السوريون يتظاهرون اليوم في جمعة «الله أكبر» للتحقق من نيات النظام

20 قتيلا مدنيا في حمص غداة موافقة دمشق على الخطة العربية الداعية لحماية المدنيين

تاريخ الإضافة السبت 5 تشرين الثاني 2011 - 4:23 ص    عدد الزيارات 2384    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حمص تحت القصف.. في ثاني أيام المبادرة العربية
مقتل 20 والمجلس الوطني يحذر من تحويل حمص إلى «مدينة منكوبة» > العربي يعلن انعقاد الحوار السوري في القاهرة
لندن: ثائر عباس القاهرة - بيروت: «الشرق الأوسط»
في ثاني أيام موافقة دمشق على المبادرة العربية التي قضت بوقف العنف ضد المدنيين، قصف الجيش السوري الأحياء السكنية في حمص، مما أدى إلى مقتل 20 مدنيا على الأقل، فيما حذر ناشطون من تحول حمص إلى «مدينة منكوبة»، داعين الجامعة العربية لإنقاذها.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 20 مدنيا قتلوا في مدينة حمص، وقال نشطاء إن الدبابات أطلقت مدفعيتها الثقيلة ونيران مدافع مضادة للطائرات في منطقة بابا عمرو معقل الاحتجاجات، التي شهدت عمليات من الجيش في مواجهة معارضين يختبئون هناك. وأكد ناشطون في حمص أنهم يلاقون صعوبات كثيرة في إسعاف الجرحى، وعددهم بالعشرات، بسبب الحصار، ولفتوا إلى أن أي سيارة تحاول إسعاف الجرحى يتم قصفها مباشرة. ووجه أهالي حي بابا عمرو نداء استغاثة عاجلة للجامعة العربية، وحملوها «المسؤولية عن المجازر التي ترتكب بحق الشعب الأعزل في بابا عمرو».
وشككت المعارضة السورية مجددا أمس في إمكانية التزام النظام السوري بموجبات المبادرة العربية رغم إعلانه الموافقة عليها، وقال عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني، لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس وجه نداء إلى الجامعة العربية والدول الراعية للمبادرة يحذر من «هجمة شرسة» يشنها النظام على المدينة، مشيرا إلى أن المعلومات الواردة من حمص تفيد بوجود نحو 40 دبابة قرب حي بابا عمرو في المدينة، وأن الجنود ينادون السكان عبر مكبرات الصوت لإخلاء المنطقة تمهيدا لقصفها، محذرا من أن حمص «ستكون مدينة منكوبة»، وعلى الدول العربية والمنظمات العربية التحرك السريع لإنقاذها.
يأتي ذلك في وقت يستعد فيه السوريون للخروج في مظاهرات ضخمة اليوم في جمعة «الله أكبر على كل من طغى وتجبر». إلى ذلك، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أمس، أن الحوار الوطني السوري سيعقد في القاهرة، وأن «الأمانة العامة بدأت من اليوم (أمس) حراكا لتنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب الذي يتضمن البدء في إعداد حوار بين الحكومة والمعارضة السورية».
 
20 قتيلا مدنيا في حمص غداة موافقة دمشق على الخطة العربية الداعية لحماية المدنيين
انشقاق مساعد أول من الطائفة العلوية عن الجيش السوري.. وقصف سيارات الإسعاف لمنع نقل الجرحى
لندن: «الشرق الأوسط»
بعد يوم على موافقة دمشق على الخطة العربية التي تقضي بوقف العنف ضد المدنيين وحمايتهم، قتل نحو 20 مدينا في مدينة حمص، حيث استمر الجيش في قصف الأحياء المدنية ومهاجمة السكان. وقال نشطاء في حمص إن الدبابات أطلقت مدفعيتها الثقيلة ونيران مدافع مضادة للطائرات في منطقة بابا عمرو معقل الاحتجاجات، التي شهدت عمليات من الجيش في مواجهة متمردين يختبئون هناك.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 20 مدينا سقطوا في حمص أمس، في تل الشور ووادي إيران وبابا عمرو والإنشاءات وباب الدريب والبياضة والخالدية وكرم الزيتون. وذكر ناشطون لوكالة «رويترز» أن قناصة تابعون للجيش يطلقون النار من فوق أسطح المنازل، كما أن الجنود يطلقون النار عند نقاط التفتيش. كما أعلن المرصد عن انشقاق المساعد أول آفاق محمد أحمد عن النظام السوري، مشيرا إلى أن آفاق هو من أبناء الطائفة العلوية ومن عناصر المخابرات الجوية السورية.
وقال سامر، وهو ناشط في باب عمرو، في مكالمة هاتفية لـ«رويترز»: «نمنا في وقت متأخر، لأنه كانت هناك تجمعات الليلة الماضية في الشوارع للاحتفال بالمبادرة العربية. هذا الصباح (أمس) استيقظنا على الأمطار ووابل من القصف».
وقال آخر من سكان المدينة إنه سمع دوي انفجارات تهز المدينة، وكان نشطاء يدعون الناس إلى التبرع بالدم في مستشفيات مؤقتة أقيمت في وسط حمص وحولها.
وأكد ناشطون في حمص أنهم يلاقون صعوبات كثيرة في إسعاف الجرحى، وعددهم بالعشرات، بسبب الحصار، ولفتوا إلى أن أي سيارة تحاول إسعاف الجرحى يتم قصفها مباشرة. ووجه أهالي حي بابا عمرو نداء استغاثة عاجلة للجامعة العربية، وحملوها «المسؤولية عن المجازر التي ترتكب بحق الشعب الأعزل في بابا عمرو».
وفضلا عن سقوط جرحى وقتلى، جرت حملة اعتقالات واسعة شملت وجهاء الأحياء، كما حذر ناشطون في حمص من أكاذيب جديدة للنظام للتغطية على التهرب من سحب المظاهر المسلحة، وقالوا إن الأجهزة الأمنية تعد «لافتعال قصة إعلامية عن وجود مقابر جماعية قام بها مسلحون إرهابيون لتبرير وحشية النظام في حمص وبقاء الجيش هناك».
وأضاف الناشطون أن قوات الأمن قامت، يوم أمس، بجمع جثث من عدة مناطق في حمص، نحو 15 جثة من وادي السايح و27 جثة تم نبشها من مقبرة الفردوس القريبة من قرية فيروزة، مشيرين إلى أن «تلك الجثث لأشخاص من الطائفة العلوية، وتم تشويه الجثث قبل نقلها إلى المستشفى الوطني لتجهيز مقبرة جماعية، وعلى الأرجح ستدعى وسائل الإعلام العربية والدولية لتصوير تلك المقبرة على أساس أنها من فعل المسلحين».
ولم يتم التأكد من صحة تلك المعلومات، إلا أن سبق وقامت السلطات السورية بدعوة وسائل الإعلام للوقوف على عملية العثور على مقبرة جماعية في جسر الشغور من عدة شهور، قيل إنه تم اكتشافها، إلا أن نبش المقبرة تم أمام الكاميرات والصحافيين الذين ذهبوا من دمشق، وبعد أيام تمت دعوة عدد الدبلوماسيين لمشاهدة نبش مقبرة جماعية أخرى في جسر الشغور أيضا.
إلى ذلك، قال ناشطون وسكان إن تعزيزات من الجيش وصلت إلى حواجز طرق في بلدات في أنحاء سهل حوران الجنوبي، حيث أطلقت القوات النار في الهواء لتفرقة الاحتجاجات الليلية. وذكر نشطاء أنه في الصباح الباكر من يوم أمس، أطلق رتل من المدرعات نيران الأسلحة الآلية في الهواء، بعد دخول قلعة في وادي الغاب، الذي شهد احتجاجات وأصبح ملاذا للمنشقين عن الجيش. وفي ضاحية حرستا في ريف دمشق، قال أحد السكان إنه ألقي القبض على نحو 120 محتجا الليلة قبل الماضية بعد الاحتفال باتفاق الجامعة العربية.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس إنها تضغط على سوريا كي تمنحها حرية وصول أكبر إلى ألوف المحتجزين الذين اعتقلوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، كذلك، قال المرصد السوري إن قوات الأمن السورية عمدت إلى تنفيذ عدد كبير من الاعتقالات، وقال المرصد إن «أكثر من ثمانين شخصا تم اعتقالهم فجر الخميس في دير الزور (شرق) والقرى المجاورة».
من جهته، قال العقيد السوري رياض الأسعد قائد «الجيش السوري الحر»، إن عدد العناصر المنشقة عن الجيش السوري صار ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف عسكري، بينهم قوات خاصة وحرس جمهوري ومخابرات. وقال الأسعد «على سبيل المثال، هناك عماد سطوف، من المخابرات، وهو منشق ولجأ إلى تركيا ثم عاد إلى سوريا، ولا نعرف عنه أي أخبار سوى أنه تم اعتقاله».
وردا على ما أثير حول أن المنشقين يتلقون دعما، اتهم الأسعد، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، عبر الهاتف، أمس، النظام السوري بالكذب وتلفيق الأمور، وقال: «نحن حتى الآن لم نتلق أي دعم من أي مكان حتى المعارضة لم تقدم لنا أي دعم».
وأضاف الأسعد المقيم في تركيا: «نحن فقط نحصل على السلاح من الداخل وبدعم من المواطنين، ونشتري السلاح من عناصر أمنية لأنهم فاسدون ويبيعون أسلحتهم لنا، نشتري الأسلحة من كل الأجهزة العسكرية التابعة للنظام بمساعدة ودعم المواطنين»، وتابع: «ما تقدمه لنا تركيا هو فقط دعم للاجئين.. لا يوجد أي دعم عسكري لا من تركيا ولا من أي دولة أخرى رسمي أو غير رسمي.. نحن إن شاء الله قادرون على تنظيم صفوفنا بعزيمتنا ودعم الشعب لنا، وفي المرحلة المقبلة سنقوم بتنظيم صفوفنا إن شاء الله، ولدينا العزيمة والإرادة على إسقاط هذا النظام الفاسد المجرم». وأردف: «نقول لجامعة الدول العربية.. احذروا من هذا النظام الفاسد الكذاب، هو نظام يريد فقط كسب المزيد من الوقت ولا يمكن الثقة فيه، وعلى الجامعة العربية أن تكون على حذر»، مضيفا: «على سبيل المثال، بعد الإعلان عن الوصول إلى اتفاق طول الليلة الماضية، ما زالت هناك حشود للجيش وقصف وإطلاق نار.. كانت ليلة ساخنة».
 
