الهجوم بصواريخ "سكود" في سوريا: التداعيات

تاريخ الإضافة الأحد 16 كانون الأول 2012 - 7:59 ص    عدد الزيارات 698    التعليقات 0

        

 

الهجوم بصواريخ "سكود" في سوريا: التداعيات
أندرو جيه. تابلر و جيفري وايت
13 كانون الأول/ديسمبر 2012
يمثل استخدام نظام الأسد لصواريخ "سكود" على مدى الأيام العديدة الماضية تصعيداً خطيراً في حربه ضد الثوار، وهو الأمر الذي يحمل في طياته تداعيات عسكرية ونفسية وسياسية خطيرةعلى الشعب السوري. والأمر الأكثر إلحاحاً بالنسبة لواشنطن هو أن استخدام صواريخ "سكود" جاء في وقت اعترفت فيه الولايات المتحدة أخيراً بـ "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية" - وهو آخر مؤشر على أن الأحداث على الأرض تتجاوز بسرعة السياسة الأمريكية، وأنه ينبغي على واشنطن إعادة النظر في خطوطها الحمراء.
آثار هجمات صواريخ "سكود"
باستطاعة صواريخ "سكود" حمل رؤوس حربية ذات قدرة تفجيرية عالية يبلغ وزنها 1000 رطل أو حمل مواد كيميائية. ورغم أنها ليست بالغة الدقة، إلا أنه لا توجد وسيلة فعالة يستطيع بموجبها معارضو النظام إيقافها. إن صواريخ "سكود" الأبعد مدى التي يمتلكها نظام الأسد، من نوع "C" و "D"، يمكنها أن تصل إلى معظم إن لم يكن جميع أنحاء سوريا عندما تُطلق من منطقة دمشق، حيث تقع قواعد صواريخ "سكود" الرئيسية.
كما أن صواريخ "سكود" تخلق نوعاً من المفاجأة والصدمة. وليس لدى الثوار أي وسائل لمعرفة متى تم إطلاق الصواريخ، وأين وجهتها، أو أنواع الرؤوس الحربية التي تحملها. وفي الواقع، فحتى مع جمع معلومات استخبارية جيدة، لا توجد وسيلة يمكن الاعتماد عليها لمعرفة أي من صواريخ "سكود" تم تحميلها برؤوس حربية كيماوية. ومن ثم فإن قرار النظام نشر الصواريخ يتجاوز عتبة أخرى، بما يقلل وقت التحذير المحتمل لشن هجمات أخرى بصواريخ "سكود" الأمر الذي يشكل خطراً أكبر على جيران سوريا، وتركيا وإسرائيل بوجه خاص.
وفي الوقت ذاته، فإن صواريخ "سكود" ليست فعالة بشكل خاص ضد أنواع الأهداف التي يمثلها الثوار - والتي تتكون من قوات مشاة خفيفة متفرقة. ويمكن أن يكون تأثير أقوى لتلك الصواريخ لو استطاع النظام تحديد مراكز تجمع الثوار أو المنشآت الرئيسية مثل المقرات الرئيسية. وبطبيعة الحال يوجد تأثير أكبر للرؤوس الحربية الكيماوية.
ويقيناً أن استمرار الهجوم بصواريخ "سكود" ستكون له آثاره النفسية على مقاتلي الثوار والمدنيين، وقد يشمل ذلك الشعور بالخوف وعدم القدرة على الدفاع والانكشاف، والصدمات النفسية. لكن التاريخ يظهر أن السكان الذين يتعرضون للهجمات الصاروخية بإمكانهم التكيف إليها بسرعة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تعوّد الثوار والمدنيون على التعرض للقصف. وفي جميع الاحتمالات، سوف يتكيف المقاتلون بسرعة نسبية، بينما سيستغرق ذلك وقتاً أطول للمدنيين.
ولا تتوافر حالياً سوى أصول محدودة في المنطقة للدفاع ضد الهجمات بصواريخ "سكود". وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الأصول البحرية الأمريكية في شرق البحر المتوسط تمتلك بعض الإمكانيات، وهو الأمر بالنسبة للأنظمة الإسرائيلية المضادة للصواريخ. وسوف تمتلك تركيا بعض القدرات للدفاع عن نفسها عند وصول صواريخ "باتريوت" التي تمت الموافقة على نشرها.
التبعات السياسية
