انطلاق قاطرة الحسم العسكري في اليمن على رغم الخوف من تكرار السيناريو الليبي

تاريخ الإضافة الجمعة 26 آب 2011 - 5:10 ص    عدد الزيارات 2456    التعليقات 0    القسم عربية

        


انطلاق قاطرة الحسم العسكري في اليمن على رغم الخوف من تكرار السيناريو الليبي

حرك سقوط نظام العقيد معمر القذافي الجمود في المشهد السياسي الذي كان انحسر في موازاة تفاعلات امنية فرضت نفسها على الافرقاء السياسيين الذين لم يستبعدوا خيار الحسم العسكري، وخصوصا بعد اخفاق الجهود الدولية في اقناع الرئيس علي عبدالله صالح بالتخلي عن السلطة وتنفيذ المبادرة الخليجية، وسط اتهامات لنظامه بدفع البلاد نحو الحرب الاهلية وتكرار السيناريو الليبي.
وعلاوة على الوشاح الاسود الذي فرضته صنعاء على المؤسسات السياسية والاعلامية المشلولة منذ يومين حداداً على رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني، الذي توفي في الرياض متاثراً بالجروح التي اصيب بها في محاولة الاغتيال التي استهدفت الرئيس علي صالح واركان نظامه في القصر الجمهوري، فقد شيعت أمس جثمانه بمشاركة الآلاف وسط اجراءات امنية مشددة.
ولم تخف مراسم التشييع تحركات عسكرية شهدها الكثير من المحافظات وحال الاستنفار في قوات الجيش المؤيدة للثورة وقوات النخبة في الحرس الجمهوري والحرس الخاص والامن المركزي التي يقودها ذوو علي صالح في الكثير من محافظات الجمهورية، وخصوصا بعد محاولتها الاخيرة لاعادة نشر قواتها ونقل عتاد ثقيل بين المحافظات، بما في ذلك اعادة تموضع قوات المدفعية والدبابات ونشر منصات صواريخ في المناطق المحيطة بالعاصمة، فضلا عن اعادة نشر قوات الجيش حول المنشآت والمؤسسات الحكومية.
وعاش اليمنيون ساعات عصيبة على وقع شائعات عن عودة الرئيس الى اليمن الاربعاء ومشاركته في مراسم تشييع جثمان رئيس مجلس الشورى، فيما احتشد الآلاف في مراسم التشييع، في ظل تقارير ععن سعي علي صالح الى التهيئة لعودته بوصول رئيس الوزراء علي مجور الذي تقدم المشيعيين وإشغال الشارع اليمني بوفاة رفيق دربه عبد العزيز عبد الغني.
ونظمت مراسم التشييع في اجواء متوترة بعدما استبعد مصدر في حزب المؤتمر الحاكم في تصريح نقلته وكالة الانباء اليمنية "سبا" مشاركة زعماء المعارضة في المراسم واتهامهم بارتكاب محاولة الاغتيال التي استهدفت علي صالح وأركان حكمه، مضيفا: "أيدينا لا يمكن ان تصافح الارهابيين او القتلة او المجرمين او بعض اطراف الازمة الذين قاموا بالعمل الارهابي".

 

جهود التسوية

سياسيا، عبرت اوساط ديبلوماسية عن خيبة أملها من امكان تحقق انفراج سلمي لازمة نقل السلطة في اليمن، واكدت ان هذا التوجه لا يزال يصطدم برفض علي صالح الذي ابلغ اركان نظامه وقيادات حزبه المؤتمر الشعبي العام اخيراً رفض اي خطط لتنحيه ونقل السلطة قبل انتهاء فترة ولايته الرئاسية سنة 2013، وعدم قبول اي حوار يسعى الى احياء المبادرة الخليجية.
ووسط استعدادات عسكرية لا سابق لها في مناطق القبائل المناهضة للنظام تحسباً لمواجهات، شددت قوى المعارضة اتهاماتها لنظام علي صالح بمحاولة دفع البلاد نحو الخيار العسكري، وانتقد بعض قادتها الموقف السعودي الذي قالوا انه يأتي نتيجة مخاوفها من انتقال عدوى الثورة الشعبية الى اراضيها.
وحمل هؤلاء النظام السعودي مسؤولية اراقة الدماء اليمنية، نتيجة دعم نظام علي صالح وسعي الرياض الى اعادته الى اليمن في العملية التي قالت المعارضة انها "ستؤدي الى اشعال حرب اهلية". ودعا هؤلاء الرياض الى "تجاوز مخاوفها من تصدير الثورة اليمنية الى اراضيها واحترام ارادة الشعب اليمني في التغيير".
واكدوا ان بقايا "نظام علي صالح العائلي سيكونون في مواجهة ارادة شعبية عارمة تتطلع الى التغيير وانهاء اغتصاب عائلة صالح للسلطة في غضون ايام".

 

تفاعلات ميدانية

الى ذلك، بدأت الانشقاقات تتسلل الى الدائرة القريبة من الرئيس اليمني اذ اكدت دوائر سياسية يمنية ان وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الارحبي، وهو صهر علي صالح، ابلغ الحكومة نيته عدم العودة الى اليمن بعد غياب ثلاثة اشهر خارج البلاد نتيجة الاوضاع التي تمر بها، فيما توالى انضمام العشرات من ضباط وجنود قوات الحرس الجمهوري والامن المركزي والحرس الخاص الموالية للرئيس علي صالح الى ساحات الاعتصام بالمحافظات، معلنين انشقاقهم عن النظام والتحاقهم بصفوف الثوار الشباب.

