أخبار لبنان..الوساطات في الدوامة.. و«مجلس اليأس» لا إصلاحات ولا رئيس!..وباسيل يهاجم الأجهزة وفرنجية..ثقة «غربية» بتراجع حزب الله «رئاسياً» قبل العام الجديد.. «احتكاكات» الجيش جنوباً..خيط بين «الترسيم» و«الرئاسة» ..باسيل يواصل التهشيم الجوّال بالمؤسسة العسكرية!..جوزف عون مرشّح «الخيار الثالث»..خيارُه الصمت..خيارا باسيل: فرنجية أو الخروج من السلطة!..القطريون في لبنان: مبادرة أميركية حفراً وتنزيلاً..

تاريخ الإضافة الإثنين 2 تشرين الأول 2023 - 3:44 ص    عدد الزيارات 614    التعليقات 0    القسم محلية

        


الوساطات في الدوامة.. و«مجلس اليأس» لا إصلاحات ولا رئيس!...

إنتخابات تنافسية في المجلس الشرعي.. وباسيل يهاجم الأجهزة وفرنجية

اللواء.... أسبوعان، وتكون انقضت اربع سنوات على اندلاع تظاهرات واحتجاجات 17 (ت2) 2019، قبل ثلاث سنوات من نهاية عهد الرئيس ميشال عون، وحدث ان جرت انتخابات نيابية، في العام 2022، وأتت بالمجلس النيابي الحالي، الذي عجز عن تحقيق اي تشريع يتصل بقوانين تسهم بتجاوز الازمة، كدمج المصارف او الاصلاح المصرفي والكابيتال كونترول، واعادة الاموال المهربة الى الخارج، وايجاد آلية، تمكّن من تسديد ودائع المواطنين. مع هذا العجز، الذي لا يحتاج الى دليل، بات اللبناني، يوما إثر يوم يعيش صدمة عجز نوابه، من القدامي والجدد، والمنتمين للمنظومة والمتحررين منها، فضلا عن التغييريين.. عن ملء الشغور الرئاسي، او السير في اية خطوة من شأنها ان تعطي الامل للمواطن، بيوم افضل او حل على الطريق ولو بعد حين. والسؤال يستمر: متى انتخاب الرئيس، وماذا عن عروض ممثلي المجموعة الخماسية في البحث عن رئيس يقبل به نواب لبنان، عبر الكتل المؤلفة للمجلس النيابي، لا سيما الكتل المسيحية، التي اصطفت حول رفض النائب السابق سليمان فرنجية، لسبب واحد اوحد: انه مرشح حزب الله، والمنظومة.. وحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع، فإن الوساطات، سواء الفرنسية او القطرية والمصرية ما تزال في الدوامة، لا تراجع ولا تقدم، بانتظار جلاء المشهد الاقليمي، على مستوى الازمات المتفاقمة، في عدد من النقاط الساخنة. وتضيف المصادر ان المجلس الحالي مصاب بالعجز، الامر الذي ادخل اليأس إلى الوسطاء، في ظل تعثر عمليات التعافي والاصلاح والانتقال الى ادارة سياسية ودستورية جديدة. ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن التنسيق بين قوى الممانعة لم يتوقف يوما في الملف الرئاسي وإن الخيار الثالث لا يزال غير مكتمل الصورة بالنسبة لها، وأشارت إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعلن تعليقه الدعوة إلى الحوار لن يُقدم على أي مسعى جديد وهو في انتظار الحراك الجاري في الوقت الراهن. وأوضحت المصادر نفسها إلى أن المعارضة في الوقت نفسه لم تقترب إلى الاتفاق على أي خيار جديد لأن في اعتقادها أن الأساس يبقى العمل على الدعوة لجلسات انتخاب متتالية ، مؤكدة أن الجهد لإزالة مسألة التحفظات التي يملكها كل فريق متروك للمسعى الجديد والإمكانات المتوافرة في هذا الشأن، ولذلك من المرتقب أن تتوسع دائرة الأسماء المرشحة والتي تدخل ضمن الخيار الثالث الجديد، إلا أن الإشكالية تبقى في السير به من قبل القوى السياسية. واشارت مصادر ذات صلة الى ان مسار ازمة الانتخابات الرئاسية، مايزال يدور في حلقة مفرغة بسبب استمرار الخلاف الداخلي بين طرفي الازمة على حاله ، وتعثر المساعي والجهود الاقليمية والدولية في احداث خرق بجدار الازمة،بفعل تضارب المصالح بين دول اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر التي تتولى مهام الوساطة لمساعدة لبنان على تجاوز ازمته،مع ايران التي تعطل كل الجهود المبذولة بواسطة حليفها حزب الله، لتبقي ملف الانتخابات الرئاسية ورقة بيدها للمقايضة بالمفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب عموما،ما يبقي الازمة تراوح في دوامة طرح الحوار كشرط مسبق لاجراء الانتخابات الرئاسية ، او بالابقاء على مرشح الحزب سليمان فرنجية ، او طرح مواصفات تعجيزية لأي مرشح للرئاسة؟ ما يُبقي الازمة تراوح مكانها،بل وتستفحل ضررا وخرابا على كل المستويات. وتنفي المصادر السياسية علمها بموعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي إيف لودريان الى لبنان مجددا، وقالت ان اي مسؤول لم يتبلغ موعد هذه العودة بعد ، بالرغم من كل ما تردد عن احتمال عودته في غضون ايام معدودة. ولكنها شددت على ان ما رشح من معلومات شحيحة عن اجتماع الرياض الذي جمع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع لودريان مؤخرا، وتم خلاله بحث نتائج المهمة التي يقوم بها الموفد الرئاسي حتى الان ، تصب في خانة تجديد الثقة بالموفد الرئاسي الفرنسي واعطائه مهلة اضافية لكي يتمكن من انجاز مهمته . واعتبرت المصادر ان الموفد الرئاسي الفرنسي،يعمل ما بوسعه لجوجلة الافكار والطروحات التي تكونت لديه منذ تكليفه بهذه المهمة، وبالتنسيق مع الموفد القطري الذي يجول على القيادات والمسؤولين اللبنانيين في هذا الوقت بالذات للبناء عليها، والانطلاق منها بالمرحلة المقبلة، لكي يستطيع تحقيق الاختراق المقبول في جدار الازمة المعقدة، لئلا تكون زيارته المقبلة عديمة الجدوى وكسائر الزيارات السابقة.

انتخاب المجلس الشرعي

على خط انتخابي، فاز 24 عضواً، بانتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى في بيروت والمناطق، طغى عليها التنافس. ووصف المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان اجراء الانتخابات بأنه تطبيق للقوانين المرعية الاجراء، حرصا على النهوض «بمؤسساتنا التي هي جزء من النظام العام للدولة». وكانت صناديق الاقتراع افتتحت عند الساعة التاسعة من صباح امس، واستمرت حتى الواحدة ظهرا، بإشراف المفتي دريان ومساعديه. عند الواحدة، بدأت عمليات فرز الاصوات، واسفرت النتائج، التي جرت في اجواء ديمقراطية عن دخول عناصر تجديدية للمرة الاولى، فازت بعضوية المجلس. ففي بيروت، فاز كل من عبد الحميد التقي ومازن شربجي، ومحمد مكاوي كأعضاء جدد، وفي الشمال فاز كفاح الكسار. وفي طرابلس، الفائز الجديد وائل زمرلي، ومظهر الحموي الذي لم يفز في الدورة الماضية. وفي البقاع عضوان جديدان: محمد العجمي ويونس عبد الرزاق، وفي جبل لبنان، فاز كعضو جديد حمزة شرف الدين.

