التشكيلة النيابية الجديدة لـ"حزب الله": جاء دور الجيل الثالث... المثقّف

تاريخ الإضافة الأحد 5 نيسان 2009 - 10:19 ص    عدد الزيارات 1407    التعليقات 0

        

كتب ابرهيم بيرم:
في التشكيلة الاخيرة التي اعلنها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله للائحة مرشحي الحزب للمعركة الانتخابية في الجنوب والبقاع وبيروت يبدو جليا ان الحزب ماض في خوض غمار المزيد من التجارب والاختبارات في تقديم القيادات الى العمل النيابي، عبر تقديم ثلاثة وجوه جديدة مضمونة الوصول الى مجلس النواب.
فالمعلوم ان الحزب الذي لم يقرر عام 1992 خوض الميدان الانتخابي والعبور الى السلطة الاشتراعية الا بعد مناقشة مستفيضة ادت فيها الفتوى دورا كبيرا وكلف يومها منظر اسلامي عريق (عراقي الجنسية) وضع دراسة معمقة مبنية على اسس فقهية، تشرع لهذا الحزب الذي كان حينها قد بدأ للتو مرحلة ثانية في مسيرة انطلاقته عدها بعضهم التأسيس الحقيقي والراسخ – فكرة الخروج من حيز رذل كل اشكال السلطة الذي قبع فيه منذ انطلاقه العلني عام 1985، وتجيز له مسألة خوض المعركة الانتخابية، ليحسم سجالا اعتمل في داخل الحزب حول هذه المسألة وقسمه بين معارض للفكرة ومحبذ لها.
ومن ذلك الحين وحتى الامس، كانت للحزب فلسفته الخاصة ورؤيته العميقة لاختيار من يدفع بهم الى الانخراط في لعبة الانتخابات النيابية.
في الانتخابات الاولى بعد اتفاق الطائف عام 1992، دفعت قيادة الحزب، 7 وجوه حزبية منطلقة من اساسين اثنين: الاول انهم من الرعيل المؤسس للحزب، ومن بينهم 3 رجال دين هم السيد ابرهيم امين السيد والشيخ علي طه والشيخ خضر طليس الذي قضى لاحقا في الاشتباكات التي جرت بين وحدات من الجيش اللبناني وعناصر تنتمي الى "ثورة الجياع" التي بدأت تحركا بقيادة الشيخ صبحي الطفيلي في محيط الحوزة الدينية في محلة عين بورضاي على تخوم مدينة بعلبك الشمالية.
وفي دورة انتخابات عام 1996، بدأ الحزب بوضع معايير ومقاييس جديدة في مسألة الترشيح وتقديم الشخصيات، اذ سحب من الواجهة معممين، وابقى واحدا فقط هو السيد، ثم ما لبث ان سحبه نهائيا في انتخابات عام 2000 ليوليه من يومها منصب رئاسة المجلس السياسي.
ومنذ تلك الدورة، ابتدات جديا عملية تقديم المرشحين ترتكز على الاسس الآتية:
- تقديم شخصيات ووجوه من الجيل الثاني والثالث في الحزب.
- تقديم وجوه شابة من خارج الصف القيادي المألوف، تمتلك رصيدا تعليميا عاليا، وهذا ما تجلى اول ما تجلى في انتخابات عام 1996 حيث تم ترشيح مدرس الرياضيات والفيزياء في الجامعة اللبنانية الدكتور حسين الحاج حسن، ثم برز في شكل اكثر وضوحا في انتخابات عام 2005 مع ترشيح حسن فضل الله عن مقعد بنت جبيل.
- خلال الفترة الماضية، بدأ الحزب الذي لم يكرس منذ البداية مسألة العناية بالبيوتات السياسية، والوقوف على رأي العشائر والعائلات الكبرى - لكونه اتى من الاصل من خارج هذا السياق وتمرد على هذا الاعتبار تماما – بدأ يراعي وان في شكل خفي وبخفر مسألة العشائر والعائلات، خصوصا بعدما استطاع في الاعوام التالية استيعاب عشائر بكاملها، او السواد الاعظم منها، وبات في وضع المرتاح جدا الى انتشاره وحضوره السياسي في داخل الطائفة الشيعية على نحو لا يمكن تشكيل قوة اعتراض عليه وممانعة لتوجهاته.
