تقارير..الفكر السياسي لحركة "حماس" في ظل التغيرات العربية....إيران مستعدة لتدمير إسرائيل

زيارة أوباما إلى الشرق الأوسط: التوقعات والتداعيات (الجزء الأول)(الجزء الثاني)...لماذا لم يمنع المجتمع الدولي إستقالة ميقاتي؟....تخوّف غربي من تفجير الوضع في لبنان....عدٌّ عكسيّ سياسي وعسكري لنظام الأسد!

تاريخ الإضافة الأحد 24 آذار 2013 - 6:11 ص    عدد الزيارات 1824    القسم عربية

        


 

زيارة أوباما إلى الشرق الأوسط: التوقعات والتداعيات (الجزء الأول)
معهد واشنطن...دينيس روس
"في 18 آذار/مارس، 2013، خاطب دينيس روس، ديفيد ماكوفسكي، ومايكل سينغ منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسفير روس هو مستشار المعهد، وكان آخر منصب شغله هو المساعد الخاص للرئيس أوباما ومدير أقدم لشؤون المنطقة الوسطى في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاته، وسيتم نشر ملاحظات السيد ماكوفسكي والسيد سينغ على حدة."
لعل الأجواء المصاحبة لزيارة الرئيس أوباما إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع تختلف جملة وتفصيلاً عن تلك الأجواء التي تزامنت مع الزيارة التي قام بها في حزيران/يونيو عام 2009. حيث كانت جولته الأولى في الشرق الأوسط تحركها إلى حد كبير مجموعة من التصورات رأتها الإدارة الأمريكية أنها كانت سائدة في شتى أنحاء المنطقة. فقراره بإلقاء خطابه الشهير في دولة ذات أغلبية مسلمة كان تعاطياً مع المفهوم القائل بأن إدارة بوش قد انخرطت في حرب على الإسلام والتي شعر الرئيس أنها ستظل عاملاً أساسياً لتجنيد الإرهابيين ضد الولايات المتحدة. كما أمل أيضاً في أن يعالج خطابه الاعتقاد القائل أن واشنطن كانت ترغب في فرض سياساتها على الشرق الأوسط. وبناء عليه، سعى أوباما إلى مد الجسور إلى الدول الإسلامية في خطابه الذي ألقاه في القاهرة حيث ناقش الكيفية التي يمكن بها توجيه القيم الأمريكية الأساسية لتكون نبراساً للسياسات التي ستتبناها إدارته بدون فرض تلك القيم على المنطقة.
إلا أن الشرق الأوسط اليوم الذي يتشح بالمزيد من الاضطرابات وعدم اليقين يكشف النقاب عن دوافع مختلفة إلى حد كبير بالنسبة لزيارة الرئيس الأمريكي هذه المرة. فعلى سبيل المثال، إن أحد العناصر الرئيسية في الزيارة هذا الأسبوع هو محاولة مد جسور التواصل مع الإسرائيليين الذين شعر العديد منهم أن الرسالة التي أتى بها أوباما إلى المنطقة عام 2009 كانت على حسابهم. فعلى الرغم من حجم المباحثات غير المسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل تحت إدارته -- والتي من بينها التركيز الممنهج على التعاون الأمني فضلاً عن التعاون الاستخباراتي واسع النطاق -- ينزع الإسرائيليون نحو الاعتقاد بأن الرئيس أوباما لا يبدي أية حساسية إزاء ما يساورهم من هواجس ومخاوف. لذا من المحتمل أن يسعى الرئيس أوباما إلى تسليط الضوء على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وذلك عبر ما يفصح عنه من أقوال وما يزور من أماكن مما سيؤدي إلى إقامة تواصل عاطفي فضلاً عن الاعتراف بأنه على دراية كاملة بالأجواء المتغيرة التي يعيش فيها الإسرائيليون هذه الأيام.
فإذا نجح الرئيس في إقامة هذا التواصل، فإن هذا سيساعده على تشكيل تصور عام لسياساته التي تتعلق بالقضايا الرئيسية مما قد يمنحه مساحة أكبر لالتقاط أنفاسه لمواصلة تلك السياسات. فعندما يتحدث على سبيل المثال عن منهجيته التي سيتبعها مع إيران، فلن تكون مجرد فكرة مجردة بل بالأحرى إشارة إلى أنه جاد بشأن القضية النووية ومستجيب للاحتياجات الإسرائيلية. وينطبق نفس المنطق على معالجته للقضية الفلسطينية خلال جولته.
كما أن زيارته إلى إسرائيل ستكون لها بعداً هاماً وخطيراً أيضاً. فعلى الرغم من الجدل الكبير المثار في بعض الأحيان بشأن بعض القضايا، إلا أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية لا تزال واحدة تقريباً في كافة قضايا المنطقة تقريباً. ففيما يخص إيران، تسعى كلتا الدولتين إلى منعها من امتلاك أسلحة نووية، وفي الضفة الغربية لدى كلتاهما مصلحة في الحيلولة دون انهيار السلطة الفلسطينية، أما في الشأن السوري فكلتاهما تأملان في منع الانهيار الكامل لها فضلاً عن عدم وقوع الأسلحة النووية في أيدي الجهاديين.
ففي ضوء جوانب الاتفاق الكبيرة بين الدولتين، فإنه من المتحمل أن تدور النقاشات الخاصة بالمسألة الإيرانية حول المعنى المقصود من "المنع". فالشاغل الرئيسي لإسرائيل والذي يستمر حتى الآن هو مقدار الوقت الذي ستخصصه واشنطن للمسار الدبلوماسي، وعند أي نقطة ستتخذ الولايات المتحدة قرارها بالقيام بعمل عسكري. ومع ذلك فمن المستبعد أن يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلزام الرئيس بموعد محدد لهذا العمل ويرجع هذا جزئياً إلى أنه لا يريد لنفسه أن يلتزم به. ففي أيلول/سبتمبر الماضي، عندما حذر نتنياهو الأمم المتحدة من قيام إيران بتجميع ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى نسبة 20 بالمائة للقفز بسرعة نسبياً نحو صنع سلاح نووي، فإن الخط الأحمر الذي حدده نتنياهو في هذا الشأن تم تعريفه في نطاق ضيق. وفي الوقت الراهن، فإن هذا المستوى من مستويات التخصيب هو الوحيد الذي تباطأ فيه الإيرانيون. بيد أنهم لا يتحركون ببطء حول أي شيء آخر فضلاً عن أنهم يُدخلون أجهزة طرد مركزي جديدة من الممكن أن تزيد من معدلات التخصيب بشكل كبير إذا جرى تنشيطها.
أما فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، فمن المحتمل أن تتمركز المحادثات بين أوباما ونتنياهو على اهتمامهما المشترك بتجنب حدوث فراغ في السلطة في الضفة الغربية. ويقيناً، لن يعرض الرئيس أوباما خطة سلام حيث أن إطلاق مثل هذه المبادرة سيكتب لها الفشل في هذه المرحلة. فزيادة التوقعات لدى أحد الأطراف غالباً ما تضع القادة في الجانب الآخر في موقف دفاعي كما أنهم سيتخوفون من أن تطلب منهم شيئاً. وبدلاً من ذلك، ينبغي على الرئيس أوباما أن يصيغ مناقشات القضية الفلسطينية في ضوء النتائج المترتبة على حالة التراخي واللافعل. وبناء عليه، ربما يسأل نتنياهو عن ما يمكن لإسرائيل فعله للحيلولة دون تدهور الموقف أكثر فأكثر.