المعارضة السورية تصر على رفع علم الاستقلال الأول للدلالة على القطيعة مع نظام «البعث»
ناشط لـ «الشرق الأوسط» : سنأخذ استقلالنا من النظام الأسدي كما أخذناه من فرنسا
بيروت: «الشرق الأوسط»
أطلقت صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد على «فيس بوك» اسم «أربعاء علم الاستقلال» على المظاهرات المناهضة للنظام في سوريا، حيث وضعت الصفحة التي تعد منبرا تنظيميا مهما للثوار السوريين صورة لعلم الاستقلال الذي يتكون من ثلاثة ألوان أعلاها الأخضر، فالأبيض، فالأسود، وتتوسطه في القسم الأبيض ثلاث نجوم حمراء.
وكان ناشطون معارضون قد استحدثوا على موقع «فيس بوك» صفحة تدعو إلى العودة إلى علم الاستقلال، وكتب أحد المشاركين بالصفحة «ما نريده هو علمنا الحقيقي النظيف الذي لم ترتكب الجرائم في ظله أو تحت رايته، علم الاستقلال الذي رفعه أجدادنا الشرفاء وكانوا تحت ظله». فيما كتب مشارك آخر «هذا هو علم الشرفاء والأحرار وليس العلم الذي يعتمده نظام البعث».
ويقول أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» إن تخصيص يوم لعلم الاستقلال السوري «يهدف إلى أمرين، الأول هو القطيعة مع جميع رموز النظام الأسدي البعثي، أو بمعنى أدق استعادة هذه الرموز من نظام طالما شوهها وارتكب المجازر تحت رايتها. والأمر الثاني هو التذكير بأننا مثلما أخذنا استقلالنا من الاحتلال الفرنسي ورفعنا علم الاستقلال، سنأخذه أيضا من الاحتلال الأسدي ونرفع العلم ذاته».
يذكر أنه في 14 مايو (أيار) 1930 أصدر المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا ولبنان «هنري بونسو» قرارا رقمه 3111، يقضي بوضع دستور الدولة السورية. وجاء في المادة الرابعة من الباب الأول تنظيم العلم، بحيث «يكون العلم السوري على الشكل الآتي: طوله ضعف عرضه، ويقسم إلى ثلاثة ألوان متساوية متوازية، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود، على أن يحتوي القسم الأبيض منها في خط مستقيم واحد على ثلاثة كواكب حمراء ذات خمسة أشعة». وقد نُشر هذا الدستور في الجريدة الرسمية العدد 12، ملحق تاريخ 1932/2/30 الصفحة 1. ورُفع العلم لأول مرة في سماء سوريا في 12 يونيو (حزيران) عام 1932. وتدل ألوان العلم على الثورة العربية الكبرى، فالأخضر للإسلام عموما، والأبيض للأمويين، والأسود للعباسيين، والنجوم الحمر للعلياء والبطولة ودماء الشهداء.
كما رُفع في سماء سوريا في 17 أبريل (نيسان) من عام 1946 بعد جلاء الفرنسيين عن سوريا واستمر حتى الوحدة بين سوريا ومصر، حيث اعتمدت الجمهورية العربية المتحدة حينها علما جديدا مكونا من ثلاثة ألوان هي الأسود والأبيض والأحمر، وبه نجمتان كل منهما ذات خمس شعب لونها أخضر. ويكون العلم مستطيل الشكل، عرضه ثلثا طوله، ويتكون من ثلاثة مستطيلات متساوية الأبعاد بطول العلم أعلاها باللون الأحمر وأوسطها باللون الأبيض وثالثها باللون الأسود. وتتوسط النجمتان المستطيل الأبيض. وبعد الانفصال في سوريا وانتهاء الوحدة مع مصر، أعاد الانفصاليون علم الاستقلال مرة ثانية كرمز للدولة السورية.
وانعكست العديد من مشاريع الوحدة التي أقامتها سوريا مع دول عربية أخرى على شكل العلم الوطني.
فتبدل مرات عدة إلى أن تم اعتماد العلم الحالي في ظل حكم الرئيس حافظ الأسد وتحديدا سنة 1980 عبر قانون حدد أوصافه. ويتكون علم سوريا الحالي، وذاته العلم الذي اعتمد أثناء الوحدة مع مصر، من ثلاثة ألوان: الأسود والأبيض والأحمر، وبه نجمتان كل منها ذات خمس شعب لونها أخضر، ويكون العلم مستطيل الشكل، عرضه ثلثا طوله، يتكون من ثلاثة مستطيلات متساوية الأبعاد بطول العلم، أعلاها الأحمر، وأوسطها باللون الأبيض، وثلثها باللون الأسود، وتتوسط النجمتان المستطيل الأبيض.
 