هجوم باسيل

وجدد امس رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل هجومه على فرنجية من دون ان يسميه، فليس هدفنا «رئيس تربى بكنف المنظومة بيتنشق هواها وبياكل من منافعها»، بل هدفنا ان ننقل لبنان الى نظام اقتصادي مالي جديد فيه الانتاج والمبادرة الفردية، وهذا يتطلب انتخاب رئيس جمهورية ملتزم بهكذا النموذج وباصلاح بنيوي للدولة». واعلن باسيل من زحلة: «كل الذين ينتظرون تغير موازين القوى لايصال مرشحهم الى الرئاسة واهمون، كالرهان على ضربة لحزب الله او لايران، او سقوط الاسد، او الرهان على تفاهم سوري- سعودي او سعودي - ايراني. وقال باسيل: مسؤوليتنا ان نتصدى لخطة النزوح.. مسؤوليتنا ان نفضح الذين يتآمرون على وجودنا، من الخارج ومن الداخل، ومن يستثمر في الوضع الحالي للوصول الى الرئاسة ويعطي اوراق اعتماد بسكوته عن التوطين». وقال: آلاف النازحين يعبرون الحدود عبر معابر غير شرعية ومعروفة بتشجيع دولي وبتواطؤ داخلي»، محذّراً من «خطر وجودي حتمي على لبنان»، مطالباً بـ«إقفال الحدود». وقال باسيل في كلمة من بعلبك - الهرمل: «أعداد النازحين باتت أكبر من قدرة الأرض على استيعابهم، وسياسيًّا نحن صمدنا وتحمّلنا كلّ الضغوط لدرجة العقوبات، لكن لبنان لا يحتمل والخطر أصبح كبيراً»، متسائلاً: «أين الحكومة اللبنانية من الموقف الخطير الذي يبشّرنا ببقاء النازحين؟ أين القرار السياسي والعسكري الأمني الذي يمارس النأي بالنفس عن ضبط الحدود؟ الوقت حان والحقائق تنكشف تباعاً ويلوموننا كيف نصوّب على قيادة الجيش والأجهزة». وشدد على اهمية اقرار اللامركزية الادارية والصندوق الائتماني امام الهيئات الاقتصادية في البقاع الاوسط وزحلة. ومن المفترض ان يتطرق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له في احتفال بعيد المولد النبوي الشريف الى الاوضاع الداخلية، وما يجري في الاقليم، فضلا عن دلالات المناسبة. نيابياً ومالياً، تتمثل حكومة تصريف الاعمال ممثلة بوزير المالية يوسف خليل امام لجنة المال والموازنة بحضور حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري لسؤالها عن كيفية صرف الحكومة اموال الـ SDR دون وجه قانوني. وكانت لجنة المال، طلبت من وزير المالية ايداعها تقريرا مفصلا عن عملية السحب حيث قدم جردة بها، وعلى ضوء هذه الجردة ستقوم لجنة المال بمساءلة الحكومة عن «كيفية صرفها ولماذا خالفت ما تعهدت به، اي عدم صرف اي مبلغ قبل العودة الى المجلس النيابي؟».

بوحبيب: ما حدا ح يشيل الزير من البير

وحول مهمة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب انه بعد عودته الى بيروت من نيويورك، سيجري اتصالا بنظيره السوري فيصل المقداد لتحديد موعد لزيارته للبحث في ملف اعادة السوريين الى بلادهم. واعرب بوحبيب عن اعتقاده ان لا هو ولا غيره «ح يشيل الزير من البير» نظرا للمواقف الدولية والسورية المتعلقة بعدم التحمس لعودة النازحين. وهاجم وزير المهجرين عصام شرف الدين الوزير بوحبيب ووصفه بالخانع والمتواطئ. وهكذا، بدا السجال الوزاري يتقدم على معالجة كيفية وقف النزوح السوري.

ثقة «غربية» بتراجع حزب الله «رئاسياً» قبل العام الجديد

الجريدة....منير الربيع ... لم ينجح اللبنانيون في «لبننة» استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يتركوا لأنفسهم أي هامش يتمكنون من خلاله من التقرير أو حتى التأثير في هذا الملف، وأصبح يقين جميع اللبنانيين بأن ما سينجز الاستحقاق ويوصل إلى تسوية سيكون مرتبطاً بمسار إقليمي - دولي يُفرض فرضاً عليهم. جانب من هذه القناعات كان حاضراً في لقاء المجموعة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، الذي عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك في جزء من مداولات ثنائية بين الأميركيين، والفرنسيين، والسعوديين. وحسب مصدر دبلوماسي غربي متابع، فإن الأميركيين كانوا شديدي الوضوح في مقاربتهم مع الفرنسيين، إذ قالوا لهم بوضوح: «لماذا تجدون أنفسكم مضطرين إلى مسايرة حزب الله ومنحه ما يريد رئاسياً؟ فلا الحزب انتصر في لبنان ولا إيران انتصرت في الإقليم، وبالتالي لا يمكن منحهما ما يريدانه سياسياً، إنما الحاجة ستكون إلى دفعهما لتقديم تنازلات». ويكشف المصدر الدبلوماسي عن عدة نقاط وخلاصات على هامش المداولات التي شهدتها لقاءات نيويورك، أولاها أن القوى الدولية توافقت فيما بينها على مواصفات الرئيس العتيد، وتمت الإشارة الى هذه المواصفات في بيانات واضحة بعد اجتماعات اللجنة الخماسية، وبالتالي فإن الالتزام بهذه المواصفات هو الجسر الى التسوية، لأنه لا قدرة لأي طرف على فرض مرشحه. والملاحظة الثانية أنه حتى لو تمكن حزب الله من إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، وهذا صعب جداً، فلن يكون بمقدور ذلك الرئيس تدبير شؤون البلاد وإدارتها وتجنب المزيد من الانهيارات، لأن أي إنقاذ سيكون بحاجة للمجتمع الدولي والدول العربية لا سيما دول الخليج، وهذا الواقع سيدفع الجميع للبحث عن كيفية مساعدة الثنائي الشيعي للنزول عن الشجرة والارتضاء بتسوية، لا سيما أن الآخرين ليس لديهم ما يقدمونه أو يخسرونه، إنما على الثنائي تقديم التنازلات. ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن هناك قناعة دولية وإقليمية بأن حزب الله لن يكون قادراً على الاستمرار بالشكل الذي يسير به الآن، ولا بد له أن يكون حريصاً على ترتيب الوضع قبل العام الجديد، فلا دور للحزب ولا انتصارات ما لم يكن لبنان موجوداً وقائماً، وهذا ما سيجبر الحزب على الذهاب إلى تسوية، لأن الانهيار سينعكس عليه سلباً وهو قطعاً لا يريد تحمّل تبعاته، إنما سيكون بحاجة ماسة إلى تفاهمات خارجية تؤدي إلى وقف النزيف المالي والاقتصادي وضخ بعض الأوكسجين لإنعاش المؤسسات نسبياً، وهذا لا يمكن أن يحصل بدون موافقة القوى الدولية والإقليمية.

لبنان: «احتكاكات» الجيش جنوباً... خيط بين «الترسيم» و«الرئاسة»

الجريدة...منير الربيع ...في موازاة النجاح السعودي بإعادة فرنسا إلى الالتزام بمقررات اللجنة الخماسية، والعمل بناء على ما تم الاتفاق عليه في اجتماعَي باريس والدوحة، لا يزال لبنان ينتظر جملة مؤشرات قد تدفع باتجاه السعي للوصول إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي. بعد الاجتماعات التي عقدها المبعوث الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، في السعودية مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والمستشار في رئاسة مجلس الوزراء، نزار العلولا، والسفير السعودي في بيروت، وليد البخاري، يفترض أن يتحرك لودريان باتجاه لبنان وفق مسار جديد، من المفترض أن يسعى خلاله لإقناع حزب الله وحركة أمل بضرورة التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية، والذهاب إلى مرشح ثالث توافقي، وإلّا فسيتم فرض عقوبات. حرص لودريان في لقاءاته بالمملكة على تأكيد نقطتين؛ الأولى أن فرنسا ترغب وتريد مواصلة العمل ضمن المجموعة الخماسية التي تضمّها الى جانب الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر، والثانية أنّه لا يُمكن لباريس أن تعلن فشل مبادرتها اللبنانية، لأن ذلك سيكون له انعكاس سلبي عليها داخلياً وخارجياً، خصوصاً في ظل ما تواجهه من تراجع لنفوذها في إفريقيا. في المقابل، سمع لودريان كلاماً سعودياً واضحاً، لضرورة أن تسعى باريس إلى وضع حد للتبايانات داخل الإدارة الفرنسية حول الملف اللبناني، إذ أنه لا يجوز أن يتفق لودريان مع «الخماسية» على نقاط محدّدة، ويعلن أنه لا بُدّ من الذهاب إلى مرشح ثالث، بينما يجري مسؤول فرنسي آخر اتصالات بمسؤولين اللبنانيين، ويبلغهم بأن باريس لا تزال على مبادرتها القديمة، وتستمر في دعم ترشيح فرنجية. وردّ لودريان على هذه الشكوى بالتأكيد أنه هو الذي يتولى ملف لبنان ويتحدث باسم رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون. عملياً، باتت كل الأنظار تتجه إلى اسم قائد الجيش جوزيف عون، وهذا ما يجب تعزيزه اعتماداً على الحركتين الفرنسية والقطرية أيضاً. وترى مصادر دبلوماسية أن ترشيح الرجل يحظى بدعم خارجي أميركي - سعودي - قطري، وتأييد داخلي ينطلق من حضوره على رأس قيادة الجيش، وبالتركيز على جملة ملفات يتولاها أبرزها العمل على قضية الحدود البرية. هذا الملف سيكون حاضراً بقوة، خصوصاً مع الزيارة التي سيُجريها المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، منتصف الشهر المقبل، فيما العمل جار على حلّ الخلافات حول النقاط الحدودية الـ 13 العالقة. جزء من التفاوض حول هذا الملف، يحصل في الجنوب ميدانياً هذه الأيام، من خلال تحرّك الجيش اللبناني وإجباره الإسرائيليين على التراجع، وقطع إحدى الطرق في محلة «مزرعة بسطرة»، التي كان الإسرائيليون يستخدمونها للتعدي على الأراضي اللبنانية. هذا النوع من الاستنفار الميداني لا بدّ أن يكون له انعكاس على المفاوضات، وسط ربط قائم بين إنجاز ملف تثبيت الحدود وملف رئاسة الجمهورية.

