بعد 200 سنة مترنيخ يظهر في تركيا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 19 تموز 2011 - 7:21 ص    عدد الزيارات 595    التعليقات 0

        

تقرير إخباري
بعد 200 سنة مترنيخ يظهر في تركيا
المصالح الكبرى المتحركة على <أرض التناقضات> في الشرق العربي؟

في قلب الأحداث العاصفة في ما كان يُعرف <بالشرق الأدنى>، لا سيّما سوريا والعراق ولبنان وفلسطين والأردن، وشمال أفريقيا، لا سيّما ليبيا، التي تُعيد صناعة واقعها في ضوء ولادة دولة جنوب السودان، وتجدُّد أوار المواجهة في ميدان التحرير بالقاهرة، بين شباب ثورة <25 يناير> والمجلس العسكري الحاكم، في قلب الأحداث الجارية هذه، تتشكّل <استراتيجيات> مع تقدُّم عقود القرن الحادي والعشرين، شبيهة بتلك التي عرفتها <أوروبا الهرمة> بُعيد منتصف القرن التاسع عشر، عندما كانت أوروبا مركز القيادة في العالم، تتصارع عبر صعود الإمبراطوريات وانهيارها على أرض القارة وخارجها، للسيطرة على المجال الحيوي لأوروبا الصناعية، وبناء مجالات حيوية في عموم آسيا وأفريقيا، ليس بحثاً عن الأسواق لتصريف الإنتاج، وإنما لبناء إمبراطوريات كبرى، تلعب بالأحداث العالمية، خارج التوازنات، وفي صميمها··

في أوروبا القرن التاسع عشر كانت السياسة ولعبة المصالح تتحكّم بها عوامل إضعاف دور فرنسا التي حصدت المكاسب الإقليمية الهائلة في عهدي الثورة والإمبراطورية (إشارة إلى نابليون بونابرت)، وتحالف الملكيات والمرجعيات للحفاظ على لعبة التوازن، وتحديد أنصبة الدول الكبرى بعد تقسيم القارة، من إنكلترا إلى روسيا والنمسا وبروسيا، فضلاً عن إعطاء بقايا العظام للدول الصغرى كإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وأسوج وسويسرا·

وفي خضم التوازنات هذه، بقيت النزعات التحررية والثورات تشغل القارة، فضلاً عن تنامي النزعات القومية، التي يلعب الدين فيها دوراً مقرّراً للسياسات والتحالفات·

كانت بريطانيا حينذاك تقود سياسة غير متفقة مع روسيا والنمسا وبروسيا بمواجهة فرنسا صاحبة الأفكار التحررية والثورية، والتي اكتسحت أوروبا من أماكن عدة لنشر المبادئ الجديدة، ضمن توسّع إمبراطوري، وبرز في خضم المرحلة تلك <مترنيخ> مستشار النمسا، (1773-1859)·

صاحب خطة قادرة على توليد <حلف مقدّس> ضد فرنسا عبر إقناع الدول الأخرى بـ:

1- تكتيل القوى ضمن خطة معيّنة·

2- الحفاظ على حدود الدول كما اختطها مؤتمر فيينا·

3- إظهار النمسا كحكم أوروبي، أو قوة معنوية قادرة على حفظ السلام في القارة

· 4- تكريس النظم الاجتماعية والسياسية القائمة قبل الثورة الفرنسية·

5- اللجوء إلى القوة إذا اقتضى الأمر··

لنعد إلى الشرق الأدنى، الذي هو جزء من الشرق الأوسط، الذي يشمل إلى بلدان العرب، تركيا وإيران وباكستان عند حدود الهند والصين وروسيا الاتحادية، فماذا في المشهد:

1- تفاقم الريبة بين الدول العربية وإيران المتهمة بصاحبة المشاريع الهادفة إلى الهيمنة على عموم الوضع العربي، لا سيّما بين إيران والمملكة العربية السعودية، حيث تعتبر الأخيرة أن البحرين والكويت تعتبران <قضية مصيرية لها، لأنهما تشكلان آخر خطوطها الدفاعية> (حسب أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية)، فضلاً عن تحدّي اليمن والبرنامج النووي الإيراني·

