مصداقية الولايات المتحدة تجاه إيران على المحك في سوريا

تاريخ الإضافة الإثنين 17 حزيران 2013 - 7:56 ص    عدد الزيارات 714    التعليقات 0

        

 

مصداقية الولايات المتحدة تجاه إيران على المحك في سوريا
مايكل سينغ
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن.
يرى المسؤولون الأمريكيون أن تحدي إيران للمطالب الدولية بالحد من أنشطتها النووية ومن دعمها للإرهاب وقضايا أخرى شبيهة قد أدى إلى عزل طهران الآخذ في الازدياد. إلا أن المسؤولين الإيرانيين يرون الأمور بشكل مختلف، حيث يعتقد النظام الإيراني أن استراتيجيته في الشرق الأوسط تحقق نجاحاً.
ولا توجد بقعة في الشرق الأوسط تكون فيها الاستراتيجية الإيرانية أوضح في الوقت الراهن من تلك التي تتبناها في سوريا. فقد أكد الفريق صفوي المستشار العسكري لمرشد إيران الأعلى مؤخراً أن سوريا تعتبر بمثابة "تحد بين السياسات الاستراتيجية للقوى الكبرى العالمية والقوى الإقليمية" حيث أن إيران وحلفاءها الدوليين يقفون في جانب والولايات المتحدة وحلفاؤها على الجانب الآخر، وفقاً لما جاء في ترجمة "معهد أميركان إنتربرايز".
وفي معرض شرحه للأسباب التي تقف وراء مشاركة إيران في هذه المواجهة أشار صفوي أن "إيران حافظت على قوتها وتأثيرها في منطقة البحر الأبيض المتوسط ثلاث مرات". تجلى اثنان من هذه الأمثلة، وفقاً لما قاله صفوي، خلال فترات حكم الملوك الإيرانيين القدامى. بيد أن المرة الثالثة هي التي بين أيدينا الآن. كما ذكر أن إيران تستخدم «حزب الله» بمثابة "الذراع الطويل للقوة الدفاعية الإيرانية ... لمواجهة أي هجوم صهيوني محتمل على المنشآت النووية الإيرانية".
كما بين صفوي كيف أن نجاح النهج الذي اتبعته إيران في العراق وأفغانستان بالإضافة إلى سوريا قد جعل من إيران "قوة إقليمية" في مواجهة الجهود الغربية الرامية إلى تقويض طموحاتها.
ومن السهل استبعاد ما يقوله صفوي بوصفها ادعاءات جوفاء. إلا أنها بكل تأكيد ادعاءات انتقائية: ومن غير المرجح أن يشعر الإيرانيون العاديون بالارتياح مما ادعاه صفوي من نجاحات في السياسة الخارجية الإيرانية في الوقت الذي يكافحون لمواجهة معدلات التضخم والبطالة المتزايد في البلاد. وعلى الرغم من المبالغة الواضحة في إدعاءاته، إلا أنها تعبر عن مواقف مسؤولين إيرانيين آخرين كما أنها تقدم دليلاً مفيداً لفهم التحركات الإيرانية وتعبر عن نهجها في المنطقة.
لدى المسؤولون والمحللون الغربيون رغبة في عزل كل مشكلة في الشرق الأوسط عن الأخرى بشكل مصطنع وذلك بالتعامل مع البرنامج النووي الإيراني والأزمة السورية على سبيل المثال كمشاكل خاصة يجب التعامل مع كل منها بشكل منفرد وباستقلالية عن الأخرى.
فمن الممكن أن يفضي ذلك إلى تحليلات يكتنفها الغموض وخيارات سياسية كاذبة. فعلى سبيل المثال، يرى البعض أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتجنب التورط في سوريا للحفاظ على الوسائل المتاحة للتعامل مع إيران. وفي واقع الأمر، تعتبر كل من الأنشطة التي تمارسها إيران في سوريا وطموحاتها النووية جزءاً من استراتيجية إيرانية أوسع نطاقاً للتأكيد على قوتها والتعزيز من تأثيرها الإقليمي إلى جانب كبح جماح الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.
وعلى نحو مواز، فوجئ العديد من المحللين من قيام «حزب الله» بالاعتراف الصريح بتورطه الكبير في سوريا لأنهم كانوا يرون الجماعة كحزب لبناني سياسي في المقام الأول أو أنه معني أساساً بمقاومة إسرائيل. ورغم صحة الأمرين إلا أنهم أغفلوا أن الهدف الرئيسي من تأسيس «حزب الله» هو إبراز القوة الإيرانية في منطقة المشرق العربي، وهي المهمة التي تظهر جلياً في المغامرة التي تقوم بها الجماعة في المسألة السورية -- إلى جانب أنشطتها في العراق خلال العقد الماضي.