السوريون يتظاهرون اليوم في جمعة «الله أكبر» للتحقق من نيات النظام
لجان التنسيق دعت لمواصلة الكفاح السلمي حتى إسقاط الأسد
بيروت: بولا أسطيح
دعت لجان التنسيق المحلية التي تمثل حركة الاحتجاج السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الداخل إلى «التظاهر السلمي» اليوم في جمعة «الله أكبر على كل من طغى وتجبر»، غداة موافقة سوريا على خطة جامعة الدول العربية للخروج من الأزمة متعهدة بوقف القمع في البلاد. وحضت لجان التنسيق «أبناء الشعب السوري للتحقق من نيات النظام من خلال استمرارهم في أشكال الاحتجاج كافة، والقوى الثورية كافة للعمل من أجل تنسيق الجهود لتنظيم مظاهرات واعتصامات شاملة». وأضافت اللجان: «ليكن اليوم الجمعة يوم التظاهر في كل الساحات والشوارع، ومواصلة الكفاح اللاعنفي حتى إسقاط النظام».
وشككت لجان التنسيق «في جدية قبول النظام السوري لبنود مبادرة جامعة الدول العربية»، مشيرة إلى أن سقوط قتلى في أعمال قمع الاحتجاجات أمس «يؤكد نيات النظام الحقيقية في الاستمرار بمواجهة الحراك الثوري السلمي بالقتل والعنف». ورأت أن «قبول النظام بمبادرة الجامعة العربية يوفر فرصة لأطياف أوسع من أبناء الشعب السوري للتعبير عن حقيقة مواقفهم السياسية عبر الانضمام إلى الثوار السلميين المتظاهرين في شوارع المدن السورية».
وكان التصويت على تسمية يوم الجمعة انتهى إلى اعتماد تسمية «الله أكبر على كل من طغى وتجبّر» التي نالت أكبر عدد من أصوات المشاركين في عملية التصويت التي كانت تتنافس خلالها على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» عبر «فيس بوك» تسميات: «علم الاستقلال»، و«طرد السفراء»، و«الوفاء للمعتقلين»، و«الدفاع عن النفس»، و«ننتصر أو نستشهد» وغيرها.. وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أكد أحد النشطاء في حمص أن «الجماهير تستعد للخروج بكثافة أكبر من سابقاتها في مظاهرات اليوم للرد على ما سماه (المؤامرة المشتركة) بين النظام وجامعة الدول العربية». وأضاف: «سقوط عشرات الجرحى والشهداء بالأمس أكبر دليل على أن كل ما يقوم به النظام يندرج في إطار المراوغة وبالتالي نحن على قناعة أنه لن ينفذ أيا من البنود التي التزم بها، وبالتالي الثوار سيخرجون اليوم ليردوا مباشرة على الجامعة والنظام معا وليؤكدوا أنهم مستمرون وبزخم أكبر بحراكهم السلمي لإسقاط النظام خلال الأسابيع القليلة المقبلة». وعلق الناشط على تسمية «الله أكبر» فاعتبر أنها نالت العدد الأكبر من الأصوات «لأنها أقرب إلى قلوب السوريين في جمعة الحج والعيد خاصة بعدما أثبتت الدول العربية تواطؤها مع النظام من خلال ما طرحته من مبادرة سقطت قبل أن تبصر النور».
وقد طالب عدد من الناشطين عبر موقع التواصل الاجتماعي فور الإعلان عن التسمية المعتمدة بتغييرها بما يتناسب مع المستجدات لجهة المبادرة العربية، وقد اعترض عدد كبير منهم على عمومية التسمية وكأنه بتنا نفتقر للأفكار كما قال أحدهم داعيا لاعتماد تسميات تتماشى مع حركة الثوار بالداخل وتشكل عنصر تحفيز للمترددين. بدورها، كتبت إحدى الناشطات على صفحة «الثورة السورية»: «يرجى تبديل الاسم بما يتناسب مع خيانة الجامعة العربية لآمال السوريين بالخلاص من الأسد» مقترحة تسمية «واعرباه».
واعتبر أكثر من ناشط أنه «وبعد موافقة النظام على المبادرة العربية، فقد أصبحت مهمة الثوار على الأرض إيقاع النظام في منطقة المخالفات التي تم الاتفاق على منع خرقها في اجتماع مجلس الجامعة ومن ثم الضغط على المجلس لتنفيذ عقوبة المخالفات». وفيما دعت الناشطة عبير سعدة لاعتماد تسمية «جمعة الحشود»، ذكرت بأهمية توحيد العلم المرفوع في مظاهرات اليوم واعتماد علم الاستقلال كعلم وحيد يرفرف في المظاهرات التي من المتوقع أن تعم المناطق السورية كافة.
 
العربي يعلن أن الحوار السوري سوف يعقد في القاهرة.. والاتحاد الأوروبي يحض النظام على «تنفيذ التزاماته»
الرئيس اللبناني: الاتفاق مع سوريا تأكيد على استعادة الجامعة العربية دورها في حل القضايا العربية
بروكسل – بيروت: «الشرق الأوسط»
أبلغ الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بمضمون قرار مجلس الجامعة العربية الصادر أول من أمس بخصوص موافقة سوريا على الخطة العربية لحل الأزمة السورية.
وأعلن العربي عقب لقائه السفراء الخمسة وأعضاء مكتب البرلمان العربي في لقاءين منفصلين، أن الحوار الوطني السوري سيعقد بالقاهرة، وأن «الأمانة العامة بدأت من اليوم (أمس) حراكا لتنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب الذي يتضمن البدء في إعداد حوار بين الحكومة والمعارضة السورية». ودعا الأمين العام وسائل الإعلام العربية والدولية إلى زيارة سوريا وذلك للاطلاع على الوضع هناك والإبلاغ عنه، موجها حديثه لوسائل الإعلام «بدلا من بقائكم هنا اذهبوا إلى سوريا وتابعوا ما الذي يحصل هناك وأبلغوا عنه».
وحض الاتحاد الأوروبي أمس سوريا على الإسراع في تنفيذ التزاماتها التي قطعتها للجامعة العربية لإنهاء العنف والسماح لجماعات المعارضة بالعمل. ورحبت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بخطة الجامعة العربية، لكنها شددت على أن «المهم الآن تنفيذ الالتزامات التي قطعتها السلطات السورية للجامعة العربية بشكل كامل وبسرعة تحت تدقيق عربي». وقالت أشتون «هذه المبادرة الجديدة لا يمكن أن تنجح إلا إذا وفرت السلطات السورية لجماعات المعارضة المجال والأمن كي تعمل مع كافة قطاعات المجتمع السوري من أجل انتقال سياسي سلمي».
ورحبت الصين بخطة الجامعة العربية، ووصفتها بأنها خطوة مهمة نحو الإسراع بتنفيذ وعود دمشق بالإصلاح. وقال هونغ لي المتحدث باسم الخارجية الصينية «نعتقد أن هذه تمثل خطوة مهمة نحو تهدئة الوضع في سوريا والشروع مبكرا في عملية سياسية شاملة بمشاركة كبيرة من جميع الأطراف في سوريا» آملا أن «تبذل جميع الأطراف في سوريا جهودا عملية لوقف العنف وتهيئة الظروف لحل القضية عن طريق الحوار والتشاور».
وفي بيروت، رحب الرئيس اللبناني ميشال سليمان بالاتفاق الذي توصلت إليه جامعة الدول العربية والمتعلق بالأزمة السورية، ورأى في هذه الخطوة «تأكيدا على استعادة الجامعة دورها وموقعها في حل القضايا العربية ضمن البيت العربي وقطع الطريق على أي محاولة تدخل خارجي على خط أي أزمة تحصل». وأوضح وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، بعد عودته إلى بيروت من القاهرة، أن «هذا الاتفاق واضح وتضمّن نقاطا عدة تقضي بسحب المظاهر المسلحة وإخلائها من المدن والمناطق السورية وإطلاق المعتقلين والسماح للإعلام العربي والغربي بحرية التحرك، وهذه النقاط سيواكبها حوار بين القيادة السورية والمعارضة». وأشار إلى أن مكان الحوار «لم يتحدد بعد، لكن هذه الخطوة لن تكون صعبة، وسيتم الاتفاق عليها باعتبار أن الأشياء التي كانت عالقة قد سربت ومهدت الطريق أمام حل شامل». وأكد أن «موقف لبنان كان مؤيدا للمجموعة العربية وداعما للاتفاق الذي هو ضروري، فمساعدة الشقيقة سوريا على إيجاد الحل والاستقرار فيها هو إنجاز للعمل العربي المشترك، وأنا شخصيا متفائل، رغم أن بعض الأصوات تصدر من هنا وهناك وفي وسائل عديدة وتبدي عدم تفاؤلها، ولكن أنا متفائل لأن الإرادة الطيبة متوافرة لدى الأفرقاء».
 
