أخبار مصر..وإفريقيا..إذا استمرت عملية رفح.. مصر تلوح بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل..«اجتياح رفح»: ما السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي؟..لماذا تستهدف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة؟..اتهامات للجيش السوداني بتعذيب و«اغتيال» ناشط سياسي معارض..قلق ليبي متزايد من «التغلغل الروسي»..«النواب» الليبي يطالب بإنهاء «فوضى السلاح المنتشر»..نواب تونسيون يقترحون تعديلاً لمكافحة الهجرة غير الشرعية..بعد عام من الهجوم على كنيس يهودي: تونس تنفي الصبغة «الإرهابية»..حزب جزائري يطالب بمقاضاة فرنسا لـ«ارتكابها حرب إبادة»..موريتانيا ومالي تبحثان حلولاً لأزمة الحدود والاضطرابات الأمنية..كيف يُمكن لديبي تفادي «الأزمات الداخلية» في تشاد؟..
السبت 11 أيار 2024 - 5:31 ص 491 عربية |
إذا استمرت عملية رفح.. مصر تلوح بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل..
العربية نت..القاهرة – أشرف عبد الحميد.. ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة أن مسؤولين مصريين أبلغوا مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز، بضرورة وقف إسرائيل عملية رفح كي لا تلغى اتفاقية السلام. وأفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن المسؤولين المصريين أبلغوا مدير المخابرات الأميركية الذي زار مصر مؤخرا، بضرورة ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل وإجبارها على إنهاء عمليتها في رفح والعودة إلى المفاوضات بجدية، وإلا ستعمل القاهرة على إلغاء معاهدة السلام معها. كما ذكرت الصحيفة أنه للمرة الأولى، منذ بداية الحرب على غزة، تطلب مصر من سائقي شاحنات المساعدات بإخلاء منطقة معبر رفح من الجانب المصري، مع مواصلة تعزيز الإجراءات الأمنية، وسط مخاوف من حدوث تدهور أمني في المنطقة. ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيطر بالكامل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية في عملية عسكرية بدأها يوم الاثنين.
مخاطر كارثية
من جانبها أكدت الخارجية المصرية على حتمية مواصلة كافة الجهود الدولية لإنجاح جهود الوساطة الحالية، وحث الأطراف على إبداء المرونة واتخاذ الخطوات اللازمة للوصول إلى نقطة الاتفاق. وأجرى سامح شكري وزير الخارجية المصري اتصالات اليوم الجمعة مع وزراء خارجية أميركا وفرنسا وبريطانيا لبحث مستجدات الأوضاع الميدانية والإنسانية في قطاع غزة، والوضع الراهن للمفاوضات الرامية لإتمام اتفاق يحقق الهدنة الشاملة في قطاع غزة. كما جدد الوزير المصري التأكيد على المخاطر الإنسانية الكارثية على مستقبل أكثر من 1,4 مليون فلسطيني، والعواقب السلبية الخطيرة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، محذراً من عواقب التصعيد الخطير لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، ووقف المنفذ الرئيسي والآمن بالقطاع لخروج الجرحى ودخول المساعدات الإنسانية العاجلة. ودعا شكري لضرورة الضغط على إسرائيل للامتثال لالتزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال، والكف عن سياساتها الممنهجة لخلق واقع غير مأهول بالحياة في قطاع غزة، مؤكداً رفض مصر القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين خارج أرضهم، وعدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية. وأكد شكري، على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن.
«اجتياح رفح»: ما السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي؟
وسط تحذيرات متكررة من القاهرة وتأكيدات في تل أبيب باستمرار عمليتها
الشرق الاوسط...القاهرة: أحمد عدلي.. جددت العملية العسكرية «المحدودة» التي نفذها الجيش الإسرائيلي في رفح الفلسطينية، أخيراً، الحديث عن السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي حال «اجتياح كامل لرفح»، في ظل تحذيرات مصرية متكررة بشأن «تداعيات اجتياح المدينة على الفلسطينيين»، وتأكيدات إسرائيلية بـ«استمرار العملية». ويكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأكيده أنه «لا مفر من الدخول إلى رفح لتحقيق هدف القضاء على (حماس)»، فيما لا تزال إسرائيل تصف العمليات التي تنفذها في رفح منذ الاثنين الماضي بأنها «محدودة»، وتستهدف مواقع محددة، وفق بيانات رسمية صادرة من مكتب نتنياهو. وسيطرت دبابات إسرائيلية، الجمعة، على الطرق الرئيسية التي تفصل بين النصفين الشرقي والغربي لرفح بجنوب قطاع غزة، مما أدى فعلياً إلى تطويق كامل للجانب الشرقي للمدينة. وأفاد موقع «أكسيوس»، الجمعة، نقلاً عن مصدرين لم يحددهما، أن «التوسع في رفح لم يتجاوز الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس الأميركي جو بايدن»، بينما قال مصدر ثالث إن «توسيع العملية يمكن عدُّه تجاوزاً للخط الذي حدده بايدن، في وقت علق فيه إرسال بعض المساعدات العسكرية الأميركية مؤقتاً». وحذرت مصر كثيراً من مخاطر أي عملية عسكرية إسرائيلية برفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني موجودون في تلك المنطقة». وكرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحذيره من «العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية»، مؤكداً خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مساء الخميس، أن هذه العمليات «تمثل عائقاً خطيراً أمام انتظام عمليات دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، وانتظام عمليات خروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج». ووفق رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، الخبير الاستراتيجي، اللواء نصر سالم، فإن «مصر ستعمل في إطار الخيارات الدبلوماسية حال اجتياح رفح»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «محدودية الخيارات المصرية في التعامل مع الموقف الإسرائيلي، خاصة في ضوء حرص القاهرة على إنفاذ المساعدات إلى قطاع غزة، ولعب دور الوسيط في المفاوضات بين الجانبين للوصول إلى هدنة في قطاع غزة». ورأى القنصل المصري الأسبق في تل أبيب، السفير رفعت الأنصاري، أن «كافة الخيارات مفتوحة باستثناء المواجهة العسكرية»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث حتى الآن من إسرائيل لا يمثل أي خروقات (جوهرية) لمعاهدة (السلام) الموقعة بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة سوف تلعب دوراً مهماً في احتواء أي تصعيد محتمل». الأنصاري أوضح أن «الموقف الإسرائيلي يضع في اعتباره جميع التحذيرات المصرية في هذا الشأن، بما فيها ما حددته القاهرة بأن (اجتياح رفح) يهدد الأمن القومي»، لافتاً إلى أن «تنفيذ عمليات اجتياح محدودة من قبل تل أبيب في رفح الفلسطينية بمثابة استجابة إسرائيلية واضحة للمخاوف المصرية، لا سيما مع تحرك الفلسطينيين نحو خان يونس ووسط غزة وليس تجاه سيناء المصرية». أيضاً قال الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، إن الرفض المصري القاطع لتهجير الفلسطينيين وإخراجهم من أراضيهم «أمر لم ولن تتنازل عنه مصر»، لافتاً إلى أن «مصر قد تلجأ حال إضرار إسرائيل بالأمن القومي المصري إلى الولايات المتحدة بوصفها ضامناً لاتفاقية السلام، أو تقوم بتعليق العمل بمعاهدة (السلام) حال حدوث (اجتياح كامل لرفح)». لكن عكاشة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل مهتمة بالحفاظ على اتفاقية (السلام) مع مصر، ورغم الأوضاع على الشريط الحدودي، فلا تزال تل أبيب تضع السلام مع القاهرة في أولوياتها، الأمر الذي سيدفع تل أبيب لمقاربة، حال التمسك باقتحام رفح الفلسطينية، من خلال عمليات محدودة بكل حي في المدينة بشكل منفرد، وهو ما يعني استمرار الحرب لفترة طويلة». وكان المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي، جون كيربي، قد أكد، الخميس، أن «قيام إسرائيل بعملية كبرى في رفح لن يحقق هدف واشنطن وتل أبيب إلحاق الهزيمة بحركة (حماس)»، مشيراً إلى أن هناك طرقاً أفضل الآن لملاحقة قادة الحركة بدلاً من تنفيذ عملية «محفوفة بمخاطر كبيرة على المدنيين». في السياق، أشار قنصل مصر الأسبق في تل أبيب إلى أن تكرار اللقاءات والتنسيقات الأمنية والعسكرية بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المصريين، «يعكس الالتزام الإسرائيلي بجميع التعهدات الموقعة مع مصر»، لافتاً إلى أنه «حتى في حال سيطرة إسرائيل على (محور فيلادلفيا) بشكل كامل، فإن الوضع سيظل مستقراً». وعلى مدار الأشهر الماضية، كان «محور فيلادلفيا» محور تصريحات إسرائيلية تستهدف السيطرة عليه، قوبلت بردود مصرية حادة «ترفض أي وجود إسرائيلي على امتداد المحور الحدودي الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً». وبينما يلفت عكاشة إلى أن التحركات الإسرائيلية في رفح الفلسطينية ما دامت لم تتسبب في أضرار داخل الأراضي المصرية، فإن «القاهرة سوف تواصل العمل بالمسار الدبلوماسي». أشار سالم إلى أن التصعيد الدبلوماسي والحديث عن تعليق العمل باتفاقية «كامب ديفيد»، «أمر سيضر بالخيارات الدبلوماسية التي تقوم بها مصر لصالح الفلسطينيين، وسيكون بمثابة فرصة تستغلها إسرائيل، الأمر الذي سيكون له مردود سلبي على ما تحقق جهود من دبلوماسية في الفترة الماضية».
