من حقيبة النهار الديبلوماسية - حكومة جنيف تحكم سوريا

مسؤول دولي بارز معني بالملف السوري أوضح في جلسة خاصة في باريس "إن التغيير الأبرز الذي سينجزه المؤتمر الدولي المقترح لحل الأزمة السورية هو قيام سلطة بديلة من سلطة الرئيس بشار الأسد، إذ ان الحكومة الإنتقالية التي يفترض أن تنبثق من المؤتمر وتضم ممثلين للنظام وللمعارضة على أساس قبول متبادل هي التي ستحكم سوريا وتحل محل الحكومة الراهنة وتمهد لوقف الحرب ولتحقيق التحولات الكبيرة في هذا البلد. فالحقيقة الأساسية أن المؤتمر الدولي الذي يطلق عليه إسم جنيف - 2 ويلقى دعماً رسمياً من مجلس الأمن ومن كل الدول المعنية بالأمر باستثناء إيران حتى الآن، سيعقد من أجل تحقيق هدف رئيسي وحيد هو تطبيق بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي يدعمه مجلس الأمن وينص على قيام نظام سياسي جديد في سوريا ويحدد بوضوح الخطوات الضرورية اللازمة لإنجاز ذلك وأبرزها تشكيل الحكومة الإنتقالية التي تملك وتمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتخضع لها الأجهزة العسكرية والأمنية بعد تغيير قياداتها، مما يعني انها ستملك السلطة فعلاً وتحكم البلد في المرحلة المقبلة وتضطلع بمسؤولية إعداد وصوغ دستور جديد وإجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية التعددية الحرة والشفافة في إشراف مراقبين دوليين. وليس ممكناً أو مقبولاً وجود سلطتين تديران شؤون سوريا في وقت واحد، الأولى خاضعة للأسد والثانية خاضعة للإشراف الدولي - الإقليمي، مما يعني ان حكومة الأسد ستفقد حينذاك دورها ومبرر وجودها ويجب أن ترحل".

وقال المسؤول الدولي ان المشاورات الأميركية - الروسية - الدولية - الإقليمية الأخيرة المرتبطة بالمؤتمر الدولي ناقشت المسائل الرئيسية الآتية:

أولاً - ان مصير الأسد سيناقش حتماً في المؤتمر الدولي بمعزل عن رفض النظام هذا الأمر، إذ ان نقطة الإنطلاق لحل الأزمة إستناداً الى بيان جنيف هي أن يتخلى الرئيس السوري عن صلاحياته السياسية والعسكرية والأمنية والتنفيذية الكاملة لكي تتسلم الحكومة الإنتقالية هذه الصلاحيات وتمارسها. والممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الإبرهيمي يؤيد مناقشة مصير الأسد في المؤتمر ولن يستطيع الروس الإعتراض عليه جدياً خصوصاً ان المعارضة والدول الداعمة لها ستطالب بذلك.

ثانياً - لن يعقد المؤتمر الدولي "بمن حضر" إذ ان هدفه ليس إطلاق حوار بين السوريين من أجل تبادل الأفكار بل تطبيق بيان جنيف وإظهار التصميم الدولي والإقليمي على العمل من أجل قيام نظام جديد يعترف بوجود ثورة شعبية عميقة الجذور ويحقق التطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته، لأن ذلك شرط أساسي وضروري لوقف الحرب وحل الأزمة.

ثالثاً - ليس ممكناً حل الأزمة ووقف الحرب من غير المشاركة الفاعلة والمؤثرة لممثلي المعارضة الحقيقية السياسية والمسلحة في المؤتمر وفي عملية صنع مستقبل سوريا. وقد اعترفت أكثر من 120 دولة بينها 18 دولة عربية ﺑ"الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" على أساس انه الممثل الشرعي للشعب السوري ولتطلعاته المشروعة، مما يعني ان الإئتلاف هو الذي سيقود الوفد الموحد للمعارضة في المؤتمر.

رابعاً - الدول المؤثرة تأمل في أن يشكل المؤتمر الدولي بسرعة الحكومة الإنتقالية لكي تمارس دورها ومسؤولياتها، لكن هذه العملية ستتطلب وقتاً وضغوطاً وجهوداً كبيرة لأن الأسد يرفض أن يتخلى بسهولة عن صلاحياته وعن السلطة وأن يتقبل نهاية حكمه. وليس واضحاً منذ الآن كيف ستسير الأمور في المؤتمر لأن الجهود الديبلوماسية تتركز على عقد المؤتمر قريباً بقطع النظر عما ستسفر عنه المناقشات فيه.

وتطرق المسؤول الدولي الى "العقدة الإيرانية" فقال: "ان إيران تريد المشاركة في المؤتمر الدولي لكن الدعوة لن توجه اليها إذا لم تعلن سلفا رسمياً وعلناً موافقتها على تنفيذ بيان جنيف وقبولها تالياً دعم نظام جديد مختلف جذرياً عن النظام القائم. وتؤيد روسيا ضمناً هذا الموقف إذ انها ترعى مع أميركا المؤتمر الدولي وتدعم التطبيق الكامل لبيان جنيف. لكن القيادة الإيرانية ترفض هذا الشرط وتفضل الإمتناع عن المشاركة في المؤتمر على أساس دعم تطبيق بيان جنيف لأنها ستكون حينذاك طرفاً وشريكاً في عملية إنهاء حكم الأسد".

واستناداً الى المسؤول الدولي "فإن عقد المؤتمر الدولي ليس هدفاً في ذاته بل المهم أن تنطلق منه عملية دولية - إقليمية جدية تنهي الكارثة السورية. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهوداً دولية وإقليمية أكبر بكثير من تلك التي تبذل حالياً لحل الأزمة السورية".