مصر: البرادعي ينسحب من انتخابات الرئاسة......المغرب: «الاستقلال» يستعد لاختيار زعيم جديد
تونس احتفت بثورتها وسط اختلاط هتافات السلفيين والليبراليين..الخرطوم: المهدي يطالب بـ«نظام جديد» وبقية المعارضة تصرّ على «إسقاط النظام»
الإثنين 16 كانون الثاني 2012 - 7:19 ص 2200 0 عربية |
تونس احتفت بثورتها وسط اختلاط هتافات السلفيين والليبراليين
المرزوقي لبناء نظام يحقق إرادة الشعب والقانون والديموقراطية
جريدة النهار....تجمع نحو عشرة آلاف تونسي، على رغم بعض الخيبة والحذر بسبب ارتفاع نسبة البطالة، احتفالاً بالذكرى الأولى لـ"ثورة الياسمين" التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي وألهمت ثورات "الربيع العربي" الأخرى، فرفع بعضهم العلم السوري مطالبين برحيل الرئيس بشار الاسد. وتعهد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بناء نظام يحترم الديموقراطية إلى غير رجعة.
كان أمس يوماً مشمساً. وفي وسط العاصمة وقف إسلاميون يرددون "الله أكبر" وهتافات أخرى تنادي بالجهاد. واسترعت الانتباه مشاركة السلفيين رافعين رايات سوداً على وقع تسجيلات تبث آيات قرآنية. وغير بعيد منهم يساريون وليبراليون يحتفلون بالحرية وزوال الديكتاتورية، محذرين من الالتفاف على الثورة ومطالبين بفصل الدين عن السياسة.
منذ ساعات الصباح الأولى، توافد الرجال والنساء والأولاد، وأمضى البعض ليلتهم امام مبنى المسرح البلدي. وهتف كثيرون: "مالا راحة من بن علي" (كم هو مريح التخلص من بن علي)، قبل ان يستعيدوا لحظة خلدها التاريخ، مرددين، كما فعلوا قبل عام، الصرخة الشهيرة "ديغاج" (ارحل). وكتب في لافتات "شغل، حرية، كرامة وطنية" و"ثورة الاحرار من اجل استكمال مهمات الثورة".
وفي اجواء مرحة تجول رجل مرتدياً قناعاً يجسد صورة بن علي مكبل اليدين، وكان يرتدي لباساً تقليدياً سعودياً يحمل دمية تمثل زوجة بن علي، ليلى طرابلسي بعباءة سوداء.
وكانت السلطات التونسية قررت في عهد الرئيس الموقت السابق فؤاد المبزع اعتبار 14 كانون الثاني من كل عام "عيداً للثورة والشباب". أما وزارة الداخلية التي شكلت رمز سياسة القمع التي اتسم بها نظام بن علي ونظمت امامها أكبر التظاهرات، فدعت الخميس الى الاحتفال بهذا الحدث بهدوء وتسامح احتراماً "لدماء الشهداء". وأعلنت وزارة العدل منح نحو تسعة آلاف سجين العفو الخاص والسراح الشرطي في ذكرى الثورة.
وكان المرزوقي قرر تسمية ساحة 14 كانون الثاني الواقعة قرب مقر وزارة الداخلية "ساحة الشهداء"، وتشييد نصب تذكاري يحمل اسماءهم ويخلد ذكراهم. ورفع المحتفلون لافتة كبيرة تتوسطها خريطة تونس محاطة بأسماء "شهداء الثورة" الـ300، وفي مقدمهم محمد البوعزيزي، بائع الخضر الذي أشعل بجسده المحترق في 17 كانون الأول 2010 شرارة الثورة.
ولم تغب القضايا العربية عن المحتفلين، اذ كانت الاعلام الفلسطينية والسورية حاضرة، ورفعت شعارات منادية "بتحرير فلسطين" و "رحيل" بشار الاسد. وترددت هتافات مثل: "سحقاً سحقاً للرجعية، من تونس إلى السعودية"، و"الشعب التونسي حر، لا اميركا ولا فرنسا ولا قطر"، في إشارة إلى صلات حركة النهضة بالدوحة التي سارع زعيم الحركة راشد الغنوشي إلى زيارتها بعد فوز حزبه بالانتخابات. وكانت تظاهرة منددة بزيارة امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جابت ليل الجمعة - السبت شارع الحبيب بورقيبة.
