المعارضة تفرج عن 200 ناشط مدني معتقلين لدى الفروع الأمنية في إدلب...تفادياً لكارثة أكبر في سورية

مدينة إدلب.. ثاني مركز محافظة سورية بات خارج سيطرة النظام...النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني

تاريخ الإضافة الأحد 29 آذار 2015 - 8:03 ص    عدد الزيارات 2127    القسم عربية

        


 

مدينة إدلب.. ثاني مركز محافظة سورية بات خارج سيطرة النظام
صبرا لـ {الشرق الأوسط}: «جبهة النصرة» عاجزة عن إعلان كيانها بسبب انتشار المعتدلين
بيروت: نذير رضا
سيطرت قوات المعارضة السورية، أمس، على مدينة إدلب الاستراتيجية والحدودية مع تركيا في شمال سوريا، التي باتت ثاني مركز محافظة في سوريا خارجة عن سيطرة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد مدينة الرّقّة. وجاءت سيطرة قوات المعارضة على إدلب، التي تعد ثاني كبرى مدن الشمال السوري بعد حلب، إثر هجمات متواصلة حققت خلالها قوات المعارضة تقدما في الأحياء الداخلية للمدينة حتى بلغت المربع الأمني الذي سقط بيدها أمس.
وفي حين لم يكن النظام قد أقر رسميا حتى مساء أمس بفقدانه السيطرة على المدينة، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن مقاتلي «حركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وتنظيم جُند الأقصى وفصائل معارضة أخرى، سيطروا على مدينة إدلب بشكل شبه كامل في أعقاب اشتباكات عنيفة استمرت لنحو أربعة أيام، مع قوات النظام والمسلحين الموالين له»، مضيفا أن عمليات تمشيط تجرى للمباني التي كانت يتمركز فيها عناصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها.
وفور إعلان المعارضة عن تحريرها إدلب تضاعفت الأسئلة فورا في بعض الأوساط عما إذا كانت «جبهة النصرة» ستنشئ كيانا لها، لمنافسة كيان تنظيم داعش في شرق وشمال شرقي سوريا، إذ أفاد مقاتلون معارضون كانوا في عداد تنظيمات معتدلة أقصتها «النصرة» عن المشهد العسكري في إدلب قبل أشهر بأن هذه المدينة «ستكون معقلا للنصرة كما باتت الرّقّة معقلا لتنظيم داعش». إلا أن «الائتلاف الوطني السوري» انتقد تصوير المعركة على أنها حرب بين «متشددين» وقوات النظام. وقال هادي البحرة، الرئيس السابق لـ«الائتلاف»، في تغريدة له عبر صفحته في «تويتر»: «على صفحات التواصل الاجتماعي، على معظم صفحات الإعلاميين الغربيين، يتم تصوير ما يجري من أعمال عسكرية في إدلب على أنه توسّع لتنظيم القاعدة ممثلة بجبهة النصرة. وكأنه لا وجود لأي تنظيمات أخرى مقاتلة تبذل الغالي والرخيص من أجل طرد قوات الاستبداد من إدلب».
كذلك نفى جورج صبرا، عضو «الائتلاف» ورئيس «المجلس الوطني السوري»، أي إمكانية لأن تعلن النصرة كيانا لها في محافظة إدلب، قائلا لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «هي تتمنى ذلك، لكنها عاجزة عن تحقيق هدف مشابه لأسباب ميدانية ولوجستية وعسكرية». وأوضح صبرا أن معظم المقاتلين في إدلب «هم سوريون من أبناء المنطقة، فيما يقل عدد المقاتلين الأجانب في صفوفها، مما يجعل إمكانية إعلان كيان متشدد لها استحالة لأن الشعب السوري لا يقبل بالتشدد». وأوضح أن المنطقة «يسيطر عليها مقاتلون من الجيش السوري الحرّ الذين شاركتهم (النصرة) القتال للسيطرة على المدينة، وهم يشكّلون 90 في المائة من عداد المقاتلين المعارضين في إدلب».
