هل تعيش " حماس" أزمة وجود؟!

تاريخ الإضافة الأحد 22 كانون الأول 2013 - 7:09 ص    عدد الزيارات 490    التعليقات 0

        

هل تعيش " حماس" أزمة وجود؟!

 

لأول مرة منذ سنوات تعلن حركة حماس التي تدير قطاع غزة، عن إلغاء الاحتفال المركزي بانطلاقتها السادسة والعشرين. وبالرغم من أن حماس بررت هذا الإلغاء: بأنه نظرا للظروف الصعبة التي يعيشها القطاع نتيجة الحصار الخانق، فإنه تقرر إلغاء المهرجان، وتحويل الأموال المخصصة له لصالح مشاريع خدماتية تفيد المواطن وتدعم صموده.
ولكن بالتأكيد إن هذا التبرير ليس مقنعا للكثيرين، لأن حماس لم تلجأ إلى هذه الخطوة، حتى عندما كان الحصار أشد وأعتى في فترات سابقة، ويرى المراقبون بأن الزلزال المصري وسقوط حكم الإخوان، ومشروع الإسلام السياسي، وما نتج عنه من تداعيات قاسية على حركة حماس، والذي تزامن مع خسارة حماس للدعم الإيراني السخي وخروجها من سوريا. كل ذلك أربك حسابات حماس وجعل موقفها ضعيفا جدا. وبالطبع فإن قرار الإلغاء يعكس حجم وعمق الأزمة التي تعيشها حماس، بعد انكشاف ظهرها وخسارتها لمعظم حلفائها ومموليها في المنطقة. حتى وضعها الداخلي بات مكشوفا، في ظل عجزها عن الاستمرار في مشروع المقاومة، وفي الوقت نفسه فشلها في إدارة القطاع وتسهيل حياة المواطنين. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أن حماس والتي كانت تعيش إلى وقت قريب في بحبوحة مالية، باتت تعجز عن دفع رواتب موظفيها ومنتسبيها والبالغ عددهم 42 ألف موظف بفاتورة شهرية تصل إلى 37 مليون دولار وفقا لبيان وزارة المالية-.
حيث أن حكومة حماس خسرت موارد مالية ضخمة، جراء هدم السلطات المصرية معظم الأنفاق الحدودية مع القطاع والتي كانت ممرا لعبور الوقود ومواد البناء والسجائر والسيارات وغيرها من الواردات، وشكلت إيرادات الضرائب التي كانت تجبيها وزارة تابعة لحكومة غزة تسمى وزارة الأنفاق، وتعمل على ترخيص ومراقبة حركة السلع عبر الأنفاق - نحو 40% من ميزانية الحركة. ويأتي فصل الشتاء ليزيد مصاعب حركة حماس في إدارة القطاع حيث تغرق غزة في ظلام دامس لمدة تزيد عن عشرين ساعة يوميا في ظل البرد القارص بسبب شح الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، هذا بالإضافة إلى غرق أحياء بأكملها جراء مياه الأمطار والسيول ومياه الصرف الصحي.الأمر الذي دفع رئيس حكومة حماس للاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، طالبا منه أن يضع الخلاف السياسي مع حركته جانبا ويقوم بمبادرات إنسانية تجاه القطاع المحاصر من أجل التخفيف من معاناة أهله. ولكن الجديد بالنسبة إلى حماس الآن والذي يضاف إلى متاعبها وخسائرها هو اتفاق إيران مع الدول الكبرى حول تقنيين تخصيب اليورانيوم. حيث كانت حماس تراهن مؤخرا على ترميم علاقتها مع طهران، بعد سلسلة من اللقاءات بين قيادات من كتائب القسام والمسؤولين الإيرانيين تمحورت حول استئناف الدعم المالي والعسكري،وان تكون فلسطين والمقاومة هي قاعدة الاتفاق والالتقاء. ولكن حماس بدأت تشعر بقلق حقيقي بعد التوقيع على الاتفاق النووي الأخير، ولم يصدر عنها أي تعليق رسمي، بل كان الصمت هو سيد الموقف، في انتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من خفايا لهذا الاتفاق. ويقول المحلل الفلسطيني مخيمر أبو سعدة، بأن الأشهر القادمة من مفاوضات إيران مع الدول الكبرى والولايات المتحدة، ستحمل في طياتها الكثير من الاشتراطات حول وقف تمويل إيران للمنظمات التي تصنفها واشنطن بالإرهابية، وعلى راسها حماس. وتعرف حماس جيدا هذه النقطة،في حين أن طهران لم تعد متحمسة لحركة حماس التي باعتها بمجرد وصول مرسي إلى كرسي الرئاسة في مصر. وأصبحت حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بالنسبة لإيران من دون جدوى حقيقية في ظل نجاح طهران في تدشين حوار مباشر مع الغرب.
