الخلاف السعودي - الأميركي "فورة غضب" أم فك ارتباط.... لهذه الأسباب قلبت الرياض الطاولة في وجه واشنطن

تاريخ الإضافة الجمعة 25 تشرين الأول 2013 - 8:13 ص    عدد الزيارات 344    التعليقات 0

        

 

الخلاف السعودي - الأميركي "فورة غضب" أم فك ارتباط.... لهذه الأسباب قلبت الرياض الطاولة في وجه واشنطن
موناليزا فريحة     
منذ أكثر من نصف قرن، تشكل العلاقات الاميركية - السعودية حجر أساس لسياسة واشنطن في الشرق الاوسط، وما يحصل حالياً ليس الا انعكاساً لرؤيتين متناقضتين للتحولات الكبيرة في المنطقة.
منذ سنوات بعيدة، ربطت واشنطن والرياض شركة وثيقة في الحرب على تنظيم "القاعدة" وإمدادات النفط. ولكن منذ أزمة حظر النفط في "حرب أكتوبر" عام 1973، شهدت تلك العلاقة مراحل من المد والجزر في مواجهة تحديات كبيرة: من الغزو السوفياتي لافغانستان، والحرب العراقية - الايرانية التي دعم خلالها الجانبان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الى حرب تحرير الكويت. ومن جبهتين مختلفتين، واجهت "الشركة" السعودية - الاميركية كل مراحل عملية السلام المتعثرة. وعلى رغم تباعد مواقفهما، لم يتسبب الانحياز الاميركي الى اسرائيل والحماسة السعودية للفلسطينيين بفك تلك العلاقة. وكادت هجمات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة تنهي الشركة السياسية بعدما أثار غضب الاميركيين خوف السعوديين وزعزع ثقتهم بأهم علاقات ديبلوماسية لهم. تجاوز الجانبان تلك الخضة، بعد جهد كبير. وقبل سنتين تقريباً بدأ صدع آخر في العلاقات وراح يتسع من غير أن يحاول أحد احتواءه، الى أن بلغ ذروته الاسبوع الماضي.
كان واضحاً منذ البداية أن قرار الرياض رفض المقعد الذي انتخبت له في مجلس الأمن هو رسالة الى حليفتها واشنطن، لا الى الأمم المتحدة. وإذ بررت المملكة موقفها بما سمته الفشل الدولي في وقف الحرب السورية وإقامة دولة فلسطينية، بدد، التكهنات، التقرير الذي نسبته "رويترز" الى رئيس المخابرات السعودية الامير بندر بن سلطان.
واستناداً الى هذا التقرير الذي لم تنفه الرياض أبلغ بندر ديبلوماسيين أوروبيين، أن بلاده تفكر في "تغيير كبير" في علاقاتها مع واشنطن احتجاجاً على عدم تحركها في شكل فعال في ما يخص الحرب السورية ومبادرتها الى التقارب مع طهران. وجاء في التقرير أن التغيير في العلاقات بين السعودية وأميركا سيكون له تأثير واسع النطاق، يشمل صفقات السلاح والنفط. وعلى رغم ظهور علامات استفهام في واشنطن حول ما إذا كان الامير بندر يتحدث باسم القيادة السعودية أم يعبر عن وجهة نظره الشخصية، نسبت "رويترز" الى مصادر ديبلوماسية في الخليج إن هذه الرسالة لا تعكس آراء الأمير بندر المعروف بتشدده في قضايا الشرق الأوسط، بل أيضا آراء العاهل السعودي والقيادة السعودية. وأضافت المصادر ان خيبة أمل السعودية في واشنطن حقيقية وتدفعها الى البحث عن بدائل لاعتمادها بعد نحو 70 سنة على هذا التحالف الاستراتيجي.
وفي رواية أخرى تكشف توتراً في العلاقات، كتب ديفيد اغناتيوس في "الواشنطن بوست" أمس أن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أبدى استياءه من السياسة الاميركية خلال غداء في الرياض الاثنين مع الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي العهد الاماراتي محمد بن زايد. ونقل عن مسؤول عربي مطلع أن العاهل السعودي "مقتنع بأن الولايات المتحدة غير جديرة بالثقة".
الى ذلك، يروي اغناتيوس أنه عندما كان وزير الخارجية الاميركي جون كيري في المنطقة قبل أسابيع، طلب زيارة الامير بندر، الا أن الامير السعودي رد بأنه في طريقه الى خارج المملكة، وأنه يمكن كيري مقابلته في المطار، وهو رد فاجأ مسؤولين أميركيين.
مصر وإيران
في أي حال، ركزت الانتقادات السعودية ، العلنية غير المعتادة وغير العلنية، الضوء على استياء المملكة من واشنطن في ضوء تغيّر المصالح المشتركة التي كانت أساساً للعلاقات الاستراتيجية بين الجانبين.
تعود بذور التوترات الاخيرة الى ما قبل سنتين ونصف سنة، وتحديدا الى "ثورة 25 يناير" في مصر. في حينه، أخذت الرياض على واشنطن وحلفاء آخرين لها اخفاقهم في دعم الرئيس السابق حسني مبارك، الا أنها لجأت الى القنوات الديبلوماسية لتمرير رسائلها بهدوء. وزاد الخلاف بين الجانبين في مصر عندما رفضت واشنطن اطاحة حكم "الاخوان المسلمين" في تموز، بينما مدت الرياض الخزينة المصرية بخمسة مليارات دولار وتعهدت تعويض أية خسائر أجنبية أخرى، في تلميح الى التهديدات الاميركية في حينه بقطع المساعدات لمصر.