ومن ثم، شدّد صبرا على أنه «لا حاضنة اجتماعية لجبهة النصرة في سوريا، لا في الشمال ولا في درعا (جنوب البلاد)»، مؤكدا أن «الجيش السوري الحر هو الأقوى في درعا وإدلب». وأشار إلى أن أبرز شركاء «النصرة» في القتال الآن، وهم مقاتلو «حركة أحرار الشام الإسلامية»، يتجهون «نحو العمل الوطني، انطلاقا من الشعار الذي تبدل منذ أيام وبات (ثورة شعب)، مما يعني أنهم يتحدثون باسم سوريا». ولفت إلى أن هذا «تبدل في الشعارات والتوجهات، وهو توجه نحو الخط الوطني، مثل فصائل كثيرة في سوريا، لا تندرج (النصرة) و(داعش) ضمن إطارها، هي الأكثر ميلا نحو الخط الوطني». واختتم رئيس «المجلس» وعضو «الائتلاف» كلامه بالقول إن «اعتراضنا على (النصرة) ينطلق من انتماءاتها.. المطلوب منها فك العلاقة مع تنظيم القاعدة علنا، وأن تنسجم أهدافها مع أهداف الثورة السورية لبناء دولة ديمقراطية ومدنية، لا عسكرية ولا دينية».
غير أن خبراء تكلموا مع «الشرق الأوسط» تخوفوا من أن تكون «النصرة» تسعى بالفعل إلى إنشاء كيان خاص بها موازٍ لـ«الخلافة» التي أعلنها تنظيم داعش في مناطق أخرى في شمال وشرق سوريا وشمال وغرب العراق. وكانت «النصرة»، من جانبها، أعلنت أمس، السيطرة على كامل إدلب، في حين ادعت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» أن وحدات من الجيش والقوات المسلحة «تمكنت من إيقاف المجموعات الإرهابية على الاتجاه الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي لمدينة إدلب»، مشيرة إلى أنها «تخوض معارك ضارية لإعادة الوضع لما كان عليه وكبّدتهم خسائر كبيرة».
جدير بالذكر أن مدينة إدلب غدت الآن ثاني مركز (عاصمة) محافظة يخرج عن سيطرة قوات النظام بعد مدينة الرّقّة التي خرجت عن سيطرتها قبل أكثر من سنتين. وبسيطرتها على إدلب، أصبحت قوات المعارضة بما فيها «النصرة» تسيطر على معظم المحافظة الحدودية مع تركيا، باستثناء مدينتي جسر الشغور وأريحا اللتين ما زالتا، بالإضافة إلى مطار أبو الضهور العسكري وقواعد عسكرية أخرى، في أيدي قوات النظام.
وجاءت سيطرة المعارضة على إدلب عقب معارك طاحنة في شوارع مدينة إدلب، كما أفاد «المرصد السوري»، وسط تراجع للنظام في المدينة، مما أدى لسقوط المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين، بالتزامن مع قصف عنيف ومتبادل بين الطرفين. وأسفرت الاشتباكات منذ فجر أمس «عن أسر وقتل عدد من عناصر قوات النظام، إضافة إلى مقتل 7 مقاتلين على الأقل، من الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة» بحسب المرصد. وبذلك تصل الحصيلة إلى 130 قتيلا من الطرفين منذ بدء الهجوم الثلاثاء. أما النصرة فذكرت في حسابات لها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن قوات النظام انسحبت من المدينة باتجاه قرية المسطومة حيث يوجد معسكر لقوات النظام، غرب المدينة. أما الناشط هادي العبد الله فقد أفاد من داخل إدلب بأن «جيش الفتح» الذي أنشئ للسيطرة على إدلب اقتحم المربع الأمني الذي كان آخر معقل لقوات النظام في المدينة، وذكر أن الاشتباكات الأخيرة «تركزت داخل المربع الأمني»، حيث سيطر المعارضون على مبنى قيادة الشرطة ومبنى المحافظة، وفرع الأمن السياسي وفرع الأمن الجنائي والمخابرات الجوية.
 