لماذا تستهدف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة؟
الشرق الاوسط..القاهرة: محمد عجم.. أثيرت تساؤلات أخيراً بشأن هدف اليونان من استقدام عمالة مصرية للعمل في مجال الزراعة بأثينا. جاء ذلك عقب إعلان اليونان أنها «ستبدأ في استقدام عمال مصريين، هذا الصيف، للعمل في وظائف زراعية مؤقتة بموجب اتفاق بين البلدين لمواجهة نقص العمالة». وتعهد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريوس كاريديس، بـ«سرعة إنهاء إجراءات سفر العمال المصريين مع بداية يونيو (حزيران) المقبل، والبالغ عددهم 5 آلاف عامل زراعي». والتقى الوزير اليوناني، في القاهرة، الجمعة، نظيرته المصرية، سها جندي، وبحثا تعزيز التعاون المشترك في ملفات الهجرة والتدريب من أجل التوظيف. وأشارت الوزيرة المصرية إلى «أهمية الإسراع في تفعيل مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها بين مصر واليونان بشأن العمالة الموسمية المصرية، تمهيداً لإرسالهم إلى اليونان للعمل في قطاع الزراعة، بالتنسيق مع جهات الدولة المعنية لتخدم أهداف التعاون بين البلدين»، وفق بيان لوزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الجمعة. ووقَّعت مصر واليونان في عام 2022 على اتفاقية بشأن العمالة الموسمية، بما يفتح المجال أمام المصريين للعمل في اليونان بشكل قانوني، ووضع إطار تنظيمي وقانوني يسهم في تطور العلاقات المشتركة، وحل قضية «الهجرة غير المشروعة». ولفت بيان «الهجرة المصرية» إلى تأكيد الوزيرين على «أهمية وضع استراتيجية للعمل المشترك بين البلدين سواء في مجال تحديد مسارات الهجرة النظامية، أم مواجهة (الهجرة غير المشروعة)، أم التدريب لتحقيق التنمية لدى البلدين». وتؤكد الحكومة المصرية «استمرار جهود التوعية لمواجهة (الهجرة غير المشروعة)، وذلك بهدف توفير حياة (آمنة) للمواطنين». وكلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية 2019 وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج بالتنسيق مع الجهات المعنية المصرية، لإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدِّرة للهجرة. كما أكد مسؤولون مصريون في مناسبات عدة سابقة أن «بلادهم تستحق التقدير لمنعها المهاجرين غير الشرعيين من الانطلاق من سواحلها الشمالية عبر البحر المتوسط إلى أوروبا منذ عام 2016، إلى جانب مجابهة الهجرة غير النظامية بتعزيز ودعم الاستثمار في الهجرة الآمنة». وكان وزير الهجرة اليوناني قد التقى وزير العمل المصري، حسن شحاتة، الخميس، حيث أكد كاريديس «تكثيف التعاون من أجل التصدي لموجات (الهجرة غير المشروعة) في المنطقة، وأهمية تَنوُّع العمالة المصرية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في مجالي التشييد والبناء، والسياحة... وغيرها». كما تعهد بدراسة مّد فترة العمل الموسمي من 9 أشهر إلى 24 شهراً، نظراً لأهمية ومهارة العامل المصري في سوق العمل اليونانية. ووفق مراقبين تواجه اليونان «صعوبات في العثور على عشرات الآلاف من العمال لشغل وظائف في قطاعات الزراعة والسياحة والإنشاءات... وغيرها». ويفسر أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز «البحوث الزراعية» في مصر، الدكتور أشرف كمال، أسباب استهداف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة، قائلاً إن «العامل الزراعي المصري لديه خبرة متراكمة عبر السنين، جعلته من أكثر العمالة المطلوبة خارجياً»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «سفر 5 آلاف عامل زراعي مصري إلى الأراضي اليونانية يصب في مصلحة القوى العاملة في مصر، والاستفادة من فائض العمالة في ظل الزيادة السكانية، وهذا بدوره يحد من مشكلة البطالة بشكل عام». أيضاً نقل بيان «الهجرة المصرية»، الجمعة، عن الوزير اليوناني تأكيده على احتياج بلاده لمصر «لتستمر شابة، وتتخطى مسألة ارتفاع سن المجتمع، ونقص الأيدي العاملة اللازمة في عدد من المجالات». ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، منتصف فبراير (شباط) الماضي، فإن «معدل البطالة بالبلاد بلغ 6.9 في المائة، في الربع الرابع من 2023». وأشار الجهاز إلى أن «نشاط الزراعة وصيد الأسماك حقق أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين في الأنشطة الاقتصادية بعدد مشتغلين بلغ 5.322 مليون مشتغل، بنسبة 18.4 في المائة من إجمالي المشتغلين في مصر، محتلاً المركز الأول ضمن الأنشطة الاقتصادية». ويلفت أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن سفر العمالة المصرية إلى الخارج هو «أمر في صالح الاقتصاد»، حيث يُسهم ذلك «في زيادة نسبة تحويلات المصريين من العملة الأجنبية، ما يشجع على تشغيل عدد أكبر من العمال الزراعيين في الخارج مستقبلاً». وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج انخفاضاً قدره نحو 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، لتسجل 22 مليار دولار في 2023، مقابل أعلى مستوى سجلته خلال 2022، وبلغ حينها 31.6 مليار دولار، وفق تأكيدات حكومية. وفي مارس (آذار) الماضي، رفع بنك «غولدمان ساكس» الأميركي توقعاته حول زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتصل إلى «نحو 28.513 مليار دولار في 2024»، (الدولار الأميركي يساوي 47.40 جنيه مصري).
اتهامات للجيش السوداني بتعذيب و«اغتيال» ناشط سياسي معارض
بالتزامن مع تعديلات على قانون جهاز المخابرات تمنحه صلاحيات واسعة
الشرق الاوسط..أديس أبابا: أحمد يونس.. بالتزامن مع إعلان تعديلات على قانون جهاز المخابرات العامة، منح بموجبها الجهاز صلاحيات واسعة، كانت قد أُلغيت من القانون بعد الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الإسلاميين، اتهم «حزب المؤتمر السوداني» المعارض ونشطاء حقوقيون الجيش السوداني بـ«اغتيال» أحد النشطاء السياسيين البارزين في ولاية الجزيرة. وكان مجلس السيادة الانتقالي قد أجاز تعديلات على قانون جهاز المخابرات العامة، منحت الجهاز سلطات واسعة، تضمنت الاعتقال التحفظي والاستجواب والمصادرة وحظر النشاط التجاري، ومنحت ضباط وأفراد الجهاز حصانة من المساءلة عن الجرائم التي قد يرتكبونها. وأعادت هذه التعديلات للجهاز سلطاته التي ألغتها الحكومة المدنية التي تلت الثورة الشعبية، والتي اقتصرت وفقاً لقانون 2019 على جمع وتحليل المعلومات وتقديمها للجهات المعنية، بينما أعادت التعديلات للجهاز سلطاته المنصوص عليها في قانون 2010، بما في ذلك سلطة الاعتقال والملاحقة والتفتيش للمعارضين السياسيين، بما يمكن من تعذيبهم وقتلهم، مع منح أعضاء الجهاز الحصانات التي تحول دون مساءلتهم أو محاسبتهم على جرائمهم. وأبدى عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ياسر العطا، تذمره مما سماها «جهات في الدولة تعطل تعديلات قانون جهاز المخابرات العامة»، واتهمها بأنها موالية لقوات «الدعم السريع»، بقوله: «الدعم السريع يتغلغل في مؤسسات الدولة». وقال حقوقيون ونشطاء سياسيون إن التعديلات تهدف لملاحقة المعارضين، ويقف خلفها تنظيم «الإخوان المسلمون»، لتصفية الثورة ومسانديها، ومحاولة لإعدام وجودهم المادي والمعنوي، ويندرج في هذا الإطار قرار النيابة العامة في أبريل (نيسان) الماضي، بالقبض على رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك و15 من القادة المدنيين، بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
الجيش: قتلته «لدغة عقرب»
ويوم الخميس، اتهم حزب «المؤتمر السوداني» الجيش بـ«اغتيال» أحد أعضائه البارزين في ولاية الجزيرة، بعد أن لقي حتفه تحت التعذيب. وقال عضو المكتب التنفيذي لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، محمد حسن عربي، وهو عضو في القطاع القانوني للحزب أيضاً، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش أبلغ أسرة المحامي صلاح الطيب بموته نتيجة لدغة عقرب، وأنهم دفنوه قبل نحو 3 أسابيع دون إبلاغ أسرته، بعد أن كانوا قد اعتقلوه وثلة من الشباب، أطلق سراحهم بعد تعذيب قاسٍ، كانت قد أنكرت وجوده معهم. وأوضح عربي أن المحامي صلاح الطيب اقتيد من منزله في بلدة العزازة بمحلية القرشي بولاية الجزيرة، بواسطة مجموعة تابعة لاستخبارات الجيش، إلى مدرسة تتخذ مقراً عسكرياً في 17 أبريل الماضي، ومعه مجموعة من شباب القرية الذين أطلق سراحهم بعد تعذيب وحشي، وقال أحدهم إنه ترك القتيل مغمى عليه داخل غرفة في المدرسة تستخدم معتقلاً. وقال عربي إن اعتقال واغتيال المحامي الراحل صلاح الطيب ليس الوحيد من نوعه، إذ تعرض له أيضاً أعضاء في حزبه ونشطاء مدنيون وسياسيون، وبينهم الرئيس السابق للمجلس القومي للحزب، عبد القيوم عوض السيد، الذي اعتقلته استخبارات الجيش في شندي، وعضو الحزب المحامي عبد الله تبير. ووصف عربي «اغتيال» المحامي صلاح الطيب بأنه «رسالة واضحة وغير مسؤولة لكل الداعين والعاملين لوقف الحرب، ورسالة من فلول الإرهابيين الإسلامويين الذين يقاتلون في صفوف الجيش، تنسجم مع وجهتهم نحو القمع والإرهاب التي تتولاها حكومة بورتسودان بشكل منهجي». وجاء اغتيال الناشط السياسي متزامناً مع إعادة السلطات الواسعة لجهاز المخابرات العامة، ليستخدمها، بحسب عربي، في قمع دعاة وقف الحرب ضد المدنيين. وقال: «هذا مؤشر لملامح سودان ما بعد الحرب، يدخرها الإسلاميون وفلولهم لقمع الشعب، بعد عودة نظامهم القمعي الباطش والفاسد». وحذر محمد حسن عربي من مخاطر السلطات القمعية الواسعة التي منحتها «حكومة بورتسودان» لأفراد جهاز المخابرات، والحصانات الكبيرة التي منحت لهم، بما يحميهم من المساءلة عن الجرائم التي يرتكبونها.
