المجلس القبلي السوري: النظام يهدد مشايخ القبائل بقتل أسرهم ...منظمة العفو الدولية: قوات النظام تنفذ الإعدام بحق عدد من سكان إدلب..

جنازات وتفجيرات بدمشق.. وثوار الداخل يشكلون برلمانا مؤقتا..مراقبون يتجاهلون دعوة المعارضة لحضور الجنازات،

تاريخ الإضافة الإثنين 7 أيار 2012 - 4:54 ص    عدد الزيارات 2256    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

جنازات وتفجيرات بدمشق.. وثوار الداخل يشكلون برلمانا مؤقتا
مبادرة الثوار تنص على تكليف شخصية عسكرية تشكيل قيادة أركان والبدء في بناء مؤسسات وطنية بديلة استنادا إلى دستور 1950 * انفجار في حلب وقصف في إدلب وحمص ودوما > الأسعد: الجيش الحر ملتزم بوقف إطلاق النار.. لكن صبرنا نفذ
بيروت: كارولين عاكوم ونذير رضا لندن: «الشرق الأوسط»
شهدت دمشق وحلب تفجيرات بينما كانت العاصمة السورية تشيع في جنازات حاشدة قتلاها الذين سقطوا أول من أمس. وأدت التفجيرات الى سقوط قتلى وجرحى, بينما شهد حي برزة البساتين مواجهات واشتباكات.
جاء ذلك بينما أصدر الثوار بالداخل بيانا أعلنوا فيه عن تشكيل «البرلمان السوري المؤقت». وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن هذه المبادرة جاءت «تلبية للإرادة الشعبية، ولملء الفراغ الدستوري الحاصل بعد أن أسقطت الثورة السورية شرعية دولة الاحتلال الأسدي، فقد أعلن الثوار داخل سوريا عن تشكيل البرلمان السوري المؤقت. وبعد أن تم تشكيل البرلمان وعقد أول اجتماع له، اتُّخذت عدة قرارات أهمها إلغاء الدستور الحالي وإعادة العمل بدستور عام 1950 الذي هو في الأصل «دستور الاستقلال». ونص البيان على أن يتم تشكيل مجلس الدفاع الوطني طبقا لدستور الاستقلال، الذي ستكون إحدى مهامه تشكيل قيادة أركان داخل الوطن تعمل على إنشاء جيش وطني.
ميدانيا ذكر ناشطون ان إدلب تعرضت لعملية عسكرية واسعة فجر أمس أدت إلى مقتل تسعة أشخاص. كما ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، أن أحياء في حمص تعرضت لقصف عنيف، كما سمع دوي أصوات قصف مدفعي في دوما.
من جهته أكد قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد أن الجيش الحر لا يزال ملتزما بقرار وقف إطلاق النار، لكنه قال في الوقت نفسه «صبرنا نفد، ولن نبقى طويلا متقيدين بهذا القرار، ونحن اليوم نتعرض لضغط شعبي كبير».
قتلى وجرحى في انفجارات هزت حلب ودمشق والعقيد رياض الأسعد لـ«الشرق الأوسط»: صبرنا نفد.. ونقوم بترتيب الصفوف والتحضير للعودة إلى العمليات الدفاعية

بيروت: كارولين عاكوم... في مشهد أصبح مألوفا منذ وصول بعثة المراقبين الدولية إلى سوريا، كانت كل من حلب ودمشق أمس على موعد مع تفجيرات أودت بحياة عدد من القتلى والجرحى، بينما كانت قوات الأمن في مكان آخر تستهدف المشيعين والمظاهرات التي خرجت في مناطق سورية عدة. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تفجيرين هزا مدينة دمشق، صباح أمس، وقع أحدهما بالقرب من قصر العدل، بينما وقع الآخر بالقرب من سوق الخجا في شارع الثورة، مما أدى إلى إغلاق قوات الأمن السورية ساحة السبع بحرات وبعض الشوارع الرئيسية، وفق ما أوردته شبكة «شام» الإخبارية. وبعد ساعات قليلة وقع انفجار آخر في منطقة السكري بمدينة حلب. وقالت وكالة الأنباء الألمانية إن أحد التفجيرين في دمشق استهدف سيارة عسكرية ودمر نحو عشر سيارات كانت في محيط السيارة العسكرية. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «قتل خمسة أشخاص على الأقل في انفجار استهدف منطقة تل الزرازير في أطراف مدينة حلب»، مشيرا إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع، مضيفا «تزامن انفجار العبوة مع مرور حافلة لم يعرف ما إذا كانت مدنية أو عسكرية».
وعن تفجير حلب، قال ياسر النجار عضو مجلس قيادة الثورة، لـ«الشرق الأوسط»: «وقع الانفجار في منطقة تشهد في الأيام القليلة تحركا شعبيا ملحوظا ويخرج فيها العديد من المظاهرات، وها هو النظام نفذ التفجير بعدما عجز عن إقناع الأهالي بعدم الانضمام إلى الثورة». وأضاف «هناك حاجزان مركزيان في هذه المنطقة يتولى فيهما العناصر مهمة تفتيش السيارات، وبالتالي كيف يمكن أن يقع التفجير في حي مضيق عليه أمنيا بهذا الشكل؟!»، مضيفا «كيف يمكن أن تقوم المعارضة بتفجير كهذا في منطقة ينشط فيها الحراك الثوري؟! وبالتالي هذا دليل على أن النظام يقوم بها لتخويف الأهالي من جهة، ولإيهام المجتمع العربي والدولي بأنها يد الإرهابيين و(القاعدة)». ولفت النجار إلى أنه تم التأكد من وصول الحصيلة الأولية لعدد قتلى التفجير إلى 6 ويتراوح عدد الجرحى بين 13 و15، لكننا لم نستطع التأكد من العدد النهائي للجرحى، نظرا لصعوبة الوصول إلى المستشفيات الحكومية حيث نقل المصابون.
وعن تزايد وتيرة الانفجارات المتنقلة في الفترة الأخيرة، اعتبر قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد، أن خطة أنان فاشلة، وهذا ما تعكسه تصريحات مسؤولي دول عدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام يقوم بهذه التفجيرات ويتهمنا ويتهم المعارضة بها»، مضيفا «لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن جيش النظام جمع شبيحته وشكل منهم كتائب تحت تسميات عدة مدعين أنها تنتمي إلى الجيش الحر، بهدف إلصاق التهمة بنا». وأشار إلى أن «النظام قام بإرسال عناصر منه إلى الجيش الحر على أنهم منشقون لزجهم بين صفوفنا في محاولة منهم للقول إن الجيش الحر هو مخترق وغير منضبط، لكننا كشفنا أمرهم وسنعلن عن أسمائهم في فيديو مصور في الأيام القليلة المقبلة». وعن خطة أنان قال «كيف يمكن القول بنجاح الخطة في حين أن التفجيرات وعمليات الاعتقال والقتل لا تزال مستمرة ومنتشرة في كل المناطق السورية؟! وخير دليل على هذا الفشل هو عمل المراقبين الذين تحولوا إلى شهود زور، كما أن وجودهم في أي منطقة تحول إلى نقمة على الناشطين الذين يتم اعتقالهم فور خروجهم من منطقتهم». وسأل «كيف يمكن لـ50 مراقبا فقط وحتى 300 بعد ذلك، أن يقوموا بهذه المهمة في كل المناطق السورية، في حين أنه تم نشر آلاف العناصر في الجنوب اللبناني وحده، من قوات حفظ النظام الدولية (اليونيفيل)؟!». واعتبر أن هناك تقدما في مواقف بعض الدول في ما يتعلق بتسليح الجيش الحر، و«نعتبر أن فشل هذه المبادرة سينعكس إيجابيا على مساعدة الدول لنا».
وأكد رياض الأسعد أن الجيش الحر لا يزال ملتزما بقرار وقف إطلاق النار، لكنه قال في الوقت عينه «صبرنا نفد، ولن نبقى طويلا متقيدين بهذا القرار، ونحن اليوم نتعرض لضغط شعبي كبير للعودة إلى المواجهة والدفاع عن المواطنين الذين يطالبوننا بالتحرك، وها نحن اليوم في صدد ترتيب الصفوف وتحضير أنفسنا للعودة إلى العمليات الدفاعية، ولن نتراجع رغم الإمكانات العسكرية الضئيلة التي نملكها».
في المقابل، أعلن العميد غازي جابر العبود قائد الفوج «147» للإنزال الجوي في الجيش السوري، انشقاقه عن جيش النظام السوري، بينما أفيد بتعرض بساتين برزة في دمشق منذ ساعات صباح أمس الأولى لقصف عنيف، كما قصفت المدفعية الثقيلة المثبتة على تل النقيرة حي جوبر المليء بالنازحين، بينما قامت القوات بحملة دهم واعتقالات في ريف دير الزور الشرقي.
كذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اغتيال مسؤول في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا أمس (السبت) في محافظة إدلب. ولم يقدم بيان المرصد أي تفاصيل عن اسم المسؤول ومنصبه.
وذكر ناشطون أن القوات السورية اقتحمت مناطق قرب الحدود التركية صباح أمس مما أدى إلى إصابة عشرين شخصا على الأقل. وقال الناشط فراس إدلبي، إن قصفا مكثفا استهدف إحدى المناطق التي تقع شمال إدلب، وهي أحد معاقل الجيش الحر قبل اقتحام القوات النظامية لها وترويعها للسكان.
وأفادوا بأن منطقة سلقين، على الحدود التركية - السورية في محافظة إدلب، تعرضت لعملية عسكرية واسعة فجر أمس أدت إلى مقتل تسعة أشخاص. كما أكد اتحاد تنسيقيات الثورة تعرض مدينة أريحا في إدلب طوال ليل السبت، إلى قصف طال العديد من المنازل مما أدى إلى انهيار جزئي لعدد من المباني.
كذلك، ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، أن حي القصور في حمص تعرض لقصف عنيف، بينما قام ثوار في حي الميدان بدمشق بقطع طريق المجتهد بالمواد المشتعلة بالقرب من الأمن الجنائي نصرة لحيي كفرسوسة والتضامن.
وفي اللاذقية، ذكر أنه سجل انتشار أمني كثيف في شيخ ضاهر وخاصة عند بوابة مدرسة جول جمال (التي تحولت إلى معتقل) مع غياب شبه تام للمجندين وانتشار الشبيحة والأمن بلباس مدني بالعتاد الكامل. كما سمع دوي أصوات قصف مدفعي في دوما.
وذكر اتحاد التنسيقيات أن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري الحر وكتائب الأسد على مدخل مدينة الرستن الشمالي قرب السد، بينما نفذت حملة اعتقالات عشوائية في مدينة جاسم المحتلة في درعا. وفي منطقة البساتين بحي برزة في دمشق، قال ناشطون إن القوات النظامية اقتحمت المنطقة وهدمت عدة منازل، وأطلقت الرصاص بشكل عشوائي مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل. وفي دير الزور شنت قوات الأمن حملة دهم واعتقال في بلدة القورية. أما في ريف حلب فقد اقتحمت القوات الحكومية منطقة قباسين بأكثر من ثلاثين سيارة محملة بالعناصر وعشر سيارات مثبت عليها رشاشات ثقيلة. وفي حمص تعرضت الرستن لإطلاق نيران وجرت فيها اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي، كما تجدد القصف العنيف على قلعة الحصن.
وفي درعا، شهدت بلدة النعيمة انتشارا كثيفا للمدرعات والآليات العسكرية، كما جرى اقتحام البلدة مما تسبب في سقوط جرحى. كما اقتحمت القوات النظامية بلدة تسيل. وقالت الهيئة العامة للثورة إن الطيران الحربي حلق فوق مدينة إزرع، كما تجدد القصف العنيف على بلدة المسمية لليوم الثاني على التوالي، وشن الأمن والشبيحة حملة دهم واعتقالات في النجيح والصنمين بمحافظة درعا.
مراقبون يتجاهلون دعوة المعارضة لحضور الجنازات، عبد الباسط سيدا لـ «الشرق الأوسط»: خطة أنان فاشلة.. والمشكلة تكمن في الإعلان عن هذا الفشل

