الثورة السورية والموقف اللبناني

تاريخ الإضافة الجمعة 12 آب 2011 - 4:59 ص    عدد الزيارات 547    التعليقات 0

        

رضوان السيّد

كان واضحاً منذ بدء المذبحة في حماة أن النظام السوري يقوم بمحاولته الأخيرة لاخماد الثورة، باعتماد النمط الإيراني الذي طُبّق ضد ثورات الطلاب أيام خاتمي، كما طُبق بعد انتخابات محمود احمدي نجاد الثانية عام 2009· والمعالم الرئيسية لهذا النمط: تقطيع أوصال الأحياء بالتمركز فيها وباطلاق النار العشوائي، وقتل عدد من الناس بمجرد دخول الحي، وترويع السكان من خلال موجات التفتيش والنهب وانتهاك الحرمات· والأمر الثاني: عدم التردد أمام سفك الدم حتى لو عُرف ذلك في الخارج لإرعاب سائر السوريين وليس المنطقة أو البلدة المعنية· والأمر الثالث: عدم التردد أمام الرموز الدينية مثل هدم المساجد بالقذائف، والإذلال بالإرغام على التجديف تحت التعذيب· والأمر الرابع: الاعتماد على الخبرة الإيرانية ليس لجهة التكتيكات فقط، بل ولجهة التجهيزات· والأمر الخامس: اعتماد لغة الشتم والقطيعة تجاه الخارج العربي والاقليمي والدولي بحجة المؤامرة والتآمر، وليس كما سبق في الشهور الثلاثة الأولى من وعد الخارج والداخل بالتغيير·

وقد كان هذا هو الوجه الثاني لمواجهة النظام السوري لشعبه الثائر· وكان الوجه الأوّل وعلى مدى حوالى الأربعة شهور: محاولات إقناع الخارج بفائدة وفوائد بقاء النظام السوري، وأنه كما يملك أن يفيد إسرائيل والولايات المتحدة أو فرنسا، فهو يملك أيضاً أن يضرّ هذه الأطراف إن تضايق أكثر أو حوصر أكثر· وقد تحول إلى طريق المذابح بوصفها منهجاً لمنع التظاهر، بعدما لاحظ بدء تعوّد العرب والدوليين على العيش بدون نظام الأسد الخالد· وهكذا فقد أراد - بالمناهج الإيرانية - إرعاب الجميع بالداخل والخارج، بحيث يخف التظاهر تحت وطأة الخوف، وبحيث ترجوه الأطراف الخارجية أن يرأف بشعبه في مقابل تخفيض الضغط عنه! وقد قال بشار الأسد لبعض من زاروه إن الموقف الذي يجد نفسه فيه الان، ليس أصعب من الموقف الذي وجد فيه نفسه عام 2005 على اثر الاضطرار للخروج من لبنان· وقد صمد وقتها وتصدى (لأميركا وإسرائيل بالطبع!) في العراق ولبنان وفلسطين وفاز وانتصر، فلماذا لا يفوز الآن؟!·

لن يفوز الآن لأن الثائر اليوم الشعب السوري نفسه وليس اللبنانيين أو العراقيين· ولأنه قتل من شعبه أكثر من ألفين، والمفقودون ثلاثة آلاف حتى الآن، واللاجئون بتركيا والأردن ولبنان حوالى الثلاثين ألفاً، والهاربون من الجيش أكثر من خمسة آلاف· ولن يفوز هذه المرة لأن المذابح لا تقتصر على حماة وحمص كما في العام 1982 والافتقار وقتها إلى الاتصالات والمعلومات· بل كما أن المذابح شاملة، فإن المعلومات شاملة، وفي الداخل كما في الخارج· ولن يفوز هذه المرّة لأن الجيش السوري لا يستطيع التسليم إلى ما لا نهاية لقيادته الحالية··· إلخ·

وقد بدأت بوادر العصيان والتمرد على القتل وأوامره، وعلى ما يشاهده الجنود من قتل على أيدي قوات الأمن والشبيحة· وقد أقال وزير الدفاع أو استقال احتجاجاً على ما جرى بحماة، فقد كان من رأي الوزير علي حبيب عدم غزو حماة، وعدم استثارة التاريخ المليء بالدم والآلام·

ولن يفوز النظام السوري بإسكات المواطنين مهما ارتكب من مذابح لأن الزمن زمن الثورات العربية، وحركات التغيير العربية· وقد كان ممكناً أن يحدث التحوّل السلمي لو أن السلطة تجاوبت بالفعل، لكنها لم تفعل ولن تفعل، لأن الشعب لا يقبل إلا تحولاً حقيقياً ينهي الأسد وأسرته ونظامه بالسلم الخالص أو بالاحتجاج·

ولن يفوز النظام السوري أخيراً لأن الرأي العام العربي والدولي لن يقبل باستمرار المذابح، وسيزداد الحصار عليه لإضعافه مهما فعلت له طهران (والإيرانيون يطلبون الآن من حكومة المالكي أن تساعد النظام باعتبار الانتماء إلى المحور نفسه، والجنرال سليماني الذي يدعم الرئيس السوري مع حزب الله، هو نفسه الذي كان قد اتفق مع الأميركيين على (التجديد للمالكي)·

على أن السبب الرئيس لعدم نجاح بشار في سحق ثورة شعبه عليه يتجلى في انتصار الدم على السيف، بإصرار الجمهور السوري على إزالة النظام هناك مهما كلّف ذلك من تضحيات·

إن الطريف والمأساوي موقف <حزب الله> وإيران ونجيب ميقاتي وحكومته من ثورة الشعب السوري· فقد نسي الحزب وأولياء اموره مقولة انتصار الدم على السيف· أما نجيب ميقاتي فأثنى على حكمة الملك عبدالله?بن عبدالعزيز الذي دعا إلى إيقاف سفك الدم في سوريا فوراً، ونسي أن كل مواقفه هو وحكومته من الشعب السوري ما كانت حكيمة: من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإلى ترك الحزب القومي السوري يضرب المحتجين أمام السفارة السورية، وإلى زيارة وزير خارجية لبنان العظيم إلى سوريا باستدعاء من الأسد·

إن أولويات كل الأحرار في لبنان الآن ينبغي أن تتمثل في موقف وتصرف· الموقف هو التضامن بشتى الوسائل مع الشعب السوري، أما التصرّف فيتمثل بالإصرار على إسقاط نجيب ميقاتي وحكومته واليوم قبل الغد!·

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,829,171

عدد الزوار: 7,769,080

المتواجدون الآن: 1