- وبعدما ادرك الحزب وإن متأخرا نسبيا ضرورة توسيع قيادته بعدما نما جسمه التنظيمي واتسع على نحو غير مسبوق، بدأ بارساء مؤسسات قيادية واستشارية على تخوم عقله القيادي، فعمل على سبيل المثال على توسيع دائرة اعضاء مجلسه السياسي الى اكثر من 20 عضوا، ودعم الى حد كبير مجلس التخطيط فيه، والمركز الاستشاري للدراسات وملف العلاقات الدولية وملف العلاقات العربية واجترح عشرات الدوائر القيادية التي تتركز مهمتها على رفد دوائر القرار في الحزب بالدراسات والاستشارات والرؤى، او تشعر بانها تحمل ملفات حساسة ومهمة.
وفي هذا المناخ تمت الاستعانة بكوادر وقيادات من الجيل الثالث الذي اتى الى جسم الحزب من الجامعات ومعاهد الدراسات العليا في الداخل والخارج. وهكذا في غضون اقل من 10 اعوام صار لدى الحزب اكثر من مئة استاذ جامعي، فبدأت مرحلة البحث عن سبل انخراطهم في العمل الحزبي والسياسي.
ومن ميزة هذه "النخبة" بالنسبة الى عقل الحزب المفكر والمقرر انها:
1 – ترعرعت ونمت في مناخ الاحزب وثقافته وانخرطت الى اقصى الحدود في ايديولوجيته ومنظومته الثقافية والخلقية، فباتت بالنسبة الى قيادة الحزب، قادرة على اخذ مكانها الطبيعي، وباتت موثوقا بها، ومضمونة الولاء والالتزام.
2 – ان قسما كبيرا منها اندمج في خضم تجارب ومهمات حزبية متنوعة، فاكتسب خبرة وعلاقات ومعرفة، ونال رضا القيادة، وعلى هذا الاساس انطلقت رحلة "الاستثمار" والاستفادة.
وبناء على كل هذه المعطيات والمعايير الدقيقة، تم مثلا تثبيت النائب فضل الله في نيابته وتمت تسمية رئيس مركز الاستشارات والدراسات في الحزب الدكتور علي فياض مرشحا لمقعد مرجعيون – حاصبيا، محل النائب محمد حيدر الذي دُفع دفعا الى موقع لم يكن يرغب اصلا في بلوغه ذات يوم، وهو الآتي الى النيابة من ميدان الاعلام المرئي وقبلها من تجربة عميقة في مجال العسكر والمقاومة والامن.
الحزب لا يحبذ بالطبع ان يوضع هذا التغيير اللافت في خانة قرار مسبق اتخذه بقصد احلال تدريجي للمثقفين في الحزب مكان العسكريين الذين ينظر اليهم كأنهم "المدللون" ولهم الصدارة، ولكن في كل الاحوال لا يمكن اي مراقب الا ان ينظر الى هذا "التغيير" على انه نقلة نوعية وحركة تطويرية في اداء الحزب البرلماني والسياسي عموما، وحاجته الملحة الى وجوه تناقش وتساجل وتعبر بفصاحة عن الخط السياسي للحزب الذي بات يعلم علم اليقين انه على عتبة مرحلة جديدة من الانخراط الاعمق في اللعبة السياسية الداخلية على اختلاف مستوياتها.
وعلى هذا الاساس اتى دور علي فياض الاستاذ الجامعي والمنظّر المعروف ليكون في الموقع الذي وُعد به سابقا اكثر من مرة.
وهذا سلوك طبيعي، واداء منطقي لحزب يسعى الى تمكين مواقعه في لعبة السياسة والحكم والسلطة في الداخل، بعدما باتت متعذرة عليه ممارسة الدور الاول الذي كان يضطلع به طوال مرحلة "الوصاية السورية". واللافت في الامر انه حزب في مقدوره ان يجرب وان يغير في وجوهه الخارجية من دون ان يخشى بروز من يعترض.
وبالطبع يبقى نموذج السيد حسين الموسوي في دائرة بعلبك – الهرمل تجربة تقع في سياق مختلف تماما، فهي تعود الى مرحلة انطوت، مرحلة الجوائز والترضيات، وتسوية حسابات قديمة.

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat...

 الجمعة 13 أيلول 2024 - 11:00 ص

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat... An Islamic State branch has a… تتمة »

عدد الزيارات: 170,672,977

عدد الزوار: 7,611,627

المتواجدون الآن: 0