وأمام مقر السفارة السعودية التي تستضيف بن علي وزوجته، نظم عشرات وقفة احتجاجية تطالب الرياض بتسليم الرئيس السابق لمحاكمته.
ووزعت حركة النهضة 1500 وردة على خمسة مطارات لتقديمها للوافدين على البلاد.
ويذكر أن أمير قطر كان في مقدم حضور الاحتفال الرسمي في قصر المؤتمرات في العاصمة، وكذلك رئيس "المجلس الوطني الانتقالي" الليبي مصطفى عبد الجليل والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إلى رئيس مجلس النواب المغربي كريم غلاب ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الأحمد الصباح ووزير العمل الإماراتي صقر غباش ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.
وأكد المرزوقي، في ذكرى "ثورة الحرية والكرامة"، المضي على "درب الحرية، وشعارنا اليوم هو بناء نظام جديد يحقق ارادة الشعب و يحترم القانون ويواصل مع المسار الديموقراطي من دون رجعة". وأضاف: "نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة، وسط شعور بالأسى لكل هذه العقود الضائعة تحت نظام الفساد وما كلفنا للتخلص منها، والنشوة لأن الثورة فتحت أمامنا الابواب وشكلت فاصلاً بين يوم مظلم وآخر مشرق". واكد: "سنعمل على الا تذهب تضحيات الشهداء والجرحى سدى، وعلى رد الاعتبار لسلك الامن وحماية الجيش".
وفي زيارته الأولى لتونس بعد الثورة، هنأ بوتفليقة الذي تشهد بلاده احتجاجات شعبية من آن إلى آخر، الشعب التونسي "لما أنجزه بنفسه ولنفسه بما مكنه من فتح صفحة جديدة من تاريخه"، مضيفاً: "نحن الجزائريين متفائلون لنصركم هذا".
وقال عبد الجليل إن "نجاح الثورة في تونس كان عاملاً اساسياً في نجاح الثورة الليبية". وشكر لتونس استقبالها عشرات الآلاف من مواطنيه النازحين، واصفاً ذلك بأنه أمر "لا ينسى".
وحيا امير قطر "النموذج التونسي الذي أثار العالم"، مشيراً إلى ان "شعوب الأمة العربية المضطهدة ترنو الى غد أفضل، وأنا متأكد من انها ستقتدي بالثورة التونسية التي تعد بالحرية والكرامة". وشدد "على الجميع ان يدرك ان ما حصل ثورات تطالب بالحرية وليس انقلاباً عسكرياً". وأكد مخاطباً التونسيين: "شهداؤكم هم شهداؤنا، وإذا سمحتم لنا، نود ان نساهم في صندوق رعاية شهداء الثورة وجرحاها".
وقدمت فرق موسيقية عروضاً للحاضرين. وقال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي: "يحق للشعب التونسي ان يفخر بتفجير ثورة الحرية والكرامة التي فجرت الربيع العربي وأعادت الامل لكل الشعوب التواقة الى الحرية".
مصر: البرادعي ينسحب من انتخابات الرئاسة
في تطور لافت، منحت قيادات حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، دعماً لحكومة الدكتور كمال الجنزوري. وأكد أن هناك «توافقاً» بين الحزب الفائز بالأكثرية في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) والحكومة.
وكان الجنزورى استقبل أمس في مقر الحكومة رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور محمد مرسي والأمين العام للحزب الدكتور سعد الكتاتني. ووصف مرسى اللقاء بأنه «كان طيباً ومثمراً وأخوياً». وقال، في تصريحات صحافية عقب اللقاء، إن «المصلحة العليا للوطن هي التي تقود الجميع، ونحن حريصون على الاستقرار وتحقيق التوافق من أجل مصلحة مصر قبل كل شيء». وأكد مرسي أهمية تعاون كل أطياف المجتمع، خصوصاً أن برلمان الثورة أوشك أن ينعقد وهو للمرة الأولى يعد العمود الفقري للنظام.
وأشار إلى اعتراف العالم بنزاهة الانتخابات البرلمانية التي جرت أخيراً ووصفها بأنها انتخابات حرة ونزيهة. وأضاف أن هناك «توافقاً بين الحزب والحكومة»، مؤكداً الحرص على تحقيق التعاون بين البرلمان الجديد والحكومة الحالية «في إطار تحقيق المصلحة العليا للوطن والاستقرار المرجو».