باسيل يواصل التهشيم الجوّال بالمؤسسة العسكرية!...

لا خيار دولياً إلا "الثالث"

نداء الوطن...في مرحلة انتظار استئناف اللجنة الخماسية تحركها مجدداً على صعيد الاستحقاق الرئاسي، يواصل فريق الممانعة نعي جهودها. وبدا «حزب الله» الطرف الأنشط في هذا الفريق على هذا الصعيد، إذ لا يمر يوم من دون أن يطلق فريق الصف الأول في «الحزب» مواقف تستهدف النيل من اللجنة، وما يلوح في أفق الحلول لأزمة الانتخابات الرئاسية. ووصل الأمر بالنائب ابراهيم الموسوي الى حدّ الحديث عن «تهجير المسيحيين من لبنان»، سائلاً: «إذا كانوا حريصين على المسيحيين فليش بدهم يفللوهم من لبنان؟ في مؤامرة أكبر بكتير من المسيحيين في لبنان. هل سألوا عنهم في العراق؟ ليش سألوا عنهم في سوريا؟ هل عم يسألوا عنهم في فلسطين؟».

مقابل حملة التهديد والوعيد التي يمارسها «حزب الله» ضد خصومه، هل من معطيات عن تحرك «الخماسية» في اتجاه الاستحقاق الرئاسي؟

تفيد أوساط ديبلوماسية «نداء الوطن» أنّ هناك تحركاً مزدوجاً للمبادرتَين الفرنسية والقطرية لا يزال قائماً. ففي انتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان مجدداً الشهر الجاري الى لبنان، لا يزال الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني في لبنان. ولفتت الأوساط الى أنّ الخيار الرئاسي الثالث أصبح «مدوّلاً»، وأنّ اللجنة الخماسية بكل مكوناتها واضحة في قرار الخيار الثالث. وأكدت أنه «صار من الصعب على ايران مواجهة هذا التوجه، وهي (أي طهران) ستبحث في نهاية المطاف في كيفية التموضع مع التوجه الدولي الجديد». وقالت: «توجه «الخماسية» هذا عملي، أي لا يشبه الكلام على القرارات الدولية مثل 1559 و1701 وغيرهما من النصوص المرجعية. أما الواقع الحالي فيتصل بتوجه ينحصر بالرئاسة في كل الأحوال. ومهما تأخّر «حزب الله» في الانسجام مع هذا التوجه الدولي فسيتحمل المسؤولية ولن تنفع سياسة شراء الوقت». وخلصت الأوساط الديبلوماسية الى القول: «إننا أمام تطور كبير». وفي إطار الاستحقاق الرئاسي، نقل عضو كتلة «تجدد» النائب أديب عبد المسيح الموجود ضمن الوفد النيابي الذي يزور الولايات المتحدة عن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ايفان غولدريتش قوله للوفد إنه «سيزور لبنان في كانون الأول المقبل، وسينتخب للبنانيين رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ». وفي سياق متصل، واصل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل حملاته على المؤسسة العسكرية، وفي خلفيته محاربة خيار انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وكانت آخر هذه الحملات «الجوالة» من القاع في منطقة بعلبك، فقال: «حان الوقت والحقائق تنكشف للمغشوشين بالمظاهر، يلوموننا كيف نصوّب على قيادة الجيش والأجهزة... نعرف أين يوجد التلكؤ والتقاعس، نتكلم على أفراد وقادة متواطئين سياسياً ومستفيدين مادياً من شبكات التهريب»! الى ذلك، نفت لجنة الإعلام والتواصل في «التيار الوطني» في بيان أصدرته «نفياً قاطعاً خبر تعرض موكب الرئيس العماد ميشال عون والنائب جبران باسيل لأي مضايقات أو وقوع أي حادث من أي نوع خلال جولة اليومين في البقاعين الأوسط والشمالي، والتي تكللت بالنجاح واتسمت بالحفاوة الشعبية والانفتاح والتواصل مع فاعليات عدة».