المعارضة تفرج عن 200 ناشط مدني معتقلين لدى الفروع الأمنية في إدلب
أخلت كل السجون من المحتجزين وبينهم المتهمون بجرائم جنائية
بيروت: «الشرق الأوسط»
أكدت مصادر إعلامية معارضة في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» أن 200 معتقل من الناشطين السلميين كانوا محتجزين لدى الفروع الأمنية الحكومية في مدينة إدلب، أطلق سراحهم أمس إثر سيطرة قوات المعارضة على كامل المدينة، مشيرة في الوقت نفسه إلى «الإفراج عن سجناء محكومين بتهم جنائية، من غير التدقيق بتهمهم».
المصادر أفادت بأن قوات المعارضة «أفرغت السجون في مدينة إدلب من السجناء»، وأطلقت سراح «مئات السجناء من السجن المركزي، وهم من المحكومين بتهم جنائية مثل القتل أو السرقة، من غير وضع (فيتوات) على هؤلاء السجناء الخطرين الذين استفادوا من حالة الفرح التي عمت المدينة، والفوضى التي سيطرت على الشوارع إثر انسحاب قوات النظام وحلفائها من المدينة باتجاه قرية المسطومة ومعسكراتها على طريق أريحا»، مضيفة أن الفرح الذي عمّ «جاء بعد أيام من القصف العنيف الذي استهدف ريف إدلب وأسفر عن مقتل عشرات الشهداء».
ولم تُخضع قوات المعارضة التي فتحت بوابات السجون، المساجين لعملية تدقيق، على غرار ما جرى في الرقة، حين أخضع «لواء أحفاد الرسول» في الرقة السجناء لعملية تحقق من هوياتهم والتهم المنسوبة إليهم في عام 2013؛ إذ أفرج عن النشطاء والمعتقلين السياسيين والمقاتلين في صفوف المعارضة، فيما أبقى على السجناء بتهم جنائية. وتكرر الأمر نفسه حين سيطرت قوات المعارضة في السابق على سجن غرز في درعا في العام نفسه.
وقالت المصادر إن قوات المعارضة «أفرجت عن نحو 200 معتقل في أفرع الأمن السياسي والأمن العسكري والمخابرات الجوية في المدينة»، مشيرة إلى أن معظمهم «من الناشطين السلميين ومضى على اعتقال بعضهم عامان أو 3 أعوام»، فيما كان السجن المدني المخصص للمتهمين بجرائم جنائية «الأكبر ويضم مئات المعتقلين».
 
النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني
مقتل وجرح العشرات في اشتباكات في مدينة حلب
بيروت: «الشرق الأوسط»
شنت قوات النظام السوري و«حزب الله» اللبناني عملية عسكرية كبيرة على مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي، الخاضعة لسيطرة المعارضة، وذلك بعد حصار مطبق فرضته عليها في اليومين الماضيين، مما أدى لمقتل العشرات. ومن جانب آخر، أفيد عن اشتباكات محتدمة تشهدها مدينة حلب بين قوات المعارضة وعناصر «داعش» من جهة، وبين قوات المعارضة وبين قوات النظام من جهة أخرى، مما أدى لمقتل وجرح العشرات. حول معارك الزبداني، القريبة من الحدود اللبنانية، أفاد «مكتب أخبار سوريا» أن 13 من مقاتلي المعارضة قتلوا، يوم أمس (السبت)، «خلال محاولة الفصائل صد تقدم جنود الجيش السوري النظامي المدعم بميليشيا (حزب الله) في السلسلة الجبلية المحاذية للمدينة من الغرب».
ونقل المكتب عن أحد الناشطين في الزبداني قوله إن الجيش النظامي بدأ «عملية عسكرية كبيرة على التخوم الغربية لمدينة الزبداني، وشن هجوما عبر 3 محاور بغطاء ناري ومدفعي كثيف غير مسبوق». وذكر أن القوات النظامية «نجحت في التقدم من جهة التلال المطلة على أبنية الجمعيات في الزبداني ومن التلال المتاخمة لبلدة معدر من جهة الشمال ومن المنطقة المعروفة بعين الرملة وظهر البيدر».
ووفقا للناشط السوري، فإن مقاتلي المعارضة المسلحة، وأبرزها «حركة أحرار الشام الإسلامية»، و«جبهة النصرة»، حاولوا التصدي لهجوم قوات النظام ومقاتلي «حزب الله»، مما أدى إلى مقتل 13 مقاتلا على الأقل وجرح العشرات، وأوضح أن المعارك أسفرت عن إطباق قوات النظام على الزبداني من الجهة الغربية، وذلك بعد إحكامها السيطرة على السلسلة الغربية للمدينة. ثم أضاف أنه «بالتزامن مع المعارك في الجبل الغربي، نفذت القوات النظامية قصفا عنيفا بالأسلحة الثقيلة والراجمات والطيران الحربي والهليكوبترات على أماكن انتشار قوات المعارضة وطرق إمدادهم في سفح الجبل الغربي من جهة الزبداني وعلى وسط المدينة».
وأشار الناشط المدني وسيم سعد، في حديث مع «مكتب أخبار سوريا»، إلى أن قوات النظام أغلقت الطريق الرئيسية المؤدية من دمشق إلى منطقة وادي بردى الواقعة في منتصف الطريق بين العاصمة والزبداني على خلفية المعارك الدائرة غرب المدينة، كما منعت دخول المواد الغذائية والطبية والمياه المعبأة وكثيرا من البضائع إلى قرى وادي بردى.
وفي حين أوردت قناة «المنار» التلفزيونية، التابعة لـ«حزب الله»، «مقتل وجرح عدد من المسلحين في اشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في خشعات الزبداني ترافق مع قصف مدفعي مركز على مواقعهم»، عرضت القناة ليل الجمعة لقطات لمقاتلين في منطقة جبلية يستخدمون أسلحة ثقيلة حول المدينة وجثة لأحد مقاتلي المعارضة.
في هذه الأثناء، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن عدد قتلى المعارضة الذين قضوا خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الجبل الغربي للزبداني ارتفع إلى 6، وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني لبناني أن الجيش السوري مدعوما بمقاتلين من «حزب الله» حاصر مدينة الزبداني، بينما ادعت وكالة «سانا» الحكومية السورية أن 20 على الأقل من مقاتلي المعارضة قتلوا في معارك للسيطرة على المنطقة. ونقلت «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن الجيش أحكم السيطرة على 10 نقاط استراتيجية على الأقل إلى الغرب من الزبداني. وادعت أن قوات الجيش «قضت على أكثر من 20 إرهابيا وأصابت العشرات من أفراد التنظيمات التكفيرية»، أن بين القتلى عددا من المقاتلين الأجانب.
أما عن الجبهات الأخرى، فقد أفاد «المرصد» عن حصوله على نسخة من شريط مصور يظهر عشرات المتظاهرين في بلدة كفربطنا بغوطة دمشق الشرقية، وهم يحملون رايات سوداء كتب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ويتجولون في شوارع البلدة، مرددين شعارات، منها: «إسلامية.. إسلامية.. ثورتنا إسلامية، غصبا عنك يا بشار وعن العلمانية». وكانت عدة فصائل خرجت في مظاهرة بمدينة حلب في وقت سابق، ونادت بشعارات: «حلب تريد خلافة إسلامية»، بحسب «المرصد» برفقة مسلحين وعدة أحصنة، ورفعت راية سوداء كتب عليها بالخط الأبيض «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، كما سحبت رايات أخرى كان يحملها مواطنون ونشطاء، وتوجهت من حي المرجة مرورا بالصالحين والفردوس وجسر الحج وصولا إلى حي المشهد في حلب.
هذا، وشهدت حلب خلال الساعات الماضية اشتباكات عنيفة بين عناصر تنظيم داعش من جهة وفصائل المعارضة من طرف آخر، في محيط قرى الظاهرية والعدية، وكذلك مناطق أخرى في محيط قرية احتيملات بريف حلب الشمالي. ووفق «المرصد» أن اشتباكات متقطعة دارت بين قوات النظام مدعمة بـ«قوات الدفاع الوطني» (الشبيحة) من جهة، وكتائب المعارضة من جهة أخرى، على أطراف حيي بني زيد والليرمون شمال حلب، ومناطق أخرى في حي الخالدية، مما أدى لمقتل وجرح العشرات. وأيضا، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بخروج مظاهرة في مدينة مارع الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب، طالب خلالها المشاركون فصائل المعارضة بنقل مقراتهم العسكرية إلى خارج المدينة المأهولة بالسكان، وذلك تجنبا لقصفها جويا من قبل قوات النظام، أو من قبل «داعش» الأمر الذي يودي بحياة المدنيين.
 