اتهام الجيش و«ميليشيات الحركة الإسلامية»
من جهته، حمّل حزب «المؤتمر السوداني» المعارض مسؤولية الجريمة لـ«القوات المسلحة، والاستخبارات العسكرية، وميليشيات الحركة الإسلامية». وقال في بيان: «نتهمها باغتيال الشهيد صلاح الطيب في معتقلاتها وبيوت أشباحها سيئة السمعة». وتابع: «من أشعلوا هذه الحرب الوحشية اللعينة، لم يتوقفوا مطلقاً عن استهداف المدنيين والتحريض عليهم بخطابات الكراهية والتخوين، واستهدافهم بالملاحقة والاعتقال الذي طال منسوبي القوى السياسية ولجان المقاومة وأعضاء غرف الطوارئ».
اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور...... طرفا النزاع تجاهلا النداءات الدولية
الشرق الاوسط..ود مدني السودان: محمد أمين ياسين.. تجددت، الجمعة، اشتباكات وصفت بالعنيفة بين الجيش السوداني وحلفائه من الفصائل المسلحة من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى، في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، وآخر حصون الجيش في غرب البلاد، بعد أيام من الهدوء الحذر الذي شهدته جبهات القتال خلال الأيام الماضية. ويبدو أن المدينة التي تحتضن مئات الآلاف من النازحين الهاربين من القتال في مناطقهم، إلى جانب وجود جيوش من الحركات المسلحة، تتجه إلى معارك طاحنة بالنظر إلى حالة التأهب والتحشيد العسكري للأطراف المتحاربة، المستمر منذ وقت طويل. ولم تفلح النداءات الدولية لأطراف النزاع بضرورة تفادي الدخول في معارك يُتوقع أن تتسبب بحدوث كوارث إنسانية إذا انفجر القتال.
قصف متبادل
وقال مقيمون في الفاشر لــ«الشرق الأوسط» إن معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة اندلعت بين الطرفين في الأحياء الشمالية الشرقية للمدينة. وأوضحت مصادر أن «قوات الدعم السريع» قصفت مواقع للجيش الذي ينتشر في وسط المدينة، بينما رد الجيش بضربات مدفعية على مواقع لـ«الدعم السريع» في محيطها، كما سُمعت أصوات انفجارات قوية وأصوات إطلاق نار مع تصاعد كثيف لأعمدة الدخان من أحياء شمال وشرق المدينة. وبدورها، أفادت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» (جماعة محلية) على موقع «فيسبوك»، بأن الجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة «يشتبكون مع (قوات الدعم السريع) شرق مدينة الفاشر منذ الصباح». وأضافت أن قذائف المدافع الثقيلة «تسقط بشكل عشوائي في منازل المواطنين، ما أدى إلى وقوع إصابات وسط المدنيين بعضها وصل المستشفى الجنوبي».
تدهور الخدمات الهاتفية
وقالت مصادر محلية إن خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت بدأت في التدهور مع بدء الهجوم على الفاشر، وشمل ذلك كبريات مدن دارفور الأخرى. وتشهد الفاشر، إلى جانب الضعين في ولاية شرق دارفور، ونيالا في الجنوب، منذ يومين، انقطاع خدمات شبكتي «سوداني» و«الشركة السودانية للهاتف السيار» (زين)، إلى جانب شبكة «إم تي إن سودان» التي انقطعت عن المدينة منذ أشهر. وتفرض «قوات الدعم السريع» حصاراً محكماً على مدينة الفاشر، في مسعى للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع. وكان والي شمال دارفور المكلف، حافظ بخيت، قد أكد في وقت سابق على «وقوف حكومة الولاية بكل ما تملك من أجل الوطن والمواطن، ودحر الميليشيا»، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». وأعلن عدد من الحركات المسلحة، بينها «حركة جيش تحرير السودان» التي يرأسها مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان» بقيادة مصطفى تمبور، خروجها عن الحياد، والقتال إلى جانب الجيش السوداني ضد «قوات الدعم السريع».
آخر معاقل الجيش غرب السودان
وتعد الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في غرب البلاد، وهي محاصرة تماماً بالآلاف من مقاتلي «قوات الدعم السريع». ويواصل طرفا القتال في السودان التصعيد العسكري والإعلامي على الرغم من التحذيرات الدولية و«القلق» الكبير، الذي أبدته دول مؤثرة في الإقليم، إلى جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة، من التداعيات الإنسانية الكارثية التي يمكن أن تواجه مئات الآلاف من السودانيين الذين يحتمون بمدينة الفاشر ومعسكرات النازحين من حولها.
الأمم المتحدة: وضع كارثي
وكتب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في دارفور، توبي هارورد، عبر حسابه على منصة «إكس»، أن «الوضع الإنساني في الفاشر والمحليات المحيطة بعاصمة شمال دارفور كارثي». وأشار هارورد إلى «ازدياد عمليات القتل التعسفي والسرقة ونهب الماشية، والحرق الممنهج لقرى بأكملها في المناطق الريفية، وتصاعد القصف الجوي على أجزاء من المدينة، وتشديد الحصار حول الفاشر». واتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الخميس، «قوات الدعم السريع» بارتكاب «تطهير عرقي» وعمليات قتل؛ «ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث» ضدّ جماعة المساليت العرقية الأفريقية، في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس - غرينفيلد، الأسبوع الماضي، إن «كارثة مأساوية تلوح في الأفق» في إشارة إلى ما يجري في مدينة الفاشر. كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من المصير نفسه. وقال في تصريحات سابقة إن أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل. وفي الأسابيع الماضية، حققت «الدعم السريع» مكاسب عسكرية بالسيطرة على بلدة (مليط) على مسافة نحو 60 كيلومتراً من الفاشر، وتعد منطقة استراتيجية مهمة، مكنتها من إعادة التموضع العسكري لقواتها والانتشار والهجوم على الفاشر من اتجاهات عدة. وامتنعت مصادر نافذة في «الدعم السريع» تحدثت لــ«الشرق الأوسط» عن التعبير عن أي نيات لاجتياح المدينة، لكنها قالت إنها تدافع عن نفسها، على الرغم من أنها تهاجم المدينة باستمرار. وترى تلك المصادر أن الفاشر تشكل، من ناحية عسكرية واستراتيجية، خطراً كبيراً على «قوات الدعم السريع»، بعد إعلان عدد من الحركات المسلحة في الإقليم الخروج من الحياد في الصراع والانخراط في القتال إلى جانب الجيش السوداني.
الجيش: الفاشر قاعدة لاستعادة ولايات دارفور
وكشف مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، في وقت سابق، أن الجيش سيتخذ من الفاشر قاعدة عسكرية رئيسية لاستعادة الولايات الأربعة في الإقليم التي تسيطر عليها «الدعم السريع». وتستميت قوات الجيش السوداني والحركات المسلحة في صد الهجمات الكثيرة التي تشنها «قوات الدعم السريع» على المدينة. ونفذت هذه القوات خلال الأيام الماضية عمليات انتشار واسعة في شمال دارفور، وحشدت الآلاف من المقاتلين من القبائل العربية في البلدات والقرى المجاورة لمدينة الفاشر. كما نفذ الجيش السوداني عمليات إسقاط جوي لإيصال إمدادات عسكرية من الأسلحة الذخائر لتموين قواته في «الفرقة السادسة - مشاة» ومقرها داخل المدينة، ولدعم حلفائه في الحركات المسلحة، تحسباً لمعارك مرتقبة. ووفق المؤشرات على الأرض، تخطط «الدعم السريع» لشن هجوم بري واسع من عدة جبهات على الفاشر، لا يملك الجيش وحلفاؤه سوى التصدي له عبر الدفاعات المتقدمة في محيط المدينة.
