الثورة الثانية: حرب ثقافية دينية على هوية مصر

يمكن القول ان الاطاحة بمرسي وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا ادارة شؤون الدولة ليس سوى مرحلة اولى في مساعي اصلاح الثورة في مصر. فالجيش تحت قيادة وزير الدفاع السيسي لا يريد أن يكرر اخطاء سلفه محمد طنطاوي الذي أخذ على عاتقه ادارة الفترة الانتقالية وفشل، وهو الذي تسبب او سمح لـ"الاخوان المسلمين" بالوصول الى الحكم. واليوم اطاح الجيش بمرسي و"الاخوان" بعد أن حاول مرات عدة على مدار السنة الاخيرة اجراء حوار بين "الاخوان" وبين القوى السياسية غير الاسلامية، ولكنه اصطدم بالرفض المغرور من جانب "الاخوان". لذا فتدخله اليوم يأتي اليوم لاعادة التوازن الى الساحة السياسية، وايضاً الى ابعاد حركة "الاخوان المسلمين".

تعيش مصر أزمة سياسية اجتماعية ثقافية عميقة، قد تكون أهم من الثورة التي أدت الى سقوط مبارك. ففي كانون الثاني 2011 كان الهدف الاطاحة بالدكتاتور واقامة حكم جديد عبر انتخابات حرة تدفع مصر نحو الحداثة. اما هذه المرة فيدور الحديث عن حرب ثقافية ودينية تمس هوية مصر. ان سبب ثورة الجمهور الواسع ضد حكم "الاخوان" هو فشل "الاخوان" في معالجة مشكلات الاقتصاد المصري، واحكام سيطرتهم على كل مراكز الحكم بهدف تخليد سيطرة الحركة واقامة دولة اسلامية. ويبدو أن 80 في المئة من المصريين على الاقل رغم كونهم من المسلمين الملتزمين، الا انهم لا يريدون دولة اسلامية تفرض الشريعة وتعمل في سبيل الله وليس في سبيل الشعب.

ما يزال الرئيس مرسي يتمسك بشرعيته وأنه وصل الى منصبه في انتخابات حرة. وهو يعتبر ما جرى انقلابا عسكريا. وفي الواقع فقد تجاهل "الإخوان" أن مصر تعيش مرحلة ثورية حيث السيادة فيها للشعب أو حتى للشارع. وان الشعب هو الذي أسقط مبارك، وان كان بدعم الجيش. وهو الذي يواصل كفاحه الثوري لنيل مبتغاه للوصول الى حكم ديموقراطي.

لقد ادرك الجيش والمعارضة انه اذا بقي "الإخوان المسلمون" في الحكم سنة اخرى أو سنتين فهم بلا شك سيسيطرون على الشرطة، وجهاز أمن الدولة، والمخابرات والجيش وعندها سيكون من الصعب جدا اسقاطهم من الحكم، ولعل الان هي اللحظة الاخيرة للقيام بذلك.

من المنتظرالا يقبل "الاخوان" الاطاحة بهم، ومواصلة كفاحهم، مما سيضع مصر في مواجهة مصاعب جمة وفترة طويلة من عدم الاستقرار.