نظام الأسد يخسر مدينة إدلب
المستقبل...سالم ناصيف
مرة جديدة تكشف الأحداث الميدانية عن هشاشة دفاعات النظام وتحصيناته التي كان يظن أنها قادرة على حمايته وتأمين وجوده داخل المدن الرئيسية وبخاصة مدينة إدلب، التي بقيت طوال السنوات الأربع الماضية معقل النظام الأكبر في المحافظة برغم تحرر معظم ريفها، لتسقط كلها بيد تحالف «جيش الفتح» أمس.

لكن لا تمنع فرحة تحرير مدينة إدلب من التعبير عن هواجس عديدة حملها نشطاء الثورة في الشمال السوري تجاه سيطرة جبهة النصرة التي تعتبر العماد الأكبر من القوى المشتركة في المعركة.

تلك المخاوف تم التعبير عنها في احتمال أن يقود تحرير المدينة إلى استبدال سلطة النظام بسلطة جبهة النصرة التي بات من الواضح أنها تبحث عن مركز نفوذ لها لايشاركها فيه أحد من القوى المعتدلة التي سبق أن حاربتهم النصرة في ريف إدلب، كجبهة ثوار سوريا التي تم اخراجها من قرى جبل الزاوية بعد السيطرة على معاقلها أواخر العام الماضي، إضافة إلى أن صراع جبهة النصرة ضد حركة حزم كشف عن وجه الجبهة الساعي لتحطيم أي قوة معتدلة من شأنها أن تقف في وجه طموحاتها التي ربما قد تترجم بإنشاء إمارة إسلامية تكون محافظة ادلب مركزاً لها على غرار ما فعلت داعش في الرقة.

إذاً، بعد أربعة أيام فقط من انطلاق معركة «غزوة إدلب» تم تحرير المدينة وطرد النظام منها بشكل كامل على يد «جيش الفتح» الذي يتكون من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيم جند الأقصى وفصائل إسلامية أخرى. وبذلك تكون مدينة إدلب ثاني مركز محافظة خارج عن سيطرة النظام بعد مدينة الرقة التي انقضت عليها «داعش« بعد وقت من تحريرها على يد الجيش الحر.

المعركة داخل مدينة إدلب حسمت بسقوط مبنى الشرطة العسكرية ومبنى فرع الحزب، وقبلها المربع الأمني الذي يحوي مبنى المحافظة وعدداً من الأفرع الأمنية، منها فرع التحقيق العسكري والمخابرات الجوية والأمن السياسي. وتعتبر خطوة تحرير الأفرع الأمنية من أهم الإنجازات التي حققت حرية قرابة 200 معتقل كانوا موجودين داخل زنازينها، فمن المعتقلين من مضى على اعتقاله سنوات داخل تلك الأفرع، ولكن نشطاء إدلب حذروا من الخطوة المتسرعة التي أقدم عليها جيش الحزم بالسماح لكل السجناء بخاصة من كان منهم في السجن المركزي بالخروج منه فور اقتحامه قبل تبيان حقيقة جرم كل واحد فربما أدى إطلاق سراح المجرمين الجنائيين لانتشار جرائم كثيرة يصعب الحد منها في ظل الفوضى التي سترافق عملية التحرير بخاصة في الفترة الأولى.