قلق ليبي متزايد من «التغلغل الروسي»
وسط تحركات أميركية وإيطالية لوقف توغله
القاهرة: «الشرق الأوسط».. فتح الانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا باباً واسعاً لتغوّل قوى دولية في الشؤون الداخلية للبلاد. وبحسب ما يعتقد سياسيون وأكاديميون، فإن روسيا تأتي في مقدمة هذه الأطراف، ويرون أنها «طوّرت من وجود قوات تابعة لها في ليبيا بتمدد نفوذها»، فيما يعرف بـ«الفيلق الأفريقي». الحديث عن وجود قوات روسية في ليبيا ليس جديداً، لكن اتجاه موسكو لتعزيز هذا الوجود منذ أشهر قليلة، بحسب تقارير، بعد نقل قوات وعتاد عسكري إلى مناطق في شرق البلاد، زاد منسوب المخاوف والتحذيرات، ليس فقط لدى قوى محلية بل دولية أيضاً، ومن بينها أميركا وأوروبا. وكالعادة، يتبارى الليبيون على وقع انقسام حاد في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» بين من ينتقد ما سمّاه بـ«استغلال روسيا للأراضي الليبية بقصد تعزيز نفوذها، وتمددها إلى بعض الدولة الأفريقية»، ومَن يقلل من ذلك، رداً على تقارير تشير إلى تعاون بين موسكو والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر. والتشكيل العسكري الروسي الجديد، أو ما يعرف بـ«فيلق أفريقيا»، تم الكشف عنه مطلع عام 2024، ودلت تقارير على أنه يستهدف انطلاق موسكو إلى دول أفريقية من بوابة ليبيا، بقصد «دعم مصالح روسيا في القارة السمراء». ويأتي الحديث عن هذا «الفيلق» في ظل رفض ليبيين وجود أي قوات دولية على أراضيهم، وهو الأمر الذي عبر عنه الكاتب والأكاديمي مصطفى الفيتوري، الذي رأى أن «الوجود الروسي في ليبيا شأنه شأن أي وجود آخر؛ ينتقص من سيادة البلاد». ومع تحركات دولية عديدة في ليبيا، تكون ملامح هذا الفيلق قد تشكّلت قوةً وعتاداً وأرضاً؛ إذ تشير التقارير إلى أن هذه القوة الروسية ستتوزع بين خمس دول هي: «ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر»، في حين تتجه أنظاره راهناً إلى تشاد والسنغال. وهنا يرى الفيتوري في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ما يخشاه غالبية الليبيين هو تحّول بلدهم لركيزة للتمدد الروسي إلى أفريقيا (جنوب الصحراء)، وأيضاً استمرار هذا الوجود ضمن الصراع بين الروس والغرب على مناطق النفوذ، وهذا قد يجعل الوجود الروسي طويل الأمد، بحسب تعبيره. وكانت المخاوف الليبية قد بدأت في التصاعد نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بعد مشاهدة عمليات إنزال أجرتها طائرات شحن وسفن، تردد أنها روسية في قاعدة «براك الشاطئ» في ليبيا، و«ميناء طبرق»، وهو الأمر الذي قوبل بنفي من موالين للقيادة العامة. غير أن منصة «ميليتري أفريكا»، المعنية بالشؤون العسكرية في أفريقيا، تحدثت في التوقيت نفسه عن وصول معدات «الفيلق الأفريقي» إلى ليبيا عن طريق سفينتي الإنزال «ألكسندر أوتراكوفسكي» و«إيفان غرين». وأوضحت المنصة بشأن نوعية العتاد العسكري، وقالت إنه عبارة عن مدرعات ثقيلة وخفيفة، بالإضافة إلى مدفعية مضادة للطائرات من طراز «ZU - 23 - 2»، ومركبات من طراز «كاماز». وسبق أن نقلت صحيفة «فيدوموستي» الروسية عن مسؤولين روس قولهم إن قوام الفيلق يتكون في الأساس من مقاتلي مجموعة «فاغنر»، لكن هذه المرة سيتلقون تمويلهم وأوامرهم مباشرة من السلطات الروسية، ممثلة في وزارة الدفاع. ومع تصاعد الأحداث، يربط الفريق الرافض لما يجري من تحركات روسية على الأرض في ليبيا، وبين العلاقات القوية الممتدة بين حفتر وروسيا، والمتمثلة في الزيارة المتبادلة بين مسؤولين من البلدين، لكن قيادياً سياسياً موالياً لـ«الجيش الوطني» يرفض هذا الربط، ويعدّه «عادياً في لغة السياسة». وبسؤاله عن إنزال قوات وعتاد في قواعد وموانئ يشرف عليها الجيش، نفى القيادي علمه بذلك، وقال إن الجيش «يعمل على حماية البلاد من المخططات الخارجية، ويتحمل نظير ذلك صعوبات جمة». في المقابل، يتحدث الرافضون لما يسمونه بـ«تمدد روسيا في ليبيا» عن جولات مكوكية يجريها من وقت لآخر إلى بنغازي نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، ولقائه حفتر ونجله اللواء خالد، ويرون أنها بدأت في أعقاب مقتل يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة «فاغنر»، معتقدين أن فكرة الفيلق تشكلت في أولى زيارته للقيادة العامة للجيش. وقبل زيارتها إلى ليبيا، الأسبوع الماضي، نقلت وكالة «أنسامد» الإيطالية، عن مصادر بأن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ستطلب من المشير حفتر «تقليل وجود القوات الأجنبية، وخاصة الروسية في ليبيا». ويأتي التحرك الإيطالي تالياً لمناقشات عديدة أجرتها قيادات أميركية مع حفتر بهذا الشأن؛ إذ سبق أن التقى الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، بحضور السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، وتركزت المباحثات حينها حول الوجود العسكري الروسي في ليبيا. وهنا يشير الأكاديمي الليبي الفيتوري إلى أن الأمر سواء تعلق بروسيا أو غيرها فإن بلده «لا يزال مطمعاً للجميع، خاصة في ظل السباق المحموم المتجدد باتجاه أفريقيا... فموقع ليبيا على المتوسط وطول ساحلها، وكونها بوابة أفريقيا الشمالية يعني أنها ستظل هدفاً لكل الدول الكبرى، أو القوى الإقليمية الناشئة مثل تركيا». وانتهى الفيتوري مبدياً أسفه لما سمّاه بـ«اعتقاد بعض الأطراف الليبية أن مصلحتها تكمن في التعاون مع الأجنبي تحت أي مسمى»، مذكراً بأن المطلب الشعبي الليبي هو خروج أي قوات عسكرية من البلاد».
«النواب» الليبي يطالب بإنهاء «فوضى السلاح المنتشر»
دعا لإخلاء مدينة الجميل من التشكيلات «فوراً ودون استثناء»
القاهرة: «الشرق الأوسط».. طالب مجلس النواب الليبي بإنهاء فوضى السلاح المنتشر في جميع أنحاء البلاد؛ وذلك على خلفية الاشتباكات التي شهدتها مدينة الجميل، الواقعة غربي العاصمة طرابلس خلال اليومين الماضيين. ودخل مجلس النواب الليبي على خط الأحداث المروعة التي شهدتها مدينة الجميل، الواقعة تحت سيطرة حكومة «الوحدة» بغرب العاصمة طرابلس، وطالب بـ«إخلائها فوراً من التشكيلات المسلحة كافة من دون استثناء»، مشيراً إلى أنه تابع «المظاهرات السلمية الحاشدة لأهالي الجميل، التي طالبت بخروج جميع التشكيلات المسلحة من المدينة، وبقاء الشرطة والجيش النظامي فقط فيها». وفي حين دعا المجلس حكومة أسامة حماد، المكلفة منه، بالتواصل مع أهالي الجميل لتقديم الدعم والمساعدة لهم، شدد على ضرورة «إنهاء تواجد السلاح خارج إطار الدولة في جميع المدن الليبية»، مبرزاً أن ما شهدته الجميل من أحداث مؤسفة «نتج منها اعتداءات على المواطنين ومؤسسات الدولة، وحرق أملاكهم وترهيبهم». وكانت الأوضاع الأمنية قد تصاعدت في مدينة الجميل القريبة من الزاوية (غرب)، بعد اشتباكات مروعة بين مجموعات مسلحة قادمة من خارج المدينة؛ ما خلّف قتيلاً وتسعة جرحى على الأقل بأعيرة نارية، بحسب مصادر محلية، بالإضافة إلى إضرام النيران في الممتلكات، والعديد من سيارات المواطنين. في غضون ذلك، قالت حكومة «الوحدة» الوطنية، إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة، التقى سفيري إيران وكوريا الجنوبية لدى ليبيا، عين الله سوري وجامغ جيهاك، وناقش معهما في لقاءين منفصلين سبل التعاون مع بلديهما. وقال مكتب الدبيبة، مساء الخميس، إن السفير الإيراني أعرب عن رغبة بلاده في عقد الدورة الـ13 للجنة العليا الإيرانية - الليبية بالعاصمة طهران، وتنظيم معرض وملتقى اقتصادي للصناعات الإيرانية في ليبيا، والتعاون بين البلدين في مجال الطب النووي، وعدد من المجالات الطبية الأخرى، مشيراً إلى أن الدبيبة «أبدى استعداده للتعاون مع إيران في المجالات المختلفة، والتنسيق لعقد اللجنة العليا بين البلدين». كما تحدث مكتب الدبيبة عن لقائه في طرابلس بسفير كوريا الجنوبية ومساعده والمستشار الاقتصادي، وقال إنه ناقش معه «عودة الشركات الكورية لاستكمال مشروعاتها، وتنفيذ مشروعات جديدة ضمن خطة التنمية في المدن والمناطق الليبية كافة». ونقل مكتب الدبيبة إشادته بعودة شركة «هونداي» الكورية للبلاد، واستئناف أعمالها بمشروع تنفيذ محطة غرب طرابلس، بقدرة إنتاجية تبلغ (1400) ميغاواط والمعطّل منذ 10 سنوات، معتبراً ذلك «مؤشراً إيجابياً لعودة الشركات الكبيرة للعمل في ليبيا، والمساهمة في رفع وتيرة التنمية؛ وهذا ما تحتاج إليه ليبيا في الوقت الحاضر». كما وجّه الدبيبة بضرورة معالجة الصعوبات، التي تواجه الشركات الكورية في القطاعات كافة، وعقد ملتقى اقتصادي وصناعي للشركات الكورية في ليبيا من أجل خلق شراكات بين القطاع الخاص بالبلدين. في شأن مختلف، قالت رئاسة الأركان العامة بحكومة «الوحدة» إن رئيس الأركان، الفريق أول محمد الحداد، زار الكلية الجوية في مصراتة، وناقش خلال اجتماعه بقيادات الكلية سير العميلة التدريبية والتعليمية، وأوصى بضرورة العمل على «تطويرها وحلحلة ما يواجهه المتدربون من صعوبات». وبخصوص ترشيد الإنفاق في ليبيا، والاتهامات التي تواجهها جهات عدة بالتوسع في ذلك، قال المجلس الأعلى للدولة إن رئيسه، محمد تكالة، بحث هذا الأمر مع رئيس هيئة الرقابة الإدارية عبد الله قادربوه. واكتفى المجلس في بيان مقتضب، مساء الخميس، بالقول إن الطرفين ناقشا «ما ينبغي اتخاذه من ترتيبات مالية، تساهم في استقرار الوضع الاقتصادي، من خلال ترشيد الإنفاق وفق التشريعات النافذة». في شأن مختلف، قالت المؤسسة الليبية للاستثمار، إنه وفقاً للقانون المدني، فإن «تعيين الحارس القضائي على أموالها يكون إما باتفاق الخصوم، أو بحكم قضائي». ورأت أن «الأمر الولائي الصادر عن رئيس محكمة أجدابيا الابتدائية بتعيين لجنة حراسة قضائية على المؤسسة «ليس حكماً قضائياً صادراً في دعوى قضائية، وإنما أمر ولائي صدر على عريضة دون تمثيل أو حضور الخصوم». وتحدثت المؤسسة عما أسمته «قواعد الاختصاص المكاني» بشأن المحكمة المختصة بنظر الدعاوى القضائية، وإصدار الأوامر الولائية المتعلقة بالمؤسسة كمدعٍ عليها، وقالت إن «الأمر من اختصاص محكمة شمال طرابلس الابتدائية؛ وذلك عملاً بنص المادتين (56) (63) من قانون المرافعات الليبي، ومحكمة أجدابيا الابتدائية لا تختص بإصدار هذا الأمر». وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، قالت الحكومة المكلفة من مجلس النواب إن محكمة أجدابيا الابتدائية عيّنت لجنة حراسة قضائية على أموال وأصول وإيرادات المؤسسة الليبية للاستثمار؛ بناءً على طلب من رئيس الحكومة. ونشرت صورة ضوئية للأمر الولائي الصادر من المحكمة بهذا الخصوص. في شأن غير ذي صلة، ضبطت السلطات الأمنية غرب ليبيا 10 مهاجرين غير نظاميين خلال محاولتهم التسلل إلى تونس. وقالت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية إنه في إطار المهام المكلفة بها في تأمين منفذ «رأس جدير» الحدودي، تمكّنت دوريات، الجمعة، من ضبط 8 أشخاص من جنسيات أفريقية وطفلين حاولوا التسلل من خلف المنفذ للدخول للأراضي التونسية بطريقة غير مشروعة.