بيروت: كارولين عاكو... بعدما وصل عدد قتلى جمعة «إخلاصنا خلاصنا» إلى 37 قتيلا، دعا المجلس الوطني السوري بعثة المراقبين إلى التوجه إلى حي التضامن في كفرسوسة لإثبات عدم صحة مزاعم النظام الذي يقول إن دمشق مدينة محايدة. وجاء في البيان: «إننا نطالب المراقبين الدوليين بالتوجه غدا نحو حيي التضامن وكفرسوسة حيث يشيع شهداء يوم الجمعة في جنازات تثبت للنظام أن زعمه بأن دمشق مدينة محايدة مجرد زعم سقط في دمشق، وقبل ذلك في ريفها، منذ وقت طويل، كما سقط زعم مماثل في مدينة حلب القطب السكاني والاقتصادي والحضاري الآخر في سوريا».
وجاء في البيان أيضا: «رغم استمرار القمع والقتل والإرهاب، تظاهر السوريون في جمعة جديدة مجددين تمسكهم بمطلب إسقاط النظام الاستبدادي العائلي، وقيام نظام ديمقراطي يحترم حقوق السوريين ويصون كرامتهم. ففي طول البلاد وعرضها، وخصوصا في أكبر مدن سوريا، دمشق وحلب، خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بالحرية وبإسقاط نظام القهر والاستبداد، وتستنكر جريمة استباحة جامعة حلب وتشريد وقتل وإصابة واعتقال وفصل المئات من طلابها، وتبعث برسالة للنظام مفادها أنه لا معقل له في أي من المدن السورية».
وأضاف: «كالعادة واجه النظام الحناجر بالرصاص، والمطالب بالقمع الدموي، وخص عاصمتنا الخالدة دمشق الشام بنصيب وافر من الرصاص في عدد كبير من أحيائها، وخصوصا حيي التضامن وكفرسوسة، فسقط عشرات الشهداء والجرحى في محاولة يائسة لإخضاع أهل دمشق». واعتبر البيان أن ما قام به السوريون، يوم الجمعة، دليل قاطع على أنهم يؤمنون بالتظاهر السلمي كأسلوب أساسي للتعبير عن الرأي، ووسيلة للتغير الديمقراطي، ودليل على أنهم ما زالوا يدعمون المبادرة الدولية - العربية، رغم عدم تنفيذ النظام أي بند من بنودها، «واستمراره في ممارسة التحايل والخداع وتضليل المراقبين الدوليين».
في المقابل، وفي حين أكد الناشط السوري يوسف الشامي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشباب الناشطين في تنسيقية كفرسوسة تواصلوا مع المراقبين وطلبوا منهم أن يحضروا التشييع، إلا أنهم لم يلقوا منهم أي رد إيجابي»، ذكرت وكالة «سانا» للأنباء أن وفد المراقبين الدوليين التقى، أمس، محافظ حماه وقام بجولة شملت أحياء جنوب الملعب وشارع الثامن وحي مشاع الأربعين في المدينة، كما زار الوفد مدينة دوما في ريف دمشق والتقى عددا من الأهالي، كما أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة في سوريا وصول لجنة المراقبين الدوليين إلى مدينة أريحا وقابلهم الناس بمظاهرة حاشدة وإضراب عام، وعبروا عن استيائهم ونادوا بإسقاط النظام وسحب المظاهر المسلحة من المدينة، كما وصل وفد آخر إلى بصرى الشام في درعا، برفقة عدد كبير من سيارات الأمن و«الشبيحة».
وفي هذا الإطار، اعتبر عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، أن خطة أنان ومن ضمنها مهمة المراقبين فاشلة، لكن المشكلة تكمن في الإعلان عن هذا الفشل، في غياب أي خطة بديلة لدى المجتمع الدولي الذي يصر على التمسك بها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية كانت لنا ملاحظات على خطة أنان، من حيث قلة العدد والتمهل بإرسالهم، ومن ثم محاولة تصوير الوضع السوري وكأنه اختزل بوقف إطلاق النار»، مضيفا: «ما نريده من ثورتنا هو الحرية والاستقلال والتخلص من النظام الاستبدادي الذي استولى على البلاد والعباد».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر أن آلاف الأشخاص خرجوا في مظاهرة حاشدة أمس في حي كفرسوسة في العاصمة السورية، دمشق، لتشييع قتلى مظاهرات أول من أمس، الجمعة. وقال الناشط في اتحاد تنسيقيات دمشق، أبو قيس، لوكالة الصحافة الفرنسية: «شهد حي كفرسوسة مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الأشخاص لتشييع الشهداء الذين سقطوا الجمعة برصاص الأمن السوري أثناء المظاهرات».
وقال المرصد في بيان له: «لقد شارك أهالي حي كفرسوسة بدمشق في تشييع حاشد للشهداء الذين سقطوا يوم أمس خلال إطلاق الرصاص» من قوات الأمن على متظاهرين. كما أظهرت مقاطع فيديو بثت على الإنترنت آلاف المتظاهرين في حي كفرسوسة يهتفون «واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد» وسط زغاريد الشابات المشاركات في المظاهرة، بينما ظهرت على أحد جدران المكان شعارات تحيي «الجيش السوري الحر»، مشيرا إلى أن القوات النظامية السورية أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق مشييعي قتلى حي كفرسوسة بعد التشييع وأغلقت ساحة كفرسوسة بالحاويات والإطارات المشتعلة.
 