ما سرّ لوحة توم يونغ أمام مكتب قائد الجيش اللبناني؟

جوزف عون مرشّح «الخيار الثالث»..خيارُه الصمت

الراي.. | بيروت - من وسام أبوحرفوش |..... ... على الجدار، في الردهة أمام مكتب قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، لوحةٌ لعاشقِ «التجربة اللبنانية» بحُلْوها ومُرِّها، المبدعُ البريطاني توم يونغ، الذي «طار» يوماً على ارتفاع 2300 متر عن سطح البحر وعادَ بلوحةٍ سحرُها في «سرٍّ» اسمُه الجيشُ اللبناني. غالباً ما يصطحب «القائد» زوارَه، من ديبلوماسيين وسياسيين وقادة رأي وسواهم، إلى لوحة يونغ، وكأن في طقوسها وخطوطها وألوانها «جدول الأعمال» اليومي للعماد عون، الممنوع من المرض ومن السفر ومن التعب، لأن ما من أحد سواه يمكنه إدارة الجيش. في اللوحةِ موقعٌ للجيش في أعلى نقطةٍ مأهولة على الحدود اللبنانية مع سورية، «تَسَلَّلَ» إليها بشغفه الرسامُ البريطاني، الذي دوّن بالعين والريشة حكايةَ الجندي المرابط في الحرِّ والبردِ فوق جغرافيا لا يضاهيها وعورة سوى حال لبنان المتروك في صراع بقاء. القائد، الذي ارتدى المرقّط للمرة الأولى العام 1983، يتولى «شَرْحَ الصورةِ» لزواره وكأنه يضعُ الأصبع على الجرح... النزوحُ السوري، الوقودُ لآليات الجيش، صيانةُ الطوافات، الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة للعسكريين وعائلاتهم، حملاتُ النيل من المؤسسة العسكرية، والاستقرارُ الذي يُعانِدُ الفراغ. لم يتردّد عون، الذي تولّى قيادةَ الجيش في العام 2017 في وصْف الموجةِ العاتيةِ من النزوح السوري إلى لبنان بـ «الخطر الوجودي». كلامٌ قاله في اجتماعٍ وزاري ويردّده أمام زواره على وقع بياناتِ المؤسسة العسكرية المتوالية عن كبْح جماحِ متسلّلين من سورية وردّهم إلى بلادهم. ... هذا برجُ مراقبةٍ على السفحِ بُني في إطار المشروع البريطاني، كلفته نحو 500 ألف دولار، وعلى مرمى حَجَرٍ منه موقعُ للجيش اللبناني لا تصله المؤن في الشتاء إلا بالطوافات التي تحتاج صيانتها الآن إلى 10 ملايين دولار، فيما الجيش كسائر «المودعين» في البلاد يعاني تداعيات الأزمة المالية - النقدية. ورغم رفْع مستوى التحوط العسكري والاستخباراتي الذي يعرّج عليه قائد الجيش في كلامه أمام المسؤولين أو في مكتبه في إطار إظهار السعي الحثيث لضبْط الحدود التي تحوّلت برمّتها «معبراً غير شرعي»، فإنه لا يفشي سراً بأن نحو ثلاثة آلاف عسكري منتشرين الآن على الحدود مع سورية في محاولةٍ لردّ «هجمة» النزوح وأخطارها عن البلاد. وغالباً ما يدير عون «الأُذُنَ الطرشاء» لحملاتٍ سياسيةٍ تطلّ من حين إلى آخَر من على الشاشات والمَنابر، تفتح النارَ على الجيش وتحاول النيلَ من مكانته على رأس المؤسسة العسكرية، تارةً من خلال الحديث عن الفساد وتارةً عبر اتهامه بتسهيل النزوح، لكنه كَسَرَ الصمتَ مرةً وقال بالفم الملآن «أعان الله جيشاً يحارب الغباءَ والغلاءَ والوباء وقلّة الحياء والوفاء». وعلى قاعدةِ «إذا عُرف السبب بطُل العجب» ثمة مَن يعتقد أن الحربَ السياسيةَ المفتوحةَ على قائد الجيش من جهاتٍ بعيْنها، مردُّها إلى التداول باسمه كمرشحٍ جدي لرئاسة الجمهورية بعدما مَضى على «احتلال» الفراغ لقصر بعبدا نحو عامٍ لم تفلح خلاله مساعي الداخل والخارج في الإفراج عن الكرسي الأول. يُعانِدُ العماد عون محاولاتِ استدراجه الدؤوبة إلى المماحكات السياسية وأزقّتها، ويُعْلي الهمَّ الوطني على ما عداه. يَقرأُ ويَسْمَعُ ويُشاهِدُ ما يثار في شأن الاستحقاق الرئاسي المعلَّق منذ أمدٍ والتداول باسمه كخيارِ إنقاذٍ وسطَ الانقسامِ الحادِ الذي يكاد أن يشلّ الدولةَ وآليات الحُكْمِ ويجعل البلادَ فوق فوهة المجهول. لا يعلّقُ، لا يعقّبُ، لا يُجادِلُ في أي مسألةٍ ترتبط بموقعه في سياق الانتخابات الرئاسية رغم أن زواراً نقلوا عنه يوماً انه «إذا انتهت الأمور إلى الاتفاق على شخصه فإنه لن يرفض حَمْلَ المشعل (...) فالرئاسة بالنسبة إليه ليست طَمَعاً بلقبٍ بل هدفٌ وطنيٌّ سامِ (...) فالمطلوبُ رئيسٌ إنقاذي ينتشل لبنان ويعيده إلى دوره». يكاد أن يكون العماد عون اليوم «رئيسَ جمهوريةِ» الجيش، الذي يشقّ الطرقَ في الأعالي، يُجْري مسوحاتٍ للأملاك البحرية ولـ «مآثر» الكسارات، وللمباني المتصدّعة، يوزّع المساعدات حين تدعو الحاجة، يؤازرُ في عملياتِ إطفاء الحرائق في الغابات... كل ذلك وسواه بعدما فُقدتْ الثقةُ بأجهزة الدولة والمؤسسات التي يَنْخُرُها الفساد. فلبنان، الذي يكره «العسكريتاريا» يحب «جمهورية الجيش» بعدما تحولت المؤسسةُ العسكريةُ الحصنَ الأخير للأمن الأمنيّ وللأمان الاجتماعي... فالجيشُ جنوباً يؤازر «اليونيفيل» ويَمنع إسرائيل من مدِّ يدها، ويَمْضي بصلابةٍ في العمل على إظهار الحدودِ المُرَسَّمَةِ والانتهاء من النقاط الـ 13 الملتبسة نقطةً نقطة. هذه «الجمهورية» التي تُفاخِرُ بأنها طردتْ «داعش» مع عملية «فجر الجرود» صيف العام 2017، ووأدتْ الفتنةَ في قبرشمون في 2019 وحَمَتْ سلميةَ انتفاضة اللبنانيين في أكتوبر من العام نفسه... حاصرتْ أخيراً حريقَ مخيم عين الحلوة، وأطفأتْ مثيلَه في الكحالة، وأخمدت آخَر في الطيونة وتستمرّ العينَ التي لا يَغمض لها جفن. ورغم مرارةِ «القصف» الذي يتعرّض له الجيش من «بيت أبيه»، أي من أطراف داخلية ولأجنداتٍ سياسيةٍ جرّبتْ حظَّها في الحُكْمِ على مدى أعوام، فإن همَّ قائده واهتماماته في مكان آخَر... في التأكيد الأميركي على ديمومة الدعم للمؤسسة العسكرية، والاطمئنان إلى رسو باخرة الفيول الآتية هِبَةً للجيش من قطر. رسالةٌ نصيةٌ تردّ إشاعةَ وَقْفِ المساعدات الأميركية على أعقابها، فالجيشُ شريكُ إستراتيجي للولايات المتحدة. أما مِنحة المئة دولار لكل عسكريّ فمازالت على ما هي وفق برنامج UNDP لمدة ستة أشهر لم يَبْقَ منها إلا شهران. وثمة جهودٌ من الدول المانحة للتفاهم على بدائل وحِفْظِ ديمومة المساعدة على هذا المستوى. المسافةُ بين اليرزة حيث مقرّ قيادة الجيش، وبين قصر بعبدا الرئاسي قصيرةٌ جداً. شرفاتُهما على مرمى العين، ويحلو للبعض في لبنان القول إن من الطبيعي ألّا يشذَّ اسمُ العماد جوزف عون على لائحة المرشّحين للرئاسة عن تاريخِ قادة الجيش في لبنان في حصْد لقب «فخامة العماد». فمنذ ان انتُخب اللواء فؤاد شهاب عام 1958 رئيساً للجمهورية وأسّس لمدرسةٍ سياسيةٍ عُرفت بـ«الشهابية»، أصبحوا يَطمحون لتكرار التجربة. خارج اليرزة وصمْتها، يُقال الكثير عن عون وحظوظه الرئاسية كخيارٍ ثالثٍ لا مفرّ منه لإنهاء الشغور القاتِل في رأس الجمهورية... دَعْمٌ من الخارج وفي الداخل في انتظار نضوج مناخاتٍ ما لفكّ أسْر الرئاسة في لبنان. فالرجلٌ، الذي لم يتغيّر، بشهادةِ عارفيه قبل المرقّط وبعده، حاز عبر معمودية التجربة القاسية على رأس المؤسسة العسكرية، ثقةَ الدول التي تحرص على إنهاء المحنة اللبنانية الكبرى، ونجح في الداخل بتمكين الجيش والبلاد من اجتياز اختباراتٍ قاسية وصعبة في لحظةِ الأزمات الشاملة والانفجار الهيروشيمي في مرفأ بيروت. وثمة تقارير عن أن مجموعة الدول الخمس وموفديْها، الفرنسي جان - إيف لودريان والقطري جاسم بن فهد آل ثاني، صارت أكثر رغبة في الدفْع باتجاه دعْم العماد عون كمرشّحٍ للرئاسة واسمُه الحركي «الخيار الثالث». وثمة مَن يعتقد أن أطرافاً داخلية وازنة تؤيّد عون أو لا تمانع وصوله، وفي مقدّمها «حزب الله» الذي يُكْثِرُ أمينُه العام السيد حسن نصرالله من الإشادة بالجيش وقائده في مَجالسه ولا سيما بعد حادثة الكحالة التي حفظتْ السلم الأهلي.