المعارضة السورية تبحث مع العربي «الخروقات الجسيمة» للمبادرة.. وتناشد اللجنة العربية التدخل لمنع تحويل حمص لـ«مدينة منكوبة»
سرميني لـ: الجيش يطلب إخلاء «حي بابا عمرو» تمهيدا لقصفه بالدبابات
لندن: ثائر عباس القاهرة: سوسن أبو حسين دمشق: «الشرق الأوسط»
شككت المعارضة السورية مجددا أمس بإمكانية التزام النظام السوري موجبات المبادرة العربية رغم إعلانه الموافقة عليها. واستند المعارضون السوريون الذين التقوا في القاهرة أمس الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إلى استمرار عمليات القتل، وتحديدا في حمص التي حذروا من تحولها إلى «مدينة منكوبة».
وقال عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس وجه نداء إلى الجامعة العربية والدول الراعية للمبادرة من «هجمة شرسة» يشنها النظام على المدينة، مشيرا إلى أن المعلومات الواردة من حمص تفيد بوجود نحو 40 دبابة قرب حي بابا عمرو في المدينة، وأن الجنود ينادون السكان عبر مكبرات الصوت لإخلاء المنطقة تمهيدا لقصفها، ومحذرا من أن حمص «ستكون مدينة منكوبة» وعلى الدول العربية والمنظمات العربية التحرك السريع لإنقاذها.
وأصدر المجلس الوطني السوري بيانا عن لقاء وفد المكتب التنفيذي مع الأمين العام للجامعة العربية الذي خصص «لبحث بشأن الجهود العربية المتعلقة بالأوضاع في سوريا والعنف الدموي الذي يمارسه النظام». وقال البيان إن الأمين العام «أكد للوفد أن المجلس الوطني السوري (طرف أصيل) في الجهود الإقليمية والدولية الخاصة بسوريا، وأن جهود الجامعة تنصب على إيقاف نزيف الدم، وأن المبادرة التي تقدمت بها تشدد على التنفيذ الفوري لوقف عمليات القتل التي يقوم بها النظام، والإفراج عن المعتقلين، وسحب عناصر الأمن والميليشيات والشبيحة من كافة المدن والبلدات والقرى، والسماح لممثلي منظمات الجامعة ووسائل الإعلام العربية والدولية برصد ومراقبة سلوك النظام السوري، وإطلاع الرأي العام على الانتهاكات والخروقات التي تقوم بها أجهزته».
وإذ أثنى وفد المجلس الوطني على «الجهود العربية الرامية لحقن الدم السوري»، شدد على أن «سلوك النظام السوري على مدى عقود يؤكد مسؤوليته عما وصلت إليه البلاد من ترد في المجالات كافة، الأمر الذي يحتم رحيله بكافة رموزه ورفض شعبنا للحوار معه، وضرورة تسليم السلطة إلى حكومة تمثل الشعب السوري وخياراته الحرة». وأشار البيان إلى أن «النظام السوري بدأ منذ لحظة الإعلان عن التزامه بمبادرة الجامعة في ارتكاب خروقات جسيمة»، موضحا أن وفد المجلس الوطني «قدم تقريرا مفصلا لما جرى خلال الساعات التي تلت الإعلان، متضمنا أسماء الشهداء، وطبيعة أعمال القصف والتدمير والدهم والاعتقال، خاصة في مدينة حمص البطلة». وحض المجلس الدول العربية ودول العالم على «مراقبة سلوك النظام المعروف بالمراوغة والاحتيال، واتخاذ المواقف الصارمة تجاهه، بما يمنعه من الاستمرار في استغلال الوقت لارتكاب مزيد من جرائم القتل».
وقد التقى وفد المجلس الوطني المعتصمين السوريين والعرب أمام مقر جامعة الدول العربية، حيث استمع إلى ملاحظاتهم وأجاب عن أسئلتهم، وقدم شرحا للمجالات التي يتحرك ضمنها المجلس الوطني، مقدرا «التفاف الشارع السوري حول المجلس بوصفه ممثلا للثورة والشعب وضميرا حيا للحراك الثوري في سوريا».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة السورية لديها وجهتا نظر، فهناك من رفع سقف مطالبه برحيل النظام ومن وافق على الإصلاحات وبدء الحوار، وهناك من يرى أن الوقت متأخر، وأن المبادرة العربية قد تقلل من تكلفة الخسائر في سوريا، تجنبا لما حدث من تدخلات في الثورة الليبية.
وكان العربي قد التقى ظهر أمس مع عدد من سفراء دول العالم المعتمدين لدى مصر وفي مقدمتهم سفراء أميركا وأوروبا وأفريقيا والصين وفرنسا وروسيا وتركيا والبرازيل وأطلعهم على ما تم التوصل إليه من اتفاق مع سوريا خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب وقبول سوريا للحل العربي. وأكد الجميع أن تنفيذ المبادرة العربية ضروري للحل، لكن بعض الحضور تساءل عما سيحدث إذا لم تلتزم سوريا، وكانت الإجابة هي أنه على دمشق أن تتحمل المسؤولية في عدم التنفيذ، كما وجه العربي نداء عاجلا إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية.
وتقوم اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية التي ترأسها قطر وتضم في عضويتها مصر والجزائر والسودان وسلطنة عمان والأمين العام للجامعة العربية ومن يرغب من الدول العربية بزيارة مرتقبة إلى دمشق لمتابعة تنفيذ الخطة العربية بشأن الإصلاح التي وافقت عليها سوريا بلا تحفظ.
إلى ذلك، حذر تيار «بناء الدولة» المعارض في سوريا السلطة من «التهرب من التزاماتها» بتنفيذ بنود الاتفاق بين الجامعة العربية والسلطة السورية ومن محاولة «تقويض» المبادرة العربية. ودعا التيار الذي يرأسه المعارض لؤي حسين السلطة في سوريا إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية وأن تتوقف نهائيا عن قمع معارضيها. وذلك بعد أن رحب التيار «بما آلت إليه مبادرة الجامعة العربية» في بيان صدر يوم أمس أعلن فيه التيار عن موافقته على المبادرة العربية «بمجملها وببنودها كأساس مقبول لإنهاء الحالة العنفية التي سادت البلاد طيلة الأشهر التي عاشتها انتفاضة شعبنا حتى الآن». وأكد التيار أنه سيسعى «لتكون هذه المبادرة بوابة انتقال البلاد إلى صراع سياسي سلمي»، وتمنى التيار على جميع أطياف وفرقاء المعارضة السورية قبول المبادرة «كي لا تتذرع السلطة بموقفهم لخرق الاتفاق». وقال التيار إنه بناء على هذه المبادرة، واختبارا لجدية السلطة السورية بتنفيذ التزاماتها، يتمنى على جميع المتظاهرين الخروج «بمظاهراتهم السلمية مظهرين سلميتهم بوضوح بيّن». وأنه «لن يكون من المقبول إطلاقا في هذه الفترة من أي متظاهر أو محتج استخدام أي شكل من أشكال العنف لأي سبب كان»، داعيا الجميع إلى «التحلي بضبط النفس».
كما دعا تيار بناء الدولة السورية يوم أمس إلى تأسيس «لجنة رصد مركزية» لرصد مدى التزام السلطة السورية ببنود الاتفاق الذي وقعته مع اللجنة الوزارية العربية، وكذلك لرصد حالات إطلاق النار والاعتقالات والاختطاف من أي طرف كان، ليصار إلى توثيقها لدى لجنة الرصد المركزية بدمشق، لتقوم بدورها بإطلاع اللجنة الوزارية العربية عليها، تطبيقا لما جاء في مبادرة الجامعة العربية. ودعا التيار منظمات وجمعيات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وجميع الناشطين الحقوقيين والمدنيين في سوريا لتشكيل لجنة رصد مركزية يكون لها لجان محلية في المحافظات والمدن والبلدات السورية.
 
ميقاتي: لو كان لبنان كله مع النظام السوري أو ضده فلا نستطيع أن نفعل شيئا
إدخال جريح سوري عبر معبر القاع البقاعي
بيروت: «الشرق الأوسط»
قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إن خطف معارضين سوريين من لبنان «حصل قبل أشهر وقبل أن تتشكل الحكومة»، وأضاف في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «توجد وسائل لمتابعة الأمر، وبيننا وبين سوريا معاهدات ولجنة ارتباط عسكرية وضباط تنسيق مثل أي بلدين مجاورين، وهناك المجلس الأعلى اللبناني - السوري، وقد تحدّثت مع أمينه العام (نصري خوري) لمتابعة كل هذه المسائل».
وتحدث ميقاتي عن وجود حالات فردية، «لكن لا يمكن تعميم هذه الحالات والقول إن الوضع برمته غير مستقر، نعم حصلت بعض الحوادث ولكن طابعها فردي». وعن التحقيقات التي أظهرت أن هناك تورطا للبعثة الدبلوماسية السورية في خطف معارضين من لبنان، أكد ميقاتي أن «القضاء يقوم بواجبه كاملا في هذا الإطار ونحن ندعمه، وأتحدى أحدا أن يقول إنّنا تدخّلنا مع القضاء في أي أمر، بل على العكس نحن نقوم بكل الإجراءات القانونية المطلوبة».
وتعليقا على وصف المعارضة اللبنانية حكومته بأنها حكومة «سورية»، رأى ميقاتي أن «للمعارضة الحق في أن تقول ما تريد، لكن أنا لا أريد أن أقارن واقعنا مع الحكومات الماضية وكيف كانت وكيف ذهبوا إلى سوريا، رغم قناعتي أن هذا الأمر ليس عيبا».
وفي الشأن السوري، أكد ميقاتي اتخاذ حكومته قرارا على الصعيد الدولي «بأن نكون في منأى، ونحن لسنا لا مع ولا ضد، وهمنا الأساسي هو الحفاظ على وحدة لبنان»، وقال: «لو كان لبنان كله مع النظام السوري أو ضده، فلا نستطيع أن نفعل شيئا». وأشار إلى أن «من يطالبنا بموقف آخر يتناسى أن مجتمعنا منقسم وأن اللبنانيين منقسمون إلى عدة أطراف، وأنا همّي الأساس كرئيس للوزراء أن أوحد هذا الوطن وأجنبه أي كأس مرة».
في موازاة ذلك، أفادت الوكالة اللبنانية الرسمية للإعلام عن إدخال جريح سوري إلى لبنان عبر معبر القاع البقاعي، ثم نقل إلى مستشفى للمعالجة في شمال لبنان. وذكرت أن «العملية تمت بالتنسيق بين الصليب الأحمر والأمن العام، كون الجريح لا يحمل أي أوراق ثبوتية». كذلك أشارت إلى «حصول إطلاق نار على عدد من الرعاة عند الحدود اللبنانية - السورية في الشمال، مما أدى إلى نفوق 6 رؤوس من الغنم».
من جهة أخرى، أكد عضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيّب أن «المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي هو رجل مسؤول وشجاع وقال كلاما منطقيا عن عملية اختطاف السوريين من لبنان»، وأضاف: «لينقض القضاء هذا الكلام إذا كانت لديه معطيات مختلفة، أما من وضع هذا الملف في الثلاجة فيجب أن يحاسب».
وفي شأن علاقة الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه النائب وليد جنبلاط مع سوريا، قال شهيب: «وضعنا لعلاقتنا مع النظام السوري خارطة طريق، ونحن لم نتصالح مع سوريا السلطة بل تصالحنا مع سوريا السلطة والشعب، ولا نتدخل في الشأن السوري بل نعبّر سياسيا وعاطفيا عن رأينا فيما يجري هناك»، لافتا إلى أنه «لا يجوز بأي وسيلة أن يكون لبنان منطلقا لأي عمل أمني ضد سوريا، كما لا يجوز أن تستعمل الأرض اللبنانية لخطف المواطنين السوريين بالأجرة لمصلحة دولة ثانية».
 