ورداً على سؤال حول تسمية حزب «الحرية والعدالة» لمرشحه لرئاسة مجلس الشعب، قال مرسي إن هذا الأمر سيتم حسمه خلال أيام قليلة في مؤسسة الحزب. وأكد أن «الثورة مستمرة»، مشدداً على ضرورة تحقيق مطالب الثورة.
من جانبه، قال الكتاتني إن اللقاء تناول استطلاع رأي رئيس الوزراء في التشريعات التي ستتقدم بها الحكومة أمام مجلس الشعب، مضيفاً أن الحزب لديه أجندة اشتراعية تركز على تحقيق مصالح الفقراء. وأوضح أنه لم يتم التطرق إلى التفاصيل المتعلقة بتلك الأجندة الاشتراعية. وعن الدعوات المطالبة بتسليم المجلس العسكري السلطة في 25 كانون الثاني (يناير) الجاري، أكد الكتاتني أن الحزب لا يوافق على هذا الطرح، مشدداً على التمسك بالجدول الزمني للمرحلة الانتقالية من إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها وإجراء انتخابات الرئاسة بحيث يتم تسليم السلطة في نهاية حزيران (يونيو) المقبل.
الحياة..غريان (ليبيا) - رويترز - اندلعت اشتباكات بين ميليشيات ليبية متناحرة ما أسفر عن سقوط قتيلين وإصابة 16 في أحدث سلسلة من الحوادث المتعلقة بجماعات مسلحة ترفض تسليم أسلحتها.
وبدأت الاشتباكات في وقت متقدّم مساء أمس الجمعة واستمرت أمس السبت. وقال إبراهيم كريم الطبيب في المستشفى الرئيسي في غريان الواقعة على بعد 80 كيلومتراً جنوب طرابلس: «استقبلنا ثماني حالات (أول من) أمس بينها قتيل أصيب بالرصاص في الرأس والصدر وحالة خطيرة مصابة في الرأس وستة أصيبوا بجروح طفيفة». وقال محمد حسن الطبيب في المستشفى ذاته إن شخصاً آخر قُتل في حين نُقل تسعة مصابين إلى المستشفى أمس بينهم اثنان في حال حرجة جداً. وذكر مراسل من «رويترز» في المستشفى أنه رأى سيارات إسعاف وشاحنات خفيفة تتوافد على المستشفى.
ويقول أفراد من ميليشيا غريان إنهم يقاتلون خصومهم في الأصابعة على بعد عشرة أميال ويتهمونهم بأنهم من الموالين لمعمر القذافي. ولم يتسن الاتصال بالمقاتلين من الأصابعة أمس للتعليق. ومنذ مقتل القذافي وقعت اشتباكات بين ميليشيات متفرقة بسبب نزاعات على الأرض وخلافات طفيفة. وغالباً ما يتهم كل طرف الآخر بأنه لا يزال مؤيداً للديكتاتور الراحل.
وقال ناطق باسم مجلس مدينة غريان لـ «رويترز» إن الاشتباكات بدأت حين أوقف مقاتلون من الأصابعة مدنيين وجرّدوا واحداً من ملابسه وطعنوا الآخر في قدمه. وأضاف: «بدأ الثوار في غريان يجمعون أسلحتهم مساء (أول من) أمس وفي حوالى الخامسة مساء بدأ (مقاتلو) الأصابعة إطلاق (قذائف) المدفعية على غريان»، مضيفاً انه سبق وقوع اشتباكات بين الميليشيات من الجانبين في أيلول (سبتمبر).
جدد رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي دعوته إلى إصلاح نظام الرئيس عمر البشير بدل إطاحته، وطرح شعار الشعب يريد نظاماً جديداً بدل «الشعب يريد إسقاط النظام». لكن بقية قوى المعارضة من حلفاء المهدي تمسكت بإسقاط النظام للخلاص مما سمّته «كابوساً جثم على الشعب السوداني نحو 23 عاماً».