وقبل أن تسوّى الخلافات على مصر، برزت الى الواجهة ايران التي تختلف معها السعودية في أكثر الصراعات الكبيرة الدائرة في المنطقة ، بما فيها في لبنان والعراق والبحرين واليمن وسوريا. ومنذ الثورة الاسلامية عام 1979، شكلت طهران جزءاً حيوياً من علاقات واشنطن والرياض وعدوا مشتركاً تعاونتا لتطويقه. لكن الوضع تغيّر، أو هو على وشك التبدل وسط أجواء التفاؤل باحتمالات تسوية بين واشنطن وطهران. وتخشى المملكة أن تكون الادارة الاميركية مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة في أية مفاوضات تجريها مع خصمها الرئيسي في الشرق الأوسط.
وتنقل تقارير اعلامية عن مصدر ديبلوماسي أن السعوديين يخشون الاستعداد الكبير الذي تبديه الإدارة الأميركية للوثوق بالرئيس الايراني حسن روحاني في تعهده تحسين العلاقات والتعامل بشفافية أكبر في ما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني.
وقال المصدر: "إنهم يخشون أن يُخدع الأميركيون"، وأن تسمح واشنطن لإيران "بأن تصير على أعتاب أن تكون قوة نووية" بالسماح لها بالاحتفاظ بقدرات تكنولوجية يمكن تحويلها لاحقاً إلى الاستخدام العسكري. ومن الاحتمالات المقلقة خصوصاً بالنسبة الى دول الخليج عموماً أن توجه إسرائيل ضربة منفردة الى مواقع نووية إيرانية إذا لم تتعامل واشنطن مع طهران، في حرب قد تجد نفسها في وسطها.
سوريا
وبين مصر وايران، ثمة حلقة ملتهبة بين الجانبين تتعلق بالملف السوري. فمع أن واشنطن والرياض تقفان في جبهة واحدة ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، تأخذ المملكة على واشنطن تلكؤها في دعم المعارضة السورية، وتراجعها عن شن ضربة عسكرية على اهداف سورية وانضمامها على نحو منفرد ومن دون استشارة الدول الكبرى في المنطقة الى المبادرة التي أطلقتها موسكو لتفكيك الترسانة الكيميائية السورية.
قبل مصر وسوريا وايران، كان العراق سبباً لتوترات كبيرة بين الجانبين. فبعدما فتحت السعودية أراضيها للقوات الاميركية منذ 1990، وهو ما تسبب بنقمة شعبية ضدها،غادرت أميركا العراق تاركة خلفها حكومة شيعية تحظى بدعم واشنطن ولا تربطها علاقات جيدة بالمملكة.
مع تراجع الرؤية المشتركة للرهانات التي كان الجانبان يواجهانها، ثمة من يرى مزيداً من التحديات التي تواجه أسس العلاقة الخاصة بين واشنطن والرياض. فمع قرب انسحاب القوات الاميركية من أفغانستان السنة المقبلة، يفقد الجانبان ساحة مشتركة كانت ميدانا للتعاون بينهما منذ الغزو السوفياتي عام 1979 وبعد اطاحة نظام" طالبان" عام 2001، وإن تكن مصلحتهما في القضاء على الميليشيا الاسلامية وتنظيم"القاعدة" هناك ستحتم عليهما تبادل المعلومات الاستخبارية ونشاطات الارهاب المضاد.
الطاقة
وليست بعيدة من الاهتزاز التي يصيب المصالح المتبادلة بين الجانبين "ثورة الطفل الصفحي" (shale revolution). فالولايات المتحدة تبرز بسرعة كمنتج عالمي للطاقة مما يقلل اعتمادها على نفط الشرق الاوسط.
ولكن ليس واضحا بعد مدى تأثير الخريطة النفطية الجديدة حول العالم على العلاقات الدولية.
ومع أن البيت الابيض جازف كثيراً بالعلاقات مع حلفائه من أجل تجنب التدخل العسكري في سوريا والسعي الى توقيع اتفاق نووي مع ايران، بذل المسؤولون الاميركيون جهدا كبيرا لتجنب ترك انطباع أنهم لا يأخذون الهواجس السعودية مأخذ الجد. وأقر الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بوجود خلافات مع السعودية، لكنه قال: "نحن نسويها بطريقة صريحة ومباشرة لاننا نصون الاسس الرئيسية لعلاقة في غاية الاهمية".
وتتفاوت تقديرات المسؤولين الاميركيين الحاليين والسابقين لمستقبل العلاقات بين الجانبين. ففيما يعتبرها البعض "فورة غضب موقتة" لن يكون لها تأثير على العلاقات الثنائية، "وخلاف عائلي لكنه خلاف خطير"، ثمة من يتوقع تداعيات أكبر.
... وسط المشهد الاقليمي المتبدل، وفي ظل شعور سعودي متزايد بأن واشنطن تتجاهل المملكة، يقول اغناتيوس إن "أحداً (مسؤولاً أميركياً) يجب أن يركب طائرة فورا ويتوجه للقاء الملك". وينقل عن مسؤول أميركي سابق لا يسميه أن العاهل السعودي يعتبر أن "كلمتك هي التزامك".

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,358,988

عدد الزوار: 7,629,784

المتواجدون الآن: 0