ومع إدراك حماس لحجم المأزق الذي تعيشه، إلا أن هناك قرارا بالجملة داخل الحركة، بأنه - ممنوع - قبول مشروع المصالحة مع حركة فتح في هذه المرحلة، لأن ذلك يعني خسارة حماس للحكومة والحكم. ولكن تحاول بعض الأجنحة المعتدلة في حماس، وبعض المواقع فيها التي تشعر بحجم المسئولة، بفتح حوار وطني داخل غزة هدفه في الأساس إبقاء حدة الأوضاع في القطاع إلى مستوى - ما دون الانفجار- ولهذا السبب عقد إسماعيل هنية، سلسلة لقاءات مع قادة المجتمع. المدني وقادة الرأي العام ومنظمات أهلية، من أجل وضع تصورات للخروج من الأزمة الحالية وتحقيق المصالحة الوطنية. وكان هنية قد وجه دعوة في وقت سابق إلى كافة الفصائل الفلسطينية للمشاركة في إدارة القطاع، ولكن تلك المبادرة المتأخرة، ووجهت بانتقادات حادة من قبل العديد من المراقبين والمسئولين الذين رأوا في هذه الخطوة محاولة من حماس لتوريط الفصائل في أزمات القطاع، وهروبا وتهربا من المخرج الحقيقي والوطني للأزمة وهو إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الفلسطينية الفلسطينية.
ثم أن الهجوم الذي تعرض له هنية بسبب تلك المبادرة، لم يكن فقط من خارج حركته، بل هذه المرة من داخل البيت الحمساوي ومن عصب حركة حماس، حيث اعتبرت قيادات متنفذه فيها هذه الدعوة: بأنها بداية إعلان هزيمة. ولكن رأس حماس في القطاع - إسماعيل هنية - أصر على الدفاع عن خطوته، ودعا إلى اجتماع موسع لقيادات وكوادر حركة حماس في كافة محافظات غزة، وحاول هنيه في هذا اللقاء توصيف وضع حماس بعد عزل مرسي بكل مرارة وواقعية قائلا: ما حدث في مصر هو زلزال حقيقي بكل المقاييس وهو كان خارج كل توقعاتنا وحساباتنا وحسابات غيرنا، والنتيجة أننا نشعر الآن بأننا نقف على أرجل خشبية، ممكن ان تقع بنا في أي لحظة . واعترف هنية في هذا الاجتماع بأن الحركة تعيش حالة حصار شامل، وبأن الأنفاق في طريقها إلى الانتهاء، وطالب هنية قيادات وأبناء الحركة بإخفاء صراعاتها حتى لا يبدو وكأنهم قبائل وعشائر متفرقة. وأوضح هنية بأن من انتقدوا دعوته يبدو بأنهم لا يدركوا حجم المخاطر التي تحيط بالحركة، وحجم المؤامرات التي تحاك لها في الغرف المظلمة داخليا وخارجيا.
في الختام، يبدو بأن حركة حماس مصرة على الإمعان في خيارها وهو: إما كل شيء او لا شيء، وهي ما زالت تتبع استراتيجية الهروب إلى الأمام. ولكن عسى أن تدرك حماس أن الخارطة الإقليمية الجديدة لا تصب في مصلحتها، وأن الإقليم يتشكل على أسس مختلفة. وهي ملزمة الآن ببلورة رؤية موحدة تجتمع عليها كافة أجنحتها، في كيفية الخروج من المأزق الحالي باقل الأضرار. وبعبارة أخرى، على حركة حماس أن تكون أكثر حنكة سياسية من الحركة الأم جماعة الإخوان.

 

عبير بشير


لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,982,966

عدد الزوار: 7,653,846

المتواجدون الآن: 1