المصالحة الفلسطينية: تحرك لكن مراوحة في المكان

تاريخ الإضافة الأربعاء 20 تموز 2011 - 5:49 م    عدد الزيارات 548    التعليقات 0

        

المصالحة الفلسطينية: تحرك لكن مراوحة في المكان

Middle East Report N°11020 يوليو 2011

 

 

الملخص التنفيذي والتوصيات

فاجأت حماس وفتح الجميع بإعلانها في 27 نيسان/إبريل عن التوصل إلى اتفاق مصالحة. ما كان قد تم تأجيله منذ استولت حماس على غزة عام 2007 ومنذ طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من سلام فياض تشكيل حكومة في الضفة الغربية تم إنجازه في ساعات في القاهرة. ترافقت الصدمة مع انعدام اليقين بشأن ما تم الاتفاق عليه والاتجاه الذي سيأخذه الاتفاق. هل ستتوصل الفصائل إلى إستراتيجية وطنية وتوحِّد المؤسسات المنقسمة؟ أم أن الاتفاق سيرسخ الوضع الراهن؟ تبين أن حتى السيناريوهات الأكثر تشاؤماً كانت متفائلة. تعثرت المصالحة عندما واجهت العقبة الأولى – تسمية رئيس الوزراء – رغم أن تلك ليست القضية الخلافية الوحيدة. لا يريد أياً من الجانبين الاعتراف بالفشل، وبالتالي فإن من المرجح أن يتم تجميد الاتفاق بدلاً من التخلي عنه، وترك الباب موارباً للسماح بالحركة. المطلوب من الجميع، من الأطراف الفلسطينية لكن أيضاً من الولايات المتحدة وأوروبا، الإقرار بأن المصالحة ضرورية للطرفين للحد من مخاطر العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين والمساعدة في الخروج بقيادة فلسطينية قادرة على التوصل إلى السلام مع إسرائيل وتنفيذ هذا السلام.

يمثّل اتفاق المصالحة الموقّع في 4 أيار/مايو عدة اتفاقات في اتفاق واحد: وثيقة المصالحة المصرية، التي وقعتها فتح في تشرين الأول/أكتوبر 2009 والتي رفضتها حماس، والتي ادعت أنها لم تعكس بدقة النقاشات التي جرت قبلها؛ وخمس نقاط إضافية تم الاتفاق عليها في 27 نيسان/إبريل – و"التفاهمات" التي تعكس العديد من تحفظات حماس حول الوثيقة المصرية؛ وتفاهمات غير مكتوبة وغير رسمية، بعضها يتعارض مع بنود الاتفاقات الموقعة. إذا أُخذت جميع هذه الاتفاقات معاً، فإنها ستغير الممارسات السياسية بطريقتين. أولاً، ستوفر حكومة فلسطينية واحدة، ذات وظائف محدودة، تتكون من تكنوقراطيين أو مستقلين، يكلفون بتوحيد المؤسسات والإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني خلال عام. ثانياً، تدعو إلى تشكيل قيادة مؤقتة جديدة تعمل بشراكة غامضة مع منظمة التحرير الفلسطينية. العنصر المحوري كان اتخاذ القرار بتأجيل تنفيذ الإصلاحات الأمنية إلى ما بعد الانتخابات.

كان هناك عدة أسباب دفعت الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق بعد هذا الوقت الطويل، رغم أن التغيّر الحقيقي في النوايا ليس واحداً منها. لا فتح غيّرت رؤيتها لحماس ولا حماس غيّرت رؤيتها لفتح ولم يتبخر انعدام الثقة بينهما هكذا فجأة؛ بل إن الاتفاق كان أحد التجليات غير المتوقعة للربيع العربي. الذي أسهم إلى حد ما في رفع حساسية الحركتين بأهمية الرأي العام الفلسطيني الذي يدعم الوحدة. إلاّ أن هذا لم يكن الدافع الرئيسي؛ بل إن ما حقق هذا الاختلاف هو التحولات الإستراتيجية التي أنتجتها الانتفاضات العربية.

بالنسبة لفتح والرئيس عباس بوجه خاص، فقد عنى ذلك سقوط حليف يمكن الركون إليه في القاهرة. بعد تلاشي إيمان الفلسطينيين بالمفاوضات وخيبة الأمل المريرة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أتى سقوط مبارك ليؤشر إلى الحاجة لإعادة النظر في التوجهات الإستراتيجية. كان الاتفاق مع حماس خطوة في ذلك الاتجاه وكذلك التصميم على اللجوء إلى الأمم المتحدة كمنبر للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.