وفي نفس التوقيت، سيسعى الرئيس في رام الله إلى إبداء التعاطف تجاه الفلسطينيين -- مشيراً إلى أنه لم يفقد اهتمامه بمسألة تحقيق تقدم تجاه عملية السلام، وستكون هناك بعض القيود على ما يمكن القيام به في الوقت الراهن. فمن المحتمل أن تكون محادثاته الخاصة التي سيجريها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشابهة لتلك التي يجريها مع نتنياهو -- حيث أنه من المتوقع أن يسأل الزعيم الفلسطيني عن ما يمكنه فعله في ضوء الأجواء الحالية. كما أنه سيشير إلى أن التوجه أحادي الجانب إلى الأمم المتحدة لن يفضي إلى تحقيق السلام مع إسرائيل. أما فيما يخص الشأن السوري، فإنه سيسأل عباس عن ما يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي فعله لحماية 400,000 فلسطيني ممن لا يزالون يقطنون هذه الدولة فضلاً عن أنهم في وضع حساس للغاية في هذه الأوقات.
كما أن زيارة الرئيس أوباما للأردن ستكون لها أبعاداً علنية وخاصة أيضاً. فعلى المستوى العلني، فإن مجرد حضوره إلى الأردن سيرسل رسالة قوية حول وجهة نظر واشنطن عن المملكة. بيد أنه في الغرف المغلقة سيكون التركيز منصباً على سوريا. فلقد استوعبت الأردن ما يقرب من 400,000 لاجئ سوري منهم حوالي 100,000 منذ بداية هذا العام. فإذا استمرت هذه النسبة على هذا النحو، فقد يصل أعداد اللاجئين السوريين في المملكة إلى 700,000 لاجئ بحلول شهر حزيران/يونيو. إن هذا التدفق في أعداد اللاجئين له آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة وهو ما سيكون صعباً على الحكومة التعامل معه. فبالإضافة إلى تناول مشكلة اللاجئين، ينبغي على الرئيس الأمريكي أن يسأل الملك عبدالله كيف يمكن لواشنطن وعمَّان أن يعملا معاً لتحسين إدارة الحكم في الدولة السورية.
أعد هذا الملخص المقرر كوري فيلدر.
 
زيارة أوباما إلى الشرق الأوسط: التوقعات والتداعيات (الجزء الثاني)
معهد واشنطن...ديفيد ماكوفسكي و مايكل سينغ
"في 18 آذار/مارس، 2013، خاطب ديفيد ماكوفسكي، مايكل سينغ، ودينيس روس منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في المعهد. والسيد سينغ هو المدير الإداري للمعهد. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما؛ وقد نشرت ملاحظات السفير روس في المرصد السياسي 2050."
ديفيد ماكوفسكي
مهما كانت الخلافات في السابق بين حكومة بنيامين نتنياهو السابقة والرئيس أوباما، يشعر الإسرائيليون بوجود علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة ويقدرون وجود قيادة أميركية قوية. وفي كل محطة سيقف فيها الرئيس في إسرائيل هذا الأسبوع سيحاول البناء على هذا الشعور. وعلى الرغم من أن البعض قد يصرف النظر عن زيارة "ضريح الكتاب" في متحف إسرائيل أو قبر ثيودور هرتزل ويصفها كسطحية، إلا أنها في الحقيقة جزء من استراتيجية للتواصل بصورة أعمق مع المجتمع الإسرائيلي. كما سيستغل أوباما أيضاً مهاراته الخطابية الهائلة في تحدثه إلى الشعب الإسرائيلي، الأمر الذي سيعزز من التزامه بأمن إسرائيل وبالسلام بطريقة تهدف إلى تحسين مكانته بين عامة الشعب. وهذا بدوره يمكن أن يزيد من نفوذه على الحكومة الإسرائيلية الجديدة فيما يتعلق بإيران والقضية الفلسطينية.
وسيأتي التحدي الرئيس الحقيقي خلال الجزء الخاص من الزيارة -- فمن المرجح أن تكون مباحثاته مع رئيس الوزراء نتنياهو مكثفة، ويجب أن تكون التوقعات حول ما سينتج عنها واقعية. وفي حين يتفق الزعيمان حول الكثير من القضايا، إلا أنه ليس لديهما أي أوهام حول بعضهما البعض: فأوباما يعرف أن نتنياهو لا يملك الرؤية السياسية لرئيس الوزراء السابق اسحق رابين، ونتنياهو يعرف أن أوباما لا يحبذ السياسات التدخلية.
ومن بين المواضيع التي سيتم مناقشتها هي القضية النووية الايرانية، واحتمال انهيار الأوضاع في سوريا، واحتمالات السلام مع الفلسطينيين. فحول إيران، سيكون موضوع التفسيرات المختلفة بين أوباما ونتنياهو حول أحدث تقرير لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" على رأس الخلافات في المحادثات الودية وإن الحادة بينهما. ومن المرجح أن تختلف أيضاً تصوراتهما حول التقدم نحو حل دبلوماسي: ويخشى نتنياهو من أن تكون المحادثات الأخيرة في كازاخستان قد غيرت رأي المجتمع الدولي وجعلته أقرب إلى الوصول إلى اتفاق لا يكون مقبولاً على الإسرائيليين، ولكن أوباما قد يقول له أن هذا هو أفضل صفقة ممكنة، وأن على إسرائيل أن تكون ممتنة للجهود الأمريكية والأوروبية التي أدت إلى قيام ضغوط دولية على إيران لم يسبق لها مثيل. وباختصار، هناك اختلافات رئيسية ومن غير المرجح أن يتم جسرها في هذا الوقت.
وقد تتأثر أيضاً المناقشات بشأن ايران من تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، خاصة فيما يتعلق بوزير الدفاع موشي يعالون، الذي لا يبدو أنه من الصقور حول هذه القضية. بيد، إن هذا لا يعني أنه أو أي مسؤول إسرائيلي آخر قد قبلوا الاحتواء كخيار. وفي الواقع، فإن نظرة يعالون ستكون على الأرجح مماثلة لتلك التي التزم بها وزير الدفاع السابق إيهود باراك، والمتمثلة بالضغط من أجل قيام قيادة أمريكية أكثر حزماً. وإذا كانت إسرائيل ترى أن الولايات المتحدة تتخذ موقفاً صارماً فهناك احتمال أقل بأن تتخذ تل أبيب إجراءات من جانب واحد.
