"الإسلاموفوبيا" أعلى مراحل الممانعة الإقليمية

تاريخ الإضافة الإثنين 18 تموز 2011 - 7:25 ص    عدد الزيارات 561    التعليقات 0

        

وسام سعادة
أوقع ربيع الشعوب العربية جبهة قوى الممانعة والمقاومة في أحابيل سرابها. فعندما باغت الربيع جميع الأنظمة دون استثناء، ابتداء من الشمال الإفريقيّ، لم تشغل هذه التشكيلة من القوى نفسها لا بالتدبّر ولا بالتحسّب. استبدّ بها وهْم الإطمئنان إلى منعة أنظمتها.
وإذا كان من البديهيّ أن ينتاب القلق حالة أي نظام تسلّطي يتابع وقائع إنهيار نظام تسلّطي آخر، إلا أنّ أنظمة الممانعة حاولت أن توحي في البداية أنّها ستكون بمنأى عن الزلزال الكبير وتداعياته، حتى انطبق عليها وصف الآية الكريمة "وظنّوا أنّهم مانعتهم حصونهم من الله".
أكثر من ذلك، سارعت المنظومة المشكّلة أساساً من "الأصلين" أي النظامين الإيراني والسوريّ، و"الفروع" التي في طليعتها "حزب الله"، إلى الإيحاء بأنّ الزلزال الكبير يصبّ في مصلحة الممانعة، بل ينهل من أدبيّاتها، وينبثق منها كما مينرفا من رأس جوبيتر، وأنّه زلزال كفيل بالنتيجة بتوسيع "جغرافيا الممانعة" لتمتد من مشهد إلى القيروان، ومن بحر قزوين إلى باب المندب.
ويومها حاولت قوى "الممانعة والمقاومة" مداراة الظاهرة الأساسية المتمثّلة بانعدام شعارات "العقل الزحفي" في تونس ومصر واليمن وليبيا لمصلحة شعارات تذكّر بثورات شرق أوروبا. وإذا كان الحضور الحيويّ لـ "التيّار الدينيّ" مدعاة لطائفة من الأسئلة والهواجس (الشريعة والدستور، الحريات العامة والخاصة، المؤسسة الدينية والتيّار الدينيّ، المسألة القبطية، السياسة الخارجية الجديدة)، فإنّ قوى الممانعة راحت تكيل المدائح على هذا الحضور في البداية، واعتبرته مظهراً مباركاً من مظاهر إسقاط "عصر كامب ديفيد". وراء محمد البوعزيزي وخالد سعيد، جهدت قوى "الممانعة والمقاومة" وهي تبحث عن سراب خالد الاسلامبولي. وصل الأمر بنظام الملالي الإيراني إلى مستوى الحديث عن ولادة "شرق أوسط إسلامي" ما اضطرّ بعض من رموز التيّار الدينيّ في مصر إلى التبرؤ من هذه الشبهة.
ولم تمض أسابيع قليلة في أعقاب ذلك حتى تبدّل المشهد كلّياً، فجهدت قوى الممانعة بدلاً من ذلك، وحال انطلاقة الثورة الشعبية السوريّة، إلى الإستعانة بخطاب "رُهاب الإسلام" أو "الإسلاموفوبيا"، بقصد استحلال دم المواطنين الثائرين السلميين، وأثّر المشهد السوريّ المزلزل على عقول وألسنة سائر الممانعين. في البداية كانوا يستثنون الربيع السوريّ من مدائحهم للربيع العربيّ بشكل عام، ثم غدوا يقزّمون الربيع العربيّ بشكل عام ويرجمون الربيع السوريّ بشكل خاص.
والمؤسف في هذا المجال أن يتبرّع شاعر الحبّ الأبديّ لجائزة نوبل من طرف واحد، فيدلي بدلوه، لمصلحة تحريك فزّاعة "الإسلاموفوبيا" بوجه شعب بطل ما عادت ترهبه "الجرائم ضدّ الإنسانية". وتمثّل هذا التحريك بتلاعب فظّ في المفاهيم، فصار رفض الأكثرية للإضطهاد الفئويّ المزمن الممارس بحقّها هو "الفتنة" بدلاً من أن يكون الإضطهاد الفئويّ هو "نظام الفتنة"، وصار الاستبداد مبرّراً له "إلى الأبد" بحجّة أنّه خير للأقلية أن تستبدّ "وقاية".
ولمّا كان خطاب الممانعة قد تسلّح بـ "الإسلاموفوبيا" لمواجهة عاصمة الحريّة في العالم اليوم، أي مدينة حماه المحرّرة على نهر العاصي، فقد جاءت زيارة السفيرين الأميركي والفرنسيّ لتُفقد هذا الخطاب سلاحه. قبل ذلك كان الممانعون يوهمون أنفسهم بأنّهم إن رموا قرية من القرى بتهمة أنّها "قندهار" أو "تورا بورا" استحلّوا دم أهلها وصمت العالم أجمع متواطئاً معهم. ثمّة ما تبدّل هنا، وبشكل أساسي.
إلا أنّ اللافت حقاً، أنّ لجوء الممانعين الأشاوس إلى "الإسلاموفوبيا" و"تحالف الأقليّات" في وجه حقّ الشعوب في التحرّر من الإستبداد ظلّ يقترن بالمعاداة الأيديولوجية الشديدة من جانب هؤلاء الممانعين لكافة القضايا التي تتعلّق بتقرير المصير، وكان المثال الأخير هو إدانة "قوى الممانعة والمقاومة" لميلاد الدولة الفتية جنوب السودان بدعوى أنّها "اسرائيل جديدة". وفي لبنان أيضاً، يجمع الممانعون بين "الإسلاموفوبيا اللاسنّية" من ناحية، وبين "المارونوفوبيا" التي يشهرونها خصوصاً ضدّ "مسيحيي 14 آذار" الذين اتهمهم زعيم حزب السلاح بالترويج للفتنة قبل بضعة أسابيع، أو يشهرونها بوجه كافة مسيحيي لبنان، كما حدث مؤخراً في بلدة لاسا، وما حدث في لاسا ليس بقليل.

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,742,495

عدد الزوار: 7,766,517

المتواجدون الآن: 0