وحدة الطوائف والمذاهب تُقسِّم الوطن ؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 11 آذار 2009 - 2:16 م    عدد الزيارات 908    التعليقات 0

        

سركيس نعوم     
تعيش الطائفة الشيعية منذ سنوات نوعاً من الوحدة في الموقف السياسي والاهداف الوطنية وحتى في التحالفات الخارجية. ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الانسجام التام بين الفريقين الاكبر داخل الطائفة اي حركة "امل" و"حزب الله" والذي يكاد ان يتحول وحدة اندماجية وان غير معلنة لاعتبارات كثيرة أبرزها السلاح المقاوم والمحرر والطموحات السياسية الشيعية على الصعيد الوطني والدعم اللامحدود الذي قدمه اليها حليفان خارجيان  "شقيقان" هما سوريا والجمهورية الاسلامية الايرانية. وقد صمدت تجربة الوحدة هذه في الامتحانات الكثيرة التي مرت بها، ربما بسبب الدور المرجح داخل الطائفة "للشقيقين" المذكورين ونجحت في انتاج كتلتين نيابيتين منفصلتين ظاهراً ومتكاملتين واقعاً وفي تكوين "شارع" ورأي عام شيعيين يملكان رؤية واستراتيجيا وسياسة تطبيقية لها شبه واحدة. ولا ينفي هذه الوحدة تحالف القوى الشيعية الاساسية مع جهات او شخصيات من مذهب اسلامي آخر او من دين آخر، ذلك ان هذا "الموزاييك" يفرضه التنوع اللبناني الذي يقر به الجميع ولكن الذي يستعمله الجميع لتحقيق وحدة الطوائف والمذاهب و"استقلالها" اذا جاز التعبير ولـممارسة "سيادتها" على الآخرين في البلاد او على الاقل في مناطق نفوذها وليس لبناء دولة ديموقراطية تعددية تعترف بالطوائف والمذاهب ودورها الايجابي وتفتح في الوقت نفسه طريقاً امام  دولة مدنية لا طائفية الانتماء الاول فيها للوطن وكذلك الولاء.
وكي لا يظن اصدقائي الشيعة وهم كثر انني استهدف بهذا التحليل طائفتهم الكريمة اقول ان الطائفة السنية تعيش بدورها وحدة مهمة وإن اقل احكاماً من وحدة الطائفة الشيعية لاسباب كثيرة ومتنوعة منها غياب السلاح وغياب الحليف الخارجي القريب جغرافياً والقادر على "فرض" الوحدة رغم اغراءات الانقسام والتنافس السياسي. واقول ايضاً ان هذه الوحدة مستهدفة دائماً من المتضررين منها ومنهم الممسكون بمقاليد الطائفة الشيعية اليوم من داخل ومن خارج. ولذلك فهي تبدو احياناً قريبة من التصدع الذي سرعان ما يزول عند حصول اي حادث جلل يجمع الصفوف او عند حلول اي ذكرى عزيزة ومؤلمة سنياً بل اسلامياً ووطنياً. طبعاً هذا لا يعني ان وحدة الشيعة لم تُستهدف سواء من السنة او من حلفائهم في الخارج. لكن هذا الاستهداف لم ينجح لاسباب كثيرة. لا بل على العكس ساعد في تمتين اواصر الوحدة ودفع الساعين الى خرقها الى الانكفاء.