وبشأن سوريا، من الأرجح أن تكون المناقشات محدودة النطاق، مع التركيز على استراتيجية إسرائيل العملياتية تجاه قوافل «حزب الله» بدلاً من وجهات نظرها بشأن إنشاء منطقة حدود محتملة أو التعامل مع جماعة المتمردين الجهادية "جبهة النصرة". ويعتقد الإسرائيليون أن الولايات المتحدة لم تكن حاسمة في سوريا، ويخشون من حصول «حزب الله» على كميات كبيرة من الأسلحة الاستراتيجية فيما إذا قامت حالة من الفوضى. وبالنسبة لهم، تشكل سوريا مسألة دفاعية في المقام الأول، بل ومن غير المرجح أن يسعون إلى الحصول على دور في إعادة تشكيل البلاد بعد الأسد.
وبالنسبة لمصر، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن عدم الاستقرار المزمن قد أجبر الحكومة على التركيز على القضايا الداخلية، مما يجعل من غير المرجح أن تجري القاهرة تغيير على معاهدة السلام في المستقبل القريب. كما ساعدت إجراءات مصرية أخرى -- بما في ذلك التقدم في الكشف عن صواريخ "الفجر" ومنعها من دخول غزة والجهود المبذولة لإغراق بعض أنفاق «حماس» -- على تحسين وجهة نظر إسرائيل من القاهرة.
وفيما يتعلق بعملية السلام، امتلأ العديد من المسؤولين الفلسطينيين بالثقة -- ربما بالثقة المفرطة -- من وضعهم إسرائيل في زاوية من خلال عزلها دولياً. فمن وجهة نظرهم، شكلت محاولة الاعتراف من قبل الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر نجاحاً للفلسطينيين، وأنها حصنت عزمهم على الذهاب إلى "المحكمة الجنائية الدولية" لتقديم شكاوى ضد إسرائيل. وقد أظهروا القليل من الاهتمام في التنسيق مع إسرائيل أو التوصل إلى اتفاق مؤقت بأي شكل من الأشكال.
يجب على الرئيس أوباما أن يناقش عدم فعالية هذه الاستراتيجية من جانب واحد في لقاءاته مع المسؤولين الفلسطينيين. على سبيل المثال، يمكن أن يشير إلى أن تورط كلا الطرفين في سنوات من الإجراءات القانونية في "المحكمة الجنائية الدولية" لن يفعل الكثير لجلبهم بصورة أقرب إلى السلام. يجب عليه أيضاً أن يطرح العزلة المستمرة لرئيس الوزراء سلام فياض في السلطة الفلسطينية -- وهي مشكلة حادة بحيث أن المسؤول الاعلامي للسلطة الفلسطينية لم يعد يقدم تقارير عن فعالياته، على الرغم من تدفق 600 مليون دولار مؤخراً، الأمر الذي مكّن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب الموظفين بصورة كاملة للمرة الأولى منذ شهور.
مايكل سينغ
في عام 2008، سافر الرئيس جورج دبليو بوش إلى الشرق الأوسط مرتين، حيث زار إسرائيل والضفة الغربية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية ومصر. وتجدر مقارنة المنطقة وسياسة الولايات المتحدة الخارجية بين ذلك الحين والوقت الحالي، حيث أن الاختلافات واضحة.
في عام 2008، شكل موضوع العراق قوة دفع هامة لزيارات بوش، كما أن التفاؤل بشأن القضية الإسرائيلية- الفلسطينية كان عالياً -- وقد قام بوش بأول رحلة له بعد وقت قصير من مؤتمر أنابوليس، بينما قام برحلته الثانية في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات تجري بصورة متواصلة وجدية. بيد كانت النظرة من المشرق العربي مختلفة أيضاً: فقد كان «حزب الله» يشن حرباً ضد الحكومة اللبنانية، وكانت واشنطن تضغط على سوريا لوقف تسهيل مرور الارهابيين إلى العراق. كما كانت علاقة الولايات المتحدة مع مصر قوية، على الرغم من أنه حتى في ذلك الحين كانت هناك شكوك حول استمرار حسني مبارك في الحكم. أما علاقات واشنطن مع دول الخليج قد كانت هي الأخرى أقرب بكثير أيضاً.
واليوم، ربما يكون التحدي النووي الإيراني القضية الوحيدة التي هناك شعور بأنها مماثلة للوضع الذي كان قائماً في منطقة الشرق الأوسط عام 2008. ولم يعد العراق يشكل أولوية؛ والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية متوقفة و «حماس» هو أكثر ترسخاً في غزة من أي وقت مضى؛ وقد شهدت واشنطن تحولاً كاملاً فيما يتعلق بسوريا من خلال التعاطي مع دمشق أولاً ثم الضغط عليها بعد ذلك، كما أن الانتفاضات العربية قد أضافت مستوى من عدم اليقين، كما أن علاقات الولايات المتحدة مع دول الخليج هي أكثر تباعداً. حتى أن المستوى المختلف من تعاطي الولايات المتحدة في المنطقة هو أكثر إثارة للانتباه. وفي عام 2008، كانت الأسئلة التي يوجهها الصحفيون حول شؤون الشرق الأوسط تتعلق بجميع التفاصيل الدقيقة -- ولم يعد هذا هو الحال هذه الأيام. إن التصور الحالي في المنطقة هو أن الولايات المتحدة آخذة في التراجع، كما هو موضح من خلال انسحابها من العراق، وممارستها [الحيادية] السلبية تجاه سوريا، وإزالة حاملة طائرات من الخليج، والحديث العلني حول التركيز على محور آسيا، وزيادة التركيز على القضايا الداخلية . وهناك حقيقة لهذه الادعاءات -- فعلى الرغم من أن الرئيس أوباما تحدث في كثير من الأحيان حول اتباع سياسة التعاطي عند توليه منصبه، إلا أن سجله منذ ذلك الحين أظهر اتباع سياسة عدم التعاطي.
كما أن دافع الإدارة الأمريكية نحو الانسحاب يستند إلى حد كبير على أخطاء الماضي، لكن الكثيرين في المنطقة يعتقدون أن هذه الأخطاء تعطي الولايات المتحدة أسباب أكثر عمقاً لتحمل المسؤولية. إن عدم وضوح سياسات الولايات المتحدة وأهدافها قد جعل الحلفاء غير متأكدين فيما اذا كان بإمكانهم الاعتماد على واشنطن. وعلاوة على ذلك، إن الدول التي تمر بمرحلة انتقالية مثل ليبيا وتونس غير متأكدة من الكيفية التي سيكون فيها النظام الإقليمي الجديد وبدأت تعتقد بأن تحالفاً استراتيجياً مع الولايات المتحدة لم يعد ذات قيمة كما كان هو الأمر من قبل.
وعند سفره إلى المنطقة هذا الشهر، يجب على الرئيس أوباما أن يكون أقل قلقاً من الرأي العام وأكثر اهتماماً بالمصالح المشتركة. ينبغي أن تكون الأولوية الأولى هي إقناع الحلفاء بأن الولايات المتحدة سوف تتصرف وفقاً لهذه المصالح. وعندما يتعلق الأمر بمصر، على سبيل المثال، فإن تعزيز الديمقراطية يعني أن تفعل الولايات المتحدة أكثر من دعم المنتصرين في الانتخابات -- ويعني ذلك تعزيز المؤسسات الديمقراطية. ويتعين أيضاً أن لا يكون للإدارة الأمريكية أية أوهام حول كفاية الخطابات. وفي المرحلة اللاحقة، سيتم الحكم على واشنطن من خلال أفعالها وليس أقوالها، لا سيما في سوريا وإيران.