منظمة العفو الدولية: قوات النظام تنفذ الإعدام بحق عدد من سكان إدلب، وعبد الرحمن لـ «الشرق الأوسط»: ضابط هدد بقتل ألف معارض ثأرا لشقيقه.. والدبابات أحرقت البيوت التي لجأ إليها منشقون

بيروت: نذير رضا ... أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية أول من أمس حول قيام قوات نظام الأسد بتنفيذ الإعدام بحق عدد من سكان مدينة إدلب، مشيرا إلى أن القوات النظامية «اتخذت قرارا قبل شهرين بقصف المنازل التي يلجأ إليها منشقون بالدبابات، وإحراقها بما فيها من أطفال ونساء وشيوخ».
وقال عبد الرحمن في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن تلك الأحداث «وثقها المرصد في أكثر من موقع في المحافظة، وتكررت في مناطق سرمين، جبل الزاوية، إدلب المدينة، وسراقب»، مشددا على أن القوات النظامية، في الفترة الأخيرة، «لم تعد تعتقل منشقين عنها، أو مقاتلين ضدها لسوقهم إلى السجون حال إلقاء القبض عليهم، بل اتخذت قرارا بتصفيتهم في الميدان».
وأوضح عبد الرحمن أنه «بعد توثيق اعتقال ناشطين ومنشقين في إدلب، وريف حماه، كان يعثر على جثث هؤلاء في اليوم التالي مرمية بالأحراش»، مؤكدا أن «تنفيذ الإعدام الميداني شاع خلال الفترة الماضية في أحداث إدلب، كذلك قصف المنازل التي يلجأ إليها منشقون وناشطون بقذائف الدبابات، وإحراقها بما فيها». وأكد عبد الرحمن أن ضابطا في منطقة جبل الزاوية «هدد بقتل 1000 رجل من المعارضين، ثأرا لشقيقه العقيد الذي قتل في منطقة جسر الشغور، وبدأ بالفعل ينفذ وعيده بقتل الناشطين».
وكان تقرير منظمة العفو الدولية أفاد بقيام قوات النظام السوري بتنفيذ الإعدام بحق عدد من سكان مدينة إدلب. ونقل معدو التقرير عن شهود عيان قولهم «إن القوات السورية تقتل العشرات من المتعاطفين في إدلب التي تقع شمال سوريا والتي تعد من معاقل المعارضة».
وقال التقرير الذي أعده كبير مستشاري الأزمات دوناتيلا روفيرا ويتضمن شهادات مرعبة للضحايا وعائلاتهم الذين يقيمون في إدلب والقرى المحيطة، إن سكان إدلب الذين تحدثوا إلى المنظمة الشهر الماضي رسموا «صورة رهيبة لمدينة تحت رحمة قوات النظام والشبيحة الذين يقتحمون البيوت بشكل منتظم لقتل المنشقين»، مشيرا إلى أن مئات المنازل في بعض القرى «أحرقت تماما»، وأن أهلها «روعتهم قوات تقتل في ظل حصانة تتمتع بها».
وذكر التقرير أنه «في قرية أخرى، قتل شيخان في الثمانين من عمرهما في منزليهما، حيث أحرقا تماما». وقالت زوجة أحدهما لمنظمة العفو إنها «وجدت رفاته في كومة من الرماد».
وفي شهادة أخرى قالت أم في منطقة سرمين عن أولادها الثلاثة إنهم «انتزعوا من منزلهم في وقت مبكر من يوم 23 مارس (آذار) وقتلوا»، مشيرة إلى «أنني وجدت أولادي محترقين في الشارع»، وأضافت في شهادتها لتقرير منظمة العفو الدولية: «لقد كوموا فوق بعضهم البعض ووضعت فوقهم دراجة نارية وأشعلت فيهم النيران».
وتعد محافظة إدلب، إحدى أهم معاقل المعارضة السورية، وبلغ عدد شهدائها المعلن 2565 شهيدا، وتعرضت المحافظة لأضخم حملة عسكرية خلال شهر مارس الماضي، حيث سجلت فيه أعلى نسبة قتل في المحافظة منذ بداية الثورة السورية، حيث بلغ عدد الضحايا 643 قتيلا.
وبدأ عدد قتلى المحافظة في التصاعد منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتراوح بين 339 و643 قتيلا شهريا، فيما أعلن عن سقوط 386 شهيدا خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي. وتركز قتل المدنيين والمقاتلين في صفوف المعارضة في مناطق سراقب، إدلب البلد، سرمين وجبل الزاوية التي تعرضت لقصف عنيف بالقذائف المدفعية والأسلحة الثقيلة خلال الحملة العسكرية الأخيرة التي سبقت وصول بعثة مراقبي الأمم المتحدة إلى سوريا.
المجلس القبلي السوري: النظام يهدد مشايخ القبائل بقتل أسرهم في حال تأييدهم للثورة، التركاوي لـ «الشرق الأوسط» : تنظيم مجالس محلية لحفظ الأمن بعد سقوط الأسد