نواب تونسيون يقترحون تعديلاً لمكافحة الهجرة غير الشرعية
يقضي بسجن أي أجنبي إذا دخل البلاد أو غادرها دون احترام للشروط
تونس: «الشرق الأوسط».. قدم أعضاء في مجلس النواب التونسي، اليوم الجمعة، مقترحاً لتعديل قانون إقامة الأجانب، يشمل السجن لما يصل إلى ثلاث سنوات بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية. وقال النائب محمد أمين الورغي لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «في ظل الوضع الراهن والدعوات لتعديل القانون من مواطنين ومجتمع مدني ونواب بالبرلمان، رأينا ضرورة مراجعته، والرفع في سلم العقوبات الموجودة، بما يتلاءم مع الوضع الحالي». وأضاف الورغي صاحب مشروع القانون: «لقد تبين أن شبكات تسعى لنقل المهاجرين إلى تونس، وتسهيل عمليات اجتيازهم للحدود، لذلك رأينا ضرورة تنقيح فصول القانون ليتلاءم مع الجريمة المرتكبة». ويتخذ المهاجرون غير الشرعيين، وغالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من تونس نقطة انطلاق لرحلة محفوفة بالمخاطر لعبور البحر المتوسط نحو أوروبا، هرباً من الصراعات في بلادهم وبحثاً عن حياة أفضل، في وقت تواجه فيه تونس ضغوطاً من دول الاتحاد الأوروبي، ومن بينها إيطاليا، لوقف تدفق المهاجرين على أراضيها. ووفقاً للتعديل المقترح على القانون، يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات الأجنبي، الذي يدخل تونس، أو يخرج منها دون أن يمتثل للشروط، ومنها الدخول بجواز سفر سار من إحدى النقاط الحدودية. ويعاقب بالعقوبة نفسها، الأجنبي الذي لا يطلب تأشيرة إقامة في الوقت القانوني، أو لا يطلب تجديدها عند انتهاء صلاحيتها، والأجنبي الذي يواصل الإقامة في البلاد، بعد رفض مطلبه في الحصول على تأشيرة أو بطاقة إقامة، بحسب مشروع القانون المقترح. كما احتوى مشروع القانون على عقوبات مماثلة لمن يساعد أي أجنبي على دخول البلاد، أو الخروج منها بصورة غير قانونية. وقال نواب في البرلمان التونسي في تفسيرهم لأسباب تعديل القانون إن التوافد غير المسبوق للأفارقة مؤخراً، وإقامتهم بطريقة غير شرعية في تونس «تسببا في حالة احتقان في عدد من المدن». وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أجلت السلطات التونسية آلاف المهاجرين من وسط مدينة صفاقس إلى مدينة العامرة، لكن تدفق المهاجرين على المدينة الساحلية الصغيرة، التي تبعد 25 كيلومتراً عن صفاقس، أثار غضب السكان، كما تظاهر المئات من سكان العامرة في وقت سابق من الشهر الحالي للمطالبة بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، واشتكوا من تعدي المهاجرين عليهم، وسرقة أمتعتهم ومعداتهم الزراعية، وإتلاف أشجار الزيتون الممتدة في ضواحي المدينة. في سياق متصل، فتح القضاء التونسي تحقيقاً بحق معلقة تلفزيونية، على أثر إدلائها بتصريحات ساخرة حول الوضع في البلاد، على صلة بظاهرة الهجرة غير القانونية للأفارقة، بحسب محاميتها ووسائل إعلام محلية، اليوم الجمعة. وخلال برنامج تلفزيوني على قناة «قرطاج+» المحلية الخاصة، تطرق لأزمة تدفق المهاجرين غير القانونيين إلى تونس، قالت سونية الدهماني، وهي محامية أيضاً، بسخرية: «ما هذه البلاد العظيمة؟»، ردّاً على معلق سياسي آخر كان حاضراً معها في البرنامج دافع عن فكرة أن المهاجرين الأفارقة يريدون التوطن في تونس. وتم تداول هذا التصريح على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعدّه البعض «مهيناً» في حق البلاد. وقالت المحامية، دليلة مصدّق، إن سونية الدهماني تلقت استدعاء للمثول، اليوم الجمعة، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في تونس، دون تحديد أسباب هذا الاستدعاء. لكن الدهماني أكدت لوسائل إعلام محلية رفضها المثول أمام القضاء من دون معرفة أسباب هذا الاستدعاء. ولم تحضر الدهماني للتحقيق، فأصدر قاضي التحقيق المكلف هذه القضية مذكرة توقيف بحقها، رافضاً طلب محاميتها تأجيل جلسة الاستماع. وجاء في القرار القانوني الذي نشرته وسائل إعلام محلية، أن الدهماني تخضع للتحقيق بتهمة «تعمد استخدام شبكات وأنظمة معلومات... بهدف الإضرار بالأمن العام»، بموجب المرسوم 54، الذي ينصّ على «عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام»، وغرامة تصل إلى 50 ألف دينار «لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة، أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة، أو منسوبة كذباً للغير، بهدف الاعتداء على حقوق الغير، أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني». كما يعاقب كلّ من يتعمّد استعمال أنظمة معلومات لنشر «أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو بيانات، تتضمّن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير، أو تشويه سمعته، أو الإضرار به مادياً أو معنوياً أو التحريض على الاعتداء عليه، أو الحثّ على خطاب الكراهية».
تونسيون يتظاهرون أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي رفضاً لسياسات الهجرة
قالوا إن السياسات الأوروبية «جعلت البحر المتوسط مقبرة للمهاجرين»
تونس: «الشرق الأوسط».. شارك نشطاء من المجتمع المدني في وقفة احتجاجية، مساء أمس (الخميس)، أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس العاصمة، للتنديد بالسياسات الأوروبية في مكافحة الهجرة غير النظامية، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». وترفض منظمات مهتمة بالدفاع عن حرية التنقل الضغوط الأوروبية المتزايدة على تونس لتشديد المراقبة على طول السواحل التونسية، ومنع تدفقات الهجرة غير النظامية، إلى جانب القيود المفروضة أصلاً على الهجرة النظامية. وتزامنت الوقفة مع الاحتفال السنوي للبعثة وسائر دول الاتحاد الأوروبي بـ«يوم أوروبا» لإحياء ذكرى تأسيس التكتل، الذي يضم اليوم 27 دولة أوروبية. وقال عماد سلطاني، رئيس جمعية «الأرض للجميع»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «نريد أن نقول: لا، للسياسات الاستعمارية المتسببة في تهجير المهاجرين، ومن بينهم مهاجرو أفريقيا جنوب الصحراء بتونس. ونريد أن نقول أيضاً إن هذا هو العنوان الصحيح، الذي يجب أن نحمِّله المسؤولية في كل ما يقع في هذا الملف بتونس». وتابع سلطاني محتجاً على السياسات الأوروبية للهجرة النظامية: «لأنها هي التي جعلت البحر المتوسط مقبرة للمهاجرين». ويرابط عشرات الآلاف من المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في عدة مدن تونسية. وأساساً في ولاية صفاقس، لتحين فرصة عبور البحر المتوسط إلى الجزر الإيطالية القريبة، ومنها إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي. وغالباً ما يتسبَّب ذلك في حوادث غرق مأساوية، حيث قُدِّر عدد الضحايا والمفقودين قبالة السواحل التونسية في 2023 بأكثر من 1300 ضحية. ومؤخراً كثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي تنسيقها مع تونس لكبح التدفقات من سواحلها، مقابل حوافز مالية واقتصادية. لكن الأعداد الكبيرة للمهاجرين وسط الحقول والغابات، وفي عدة أحياء سكنية، أدَّت إلى توترات مع السكان المحليين. وفي هذا السياق، قال العضو في «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، رمضان بن عمر، إن الوقفة «احتجاج ضد تصدير أزمة المهاجرين إلى تونس، وضد سياسة الابتزاز مع دول جنوب المتوسط». وتطالب جمعيات حقوقية بفتح ممرات آمنة لعبور المهاجرين العالقين في تونس إلى الاتحاد الأوروبي. في سياق متصل، أعلن «مكتب المنظمة الدولية للهجرة»، في تونس، أمس (الخميس)، عن تسهيل العودة الطوعية لـ161 مهاجراً من جامبيا إلى بلادهم. وقالت المنظمة قبل أسبوع إنها بدأت بالتعاون مع السلطات المحلية و«منظمة الهلال الأحمر التونسي» بصفاقس، تسجيل المهاجرين الذين يرغبون في العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية بطريقة آمنة وكريمة بشكل يومي، من خلال برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج. وأوضحت المنظمة أن المهاجرين المسجلين «سيحصلون على العناية الواجبة، بما في ذلك الاستشارة الفردية، وعلى الدعم الطبي المستمر، ومساعدة إعادة الإدماج لبناء حياة جديدة في أوطانهم». وتقطعت السبل بالآلاف من المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في عدة مدن تونسية، وأساساً في ولاية صفاقس، وأصبحوا يعيشون أوضاعاً مأساوية وأمراضاً مزمنة، وسط خيام تفتقر لمياه الشرب والكهرباء والمراحيض ولأدنى مقومات العيش الكريم.
بعد عام من الهجوم على كنيس يهودي: تونس تنفي الصبغة «الإرهابية» ومصادر فرنسية توضح
إجراءات أمنية استثنائية هذا العام في جزيرة جربة
الكنيس اليهودي «الغريبة» في جزيرة جربة التونسية شهد العام الماضي هجوماً مسلحاً... وفي 2002 هجوماً إرهابياً
الشرق الاوسط...تونس: كمال بن يونس.. اتخذت السلطات الأمنية إجراءات أمنية «استثنائية جداً» هذه الأيام بمناسبة موسم «الزيارة السنوية» التي يقوم بها عادة آلاف اليهود التونسيين ومن العالم أجمع للكنيس اليهودي في جزيرة جربة السياحية جنوب شرقي البلاد. ولوحظ رفع حالة الاستنفار الأمني من قِبل القوات الخاصة بلباس مدني وعسكري في جزيرة جربة وبالقرب من المعالم اليهودية التونسية. لكن فعاليات «الزيارة» هذا العام تجري «دون ضجة»، وبمشاركة مئات اليهود التونسيين دون غيرهم، مع إلغاء الاحتفالات الغنائية والراقصة في الشوارع يومي الافتتاح والاختتام لأسباب أمنية عدّة، من بينها تجنب استفزاز الأغلبية المسلمة في هذه المرحلة التي تتواصل فيها الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية وارتفع فيها أعداد القتلى والجرحى.
