أرض قديسين وجواسيس وصراعات مذهبية (مقدسة)

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 حزيران 2010 - 1:18 م    عدد الزيارات 585    التعليقات 0

        

أرض قديسين وجواسيس وصراعات مذهبية (مقدسة)

رفيق خوري (الأنوار)، الثلاثاء 29 حزيران 2010
 
 مبروك للبنان تطويب الأخ اسطفان نعمة في مشهد يجمع الخشوع والفرح والاعتزاز والزحام على المقاعد. فالوطن الصغير الذي يجسد تجذر المسيحية في الشرق مقلع قديسين يكرسهم الفاتيكان الداعي في الخريف الى (سينودس من أجل الشرق الأوسط). وقمة القداسة هي الارتفاع الى مرتبتها في أيام المحنة والتكالب على الماديات. اليوم طوباوي في مسيرة النعمة بعد الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي على خطى ثلاثة قديسين هم شربل ورفقة والحرديني.

لكن الصورة الروحانية في دير كفيفان ليست الصورة الوحيدة في المشهد اللبناني. ففي اليوم نفسه كانت هناك صورة مخزية: متهم بالتجسس لاسرائيل في قطاع الاتصالات الحساس والحيوي. مسيرة قديسين يتكاملون، ومسلسل جواسيس يتكاثرون. وصور في الواقع السياسي مخيفة، حيث العجز عن ادارة شؤون الناس، وأحاديث المعجزات التي قام بها القديسون.

ومن حق الرهبانية اللبنانية أن تفاخر بكون أربعة من القديسين والطوباويين الخمسة هم من صفوفها. لكن من واجبها، وهي مقبلة على انتخاب ادارتها العامة، أن تذهب الى الانتخابات بالروح الرسولية التي تمتع بها قديسوها من دون أن تقلد انتخابات السياسيين وما يرافقها.

ومن حق اللبنانيين أن يعتزوا بأنهم في أرض قداسة. لكن من واجبهم أن يدركوا مخاطر إضفاء ما يشبه (القداسة) على صراعات الطوائف والمذاهب على السلطة والحصص. فمقابل كل قديس خدم الناس عشرات الذين يضعون أسواراً من (القداسة) حول أشخاصهم ومصالحهم الفئوية، ويتحدثون عن مكافحة الفساد، وبعضهم يجعل من الفساد والفاسدين والمفسدين (بقرة مقدسة). وفي ظل الدعوات الى الارتفاع بالروحانيات الى السماء، تمتلئ الأرض بالمظالم السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية ويُراد لها أن تكون القاعدة والأمر المألوف.

ألسنا في موقع التنافس على اعطاء هوية مذهبية للنفط الذي لا يزال في البحر؟ أليس الدين العام (مزراب ذهب) للمصارف وأهل الثروة؟ ألم تصبح الانتخابات النيابية وحتى البلدية معركة تُدار بالعصبيات وملايين الدولارات؟ أين أهل (المواهب) في زحام سادة (المذاهب)؟ أليس الذين يكررون المقولة الشائعة (إن الطوائف نعمة والطائفية نقمة) هم الذين يندفعون في الصراعات الطائفية والمذهبية على حساب الوطن والمواطن؟ أليست حال المسيحيين الذين يخرج منهم قديسون أخطر مما وصفته وثيقة الفاتيكان للسينودس التي جاء فيها (ان المسيحيين في لبنان منقسمون على الصعيدين السياسي والأفقي، ولا أحد عنده مشروع مقبول من الجميع)؟

جميل أن نعتصم بالرجاء متطلعين الى السماء. لكن الأجمل هو أن نقرن الرجاء بتحسين الشروط الانسانية للحياة على الأرض. وليس أهم من أن نعرف الأجوبة سوى أن نعمل لتغيير الواقع.

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع..

 الإثنين 2 أيلول 2024 - 6:02 ص

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع.… تتمة »

عدد الزيارات: 169,663,788

عدد الزوار: 7,587,224

المتواجدون الآن: 0