محمد القشيري... كشف محمد مزيد التركاوي عضو مجالس القبائل العربية والمجلس الوطني السوري عن تهديد مستمر بالقتل لشيوخ ورموز القبائل ولأسرهم من قبل النظام السوري للحيلولة دون انضمامهم للمعارضة، رغم أن معظم الرموز هم صناعة 30 عاما على يد النظام لضمان ولاء القبيلة، على خلاف التركيبة العشائرية في تعيين الشيوخ البدوية. وأعلن التركاوي لـ«الشرق الأوسط» عن خطة يتم الإعداد لها خلال اجتماع المجالس القبلية في القاهرة لتفعيل دور العشائر العربية السورية والتي تمثل 45 في المائة من التركيبة السكانية.
ولفت التركاوي إلى أن هناك تنسيقا مستمرا لحماية المنشقين وسعيهم للانضمام للجيش الحر بعد أن تعمد النظام وضع أفراد القبيلة في مواقع هامشية كحراسة الأبنية وغيرها من الأجهزة الحكومية مع تشديد الحراسة ضدهم ومراقبتهم لعدم الخروج من تنظيمهم العسكري.
ونفى محمد التركاوي عضو المجلس الوطني إلى جانب عضويته في المجلس القبلي ما يتردد من أن أعضاء المجلس القبلي يطمعون في الوصول إلى أطماع سياسية عبر القبيلة مع منحهم صلاحيات لرموز القبيلة، بعيدا عن المؤسسات الحكومية ودورها الرسمي، وأكد أن تشكيلهم للمجلس هو لتعزيز حقوق الشعب السوري وليس لتعزيز النهج القبلي.
وفيما يلي نص الحوار...
* بداية نود أن نبدأ بالتطورات الأخيرة لمجلس القبائل العربية السورية من خلال اجتماعكم حاليا في القاهرة وقبل ذلك في تركيا.. ما الذي تهدفون إليه من هذه الاجتماعات؟
- الاجتماع يهدف بالدرجة الأولى لتنشيط دور القبائل السورية في هذه المرحلة والمرحلة القادمة وأقصد بعد زوال النظام والمتمثل في حفظ النظام وعدم وجود انعكاس غير إيجابي بعد الثورة، كما حدث في الدول العربية الأخرى بعد زوال الأنظمة من جرائم وعدم حفظ الأمن، فالمجتمع القبلي مجتمع تجمعه روابط النسب والمصاهرة التي هي من أكثر الروابط تأثيرا. إضافة إلى طرح المطالب الدولية لإعادة هيكلة المجلس الوطني.
* هذا التحرك من قبلكم كمعارضين يقابله تأييد كبير من رموز القبائل لنظام بشار الأسد وهو ما حرص الأخير عليه من خلال دعم مجلس الشعب بشيوخ وممثلين للقبائل السورية، وهو ما انعكس خلال الاحتجاجات والثورة في دعم النظام من خلال التبرؤ من المعارضين وحرمانهم من الانتساب للقبيلة؟
- صحيح.. النظام يستخدم القبيلة كورقة ضغط من خلال رموزه الذين صنعهم لكسب الولاء من خلال الترغيب والترهيب لما يمثله المجتمع القبلي من نسبة كبيرة في سوريا حيث تمثل العشائر العربية بنسبة 45 في المائة.
* أفهم من كلامك أن شيوخ ورموز العشائر من صنع النظام وهو على خلاف التركيبة العشائرية للبدو والقبائل في الوصول للمشيخة؟
- نعم النظام كان يصنع مشايخ ويضغط لتعيينهم، ولكنهم ليسوا غالبية المشايخ.. الغالبية مورس عليهم ضغط والترغيب في الوصول لمناصب من بينها مجلس الشعب وهؤلاء الرموز سايروا الموجة في السابق ولكن حاليا هم غير راضين عما ينكل به الشعب، وخاصة المدن القبلية كحمص التي دمرت بالكامل، وأنا على يقين أن هؤلاء المشايخ لو ضمنوا حماية لأسرهم سينضمون إلى الشعب ويؤيدونه في إسقاط النظام، سوف أذكر قصة حدثت لشيخ قبلي جاء للسعودية للعلاج بأحد المستشفيات المتخصصة وطلب منه النظام بالقوة عبر التهديد بالقتل العودة لسوريا ولم يقدروا كبر هذا الشيخ أو مرضه، النظام نظام قمعي لا يفرق بين شيخ أو طفل المهم هو حفظ نظامه وهو ما ظهر واضحا من خلال تدمير المدن السورية.
* وماذا عنك؟ هل واجهت تهديدا أنت أو أي من المعارضين خلال تشكيل المجلس القبلي؟
- طبعا الكل واجه تهديدا، ووصلتني تهديدات كثيرة عبارة عن اتصالات مجهولة تحذرنا من الاستمرار بالمجلس، أما في سوريا فبيوتنا مهدمة.
* وماذا يفعل النظام لكسب الشعب القبلي؟
- حاليا يقوم النظام بإنهاء المطالب السابقة للشعب القبلي في سوريا كحفر الآبار وسفلتة الشوارع والزيارات لمسؤولي الجهات الحكومية لتحفيز الشعب بإنجازات كبيرة في البنى التحتية وغيرها من المطالب والحقوق التي حرم منها العشائر في النظام السابق.
* البدو في سوريا يتميزون كغيرهم من العشائر العربية بحمل السلاح بإتقان منذ الصغر.. ماذا يمكن أن يستفاد من هذا الأمر في التسليح الشعبي للثورة؟
- هذا صحيح.. المجتمع العشائري مجتمع مسلح ولكن أسلحته بسيطة، ولكن انضمامهم للجيش الحر ساهم في تنظيم حركتهم، وخاصة أن جيش الحر أصبح له تنظيم في الأشهر الخمسة الماضية من خلال اتصالاتهم وتنسيق ضرباتهم في مواجهة آلة القتل المستمرة ضد الشعب السوري.
* كم يمثل القبليون من نسبة الجيش النظامي، وكم نسبتهم من المنشقين والمنضمين للجيش الحر؟
- العدد كبير وقد يتجاوز 30 في المائة من نسبة الجيش الحر، والعدد في تزايد مستمر ولكن المشكلة تكمن في حرص النظام على عدم خروج أبناء القبيلة من الجيش رغم أن النظام يقوم بتوكيلهم بأدوار هامشية كحراسة الأبنية والمخازن من الأسلحة بمختلف أنواعها ويتم حراستهم لعدم الخروج من الكتائب، بعد أن تزايد خروج القبائل والانضمام للجيش الحر.
* وهل يوجد حماية للمنشقين مع توفير طرق لانضمامهم لجيش الثورة؟
- نعم هناك طرق ميدانية لحمايتهم وسرعة انضمامهم للقتال.
* هل وجه لكم دعم من القبائل العربية الأخرى على اعتبار أن هناك صلة قرابة بينكم ونسبا بين تلك العشائر وتميزها بإمكانية توفير السلاح والمال؟
- حصلنا على دعم معنوي وجاءتنا اتصالات كبيرة من القبائل العربية، وغير ذلك لا يوجد لأننا لم نطلب الدعم المادي.
* هل يوجد مذكرة تفاهم بين القبائل العربية والعشائر الأخرى والمتمثلة في القبائل الكردية والدرزية في سوريا؟
- هذا جزء من الهدف من إجماعنا أن نوحد كلمتنا كعشائر عربية بعدها يتم التنسيق مع العشائر الأخرى من التركيبة السكانية السورية، ونحن مجتمعون على أن سوريا وطن للجميع ولا يمكن تقسيمها لأي طائفة أو عشيرة.
* يتردد أن اجتماعكم في القاهرة يهدف لأطماع سياسية، وعودة النفوذ لرموز القبلية المهمشين من النظام من خلال نهج القبيلة والبعد عن المؤسسات المدنية، ما تعليقكم؟
- ليس صحيحا.. رؤيتنا واضحة ومواضيعنا تصب في مصلحة سوريا بالدرجة الأولى صحيح أن هناك مطالب ولكن لا تتعدى مجرد حقوق حرمت منها العشائر وهي حقوق يشترك فيها جميع التركيبة السكانية لسوريا، نحن نسعى للحفاظ على سوريا وليس النظام القبلي.
* هل المجلس القبائل العربية وبقية المجالس القبلية الأخرى تحظى بدعم للمجلس الوطني السوري؟
- نلقى دعما كبيرا من المجلس وأنا أحد أعضاء هذا المجلس، ولكن لا نعمل تحت مظلته.
* أشرتم في حديثكم في البداية إلى أن من أهداف المجلس القبلي إعادة هيكلة المجلس الوطني، معنى ذلك أنكم غير راضين عن المجلس؟
- أولا دعني أوضح هذه المسألة.. نحن في المجلس القبلي بجميع أعضائه لسنا معترضين على المجلس ككيان وما يمثله للشعب السوري، ولكن لا قدسية لأشخاص في هذا المجلس وهذا هو السبب في اعتراضنا ومطالبتنا بإعادة هيكلته.
* تشتركون في مطالبكم مع المطالب الكردية، هل هناك خلافات في المجلس حول تنفيذ أجندة مخصصة لبعض الطوائف؟
-أبدا.. لا يوجد خلاف والخلاف الكردي ممثل في حزب وحيد، وإذا وجدت معارضة فتتمثل فقط في نسب التمثيل فقط وليس لتنفيذ أجندة لكل طائفة أو دول خارجية كما يقال، ونحن كمجتمع قبلي نشعر أننا مهمشون يجب أن يكون لنا تمثيل كبير لأن تمثيلنا قليل جدا مقارنة بما يمثل العشائر القبلية في التركيبة السكانية في سوريا.
* يثار جدل كبير حول تسليح الجيش الحر، وكان من أول المطالبين على الوجه الرسمي السعودية عندما أعلن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية بضرورة تسليح المعارضة، ما هو تعليقك؟
- نحن في سوريا سواء كمعارضين في الخارج أو الداخل نثمن مواقف السعودية وعلى رأسهم جلالة الملك خادم الحرمين الشريفين ونحن نشعر أن موقفهم هو موقف إنساني على عكس ما نشعر به من مواقف لدول أخرى من مواقف مصالحة وغيرها، والتسلح مطلب للشعب وهناك إجماع كبير على هذا الأمر، وما يواجه هذا الإجراء من تخوف من التسلح ووصوله لجهات وتنظيمات إجرامية ليس في محله، بسبب أن وجود الجيش الحر والمنظم حاليا.
* ميدانيا.. هل صحيح أن حزب الله وجيوشا من إيران هي من تقوم بقتل السوريين العزل بهذه الوحشية؟
- حزب الله وإيران كانوا في السابق يدعمون النظام من خلال الدعم اللوجستي والمتمثل في أغلبه في نقل خبرات وتنفيذ خطط، أما الآن فغالبية القناصة والعناصر الأمامية هم من حزب الله والإيرانيين الذي يوقعون الأعداد اليومية من القتلى السوريين.
* بالعودة للاجتماع المنعقد حاليا في القاهرة.. هل يمكن أن تشرح لنا كيف تنسقون لأهدافكم ميدانيا مع المعارضين في الداخل؟
- سنعمل على تشكيل مجالس محلية فكل مدينة ومنطقة تتراوح فيها نسبة القبائل ما بين 30 إلى 25 في المائة، وهذه النسبة فقط للقبائل العربية في حين سيتم مستقبلا التنسيق مع هذا الأمر مع القبائل الأخرى كالكردية والدرزية وبالتالي يتم تغطية معظم المدن السورية لحفظ النظام بعد سقوطه وهذا إجراء احترازي مهم لحفظ الأمن وهذا الأمر سيعلن خلال الأيام المقبلة كتوصيات نهائية للاجتماعات القبلية بالتنسيق مع المجلس الوطني السوري.
 