قرار أمني سياسي
وسبق لإدارة هيئة مهرجان الغريبة اليهودي السنوي برئاسة رجل الأعمال بيريز الطرابلسي ووزير السياحة التونسية السابق روني الطرابلسي أن أصدرت قبل أسابيع إعلاناً بالتنسيق مع السلطات الأمنية والحكومية التونسية تعلن فيه عن «تنظيم كل التظاهرات داخل فضاءات مغلقة وليس في الشوارع والأماكن العامة». ويتزامن الاحتفاء السنوي بموعد هذه الزيارة بالذكرى الأولى «للهجوم المسلح» الذي وقع قبل عام بالضبط على الكنيس اليهودي «الغريبة» وسط جزيرة جربة عندما كان آلاف اليهود من بين حاملي جنسيات مختلفة في تظاهرة ثقافية فلكلورية سياحية ليلية مساء 9 مايو (أيار) 2023. وتسبب الهجوم المسلح، حسب تصريحات أمنية رسمية تونسية، في مقتل اثنين من قوات الأمن وسائحَين يهوديين أوروبيين، أحدهما إسرائيلي. كما قُتل في العملية المهاجم المسلح الذي كان عوناً في الحرس الوطني البحري، بعد أن تدخلت «القوات الأمنية الخاصة» التي نجحت في السيطرة الأمنية الكاملة عليه وعلى الموقع في ظرف 112 ثانية، حسبما أورده وزير الداخلية كمال الفقي في مؤتمر صحافي مباشرة بعد الحادثة. كما أسفر الهجوم عن إصابة 8 مشاركين في الحفل بجروح بسبب تبادل الطلق النار بين المهاجم المسلح والأمنيين عندما بدأ المشاركون في الحفل في مغادرة القاعة المغلقة في اتجاه السيارات المعدة لنقلهم إلى الفنادق السياحية. لكن تدخل قوات الأمن ضمن إخراج الآلاف السياح اليهود من المعبد ونقلهم إلى المنطقة السياحية وإلى المطار أو إلى مدن تونسية أخرى برمجوا فيها زيارات بحكم وجود معالم يهودية ثقافية ودينية فيها.
ليس عملاً إرهابياً
ونفى وزير الداخلية التونسي كمال الفقي في تصريحات عن الهجوم «الصبغة الإرهابية» ورجّح سيناريو «الجريمة» على العملية وعلى الطرف أو الأطراف التي شاركت فيها. كما وصف الرئيس التونسي قيس سعيّد الهجوم المسلح بـ«العمل الإجرامي» واعتبر أن «جهات تستهدف السياحة التونسية واقتصاد تونس وأمنها واستقرارها» قد تكون وراءها. ونفى الرئيس التونسي في كلمة رسمية توجه بها إلى الشعب وإلى الرأي العالمي أن يكون وراء الهجوم «عمل إرهابي» أو «عمل عدائي للسامية» وذكر بكون الأقلية اليهودية عاشت دوماً في تونس في وفاق مع الأغلبية المسلمة بما في ذلك في مرحلة احتلال ألمانيا لتونس في عهد النازيين، بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1942 ومايو 1943. وساهم تجنب سيناريو «التهويل الإعلامي» للهجوم في إنجاح الموسم السياحي السابق وفي تنظيم مؤتمرات دولية في جزيرة جربة وفي مدن تونسية عدّة.
توضيح فرنسي
في المقابل، كشفت مصادر إعلامية فرنسية بمناسبة الذكرى الأولى لهذا الهجوم، عن أن مصالح النيابة العمومية المكلفة ملفات الإرهاب في فرنسا أجرت تحقيقات أمنية وقضائية في الحادثة بسبب وجود «فرنسي بين القتلى». وتوصلت إلى شبهات تهم 4 أشخاص شاركوا في تنظيم الهجوم وتنفيذه، بينهم عون أمن تونسي سابق «يشتبه في علاقته بتنظيم (داعش) الإرهابي و(فتاة) مختصة في علاج النطق»، حسب صحيفة «لوباريسيان» الفرنسية الواسعة الانتشار. كما أورد المصدر نفسه مشاركة «3 متهمين بينهم امرأة» في تقديم دعم لوجيستي لعون الأمن السابق الذي شنّ الهجوم المسلح، بما في ذلك عبر «تسهيلات عبر الإنترنت». وكانت الرواية الأمنية التونسية أعلنت أن المهاجم قتل زميله المسلح في مركز تابع «لخفر السواحل البحري» شرقي جزيرة جربة وافتك منه سلاحه ثم استخدم وسيلة نقله الأمنية بسرعة وتنقل على متنها من المنطقة السياحية شرقي الجزيرة نحو الكنيس اليهودي الذي يبعد نحو 15 كلم. وتمكن من الدخول بسبب الصبغة الأمنية للعربة التي استخدمها ولملابسه الأمنية. لكن عندما أطلق النار مختبئاً وراء أحد الجدران تدخلت «قوات النخبة» وقامت بـ«تحييده».
عمليات إرهابية أخرى
وقد أعادت هذه العملية إلى الأدهان عمليات إرهابية سابقة نُفّذت ضد تجمعات في معالم يهودية في تونس، بينها تفجير شاحنة وقود في 2002 في مدخل الكنيس اليهودي في جزيرة جربة؛ مما تسبب في مقتل 21 سائحاً وعاملاً تونسياً وإصابة عشرات. وتبنى تنظيم «القاعدة» الهجوم واعتبره رداً على العمليات العسكرية الأميركية على أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. كما هاجم عون أمن مسلح الكنيس نفسه في الثمانينات من القرن الماضي «رداً على قصف قوات إسرائيلية مقر القيادة الفلسطينية بتونس في أكتوبر (تشرين الأول) 1985؛ مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى فلسطينيين وتونسيين بينهم أحد أقرباء عون الأمن التونسي». وفي بعض المعالم اليهودية الثقافية والسياحية سجّلت قوات الأمن مراراً هجمات من قِبل «مجهولين» وبعض «السلفيين المتشددين» على تلك المعالم عندما تكون فارغة مع كتابة شعارات معادية للسلطات الإسرائيلية عليها.
برلماني جزائري: حل «ملف الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا سياسي أولاً
نفيسي دعا لإجراءات عملية لطي صفحة الماضي التاريخي الذي أسسه الاستعمار
الجزائر: «الشرق الأوسط».. قال برلماني جزائري إن مشكلة «الذاكرة» لا تزال تهيمن على العلاقات المتداخلة بين الجزائر وفرنسا، وعدّ أن حلها سياسي، رغم محاولة حصرها في طابع تاريخي علمي، داعيا إلى إجراءات عملية لطي صفحة الماضي التاريخي الذي أسسه الاستعمار. وأضاف النائب بالمجلس الشعبي الوطني، سعيد نفيسي، لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أن «العلاقات الجزائرية الفرنسية لها هذه الخصوصية المرتبطة بالتاريخ، وتشابك العلاقات بشريا واقتصاديا سياسيا وأمنيا»، ولا تزال في «حالة مد وجزر»، لا يتوقع أن تنتهي قريبا. مؤكدا أنه بالرغم من وجود إرادة معلنة بين قيادة البلدين لتذليل الصعاب، ومحاولة تجاوز بعض العقبات، تبقى مشكلة الذاكرة بالنسبة للجزائر «قضية مبدئية غير قابلة للتفاوض». كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن تاريخ ذكرى مجازر 8 مايو (أيار) 1945 «يوما وطنيا للذاكرة» في عام 2020. وهي المجازر التي خلفت وراءها نحو 45 ألف قتيل جزائري في يوم واحد في صفوف متظاهرين بكل من سطيف وقالمة وخراطة شرقي العاصمة، حسب المصادر التاريخية الجزائرية، بينما تشير المصادر الفرنسية إلى أعداد أقل. وفي ذلك التاريخ خرجت مظاهرات عارمة في ربوع الجزائر احتفالا بانتهاء الحرب العالمية الثانية، ورفع فيها الشعب الجزائري مطلب الاستقلال. علما أن السلطات الاستعمارية خلال الحرب العالمية الثانية وعدت بمنح الجزائر استقلالها إذا ساعد الجزائريون على تحرير فرنسا من النازية، عبر مشاركتهم في التجنيد في صفوف الجيش الفرنسي، والمشاركة في جبهة القتال. لكن السلطات الفرنسية نقضت عهدها بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وقابلت المظاهرات الجزائرية بالقمع، حيث ارتكبت وحداتها جرائم مروعة في حق المتظاهرين. لذلك يعد تاريخ 8 مايو 1945 محطة مفصلية في تاريخ الجزائر، حيث ينسب كثير من المؤرخين لهذا التاريخ ترسخ فكرة ضرورة تفجير ثورة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي لنيل الاستقلال، بعدما تبين للسياسيين والناشطين الجزائريين آنذاك أن فرنسا لن تعطي للجزائريين استقلالهم دون كفاح مسلح، لتندلع بذلك ثورة التحرير بعد نحو 10 سنوات في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1954.