وقال المهدي أمام ملتقى شباب حزبه الأمة إن «الهدف المشروع في بلادنا هو إقامة نظام جديد»، منوّهاً إلى أن بعضهم يردد شعارات ثورات الربيع العربي «الشعب يريد إسقاط النظام». لكن الشعار ذاته، وفق ما قال المهدي، يناسب ظروف حراك غير متفقة على معالم نظام جديد، لكنها متفقة على هدف واحد هو إسقاط النظام. وأضاف أن الحيرة باتت مصير المعارضين عند التطرق إلى البديل. وقال: «إننا إذ ننادي بنظام جديد نكون اتخذنا موقفاً أنضج يتجاوز مجرد الإسقاط إلى تحديد معالم البديل». ولفت إلى أن إسقاط النظام وسيلة ولكن التطلع إلى نظام جديد يمكن أن يسمح بوسائل أخرى تشابه ما جرى في دول مثل تشيلي وفنزويلا والبرازيل وغيرها.
وفي السياق ذاته، حمل تحالف قوى المعارضة في شدة على الحكومة وأجهزتها الأمنية التي منعت قيادات الأحزاب من الوصول إلى مدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل في شمال البلاد للتضامن مع المعتصمين من أبناء قبيلة المناصير المتضررين من بناء سد مروى. وأعادت السلطات بالقوة الوفد من مدينة شندي بحجة أن قضية المناصير مطلبية وليست سياسية لتتضامن معها الأحزاب.
وطالبت قوى المعارضة في مؤتمر صحافي في الخرطوم ليل الجمعة - السبت بإقالة وزير الكهرباء والسدود أسامة عبدالله وحاكم ولاية نهر النيل الفريق الهادي عبدالله وتقديمهما إلى محاكمة. وقال ممثل الحزب الوطني الاتحادي وقبيلة المناصير عزالدين جعفر إن أهله المعتصمين في الدامر سينقلون اعتصامهم إلى العاصمة الخرطوم، موضحاً أن قبيلته جاءت بالكهرباء لكل السودان من سد مروى، وستجيء بالثورة التي ستقضي على النظام الحاكم.
واتهم رئيس وفد المعارضة المتضامن مع قبيلة المناصير زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ السلطات بانتهاك الدستور وسيادة حُكم القانون والقضاء، وقال إن الحكم استبد وبطش بكل الحقوق وتعدّى على الحريات وداس عليها بـ «حذائه». وشدد على أن قوى المعارضة ليست ضعيفة كما يروّج الحزب الحاكم و«ستزلزل الشارع العام حال السماح لجماهيرها بالنزول إلى الميادين العامة بكل حرية وديموقراطية».
أما رئيس قوى التحالف فاروق أبو عيسى فانتقد الهجمة الحكومية التي وصفها بالشرسة على الحريات ومصادرة وإغلاق الصحف في إغفال كامل للأحكام القضائية وقانون الصحافة والمطبوعات. واستنكر أبو عيسى اعتقال القياديين في حزب المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي وعلي شمار من دون تقديمهما إلى محاكمة أو إلى النيابة، وعدّه اعتقالاً تعسفياً، كما شجب اقتياد الناشط في حزب البعث العربي الاشتراكي محمد حسن عالم (البوشي) من منزله إلى مكان مجهول، مبيناً أن قوى المعارضة قررت تقديم مذكرة إلى جهاز الأمن اليوم الأحد تطالب بالإفراج عن المعتقلين.
وأكد أبو عيسى أن القوى السياسية متمسكة بإسقاط النظام للخلاص من «كابوس جثم على الشعب السوداني نحو 23 عاماً»، موضحاً أن القوى السياسية مع موعد مع التاريخ وستصنع تاريخاً جديداً مع الشعب السوداني بعد إسقاط النظام.
لكن الناطق باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم غندور كشف عن إخضاع القيادات المعارضة المعتقلة إلى تحقيقات قريباً جداً وإطلاقها حال ثبوت عدم تورطها. ورفض تصنيف التوقيف كاعتقال سياسي، وشدد على عدم وجود معتقلين سياسيين بالمعنى المعروف.
وفي شأن آخر، توقع غندور فشل جولة المحادثات المرتقبة بين حكومته وحكومة دولة الجنوب في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا غداً الإثنين في شأن المسائل العالقة، واتهم حكومة الجنوب بعدم الجدية في حل القضايا العالقة بعد اختيار الأمين العام للحزب الحاكم في الجنوب باقان أموم ليكون كبيراً لمفاوضيها.