السوريون: لم يعد لنا ما نخسره.. نريد الحرية، بانتظار المساعدات.. المناطق الهادئة تحمل وزر المناطق المنكوبة

لندن: «الشرق الأوسط».... بعد تحول غالبية سكان المناطق المتوترة إلى عاطلين عن العمل، والشلل الذي أصاب أطراف البلاد، لا تزال شعلة (الثورة) متقدة بالمظاهرات المطالبة بالحرية، كما أنها إلى تزايد.. وهنا تكمن المعجزة السورية إذ يقول أبو جميل الحمصي: «لم يعد لنا ما نخسره.. نريد الحرية».
حياة أبو جميل تكاد تكون نموذجا لحياة السوريين الذين هُجّروا من منازلهم في المناطق المنكوبة من حمص وحماه وإدلب والغوطة الشرقية إلى المناطق الهادئة نسبيا ليعيشوا على المساعدات في بيوت فتحت لإغاثتهم، يسكنون كل أربع أو خمس عائلات في شقة. لم يعرف أبو جميل الراحة في البيت الذي حل فيه وأسرته مع عائلتين أخريين، فأخذ يمضي أغلب وقته في الحديقة القريبة، بانتظار مظاهرة طيارة.. أو عمل، أو تغير الأحوال ليعود إلى حمص.
نزوح آلاف السوريين داخل البلاد باتجاه المحافظات الأخرى، لا سيما العاصمة دمشق ومدينة حلب والقلمون وسط البلاد والوادي القريبة من الساحل، مقابل تعطل الحياة في مناطق واسعة مثل محافظتي حمص وإدلب وريف حماه، خلخل التوازن المعيشي لعموم سكان البلاد، مما رتب مشاكل وتحديات جديدة فاقمت الأزمات المزمنة في المناطق المكتظة بالسكان، والتي لها علاقة بضعف توافر خدمات الكهرباء والماء والصحة والتعليم.
وبحسب الأمم المتحدة التي وضعت خطة لبحث تغطية الاحتياجات الإنسانية في سوريا بعد قيام بعثة منها بزيارة عشر محافظات سورية والتوصل إلى تقييم مشترك أجري بالتعاون مع مسؤولين سوريين في الفترة بين 18 و26 مارس (آذار) الماضي - هناك نحو مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حيث إن أكثر السكان في الأماكن التي زارتها البعثة يعانون نقصا في الأدوية الأساسية، وارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية، مع تضرر البنية التحتية بشدة، وندرة إمدادات المياه والكهرباء، مما جعل عائلات كثيرة غير قادرة على الحصول على احتياجاتها الأساسية اليومية، كما أن الوظائف وسبل العيش تعطلت، وارتفعت تكلفة السلع، وكثيرون لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الضرورية، أو الحصول على الخدمات الاجتماعية اللازمة، بسبب انعدام الأمن والضغوط المالية. وفي بعض المناطق، تلفت شبكات الصرف الصحي، وتلوثت مياه الشرب، وتوقف جمع القمامة، مما يمهد لتفشي أوبئة تنتقل عن طريق الماء مثل الكوليرا. ووفقا لخطة الأمم المتحدة، يستهدف البرنامج العالمي للأغذية تقديم الطعام لنحو 850 ألف شخص، وتمثل عملياته 85 مليون دولار من الميزانية. وما يأمل حسب المخطط تقديم الرعاية النفسية والاجتماعية والتعليمية للأطفال، ففي كل المناطق التي زارتها بعثة الأمم المتحدة ظهرت أعراض الإجهاد والصدمة على الأطفال، مثل تساقط الشعر ومشكلات النوم والتبول اللاإرادي.
خطة الأمم المتحدة لا تزال حبرا على ورق، لحاجتها إلى موافقة الحكومة السورية. وفي الأسبوع الماضي، بحث فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، مع منسقين من الأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية تحضيرات لتوقيع اتفاق حول آليات تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات السكان المتضررين، بعد تأسيس لجنة لقيادة هذه العملية «برئاسة الجانب السوري». المفارقة أن المقداد أكد حرص الجانب السوري على إيصال المساعدات الإنسانية إلى «مستحقيها من الذين تضرروا جراء الأعمال الإرهابية»، بينما تحدث المسؤولون الأمميون عن الحرص «على إيصال المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها». وبين من يحتاجها من وجهة نظر الأمم المتحدة ومن يستحقها من وجهة نظر الحكومة السورية، تتأخر المساعدات، ليعتمد السوريون على أنفسهم كل بحسب استطاعته.
جمال. ح من سكان دمشق يشير بكلامه عن مزايا (الثورة) بأنها «قربت الناس من بعضهم بعضا، فمع ارتفاع حدة عنف ووحشية النظام وارتفاع معدلات القتل والتدمير اليومي، لم تعد هناك قيمة لجني المال والثروات، وبات كل شخص يفكر في أن ما يجري اليوم لابن حمص أو إدلب أو حماه قد يصيبه غدا، مفسرا هذا بأن (الإنسان على عتبة الموت يكون بين يدي الحق فيتوب إلى ربه ويعود لإنسانيته لاقتناعه بأن كل شيء فان ما عدا الله.. الآن سوريا كلها بين يدي الحق)». هذه النظرة التدينية المثالية لا يمكن تعميمها بالمطلق على حال جميع السوريين، بل ما زال هناك تجار أزمات يستغلون الظروف لزيادة ثرواتهم، سواء كانوا من تجار المواد الأساسية، أو من أصحاب البيوت الذين رفعوا أسعار الإيجارات بشكل خيالي، ولكنهم فئة ليست كبيرة بل تكاد تكون معلومة وعرضة للمقاطعة من قبل مجتمع متضامن، يتحسس آلام أفراده، وجمعته المصائب، راح يلملم أشتاته ويشكل مجموعات إغاثة إنسانية، القسم الأعظم منها يعمل بغفلة عن النظام الذي يعتبر تقديم أي نوع من المساعدات دعما «للإرهابيين». يظهر هذا في حملات الاعتقالات التي تستهدف حتى المتعاطفين مع النازحين، أو مع (الثوار) مع أنه أمر محال ضبطه في مجتمع تحول في غالبيته إلى حاضن لـ(الثورة) حتى في المناطق الهادئة وذات الأغلبية الصامتة أو الموالية للنظام، إذ لا يمكن لتلك المناطق الانسلاخ عن محيطها ولا يمكنها العيش خارج أزمة تعيشها البلاد عموما، فمناطق الوادي في ريف حمص القريب من الساحل استوعبت عددا كبيرا من العوائل الحمصية المسيحية التي نزحت من حي الحميدية ومن مدينة القصير، وفي المقابل استوعبت مناطق القلمون أعدادا مضاعفة من العوائل المسلمة النازحة من حمص والقصير، إضافة لدمشق التي استأثرت بالعدد الأكبر، حيث يقدر عدد النازحين من محافظة حمص وحدها بنحو مائة وخمسين ألف نسمة. وتتندر إحدى صفحات الثورة السورية الحمصية الساخرة بالقول إن «النظام أخطأ مرتين مرة بتهجير الحماصنة، ومرة ثانية بإغلاق جامعة حلب.. فهو بذلك نشر الثوار في كل البلاد».
هذا الانتشار رتب أعباء كبيرة على الحكومة وأيضا على المواطنين جميعا، ففي مناطق الوادي والقلمون تمكن قلة من النازحين من إلحاق أولادهم بالمدارس، ولكن في دمشق لم يكن ذلك متاحا لازدحام المدارس بالأساس، ولم يتمكن أكثر الطلاب من متابعة دراستهم، وواقع طلاب الجامعات ليس أفضل، مع أن الحكومة سمحت لطلاب جامعة حمص بالالتحاق بجامعتي دمشق وحلب، إذ إن اضطراب الأوضاع الأمنية حال دون ذلك، فانقطع كثير من طلاب الجامعات عن الدراسة تارة تضامنا مع زملائهم المعتقلين وتارة بسبب هجوم الأمن والشبيحة على الطلبة في الجامعة، مما دفع الطلبة إلى الخوف على حياتهم، ندى طالبة طب «كلما خرجت من البيت أتلو الشهادة فقد أصادف الموت في طريقي».
وضع التعليم في البلاد ينسحب على باقي المجالات الأخرى كالصحة، فالمستشفيات العامة تعج بالمرضى، وهناك عيادات لا سيما في ريف دمشق المتمرد فتحت أبوابها لاستقبال المرضى بأسعار رمزية أو مجانية، لكنها غير قادرة على تغطية العجز في القطاع الصحي للتداوي والعلاج. خالد طبيب أسنان في بلدة قدسيا بريف دمشق يقول إنه فتح عيادته لمعالجة المرضى من النازحين مجانا، لكنه غير قادر على الاستمرار في ذلك طويلا، إنه «بحاجة لتمويل يغطي ثمن المواد المستخدمة في العلاج على الأقل». أمثال الطبيب خالد كثر في تقديم المساعدات، وبحسب تعبير سيدة أعمال حمصية أنفقت كل مالها على المساعدات في حمص، وصارت هي تعيش على المساعدات: «الشعب السوري حمل بعضه بعضا، ولكن تحت استمرار الضرب والقمع بات بحاجة لمن يحمله». هذا التوصيف يلخص واقعا يوميا ينوء بأحمال ثقيلة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية عدة أضعاف، كنتيجة طبيعية لتضافر عدة عوامل معا، أهمها الوضع الأمني المضطرب، وانقطاع الطرق، مما جعل حركة النقل بين المحافظات محفوفة بالمخاطر، بالإضافة لتضرر مناطق زراعية واسعة وتلف المحاصيل والمنتجات الزراعية والحيوانية في المناطق المتوترة، في مقدمتها أرياف حمص وإدلب وحماه والغوطة الشرقية ووادي بردى، منها بسبب تدميرها بالقصف العنيف ومنها لاستحالة جنيها، أو لاستحالة نقلها إلى أسواق المدن الكبيرة. يقول مزارع في منطقة الحولة بريف حمص إنه اضطر لرمي منتوجات مواشيه من الحليب في نهر العاصي: «لم أستطع تخزينه في برادات بسبب انقطاع الكهرباء، ولم يشتره مني أحد، ولا توجد أسواق في حمص. ماذا سأفعل بالحليب؟» بينما يقول رامي صاحب سوبر ماركت وسط دمشق «إن أصنافا فاخرة من الأجبان والألبان الحموية لم تعد تصل إلى دمشق لأن المعمل في حماه يعتمد على حليب يأتي من جسر الشغور في إدلب، والطرقات هناك خطرة جدا». لذا، فإن رامي رفع سعر هذا النوع من الأجبان لصعوبة توافره.
إضافة إلى الوضع الأمني المضطرب، تسهم العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في تعقيد حياة السوريين وتزيدها صعوبة، فاضطراب سعر صرف الليرة السورية وانخفاضها مقابل الدولار يرفع الأسعار على نحو جنوني، لكن عندما تتدخل الدولة وتحاول موازنة سعر الليرة بإجراءات تبدو غير واضحة ولا مدروسة، لا تتراجع أسعار السلع إلى ما كانت عليه، لذا يقول أبو جميل الحمصي: «عندما غادرنا حمص كان لنا عدة أشهر خارج حركة السوق، لا بيع ولا شراء، كل شخص يتقاسم مع جاره رغيف الخبز.. ولدى وصولنا إلى دمشق كنا مثل أهل الكهف». ومع ذلك، يؤكد أبو جميل أنه بمجرد سقوط النظام وتوقف القتل في البلاد، فإن سوريا قادرة على النهوض بنفسها، قائلا «سوريا أم الخير، ولكن للأسف الانفلات الأمني والقصف والتدمير يذهب بالخير والأرواح والأرزاق أدارج الرياح». ويوافق على هذا الكلام رياض المزارع في القصير بريف حمص: «فور توقف القصف العنيف عن المدينة والبساتين، توجه الفلاحون إلى مزارعهم وجنوا محصولهم من الفول والخس والبطاطا وإلخ.. من خضار وفواكه وباعوها أمام منازلهم بأسعار بخسة، ومنها ما وزع مجانا.. إذا عاد القصف سنعود لانتظار مساعدات تأتي من أبنائنا في العاصمة وخارج البلاد».
الناطق الرسمي باسم البرلمان المؤقت: نعيش تحت الاحتلال ونسعى لبناء دولة بدءا بالمؤسسات، نايف شعبان لـ «الشرق الأوسط» : تلقينا تمنيات بالتوفيق من المجلس الوطني ووعدا بالمساعدة بعد إعلان المشروع