2- يمثّل المشروع الإيراني، الصاعد، سواء في مجالات التكنولوجيا أو الأسلحة أو النفوذ أكبر تحدٍّ لغالبية الدول العربية، لا سيّما الخليجية منها· فإيران تسيطر على 80% من العراق وتبذل جهوداً لئلا ينهار النظام في سوريا·

فالإنسحاب الأميركي المتوقّع من العراق، يشكّل أرضية لضغط كبير من الاستقطاب التحالفي والتسلحي لمواجهة ما يمكن اعتباره (من وجهة النظر المذكورة سابقاً) بالفرصة السانحة لملء الفراغ، ضمن استراتيجية إيرانية منذ ما قبل الشاه تقضي بالامتداد الى الهلال الخصيب ومنطقة الشام وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط··

وفي هذا الإطار، تُفهم دلالة ما ذكرته صحيفة <ليزيكو> الفرنسية الاقتصادية من أن القيادة الإيرانية أقرّت تقديم مساعدة مالية بقيمة 5.8 مليارات دولار تشمل قرضاً لأجل ثلاثة أشهر بقيمة 1.5 مليار دولار يتم توفيره فوراً·

والخطوة التي بقيت في السرية ضمن الاستراتيجية الإيرانية، تقضي أيضاً بإرسال 290 ألف برميل من النفط يومياً إلى سوريا، بدءاً من الشهر المقبل، والمساعدة على تعزيز إجراءات مراقبة الحدود لمنع السوريين من الفرار إلى لبنان وبحوزتهم أموال··

3- تتحرك الولايات المتحدة، ضمن مسار المخاوف والشكوك المتصاعدة في ترتيب وضع يسمح ببيع الأسلحة، وعقد التحالفات، لإنعاش الاقتصاد الأميركي، الذي تهدّد تداعيات العجز عن سداد ديونه إلى <ارتفاع الفوائد والمضاربات الواسعة في البورصات العالمية، ليس في الولايات المتحدة وحدها، بل أيضاً في مجمل الاقتصاد العالمي>، على حدّ تعبير كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي الأحد ما قبل الماضي··

4- بالمقابل، تبحث روسيا والصين عن مصالح متبادلة مع إيران والعراق، والمحور الذي يدور في فلك السياسة الإيرانية، التي تتجاهل <لعبة المصالح المتوازية في الخليج> وتذهب إلى المدى الأخير في سياسة الهيمنة··

وفي هذا الخضم، تشكّل الثورات المتنامية في المنطقة العربية، ألغازاً صادمة ومحيِّرة، للكثير من المراقبين والمتابعين، لدرجة أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ذهبت في أحدث تصريحات لها حول سوريا للقول أنها لم تعد تعرف تماماً ما يجري في سوريا، وكيف ستتطوّر الأمور، وما إذا كان بإمكان المعارضة أن تحدّد مسار النظام··

وحده أحمد داود أوغلو، الذي يمارس في الشرق الأوسط <أرض التناقضات> سياسة تُذكِّر بسياسة مترنيخ، مستشار النمسا· فاسطمبول اليوم تشبه فيينا (القرن 19) في استضافة المؤتمرات التي تبحث في مصير الأنظمة العربية، وبناء سياسة التوازنات الجديدة·· فأنقرة، حزب العدالة والتنمية، لا تثير قلق العرب المعتدلين، وهي قبلة التنسيق بين الولايات المتحدة، والمجموعة الأوروبية، والعضو في حلف <الناتو>·

إن في منطقة، تصنع فيها السياسة عناصر مختلطة من التاريخ والدين والهوية والمصالح، مرشحة لصراعات إقليمية ودولية واسعة، من المؤكد أن أوغلو سيلعب فيها دور مترنيخ وإلى وقت بعيد؟!

 

 


 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,749,345

عدد الزوار: 7,766,658

المتواجدون الآن: 0