتماعية وسياسية ترتبط أيضا بالتطورات الحاصلة في المحيط الجيوبوليتيكي. ويبدو هذا بشكل اوضح إذا ما أخذنا البلقان والشرق الاوسط.
وإذا ما ألقينا نظرة عامة على القائمة التي تضم 156 دولة لوجدنا أن قائمة "الشعوب السعيدة" تتصدرها الدانمارك والنرويج وسويسرا وهولندا والسويد الخ، بينما قائمة "الشعوب غير السعيدة" تتصدرها في أسفل القائمة توغو وغويانا وتانزانيا ورواندا وبوروندي. ومابين هؤلاء واولئك تأتي اسرائيل في المرتبة (11) واستراليا في المرتبة (12) ونيوزلندا في المرتبة (13) والولايات المتحدة في المرتبة (17).
وبالعودة الى البلقان والشرق الاوسط نجد أن ألبانيا تتصدّر في البلقان باحتلالها للمرتبة (62) عالميا تليها كوسوفا في المرتبة (83)، وتتأخر عنها بقية الدول المجاورة حيث تأتي صربيا في المرتبة (105) عالميا والبوسنة في المرتبة (107) ومكدونيا في المرتبة (118) وتتأخر بلغاريا لتأتي في أسفل القائمة العالمية باحتلالها للمرتبة (144). أما فيما يتعلق بالشرق الاوسط فقد كان من الملفت للنظر ان اسرائيل احتلت مرتبة متقدمة على مستوى العالم (11) ومتصدرة في الشرق الاوسط.
هل من سبب أو من أسباب تفسر هذا؟
فيما يتعلق بالبلقان لدينا من الاسباب مايكفي. ومرة أخرى يبدو هنا ان "السعادة" لاترتبط بقوة الدولة العسكرية ومكانتها في الاقليم ومستوى الدخل فقط بل هناك أيضا عوامل أخرى لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار. فالمشترك في البلقان ان هذه الدول مرّت في العشرين سنة الاخيرة في خضّات اقتصادية واجتماعية نتيجة للحروب والانتقال من النظام الاشتراكي الى نظام السوق، التي تخللتها أزمات وبطالة كبيرة وظهور مافيات وفساد الخ. وكان من المفروض أن دولة مثل بلغاريا "نعمت" بالانضمام الى الاتحاد الاوربي في 2007 واستفادت من ذلك كثيرا أن تكون على رأس قائمة "الشعوب السعيدة" ولكنها تصدرت قائمة "الشعوب غير السعيدة" باحتلالها المرتبة (144) على مستوى العالم نتيجة لسوء الادارة والفساد وتزايد الفقر في البلاد. ولكن من ناحية أخرى يلاحظ أن ألبانيا وكوسوفا اللتان جاءتا في "الوسط الذهبي" لا تختلفان في هذه النقطة كثيرا عن بلغاريا، حيث إن تقارير البنك الدولي عن ألبانيا وكوسوفا في 2013 تقول إن ثلث الالبان هنا وهناك يعيشون تحت خط الفقر. وإذا ما أضفنا الى ذلك أن كوسوفا تتصدر بل تتفرد في أوربا بأعلى نسبة من البطالة (نحو 50%) وأقل مستوى للدخل، فكيف يمكن تفسير "سعادة" الالبان في البلقان؟
السبب في ذلك واضح ويعود الى الوضع الجيوبوليتيكي الجديد في المنطقة. فالمراقبون يجمعون على أن العقد الماضي (1999-2009) كان "عقد الالبان" في البلقان. فحتى 1999 كان الالبان لاعبا مغمورا في صفوف الاحتياط في "الفريق البلقاني"، حيث إن ألبانيا كانت في عزلة عن العالم خلال حكم الحزب الشيوعي (1945-1992) ثم دخلت في نزاع داخلي كاد أن يوصلها الى حرب أهلية في 1997، بينما كان بقية الالبانيين مشتتين في يوغسلافيا السابقة. ولكن بعد حرب1999 تحول الالبان الى لاعب رئيس في البلقان مع تحرر كوسوفا من صربيا واستقلالها في 2009 وحصول الالبان في مكدونيا (نحو 30%) على شراكة في الحكم أصبح للالبان دولتان في البلقان ودور مهم في مكدونيا ضمن لهم أن يمثلوا بثلاثة لاعبين رئيسيين في "الفريق البلقاني". وهكذا لم يعد هنا العامل الاقتصادي هو الاساس في الشعور بـ"السعادة" بل يتصدر هنا العامل النفسي والشعور بأن "المستقبل للالبان" في البلقان الجديد، بغض النظر عما تشغله "المافيات الالبانية" في هذا المستقبل.