لندن: نادية التركي بيروت: كارولين عاكوم ... أكد الناطق السياسي باسم البرلمان السوري المؤقت، نايف شعبان، أن أهداف المشروع السياسي الجديد هو بناء دولة «استقلال» جديدة والبدء بمؤسساتها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نطمح فقط لإنشاء دولة داخل الدولة، بل نعتبر أننا نعيش الآن داخل دولة احتلال غير قائمة وأفضل رد هو البناء، ونسعى لبناء دولة استقلال والبدء بالمؤسسات».
وحول اختيار الإعلان عن البرلمان الآن قال شعبان لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من سوريا، إنهم كانوا يعتزمون الإعلان عن تشكيل البرلمان في رمضان الماضي 2011 وتحديدا في شهر أغسطس (آب)، لكن «اضطررنا للتأخير لإعطاء فرصة للمجلس الوطني للقيام بإعلان مشروعه لقيادة المرحلة السياسية لبداية المرحلة»، وأضاف «لكننا في يناير (كانون الثاني) 2012 وجدنا أن العمل السياسي الذي تقوم به المعارضة في الخارج لم يعكس مطالب الثورة لذلك قررنا مواصلة مشروعنا».
وعن إمكانية تعرض أعضاء البرلمان للخطر من طرف النظام السوري قال شعبان «كل من في البرلمان هم من الثوار ونحن نعتبر أن الثورة في خطر ويمكن القضاء عليها ولن نتجنب هذا إلا بالتوحد. نحن نعتبر المشروع خلاصة الثورة، لا مانع أن يكون البرلمان في خطر إذا كانت الثورة في خطر». وحول كيفية تواصلهم مع الخارج قال شعبان إنه «سيتم تشكيل لجان تمثيلية عن البرلمان، إحداها لجنة السياسات الخارجية وسيكون لهم 70 في المائة من لجنة السياسات الخارجية، وهي التي ستكون مسؤولة عن التعامل مع الخارج ونقل مطالبنا للمنظمات والدول».
وأضاف أن اختيار الأعضاء تم «اعتمادا على التوزيع الجغرافي الذي تم عام 1943»، وقال «لإيجاد النواب كان أمامنا ثلاثة خيارات وهي إما التعيين وكان هذا غير ممكن، وإما الانتخاب الذي من المستحيل تحقيقه في الظروف الحالية، لذلك اعتمدنا الحل الثالث وهو الترشيح من خلال التنسيقيات، والعاملين على الأرض».
وعن علاقة البرلمان الجديد بالمجلس الوطني السوري قال إنه «تم عرض المبادرة على كل الكتل والناشطين المستقلين والأحزاب ومن ضمنهم المجلس الوطني، وعرضناها على أعضاء بالمكتب التنفيذي ودعوناهم للمشاركة وتحدثنا معهم، ونرى أن المجلس الوطني يمكن أن يقود عملية الحراك السياسي بالخارج باعتباره يتمتع بشرعية». وأضاف «لم نتلق ردا بالإيجاب أو الرفض على عرضنا، وتلقينا تمنيات بالتوفيق، ووعدا بالمساعدة بعد إعلان المشروع».
كما أكد أنه سيتم العمل كذلك بالتوازي مع الجانب السياسي على تكوين «جيش التحرير الوطني»، وقال «سنعتمد قيادات ميدانية على الأرض وستكون مشاركة معنا، والجيش الحر يعتبر مكونا أساسيا من المجموعات المقاتلة، وهناك تشكيلات أخرى سيتم دمجها في جيش التحرير الوطني».
وقال الناطق الرسمي باسم البرلمان إنه سيتم البدء «فوريا بتشكيل اللجان، كما سيبدأ العمل على توحيد المجموعات على الأرض وتشكيل قيادة أركان موحدة».
من جهته، قال ثائر الحاجي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد تنسيقيات الثورة السورية والناطق الإعلامي باسمها في أوروبا، إن اتحاد التنسيقيات «كان وما زال سباقا في الدعم لأي حراك ثوري لنصرة الشعب السوري، ونعتبر هذه الخطوة مهمة في مسار الثورة السورية لاستعادة وإمساك زمام الأمور من الثوار الذين أشعلوا هذه الثورة». وأضاف «لذلك نحن ندعم أي فكر ثوري يأتي من الداخل السوري للعمل على إسقاط هذا النظام المحتل بجميع رموزه. ويتمنى اتحاد تنسيقيات الثورة لهذه المبادرة أن تكون حقيقية، تجمع كل السوريين في الداخل والخارج تحت مظلة واحدة دستورية، وهذا التوحد سيكون ضربة قاضية للعصابة المحتلة».
وقال الحاجي إنه يعتبر أن هذا المشروع «رائع لأنه يعتمد على دستور أتى بعد عهد الاستقلال وضعه الآباء والأجداد، وهذا ما يحاكي أحلامنا، هو عمل سياسي جيد، وكان عندنا علم بأن المشروع بدأ منذ سنة كاملة».
وأضاف «لم نكن في الصورة لكن كنا نسمع عنه وأن بعض الممثلين عن التنسيقيات كانوا في حوارات ونقاشات مع هذه المبادرة لذلك نعتبرها حدثا سياسيا ضخما سيوحد السوريين تحت مظلة دستورية واحدة».
وطالب الحاجي «إذا تم اعتماد هذه المبادرة شعبيا» جميع التيارات والأحزاب بالانضواء تحت هذه المظلة الدستورية التي «نتصور أنها ستحدث تغييرا شاملا وتسرع في إسقاط نظام الأسد».
من ناحيته، نفى ضابط قيادي في الجيش السوري الحر أي علم له بالمجلس النيابي الانتقالي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم الاتصال بنا أو إعلامنا بأي خطوة كهذه»، وفي حين تخوف الضابط أن تؤثر خطوات كهذه بشكل سلبي على المعارضة السورية وتظهر أنها مشرذمة، وهذا ما يريده النظام السوري، قال «ننتظر الإعلان عن هذا المجلس وما هي أهدافه وخطته ومن هم الشخصيات التي تنضوي تحته، لنعلن بعد ذلك موقفنا منه»، مضيفا «لن نكون سلبيين إذا كانت التوجهات التي يرتكز عليها هذا البرلمان تساهم في توحيد المعارضة السورية وتفيد الثورة وتوصل إلى الهدف الذي نسعى إليه وهو إسقاط النظام والوصول إلى بلد ديمقراطي متعدد».
إلى ذلك، قال عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»: «لا علم لنا كما الجيش الحر بهذا الأمر، ولا صحة لقولهم إنهم تواصلوا مع المكتب التنفيذي للمجلس الوطني، لكن يبدو واضحا أن هناك مجموعة من الشبان يحاولون إنشاء تحرك خاص بالحراك الثوري الداخلي، والمفارقة أن معظم أطراف الحراك الثوري لا علم لها بهذه الخطوة». واعتبر رمضان أن الشباب ربما لديهم طموحات كبيرة، لكن الواقع السياسي والداخلي هو أكثر تعقيدا مما يتوقعون، مضيفا «ليس هناك مجموعة منفردة تستطيع أن تملأ الفراغ السياسي الحاصل في سوريا، إنما هذا الأمر يتطلب التقاء القوى المختلفة والشخصيات السياسية لتعمل معا ضمن برنامج عمل موحد، وهذا ما يعمل عليه المجلس الوطني السوري الذي يضم كل الأطراف، وهو الممثل الشرعي للشعب السوري والثورة السورية، ولا نجد أي فائدة لظهور أي جسم سياسي آخر يحمل هذه الصفة».
الكردي لـ «الشرق الأوسط» : حكومة بيروت مناصرة للظلم والضاهر يتهم النظام السوري بالوقوف وراء سفينة الأسلحة، خوري: لم ألمس استياء سوريا من الحكومة اللبنانية