استمرار تعطيل انتخاب الرئيس يُدخل لبنان في «غيبوبة» سياسية

لافتقاده مقومات الصمود للتعايش مع فراغ مديد

الشرق الاوسط..بيروت: محمد شقير...يقف لبنان على مسافة شهر من مرور عام على الشغور في سدة الرئاسة الأولى من دون أن يلوح في الأفق ما يدعو للتفاؤل بأن انتخاب رئيس للجمهورية أصبح وشيكاً، إلا في حال عاد الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان إلى بيروت في زيارة رابعة، حاملاً بيده عصاه السحرية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم لتفعيل مسعاه بحثاً عن رئيس توافقي من خارج المنافسة بين رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور لمصلحة مرشح توافقي يتحلى بالمواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية. ولا يبدو حتى الساعة أن الشغور الرئاسي لن يتمدّد طويلاً، وهذا ما تُجمع عليه الكتل النيابية المعنية بانتخاب الرئيس من موقع اختلافها حول الخيارات الرئاسية، رغم المبادرات الناشطة والمتعددة مع دخول قطر على خط الوساطات في محاولة تود من خلالها استطلاع المواقف، وتجميع المعطيات، وصولاً لاستدراج الكتل النيابية لتسمية مرشحين من خارج فرنجية وأزعور، وإن كانت ليست في وارد التشويش على المهمة الموكلة إلى لودريان بحثاً عن الخيار الرئاسي الثالث بدعم من اللجنة الخماسية التي تضم، إضافة إلى فرنسا وقطر، الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ومصر.

«الخيار الثالث»

فدولة قطر التي لا تتطلع، من خلال موفدها إلى بيروت جاسم بن فهد آل ثاني، للقيام بدور منافس للودريان، بمقدار ما تهدف إلى تزخيم المبادرة التي ترعاها اللجنة الخماسية لحث الكتل النيابية على إنهاء الشغور الرئاسي بذهابها إلى الخيار الثالث. ومع أن الموفد القطري حرص على استمزاج آراء الكتل النيابية بسؤالها عن موقفها حيال ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، والنائب نعمت أفرام، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، لأنها من الأسماء المصنّفة من وجهة نظره في خانة الخيار الثالث، فإنه حرص، كما تقول مصادر مواكبة للقاءاته لـ«الشرق الأوسط»، على استدراج العروض بإلحاق أسماء جديدة باللائحة التي عرضها من باب استطلاع آراء الكتل النيابية لتوسيع مروحة الخيارات الرئاسية من دون أن يقدّم نفسه على أنه البديل للودريان، وأن لديه إصراراً للتكامل معه لوضع حد لاستمرار الشغور الرئاسي. وبالنسبة إلى ما تردد بأن الموفد القطري يمهّد الطريق أمام مجيء وزير الدولة القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى بيروت فور انتهاء لودريان من جولته الرابعة على الكتل النيابية فإنه لن يخرج عن الإطار الذي رسمته الخماسية باعتماد الخيار الرئاسي الثالث لإنهاء الشغور الرئاسي.

الخيار الرئاسي الثالث يتقدّم دولياً وعربياً ويبقى تسويقه لبنانياً

أما بخصوص ما أشيع بأن الموفد القطري حاول استمزاج رأي فرنجية حول مدى استعداده للعزوف عن ترشّحه للرئاسة في مقابل إشراكه بوصفه واحداً من الأساسيين في التسوية السياسية التي تلي انتخاب الرئيس، فقد تبين، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بأن لا صحة لما قيل حول قيام الموفد القطري بتقديم لائحة من الإغراءات السياسية للحصول على موافقته بخروجه من السباق الرئاسي. وكشف المصدر النيابي في معرض دحضه كل ما تردد في هذا الخصوص، بأن ما أشيع لا يمت بصلة إلى الحقيقة، وسأل: كيف يروّج البعض لمثل هذه الأخبار استباقاً للقاء فرنجية بالموفد القطري؟ وبالتالي من أين استمد هؤلاء «معلوماتهم» استباقاً للاجتماع المرتقب بينهما؟ ....... ولفت إلى أن الموفد القطري سعى لاستمزاج رأي «حزب الله» عندما التقى المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل حول موقفه في حال أن فرنجية اتخذ قراره بخروجه من المنافسة الرئاسية، وقال إنه صارحه بقوله: ما عليك إلا الذهاب إلى فرنجية للوقوف على رأيه، وبعدها لكل حادث حديث، ونحن لن نسمح بأن ننوب عن حليفنا في الإجابة عن سؤال يتعلق به شخصياً، مع تأكيدنا أننا نتمسك بتأييده، وأن لا مجال للعودة عن قرارنا، إلا في حال اتخذ قراره بملء إرادته بعزوفه عن الترشُّح ونحن من جانبنا نحترم ما يقرره. وأكد المصدر النيابي أن الثنائي الشيعي لا يزال يتمسك حتى الساعة بترشيح فرنجية، ونقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله بأن دعوته لحوار نيابي غير مشروط مدة أسبوع يليه انعقاد البرلمان في جلسات متتالية لانتخاب الرئيس تبقى الممر الإلزامي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من المراوحة، تاركاً القرار النهائي للنواب، وليتحمل كل طرف وزر قراره، وأنا لا أستجدي أحداً للحوار، ولن أدخل في سجال سياسي مع الذين اعترضوا على دعوتي. لذلك فإن التوافق على انتخاب رئيس من خارج الانقسامات السياسية لا يزال يصطدم بحائط مسدود، ولا يبدو في ضوء المعطيات المحلية أن هناك إمكانية لإحداث خرق في الملف الرئاسي، وبالتالي يبقى الانتظار، كما يقول مصدر نيابي، سيد الموقف، بينما يتواصل الجهد القطري بلا ضجيج لعل موفد الدوحة إلى لبنان يتمكن من تعطيل مفاعيل الألغام السياسية المؤدية إلى ترحيل انتخاب الرئيس. وعليه فإن وقف ترحيل انتخاب الرئيس يبقى عالقاً على خشبة عدم نضوج الظروف الدولية والإقليمية لتسهيل إخراجه من التعطيل، بالتلازم مع انقطاع التواصل بين الكتل النيابية بحثاً عن الخيار الرئاسي الثالث في ظل تمسك الثنائي الشيعي بدعم ترشيح فرنجية. فالمشكلة ليست محصورة محلياً فحسب، وإنما هي معطوفة على ما يدور في المنطقة من تطورات تدخل الآن في مرحلة جديدة في ضوء المفاوضات غير المباشرة الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، على أساس أن «حزب الله» لن يبيع موافقته على الخيار الرئاسي الثالث ما لم تحصل إيران على ما تريده لكسر الحصار الدولي المفروض عليها، سواء من واشنطن أو دول الاتحاد الأوروبي. وإلى أن تنضج الظروف الخارجية لفك أسر الاستحقاق الرئاسي من «الاحتجاز»، فإن لبنان يمضي حالياً في غيبوبة سياسية جراء تعطيل جلسات الانتخاب، إلا إذا حصلت مفاجأة من العيار الثقيل تدفع باتجاه تأمين التوافق الدولي للعبور به إلى مرحلة التعافي، بدءاً بالإفراج عن اسم الرئيس العتيد قبل فوات الأوان، لأن إبقاءه على لائحة الانتظار يعني حكماً تدحرجه بسرعة نحو الأسوأ لافتقاده إلى ما تبقّى لديه من مقومات الصمود للتعايش مع فراغ رئاسي مديد.

خيارا باسيل: فرنجية أو الخروج من السلطة!

الاخبار...ابراهيم الأمين .... اللحظة اللبنانية الراهنة ليست لحظة التنازلات التي تنتج حلاً. فالداخل غير قادر على فرض خياره على الخارج إلا شكلاً، لأن لبنان يحتاج إلى خيار يفكّ الحصار المفروض عليه من الغرب وبعض العرب. والخارج الذي يستطيع أن يهدّد ويتوعّد، غير قادر على تمرير حل من دون توافقات داخلية كبيرة، وبالتالي، لم تعد المعضلة الرئاسية رهن اتفاقات جانبية. وبما أن المقدّمات لا تقول بأن في لبنان غالبية معقولة تريد انتهاج سياسات خارجية واقتصادية مختلفة، فنصيبنا هو الفراغ، في انتظار لحظة إقليمية تتقاطع مع لحظة داخلية فيكون الحل. إعلان فرنسا، بلسان موفدها الرئاسي جان إيف لودريان، الذي فشل في محاولة تمرير سليمان فرنجية رئيساً، عدّل في أدوات المعركة لا في وجهتها. كان الداعمون لفرنجية يسعون إلى توفير عدد من الأصوات له يتجاوز الـ 75، وهو خيار يحتاج إلى تفاهمين كبيرين، واحد مع جبران باسيل وآخر مع وليد جنبلاط. لكنّ المساعي التي قادها حزب الله والرئيس نبيه بري لم تحقّق المطلوب. فيما لم تنجح فرنسا في الحصول على أي تغطية فعّالة من الولايات المتحدة أو السعودية.