 

شبان الثورة

واتجه شبان الثورة الى رفع شعارات "الحسم العسكري" و"الكفاح المسلح"، وتحدثوا عن صعوبة المكوث الى الابد في ساحات الاعتصام، مشيرين الى امكان تحقق الحسم العسكري في ايام، وخصوصا مع اعلان اكثر المناطق العسكرية في الجمهورية، تأييد الثورة الشعبية وتبني مطالبها في اسقاط نظام علي صالح، ناهيك بانخراط اكثر القبائل في صفوف الثوار بما تملكه من ترسانة سلاح متنوع يمكن ان يحسم الوضع لمصلحة الثورة سلما او حربا.
وفي اليومين الاخيرين تصاعدت صيحات شبان الثورة في اكثر ساحات الاعتصام بالحسم الثوري، وخصوصا في محافظة تعز الجنوبية، حيث احتشد شبان الثورة على قرب مبنى المحافظة، داعين الى "انتفاضة غضب عارمة لحسم مسار الثورة". فيما دعا شبان الثورة في الكثير من المحافظات الى الاسراع في الحسم الثوري قبل حلول عيد الفطر، الى دعوتهم "المجلس الوطني لقيادة الثورة" الى اتخاذ الخطوات اللازمة لانجاح هذه الثورة.

صنعاء – أبو بكر عبدالله     

 

 

الوداع الليبي الطويل وبؤس القومية واليسار

- هشام ملحم

عندما اطاح العقيد معمر القذافي النظام الملكي في ليبيا عام 1969، كان جمال عبد الناصر رئيسا لمصر. عندما اطاح الشعب الليبي بالقذافي بعد 42 سنة كانت حقبة ناصر وخلفيه أنور السادات (شنّ حربا قصيرة على ليبيا لمعاقبة القذافي) وحسني مبارك قد انتهت وبدأت معها مصر حقبة جديدة لم تتضح معالمها حتى الآن. القذافي وصل الى الحكم عندما كان ريتشارد نيكسون رئيساً للولايات المتحدة. و"تعايش" القذافي مع رؤساء أميركيين استفزهم واستفزوه: فورد وكارتر وريغان وبوش الأب، وكلينتون، وبوش الابن، وسقط خلال ولاية أوباما، الذي ساهم في إسقاطه.
أقام القذافي مثله مثل زملائه في العراق وسوريا والجزائر واليمن والسودان نظاماً من النوع المسمى أحياناً "قوميا"، "وطنياً" أو "تقدمياً" مناوئاً "للاستعمار والتبعية للغرب"، وحكم بالحديد والنار والقهر. صحيح ان الأنظمة الملكية العربية هي أيضاً لا تتورع عن القهر، كما رأينا اخيراً في البحرين، لكنها على الأقل لا تدعي أنها تقدمية، أو نموذج للدول الاقليمية. لكن القذافي ورفاقه، ومنهم صدام حسين وعمر حسن احمد البشير وعلي عبدالله صالح وبشار الأسد وعبدالعزيز بوتفليقة، تركوا وراءهم أرضاً يباباً، ودولا تفتقر الى التنمية الاقتصادية الحقيقية، ومجتمعات مفككة ومؤسسات هشة. عندما نجحت انتفاضتا تونس ومصر باسقاط الرئيسين بن علي ومبارك، تساءل البعض، لو بقي صدام حسين في السلطة هل كان في إمكان انتفاضة شعبية سلمية إسقاطه؟ الجواب القاطع بناء على مثالي ليبيا وسوريا هو كلا مدوية. الليبيون الذين انتفضوا وضحوا بالكثير لم يكونوا لينجحوا في انتفاضتهم لولا التدخل العسكري والغطاء السياسي لحلف شمال الاطلسي والدول العربية. لولا التدخل الخارجي لكان القذافي قد دمّر بوحشية الانتفاضة التي انطلقت من بنغازي. الذين يتشدقون بشعارات القومية العربية واليسار ويتحدثون عن التدخل الغربي الاستعماري وأطماعه بنفط العرب، عليهم ان يجيبوا عن سؤال بسيط: بكم ألف ضحية يمكن ان تضحوا لوقف آلة القتل التي تستخدمها أنظمة مثل أنظمة البعث في العراق وسوريا أو في ليبيا، قبل التدخل الخارجي؟ في مصر وتونس رفضت المؤسستان العسكريتان سحق المدنيين. لكن "تقاليد" الجيوش العراقية والسورية واليمنية والجزائرية والليبية حافلة بمثل هذه الانجازات الدموية. التدخل الغربي والعربي في الكويت في 1991 هو الذي أنقذ الكويتيين من حب "أشقائهم" في العراق، والتدخل الخارجي هو الذي أوقف شوفينية حملة "الأنفال" البعثية للقضاء على الاكراد، والتدخل الغربي بقيادة واشنطن هو الذي أوقف القتل الجماعي للمسلمين في البوسنة وكوسوفو، والاحتجاجات الغربية هي التي سلطت الضوء على اضطهاد حكومة السودان لسكان دارفور. أطماع الغرب بنفط العرب؟ الولايات المتحدة لم تستول على نفط الكويت بل هي تشتريه كغيرها بأسعار السوق. والعقود النفطية في العراق الجديد ذهبت في معظمها الى دول أخرى وليس الى الشركات الأميركية.


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,575,076

عدد الزوار: 6,996,538

المتواجدون الآن: 73