أعد هذا الملخص المقرر كوري فيلدر.
 
 
لماذا لم يمنع المجتمع الدولي إستقالة ميقاتي؟
الجمهورية.. طارق ترشيشي
أطلقت استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المفاجِئة سيلاً من التساؤلات حول أبعادها وخلفيّاتها على رغم الأسباب المعلنة التي أدّت إليها، ومن هذه التساؤلات، ماذا عدا ممّا بدا حتى بات المجتمع الدولي يتقبّل هذه الاستقالة بعدما كان هبّ عبر سفرائه ومنعَها مُحذّراً من دخول لبنان في الفراغ، وذلك إثر وقوع جريمة اغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن قبل بضعة أشهر؟...
ومن الأسئلة الكبيرة التي تطرح نفسها بعد استقالة ميقاتي: ما الذي حصل بين اجتماعات روما الأخيرة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وبين جلسة مجلس الوزراء التي خرج منها ميقاتي غاضباً، فمستقيلاً؟ وهل صحيح ما قيل من أنّ ما حصل في روما كان اتّفاقاً على استقالة الحكومة لإرضاء تيار "المستقبل" وحلفائه، فيرضى هؤلاء في المقابل بالمشروع الانتخابي المختلط الذي فصّله برّي؟
وهل هناك تفاهم إقليمي يتمّ طبخه في هدوء بين أطراف اختلفت عشية إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني 2011، وأدّى اختلافها إلى زلزال في المناطق القريبة من لبنان وداخله، خصوصاً في سوريا التي يقول كثيرون في صددها، إنّ الاندفاع الخليجي والتركي في دعم المعارضة السورية إنّما يعود في أحد أهمّ أسبابه الى إسقاط حكومة الحريري في لبنان وعدم مساعدة رئيس "القائمة العراقية" أياد علاوي على تولّي رئاسة الحكومة في العراق، والتي آلت إلى نوري المالكي.
 وثمّة تحليل آخر لاستقالة ميقاتي يربطها باقتراب موعد الانتخابات النيابية، ورغبته في كسب شعبية كبيرة في مدينته طرابلس التي أعلن في خطاب الاستقالة أنّه يضحّي بروحه من أجلها. فموقف ميقاتي في الدفاع عن ابن طرابلس المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وفي "انتفاضته" المتكرّرة على تفاهم حزب الله ـ عون، يمكّنه من خوض أيّ انتخابات مقبلة في عاصمة الشمال مع ريفي نفسه والوزير محمد الصفدي وبالتعاون مع الرئيس عمر كرامي، وينزع "اللون الأزرق" عن طرابلس التي بدأ أهلها يشكون من حجم الدماء التي تسيل في شوارعها بلا أفق.
ولا يستبعد بعض السياسيين أن تكون استقالة ميقاتي بهذا المعنى، مشجّعة من أطراف عدّة بعضها محلّي وبعضها الآخر إقليمي لا يريد أن يبقى الصوت السُنّي محصوراً بزعامة واحدة، وهناك تحليلات عدة ستنحاز الأيّام المقبلة إلى كشف أحدها، لكنّ المؤكّد أنّ التفسير الحقيقي لهذه الاستقالة مرهون بما سيليها من خطوات وتطوّرات.
فهل لبنان أمام عودة ميقاتي مرّة أخرى الى رئاسة الحكومة؟ أم أنّ البلاد ستكون أمام احتمال عودة الحريري نفسه ليغلق جرحاً فُتِحَ قبل عامين ونيّف؟ أم سيؤتى برئيس حكومة غير مصنّف على أحد الفريقين 8 و14 آذار، يؤلّف حكومة "حيادية" تشرف على انتخابات نيابية ما زال كثيرون يعتقدون أنّ إجراءَها صعب في المدى المنظور؟
في كلّ الحالات، يمكن القول إنّ ميقاتي الذي عرف كيف يدخل إلى الحكم على رغم كلّ الصعوبات، قادر على الخروج منه أقوى ممّا دخل إليه على رغم كلّ ما واجهه من عوائق وتحدّيات.
ويرى بعض السياسيّين أنّ على أركان الأكثرية الحالية، ولا سيّما منهم "حزب الله" وتكتّل "التغيير والإصلاح" أن يكونا أكثر حذراً في التعاطي مع مرحلة ما بعد استقالة ميقاتي، بل يمكن القول أن يكونا حذرين من "ما بعد ما بعد" هذه الاستقالة. فهذه الأكثرية هي أكثرية مركّبة وحسّاسة، وأيّ تلاعب بها سينعكس سلباً على أركانها، وكذلك على البلاد بأسرها.
 
 
عدٌّ عكسيّ سياسي وعسكري لنظام الأسد!
الجمهورية... جاد يوسف
يمكن القول، ومن دون أيّ مبالغة، إنّ حركةً سياسية لافتة ازدحمت بها أروقة صنّاع القرار السياسي والعسكري في واشنطن، رُصدت نهاية الأسبوع الماضي.
لم تبقَ لجنة معنية، سواءٌ في الشؤون الخارجية أو الدفاع أو الاستخبارات، في مجلسَي الشيوخ والنوّاب الأميركيَّين، ناهيك عن الاجتماعات الكثيفة التي يعقدها كبار القادة العسكريين، والمستشارون السياسيّون والأمنيّون، إلّا وعقدت لقاءات، وكان ملفّ سوريا محور بحثها الأساسي.
ويؤكّد مصدر أميركي أنّ تلك النقاشات تُعدّ العدّة للتطوّرات السياسية المقبلة في سوريا، خصوصاً أنّ التحذيرات من انفلات الأمور فيها وتحوّلها إلى قاعدة جديدة للإرهاب، قد وجدت طريقها إلى مراكز القرار في الدول الغربية كافّةً، ولا سيّما في واشنطن.
ويلفت المصدر نفسه إلى أهمّية التصريحات الأخيرة للملك الأردني عبدالله الثاني عن سوريا، قبيل وصول الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى عمان، والتي حذّر فيها من إمكان تحوّلها إلى قاعدة إقليمية للجماعات المتطرّفة ومن احتمال تفكّكها، فيما صدرت تصريحات عن أكثر من مصدر عسكريّ وسياسيّ أميركي حول الموضوع نفسه.
لقد كان لافتاً ما أدلى به أحد مساعدي وزير الخارجية الأميركية خلال حلقة نقاش في معهد "أتلانتيك كاونسل" في واشنطن، حين قال إنّ سوريا تحتاج إلى ثورتَين: واحدة ضدّ الرئيس السوري بشّار الأسد، وأخرى ضدّ الأصوليّة السلفية، بل إنّه اتّهم وللمرّة الأولى ميليشيا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر بإرسال مقاتلين إلى سوريا، الأمر الذي أكّده أيضاً السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النوّاب، من دون أن يسمّي الجهة التي يتبع لها هؤلاء "المسلّحون الشيعة".
