أوباما للعرب: لا تعايش مع إيران النووية وسنحميكم

تاريخ الإضافة الجمعة 2 تموز 2010 - 7:36 ص    عدد الزيارات 610    التعليقات 0

        


 

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
أوباما للعرب: لا تعايش مع إيران النووية وسنحميكم
طهران فشلت في إنشاء تحالف دولي يدعم خططها

بعثت ادارة الرئيس باراك أوباما برسائل الى دول عربية حليفة وصديقة، بعدما تبنى مجلس الأمن القرار 1929 الذي يفرض عقوبات جديدة قاسية على ايران، تتضمن التطمينات والتأكيدات الآتية:
أولاً - ان ادارة أوباما تتبنى مع دول كبرى أخرى استراتيجية منع ايران بكل الوسائل من امتلاك السلاح النووي وترفض رفضاً باتاً التعايش مع ايران مسلحة نووياً أو الاكتفاء باحتوائها، لأن مثل هذا الخيار يشكل تهديداً استثنائياً وبالغ الخطورة لموازين القوى في الشرق الأوسط وللمصالح الأميركية والغربية والدولية وللأمن والاستقرار والسلام في المنطقة وفي الساحة الدولية.
ثانياً - ان أميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا ودولاً كبرى أخرى تؤكد للدول العربية المعنية بهذه القضية انها ستعزز قدراتها الدفاعية أكثر فأكثر وتقدم كل الدعم الضروري لها لحمايتها من أي تهديدات أو هجمات ايرانية محتملة وانها لن تكون وحدها اذا قام الايرانيون بأعمال ونشاطات عسكرية ضدها رداً على صدور القرار 1929.
ثالثاً - ان استراتيجية منع ايران من انتاج السلاح النووي لا تزال تعطي الأولوية لمعالجة هذه المشكلة الخطرة بالوسائل الديبلوماسية وعبر المفاوضات لأن باب الحوار مع طهران لم يقفل. لكن هذه الاستراتيجية تشمل أيضاً التمسك بالخيار العسكري في التعامل مع ايران ومع خطرها النووي اذا فشلت كل الجهود السلمية للتوصل الى صفقة ملائمة معها. وفي رأي ديبلوماسي أوروبي مطلع أن خطر امتلاك ايران السلاح النووي أكبر من خطر شن حرب عليها لاحباط جهودها النووية التسلحية، أياً تكن نتائج هذه الحرب وانعكاساتها".
هذا ما نقلته الينا مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع في باريس. وأوضحت "ان الدول الست الكبرى، أميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا، تريد باصدار قرار العقوبات الجديد تفجير نقاش واسع في ايران بين حركة المعارضة والنظام من جهة وداخل القيادة الايرانية ذاتها من جهة أخرى يتناول جدوى الاستمرار في اعتماد السياسات الايرانية الحالية النووية والاقليمية المتشددة ذات الانعكاسات السلبية الخطرة على الأوضاع الداخلية في هذا البلد وفي المنطقة عموماً". وأضافت: "ان الدول الكبرى تريد عبر القرار الدولي الجديد أن تدفع القيادة الايرانية الى التفكير جدياً في خطورة مشروعها النووي التسلحي وفي الثمن الباهظ الذي ستدفعه ايران في حال اصرارها على مواصلة تحدي المجتمع الدولي وعلى رفض التفاوض مع هذه الدول الكبرى من أجل التوصل الى تفاهمات معها تحقق للايرانيين مكاسب عدة حيوية وتعزز برنامجهم النووي السلمي وتطمئن في الوقت عينه المجتمع الدولي والمجموعة العربية الى نيات الجمهورية الاسلامية السلمية. والقرار 1929 يعني بوضوح ان الدول الكبرى ترفض عقد أي صفقة مع القيادة الايرانية في شأن برنامجها النووي وفقاً لشروط طهران بل انها تريد عقد صفقة تشمل تلبية مطالب المجتمع الدولي وتضع حداً نهائياً للنشاطات التي تتيح للجمهورية الاسلامية امتلاك السلاح النووي".