وذكر مصدر إعلامي من إدلب أن معركة تحرير المدينة سارت منذ بدايتها على أكثر من محور، حين تقدمت الفصائل المنضوية تحت غرفة عمليات جيش الفتح من طريق «المحراب» الذي يعتبر البوابة الشمالية للمدينة، وطريق «معرة مصرين» وطريق «سلقين» إضافة لطريق «جدار بكفلون»، فيما عدا طريق أريحا الذي ترك مفتوحاً أمام من يشاء من الجنود للانسحاب منه.

وحققت المعركة هدفها في وقت قياسي بعد أربعة أيام من انطلاقها وجرت على مراحل، بدأت في تأمين الكورنيش الذي يحيط بمدينة إدلب بشكل دائري، وتحقق ذلك من خلال ضرب الحواجز الواقعة على أطرافه وتدميرها بشكل نهائي، ثم تم التوجه للسيطرة على الأحياء الداخلية في المدينة التي أخذت بالانهيار السريع من جراء سقوط القطاعات العسكرية الموجودة في مراكز أمنية وعسكرية كان يعوّل عليها في مهمة الدفاع عن المدينة كمبنى المرور والأمن الجنائي والمشفى الوطني والصالة الرياضية والملعب البلدي وجيعها ضمت العديد من شبيحة النظام والميليشيات الداعمة له.

وكانت المواجهات الأعنف تركزت في محيط المربع الأمني، وانتهت بسيطرة جيش الفتح على النقاط الأمنية داخله بعد تكبد قوات النظام فيها خسائر كبيرة حيث لعبت المعنويات المنهارة لجيش النظام دوراً بارزاً في سرعة حسم المعركة، وأدى ذلك لانسحاب كثيف جرى بين صفوف قوات الجيش النظامي ومجموعات الشبيحة التي أخذت بالهرب والخروج من المدينة من المدخل الجنوبي لها، ووصل معظمهم إلى معسكر «المسطومة» بعد أن ترك لهم جيش الفتح المدخل الجنوبي الواصل من مدينة إدلب إلى «أريحا» مفتوحاً.
 