بيروت: نذير رضا .... تواصل السجال اللبناني حول تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية إلى داخل سوريا، وحول باخرة «لطف الله 2» التي ضبطها الجيش اللبناني الأسبوع الماضي في المياه الإقليمية اللبنانية محملة بثلاثة مستوعبات أسلحة، قيل إنها معدة للتهريب إلى الأراضي السورية. وبينما أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري، نصري الخوري، أنه لم يلمس استياء سوريا من الحكومة اللبنانية، مثنيا على جهود الجيش اللبناني «لمنع استخدام الأراضي اللبنانية للتسلل إلى سوريا أو الإساءة إلى الأمن السوري»، اتهم عضو كتلة المستقبل النيابية، النائب خالد الضاهر، النظام السوري «بالتخطيط لتلك الباخرة، والوقوف وراءها، بهدف تضليل الرأي العام وصرف النظر عما يحدث داخل الأراضي السورية».
وقال خوري بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين، عدنان منصور، أمس: «لم نتطرق إلى موضوع الاستياء السوري من أداء الحكومة اللبنانية تجاه الوضع في سوريا، ولم ألمس أن هناك استياء بمعنى الاستياء من الحكومة اللبنانية، بل رغبة مشتركة من الجانبين بأن يصار إلى تطوير الإجراءات التي من شأنها أن تحد من عملية استخدام الأراضي اللبنانية لتهريب الأسلحة والرجال إلى الداخل السوري»، لافتا إلى أن «هذا ما يقوم به الجيش اللبناني، ويعلم الجميع أنه في هذا السياق هناك تنسيق دائم بين الجيشين اللبناني والسوري في عملية ضبط الحدود، وأن الجيش اللبناني يبذل أقصى الجهود لمنع استخدام الأراضي اللبنانية للتسلل إلى سوريا أو الإساءة إلى الأمن السوري».
وأضاف: «هناك تفعيل وتطوير دائم لعمليات المراقبة وضبط الحدود، وهناك جهود مبذولة وتواصل مستمر، وأعتقد أن كل ما يصار إلى طرحه بين الجانبين هو كيفية سد الثغرات إذا وجدت»، معربا عن اعتقاده «أن هناك تجاوبا من الجانب اللبناني ووعدا على العمل على سد بعض الثغرات في حال وجودها، والجانب السوري متفهم لكل هذه الأمور».
وأشار خوري إلى «أن الأمور قيد المتابعة، وقد لمست هذا عند فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان يوم أمس (أول من أمس) وهناك مواقف ممتازة وجيدة جدا تصدر عن كل المسؤولين اللبنانيين، وهناك إجراءات يقوم بها الجيش اللبناني وهو مشكور، وهناك ثناء على الدور الذي يقوم به»، لافتا إلى أن «العملية التي قام بها الجيش اللبناني في ضبط باخرة الأسلحة المهربة وضبط كميات أخرى من الأسلحة كانت معدة للتهريب إلى سوريا دليل على مدى الجدية في التعاطي مع هذا الموضوع».
في المقابل، اتهم النائب الضاهر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، النظام السوري «بالوقوف وراء باخرة لطف الله 2»، مشددا على أنه «إذا كان أحد من فريق 14 آذار لم يتورط في هذه الباخرة، فهذا دليل على أن النظام وحلفاءه يقفون وراءها بغية صرف النظر عما يحصل في سوريا، وقد فبركتها الاستخبارات السورية لإظهارها في توقيت يتزامن مع وجود بعثة المراقبين في سوريا، وللإيحاء بأن النظام يتعرض لمؤامرة تهريب سلاح عبر الحدود للمعارضة السورية».
وأكد الضاهر «أننا نمتلك معلومات عن مشاركة أزلام النظام في القضية، وتورط عناصر سورية موالية له في تهريبها»، لافتا إلى «أننا سنكشف التفاصيل في وقت لاحق». وعن عدم استياء دمشق من الحكومة اللبنانية، رأى الضاهر أن هذا التصريح «يعبر عن رضا النظام السوري عن أداء حكومته في لبنان»، واصفا الحكومة اللبنانية بأنها «حكومة الدفاع عن النظام السوري في الأمم المتحدة وفي المحافل الخارجية». واعتبر أنه «من المعيب أن يخضع لبنان للمجلس الأعلى اللبناني - السوري، وأن تتبع سياستنا الخارجية وزارة خارجية دمشق»، مشيرا إلى أن موقف الحكومة اللبنانية من النازحين السوريين على أراضيها «يدل على تبعيتها الكاملة للنظام».
من جهته، رأى نائب قائد الجيش السوري الحر، العقيد مالك الكردي، أن الحكومة اللبنانية «مناصرة للظلم واستباحة الحقوق التي يمارسها النظام السوري»، مشددا على أن «الحكومة اللبنانية أظهرت وجهها الحقيقي في تعاونها مع النظام، ونعتبرها جزءا من النظام السوري».
وقال الكردي في اتصال مع «الشرق الأوسط» إنه «كان يفترض بالحكومة اللبنانية وسائر الحكومات في المنطقة التعاون مع الشعب السوري؛ لأن الواجب الإنساني يفرض ذلك»، معتبرا أن «وقوف الحكومة اللبنانية مع الظلم، يدفع بالمنطقة إلى الاضطراب، وإلى زعزعة استقرارها».
وإذ أكد أن «من حقنا البحث عن مصادر السلاح وتأمينه بأي طريقة لأننا شعب يقتل، ومن البديهي البحث عن سبل الدفاع عن أنفسنا»، تساءل: «لماذا لم تتخذ الحكومة اللبنانية موقفا صارما ضد تسلل الشبيحة إلى أراضيها لملاحقة ناشطين في المعارضة السورية؟ ولماذا لم تتحرك لإغاثة النازحين من الشعب السوري، ولم ترد جميل شعبنا حين احتضن عشرات آلاف اللبنانيين أثناء حرب تموز (يوليو)؟».
وأوضح الكردي «أننا رصدنا الكثير من الشبيحة السوريين على الأراضي اللبنانية، كما رصدنا عناصر من المخابرات السورية في طرابلس وبيروت والجنوب يلاحقون المعارضين»، موضحا أن هؤلاء «يعمدون إلى قتل معارضين سوريين وخطف آخرين وسوقهم إلى داخل سوريا وتسليمهم إلى قوات الأمن السورية».
وأعلن الكردي أن «أخلاقنا تمنعنا من ملاحقة هؤلاء الشبيحة وعناصر المخابرات السورية، ومن تتبعهم، لأننا نحترم سيادة الدول»، مؤكدا أنه «لو شئنا ذلك لفعلنا، ونحن قادرون على ملاحقتهم».
وعما يشاع بأن المعارضة السورية حصلت على سلاح نوعي، منه صواريخ «ستينغر» المضادة للطيران الحربي والمروحي، وصواريخ «كوبرا» المضادة للدروع، أكد الكردي أن «الصحافة تهول الأمر، فنحن نحاول الحصول على سلاح نوعي، ولم نحصل حتى الآن إلا على بضع قطع لا يتجاوز عددها أصابع اليد، وهذا الرقم يؤكد أننا لم نحصل بعد على السلاح»، مشيرا إلى «أن حاجتنا إلى السلاح تفوق ما يتصوره البعض؛ لأننا نواجه جيشا منظما، ونظاما تصل إليه يوميا السفن المحملة بالسلاح الحديث والنوعي والثقيل ليقتل به شعبه».
تشييع قتلى الجمعة.. والمراقبون يتجاهلون دعوة المعارضة لحضور الجنازات، عبد الباسط سيدا لـ «الشرق الأوسط»: خطة أنان فاشلة