ماذا عن المسيحيين؟..... يبكي قادة المسيحيين الدينيون والسياسيون وحدة ابناء طوائفهم ويشكون انقساماتهم وخلافاتهم ومشاحناتهم وارتماء كل فريق اساسي منهم في احضان فريق لبناني مسلم سني او شيعي الامر الذي افقدهم الكثير من هيبتهم ودورهم ويكاد ان يجعلهم مجرد ديكور يحتاج اليه الفريقان في صراعهما على حكم البلاد. ويتحسّر هؤلاء القادة على "وحدة مسيحية" سادت قبل سنوات بعيدة ساهمت في رأيهم في مواجهة تحديات وطنية واسلامية محلية وخارجية متنوعة ويدعون ليل نهار المنقسمين الى الوحدة لان المرحلة بالغة الخطورة محلياً واقليمياً. هل تفيد وحدة الطوائف والمذاهب الوطن؟.... انها تفيد المذاهب والطوائف (الشعوب) وخصوصاً اذا صارت هي المكونات الاساسية او الوحيدة للوطن. وبهذا المعنى فان الطائفة كلما اتحدت وقسمت غيرها نجحت في الاستئثار بالسلطة داخل هذا الوطن ودولته غير الواحدة عملياً وغير الديموقراطية فعلياً. لكنها لا تفيد الوطن لانها لا تساعد على اقامة دولة جدية فيه يشعر مواطنوها كلهم بفخر الانتماء اليها لانها تقوم بواجبها نحوهم كما يقومون هم بواجبهم نحوها. وكل ما تفعله هو إما اقامة دويلات فعلية داخل الدولة الواحدة الاسمية واما سيطرة الاقوى بينها على الدولة وعلى كل الطوائف والمذاهب الاخرى. ووضع كهذا لا يستقر ابدا، لأن ميزان القوى سيبقى متغيراً لارتباطه بوضع المنطقة المتغير دائماً باقلياته المتنوعة وباكثرياته. انطلاقاً من ذلك يمكن القول ان الحفاظ على وحدة لبنان الدولة والوطن او تأسيسها لانها غير موجودة عملياً يقتضي تقسيم الطوائف والمذاهب. ولا يعني ذلك حروباً داخل كل منها بل صراع او بالاحرى تنافس سياسي لخدمة المصلحة العامة والمصالح الوطنية. وبهذا المعنى لا تعود هناك حاجة الى حكومة التوافق الوطني وبدعة الثلث المعطل بحجة ضرورة مشاركة كل الطوائف والمذاهب في الحكم اي في القرار. وهي بدعة اخترعها اتفاق الدوحة ورعاته العام الماضي لتغيير بنية الحكم تدريجاً. فهذه الحكومة كما يلمس اللبنانيون اليوم تشبه كثيراً مجلس رئاسة لكل شعب من الشعوب الرئيسية فيه حق النقض اي "الفيتو". ومجلس الرئاسة عادة يكون في الدول الفيديرالية او اللامركزية. وليس على حد علم اللبنانيين ان دولتهم فيديرالية. هي طبعاً كانت فيديرالية طوائف من فوق اما من تحت فكانت موحدة الى حد ما وبعد الحرب فتح اتفاق الطائف باب الامل في جعلها اكثر وحدة بانشاء مجلس شيوخ وازالة الطائفية وطبعاً المذهبية من مجلس النواب. لكن هذا الاتفاق عُطل عمداً واللبنانيون يعرفون من عطّله من الخارج رغم ان مسؤوليتهم التعطيلية لا تقل عن مسؤوليته.
كيف يواجه اللبنانيون ذلك؟..... بالديموقراطية الفعلية وبالانتخاب على قاعدة النسبية التي تتيح لغير المنتمين الى "البلوكات" الكبيرة الوصول الى مجلس النواب. وفي حال كهذه لا يصبح اللبنانيون ملزمين انتخاب رئيس للمجلس اختاره النواب الشيعة رغم ان غالبية المجلس لا تؤيده او اختيار رئيس حكومة لا يريد السنة بديلاً منه رغم ان غالبية المجلس ضده. لكن من يطبق الديموقراطية ويجري انتخابات نزيهة سواء على قاعدة النسبية او غيرها؟ اليس الدولة؟ واين هي الدولة وهل يترك لها الذين "يتناتشونها" المجال كي تقوم؟

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,969,014

عدد الزوار: 7,652,460

المتواجدون الآن: 0