وقال غندور إن أموم يعتبر من «لوردات الحرب» ولن يساهم في إيجاد أي حل للقضايا العالقة. وطالب الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج بممارسة ضغوط على دولة الجنوب ونصحها بعدم الخوض في اتجاه الحرب وتعقيد الأمور، مشيراً إلى أن بعض الأطراف الدولية يسعى إلى نقل ملف الخلافات بين الخرطوم وجوبا إلى مجلس الأمن من أجل حمل حكومته على تقديم تنازلات. وتحدث غندور عن حشود عسكرية من الجيش الجنوبي على مقربة من منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين بتوجيه ممن اسماهم «أصحاب الأجندة الحربية»، مسمّياً كلاً من باقان أموم ووزير شؤون مجلس الوزراء في الجنوب دينق الور.
في غضون ذلك، تعهّد المدير العام السابق لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني الفريق صلاح عبدالله «قوش» كشف أسباب ابتعاده عن العمل العام «في الوقت المناسب»، ورأى أن ابتعاده جاء «لأسباب موضوعية». لكنه أكد أنه ماض في وفائه لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي ينتمي إليه.
وقال الفريق عبدالله الذي كان أحد أبرز مسؤولي نظام الرئيس البشير خلال حفلة نظمتها مجموعة شعبية في الخرطوم لتكريمه: «أؤكد لكم انني لم أضعف ولن أخور ولم أضع السلاح وسأستمر كالعهد بي كما عرفتموني». وزاد: «سكتُّ خلال الفترة الماضية لأسباب موضوعية ومعروفة، ولكن سأعود إلى المنابر للحديث بقوة عندما يحين الوقت المناسب». وهذا أول حديث له أمام حشد جماهيري عام. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتناول فيه مجالس الخرطوم السياسية الحديث عن مذكرة رُفعت من نحو ألف إسلامي ينتقدون فيها أداء الحكومة ويطالبون بإصلاحات. كما راجت معلومات لم يمكن التحقق من صحتها أن مدير الأمن السابق رفض توقيع المذكرة حتى لا يُعتبر أن وراءها غاضبين من المسؤولين السابقين الذين أقالهم الرئيس عمر البشير، خصوصاً أن الفريق عبدالله كان من بين المرشحين لخلافته. وكان البشير أقال الفريق عبدالله من موقعه مديراً عاماً لجهاز الأمن عام 2009 وعيّنه مستشاراً لشؤون الأمن القومي، ليعود ويقيله للمرة الثانية في نيسان (أبريل) الماضي إثر خلافات بين الأخير ومساعد الرئيس نافع علي نافع في شأن حوار تبناه الأمن مع قوى سياسية معارضة. كما اتُهم الفريق عبدالله من بعض قادة الحكم بأنه صار مركز قوة وبات يطمح إلى حكم البلاد.
في أقرب تداعيات تشكيل حكومة عبدالإله بن كيران في المغرب أن شظايا الحدث تناثرت في اتجاهات عدة. وكما أن «التحالف من أجل الديموقراطية» تفككت أوصاله بعد التحاق حزب «الحركة الشعبية» بالائتلاف الحكومي، فإن «الكتلة الديموقراطية» التي كانت تضم أحزاب «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» و «التقدم والاشتراكية» آلت بدورها إلى الانهيار في ضوء اختيار «الاتحاد الاشتراكي» العودة إلى صفوف المعارضة.
غير أن التداعيات مسّت بعض مكونات الائتلاف الحكومي نفسه. ومن ذلك أن «الاستقلال» بزعامة عباس الفاسي اختار أسلوباً «مهذّباً» لـ «التخلّص من تركة زعيمه»، على حد تعبير أحد قادة الحزب، من خلال الدعوة إلى مؤتمر وطني لانتخاب قيادة جديدة في نيسان (أبريل) المقبل. وبذلك يكون عباس الفاسي قد انضم إلى قافلة الزعامات التي أطاحتها تطورات الأحداث.