إن استخدام صواريخ "سكود" يعكس المصاعب المتزايدة التي يواجهها النظام السوري - فاستخدام أصل استراتيجي مثل صواريخ بعيدة المدى ضد ثوار منتشرين في مناطق شاسعة دون أهداف عسكرية جوهرية يعكس الإحباط وليس استراتيجية عسكرية سديدة. ونظراً لأن النظام أصبح على ما يبدو يستخدم أي أسلحة متاحة له بغض النظر عن فعاليتها، فإن السؤال الجوهري يتعلق بما إذا كانت صواريخ "سكود" مجرد تمهيد للهجمات الكيميائية أم لا. وربما يكون النظام أيضاً قد لجأ إلى استخدام صواريخ "سكود" لاستعادة المبادرة بعد أن أصبح الثوار يمتلكون أسلحة دفاع جوي محمولة، كما فعل السوفيات في ظل ظروف يائسة مماثلة في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي.
ويبدو أن استخدام صواريخ "سكود" لا يهدف فقط إلى إرهاب المعارضة لكي تضطر إلى الخضوع، لكنه يهدف أيضاً إلى الإظهار لجيران سوريا بأن الأسد قادراً على الاتجاه بشكل خطير على مقربة من الخطوط الحمراء التي رسمها المجتمع الدولي، حتى مع تفكك سيطرة النظام على البلاد. ومن خلال إظهار قدرته على التصعيد، قد يستطيع النظام إقناع هؤلاء الجيران - جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة - بقبول حل دبلوماسي بوساطة روسيا، سواء لإرغام الثوار على وقف القتال أو، على الأرجح، إبرام اتفاق دبلوماسي لإنقاذ النظام.
رد الولايات المتحدة
إن استخدام النظام السوري لصواريخ "سكود" يعكس مرة أخرى درجة انفصال السياسة الأمريكية عن الأحداث على أرض الواقع، حيث ستتجاوز التداعيات جميع جيران سوريا وحتى إلى دول أبعد منها. ينبغي على واشنطن أن تعيد التفكير في خطها الأحمر بشأن استخدام الأسد للأسلحة الكيمائية (والذي تراجع مؤخراً من "الاستخدام والتحرك" إلى مجرد "الاستخدام") بحيث يشمل الأسلحة الاستراتيجية التقليدية مثل صواريخ "سكود"، وربما ينبغي أن يتزامن ذلك مع عرض الموضوع أمام مجلس الأمن الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك الأسطول الأمريكي السادس قوات في البحر المتوسط للمساعدة على التعامل مع تهديد صواريخ "سكود"، بما في ذلك سفينة أو سفينتين من طراز "إيجيس" مجهزتين بصواريخ "إس إم-3".
ونظراً لإدخال صواريخ "سكود" إلى ساحة القتال وما تردد عن تزايد التهديد بشن هجمات كيميائية، تشعر المعارضة السورية بتهديد بالغ من نظام الأسد ولم تكتسب سوى القليل من التحفيز والتشجيع من التحركات السياسية الأخيرة لواشنطن. فعلى سبيل المثال، جاء تصنيف الولايات المتحدة للجماعة الجهادية السورية "جبهة النُصرة" هذا الأسبوع على أنها منظمة إرهابية، قبل أن تعترف واشنطن رسمياً بـ "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية" - وهو ائتلاف ساعدت واشنطن بالفعل على تشكيله منذ اكثر من شهر - في الثاني عشر من كانون الأول/ديسمبر. وترى المعارضة السورية هذا الانفصال الواضح على أنه دليل على أن واشنطن بعيدة كل البعد عن معرفة الحالة الإنسانية المتدهورة بسرعة على الأرض وأنها أكثر اهتماماً بمكافحة الإرهاب من التخلص من الأسد. وبالنظر إلى استعداد الثوار على الاستيلاء على مناطق شاسعة من البلاد قريباً - وهي فكرة يبدو أن النظام نفسه بات مقتنعاً بها من واقع ما يحمله استخدام صواريخ "سكود" من دلالات - فإن التواصل السياسي والعسكري العلني مع المعارضة المسلحة سيعد القرار السديد لو تأمل واشنطن في تحقيق أهدافها ببناء سوريا علمانية وديمقراطية بعد الأسد.
أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن. جيفري وايت هو ضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية وزميل للشؤون الدفاعية في المعهد.

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,971,960

عدد الزوار: 7,652,828

المتواجدون الآن: 0