فورد أكّد وبصريح العبارة، أنّ الحلّ في سوريا لن يتمّ إلّا عبر عملية انتقال سياسي لن يكون الأسد ومعاونوه جزءاً منها، وهو لا يزال يعتقد أنّ بإمكانه الانتصار عسكريّاً، ويجب أن نجعله يُغيّر من حساباته على الأرض. وقال تعليقاً على انتخاب غسّان هيتو رئيساً للحكومة السورية الموَقّتة: إنّه "تكساسي" أكثر منه "إخواني"، في إشارة إلى أنّه أميركي ويسكن في ولاية تكساس.
أوساط في وزارة الدفاع لا تنفي أو تؤكّد صحّة المعلومات التي تتحدّث عن إمكان تكليف وحدات خاصة مشتركة مع دول المنطقة لضمان وتأمين الأسلحة الكيماوية التي ارتفع منسوب التحذير من خطر استعمالها من النظام ضدّ الشعب السوري والمعارضة.
وتراجُع موسكو عن اتّهامها للمعارضة بأنّها هي التي استعملت سلاحاً كيماويّاً، يُنظر إليه على أنّه تراجُع يغلّف غضّاً للطرف، إذا ما تقرّر شيء ما في هذا المجال.
لقد كان الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز واضحاً جدّاً أمام ضيفه الأميركي، عندما شدّد على وجوب القيام بما من شأنه إبعاد خطر وقوع تلك الأسلحة في الأيدي الخطأ، سواءٌ كانت أيدي النظام أو المعارضة.
في جلسة لجنة القوّات المسلّحة في مجلس الشيوخ التي استمعت إلى كلٍّ من قائد القوات الأميركية في حلف شمال الأطلسي وقائد قوات الحلف، طلب رئيسها السيناتور كارل ليفين صراحةً إرسال وحدات أميركية للسيطرة على السلاح الكيماوي وتحييده، سائلاً: لماذا لا تسمح تركيا بإقامة منطقة حظر جوّي على حدودها؟
يؤكّد بعض المراقبين هنا في واشنطن أنّ تحضيرات عملية حثيثة تجري على الأرض لتهيئة الظروف أمام تغيير طبيعة المواجهة في سوريا.
وفي اعتقاد هؤلاء أنّ تصريحات وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الأخيرة بعدم تكرار الأخطاء التي ارتُكبت في ليبيا لجهة عدم وصول الأسلحة إلى الأيدي الخطأ، تشكّل الإعلان الأوضح عن احتمال حصول تدخّل فرنسي بريطاني مباشر، عبر سلاح الطيران ووحدات خاصة تعمل مع الثوّار، لضمان تحقيق أمرين:
- إيصال الأسلحة للفصائل الموثوقة وتعديل ميزان القوى على الأرض بينها.
- تمكين قوّات المعارضة من تحقيق مكاسب جدّية من النظام بعد تسديد ضربات جوّية لتحصيناته العسكرية وأسلحته النوعية.
وأكّد فابيوس أنّ الحلّ في سوريا لن يكون إلّا سياسيّاً، وأنّ ميزان القوى الراهن لا يوحي بإمكان إحراز أيّ تقدّم في هذا المجال ما لم يُعدّل هذا الميزان. وفي ذلك تذكير بما قاله وزير الخارجية الأميركية جون كيري حول إفهام الأسد بضرورة تغيير المعادلة.
وترى تلك الأوساط أنّ هذه العملية ستستغرق الوقت اللازم والضروري لإنجازها، فهي عملية مركّبة، سياسية وعسكرية. فمن ناحيةٍ تسعى إلى إحداث تغيير في صفوف الثوّار، ومن ناحية أخرى إلى تجهيز القوى التي ستتولّى تطهير المواقع التي ستُقصَف.
وتنقل أوساط عن دوائر في الإدارة الأميركية أنّ نقاشاً استراتيجيّاً حَصَل خلال اجتماعات أوباما وأركان إدارته وكبار مستشاريه، وتمّ خلاله التركيز على إعادة احتساب عوامل "الربح والخسارة" في حال تغيير أداء السياسة الأميركية في سوريا.
يقول البعض إنّ وجهة النظر التي فازت هي تلك التي حذّرت من استمرار الحال على ما هي عليه، ما يؤدّي إلى نتائج كارثية لا تقاس حتى بما جرى في العراق أو في أفغانستان، إذا استمرّ الأسد في الحكم، وتعمَّقَ حضور الجماعات الأصوليّة وحرَف وجهة الثورة السورية. فسوريا ليست العراق ولا أفغانستان، هي دولة مجاورة أوّلاً لإسرائيل، ثمّ تركيا والأردن ولبنان.
لذلك يعتقد هؤلاء أنّ النظام السوري أدرك حصول هذا التغيير، فصعّد المواجهة، سواءٌ عبر استعماله السلاح الكيماوي أو عبر تهديده بتفجير الأوضاع في لبنان، باعتباره الخاصرة الرخوة في المنطقة. وأدرك النظام كذلك أنّ تطوّراً ديبلوماسيّاً مهمّاً سيحصل في اجتماع الجامعة العربية المقبل، وقد يتبعه تطوّر آخر في أروقة الأمم المتّحدة ينزع الشرعية التمثيلية عنه.
 
 
تخوّف غربي من تفجير الوضع في لبنان
الجمهورية... فادي عيد
تُبدي أكثر من جهة سياسية مخاوفها من تفجير الوضع في طرابلس بشكل غير مسبوق، خصوصاً وأنّ أحزاباً من قوى «8 آذار» عزّزت من انتشارها في المدينة ومحيطها، إضافة إلى دخول سلاح وعتاد بشكل مخيف، يُستدلّ منه عن توجّهٍ لدى النظام السوري لإشعال الشمال.
هذه الأجواء نقلها وفد من نواب المدينة إلى مرجعيات أمنية، إضافة إلى اتصالات حصلت مع رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وبعض السفراء الغربيّين لوضعهم في صورة ما يجري، وخوفاً من انفجار قد يصعب لجمه، نظراً إلى ما دخل المدينة من عناصر وذخيرة، حتى أن بعض الأجهزة الأمنية على معرفة تامة بكل الحيثيات الطرابلسية.
من هذا المنطلق، هناك إصرار على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية خوفاً من الفراغ وما قد يُخلّفه من ثغرات قد تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه في هذه المرحلة بالذات، وهذا الموضوع أثير عبر بعض الموفدين مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي تفهّم صورة ما يحصل والدواعي والظروف المترتّبة من الفراغ، وكذلك أهمية استمرار قادة الأجهزة في مواقعهم، لكن استقالة ميقاتي خلطت الأوراق واجهضت الإتصالات، ولا بد من الإنتظار لجلاء المشهد في الفترة المقبلة.
مع الإشارة أيضاً إلى أن اتصالات من بعض الدول العربية والغربية بدأت في الساعات الماضية خوفاً من تفجير واسع داخل الحكومة وخارجها، يؤدي إلى تفلّت أمني على خلفية الاحتقان السياسي، وهذا ما بدأت معالمه تظهر في طرابلس، باعتبار أن رفض التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي إنما ينطلق من خلفيات سياسية وتصفية حسابات مع تيار "المستقبل". من هنا يُنقل عن رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط قلقه ومخاوفه من ترجمة خلافات واعتراضات البعض السياسية على رفض التمديد.