أما فيما يتعلق بالشرق الاوسط فالسبب أيضا نفسي ويحق للاسرائيليين أن يشعروا بالسعادة عندما يتطلعوا لما حققوه في الشرق الاوسط الجديد. ففي عام 2010 جاء د. رضوان السيد الى عمّان لالقاء محاضرة في معرض الكتاب ركز فيها على "الخواء الاستراتيجي" في الشرق الاوسط نتيجة لتشتّت النظام العربي وعلى التنافس بين القوى الثلاث الاقليمية (اسرائيل وايران وتركيا) لملىء هذا الفراغ المهم. ومع تمنيات د. السيد التي كانت تنمّ عن عروبة صادقة ونظرة استشرافية معبّرة إلا أن ما آل اليه الوضع خلال 2011-2013 في الشرق الاوسط جعل اسرائيل في وضع أقوى بالمقارنة مع ايران التي تراجعت أسهمها في المنطقة ومع تركيا التي خسرت أهم ثلاث حلفاء لها في المنطقة (السعودية والامارات ومصر). وفي هذا الوضع أصبح يحق للاسرائيليين أن ينعموا بالسعادة وهم يرون مايحصل في مصر وسوريا والعراق.
 
 
البلد الثري والمواطن الفقير
المستقبل...عبدالزهرة الركابي
لظروف لم تعد خافية على أحد، رجع العراق الى الوراء تضعضعاً وضعفاً، وتحديداً منذ بدء حقبة الثمانينات التي شهدت حرب الخليج الأولى، وهذا التراجع والإنحدار في عموميته أصاب الأوضاع السياسية والإقتصادية والأمنية والسياحية بشكل مؤثر، وما يهمنا في هذه الكتابة، هو الجانب الإٌقتصادي الذي بات يعاني منه الفرد العراقي، وتحديداً شريحته الأكبر (الفقيرة) على الرغم من أن العراق ليس بلداً فقيراً، بل هو ومن خلال ثرواته الطبيعية النفط والغاز يُعد من البلدان الغنية في المنطقة والعالم، بيد إن الإفتراض شيء والواقع شيء آخر.
وصحيح بفعل الحروب العبثية التي دخل في أتونها النظام العراقي السابق، وما ترتب على نتائجها من عقوبات وديون وتعويضات وإحتلال، خسر العراق الكثير والكثير من أمواله، بيد أن هذا الأمر لا يبرر للقائمين على العملية السياسية في هذه المرحلة، أن تظل الشريحة الأكبر آنفة الذكر ضمن خط الفقر المستديم، خصوصاً وأن العراق بلد مصدر للنفط بشكل أساسي والغاز بكميات محدودة، ويحتوي على إحتياطيات من النفط تجعله في مصاف مقدمة دول العالم في هذا الجانب.
أسوق هذه المقدمة بعدما اطلعت على تقرير اصدرته شركة (إي سي هاريس) للمرة الأولى في سياق مؤشر أو تصنيف أصول الثروات المكدسة والذي ورد فيه، احتلت قطر المركز الرابع عالمياً من حيث حجم ثروات الأصول التي يكدسها الشخص الواحد وفق مؤشر ثروات الأصول المكدسة، وبلغت قيمة ثروة كل قطري من الأصول 140 الف دولار في عام 2012، كما احتلت قطر المركز الأول عربياً في معدل نمو تكديس ثروات الأصول لكل شخص بنسبة نمو 8,4 في المئة بين العامين 2011 و2012 وحققت أعلى معدل نمو مقارنة بأي دولة اخرى.
كما احتلت السعودية المركز السادس عالمياً والثاني عربياً في معدل نمو تكديس الاصول بالنسبة الى الشخص الواحد، اذ زادت حصته 3.4 في المئة في 2012، وجاءت الإمارات في المركز العاشر عالمياً، والثالث عربياً بنسبة 1,7 في المئة، ثم مصر بالمركز 12 عالمياً والرابع عربياً بنسبة 1,1 في المئة.
ومن هذا فإن السؤال المطروح أين هي مرتبة العراق في هذا التصنيف، بل وأين ذهبت أموال العراق إذا ما أخذنا في الإعتبار إنسحاب الإحتلال الأميركي؟.