ناشطون سوريون يتهمون النظام بـ«المراوغة وتضييع الوقت».. وآخرون يدعون «لشحذ الهمم والتظاهر»
انقسام في المواقف على «فيس بوك» من إعلان الجامعة العربية موافقة سوريا على الورقة العربية
بيروت: ليال أبو رحال
انقسمت آراء الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المعارضة السورية على الإنترنت بعد إعلان جامعة الدول العربية عن قبول النظام السوري المبادرة التي اقترحتها لحل الأزمة السورية المندلعة منذ أكثر من سبعة أشهر. وفي حين رأى بعض الناشطين أن الورقة العربية تصب في صالح المعارضة السورية التي عليها توحيد صفوفها والخروج بزخم سلميا إلى الشارع للتعبير عن مطالبها، بعد تعهد النظام بوقف مظاهر العنف وإخلاء المدن والأحياء من المظاهر المسلحة كافة، اعتبر ناشطون آخرون أن تعهدات النظام «ليست إلا حبرا على ورق، وتأتي في إطار المراوغة لتضييع الوقت وتشتيت صفوف الناشطين والمعارضين».
وبدا لافتا وجود حالة من الضياع لدى صفوف الناشطين وعدم وجود موقف موحد، على الرغم من أن معظمهم نظر بسلبية إلى الاتفاق العربي. وكتبت صفحة «الثورة السورية» على موقع «فيس بوك»، بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق: «ننتظر عودة آلاف المعتقلين إلى أهاليهم هذه الليلة، ننتظر سحب الدبابات والمدرعات و(الشبيحة) و(النبيحة) من شوارع سوريا كلها.. ننتظر قنوات الإعلام الحر للتجول في شوارع سوريا.. النظام يعد أنفاسه الأخيرة.. ونحن ماضون نحو حريتنا».
وسأل القيمون على الصفحة أمس: «من يصدق الكذاب؟ قالها قبل الآن إنه يضمن سلامة المتظاهرين، وإن طلقة واحدة لن تطلق باتجاههم والنتيجة في اليوم الثاني كانت عشرات الشهداء.. والآن نظام العصابة المجرمة في دمشق يحتاج الوقت، لأنه شعر أن الخيوط قد أفلتت تماما من يده وأن الثورة ستبدأ القطاف». وفيما أفادت لجان التنسيق المحلية في السورية عن سقوط «اثنا عشر شهيدا (حتى الثالثة من بعد ظهر أمس) برصاص قوات الأمن وقذائف الجيش في حمص وقرية تل الشور، في اليوم الأول لموافقة النظام على مبادرة الجامعة العربية»، علق أحد الناشطين قائلا «سنرى وفاء النظام المنافق لوعوده لمبادرة جامعة الأنظمة العربية»، متسائلا: «هل ستعتبر هذه المبادرة (فاشلة) لحظة سقوط أول شهيد؟! هل سيُعير (العرب) - أي اهتمام - لأجل سقوط شهداء».
واعتبر ناشط باسم أبو راما أن «ما جرى هو مهلة شراء وقت ومراوغة من قبل النظام الساقط»، فيما اقترح عمر «تكثيف التظاهر، وتصوير أي خرق لوعود النظام الساقط وإرساله للمحطات الفضائية». ورأى إدريس أن موافقة النظام السوري هي «مناورة أخرى لنظام الديكتاتوري»، داعيا «ثوار سوريا إلى مواصلة الطريق والأحرار إلى عدم التردد».
وقالت ناشطة تدعى سلافا: «في كل الأحوال المكسب معنا، فإذا طبقوا التزاماتهم ستخرج مظاهرات أكثر وإذا لم يطبقوها، فسيعطون مجالا أكبر للتدخل».
ودعا أحد الناشطين زملاءه إلى أن «نفهم مبادرة الجامعة العربية على أنها نصر كبير وكبير جدا لثورتنا المباركة، ويجب أن نتعامل معها بذكاء وهي فرصة ثمينة لتعرية النظام، فقد وضعه العرب في خانة (اليك)، فإن طبقها كان فيها نهايته وإن لم يطبقها فإن الأنظمة العربية والعالمية له بالمرصاد». وطالب بـ«حشد الجهود للتظاهر المليوني والاعتصام أمام وسائل الإعلام وتعرية النظام»، مخاطبا الرئيس السوري بشار الأسد بالقول: «إن بقي أحد في المعتقلات أو أطلقت طلقة واحدة، فالأيام المقبلة أيامك». وطالب المتظاهرين «بشحذ الهمم واعلموا أنه لم يبق لكم إلا القليل والقليل جدا فموافقة النظام أكبر دليل على إفلاسه التام».
 
المدارس السورية تتحول بعد المساجد إلى مراكز لانطلاق المظاهرات
مديرون وأساتذة يؤيدون ويشجعون.. وآخرون يتصلون بالأمن
بيروت: «الشرق الأوسط»
يبدو أن بدء العام الدراسي في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لم يناسب حال النظام السوري الذي يواجه انتفاضة شعبية عارمة منذ نحو سبعة أشهر، سقط خلالها ما يزيد على 4000 قتيل برصاص الأمن السوري وفق إحصاءات المعارضة السورية.
طلاب المدارس في معظم أنحاء سوريا لا يتوقفون عن الخروج في مظاهرات معارضة تهتف لرحيل الأسد وتطالب بالحرية، حيث يخرج الطلاب - وفقا لناشطين معارضين - في مظاهرات حاشدة بعد انتهاء الدوام المدرسي، وأحيانا يحدث أن يحرض أحد التلاميذ زملاءه فيبدأون بالهتاف أثناء الدوام أو في الحصص التدريسية.
ويختلف سلوك مديري المدارس وكيفية تعاملهم مع المظاهرات التي تخرج من مدارسهم، كما يشير الناشطون، ففي بعض المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام وأصبح النسيج الاجتماعي فيها معارضا له، يتعامل المدرسون والمديرون بإيجابية مع المظاهرات، وبعضهم يشارك فيها ويشجع التلاميذ على المشاركة أيضا، أما في المناطق التي ما زال يسيطر عليها النظام، حيث ينشر فيها دباباته ومدرعاته، إضافة إلى الأمن والشبيحة، فإن المدرسين ومدير المدارس يسارعون إلى الاتصال بالأمن حين تخرج أي مظاهرة تطالب بالحرية من مدارسهم.
ورغم أن نظام التعليم في سوريا مجاني، فإنه يعاني من ترد كبير في أوضاعه، سواء على المستوى التعليمي السيئ أو الفساد الذي ينخر في مؤسساته. وقد قام الرئيس الراحل حافظ الأسد لحظة وصوله إلى السلطة سنة 1970 بإنشاء منظمتي «طلائع البعث» و«شبيبة الثورة» التابعتين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي. ويقول الناشطون المعارضون إن «وظيفة هذه المنظمات كانت تدجين التلاميذ في أطر حزبية تعلم الطالب كيفية عبادة القائد الملهم حافظ ومن بعده ابنه بشار، حيث يعرف القائد كل شيء ويتصرف بذكاء وحنكة، لا يخطئ أبدا، علينا جميعنا أن نخضع له». ويضيف الناشطون «عمد الأسد الأب إلى إدخال مادة التربية القومية الاشتراكية إلى مناهج الدراسة في جميع المراحل التعليمية، ككتاب تدريسي يعلم الطلاب مبادئ حزب البعث ويلقنها للطلاب»، لكن الهدف الأساسي من هذا الكتاب الذي مرت عليه جميع الأجيال السورية بعد وصول الأسد إلى السلطة، كما يؤكد الناشطون «هو تقديس القائد وتمجيد إنجازاته».
وقد تصدرت المظاهرات الطلابية التي تخرج من مدارس سوريا وتطالب برحيل الأسد ومحاكمة أركان نظامه مشهد الانتفاضة السورية، وخاصة أن الكثير من المدن والقرى السورية المنتفضة قد تمت محاصرتها من قبل الجيش والأمن السوريين، كما تم تقطيع أحيائها بحواجز أمنية مشددة، الأمر الذي جعل استراتيجية الخروج من المدارس ناجحة، فهي تجمع بشري لا يستطيع النظام السوري منعه.
ويقول ناشط معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجيال التي تربت على مبادئ حزب البعث وكثيرا ما أجبرت على الخروج في مسيرات تؤيد الرئيس، ها هي الآن تثأر من هذا التاريخ المخزي الذي لوث عقول الأطفال الصغار بأفكار الاستبداد والطغيان». ويشير إلى أن «الثورة السورية جعلت تلاميذ سوريا يخرجون في مظاهرات معارضة ويطالبون بحريتهم التي لم يعش أهلهم في ظلها بسبب حكم عائلة الأسد».
يذكر أن الانتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد أشعلت شرارتها الأولى مجموعة من الطلاب في مدينة درعا تأثروا بشعار إسقاط النظام الذي رفع في تونس ومصر، فكتبوه على جدران مدرستهم، مما دفع أجهزة الأمن إلى اعتقالهم وتعذيبهم بقسوة، الأمر الذي جعل أهالي المدينة يخرجون في مظاهرات منددة تمددت لاحقا إلى معظم المدن السورية وارتفع سقف شعاراتها إلى إسقاط النظام ومحاكمة الرئيس.
 