بالنسبة لحماس، تغير المشهد الإقليمي بطريقتين واضحتين. التغيرات في مصر أدت إلى نزع شوكة من خاصرتها ووعدت بتحسن محتمل في العلاقات الثنائية؛ كما أن احتمال أن يلعب الإخوان المسلمون (المنظمة الأم لحماس) دوراً محورياً متنامياً في السياسة المصرية دفع الحركة الإسلامية للميل نحو القاهرة. تشكّل مصر نظرياً الشريك الطبيعي لحماس، أكثر من سورية الأسد أو إيران في ضوء قربها الجغرافي من غزة والعلاقة التاريخية التي تربط الحركة مع الإخوان المسلمين في مصر. وفي نفس الوقت، فإن الاضطرابات الشعبية في سورية ألقت ظلالاً من الشك على استدامة علاقات حماس الوثيقة بنظام الرئيس الأسد. إذا أُخذت هذه التطورات معاً فإنها عززت بشكل كبير الدوافع لدى الحركة كي تقول "نعم" للقاهرة وتوقيع اتفاق الوحدة.

لقد مثلت المصداقية التي عادت مصر لاكتسابها لدى الرأي العام العربي أحد الأسباب التي جعلت فتح وحماس تمتنعان عن صرف النظر عن الاتفاق، رغم أن كليهما تعيقان تنفيذه. وينطبق الأمر نفسه إلى حدٍ ما على الولايات المتحدة وأوروبا، حيث أن أياً منهما لا ترغب بتجاهل النظام الجديد في القاهرة من حيث أن اتفاق المصالحة يُمثل أول إنجازاته في السياسة الخارجية وحيث أن البلدان الغربية متلهفة لإظهار أنها تميل إلى الجانب الصحيح من التاريخ وبالتالي عليها أن تفكر ملياً قبل أن تعارضه أو تعيقه علناً. كما أن العواصم الأوروبية على وجه الخصوص يبدو أنها تعلمت بعض الدروس من الماضي وندمت على المقاربة التي تبنتها في آخر مرة سعى فيها الفلسطينيون للمصالحة عام 2007، عندما نأت بنفسها عن هذا المجهود وأسهمت في فشله. كل هذا يفسر لماذا تجنب الاتحاد الأوروبي، وإلى حد أقل الولايات المتحدة – الأكثر عرضة للضغوط السياسية الداخلية) أي إدانة لفظية للاتفاق وتبنيا مقاربة مفادها "لننتظر ونرى".

غير أن رفض دفن الاتفاق ليس كالمساعدة في إحيائه. الرئيس عباس وكثيرون في فتح لا يرغبون بأي حال تعريض الشرعية والدعم الدوليين اللذين يعتبرونهما ميزتهما الرئيسية للخطر. إلا أن تشكيل حكومة جديدة، واستبدال رئيس الوزراء فياض وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية يمكن أن تعرّض هذه المزايا للخطر، كما أوضحت واشنطن بجلاء. على نحو مماثل، فإن حماس تجد صعوبة في الوصول إلى تسوية بشأن قضايا محورية بعد فترة طويلة من التضحيات في غزة والضفة الغربية. إن التنافس الحزبي بين الحركتين لم يتلاشَ بعد؛ بل إنه، وبعد خمس سنوات من النزاع المرير، قد تكثف بدلاً من ذلك. حتى الآن، بدا توقيع اتفاق المصالحة ببساطة وسيلة لفتح وحماس للمضي في صراعهما من خلال وسائل أخرى. إسرائيل وكثيرون في الغرب قد يرون في هذا مبرراً للاحتفال، متجاهلين كما فعلوا في الماضي أن قيادة فلسطينية مقسمة تمتلك قدراً أقل من الشرعية والمرونة وقدرة أقل على التحكم بمنظور وسلوك قواعدها المحبطة بشكل متزايد.

 لعالم العربي يغلي، والنشطاء الفلسطينيون غاضبون من الشلل الحالي، والمجتمع الدولي لا يقدّم مساهمة مفيدة. في هذه الأثناء، تظل الحركتان الفلسطينيتان عالقتان كلٌ في طريقهما. تتحركان لكنهما تُراوحان في المكان.

التوصيات

إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس):

1.  التوصل إلى إجماع حول رئيس وزراءٍ كفؤ واحترافي يتمتع بدعم دولي، وتجنب الإصرار على مرشح بعينه أو إقصاء مرشح بعينه.  