أن مرد سؤالنا الآنف يعود الى أن العراق هو من اثرى بلدان العالم في الاحتياطي النفطي، ويمتلك آباراً كثيرة وهائلة في آن، مما لم تُكتشف او تُستثمر بعد، حتى أن الخبراء في مجال النفط قالوا في هذا الجانب، أن نفط العراق لن ينضب، في حال ادارة هذه الثروات بشكل صحيح وجيد، لا سيما وأن نسبة ما يسوقه العراق من النفط لا يتوازى مع حجم الاحتياطي والمخزون الوطني، وذلك لاسباب عدة من اهمها العمليات الارهابية والحربية التي توالت على العراق، بالاضافة الى وجود اشكالات فنية عرقلت عملية الاستخراج، وعدم وجود عدادات فعالة وشغالة لغاية الان، ولا نعلم كم نستخرج من النفط بالضبط، وربما تكون في اغلب الاحيان تقديرية او بموجب طرق عفا عليها الزمن.
لهذا لا نبالغ إذا ما قلنا إن حجم احتياطي النفط العراقي المثبت بحسب المسح الجيولوجي الزلزالي يبلغ نحو 350 مليار برميل، وبالتالي فإن العراق هو صاحب أكبر احتياطي نفطي في العالم وفقاً لأبحاث عراقية، حيث تتواجد هذه الإحتياطيات في مناطق عدة، وهي المناطق التي يسمونها غير مكتشفة، معظمها في الجنوب وفي المناطق الغربية وفي مناطق شرق بغداد (مدينة الثورة) وفي الارطاوية ومناطق كثيرة في العراق، ناهيك عن منطقة شمال العراق التي يعزف الأكراد عن تزويد الحكومة المركزية بالحجم الحقيقي للإحتياطي الموجود فيها.
واعتماداً على هذه المعطيات والمعلومات، فإن العراق كله يسبح على بحيرة من النفط، علماً وبحسب تقارير منظمات النفط الدولية ومن بينها (الأوبك)، فإن العراق يشغل حالياً المرتبة الثالثة عالمياً بعد السعودية وإيران من حيث امتلاكه لاحتياطي النفط الذي يبلغ بحسبها قرابة 120 مليار برميل.
كما أن تقارير حكومية أشارت إلى أن العراق يملك كذلك احتياطي غاز طبيعي يبلغ 137ترليون قدم مكعب، ويأتي بالمرتبة 15 عالمياً في احتياطيات الغاز، وسيكون سادس أكبر مزود للغاز بالعالم، إذا ما تم استثمار احتياطياته بالصورة السليمة، لكن هذا القطاع لم يُستثمر بالصورة العملية والجدية، على الرغم من أن صناعة الغاز بدأت في العراق منذ عام 1961، وقبل بعض البلدان التي تقف الآن في مقدمة مصدري الغاز في العالم.
هذا هو واقع خيرات وثروات العراق التي لم يستفد منها العراقيون، أسوة بشعوب البلدان التي تزخر بهذه الخيرات والثروات، حيث بات الفقر متفشياً في السواد الأعظم من شعب العراق، الى حد جعل العراقيين في اليوم الأخير من الشهر الفائت يتظاهرون، ويطالبون بإلغاء الرواتب التقاعدية الكبيرة لنواب البرلمان والتي خُصصت لهم مدى الحياة، أضف الى ذلك حالة الفساد المستشرية والمزمنة في الأوساط الحكومية.
أكتب هذه السطور، والضيق يعتصرني، حيث إن كاتب السطور على سبيل المثال لا الحصر، عاد الى العراق مكرهاً بفعل الحرب المشتعلة في سوريا منذ عشرة أشهر، وأقطاب الحكم في العراق (الحاكمون المالكيون) في المنطقة الخضراء (كرادة مريم) ببغداد يشمتون بحالي، وأحمد الله وأشكره إذا وقفت هذه الشماتة عند هذا الحد، حيث لا عمل ولا مصدر رزق، وأنا الذي أُعيل أسرة كبيرة !، مع أن وسائل الإعلام في بغداد مجيّرة ومسخرّة لهؤلاء الأقطاب الحكام، وهم الذين كانوا يتبارون في كسب ودي في الشام، بغرض ترويج بضاعتهم أيام المعارضة العراقية السابقة، ولكن لا حياة لمن تنادي!

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,650,177

عدد الزوار: 6,959,027

المتواجدون الآن: 80