أخطاء النظام الإيراني
وفي هذا المجال، قال لنا ديبلوماسي أوروبي معني مباشرة بالملف الايراني "ان النظام الايراني خسر كل معاركه السياسية والديبلوماسية التي خاضها في السنوات الأخيرة مع الدول الست الكبرى من أجل ضمان الاحتفاظ ببرنامج نووي متطور ومواصلة جهوده لامتلاك القدرات التكنولوجية اللازمة لانتاج السلاح النووي. فقد فشلت ايران في انشاء تحالف دولي - اقليمي قوي مؤيد لها يدفع الدول الكبرى الى التراجع عن مطالبها ويؤمن للايرانيين الحماية من أي عقوبات واجراءات دولية قاسية تفرض عليهم وتضعفهم وتزيد عزلتهم، لأن سياسات النظام في طهران تشكل تهديداً للكثير من الدول البارزة في المنطقة وخارجها. ذلك أن ايران تستطيع مع حلفائها زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الساحات العربية والاقليمية، لكنها عاجزة عن امتلاك قدرات مؤثرة في الساحة الدولية تسمح لها بالافلات من المحاسبة ومواصلة نشاطاتها لامتلاك السلاح النووي".
والواقع، وفقاً لمصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع، أن القيادة الايرانية ارتكبت ثلاثة أخطاء كبرى وأساسية في تعاملها مع المجتمع الدولي ومع الدول الست الكبرى خصوصاً، مما أدى الى وضعها أمام خيارات صعبة وقاسية داخلياً وخارجياً، وهذه الأخطاء هي الآتية:
أولاً - الخطأ الأول هو ان القيادة الايرانية تتصرف على أساس انها تستطيع الاعتماد على دول بارزة "صديقة" لها كروسيا والصين وتركيا والبرازيل وغيرها تربطها بها علاقات تعاون واسعة وقوية في مجالات متنوعة، من أجل تحقيق طموحاتها النووية العسكرية متحدية في ذلك مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي عموماً. لكن طهران تتجاهل أن لهذه الدول "الصديقة" مصالحها الوطنية والحيوية الخاصة وحساباتها الذاتية وعلاقاتها المميزة مع دول غربية وعربية بارزة عدة ترفض السياسات الايرانية المتشددة. لذلك فان هذه الدول "الصديقة" تتعاون مع ايران وتؤيدها ضمن حدود معينة، وما دام ذلك يؤمّن مصالحها ويحقق لها المكاسب والفوائد، لكنها ترفض التورط مع ايران وتأييد خياراتها وتوجهاتها المتشددة اذا كان ذلك يهدد مصالحها الحيوية أو ينعكس سلباً على علاقاتها مع دول بارزة أخرى أو اذا كانت القيادة الايرانية تريد استغلال "علاقات الصداقة" هذه من أجل التحرر والتنصل من التزاماتها ومسؤولياتها الدولية ومواصلة العمل على انتاج السلاح النووي.
ثانياً - الخطأ الثاني هو أن ايران في ظل قيادتها الحالية تتجاهل موازين القوى الاقليمية والدولية الحقيقية وتعطي ذاتها حجماً أكبر من حجمها الصحيح والفعلي وتتصرف على أساس أنها قوة اقليمية عظمى تستطيع أن تفعل بالمنطقة وببرنامجها النووي ما تريد، وترى أن أميركا "ضعيفة" نتيجة حربي العراق وأفغانستان وتداعيات أزمتها الاقتصادية والمالية، وان الدول الأوروبية عاجزة عن القيام بأي عمل فعال ضد الجمهورية الاسلامية وان اسرائيل لن تجرؤ على مهاجمتها وان الدول الأخرى تعطي الأولوية للحفاظ على علاقات جيدة مع الايرانيين وليس للدخول في مواجهة معهم. لكن هذا التقويم الايراني للواقع الاقليمي والدولي خاطئ وغير دقيق ويتناقض مع الحقائق، ذلك أن الجمهورية الاسلامية ليست قادرة مع حلفائها على أن تحقق أهدافها وطموحاتها النووية والاقليمية وهي في حال مواجهة مع دول كبرى تملك قدرات هائلة تمكنها من الحاق أضرار فادحة بها في مجالات عدة اذا ما تجاوز النظام الايراني الخطوط الحمر وهدد بأعماله واجراءاته المصالح الحيوية الأميركية والغربية والدولية في الشرق الأوسط وأصر على امتلاك السلاح النووي.
ثالثاً - الخطأ الثالث هو ان القيادة الايرانية تعتمد سياسة انكار الحقائق والوقائع، اذ انها تتحدى مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرهما باصرارها على أن برنامجها النووي هو للأغراض السلمية وانه ليست لديها نشاطات عسكرية سرية، فيما تملك هذه المؤسسات والجهات الدولية أدلة ومعلومات ومعطيات تؤكد سعي الجمهورية الاسلامية الى انتاج سلاح نووي، ولو لم تكن قلقة جدياً - في ضوء معلوماتها - من احتمال امتلاك ايران السلاح النووي لما كانت دخلت معها في مواجهة واسعة وعلى جبهات عدة.
ووفقاً لديبلوماسي أوروبي مطلع "ان القيادة الايرانية ترتكب الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها القيادة العراقية في عهد صدام حسين وقيادات عربية وغير عربية أخرى في تعاملها مع الدول الكبرى، ذلك انها اعتمدت أساساً على حسابات غير صحيحة فعجزت في النهاية عن تحقيق الأهداف الكبرى التي سعت اليها والتي تفوق قدراتها الحقيقية، ودفعت ثمناً باهظاً لخياراتها الخطرة وغير الواقعية هذه".