إدلب ثاني مدينة تفلت من قبضة النظام
بيروت، لندن - «الحياة»، رويترز، أ ف ب
خرجت أمس المدينة السورية الثانية من قبضة النظام السوري، بسيطرة تحالفٍ من قوى المعارضة على مدينة إدلب في شمال غربي البلاد، ما يجعل المعارضة على تخوم مدينة اللاذقية معقل النظام ويساهم في عرقلة خطوط الإمداد بين حلب شمال البلاد والساحل غرباً.
ووضع مراقبون هذا التطور البارز الذي يصادف الذكرى الرابعة لخروج تظاهرات سلمية ضد النظام وسط البلاد، في سياق إقدام المعارضة ومؤيديها على تجاوز خطوط حمر وتفاهمات، تضمّنت عدم دخول المعارضة المدن أو قرى شيعية، ذلك أن السيطرة على إدلب جاءت بعد أيام على استيلاء «الجيش الحر» على مدينة بصرى الشام جنوباً، بين دمشق والأردن.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن «مقاتلي حركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة وتنظيم جند الأقصى وفصائل إسلامية أخرى، سيطروا في شكل شبه كامل على إدلب عقب اشتباكات عنيفة استمرت نحو خمسة أيام، مع قوات النظام والمسلحين الموالين له».
وكانت هذه الفصائل شكّلت تكتُّلاً باسم «جيش الفتح» ضم آلافاً من المسلّحين، بدا أنهم يقاتلون في طريقة أكثر تنظيماً وتسلُّحاً من مرات سابقة، إذ بدأوا الهجوم بالسيطرة على نقاط النظام العسكرية على أطراف المدينة ثم الدخول إليها بطريقة منظّمة. كما أن الهجوم تلا اندماج «أحرار الشام» و «صقور الشام»، التكتُّلين القويَّين في ريف إدلب.
ويعود سبب السيطرة السريعة على المدينة، وفق مدير «المرصد»، إلى أنه على رغم شنّ النظام 150 غارة على المدينة خلال الأيام الأربعة الماضية، فإن «ألفي مقاتل شنّوا هجومهم من كل الأطراف على متن 40 حاملة جنود». كما استبق النظام الهزيمة، «إذ بدأ منذ أسبوعين بنقل المكاتب الإدارية لمدينة إدلب الى مدينة جسر الشغور»، التي تربط محافظة إدلب باللاذقية. وبث ناشطون معارضون أشرطة فيديو أظهرَت دخول مقاتلي المعارضة سجن إدلب المركزي وجثثَ قتلى ذكر المقاتلون أن عناصر من النظام أعدموهم، كما أظهرت الأشرطة تمزيق صورٍ للرئيس بشار الأسد وتحطيم تمثال لوالده لدى وصول المعارضين الى وسط المدينة.
إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن «وحدات من الجيش تمكّنت من وقف تقدُّم المجموعات الإرهابية على الاتجاه الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي لمدينة إدلب، وهي تخوض معارك ضارية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه». ونقلت عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة وجّهت ضربات مركّزة إلى تجمُّعات التنظيمات الإرهابية التكفيرية».
ومازال النظام يسيطر على مدينتي جسر الشغور وأريحا، ويملك قواعد عسكرية، بينها مطار أبو الضهور العسكري و «معسكر الطلائع» في المسطومة بين إدلب وأريحا و «معمل القرميد» بين أريحا وسراقب الخاضعة لسيطرة المعارضة باتجاه حلب، وذلك بعدما خسر قبل أسابيع معسكرَيْ وادي الضيف والحامدية لمصلحة «أحرار الشام» و «النصرة»، ما عزز موقع المعارضة أيضاً في ريف حماة وقطع الطريق الدولية بين وسط سورية وحلب شمالاً.
وقوبل دخول المعارضة إدلب بترحيب من الأهالي. وقال أحد المقاتلين في شريط فيديو: «هذا بيتي. لم أدخله منذ أربع سنوات. هذا هو الحي الذي أسكن فيه وهذا بلدي، وبإذن الله سنحرره». وسادت مخاوف على مصير المدنيين، إذ يعيش في المدينة مئات الآلاف من أهلها والنازحين من ريف إدلب الخارج عن سيطرة النظام منذ نحو ثلاث سنوات.
وقال «أبو يزن» المسؤول العسكري في «جيش الفتح»، إن مقاتليه وفّروا ممرات آمنة للمدنيين للخروج، ولن يتعرّضوا لأي شخص، بمن فيهم مَنْ حَمَلَ السلاح «شرط ألا تكون يداه ملطختين بدماء السوريين». ولكن، سُجِّل خروج آلاف من المدنيين إلى الريف ومدن أخرى خوفاً من غارات قد تشنها قوات النظام.
 