اللحظة اللبنانية لا تتيح تسوية من دون موافقة الخارج، لكنّ غالبية داخلية توفّر ضمانة لعهد أكثر استقراراً ...

بعد إعلان لودريان، تحمّس القطريون للعب دور الوسيط، وعاد الجميع إلى متاريسه السابقة. صحيح أن الفريق الداعم لفرنجية لا يحتاج إلى مناورة لتثبيت موقفه، لكنّ الفريق المعارض لفرنجية يحتاج إلى صيانة لمشروع التقاطع، لأن اسم جهاد أزعور لم يعد صالحاً للاستخدام، والرجل نفسه بدأ يشعر بتعاظم الضرر الذي يصيبه جرّاء استمرار الأمر على حاله، وهو قد يكون مضطراً للقيام بخطوة في حال لم يبادر المتقاطعون إلى وضع إستراتيجية منطقية، خصوصاً أن أزعور يعرف الوقائع بصورة جيدة، ويدرك أن تحوّله إلى مرشح مواجهة مع الفريق الآخر، يسقط عنه صفة «رجل المهمة الوطنية» كما كان يفترض لنفسه.

لكنّ مشكلة فريق التقاطع تكمن في فقدان البديل، لذلك، يواصل هؤلاء الحديث عن بقاء أزعور مرشحاً، ولكلّ حساباته: البطريرك الماروني لا يريد الوقوع مجدّداً في وحول الترشيحات، وسمير جعجع يريد مقايضته بفرنجية، وجبران باسيل يريد أن يكون أزعور عنوان الإطاحة بكل مرشحي الفئة الأولى: أزعور وفرنجية وجوزيف عون أيضاً!

لا تملك قطر قدرة الادّعاء بأنها مفوّضة من دول اللجنة الخماسية. لكنها تحظى بدعم أميركي جدّي، ولا ممانعة مصرية، وغضّ طرف سعودي، حتى «النقزة» الفرنسية لا تمنعها من المبادرة. لكنّ الدوحة لاعب في الفريق الأميركي، وقدرتها على تدوير الزوايا لا تتجاوز حدود استعمال المغريات المسهّلة لاتفاق يحقّقه آخرون. وما تملكه قطر اليوم هو أنها تمسك بورقة «إعلان الفشل الفرنسي» وبـ«الموقف الأميركي - السعودي المتشدّد»، وهي فوق ذلك قادرة على تمويل العملية برمّتها: تبدي استعداداً لدفع ثمن انسحاب سليمان فرنجية. وتمويل تأييد جبران باسيل وكتل نيابية كثيرة لاختيار بديل لا يعارضه حزب الله، وتقديم مساعدة مالية في قطاع أساسي يعاني منه لبنان.

لكن، كيف يمكن لقطر أن تفرض اسماً توافقياً؟

حتى اللحظة، يعرف القطريون، كما فرنسا ودول الخارج، أن ثمن انسحاب فرنجية من السباق لا يتعلق بتسوية شخصية معه، بل بصفقة تخصّه من جهة، لكنها تخصّ بشكل أكبر القوى الداعمة له، وحزب الله على وجه التحديد. والحزب، هنا، ليس بحاجة إلى دولارات الدوحة، ولا إلى رضى وزارة الخزانة الأميركية، ولا هدنة لفظية من قناة «العربية». بل يحتاج إلى من يلبّي الشرط الذي وجده متوفراً في شخص سليمان فرنجية، أي ضمان عدم طعن المقاومة في الظهر. وهو عندما وافق على مبادرة سليمان فرنجية - نواف سلام، كان يعرف ما الذي يريده. أما في حال الإطاحة بفرنجية، فإن المعادلة كلها ستسقط، وعندها سيكون المرشح لرئاسة الحكومة، كما تشكيلة الحكومة وتوزيع الأدوار فيها، ساحة لمعركة كبيرة يخوضها حزب الله، وأي انقسام جدّي حول الحكومة المنتظرة، يمكن أن يعطّل العهد الجديد من اليوم الأول، وعندها يكون من وصل إلى القصر الجمهوري قد فاز بلقب فخامة الرئيس لا أكثر.

إذا طار فرنجية سيأتي رئيس ضعيف وتنتقل المعركة إلى اسم رئيس الحكومة وطريقة توزيع مقاعدها

في الموازاة، لا يبدو أن الرئيس نبيه بري مستعدّ هو الآخر لبيع مرشحه بأيّ ثمن. ومهما كثر الكلام عن خشيته من فرض عقوبات أميركية على مقرّبين منه، أو شن حملة أوروبية ضده، يعي بري أن المهمة المنوطة بأيّ رئيس جديد تحتاج إلى توافقات يومية معه، كما هي حال أي رئيس جديد للحكومة، وبالتالي، فإنه لا يجد أن الوقت قد حان لإدخال تعديلات جوهرية على إستراتيجيته، وإن كان -كما جنبلاط وفرنجية نفسه - في موقع من يقدر على أفعال تصبّ كلها في خانة إضعاف خصومهم الداخليين، من سمير جعجع إلى جبران باسيل. حتى إنه صار يتردّد في صالونات هؤلاء بأنه في حال انسحاب فرنجية، فإن الثلاثة، سيصوّتون لمرشح لا يريده جعجع وباسيل أو يخافان منه، مع إشارة مباشرة إلى اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون. علماً أن الأخير، وإن كان سعيداً بالأخبار عن تعثّر مبادرة إيصال فرنجية، إلا أنه بات يخشى أن يكون رأسه هو أول أثمان التنازل عن فرنجية. بذلك، نعود إلى النقطة التي تتعلق بموقف باسيل. صحيح أن معادلات كهذه تعطي دوره وموقفه وزناً كبيراً، إلا أن الثمن لم يعد كما كان عليه سابقاً. بمعنى، أنه بعدما رهن قبوله بفرنجية بإقرار اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني، فهو قد تخلّى عن «عرض الضمانات» الذي قدّمه له السيد حسن نصرالله في بداية النقاش حول الملف الرئاسي. يومها، كان بمقدور نصرالله القول بأنه يمون على بري وفرنجية للسير معه في «عرض الضمانات». إلا أن الظروف تغيّرت، وبات على باسيل أن يدرك جدياً أن قواعد اللعبة تغيّرت، وأن بري وفرنجية ومعهما آخرون، لن يقبلوا بمقايضة دعمه فرنجية بأدوار تشكل مصدر إزعاج لهم لاحقاً. لذلك، ربما يجد هؤلاء، ومعهم جنبلاط ومستقلون، أن ما يناسبهم، هو بالضبط من لا يناسب باسيل، وليتمتع الأخير بجنّة المعارضة.

المعروض الآن، وفق فرضية انسحاب فرنجية، خيارات لا تناسب باسيل على وجه الخصوص:

- إما صياغة تفاهم يوصل قائد الجيش إلى القصر الجمهوري، ما يعني خسارة كبيرة للتيار الوطني الحر.

- أو نجاح الخارج في ترتيب تسوية بين حلفاء السعودية وغالبية إسلامية وازنة تأتي برئيس يكون خصماً أكيداً للتيار، ولو لم يكن حليفاً أكيداً للآخرين. وفي هذا خسارة إضافية لباسيل.

- أو تسوية تقوم على فكرة «الرئيس الضعيف» الذي لا يشكل خطراً لا على مصالح التحالف الإسلامي بكل عناصره، ولا يشكل بعبعاً بوجه القوى المسيحية ذات الوزن. وفي هذا الخيار إضعاف جديد للرئاسة الأولى، وهو ما قد ينسحب على أمور كثيرة في بلد تتغيّر فيه موازين القوى بصورة متسارعة، وهذا ما يوجّه ضربة كبيرة إلى تصورات باسيل.