إطلاق «تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان» لرعايتهم إنسانيا
ناشط لـ «الشرق الأوسط»»: حزبيون موالون للأسد يلاحقون الجرحى
بيروت: صهيب أيوب
أعلن ناشط سياسي سوري عن إطلاق «تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان»، التي تهدف لرعاية النازحين السوريين، خصوصا أن «هؤلاء يعانون ظروفا حياتية وأمنية تعيسة بسبب ملاحقة حزبيين موالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد والقوى الأمنية التابعة له، لعدم وجود مسمى قانوني للنازحين من قبل الجهات الرسمية اللبنانية».
وأوضح الناشط لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم النازحين يتمركزون في مناطق شمالية لكي لا تطالهم (الأذرع) الأمنية التابعة لحزب الله وحلفائه كما في بيروت والجنوب اللبناني»، مشيرا إلى أن «النازحين في لبنان الذين يصل عددهم إلى 10 آلاف نازح يعاملون معاملة سيئة للغاية، والحكومة اللبنانية لا تتعامل معهم إلا كهاربين بطريقة غير شرعية إلى لبنان ويجب تسليمهم».
وأكد أن معظم النازحين «يعيشون في بؤس وخوف دائم من أي ملاحقة، لذا يتم إخفاؤهم في بيوت سكان منطقة الشمال المتعاطفين معهم، لا سيما الجرحى منهم الذين يعالجون بطرق بدائية داخل غرف سكان القرى العكارية والطرابلسية»، معتبرا أن «الجرحى هم أكثر الأشخاص تعرضا للظلم وللبؤس، وتتم معالجتهم في المستشفيات ويخرجونهم بسرعة منها، خوفا من أي ملاحقة من قبل حزبيين وبعض الأمنيين التابعين لنظام الأسد».
وأشار الناشط، المقيم في شمال لبنان مع عائلته منذ اندلاع الانتفاضة السورية، إلى أن «عمل (التنسيقية) تطوعي بحت ودورها إنساني، حيث نسعى كناشطين ومتطوعين في مجالات طبية واجتماعية ونفسية إلى متابعة أوضاع النازحين ومساعدتهم لتخطي الأزمة»، وأضاف: «الهدف الأساسي في عمل (التنسيقية) هو توعية النازحين بكيفية الانضباط والالتزام بالقوانين اللبنانية»، موضحا أنه «لا قدرة للتنسيقية على حماية النازحين أمنيا أو قضائيا أو قانونيا».
وتسعى «التنسيقية»، التي سيتم الإعلان عن تأسيسها رسميا في الأيام المقبلة، إلى إيجاد «صيغة توافقية بين الناشطين والأجهزة الأمنية لحماية النازحين»، على حد تعبير الناشط، الذي توقع «أن لا تتعامل الحكومة اللبنانية مع التنسيقية كجهة رسمية».
ويعيش قسم من النازحين السوريين في شمال لبنان، لدى منازل عائلات لبنانية، فيما يقطن قسم آخر في المدارس المهجورة وعدد من الجوامع في القرى العكارية. ويطالب الناشط السياسي الحكومة اللبنانية بـ«تأمين مخيم للنازحين على غرار المخيم الذي أقامته الحكومة التركية لإيوائهم، لا سيما أن أوضاع النازحين في منطقة وادي خالد سيئة للغاية؛ إذ يعاني هؤلاء نقصا فاضحا في المؤونة، والمساعدات الطبية غير مؤمنة لهم بالشكل المطلوب، ومعظم أولادهم ليسوا في المدارس لعدم تغطية (الهيئة العليا للإغاثة) التابعة للحكومة اللبنانية نفقات التعليم للطلاب غير المسجلين لديها».
ويشدد الناشط السياسي، الذي يتنقل مستخدما اسما وهميا في شمال لبنان، على «أهمية متابعة (احتياجات) النازحين من قبل الحكومة اللبنانية لأنهم يعيشون ظروفا مأساوية»، موضحا أنه «لولا احتضان أهالي الشمال لهم ومساعدتهم لكانوا قد لقوا حتفهم». وأشار إلى أن عددا من النازحين «يعانون من عدم وجود مساكن لهم، حيث يتعرضون للابتزاز من بعض الناس حين يستأجرون»، لافتا إلى أن «بعضا من أهالي عكار وطرابلس يستضيفون العائلات في بيوتهم وبعضهم يقوم بتأمين أعمال لهم ليعولوا أسرهم».
وتخطط التنسيقية لتأمين «أعمال مؤقتة للرجال والشبان لكي يستطيعوا الاستمرار في حياة طبيعية لأن معظمهم قد تركوا بيوتهم وأملاكهم وهربوا إلى لبنان بثيابهم فقط»، موضحا أن «التنسيقية تحاول بتمويل من بعض المتبرعين من المغتربين السوريين تأمين الغذاء والكسوة للأسر».
وأكد رئيس اللجنة الطبية في التنسيقية لـ«الشرق الأوسط» أنهم قد استطاعوا تجاوز بعض الصعوبات بعد تعاونهم مع منظمة «أطباء بلا حدود»، حيث يسعون إلى «تأمين الطبابة للجرحى السوريين الهاربين من بطش آلة القتل السورية أو المستهدفين عبر الألغام المزروعة على الحدود اللبنانية - السورية».
وتوقف عند حالات تحدث ويتم خلالها «طرد الجرحى من المستشفيات مباشرة بعد تلقيهم علاجا سريعا وشبه بدائي»، موضحا أن «التنسيقية تتابع يوميا أوضاع مئات الجرحى في البيوت حيث يعالجون عبر مساعدة من بعض أطباء الجمعيات الأهلية المحلية في طرابلس وعكار (شمال لبنان)».
 
