من حقيبة "النهار" الديبلوماسية - معركة السلام في سوريا

مسؤول غربي بارز معني بالملف السوري قال في جلسة خاصة في باريس إن إدارة الرئيس باراك أوباما حريصة على عقد المؤتمر الدولي الخاص بسوريا في أقرب وقت ممكن وانها تعطي في إتصالاتها مع المعارضة السورية ومع جهات إقليمية وغربية بارزة الأولوية لهذه القضية لأنها أنجزت مع القيادة الروسية تفاهمات سرية تتناول أربعة أمور أساسية تتعلق بالأزمة هي الآتية:

أولاً - التفاهم على ان الهدف الوحيد لعقد هذا المؤتمر هو تطبيق بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي ينص بوضوح على خطوات وإجراءات محددة من أجل ضمان قيام نظام جديد في سوريا أبرزها تشكيل حكومة إنتقالية في رعاية دولية - إقليمية تملك وتمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتضم ممثلين للنظام وللمعارضة على أساس قبول متبادل وتخضع لها الأجهزة العسكرية والأمنية بعد تغيير قياداتها. ويرفض نظام الرئيس بشار الأسد بيان جنيف كاملاً لكن أي طرف لن يستطيع تغيير جدول أعمال المؤتمر الدولي وأهدافه.

ثانياً - التفاهم على ضرورة مواصلة التعاون الجدي بين أميركا وروسيا من أجل إنجاز التغيير الكبير ودفع نظام الأسد والمعارضة الى قبول تنفيذ بيان جنيف والمشاركة على هذا الأساس في المؤتمر الدولي لأن ذلك يشكل أفضل فرصة لوقف الحرب والسماح بقيام سوريا الجديدة ومعالجة الكارثة الإنسانية الهائلة وضمان الإستقرار والأمن في هذا البلد وفي المنطقة.

ثالثاً - التفاهم على ان الخيار العسكري لن يسمح لأي طرف بتحقيق إنتصار حاسم على الآخر وان من الضروري والحيوي تقليص نفوذ المتطرفين من الجانبين ومنعهم من حكم سوريا وإطلاق عملية سياسية حقيقية شاملة بالتعاون مع الدول الإقليمية والغربية المؤثرة ترتكز على بيان جنيف وليس على أي برنامج سياسي آخر وتؤدي الى إنتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة في إشراف دولي من أجل السماح للشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه وضمان تحقيق مطالبه المشروعة. ولم تشهد سوريا إنتخابات حرة وشفافة على أي مستوى منذ أكثر من نصف قرن.

رابعاً - التفاهم بين واشنطن وموسكو على أن تشكيل الحكومة الإنتقالية الجديدة يجب أن يتحقق في إشراف دولي - إقليمي بقطع النظر عن تطور العمليات القتالية على الأرض وأياً تكن مساحة المناطق التي يسيطر عليها النظام والمعارضة من أجل إفهام الأفرقاء السوريين ان مواصلة الحرب غير مجدية لأنه لن يكون فيها منتصر وان من الضروري إسقاط الخيار العسكري والتركيز على الحل السياسي من أجل بناء سوريا الجديدة.

وأوضح المسؤول الغربي أن "هذه التفاهمات الأميركية - الروسية تشكل تطوراً مهماً يمكن أن يساعد على تذليل العقبات التي تواجه المؤتمر الدولي". وأضاف: "ان الموقف الروسي غير المعلن من الأزمة تبدل وتطور بعد الإتفاق مع الأميركيين على إزالة الأسلحة الكيميائية السورية. وقد ظهر خلال محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة مع زميله الروسي سيرغي لافروف ومع آخرين ان القيادة الروسية حريصة على مواصلة التعاون الوثيق مع الإدارة الأميركية أكثر من حرصها على التمسك ببقاء الأسد في السلطة، وهي لن تسمح بأن يشكل مصير الرئيس السوري عقبة أمام مواصلة العمل مع واشنطن من أجل حلّ الأزمة ووقف الحرب. كما ان القيادة الروسية أبلغت الأميركيين بوضوح انها تؤيد قيام حكم جديد في سوريا مختلف جذرياً عن حكم الأسد وان التركيبة الحاكمة لن تبقى لأن ذلك من متطلبات عملية تطبيق بيان جنيف".

وضمن هذا الإطار أفاد مسؤول أميركي في إتصالات مع جهات سورية وعربية "ان الإتفاق الأميركي - الروسي المتعلق بإزالة الأسلحة الكيميائية السورية الذي دعمه مجلس الأمن بالإجماع هو لمصلحة التغيير الجذري في سوريا وخطوة أساسية في طريق إنهاء حكم الأسد. فهذا الإتفاق تحقق بعدما قدمت القيادة الروسية تنازلاً مهماً إذ انها أرغمت الأسد على التخلي عن سلاحه الإستراتيجي هذا الذي كان يستخدمه ضد شعبه المحتج ويهدد به دولاً أخرى، من غير أن توقف الدول المعادية للنظام معاركها معه ودعمها للثوار والمعارضين في مجالات حيوية عدة. لقد رضخ الأسد للضغوط الروسية - الدولية ووافق بسرعة على تدمير أسلحته الكيميائية حتى وصاية المفتشين الدوليين ورقابتهم لأن نظامه ضعيف ومنهك وليست لديه القدرة على حماية أسلحته الإستراتيجية الوحيدة. وأهمية هذا الإتفاق انه جزء من تفاهم أوسع بين واشنطن وموسكو يهدف الى العمل معاً من أجل إنقاذ السوريين من جحيم الحرب ودوامة الكوارث ونقل سوريا الى مرحلة الحكم المدني التعدّدي الديموقراطي الذي يمنح الشعب سلطة إختيار زعمائه وممثليه في إنتخابات حرّة وشفافة وفي إشراف المراقبين الدوليين للمرة الأولى منذ أكثر من خمسين سنة".