فقد دفعت نتائج ثلاثة استحقاقات اشتراعية في المغرب ثلاثة رؤساء وزراء إلى التنحي بعيداً عن قيادة أحزابهم. فبعد انتخابات 2002 أقدم زعيم «الاتحاد الاشتراكي» رئيس الوزراء السابق عبدالرحمن اليوسفي على خوض تجربة جديدة في مساره النضالي انتهت باعتزاله العمل السياسي. وأصبح ظهوره منذ وقتذاك يرتبط بتظاهرات فنية وثقافية وإنسانية بعدما فكّ ارتباطه بحزب «الاتحاد الاشتراكي». صدر آنذاك بيان يتيم في أعقاب الانتخابات وعد اليوسفي بتكريم سياسي من نوع خاص، لكن ذلك لم يحدث في ضوء تنازع الصراع بين الحزبين الحليفين - «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» - حول منصب رئاسة الوزراء، ما أفسح في المجال أمام تولي رجل الأعمال إدريس جطو الآتي من «مجاهل» التكنوقراط المسؤولية السياسية. وظلّت عبارة «المنهجية الديموقراطية» التي دافع بها اليوسفي عن موقع حزبه عالقة لفترة خمس سنوات على الأقل.
في العام 2007 وبعدما احتل حزب «الاستقلال» بزعامة عباس الفاسي صدارة المشهد الحزبي، واجه «الاتحاد الاشتراكي» أزمة من نوع آخر. كان يقوده محمد اليازغي الذي خلف اليوسفي. لكنه لم يسلم من هبوب عواصف حزبية داخلية، بسبب ما تردد آنذاك من مؤاخذات حول طريقة تدبيره مفاوضات تشكيل الحكومة. وفيما اتجه الفاسي إلى رئاسة الوزراء، اكتفى اليازغي بـ «غنيمة» في شكل وزير دولة بلا حقيبة، لكنه فقد قيادة حزبه التي آلت إلى عبدالواحد الراضي بعد مخاض عسير. وبذلك كان اليازغي ثاني زعيم حزبي يتوارى نتيجة ضغط القواعد التي عابت عليه أنه لم يستطع إنصاف الحزب الذي تزعّم صفوف المعارضة عقوداً عدة.
لم يكن عباس الفاسي يتصور أنه سيتعرض بدوره إلى انتقادات مناصريه في الانتخابات الأخيرة. فالرجل الذي بدا مرتاحاً كون «الاستقلال» حاز الرتبة الثانية بعد «العدالة والتنمية»، ترك بدلة رئيس الوزراء وذهب يفاوض زعيم الحزب الإسلامي رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران حول أحقية حزبه في عدد من المناصب الوزارية. وبالقدر الذي استطاع فيه أن ينزع اتفاقاً لناحية إسناد رئاسة مجلس النواب إلى وزير التجهيز السابق كريم غلاب، بالقدر الذي أخفق في إرضاء تيارات وأسماء غضبت لدى ظهور الطبعة النهائية لحكومة بن كيران، إما بسبب إقصائها أو نتيجة اختيار وزراء باسم الحزب لم يكونوا من بين الصفوف الأمامية أو الخلفية حتى.
وأمس أصدرت اللجنة التنفيذية لحزب «الاستقلال» بياناً هدف إلى التقليل من تداعيات الأزمة التي اجتازها أعرق حزب في البلاد. وكان لافتاً أن البيان صيغ بأسلوب مهذّب مكّن زعيمه عباس الفاسي من مخرج لائق، عندما تحدث عن «حرصه على إنهاء مهماته كأمين عام للحزب» وإن كان أدرج هذا القرار في إطار «احترام مقتضيات القانون الداخلي للحزب».
لكن الأهم، برأي مصادر حزبية، أن البيان عبّد الطريق أمام حكومة بن كيران لحيازة ثقة البرلمان. وبعدما سادت مخاوف من إمكان عدم تصويت نواب في «الاستقلال» لمصلحة البرنامج الحكومي بسبب تداعيات خلافات داخلية، أكد البيان التزام «الاستقلال» التمسك بـ «ميثاق الغالبية» التي تجمعه إلى جانب «العدالة والتنمية» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية».
إلى ذلك، دعت قيادة «الاستقلال» إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني في الرابع من الشهر المقبل لتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني الذي تقرر التئامه في نيسان (أبريل) والذي يتوقع أن ينتخب أميناً عاماً جديداً.
المصدر: مصادر مختلفة