النظام السوري بين المخرج العربي والتدويل
رضوان السيد
كان دأب النظام السوري منذ الثمانينات من القرن الماضي الاعتماد في استقراره واستمراره على الرضا الأميركي والدعم الإيراني. وبالرضا الأميركي كان يستغني عن الحذر تجاه إسرائيل وينال تكليفات في مناطق مختلفة، وبالدعم الإيراني كان يظهر بمظهر الدولة المُمانعة، والحامية للأقليات الشيعية ومصالحها بالعراق ولبنان، وأحيانا في الخليج أيضا. وفي أواخر الثمانينات ومطالع التسعينات، ومع انكفاء مصر، وتضاؤل التأثير العراقي، اضطرت المملكة العربية السعودية إلى الاعتراف بالنظام السوري وكيلا في منطقة غرب الفرات، ونِدَّا في المبادرات العربية للتصدي للأزمات، واجتراح الحلول.
واستنادا إلى هذه المعادلة بذل الرئيس حافظ الأسد - ورغم اشتداد مرضه - في سنواته الأخيرة، جهودا هائلةً لتوريث ابنه بشار فوائد هذه المعادلة: الأميركان للرضا واستمرار التكليفات، والسعودية ومصر للشرعية العربية المهمة من جانبهما، وإيران للتمكين من الجهة المادية واستمرار دعم الاحتجاجات الشيعية في لبنان والعراق. بيد أنّ بشارا الذي ورث الحكم ما ورث التقدير السليم للإمكانيات والقدرات. وللإنصاف فإنّ متغيراتٍ عاصفةَ حصلت عشية وفاة الأسد الأب وبعدها، فما أمكن للابن أيضا أن يتخذ من نموذج والده مثالا للسلوك في الأزمات. وهكذا ونحو عام 2005 ما كان قد بقي من سياسات الأب غير: تجنُّب الأزمات مع إسرائيل، والدخول في تحالُف استراتيجي عَلَني مع إيران. وفي ذلك الوقت كان السعوديون قد سحبوا سفيرهم من سوريا، كما كان الأميركيون قد وجَّهوا إنذارات للأسد الابن تلاها سحبُ السفير الأميركي أيضا، وما عاد إلى دمشق سفير أميركي لنحو السنوات الست، ثم ها هو قد انسحب الآن من جديد! وإذا كان السفير الأميركي السابق قد انسحب عام 2004 للشكوى من التدخل السوري في العراق المحتلّ، وفي لبنان المضطرب؛ فإنه انسحب هذه المرة لتدخُّله هو - أي السفير - في أحداث الربيع العربي الجاري في سوريا.
ومن الطريف وذي الدلالة أنّ مشكلات سوريا السابقة مع النظامين الدولي والعربي كانت ناجمةً عن التدخُّل السوري هنا وهناك، في حين تبدو مشكلاته الحالية ناجمةً عن اتهامه للجوار العربي وللنظام الدولي بالتدخل في سوريا! وهذه هي الفائدةُ الأُولى من أحداث الربيع. ذلك أنّ نظام الأب والابن كان عامل اضطرابٍ بالمنطقة، ودائما من أجل المطامح والمطامع، واقتناص أدوار يبيعها بعد ذلك أو خلاله للأميركيين أو الإيرانيين أو حتّى الإسرائيليين، ويبتزّ بها العرب من سعوديين وفلسطينيين ولبنانيين. فهو ما كان يتلقّى أُعطياتٍ عربية سياسية أو مادية، لأنه أنجز للعرب هذا الأمر أو ذاك، بل لأنه هدَّد بتفّرقة كلمة الفلسطينيين أو قتْل اللبنانيين أو تعميق جراح العراقيين.. إلخ.
ما حسب النظام السوري بعد ثورة الشعب عليه حسابا للعرب. وهو قال ولا يزال يقول إنّ الاضطراب الشعبي عليه يقوم به مندسّون وإرهابيون عرب مُرسَلون من دولٍ عدة، داخلة في «المؤامرة» الدولية عليه. وهكذا فإنه لا يزال يخاطب الدوليين، أو الأميركيين، وعند الضرورة يخاطب إسرائيل. فقد أخبر الإسرائيليين عبر قريبه رامي مخلوف في بدايات الربيع السوري، أنّ أمنَهم مرتبطٌ بأمنه، وأنه إذا سقط نظامه، فلن يأمنَ الإسرائيليون من بعد. وعاد قبل أيام - مباشرةً هذه المرة - لتهديد العالم كُلّه؛ بأنّ سوريا هي صَدْعٌ زلزالي، وتقسيمها سوف يقسّم المنطقة كلّها. ولا حاجة للردّ على هذه الرؤى النشورية، رؤى أمارات القيامة. فالشعب السوري الثائر لا يريد تقسيم وطنه، والأميركيون أيضا لا يريدون تقسيم سوريا أو حتى التدخل فيها كما يقولون. ونحن العرب نعرف النظام السوري من جهة، وهو الذي قسّم سوريا طائفيا وإثنيا وأمنيا، كما نعرف الولايات المتحدة وحلولها الديمقراطية بالعراق! ما أردْناه من وراء إيراد هُواسات الرئيس الأسد الجديدة، أنه لا يزال يخاطب الولايات المتحدة ولا يخاطب العرب! فقد اجتمع العرب قبل شهرين ونيّف ووجَّهوا تحذيرا للنظام السوري، ودعَوهُ لمحاورة المحتجيّن وممثليهم. وأجابهم الرئيس عبر وسائل إعلامه التي ينطق فيها بنُصرته بعض اللبنانيين بأنهم لا يقدرون على شيء، وأنهم لا يرقون إلى رتبة المتآمرين، بل هم أدواتٌ تستعمل ضدَّ نظام الممانعة العَصي على الإسقاط! بيد أنّ هؤلاء العَجَزة والأدوات عادوا فاحتجوا بالجامعة العربية، وعادوا فوجَّهوا إنذارا إلى نظام الممانعة بإيقاف العنف والقتل والعبور إلى الحوار. وبدأ الأسد يشتم العرب من جديد، ثم توقف فجأةً، وقرر الاستماع إليهم، وذلك لسببين: مقتل القذافي بهذه الطريقة الشنيعة، وإلحاح أنصاره من الروس والصينيين عليه أن يقبل المبادرة العربية. وبعد جولتين من المحادثات بدمشق والدوحة، اجتمعت الجامعة العربية (الأربعاء 3/11/2011) على مشارف انقضاء مُهْلة الأسبوعين للنظر في إمكان التوصل إلى اتفاق مع النظام السوري على أساس وقْف العنف وبدء الحوار، أو الذهاب إلى اتخاذ إجراءاتٍ ضدَّه.
ما أراه هو أنّ الذي حصل ويحصل لن يُنهي العنف، كما لن يؤدّي إلى اتخاذ إجراءات. فبعد ثمانية أشهُرٍ من العنف العنيف ومن القتل الذريع، لن يدخل العقل إلى رأس النظام أو أطرافه فضلا عن قيم حقوق الإنسان وحرياته. وإنما يريد النظام التظاهُر باحترام إرادة الروس والصينيين من طريق الدخول في لعبة مع العرب ومع المعارضين السوريين، بحيث تشيع الخلافات بين المعارضين في مَنْ يقبل التفاوُض مع النظام وَمَنْ لا يقبلُه، وبحيث تظهر خلافات بين أعضاء اللجنة الوزارية العربية، في مَنْ يرى أنّ النظام السوري معقول بينما المعارضون غير معقولين، فضلا عن تفرّقهم وتشرْذمهم. وهذا يُكسبهُ وقتا من وجهة نظره، وقد يدبُّ اليأسُ في نفوس المتظاهرين تحت وطأة القتل والاعتقال والتهجير والتجويع، وفقد الأمل بتدخُّلٍ دولي لحمايتهم من طريق قرارٍ في مجلس الأمن.
هذه المقاصد من وراء المهادنة المفاجئة والظاهرة للعرب ومبادراتهم، واضحةٌ للمعارضين بالداخل والخارج. وهي تستلزم تكتيكاتٍ تُفِشلُ تلك الغايات والمقاصد. فالنظام السوري ما احترم أبدا شعبه وإرادته، ولا احترم العرب ونواياهم الحَسَنة. وحتّى أصدقاؤه الأتراك استنصر عليهم بالإيرانيين حتى كادت العلاقات تتوتر بين القطبين الإسلاميَّين الكبيرين. فهو شأن أبيه عاد لدعم حزب العمال الكردستاني في إغاراته داخل تركيا، وتسبّب بقطع العلاقات بين البلدين عمليا. وقد برئ الإيرانيون لدى الأتراك من ذلك وصرَّحوا بالأمر عَلَنا. فالمشكلة في هذا النظام أنه ما انتبه منذ أكثر من سنتين إلى التغيير الاستراتيجي الجديد بالمنطقة، سواء على مستوى تغيُّر سياسات الولايات المتحدة، أو على مستوى أحداث الربيع العربي.
لا يستطيع المعارضون، وليس من الحكمة الإعراض عن الحوار على برنامجٍ للإصلاح مع النظام بالجامعة العربية. وبالطبع لن يتفقوا مع النظام على تزمين البرنامج، وعلى مَنْ ينفذه. لكنهم يملكون أن يضعوا شرطا لكلّ شيء: وقف العنف، وسحب الجيش وقوى الأمن من شوارع المدن والبلدات. واستطرادا لن ينفّذ النظام السوري ذلك أيضا. لكنْ من المفيد الإصرار على عدم الدخول في الحوار إلاّ بعد وقْف العنف بتاتا، وترك الناس يتظاهرون. ولن تستمر المماحكات لأكثر من أسبوع ثم يعود النظام السوري إلى سابق عهده في إنكار العرب، والإنكار عليهم، وشكواهم إلى الصينيين والروس، وإلى الأميركيين والأوروبيين أيضا، إنما أولا وقبل كل أحد إلى الإيرانيين الذين سوف يستدعيهم هم وزعيم حزب الله وآخرون من العراق وربما من الجزيرة العربية، لوضع استراتيجية مُضادّة تعتمد التهديد بالحرب.
هناك مستجدّان يجعلان النظام السوري من مخلَّفات الماضي: ثورة الشعب العربي والشعب السوري من أجل التغيير في الجمهوريات الوراثية الخالدة، وفقد النظام في سوريا للسماحات والتكليفات. والخيارات أمام النظام متعددة إنما لها نهاية واحدة: مصير بن علي، أو مصير مبارك، أو مصير القذافي!
 