الاعتراف بالتاريخ
أشار الرئيس الجزائري أكثر من مرة إلى مسألة «الذاكرة»، وتحدث عنها مجددا بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة والسبعين لمجازر 8 مايو 1945، حين قال في خطاب للشعب: «إن ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية». وأضاف تبون قائلا: «وإنني في الوقت الذي أؤكد فيه الاستعداد للتوجه نحو المستقبل في أجواء الثقة، أعد أن المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال الإجراءات والمساعي المتعلقة بهذا الملف الدقيق والحساس، وما يمثله لدى الشعب الجزائري الفخور بنضاله الوطني الطويل، وكفاحه المسلح المرير». وفسر نفيسي تصريحات تبون بما يراه الطرف الجزائري من ضرورة «الاعتراف بالتاريخ، ورد المظالم وإظهار الحقيقة كما هي، فهناك استعمار ظلم الجزائر، ونكل بأبنائها، وسلب ثرواتها وعطل تنميتها، وهناك شهداء ضحايا الاستعمار الوحشي». مضيفا أن «الحقوق لا تذهب بالتقادم، والاعتراف هو أقل واجب، ومشكلة الذاكرة ستبقى محل نقاش رغم محاولة إبعادها عن طابعها السياسي إلى طابعها التاريخي العلمي، لكن نهايتها ستكون سياسية، وتوجيها سياسيا». وشكل الرئيس الفرنسي لجنة يرأسها المؤرخ الفرنسي ذو الأصول اليهودية المولود بالجزائر، بن يامين ستورا، للإشراف على تقرير تاريخي حول الاستعمار والحرب التحريرية بالجزائر، سلمه في 2021 للرئيس الفرنسي، بينما كلف الرئيس تبون المؤرخ الجزائري عبد المجيد شيخي بمتابعة ملف الذاكرة، وهو الذي كان يصر على ضرورة استرجاع الأرشيف الجزائري من فرنسا لفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر من سنة 1830 إلى 1962. غير أن نفيسي يرى أن الإرادة السياسية لدى الطرف الفرنسي ما زالت دون المستوى المطلوب، لكنه أكد أن الإصرار على الحقوق هو «المخرج الوحيد لاسترجاعها والحصول عليها».
سجال سياسي
لا يزال ملف الذاكرة محل سجال سياسي بين الطبقة السياسية الجزائرية ونظيرتها الفرنسية، خاصة من تيار اليمين المتطرف، الذي يرفض أن تعترف فرنسا بالجرائم المرتكبة في مستعمراتها، في حين لوح سياسيون جزائريون بمبادرة لسن قانون يجرم الاستعمار، ردا على إصدار الجمعية الوطنية الفرنسية قانونا في 23 من فبراير (شباط) 2005 يمجد الاستعمار. كانت حركة «مجتمع السلم» قد طرحت منذ 19 عاما مقترح قانون يجرم الاستعمار الفرنسي لكنه بقي حبيس أدراج البرلمان الجزائري. وقالت الحركة في بيان: «نحن في حركة مجتمع السلم نحمل في رصيدنا النضالي والفكري ذاكرة الشعب الجزائري المتمسكة بتجريم الاستعمار، وعدم التنازل عن مطالب الاعتراف بالجرائم، والاعتذار للشعب الجزائري والتعويض للضحايا». وأكدت الحركة أن ملف الذاكرة «لا يسقط بالتقادم ولا يقبل الابتزاز والتنازل، ولا يمكن الحديث عن تجاوز مرحلة دموية ووحشية إلى مرحلة نسيان وطمس للذاكرة، والحلم بعلاقات طبيعية ومزدهرة مع مستعمر قديم، لم يغير من ثقافته وسلوكه». لكن السلطات الفرنسية قامت هذا العام بخطوة مهمة في مسار ملف الذاكرة، حين صادقت الجمعية الفرنسية في نهاية مارس (آذار) الماضي على قرار يدين مجزرة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1961 في باريس، والتي راح ضحيتها نحو 300 متظاهر جزائري، حسب تقديرات المصادر التاريخية الجزائرية، بينما تقر السلطات الفرنسية بمقتل 40 متظاهرا ألقيت جثثهم في نهر السين بباريس. وأدرج 17 أكتوبر ضمن الأيام الوطنية الفرنسية، تخليدا لضحايا قمع الشرطة لمتظاهرين جزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة آنذاك موريس بابون. لكن نوابا من اليمين المتطرف رفضوا ذلك القرار، بينما تزامن تصويت البرلمان الفرنسي عليه مع إعلان الرئاسة الفرنسية عن زيارة تبون إلى فرنسا. كان الرئيس الجزائري قد تحدث منذ شهر عن زيارته المرتقبة إلى فرنسا في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل على أنها موعد مع التاريخ، مؤكدا سعيه لإعادة تأسيس العلاقات مع الرئيس الفرنسي، لكنه شدد على عدم التنازل عن أي جزء من ملف الذاكرة. في هذا السياق، يرى البرلماني الجزائري نفيسي أن فرنسا «تعيش مرحلة تخبط في موضوع التاريخ والهوية لأن هناك جيلا جديدا لم يعد بالمرونة والسهولة، التي كانت عليها الأجيال السابقة، حيث توجد موجة ارتباط بالهوية الأم في العالم كله». مشيرا إلى أن فرنسا فيها جالية كبيرة مسلمة عربية، فيما الجالية الجزائرية الرسمية تتجاوز مليونين ونصف المليون، لذلك بدأت فرنسا تدخل في صراعات غير معلنة مع هويات الشعوب التي تقيم على أرضها، على حد قوله. وعدّ نفيسي أن هناك مؤشرا على إرادة فرنسا تثبيت هويتها في بعدها المسيحي على حساب الهويات الأخرى. وقال موضحا: «النيات وحدها لا تكفي في مسألة الذاكرة، فلا بد من إجراءات عملية لطي صفحة الماضي التاريخي، الذي أساسه الاستعمار والتدمير والنهب، ومعالجة المستقبل برؤية يكون فيها عدم إنكار الماضي، وفيها عقلية تشاركية، بعيدا عن الاستعلاء وتراعي مصلحة البلدين».
حزب جزائري يطالب بمقاضاة فرنسا لـ«ارتكابها حرب إبادة»
مقترح قانون بفرنسا لاعتراف الدولة بمسؤوليتها عن مذابح الجزائر
الجزائر: «الشرق الأوسط».. بينما أطلقت برلمانيات فرنسيات مساعي لدفع الدولة الفرنسية للاعتراف رسمياً بمسؤوليتها عن مذابح مروعة ارتكبها الاستعمار في الجزائر عام 1945، خلال أحداث صاحبت الاحتفال باستسلام النازية، طالبت «حركة البناء الوطني» الجزائرية، المشاركة في الحكومة، بملاحقة فرنسا قضائياً بتهمة «ارتكاب حرب إبادة». وطالب عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطني»، في بيانٍ الجمعة، بـ«متابعة وملاحقة المُـحتل الفرنسي على ما اقترفه من جرائم إبادة ضد الشعب الجزائري»، مؤكداً أن حزبه المؤيد لسياسات الرئيس تبون، «يعد ما حدث في 8 مايو (أيار) عام 1945 جريمة حرب إبادة مكتملة الأركان، تضاف إلى التاريخ الأسود الطويل للاستعمار، الذي لن تسقط جرائمه بالتقادم». ودعا بن قرينة، وهو وزير سابق، إلى الوقوف في جبهة واحدة، ضد من يحاولون المساس بسيادة البلد والتحرش باستقلاله»، من دون توضيح من يقصد. في سياق ذي صلة، أعلنت البرلمانيات المنتميات لليسار الفرنسي: صبرينة صبايحي، وفتيحة حاشي (من أصول جزائرية) وإيلزا فوسيون ودانيال سيموني، في بيان مكتوب نقلته وسائل إعلام فرنسية، الخميس، عن تأسيس «فوج» عمل لإعداد مقترح قانون يتضمن اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها عن قمع «مظاهرات الثامن من مايو 1945»، التي جرت في ثلاث مدن بشرق الجزائر، وذلك بمناسبة احتفال أوروبا، وفرنسا بالتحديد، بالانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية. كما يتضمن المسعى اعترافاً رسمياً بقتل آلاف المتظاهرين بعد اعتقالهم وتعذيبهم، وفق ما جاء في تصريح البرلمانيات، اللاتي أكدن أن مقترح القانون سيتم إيداعه بمكتب «الجمعية الفرنسية» (غرفة التشريع) مطلع عام 2025. والمعروف أن البرلمانية صبايحي، النائبة عن حزب «الخضر»، كانت قد نجحت في إقناع البرلمان بالمصادقة على لائحة في مارس (آذار) الماضي، تدين قتل عشرات المهاجرين الجزائيين في باريس في 17 من أكتوبر (تشرين الأول) 1961، عندما خرجوا إلى شوارعها في مظاهرة سلمية ضد قانون عدّوه عنصرياً، يفرض منع التجوال. وكانت ثورة التحرير الجزائرية (1954 - 1962) يومها في منعطفها الأخير. وطالبت البرلمانيات بتمكين الباحثين في التاريخ من الوصول إلى الأرشيف الخاص بهذه المذابح، وإدراجها في مقررات التعليم الفرنسي؛ «بهدف تسهيل تناقل هذه الأحداث التاريخية احتراماً لواجب الذاكرة». كما أكدت البرلمانيات أن «الـثامن من مايو 1945 شهد احتفال الشعب الفرنسي بالهدنة واستعادة السلام، والانتصار على النازية، بينما كانت اندلعت في الوقت نفسه أعمال قمع دموية ضد مظاهرات قومية مطالبة بالاستقلال، ومعادية للاستعمار في سطيف وقالمة وخراطة بالجزائر». وتضمنت وثيقة البرلمانيات تصريحاً للسفير الفرنسي في الجزائر سابقاً، هوبر كولين دوفارديار، يعود إلى عام 2005، وصف فيه المجازر بـ«مأساة لا تقبل الاعتذار». وقالت البرلمانيات إن «الوقت حان للذهاب أبعد من هذا»، في إشارة إلى أن ما وقع في تلك الأحداث يستحق موقفاً رسمياً أقوى من الإدانة. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد في خطاب بمناسبة مرور 79 سنة على الأحداث أن «ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية». في إشارة، ضمناً، إلى أن بلاده تتمسك بمطلبها اعتراف فرنسا بـ«ارتكاب جريمة ضد الإنسانية» خلال احتلالها الجزائر (1830 – 1962)، وتقديم الاعتذار عنها رسمياً. يشار إلى أن البلدين يسعيان منذ قرابة عامين إلى تسوية «قضية الذاكرة وآلام الاستعمار»، في إطار «لجنتين» يقودهما باحثون في التاريخ.