مشكلة إيران مع الكبار
وفي هذا المجال رأى ديبلوماسي أوروبي مطلع على هذا الملف ان مشكلة ايران الحقيقية مع المجتمع الدولي والدول الست الكبرى ناتجة من الأمور الأساسية الآتية:
أولاً - ترفض ايران أن تكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية كل خفايا برنامجها النووي المتواصل منذ سنوات طويلة، مما يشكل انتهاكاً لنص معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي وقعتها، ويثير شكوكاً قوية ومشروعة لدى الوكالة في وجود نشاطات نووية ايرانية ذات طابع عسكري من أجل انتاج السلاح النووي.
ثانياً - ترفض ايران الاجابة عن مجموعة كبيرة من الأسئلة التي وجهتها اليها الوكالة منذ بضع سنوات تتعلق بجوانب عدة من برنامجها النووي ومن برنامجها الصاروخي، مما يشكل أيضاً انتهاكاً لمعاهدة منع الانتشار النووي ويعرقل مهمة الوكالة في تعاملها مع الملف النووي الايراني.
ثالثاً - ترفض ايران السماح لمفتشي الوكالة بتفقد كل منشآتها ومواقعها النووية وفقاً لما تنص عليه معاهدة منع الانتشار النووي، للتأكد رسمياً من عدم وجود نشاطات نووية سرية ذات طابع عسكري. بل ان المسؤولين الايرانيين يفرضون قيوداً على تحركات هؤلاء المفتشين الدوليين وزياراتهم في الكثير من الأحيان، كما يمنعون وصولهم الى عدد من منشآتهم المرتبطة ببرنامجهم النووي ويرفضون تسليم الوكالة وثائق محددة تتعلق بنشاطاتهم النووية.
رابعاً - نتيجة رفض ايران التعاون بشفافية وتماماً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ترفض هذه الوكالة حتى اليوم اصدار تقرير رسمي يؤكد بوضوح وعلى نحو قاطع أن البرنامج النووي الايراني هو لأغراض سلمية فحسب، وتترك الباب مفتوحاً في كل تقاريرها أمام احتمال وجود نشاطات نووية عسكرية ايرانية مما يعزز شكوك الدول الكبرى والمجتمع الدولي في هذا المجال. وقد ذكر المدير العام للوكالة يوكيا أمانو في تقريره الأخير الصادر في حزيران الماضي "ان ايران لم تقدم التعاون الكامل اللازم للتأكد فعلاً من أن نشاطاتها النووية سلمية"، وان ايران "لم تنفذ المطالب الواردة في قرارات مجلس الأمن والوكالة وخصوصاً في ما يتعلق بالمسائل المثيرة للقلق حول الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي". وحذر أمانو في تقريره أيضاً من ان الوكالة "تشعر بالقلق" من احتمال أن تؤدي النشاطات الايرانية الى انتاج "صاروخ قادر على حمل مواد حربية نووية".