سوريا وقصر نظر بشار الخطير
أمير طاهري
 
ماذا يفعل طغاة الشرق الأوسط عندما تنفد الحجج التي يمكنهم أن يبرروا بها حكمهم؟
على مدار عقود، كانت إجابة ذلك السؤال بسيطة للغاية: عندما تعوز الطاغية الحيل، يطلب من الغرب أن يساعدوه على الاحتفاظ بمكانه حتى يتمكن من منع «الإسلاميين» من الوصول إلى الحكم.
وقد قام سياد بري في الصومال بذلك على مدار عقود، حيث كان يتنقل بين السوفياتيين والأميركيين. وفي السودان، قدم جعفر النميري، الذي لم يقرر قط ما إذا كان اشتراكيا أم إسلاميا، ادعاءات مشابهة. كما كان صدام حسين، على مدار ربع قرن، يذكر أنه يمنع وصول طوفان إسلامي مزعوم من ناحية إيران. وفي سوريا، وظف حافظ الأسد ادعاءات مماثلة لتأمين اجتماعات مع رؤساء أميركيين. وتفاخر الأسد بأن خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل هو أكثر الحدود مع إسرائيل هدوءا. كما ادعى الأسد أنه حال دون سقوط سوريا في أيدي الإسلاميين من خلال المذابح التي قام بها في حماه.
وفي تونس، استخدم زين العابدين بن علي نفس المبرر على مدار ربع قرن تقريبا. كما استخدمه حسني مبارك في مصر لمدة ثلاثين عاما. كذلك ادعى معمر القذافي أنه، لولا وجوده، لأصبحت ليبيا قاعدة للإسلاميين. وفي اليمن، يتصرف علي عبد الله صالح كما لو أنه قائد محلي قامت واشنطن بتعيينه ليخوض حربا ضد تنظيم القاعدة.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، حان دور الطاغية بشار الأسد ليعزف على تلك النغمة القديمة. ففي حوار مع صحيفة تصدر أسبوعيا في لندن، كجزء من برنامج قامت به شركة علاقات عامة بريطانية، ادعى أنه وحده من منع ظهور «أفغانستان أخرى». وكان محور حديث الأسد بسيطا وهو أنه إذا رحل، فسيأتي الإسلاميون؛ وبمجرد وصولهم إلى الحكم، فسوف يقومون بتدريب أشخاص على القيام بتفجيرات انتحارية ضد الغرب. كما ذكر أن الغرب بحاجة إليه ليبقي على الأوضاع هادئة مع إسرائيل، تماما كما فعل والده من قبل. لهذا، فإنه من مصلحة الغرب أن يتركه يحافظ على بقائه في السلطة عن طريق قيامه بقتل شعبه.
وفي الواقع، يبدو أن الأسد قام بتقديم طلب وظيفة ليصبح «علي عبد الله صالح» آخر، أو بطل الغرب في مجال الحرب ضد «التشدد الإسلامي».
لقد كانت مبررات الأسد محبطة، على أقل تقدير، في أكثر من صعيد. لقد تحدث كما لو أنه يرأس منظمة على طراز المافيا، مستخدما التهديدات الواضحة والمستترة.
إننا لم نر قائدا يفهم أن بلده في خطر وأن عليه التصرف بحكمة ليحافظ عليها من الوصول إلى طريق مسدود خطير.
وبدت بعض جمل الأسد كما لو كانت مأخوذة من الجزء الثاني من فيلم «العراب»، حيث بدا الأسد غير قادر أو غير راغب في فهم ما يحدث في سوريا. ورأى أن المظاهرات «أمر لا يستحق الاهتمام»، حتى إنه تساءل عما إذا كان المتظاهرون سوريين بحق.
يبدو أن الأسد، طبيب العيون، يعاني من قصر سياسي في النظر. فعندما أبعدته ثورة الأرز عن لبنان، قال لأعضاء البرلمان إن جماهير بيروت عبارة عن جماعات صغيرة العدد وأنها تبدو كبيرة بفضل كاميرات التلفاز التي تستخدم تقنية «التكبير والتصغير».
ولم يعد الأسد، الذي أصبح مصدر إحراج حتى لحلفائه الإيرانيين، قادرا على أن يوفر لسوريا الحد الأدنى من الأمن والحرية اللذين لا يستطيع أي مجتمع أن يعمل من دونهما.
وفي الواقع، فإن الانتفاضة في سوريا تبدو أكثر ترسخا وأوسع في نطاقها من حيث عدد المشاركين من حركات «الربيع العربي» الأخرى.
ففي تونس ومصر وليبيا واليمن، كانت الانتفاضات مقتصرة بالأساس على مدينتين أو ثلاث مدن، متضمنة العاصمة في أغلب الأحيان. غير أن المظاهرات في سوريا لها جذور في كل قرية ومدينة تقريبا.
وبمرور الأيام، نسمع عن مظاهرات في مكان جديد، بما في ذلك أماكن لم يسمع عنها حتى المتخصصون. وقد عكفت على إعداد قائمة بتلك الأماكن. وحسب آخر الروايات، فإن سوريا شهدت مظاهرات في 87 مدينة وقرية، وهو عدد مذهل.
وقد يكون الشيء الأكثر أهمية هو أن الانتفاضة يبدو أنها تحظى بقبول جميع قطاعات المجتمع والثماني عشرة ديانة والجماعات العرقية التي تشكل النسيج السوري.
وقد ادعى الأسد أن أكبر مدينتين سوريتين، وهما دمشق وحلب، يسودهما هدوء نسبي. غير أن هذا الادعاء كاذب بشكل واضح. وعلى الرغم من حقيقة أن أجزاء من دمشق وضواحيها قد تحولت إلى معسكرات مسلحة، فقد شهدت العاصمة سلسلة من المظاهرات. كما جذبت مسيرة للطلاب، في حلب، أعدادا كبيرة من المتظاهرين، عندما كانت عشرات المصانع في ضواحيها تتعرض لهجمات.
على أي حال، حتى إذا كانت دمشق وحلب جزيرتين يسودهما الهدوء في بحر عاصف، فلا ينبغي أن يتبجح الأسد. إن لدى كل طاغية ولعا بخداع الذات. وحتى إذا كانت عاصمته على وشك السقوط، فإنه يوهم نفسه أنه آمن في مخبئه.
وبدلا من أن يظهر قدرته على القيادة ويحاول جمع الناس معا، أصبح الأسد عنصر تفريق في السياسات السورية المعقدة. إن وجوده في حد ذاته يقسم الناس إلى مؤيدين ومعارضين للنظام، وهو سبب لحدوث حرب أهلية. إن الأسد يتولى الرئاسة معتمدا على المجموعات الباقية من القوات المسلحة، مع انشقاق المزيد والمزيد من الضباط والرجال وقيامهم بتكوين جيش بديل. بل إن وجود الأسد أدى إلى انقسام مجتمع العلويين نفسه الذي ينتمي إليه الأسد.
ويبدو أن الأسد الجاهل يأمل أن تنتهي المظاهرات. غير أن الأمل لا يعد بديلا للسياسة. لقد شارك 200 شخص في أول مسيرة مناهضة للأسد في اللاذقية في مارس (آذار) الماضي. وقام أعوان الأسد بقتل ثمانية منهم. وفي الأسبوع التالي، ارتفع العدد إلى 2000، قتل رجال الأسد 19 منهم. وفي الأسبوع الثالث، ارتفع عدد المتظاهرين ليفوق الـ20,000 متظاهر. وبصور مختلفة، حدث هذا في أنحاء سوريا كافة. إن الأسد لا يتسم بالواقعية على الإطلاق، وهو سجين للأوهام، تماما كما كان صدام والقذافي ومجموعة من الحكام العرب المستبدين حتى واجهوا نهاياتهم الأليمة.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,562,287

عدد الزوار: 6,955,238

المتواجدون الآن: 75