2.  تشكيل حكومة تتكون من تكنوقراطيين غير محازبين تختارهم الفصائل التي:

أ‌. تنفّذ وقف إطلاق إسرائيلي – فلسطيني متبادل؛

 

ب‌. تقر بمرجعية الأجندة التفاوضية لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية؛

 

ج. تتم في النهاية المصادقة عليها من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني؛

3.  تنفيذ بنود اتفاق 4 أيار/مايو بالتزامن، وليس بالتتابع، وذلك من خلال:

أ‌. الشروع في إدماج السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وذلك بتوحيد الأجهزة التي ستشرف على الجزء الأكبر من العملية، بما في ذلك ديوان الموظفين العام وهيئة الرقابة العامة؛

 

ب‌. الشروع بإصلاح فرعي الشرطة المدنية والدفاع المدني في القطاع الأمني فوراً، وتأجيل الفروع الأخرى إلى مرحلة لاحقة؛

 

ج‌. تقديم الدعم والموارد اللازمة للجنة المصالحة الاجتماعية؛

 

د‌. بناء الثقة الداخلية بالمصالحة بوضع حدٍ للتحقيق والاعتقال على أسس سياسية؛ وإعادة النظر بعمليات الصرف التعسفي للموظفين الحكوميين؛ وضمان حرية التعبير والتجمع؛ ووقف التحريض؛ وإعادة فتح المنظمات السياسية وغير الحكومية التي تم إغلاقها والسماح لها بالعمل دون مضايقة؛

 

هـ. النظر في قيام المجلس التشريعي الفلسطيني بمراجعة جميع القوانين والقرارات التي صدرت عن حكومتي الضفة الغربية وغزة منذ حزيران/يونيو 2007 وفتح قضايا المحاكم التي تعتمد على مثل هذا التشريع لمراجعتها؛

و. إجراء انتخابات الاتحادات، والجمعيات المهنية والوحدات المرتبطة بها خلال العام القادم للإعداد لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؛

ز. إطلاق حوار استراتيجي لتحديد المبادئ والأولويات للحكومة الوطنية.

إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس):

4.  التأكيد علناً على أنه وبانتظار إعادة تنظيم منظمة التحرير الفلسطينية، فإن رئيسها يحظى بالتفويض للتفاوض مع إسرائيل وأن أي اتفاقية سيتم عرضها على استفتاء عام وأن الحركة ستحترم النتيجة.

إلى حكومات أوروبا والولايات المتحدة:

5.  الإعلان بوضوح عن أنها ستحكم على حكومة الوحدة الفلسطينية استناداً إلى أفعالها، وعلى وجه الخصوص إذا كانت:

أ‌. ستنفذ وقفاً متبادلاً لإطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين؛

 

ب‌. تعتبر مرجعيتها الأجندة التفاوضية لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

6.  الضغط على إسرائيل لتستمر في تحويل عائدات الضرائب إلى حكومة السلطة الفلسطينية التي ستشكَّل وفق ما هو موصوف أعلاه.

إلى الحكومة المصرية:

7.  تسهيل الحركة من خلال معبر رفح بزيادة عدد الموظفين وساعات العمل للسماح لجميع الراغبين بالمغادرة بالقيام بذلك في الوقت المناسب.

8.  النظر بالسماح بحركة السلع من خلال معبر رفح من أجل الحد من التهريب تحت الحدود بين غزة ومصر.

إلى حكومات الدول الأعضاء في الجامعة العربية:

9.  إبلاغ أعضاء الرباعية (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمين العام للأمم المتحدة) بأنها ستدعم الحكومة الفلسطينية الجديدة وفقاً لما هو موصوف أعلاه وتشجيع الآخرين في المجتمع الدولي على التعامل معها.

10.  إنجاز التزاماتها المالية تجاه السلطة الفلسطينية فوراً.

11.  تأسيس آلية للإبلاغ، والمراقبة وتسوية النزاعات لدعم تنفيذ اتفاق المصالحة.

إلى حكومة الولايات المتحدة:

12.  الاستمرار في تقديم المساعدة لميزانية الحكومة الفلسطينية الجديدة المشكّلة بناءاً على ما هو موصوف أعلاه.

13.  في حال قرر الكونغرس خفض دعم الميزانية لهذه الحكومة، الاستمرار في تقديم المساعدة التنموية للسكان والامتناع عن تطبيق العقوبات، خصوصاً في القطاع المصرفي، أو إعاقة المساعدة التي قد ترغب دول أخرى بتقديمها.

إلى حكومة إسرائيل: 

14.  الاستمرار بتحويل عائدات الضرائب إلى حكومة السلطة الفلسطينية المُشكَّلة طبقاً لما هو موصوف أعلاه.

15.  السماح باستيراد مواد البناء إلى غزة وتصديرها منها.

إلى المجتمع الدولي:

16.  السماح، إلى أقصى حد يسمح به القانون، للمشاريع الممولة من قبل المانحين باستعمال مواد البناء التي تدخل غزة من خلال الأنفاق تحت حدودها مع مصر. 

17.  تشجيع إسرائيل على زيادة حركة المواد الداخلة إلى غزة ومصر والمصدَّرة منهما لتعزيز عمل معبر رفح كما هو موصوف أعلاه.

رام الله/غزة/القدس/واشنطن/بروكسل، تموز/يوليو 2011

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,764,356

عدد الزوار: 7,766,964

المتواجدون الآن: 0