ولهذه الغاية أرسل وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور إلى عين التينة شارحاً للرئيس برّي موقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي من مخاطر الفراغ الأمني ودقة ما يجري، والذي قد يفاقم من التشنّجات السنّية ـ الشيعية.
في غضون ذلك، وإزاء هذه الأجواء والمعطيات السوداوية، فإن الجهات السياسية المعنية ترى أن تصدير المسألة السورية إلى لبنان قد بدأ عبر رسائل القصف الجوي والتصعيد السياسي لحلفاء النظام في لبنان، وهذا ما يؤكده سفير أوروبي في بيروت، ويشير إلى معطيات ستتوالى تباعاً في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة السورية الإنتقالية وتصاعد الأعمال الميدانية خصوصاً في العاصمة، دمشق، إضافة إلى استعمال الأسلحة الكيماوية.
وعليه فإن رفض قوى الثامن من آذار، وتحديداً "حزب الله"، يشكل معطى يصب في خانة توجّه الحزب وهذا الفريق إلى الانقضاض على المؤسّسات الأمنية، ما يعطيه هامش الحركة ويُوفّر الغطاء لدعم النظام السوري وتغطيته في ظلّ التصعيد السياسي والعسكري والعزلة التي يشهدها هذا النظام.
ومن هذا المنطلق، باتت المخاوف من تصعيد أمني في بعض المناطق اللبنانية واقعاً على الأرض، خصوصاً وأنّ مستلزمات التفجير متاحة لدى معظم الأفرقاء وما يجري في عاصمة الشمال عيّنة لهذا الواقع.
 
إيران مستعدة لتدمير إسرائيل
السفير....حبيب فياض
يبدو أن الجمهورية الإسلامية في إيران تتهيأ لإعادة التموضع في المنطقة والعالم على أساس استمرار المواجهة وعدم التراجع مقابل الضغوط والتحديات. هذا ما يمكن قراءته في الخطاب الأخير للسيد علي خامنئي قائد الثورة الإيرانية بمناسبة العام الإيراني الجديد. الخطاب يحمل من القوة والتحدي ما يدفع الى الاعتقاد بأن طهران بصدد الانتقال الى مرحلة جديدة من المواجهة مع الخصوم. التصعيد الإيراني يندرج في اطار الرد على تصعيد مماثل من الرئيس الأميركي خلال زيارته للكيان الاسرائيلي التي أكد فيها أبدية تحالف واشنطن مع تل ابيب.
في ما خص المواجهة العسكرية، تدرك الجمهورية الإسلامية ان تعرضها لضربة أميركية أمر لم يعد مطروحا، في المدى القريب، على الأجندة الأميركية. كما تدرك ان ضغوط واشنطن على تل أبيب ستجعلها بمنأى عن أي عدوان إسرائيلي محتمل، على الأقل خلال العام الحالي. كلام السيد خامنئي عن استعداد طهران لتسوية تل ابيب وحيفا بالارض، في حال تعرض بلاده لأي هجوم اسرائيلي، ليس مجرد حرب نفسية، بل تعبير عن استعداد فعلي لتدمير إسرائيل متى ما سنحت الفرصة. الموقف هذا يراد منه ارساء موازين قوى جديدة في أية مواجهة عسكرية محتملة. ويراد منه ايضا اظهار عجز واشنطن وتل ابيب عن الدخول في مثل هذه المواجهة، رغم اعتمادهما على القوة العسكرية في حل مشاكلهما مع الآخرين.
في العلاقة مع اميركا، اعاد السيد خامنئي التأكيد أن الأصل معها هو القطيعة، والحوار معها هو الاستثناء. ذلك أن الحوار بالنسبة للأميركيين مقدمة مطلوبة بذاتها بمعزل عن نتائجها، فيما هو مقبول لدى الإيرانيين شرط ان يكون نتيجة لمقدمات تثبت ان واشنطن تتجه بالفعل الى الحد من اجراءاتها العدائية تجاه طهران. في هذا الخضم لا حوار مرتقبا او متوقعا بين الجانبين. ويبدو ان كلا منهما متمسك بخياراته حتى النهاية: إيران التزمت باجندتها النووية وقادرة على تحمل العقوبات وتحويلها الى فرصة لتحقيق المزيد من النجاحات على طريق الاكتفاء الذاتي. وواشنطن، مكتفية بسياسة العقوبات ما دامت إيران لم تصل بعد، حسب الرؤية الأميركية، الى التصنيع النووي العسكري وما دامت الاجراءات العقابية تشكل بديلا يغني عن مغبة الدخول في حرب ومواجهة مباشرة.
الأزمة السورية، التي لم يأت السيد خامنئي على ذكرها، من الممكن ان تخرج المنطقة من حال المراوحة الراهنة. وبحسب مصادر إيرانية، فان طهران بانتظار تمرير استحقاقها الانتخابي حتى تعتمد استراتيجية جديدة في التعامل مع هذه الازمة، في ظل ادراكها عدم جدية الدعوات الأميركية للحوار بين المعارضة والنظام السوري، وفي ظل القرار الغربي بتزويد هذه المعارضة بالسلاح، ودخول السلاح الكيميائي، ولو رمزيا، كمؤشر على الاصرار في ذهاب المعسكر المعادي لدمشق بمعركة اسقاط النظام الى النهاية. و ترى هذه المصادر ان دعم إيران لسوريا لن يقتصر مستقبلا على الصمود في وجه المؤامرة، بل سيتعدى ذلك الى مرحلة العمل على انهائها، وقد يكون احد الخيارات المتاحة امام طهران ايجاد معادلة رعب مع كل الاطراف الداعمة لاستمرار الازمة في سوريا.
إلى ذلك، ثمة رسالة اساسية في خطاب السيد خامنئي موجهة الى الداخل الإيراني على ابواب الانتخابات الرئاسية المقبلة. الرسالة هذه تنطوي على أمرين اساسيين: الاول، قطع الطريق على تكرار الاضطرابات التي شهدتها إيران خلال الانتخابات الرئاسية العام 2009، عبر تأكيده على تبني خيار الشعب وعدم انحيازه الى اي من المرشحين، ردا على ما كان يقال عن انحيازه لصالح مرشح مقابل آخر في انتخابات رئاسية سابقة. الثانية، دعوة الإيرانيين الى ادراك حجم التحديات الخارجية التي تستهدفهم، ما يستدعي الرد عبر مشاركة جماهيرية واسعة في الاستحقاق الانتخابي المرتقب.
 
الفكر السياسي لحركة "حماس" في ظل التغيرات العربية
السفير....خالد مشعل
تنشر «السفير» ورقة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية التي قدمها في «مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات»، وهي تحوي رؤية «حماس» الفكرية للقضية الفلسطينية وتطبيقاتها العملية والتحديات التي تواجهها الحركة بعد اندلاع «الربيع العربي»، وتناقش التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، وتحديداً ما له علاقة بالموقف من سوريا ومصر والمغرب وسواها...
هنا القسم الأول من الورقة، علها تثير نقاشاً يوضح ما التبس.