خامساً - تتمسك ايران بمواصلة عمليات تخصيب الأورانيوم وتطويرها الى حد رفع نسبة التخصيب الى 20 في المئة، كما تعمل لبناء منشآت جديدة لتخصيب الأورانيوم، مما يشكل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفضاً لشروط الصفقة التي قدمتها لها الدول الست الكبرى وتحدياً للمجتمع الدولي عموماً واستخفافاً بالجهود الدولية لحل المشكلة النووية الايرانية سلمياً على أساس تفاهمات محددة يتم التوصل اليها عبر المفاوضات وتؤمن المصالح الحيوية المشروعة والمقبولة دولياً للايرانيين، والتي لا تتناقض مع المصالح الحيوية المشروعة لدول الشرق الأوسط ومع متطلبات الأمن والسلام في المنطقة.
وأفادت مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع، في ضوء معلومات تلقتها من طهران أن "النظام الايراني أراد بتوقيعه مع تركيا والبرازيل الاتفاق الثلاثي المتعلق بمبادلة الوقود النووي، تأمين تغطية لمواصلة نشاطاته النووية واحباط محاولة فرض عقوبات دولية جديدة وقاسية عليه. وقد فوجئ المسؤولون الايرانيون فعلاً بتأييد روسيا والصين القرار 1929 الذي أعد نصه الأساسي المسؤولون الأميركيون وشكل هذا الموقف صدمة سياسية حقيقية لهم. وفي المقابل، يريد المسؤولون الروس والصينيون من خلال دعمهم القرار 1929 أن ترضخ ايران للضغوط الدولية وأن تحل مشكلتها النووية سلمياً وعبر المفاوضات لأن ذلك أفضل بكثير من معالجة هذه المشكلة بالوسائل العسكرية". وقالت هذه المصادر "ان الدول الست الكبرى مصممة على أن تظل تتولى مسؤولية معالجة المشكلة النووية الايرانية، لكنها مستعدة لاشراك تركيا والبرازيل في جهودها هذه شرط التزامهما العمل معها لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي وليس تبني المواقف والمطالب الايرانية".
وأكد ديبلوماسي أوروبي مطلع "أن المسؤولين الأتراك والبرازيليين أبلغوا ادارة أوباما وجهات أخرى أن العقوبات الجديدة المفروضة على ايران ستدفع النظام الايراني الى مزيد من التشدد. لكن المسؤولين الأميركيين ردوا بأن النظام الايراني يعتمد منذ بضع سنوات أقصى درجات التشدد، اذ انه يتبنى استراتيجية المواجهة مع الدول الكبرى عوض أن يتفاوض معها من أجل عقد صفقة سلمية متوازنة تؤمن مصالح ايران الحيوية المشروعة وتحمي المنطقة من أخطار عدة وتمنع الانتشار النووي فيها. والمطلوب أن يتراجع النظام الايراني عن تشدده وليس أن تتراجع الدول الكبرى عن مطالبها".

بقلم عبد الكريم أبو النصر     
 

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع..

 الإثنين 2 أيلول 2024 - 6:02 ص

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع.… تتمة »

عدد الزيارات: 169,664,217

عدد الزوار: 7,587,263

المتواجدون الآن: 1