بيروت: كارولين عاكوم .... بعدما وصل عدد قتلى جمعة «إخلاصنا خلاصنا» إلى 37 قتيلا، دعا المجلس الوطني السوري بعثة المراقبين إلى التوجه إلى حي التضامن في كفرسوسة لإثبات عدم صحة مزاعم النظام الذي يقول إن دمشق مدينة محايدة. وجاء في البيان: «إننا نطالب المراقبين الدوليين بالتوجه غدا نحو حيي التضامن وكفرسوسة حيث يشيع شهداء يوم الجمعة في جنازات تثبت للنظام أن زعمه بأن دمشق مدينة محايدة مجرد زعم سقط في دمشق، وقبل ذلك في ريفها، منذ وقت طويل، كما سقط زعم مماثل في مدينة حلب القطب السكاني والاقتصادي والحضاري الآخر في سوريا».
وجاء في البيان أيضا: «رغم استمرار القمع والقتل والإرهاب، تظاهر السوريون في جمعة جديدة مجددين تمسكهم بمطلب إسقاط النظام الاستبدادي العائلي، وقيام نظام ديمقراطي يحترم حقوق السوريين ويصون كرامتهم. ففي طول البلاد وعرضها، وخصوصا في أكبر مدن سوريا، دمشق وحلب، خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بالحرية وبإسقاط نظام القهر والاستبداد، وتستنكر جريمة استباحة جامعة حلب وتشريد وقتل وإصابة واعتقال وفصل المئات من طلابها، وتبعث برسالة للنظام مفادها أنه لا معقل له في أي من المدن السورية».
وأضاف: «كالعادة واجه النظام الحناجر بالرصاص، والمطالب بالقمع الدموي، وخص عاصمتنا الخالدة دمشق الشام بنصيب وافر من الرصاص في عدد كبير من أحيائها، وخصوصا حيي التضامن وكفرسوسة، فسقط عشرات الشهداء والجرحى في محاولة يائسة لإخضاع أهل دمشق». واعتبر البيان أن ما قام به السوريون، يوم الجمعة، دليل قاطع على أنهم يؤمنون بالتظاهر السلمي كأسلوب أساسي للتعبير عن الرأي، ووسيلة للتغير الديمقراطي، ودليل على أنهم ما زالوا يدعمون المبادرة الدولية - العربية، رغم عدم تنفيذ النظام أي بند من بنودها، «واستمراره في ممارسة التحايل والخداع وتضليل المراقبين الدوليين».
في المقابل، وفي حين أكد الناشط السوري يوسف الشامي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشباب الناشطين في تنسيقية كفرسوسة تواصلوا مع المراقبين وطلبوا منهم أن يحضروا التشييع، إلا أنهم لم يلقوا منهم أي رد إيجابي»، ذكرت وكالة «سانا» للأنباء أن وفد المراقبين الدوليين التقى، أمس، محافظ حماه وقام بجولة شملت أحياء جنوب الملعب وشارع الثامن وحي مشاع الأربعين في المدينة، كما زار الوفد مدينة دوما في ريف دمشق والتقى عددا من الأهالي، كما أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة في سوريا وصول لجنة المراقبين الدوليين إلى مدينة أريحا وقابلهم الناس بمظاهرة حاشدة وإضراب عام، وعبروا عن استيائهم ونادوا بإسقاط النظام وسحب المظاهر المسلحة من المدينة، كما وصل وفد آخر إلى بصرى الشام في درعا، برفقة عدد كبير من سيارات الأمن و«الشبيحة».
وفي هذا الإطار، اعتبر عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، أن خطة أنان ومن ضمنها مهمة المراقبين فاشلة، لكن المشكلة تكمن في الإعلان عن هذا الفشل، في غياب أي خطة بديلة لدى المجتمع الدولي الذي يصر على التمسك بها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية كانت لنا ملاحظات على خطة أنان، من حيث قلة العدد والتمهل بإرسالهم، ومن ثم محاولة تصوير الوضع السوري وكأنه اختزل بوقف إطلاق النار»، مضيفا: «ما نريده من ثورتنا هو الحرية والاستقلال والتخلص من النظام الاستبدادي الذي استولى على البلاد والعباد».
النأي على الطريقة اللبنانية

عبد الرحمن الراشد.. جريدة الشرق الاوسط.... السلطات اللبنانية متحمسة جدا بعد أن أوقفت سفينة تقول إنها محملة بالأسلحة، عنوانها «إلى الثوار في سوريا»، وهي عازمة على محاسبة المتورطين فيها. وزير الدفاع تعهد بأنه لن يسمح بتمييع التحقيقات في السفينة / القضية، ورئيس الجمهورية قال إنه سيحارب المخالفين. «لطف الله 2» سفينة شحن حمّلت بالأسلحة في ليبيا، كما يقال، ووصلت بحرا، ومع أنه لا سلاح خرج منها أو استخدم، فإن رجالات الدولة متحمسون لملاحقة المتورطين.
لبنان يدعي أنه تبنى سياسة دخلت القاموس الدولي اسمها «النأي» في التعاطي مع الثورة السورية. إلا أن هذا النأي مورس فقط للتهرب من إدانة جرائم النظام السوري وتبرير الابتعاد عن المساءلة العربية والسورية الشعبية. لكن السلطات اللبنانية لا تنأى بنفس القدر عندما تكون المهمة مطلبا من النظام السوري. لم ينأَ لبنان في شأن السفينة الليبية، ويفعل ما فعلته تركيا التي ضبطت سفينة «أتلانتيك كروزر» محملة بالأسلحة ورست في مرفئها، وعثر على متنها على أسلحة إيرانية في طريقها إلى النظام السوري. الأتراك أخلوا سبيلها وطووا ملف القضية. لبنان جعل السفينة قضيته وأكثر حماسا في ملاحقة تفاصيلها من نظام الأسد نفسه، الذي لا يطارد المهربين كما يفعل المسؤولون اللبنانيون بحماس.
ولم ينأ لبنان بنفسه عندما فر بضعة جنود منشقين من الجيش السوري وعبروا حدوده، بل تدخل وقامت بعض عناصره بالقبض عليهم وتسليمهم إلى القوات السورية ليواجهوا خطر القتل هناك، مخالفا بذلك القوانين الدولية. الحالات التي نأت فيها السلطات اللبنانية، عندما سكتت على قيام السفارتين السورية والإيرانية بخطف أشخاص في شوارع بيروت عيانا بيانا. لم نسمع من الأجهزة الأمنية أو العسكرية أو المؤسسات الرئاسية عن أي جهد للتحقيق في المخطوفين الأهوازيين أو السوريين في بيروت.
ولو كان للبنان الخيار بأن ينأى ويستطيع أن يفعل ذلك حقا فسنكون سعداء، لكن نعرف أنه من المستحيلات تماما أن يتوقف المتقاتلون، أفرادا وحكومات، عن استخدام التراب اللبناني ومياهه. وما تفعله السلطات اللبنانية حاليا هو انحياز واضح، بسكوتها على أفعال النظام السوري والأطراف المنحازة له التي تقدم خدماتها من قتل ومطاردة ودعاية، مستخدمة في بعض الحالات أجهزة الدولة ومؤسساتها. في المقابل، تسخّر الدولة إمكاناتها لملاحقة الثوار السوريين أو التضييق عليهم، كما نرى في تحقيقات محاولة التهريب البحرية، لأنها مرت بميناء لبناني، حتى أصبحت شأنا يتعهد بمتابعته رئيس الجمهورية ووزير الدفاع.
هذا الحماس لإرضاء دمشق من قبل السلطات اللبنانية لن يسعف نظام الأسد المترنح، وسيغضب الحكومات التي على الطرف الآخر، الخليج والغرب، وسيصدم غالبية الشعوب العربية، وهذه الدول أكثر أهمية للبنان.
لبنان سيبقى محطة رئيسية للحدث السوري، بغض النظر عن تطوراته والكيفية التي ينتهي بها. وإذا كان لا يريد أن يكون كذلك حينها نفترض أنه عندما يعلن أنه ينأى بنفسه فعليه فعلا أن يبرهن على ذلك؛ إما بسياسة منع الجانبين السوريين أو بغض الطرف عن مخالفاتهما.
المتوقع من اللبنانيين أن يساندوا التغيير في دمشق، ودعم إسقاط النظام الذي أنهك لبنان ومزقه بالحروب والتدخلات، ولم يتورع حتى عن نهب مدخرات مواطنيه وبنوكه. الثورة في سوريا في حقيقتها تعبر عن مطلب لبناني قديم مستمر.
والحقيقة الأكيدة أن سقوط نظام دمشق لن يحرر السوريين فقط، بل سيحرر لبنان وأهله من أي نظام سوري.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,153,113

عدد الزوار: 6,980,810

المتواجدون الآن: 77