تفادياً لكارثة أكبر في سورية
London RB
يعقوب الحلو... منسق الأمم المتحدة للشؤون السورية، دمشق.
كيفين كيندي.... المنسق الإقليمي للشؤون الانسانية.
أربع سنواتٍ قد مضت منذ اندلاع الهبّة السورية، بلدٌ ممزقٌ، الآن، جراءَ حربٍ أنتجت واحدةً من أسوأ الكوارث الإنسانية لجيلنا. مع كل سنةٍ تمرّ، قدمت سورية مستوى غير مسبوقٍ من المآسي.
إنَّ الأطرافَ المتحاربة ربما لم توقف القتل، لكن المجتمع الإنساني كان في سورية، يحاول تقديم المساعدة للمدنيين حيثما تمكن من ذلك. وفي السنوات الأربع الماضية تضاعف عدد الناس المحتاجين للمساعدة الإنسانية اثنتي عشرة مرة، ليضحي اليوم 12.2 مليون محتاج. إنَّ ما يقرب من نصف السوريين أجبروا على ترك بيوتهم حيث نزح 7.6 مليون منهم وهاجر 3.9 مليون إلى دولٍ مجاورةٍ، ما يشكل أكبر أزمة نزوحٍ في العالم.
وبينما تدخل الأزمة السورية عامها الخامس، نستمر نحن في المطالبة بحلٍ سياسيٍ لهذا النزاع. لكن في الوقت نفسه، نحن في حاجةٍ إلى أن نعيد الانتباه إلى محنة الضحايا وأن نضمن وصولًا أكبر للمحتاجين وأن نستكشف طرقًا مبتكرةً لتقوية آليات التأقلم لدى الشعب السوري للحيلولة دون حدوث المزيد من التهجير والمعاناة.
إننا العاملين الإنسانيين، ملتزمون بإنقاذِ أرواح أولئك المحتاجين والتخفيف من معاناتهم وصون كرامتهم. وفي مواجهة كافة المتناقضات وبمخاطرة كبيرةٍ لحيواتهم، ما زال العاملون الإنسانيون يبذلون أقصى ما بوسعهم للحفاظ على النسيج الاجتماعي في سورية. في السنوات الأربع الماضية، وبمساهمات مانحينا السخية، قدمنا المساعدة لملايين البشر. وقد كانت الكلفة عالية جداً بفقد 72 عاملًا إنسانياً حياتهم، منهم 42 عاملاً إنسانيًا من «منظمة الهلال الأحمر السوري» وحده.
ولقد قمنا بالدفع بقوة لإيصال المساعدات إلى المناطق النائية بينما انتقل الصراع من مرحلةٍ إلى التي تليها. لكن جهودنا للوصول إلى كل أولئك المحتاجين ما زالت تواجه بعقبات مثل انعدام الأمن وقلة الاحترام الشديد لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
إنه لمن غير المقبول أن يعاني 440 ألف شخص من مأساةٍ يوميةٍ بالعيش تحت الحصار. يتوجب على أطراف النزاع أن يفعلوا المزيد، وبشكل عاجلٍ، لتسهيل الوصول إلى المدنيين وفقًا للالتزامات المنوطة بهم بموجب القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن 2139 و2165 و2191.
وطالما استمر القتال، يتوجب أن يبقى تركيزنا منصبًا على ضمان وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح إلى كل السوريين المحتاجين، وخاصةً أولئك المحاصرين، حيث الحاجة هناك على أشد درجاتها. وفي الوقت نفسه، يجب علينا أن نعزز قدرة الشعب السوري على الصمود وعدم الاكتفاء بتقديم المساعدات الإنسانية، لكي نعطي للسوريين فرصةً للبقاء في بلدهم. إننا بحاجةٍ ماسةٍ لإيجاد الطرق لدعم سبل الحياة ومقوماتها والخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والماء أينما كان ذلك متاحًا من خلال تداخلات طويلة الأمد.
في 31 آذار (مارس) الجاري، سيجتمع المجتمع الدولي مرةً أخرى في الكويت في مؤتمر المانحين الثالث. سنطلب الدعم من مانحينا لنتمكن من الاستمرار في إيجاد الطرق لمساعدة الشعب السوري والمجتمعات المضيفة والتي استنزفت مواردها إلى أقصى درجة.
إنَّ المجتمع الإنساني ملتزمٌ الاستمرار بالعمل على دعم السوريين المحتاجين والذين يعيشون أعباء هذا النزاع. العمل الإنساني مستمر في إنقاذ الأرواح وإعانة المجتمعات ولكنه لن يحل السبب الحقيقي وراء هذا النزاع. الحل يجب أن يكون سياسيًا ويجب أن يأتي سريعًا.
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,241,007

عدد الزوار: 6,983,973

المتواجدون الآن: 78