التفكُّك الأخلاقي للنُخبة السياسية في لبنان

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 حزيران 2011 - 6:04 ص    عدد الزيارات 626    التعليقات 0

        

التفكُّك الأخلاقي للنُخبة السياسية في لبنان

 


 
رضوان السيّد

 

 إنّ الذي يراقب ما جرى في الأيام، بل الأسابيع والشهور الماضية، منذ إسقاط حكومة الرئيس الحريري، ووصولاً إلى الشبكة التي استحلاها الوزير شربل نحّاس، لا يسعه إلا أن يلحظ التمادي في تفكيك الدولة والمؤسسات، بل وإجراء ذلك بحماسٍ وصُراخٍ، مثلما كنا نفعل في الحرب الأهلية عندما كنّا ندمّر شوارعنا وأعمدة النور ونحتلّ المؤسسات، بحسبان ذلك كلّه عقوبةً للطائفة المارونية، وللمارونية السياسية المسيطرة! أمّا الذي يحدث الآن، بل ومنذ شهور، وربما سنوات، فهو ائتمار بالدولة وعليها، إنما تحت عنوان الانتقام من الطائفة السنّية· لماذا هذا الإنتقام والثأر؟ التهمة الرسمية أنّ السنّة هم الذين استأثروا بكل الجبنة في الطائف، وهم الذين يحتلون طرفي المعادلة فمنهم المستولون على الدولة، ومنهم المتطرفون الذين يهددون الآخرين· والعماد عون كلَّف نفسه، وكلّفه حزب الله، بعمل كلّ شيّءٍ لهرجلة المؤسّسات القليلة الباقية، إنما هذه الهرجلة شرطُها أن يكون الذي يتولّاها سنّي· وكأنما لا يكفي الدولة ومؤسّساتها هذا السيَبان، ولا تكفينا حملات العماد عون، فيخرج علينا الرئيس بري منضماً إلى وسائل إعلام المقاومة العظيمة متهِماً لسنّة الشمال بالتورط في أحداث سوريا، ويضيف أنه ربما كنا نحتاج الى شهيد جديد، يعني أننا إنتحاريون، مثلما حدث من قبل! إنّ العجيب أنّ ذلك يحصُل في وقتٍ ليس فيه أحدٌ أحسن من أحد، لا حلفاء سوريا ولا خصومها· ويحصل في وقت ليس في البلد حكومة كاملة منذ أربعة أشهر· ويحصل في وقت يريد الرئيس بري أن يحلّ فيه محلّ الحكومة مرتئياً أخيراً <تفعيل> مجلس النواب، بعد طول تعطيلٍ لهيئته العامة بذريعة عدم وجود حكومة !

إنّ العلّة ليست في شخص العماد عون، ولا في شخص الرئيس بري، بل العلّة في عقلية المخاصمة السائدة لدى الطبقة السياسية· والتي تتجاهلُ - لإثبات الوجود - الاعتبارات الوطنية والأخلاقية· فالتفكُّكُ السياسي يبقى محتملاً إن لم يعبّر في أوقات الأزمات عن تفكُّكٍ أخلاقي، لأنه في مثل هذه الحالة لا يعودُ هناك نِصابٌ يمكن اللجوء إليه أو الاعتصام به· والواقع أنّ هذه <السجايا> الحميدة لدى السياسيين اللبنانيين انفضحت من زمان، وآخِرُ بل وأكبر شواهد افتضاحها أخبار الويكيليكس على مدى ثلاث سنواتٍ وأكثر، وهي لم تُبق سياسياً إلاّ وقد تبيّن أنه صرَّح في يومٍ واحدٍ بثلاث تصريحات متناقضة الفارقُ بينها هو الفارق بين السرّ والعلانية!

وإذا كانت عقليةُ الخصومة سمة لبنانيةً شبه خالصة، وموروثة من حروبنا الأهلية وغير الأهلية، فإنّ <الإخوة> في سورية والذين سيطروا واستتبعوا على مدى ثلاثة عقودٍ، لا يشكون من شيء، واللبنانيون التابعون لهم لا يعلمون إلا في الأقلّ متى يرضون ومتى يغضبون، وأظنُّ أن <أمانتهم> لسورية وللأمة العربية، ولقضية المقاومة، والقضايا الأُخرى، لا تسمحُ لهم بالصمت لأكثر من يومين أو ثلاثة، فيحُسُّون هم بأنهم موجودون (ولو عن طريق تسمية الإرهابيين الذين تسلّلوا من لبنان إلى بانياس مَثَلاً!)· وقد يُحسُّ بعضُ أهل النظام بسورية بوجودهم وتأييدهم، إذا كانوا قد أخذوا إجازةً لساعتين من ملاحقة الإرهابيين والمتسللين!

ما عادت هذه المسألة نُكتة· ولا عُدْنا قادرين على إيجاد تعليلات معقولة أو شبه معقولة· ثم لماذا نكون نحن مكلّفين بإيجاد تبريرات لتحركشات العماد عون أو الرئيس بري أو وليد بك أو البطريرك بنا أو بالطائف أو بالدولة أو بالدستور أو بقوى الأمن الداخلي؟!

ثم إنني لا أعرفُ أخيراً لماذا نكون نحن وحدنا مسؤولين عن الدولة والدستور والمؤسسات، ويُصرُّ الآخرون على انتزاعها منا (من الدولة في الحقيقة)، ليس من أجل تحسين تسييرها، بل من أجل فكفكتها، ونكايةً بنا بالطبع!

 

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,651,093

عدد الزوار: 7,763,366

المتواجدون الآن: 0