موريتانيا ومالي تبحثان حلولاً لأزمة الحدود والاضطرابات الأمنية
نواكشوط اشتكت من توغل الجيوش المالية وميليشيا «فاغنر» الروسية
عمدت موريتانيا لتكثيف وجودها العسكري على الحدود مع مالي بعد الاشتباكات المسلحة الأخيرة بين الجانبين (أ.ف.ب)
نواكشوط: «الشرق الأوسط».. أعلنت القيادة العامة لأركان الجيش الموريتاني أن قائدي الأركان في مالي وموريتانيا بحثا خلال جلسة عمل، مساء الخميس، في نواكشوط التوترات والأوضاع الأمنية في مناطق الحدود، حسبما أوردت وكالة الأنباء الألمانية. وأفاد بيان لأركان الجيش الموريتاني نُشر على الموقع الرسمي للجيش أن قائد أركان الجيش، المختار ولد بله شعبان، ونظيره المالي عمار ديارا، الذي يزور موريتانيا على رأس وفد عسكري كبير، «بحثا وناقشا تشخيص المشكلات والمخاوف الأمنية للطرفين في جوٍّ من الشفافية، والمكاشفة لإيجاد حلول مستدامة، تُمكِّن من وضع آلية لتجنب الحوادث الأخيرة في المستقبل، وتأمين الحدود المشتركة». وأضاف البيان موضحاً أن الوفدين عبّرا عن «أهمية الاتفاق على تدابير أمنية ملموسة تضمن عودة الهدوء والسكينة إلى المناطق الحدودية، وتُمكّن من حماية المصالح الحيوية التي تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين». ووصل الوفد العسكري المالي إلى موريتانيا على وقع توترات أمنية وتوغلات عسكرية للجيش المالي، وميليشيا «فاغنر» الروسية المتحالفة معه داخل الأراضي الموريتانية، وإجراء موريتانيا مناورات عسكرية لقواتها المسلحة في مناطق التوتر. يُذكر أن عشرات المدنيين الموريتانيين لقوا حتفهم على يد الجيش المالي وميليشيا «فاغنر» داخل الأراضي المالية، وبسبب ذلك احتجت الحكومة الموريتانية بلهجة حادة، وحذرت على لسان وزير النفط الناطق باسم الحكومة، الناني ولد اشروقة، من أنها ستردّ الصاع صاعين لمن يتوغل في أراضيها، وقالت إن «قواتنا جاهزة للدفاع عن التراب الوطني ضد أي تدخل خارجي... وستردّ الصاع صاعين لكل من فعل ذلك عن قصد». في إشارة إلى التوغلات المتكررة للجيش المالي وميليشيا «فاغنر» الروسية التي تدعمه. وأضاف ولد اشروقة في مؤتمر صحافي أن موريتانيا ستتعامل مع أي حادثة اعتداء على مواطنيها حسب نوعيتها، سواء كانت داخل التراب الوطني أم خارجه. وجاء تصريح الوزير بعد توغل قوة من الجيش المالي وميليشيا «فاغنر» الروسية مرتين خلال أسبوعين داخل قرى حدودية موريتانية، والاعتداء على مواطنين موريتانيين وإتلاف ممتلكاتهم. وتُلاحق «فاغنر» والجيش المالي المسلحين ضمن عملية شاملة تنفّذها مالي منذ أشهر للقضاء على الجماعات الإرهابية، ومقاتلي جبهات وحركات تحرير إقليم ازواد شمالي مالي، الذي تسكنه غالبية من العرب والطوارق. كما جاءت هذه التصريحات الحادة اللهجة بعد أيام من اندلاع احتجاجات وأعمال تخريب استهدفت الرعايا الماليين في مدينة باسكنو أقصى الشرق الموريتاني، على الحدود مع مالي، بعد إقدام مقيم من مالي على قتل مواطن موريتاني في هذه المدينة. وعلى أثر ذلك، تدخلت قوات الأمن الموريتانية لمنع استهداف الماليين، ووفَّرت حماية لهم في أماكن عملهم، مما أدى بالمواطنين الغاضبين إلى إحراق ممتلكات ومواشٍ تعود ملكيتها للماليين. مطالبين باعتقال مرتكب جريمة القتل، المالي الجنسية، وتقديمه للعدالة. وترجع حادثة القتل لأسباب اجتماعية، وحدوث شجار بسبب علاقة عاطفية تربط أحدهما بسيدة من مالي تقيم في هذه المدينة، التي تبعد عن العاصمة نواكشوط بنحو 1400 كيلومتر. ويقيم في باسكنو عدد كبير من الماليين يمارسون أعمالاً متنوعة، منها التجارة والأعمال الحرفية.
كيف يُمكن لديبي تفادي «الأزمات الداخلية» في تشاد؟
عقب إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية
القاهرة: «الشرق الأوسط».. أثار فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي، بالانتخابات الرئاسية التي جرت (الأحد) و(الاثنين) الماضيين، تساؤلات حول قدرته، على تفادي الأزمات الداخلية التي شهدتها البلاد خلال الفترة الانتقالية مدتها 3 سنوات. وعدّ محللون وخبراء اختصاصيون في السياسة الأفريقية، أن رئيس المجلس العسكري التشادي «يحظى بتوافق داخلي» يمكن استثماره في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلاد. ووفقاً لنتائج رسمية أولية، أعلنت اللجنة الانتخابية فوز ديبي، في الانتخابات بحصوله على 61.03 في المائة من إجمالي الأصوات، متفوقاً على أقرب منافسيه رئيس وزرائه السابق سيكسيه ماسرا، الذي حصل على 18.53 في المائة من الأصوات، وهو ما يعني فوز ديبي من الجولة الأولى. وجرت الانتخابات بين 10 مرشحين؛ أبرزهم محمد إدريس ديبي، وماسرا. ويتبقى تصديق المجلس الدستوري على نتائج الانتخابات، وإعلانها بشكل نهائي يوم 21 مايو (أيار) الحالي، وفقاً للخريطة الزمنية المعلنة للانتخابات.
محيط إقليمي مضطرب
وأنهت الانتخابات الرئاسية في تشاد فترة انتقالية عمرها 3 سنوات، برئاسة المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد، عقب مقتل الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي، في أبريل (نيسان) 2021. وجرت الانتخابات التشادية في محيط إقليمي مضطرب، ما بين «انقلابات» في بعض دول منطقة الساحل الأفريقي، وتوترات الأوضاع بدول جوار تشاد من بينها السودان وليبيا، وعدّ المحلل السياسي التشادي صالح يونس أن «التطورات الإقليمية تؤثر بالسلب على الأوضاع الاقتصادية والأمنية في تشاد، وينتج عن ذلك تحديات سيستوجب على ديبي مواجهتها». وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تشاد «تمر بمرحلة صعبة وحرجة منذ وفاة (ديبي الأب)، ومنذ بدء الفترة الانتقالية كانت هناك تحديات تتعلق بالمعارضة الداخلية والمعارضة المسلحة، التي شاركت في (حوار وطني) داخلي انتهى بخريطة طريق تمهد للانتخابات الرئاسية».
المصالحة الوطنية الداخلية
وتعهد (ديبي الابن) خلال حملته الانتخابية بتعزيز الأمن، وسيادة القانون، وزيادة إنتاج الكهرباء، وإكمال عملية الانتقال السياسي التي بدأت في البلاد منذ 3 سنوات. لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة، الخبير في الشأن الأفريقي الدكتور حمدي عبد الرحمن، عدّ «التحدي الأساسي أمام الرئيس التشادي الجديد، قدرته على استكمال المصالحة الوطنية الداخلية، ذلك أن جلسات (الحوار الوطني) الذي تم عقده في تشاد لم تشارك فيه الجماعات المسلحة وأحزاب المعارضة والمنظمات المدنية كافة، بجانب الخلاف بين القبائل بسبب سيطرة قبيلة (الزغاوة) على الحكم منذ 30 عاماً». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك توترات على مستوى النخبة الحاكمة وداخل أسرة الرئيس نفسه، خصوصاً بعد اعتقال عمه في مارس (آذار) الماضي، ومقتل ابن عمه رئيس الحزب الاشتراكي المعارض في فبراير (شباط) الماضي». ويرى عبد الرحمن أن «نقطة البداية أمام ديبي هي استكمال المصالحة الداخلية وتحقيق الاستقرار داخل النخبة الحاكمة»، ولفت إلى أن الأخير «يمتلك بُعداً قبلياً يمكن استثماره، حيث ينتمي لقبيلة (الزغاوة) من جهة والده، وفي الوقت نفسه يحمل انتماء لقبيلة (التبو) من ناحية الأم».
مواجهة التحديات الاقتصادية
استطاع الرئيس التشادي الجديد أن يصمد أمام تحديات الفترة الانتقالية خلال الثلاث سنوات الماضية، وهو ما أشار إليه المحلل التشادي صالح يونس، عادّاً أن الرئيس الجديد «شخصية توافقية للتشاديين، كما حصل على مباركة الغرب، خصوصاً فرنسا صاحبة النفوذ الكبير في تشاد ومنطقة الساحل». ورغم أنه أشار إلى أن «هذه الأبعاد ستمكنه من التعامل مع تحديات المصالحة الداخلية والتحديات الأمنية»، لفت عبد الرحمن إلى صعوبة الملف الاقتصادي بسبب الأوضاع الإقليمية المحيطة، وكثرة تدفق اللاجئين السودانيين لبلاده. وتمتلك تشاد قدرات اقتصادية كثيرة تمكنها من مواجهة التحديات الاقتصادية، وهو ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد، وقال إن «توزيع عوائد النفط بشكل عادل، سيسهم في تحقيق التنمية وتوزيع الخدمات العامة على جميع المواطنين، وبالتالي يسهم في التخفيف من وطأة التوترات المجتمعية». وأشار إلى «تنامي حالة عدم الرضا بسبب عدم تقاضي الأجور، وبسبب ضعف الخدمات الصحية، حيث تصنف تشاد من أسوأ مؤشرات الرعاية الصحية في العالم». وتعد تشاد دولة محورية في الحرب على الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي، وتمثل قاعدة مهمة للوجود الفرنسي والغربي في منطقة الساحل، وأوضح عبد الرحمن أن هناك اهتماماً غربياً وإقليمياً باستقرار تشاد، خصوصاً أنها «تمثل رأس حربة بمنطقة الساحل في مواجهة الإرهاب»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى ضرورة «تنويع الرئيس الجديد لعلاقاته الخارجية مع دول أخرى غير الغرب».