كتب مارك لازار: " كانت نتائج الانتخابات الإيطالية بمثابة زلزال لم يضرب فقط إيطاليا وانما أوروبا بأكملها، وقد عكست هذه النتائج ثلاث أزمات كبرى: أزمة اقتصادية سببها المعالجة القاسية لحكومة مونتي التي حاولت من جهة تقليص الانفاق العام واعادت الصدقية الدولية الى ايطاليا، لكنها من جهة أخرى تسببت بالركود الذي جر معه ارتفاعاً في البطالة وعمّق الفوارق الاجتماعية على مختلف أنواعها. الأزمة الثانية سياسية وتعود الى اكثر من 20 سنة وقد تفاقمت في السنوات الأخيرة مع تزايد الفساد والرفض المتزايد للطبقة الحاكمة. وهناك اخيراً أزمة الثقة حيال أوروبا التي كانت موضع انتقاد دائم من مختلف الشخصيات الايطالية. لكن إيطاليا لا تشكل حالة شاذة على رغم خصوصياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ففي جميع الدول الأوروبية يستغل المواطنون الانتخابات من أجل محاسبة حكوماتهم التي فرضت عليهم سياسة تقشف صارمة".

 

"نتائج الانتخابات الإيطالية هي كارثة على إيطاليا وعلى أوروبا أيضاً, والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا فعل الإيطاليون هذا بأنفسهم وبأوروبا؟ الجواب هو لأنهم فقدوا ثقتهم بالدولة وبالازدهار العالمي. فمنذ سنوات طويلة خابت جميع آمال الإيطاليين في الاصلاح، وهم يعتقدون أنهم سواء صوتوا للمسيحيين الديموقراطيين أو للشيوعيين أو لبرلوسكوني أو ليسار الوسط فإن شيئاً لن يغير الفساد في الدولة. في الماضي دفع الاحباط الإيطاليين الى التوجه نحو أوروبا، فكانوا من اكثر المتحمسين للاتحاد الأوروبي. لكن بروكسل لم تعد تمثل الأمل في حياة افضل بالنسبة اليهم وانما باتت عبئاً يدفع إيطاليا نحو الحائط المسدود".

 

"بالامس عبر الإيطاليون عن عدم رضاهم وعن انقساماتهم وعن تهويماتهم، والتي لا تختلف كثيراً عما يفكر فيه الناخبون في أوروبا. لكن النظام السياسي في إيطاليا وخصوصا بسبب التركة التي خلفها سيلفيو برلوسكوني، يبدو الاكثر قدرة على التعبير عن هذا كله. لقد اثارت النتائج الذعر في بروكسيل وفي ألمانيا، وأخافت الأسواق المالية والايطاليين أنفسهم. فالجميع يتخوفون من أن تؤدي نتائج الانتخابات الى أزمة سياسية دائمة قد تلحق الضرر بالعملة الأوروبية المشتركة ولا بد أن تنعكس على مستقبل أوروبا".