عملياً، وفي ظل امتناع أكيد من جانب حلفاء حزب الله عن السير بمرشح (غير فرنجية) يكون على هوى باسيل، فإن دعوة رئيس التيار لحزب الله وحلفائه إلى الاتفاق على اسم جديد، فقدت قوتها. ما يعني، أنه بقيت هناك فرصة وحيدة لإعادة إنعاش المبادرة الفرنسية، من خلال انضمام باسيل وجنبلاط ومستقلّين إلى الفريق الداعم لفرنجية، ونجاح هذه الفرصة رهن بباسيل وحده: فهل يريد اختيار صفقة جوزيف عون ليحصد جوائز خارجية أولاً، أم أنه يريد التنازل جزئياً ويسير بفرنجية فاتحاً الباب أمام دور من نوع مختلف، أم أنه فعلياً يريد خوض مغامرة الخروج من السلطة نهائياً...؟ وفي هذه النقطة، لم يعد التحايل على الوقائع نافعاً ولا التشاطر على شكل مناورات، لأن النتيجة ستكون بأن يمضي باسيل العهد المقبل لاجئاً إلى لعبة التقاطعات بالمفرق!...

القطريون في لبنان: مبادرة أميركية حفراً وتنزيلاً

الاخبار..غسان سعود ... لم يفارق القطريون مربّع اهتمامهم الأساسي بترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون. سؤالهم الدائم لكل من يلتقون به، هو رأيه بعون، وكيفية حل أزمة الاستحقاق الرئاسي... دون أيّ إضافات. صحيح أن سؤالهم الدائم عن قائد الجيش يجعله مرشّحهم، لكنهم لم يقولوا أبداً ذلك بشكل واضح: لم يفصّلوا له البزّات الرئاسية أو يلتقطوا له «صورة الرئيس» أو «يفتحوها» للفريق الإعلامي المحيط به ليوسّع دائرة الاستقطاب. أراد القطريون تعطيل اندفاعة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية باتجاه بعبدا. وضعوا العصي في دواليب «البوانتاجات» التي استعجلت بعض الماكينات القيام بها، لكنّهم لم يكبّدوا أنفسهم عناء إعداد «بوانتاج» مضاد لقائد الجيش. ولم يقفوا على خاطر وليد جنبلاط أو بعض النواب المستقلّين الذين أعلنوا دعمهم له من أجل تعزيز حماستهم للقائد أقله. فهم لا يخوضون أبداً تلك المعركة التقليدية بالعدّة التقليدية. ما يقومون به اليوم، هو عَود على بدء: سؤال عن قائد الجيش، سؤال عن كيفية حل الأزمة الرئاسية وعرقلة أيّ «تقدم» محتمل لفرنجية. في كل جولاته، يطرح الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني الأسئلة، ولا يقدم أجوبة أو تصورات. وفي كل جولة، يوسّع القطريون رقعة حركتهم لتطاول ثلاثة أو أربعة أشخاص إضافيين. يفضّلون الغداء أو العشاء على اجتماعات العمل التقليدية؛ يريدون لقاء لا اجتماعاً، بضع ساعات لا بضع دقائق، مع حرص على إفساح المجال أمام المسؤولين اللبنانيين للاستفاضة، «ليجودوا بكل ما لديهم» كما يشتهون دائماً، مستفيدين من النزعة اللبنانية الدائمة نحو الكلام أكثر من الإصغاء. وفيما يثني القطريون بشكل دائم – ولافت – على ما يقوله مستضيفهم؛ يثنون بالحماسة نفسها على المستضيف الأول والثاني والثالث والرابع حتى لو كان لكلّ من هؤلاء رأيه الذي لا يتفق أحد معه به. هذا هو الدرس الأول في دورات حل النزاعات التي تلقّاها المسؤولون القطريون: لا يجادلون أبداً، يثنون، ثم يثنون أكثر، ثم يبالغون في الثناء. يعتقد من يستقبلهم أنه أقنعهم بالكامل برأيه؛ يمكن أن يصدق (سمير جعجع مثلاً) أنه هو من يرسم لهم سياستهم في البلد والمنطقة. وحين يُسأل المستضيف لاحقاً عما حصل في الاجتماع سيسارع إلى نقل ما قاله هو إلى ضيوفه لا ما سمعه منهم، إذا كان يسمع في الأساس. مع العلم أن المشكلة ليست في «السمع»، فهم لا يقولون شيئاً جوهرياً في الأساس. وهم يثنون على غالبية الأسماء التي ذُكرت أمامهم، مبالغين في الثناء حتى على من يعرفون أن لا ذرّة أمل له.

يسأل الموفد الأمني رأي اللبنانيين بقائد الجيش وهمّه يتركّز على إطاحة فرنجية

خبرة القطريين في الملف اللبناني تجعلهم يقدّرون سعر «النفوذ» في لبنان وكيف يُشترى ومدة صلاحيته، وهم بعد تورّطهم الفاشل والخاسر في الحرب السورية يعودون من جديد إلى الملف اللبناني، لكن بحذر أكبر. فلا يريدون غير ما يريده الأميركيّ حفراً وتنزيلاً من دون أيّ تغيير أو تعديل كما حاول الفرنسي أن يفعل. وهم، أيضاً، قادرون على الحديث مع الجميع، من حزب الله الذي لا يمكن للأميركيين الكلام معه مباشرة، إلى جبران باسيل المعاقَب أميركياً، إلى مجمل الأفرقاء الذين حالت الكبرياء الفرنسية دون إصلاح آلية التواصل معهم. وإذا كان الدخول القطري على أيّ ملف يعني دخولاً أميركياً فإن البعض يفترض أنه دخول يمهّد حتماً لحوار وتسويات وحلّ كما حصل في عدة تجارب، لكن ذلك قد لا يكون أكيداً كما حصل في سوريا: حيث عرض القطريون على القيادة السورية باسم «الأخوّة والتنسيق» تخلياً طوعيّاً عن بعض السلطة (كانت ستتبعه مطالبات أخوية أخرى)، والتجربة علّمتنا، كيف أنه بمجرد رفض القيادة السورية العرض، تحوّل الوسيط المفترض إلى رأس حربة في الحرب. واضح أن التحرك القطري يأتي بإيعاز أميركي، وهو يدخل إلى لبنان من بابَي حزب الله والتيار الوطني الحر، لكنه لا يزال يقتصر على عرقلة أيّ تقدم ممكن لفرنجية، وتوسيع هامش «العلاقة الاجتماعية»، وتثبيت ترشيح قائد الجيش، من دون إعلان رسمي حتى الآن. ولم يكشف القطري بالتالي بعد عن أوراقه، لم يقل: «هذه مبادرتي». يسأل عن رأي الأفرقاء بعون لكنه لا يسأل عمّا يمكن أن يغيّر رأيهم به، سواء أكان سلباً أم إيجاباً؛ فهل يبقى هو نفسه مثلاً جوزف عون بالنسبة إلى سمير جعجع وسامي الجميل وبعض التغييريين والمستقلّين إذا تبنّى حزب الله ترشيحه؟ هل يقبل به باسيل إذا تعهّد بالعمل لإقرار اللامركزية الإدارية المالية والصندوق الائتماني خلال عهده؟......

لم يدخل القطري نفسه بعد في كل هذه الزواريب، ولم يفعل كما فعلت فرنسا. فهو لا يطرح مبادرة أو مقايضة، ولم يقل من يمكن أن يكون رئيساً للحكومة في أول العهد المقبل، ومن يقترح لوزارة المال أو حاكمية المصرف المركزي أو قيادة الجيش أو رئاسة مجلس القضاء الأعلى. حتى اليوم لا توجد مبادرة قطرية؛ يوجد ضابط أمني يصول ويجول، بعيداً عن الأنظار؛ يحضّر الأرضية لعمل قطريّ ليس معلوماً إذا كان قريباً جداً أو بعيداً جداً، تماماً كما لا أحد يعلم ما إذا كان يثبّت الاستقرار كما حصل في بعض الساحات أو يفجّره كما حصل في ساحات أخرى. لقد كان لدى الفرنسيين ما يخسرونه في لبنان فيما ليس لدى القطريين ما يمكن أن يقلقوا بشأنه، وهو ما يطمئن الأميركيين أكثر إلى دورهم كـ«وسيط»، مع افتراض قطريّ خاطئ بأن نجاحهم في المبادرات بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يُترجم نجاحاً لبنانياً أيضاً.