رؤية حركة «حماس» للقضية الفلسطينية
 ان التذكير بالمبادئ والأساسيات والثوابت، في هذا الزمن وفي كل زمن، مسألة غاية في الأهمية. ونحن عندما نتحدث في هذا الإطار، فإننا نتحدث ليس باعتبار «حماس» حركة إسلامية مجردة، بل هي حركة تحرر وطني، إضافة إلى كونها حركة إسلامية. وما سنطرحه يمكن أن يندرج تحت بند الثوابت والمبادئ، ويمكن أن يندرج بعضه الآخر تحت بند السياسات والمواقف . ونجمل النقاط في ما يلي:
1. فلسطين من نهرها إلى بحرها، ومن شمالها إلى جنوبها، هي أرض الشعب الفلسطيني ووطنُه وحقه المشروع، ولا تنازل عن أي شبر أو جزء منها، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط.
2. فلسطين - كل فلسطين - أرض عربية إسلامية، انتماؤها عربي إسلامي، وهي أرض مباركة مقدسة، لها مكانتها الكبرى في قلب كلّ عربي ومسلم، ولها مكانتها الكبرى كذلك لدى كل الأديان السماوية.
3. لا اعتراف بشرعية الاحتلال أيّاً كان، فهذا موقف مبدئي وسياسي وأخلاقي، ولذلك لا اعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ولا اعتراف بـ«إسرائيل» ولا بشرعية وجودها على أي جزء من فلسطين مهما طال الزمن؛ ولن يطول إن شاء الله. وكل ما طرأ على فلسطين من احتلال أو استيطان أو تهويد أو تغيير للمعالم أو تزوير للحقائق هو باطل.
4. تحرير فلسطين واجب وطني وقومي وشرعي، وهو مسؤولية الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، بل هي أيضاً مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل.
5. الجهاد والمقاومة المسلحة هي الطريق الصحيح والحقيقي لتحرير فلسطين، واستعادة كافة الحقوق، ومعه بالطبع كل أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والإعلامي والجماهيري والقانوني؛ مع ضرورة حشد كلّ طاقات الأمة في المعركة، واستجماع عوامل القوة لديها.
6. المقاومة وسيلة وليست غاية، ولو توفر لنا طريق آخر ليس فيه دماء ولا تضحيات مؤلمة لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال واستعادة الحقوق لسلكناه، ولكن تجارب الأمم عبر التاريخ أثبتت أنه لا خيار لطرد المحتلين ورد العدوان واستعادة الأرض والحقوق إلا المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة.
7. نحن لا نقاتل اليهود لكونهم يهوداً، إنما نقاتل اليهود الصهاينة المحتلين المعتدين، وسنقاتل كل من يحاول أن يعتدي علينا أو يغتصب حقوقنا أو يحتل أرضنا، بصرف النظر عن دينه أو انتمائه أو عرقه أو قوميته.
8. المشروع الصهيوني هو مشروع عنصري عدواني إحلالي توسعي قائم على القتل والإرهاب، وهو بذلك عدو للشعب الفلسطيني وللأمة، ويشكل خطراً حقيقياً عليها، وتهديداً بالغاً لأمنها ومصالحها، بل لا نبالغ إن قلنا إنه يشكل خطراً على أمن المجتمع الإنساني ومصالحه واستقراره.
9. نتمسك بالقدس وبمقدساتها الإسلامية والمسيحية، ولا نتنازل عنها ولا نفرّط بأي جزء منها، فهي حقنا وروحنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وهي عاصمة فلسطين، ومهوى أفئدة العرب والمسلمين، ومؤشر عزتهم ومكانتهم. ولا شرعية ولا حقّ لـ«إسرائيل» في القدس مطلقاً، كما لا شرعية ولا حقّ لها في كل فلسطين. وكل إجراءات «إسرائيل» في القدس وفي غير القدس، من تهويد واستيطان وتزوير الحقائق ومحاولة سرقة التاريخ باطلة.
10. التمسك بحق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أُخرجوا منها، أو منعوا من العودة إليها، سواء في المناطق المحتلة سنة 1948 أم سنة 1967، أي إلى كل فلسطين، ورفض التنازل مطلقاً عن هذا الحق. وفي الوقت ذاته نرفض كلّ مشاريع التوطين والوطن البديل.
وهذه فرصة إخواني وأخواتي للتوقف عند تلك «السيمفونية» التي تُعزف بين فترة وأخرى؛ فمرة في لبنان الخوف من التوطين، ومرة في الأردن الخوف من التوطين أو الوطن البديل، وهذه الأيام في سيناء. يا إخواننا إن الشعب الفلسطيني لا عوض له عن فلسطين إلا فلسطين. وإن سلوك شعبنا في حرب غزة الأخيرة وما قبلها، بل وفي الانتفاضات والثورات المتواصلة لشعبنا، دليل على تشبث وانغراس هذا الشعب العظيم في أرضه.
11. وحدة الأرض الفلسطينية: فالضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة والأرض المحتلة 1948، أرض واحدة بكل جغرافيتها، إنها وحدة واحدة، لا يُفصل جزء منها عن الآخر، وهي بمجموعها وطن الشعب الفلسطيني. أما وضع غزة الحالي، الذي يتخوّف منه البعض، فإنه حال استثنائي فُرض علينا، وليس وضعاً طبيعياً، ولا يمكن أن نقبل أن تكون غزة منفصلة عن الضفة، فغزة والضفة وحدة واحدة، وهما معاً جزء من الوطن الفلسطيني الكبير.
12. وحدة الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه، وبكل مكوناته الفكرية والسياسية والأيديولوجية، وبكل قواه وفصائله المقاومة والمناضلة والسياسية.
13. وحدة النظام السياسي الفلسطيني ومؤسساته، ووحدة مرجعيته الوطنية من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، التي يلزم إعادة بنائها على أسس صحيحة، لتضم جميع القوى والمكونات الفلسطينية. وإن الانقسام الحالي لا يعبّر عن الأصل ولا عن الواقع. لقد فُرض علينا هذا الانقسام بعد رفض قوى دولية وإقليمية للانتخابات الفلسطينية العام 2006 التي فازت فيها «حماس»، وإن وحدة الصف ووحدة النظام السياسي الفلسطيني هي الأساس، ونحن ماضون بكل قوتنا لتحقيق ذلك بإذن الله تعالى.
14. التحرير أولاً ثم الدولة: فالدولة الحقيقية ثمرة التحرير، أما الدولة التي هي ثمرة اتفاق فهي كيان أو سلطة حكم ذاتي، سمّوها ما شئتم، لكن الدولة الحقيقية هي ثمرة التحرير أولاً، ولا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية، ذات السيادة الحقيقية على كامل الأرض الفلسطينية.
أما السلطة: فهي واقع نريد إدارته بشراكة وطنية مع الآخرين بما يخدم شعبنا ويخدم حقوقه ومشروعه التحرري وينسجم مع ثوابته الوطنية.
15. القرار الوطني الفلسطيني المستقل: وهو مبدأ يقوم على عدم التبعية أو الارتهان لأي دولة أو طرف في العالم؛ صديقاً كان أو حليفاً أو عدواً أو مناوئاً. ولكن ذلك لا يعني ولا يمكن أن نقبله في إطار حصر القضية الفلسطينية في الشعب الفلسطيني، وشطب أو إضعاف الدور العربي والإسلامي، ففلسطين كانت وما زالت وستبقى قضية عربية إسلامية بل قضية إنسانية أيضاً.