كما أن عدم انتباه المسؤولين الغربيين لهذه الصورة الأوسع كانت له عواقب استراتيجية حقيقية للمصالح الأمريكية. فبغض النظر عن عدد المرات التي أكد فيها صانعو القرار في الولايات المتحدة أن "الخيار العسكري" مطروحاً على الطاولة فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب فشل واشنطن في التصدي للاعتداءات الإيرانية في سوريا وتردد الاتحاد الأوربي في معاقبة «حزب الله» جراء ما يقوم به قد انتقص من مصداقية التحذيرات الغربية. ومهما كانت وجهة نظر الغرب فإن هذه القضايا بالنسبة لطهران -- إلى جانب الردود الغربية لها -- ترتبط ببعضها البعض بشكل معقد.
ولا يقتصر الأمر على طهران -- فحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة يرون أيضاً أن ما تتخذه الولايات المتحدة من إجراءات في مختلف القضايا مرتبط ببعضه البعض كما أنهم يحذرون من مغبة سلبية واشنطن في المنطقة. وبالتالي انكمش التأثير الأمريكي في كل مكان حيث أن الأصدقاء والأعداء على حد سواء أصبحوا لا يولون أهمية لواشنطن فيما يتخذونه من قرارات سياسية، كما أن قوة حلفاء أمريكا تناقصت بشكل جماعي حيث أن كل دولة تحدد سياساتها بمعزل ليس عن الولايات المتحدة فقط وإنما بمعزل عن بعضها البعض إلى حد كبير.
وبمجرد فقدان هذا التأثير فإن استعادته سيكون مكلفاً وهو ما سيؤدي بنا إلى الدخول في دائرة مفرغة. كما أن استعادة التأثير والمصداقية الأمريكية يتطلب اتخاذ إجراءات مكلفة أكثر بمرور الزمن، في الوقت الذي تزداد فيه الأزمات وتتعمق وهو ما يعزز الحجة المناهضة لاتخاذ هذه الإجراءات. ولعل القضية السورية هي أكبر دليل على ذلك.
وقد نفّرت التدخلات المكلفة في العراق وأفغانستان المسؤولين الأمريكيين عن التورط بأي تدخل آخر في الشرق الأوسط. بيد أن مسألة الابتعاد ونزع اليد بالكامل عن المنطقة من شأنه أن يزيد فقط من تكلفة تلك الحروب لا أن يعوضها.
ومع ذلك، فإن الدرس الذي يجب أن نتعلمه من هذه الصراعات هو ضرورة امتلاك أهداف واضحة ومواصلتها من الناحية الاقتصادية. وبالنسبة للمسألة الإيرانية، فإن الهدف لم يكن ولا ينبغي أن يكون مجرد الحد من الأنشطة النووية الإيرانية بل لابد أن يشمل تعطيل الاستراتيجية التي تنتهجها إيران في كل من برنامجها النووي وسوريا، إلى جانب التصرفات الإيرانية غير المتماثلة. كما أن مسألة عدم حصول إيران على قدرات نووية مقترناً بنصر محقق في سوريا يظل محفوفاً بالمخاطر.
كما لا ينبغي إرجاء تلك الطريقة الاقتصادية لمواجهة الاستراتيجية الإيرانية إلى حين توجيه ضربة للمنشآت النووية والتي تعتبر الملاذ الأخير، أو الأسوأ من ذلك الاستمرار في تقديم تنازلات إلى إيران فيما يخص برنامجها النووي على أمل أن يكتب لها النجاح؛ بل ينبغي أن تبدأ المواجهة بالضغط على إيران في مكان مثل سوريا حيث تكون بعيدة عن أرضها وربما مجهدة.
ولن يوقف التغلب على المكائد الإيرانية في سوريا طموحات طهران النووية، بيد أنه سوف يستعيد في عيون الإيرانيين والمسؤولين المتحالفين معهم على حد سواء مصداقية القوة الأمريكية وسوف يجبر طهران على إعادة النظر في كلفة استراتيجيتها. وبما أن لإيران -- وفقاً لما يذكّرنا صفوي -- استراتيجية في الشرق الأوسط، يتعين أن تكون هناك أيضاً للولايات المتحدة استراتيجية.

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,685,871

عدد الزوار: 7,209,295

المتواجدون الآن: 90