لبنان يترقب إقرار موازنة 2024 لتوحيد سعر الليرة

أرقامها تمهّد لإنهاء 4 سنوات من فوضى السوق

بيروت: «الشرق الأوسط»...ينظر اللبنانيون إلى إقرار مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024، على أنه مدخل لموازنة أكثر واقعية، وتوحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والتخلص من الأسعار الثلاثة الموجودة بالحد الأدنى لصرف الليرة، وهي: السعر الرسمي (15 ألف ليرة للدولار الواحد)، ومنصة «صيرفة» (85 ألف ليرة للدولار الواحد)، والسوق الموازية (89 ألف ليرة للدولار الواحد). وتُعدّ مسألة توحيد أسعار الصرف من أحد الشروط المسبقة لحصول لبنان على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار (3.09 مليار يورو). ففي نهاية جولة وفد الصندوق الأخيرة على المسؤولين في لبنان في الشهر الماضي، أكد الصندوق أن «من شأن توحيد أسعار الصرف وضع حد لفرص تحقيق الريع، وتخفيض الضغوط على احتياطات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وتمهيد الطريق أمام سعر الصرف الذي تحدده قوى السوق»، مشدداً على أنه «ينبغي أن تقترن هذه العملية بضوابط مالية مؤقتة للمساعدة على حماية موارد النقد الأجنبي المحدودة في النظام المالي اللازمة لضمان الوصول إلى حلول منصفة للمودعين».

حاصباني: فشل «صيرفة»

ويرى عضو لجنة المال والموازنة النائب غسان حاصباني (القوات اللبنانية) أن «صندوق النقد يربط الإصلاحات وتحسين الوضع النقدي والمالي في لبنان بتحرير سعر الصرف واستخدام سعر موحّد في الموازنة». من هنا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب تطوير سوق الصرف بعد فشل منصّة (صيرفة) في تحقيق الاستقرار، لا بل سمحت بتحقيق الأرباح لفئات معيّنة استفادت منها». أما منصّة «بلومبيرغ» التي أعطت الحكومة اللبنانية تفويضاً لاعتمادها، «فمن المفترض أن تتحكّم بها حركة العرض والطلب»، مشيراً إلى أن «نجاحها مرتبط بما هو مخطط لها، وقد يكون تدخّل مصرف لبنان محدوداً في السوق من خلال البيع والشراء، وربما هي خطوة جيدة نحو تحرير سعر الصرف». ويقول حاصباني: «علينا انتظار مشروع قانون موازنة 2024 الذي أعلن أنه يتضمن أرقاماً مبنية على سعر موحّد. نحن لا نعلم ما هو، ربما 85 ألفاً للدولار الواحد. وقد يكون هذا بدوره مدخلاً لموازنة أكثر واقعية، بعدما لحظت موازنة 2022 عدة أسعار للصرف؛ سعر للدولار الجمركي، وآخر للرواتب والأجور، وغيرهما». وعن السعر الذي سيسحب عليه المودعون ودائعهم بموجب تعاميم مصرف لبنان (المركزي)، قال حاصباني إن هذه المسألة «غير واضحة، ولكنها من المفترض أن ترتبط بقانون الانتظام المالي أيضاً».

تراجع الإقبال على «صيرفة»

وفي الوقت الذي تراجع فيه الإقبال على منصَّة «صيرفة»، حافظ «المركزي» على تدخّله في سوق القطع شارياً الدولار بهدوء بعيداً عن المضاربة التي تميَّزَت بها أشهر الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة الأخيرة في الحاكميَّة. وكان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أعلن فور تسلّمه مهامه أن «الوقت اليوم هو الأنسب لتحرير وتوحيد سعر الصرف، لمعطيات عديدة أبرزها انخفاض الكتلة النقدية من 80 تريليون ليرة إلى 60 تريليون ليرة، وارتفاع الجباية لدى الدولة إلى حدود 20 تريليون ليرة شهرياً، وجزء منها نقدي، وهذا ما يؤدي إلى سحب الليرة أيضاً من السوق»، مشيراً إلى «موسم السياحة المزدهر في الصيف والذي يرافقه ضخّ مبالغ كبيرة من الدولار الفريش في السوق». وشدد على أن «تحرير سعر الصرف وتوحيده يعني أن سعر الدولار المقوّم على الليرة اللبنانية يتم تحديده بحسب عمليات السوق دون تدخّل من المصرف المركزي». ومع اتخاذ قرار توحيد سعر الصرف تلغى حكماً الحاجة إلى الأسعار التي حدّدتها التعاميم «151» و«157» و«158» و«161». وبرأي بعض الخبراء، فإن اعتماد السعر الجديد (الذي سيكون حكماً سعراً مصطنعاً) قد يُترجم بارتفاع بحجم الكتلة النقدية وضغوطٍ تضخّمية إضافية.

فحيلي: تداعيات كارثية

ويؤكد خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي لـ«الشرق الأوسط» أن تحرير سعر الصرف «هو نتيجة تداول حرّ ومحرّر من أي قيود، ويتحدّد نتيجة العرض والطلب، وليس مركّباً على قياس المصرف المركزي وقدراته، أو وزارة المال ورغباتها». ويقول: «لا يوجد تبادل حرّ على سعر الصرف 15 ألف ليرة، أو 85500 ليرة، وهذا يعني أن هناك سعر صرف واحداً، وعلى من يحدّد ويتحكّم بالتداول على السعرين المذكورين أن يحرّر هذا النشاط الاقتصادي أو الخدمات من القيود». ويرى فحيلي أن «أي محاولة لتحرير سعر الصرف في ظل غياب تام للإصلاحات سوف تؤدي إلى تداعيات كارثية، خصوصاً لأصحاب الدخل المحدود ومن يتعاطى دخله بالليرة اللبنانية»، لافتاً إلى أن «الظروف الاقتصادية والنقدية غير مناسبة للتوجّه نحو تحرير سعر الصرف، ولكن صندوق النقد متمسّك بهذا التدبير». ويشير فحيلي إلى أن «صندوق النقد الدولي طلب رزمة من الإصلاحات المترابطة ويجب أن تتزامن في إقرارها وتطبيقها، وكان تحرير سعر الصرف أحدها. من المستحيل إقرار وتطبيق أي واحد من هذه الشروط على حدة وبمعزل عن الشروط الأخرى». «اللغط» بين التوحيد والتحرير، يوضحه فحيلي بالقول إنه «ما من شيء اسمه توحيد، إنما المقصود هو تحرير السعر، وهذا يتطلّب سحب يد كل من السلطة المالية والنقدية من السوق؛ الأولى بإقرار موازنة متوازنة، والثانية بعدم إقدامها على شراء الدولارات لدفع الرواتب والأجور للقطاع العام أو غير ذلك»، ويترافق ذلك مع سحب القيود عن التداول بالعملات الأجنبية. ويُحصر تحديد سعر الصرف بالعرض والطلب، ما يعني تحرير سعر الصرف مع وجود سعر واحد؛ أي توحيد سعر الصرف، مشدداً على أن «أنسب كلمة هي تحرير سعر الصرف؛ لأن التوحيد مكلف ولا يحلّ المشكلة النقدية في لبنان».



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..بوتين: عملياتنا أنقذت الناس من المتطرفين..ميدفيديف يتعهّد ضم مزيد من الأراضي الأوكرانية..وزيلينسكي يريد تحويل بلاده إلى «مركز عسكري كبير»..بريطانيا: روسيا ما زالت تعتمد على المرتزقة في حربها ضد أوكرانيا..ناغورني كاراباخ يفرغ من سكّانه الأرمن..تنافس هندي - صيني على رئاسة المالديف ..الصين: أميركا هي «إمبراطورية الأكاذيب» الحقيقية.. البابا يعيّن 21 كاردينالاً جديداً..أميركا "تفلت" من الإغلاق الحكومي عبر مشروع مؤقت للموازنة..التوتر في كوسوفو يعيد التذكير بالهوة الفاصلة بين الصرب والألبان..

التالي

أخبار سوريا..إيران تفتح مخازن «حزب الله» لعشائر شرق سورية وموسكو!..نصرالله لقآني: نحن في صراع على مصادر الطاقة مع إسرائيل..أنباء متضاربة حول انفجارات غرب دمشق تضم مقرات لميليشيات إيرانية..إعادة افتتاح السفارة السورية لدى السعودية..

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,398,131

عدد الزوار: 7,245,496

المتواجدون الآن: 120