16. بناء المؤسسات والمرجعيات الوطنية الفلسطينية ينبغي أن يكون دائماً على أسس ديموقراطية، وفي مقدمتها الانتخابات الحرة النزيهة، المتكافئة الفرص. يضاف إليها مبدأ الشراكة والعمل الوطني الائتلافي، فلا يصح أن نكتفي بالانتخابات ثم يقوم البعض بإدارة القرار، بينما الباقي يتفرج أو يعارض. إن الشراكة يجب أن تكون في كل المراحل بصرف النظر عن نسب النجاح هنا أو هناك، مع التأكيد أن المعارضة حقّ مشروع للجميع، ومن الضروري أن تكون معارضة بناءة، وأن يحتكم الجميع إلى صناديق الاقتراع، وأن يحترموا إرادة الشعب، وأن يقبلوا بالتداول السلمي للسلطة، مع التذكير دائماً بحالنا الاستثنائي غير الطبيعي حيث أننا ما زلنا نعيش تحت الاحتلال.
17. عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعدم الدخول في المحاور والنزاعات والاصطفافات بين الدول. وسياستنا أن ننفتح على مختلف دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية. ونحن نسعى بالتأكيد إلى علاقات متوازنة، يكون ميزانها ومعيارها مصلحة فلسطين وخدمة الشعب الفلسطيني ودعم صموده. وقطعاً فإن معيارها أيضاً هو مصلحة الأمة وأمنها، ورفض التبعية لأي دولة أو طرف في العالم.
18. وحدة الأمة بكل مكوّناتها الدينية والعرقية والمذهبية، فهي أمة واحدة في تاريخها وحاضرها ومستقبلها ومصيرها ومصالحها، ونحن نتعامل معها على هذا الأساس. ومع الإقرار بواقع التعدّد والتنوّع في الأمة، فإننا نرى ضرورة أن ينأى الجميع في أمتنا بنفسه عن إثارة النعرات والخلافات وتجنب الاصطفاف على أساسها، بل نتعايش كما تعايشنا طوال القرون الماضية، وعلى الجميع في هذه الأمة أن يعرف حدوده، ويأخذ حقه دون أن يتعدى على حقوق الآخرين، وأن يغلّب الصالح العام للأمة على أية مصالح فئوية أو حزبية.
19. أي موقف أو مبادرة أو برنامج سياسي مرحلي تكتيكي أو تفصيلي يجب أن ينسجم مع الثوابت الوطنية الفلسطينية التي أشرنا إليها، ولا يجوز أن يعاكسها أو أن يتناقض معها. وكل اجتهاد تفصيلي أو كلي فإنه يخضع لهذا المبدأ، وعلى ذلك فنحن نرفض أي مشاريع أو اتفاقات أو تسويات تنتقص من تلك الثوابت والمبادئ وتمسّ بالحقوق الوطنية الفلسطينية (...)
التغيرات في العالم العربي وانعكاساتها على القضية الفلسطينية
دور حماس والتحديات المحتملة والفرص الناشئة بعد اندلاع الربيع العربي يمكن إيجازها بما يلي:
1. لا شكّ في أن «الربيع العربي»، فضلاً عن أهميته للأمة في سياق نهضتها التاريخية، فإنه كذلك تطور استراتيجي كبير ومهم على طريق تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني؛ لأن معركة فلسطين وتحريرها يحتاجان إلى أمة قوية متعافية في جبهتها الداخلية وفي سياستها الخارجية، ومستندة إلى إرادة شعبية وتملك قرارها المستقل.
2. لا شكّ في أنَّ الربيع العربي زاد من القلق الإسرائيلي وأربك حساباته. لأن قواعد اللعبة التي اعتاد عليها العدو بدأت تتغير، ونحن هنا نكتفي بالعناوين ولا أريد التفصيل لضيق الوقت المتاح، فكلكم يدرك ذلك.
3. لا شكّ لدينا في أنّ الربيع العربي والتغيرات في العالم العربي تعطي حماس وحركات المقاومة الفلسطينية فرصة للعمل في بيئة عربية أفضل وأكثر انسجاماً مع خطّ المقاومة، وأكثر تمسكاً بالثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية.
4. من الواضح أنّ هذا الربيع وأحداثه المتلاحقة غيّرت خريطة علاقات «حماس» السياسية، وأضافت لها وأثّرت على بعضها. فلا شكّ في أن مصر وتونس والمغرب إضافة نوعية مهمة في علاقات «حماس» السياسية، قياساً بأوضاع علاقاتنا السابقة. (...)
أما في تأثير الربيع العربي على علاقات الحركة، فلا شكّ في أن علاقتنا المعروفة والمتميزة بسوريا أصابها ما أصابها مما هو معلوم في ظل الأحداث الراهنة، وما كنا نتمنى أن يحدث ما حدث، بل كنا حريصين من اللحظة الأولى، والتاريخ سيشهد على ذلك، أن تسير الأمور مساراً آخر. كنا نريد أن تظل سورية قوية بأمنها واستقرارها وبسياستها الخارجية التي كانت منحازة للمقاومة، وهذه حقيقة تاريخية، ومع بداية الربيع العربي وانتقاله الطبيعي إلى سوريا؛ فالشعب السوري لا يقل عن الشعوب العربية حرصاً على ديموقراطيته وحريته ومشاركته، كنا نتمنى أن يتم تبني سياسة داخلية تستجيب للإرادة الشعبية، وقدمنا نصائح عديدة بهذا الاتجاه، ليس تدخلاً منا في الشأن الداخلي، ولكنْ نصحاً صادقاً من موقع الحرص على المصلحة العربية بما فيها مصلحة سوريا؛ فتظل سوريا قلعة للمقاومة بسياستها الخارجية ومستندة إلى سياسة داخلية ترضي شعبها وتستجيب لمطالبه. ولكن للأسف مضت الأمور بالصورة المؤلمة التي نراها اليوم. ومع ذلك فنحن نؤمن أن سوريا التي ستكون مستندة ديموقراطياً إلى شعبها لن تكون بالضرورة إلا مع المقاومة، فالمقاومة لم تكن خياراً رسمياً فقط عند بعض الدول بل هي قبله وبعده خيار الشعوب أولاً، وكل قائد عندما يشعر أن شعبه يدعم المقاومة يكون أكثر قوة. الشعوب كانت دائماً مع المقاومة، أما الأنظمة فبعضها كان مع المقاومة وبعضها كان سلبياً وبعضها كان عدواً .
لا شكّ في أن هذا نموذج لعلاقاتنا التي تأثرت هنا وهناك، وأمثلة أخرى لا تخفى على أحد. لكنَّ «حماس» وهذه نقطة مهمة، لم تنتقل من محور إلى محور، ففلسطين والمقاومة الفلسطينية هي أصل محور المقاومة. (...)
للنص صلة

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,897,298

عدد الزوار: 7,007,583

المتواجدون الآن: 77