منطقة عازلة تركية في شمال سوريا؟ أقرتها اتفاقية اضنة وتنتظر قرار دولي يسعى إليه اردوغان

تاريخ الإضافة الإثنين 13 حزيران 2011 - 5:07 م    عدد الزيارات 557    التعليقات 0

        

طارق نجم::

اليوم وضع رجب طيب اردوغان ورقته الانتخابية في صندوق الإقتراع ومع ملايين الأتراك الذين منحوا «حزب العدالة والتنمية» السلطة للمرة الثالثة على التوالي منذ عام 2002، وبذلك ستمتد فترة حكم هذا الحزب حتى العام 2016 مما سيجعلها الأطول في الحكم في تاريخ تركيا الديمقراطي طوال العقود السبعة الماضية. وإذا منح الاتراك اصواتهم لأردوغان لنجاحه في السياسة الاقتصادية التنموية التي وعد بها، فإن حصة السياسة الخارجية كانت عاملاً إضافياً في انتخابه حيث يذكر على أول سجل هذا السياسة المواقف الداعمة للفلسطينيين وآخرها الناقدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وإذ لم يجد 5 آلاف من سكان جسر الشغور ملاذاّ لهم إلا الأراضي التركية بعد أن أجتاح بلدتهم "حماة الديار"، شبهت تركيا ما حصل بأنه شبيه بالهجرة الجماعية لأهالي شمال العراق نحو تركيا ملمحة بمنطقة عازلة.

الحدود السورية التركية: تاريخ من الاتفاقات الأمنية أبرزها اتفاق اضنة والذي يسمح بمنطقة عازلة
طوال فترة خلافاتها مع سوريا، استخدمت تركيا ما عرف بالكماشة الاستراتيجية ذات شقين: المياه في الشمال واسرائيل في الجنوب. ووفق الواقع التاريخي، فإنّ جذور الصراع الحدودي بين البلدين تعود الى فترة الحرب العالمية الاولى حين منحت الاستعمار في ذلك الحين لواء الاسكندرونة الى تركيا-الاتاتوركية لإسترضائها قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وقد بدأ ظهور تحول ملفت في العلاقة بين البلدين منذ توقيع اتفاق اضنه في تشرن الأول من العام 1998 الذي اخمد نيران حرب اوشكت ان تشتعل بين الجارتين اللدودتين، كانت أبرز بنوده وقف الاحتضان السوري لحزب العمال الكردستاني وتسليم زعيمه عبدالله اوجلان في السنة التالية مع امكانية دخول الجيش التركي لاقامة منطقة عازلة عمقها 5 كيلومتر اذا اقتضى الأمر.

مع رحيل الرئيس حافظ الأسد في العام ،2000 حصل تحول. في خلال فترة قصيرة تمتد بين العامين 2000 و2009، تم توقيع ما يقارب 50 اتفاقية تعاون بين انقرة ودمشق بغية تعزيز التعاون الاستراتيجي من خلال مجلس متخصص دفع الى حدّ القيام بمناورات عسكرية مشتركة وجعل تركيا الشريك التجاري الأكبر لسوريا. وفي تلك الفترة كان الأتراك يتطلعون إلى توسيع نفوذهم شرقاً وكان عليهم لزاماً أن يتعاونوا مع النظام السوري مقابل توفير تركيا دعماً سياسياً واقتصادياً لنظام الأسد الذي اصبح منذ العام 2004 تحت ضغوط دولية وحصار اقتصادي على شكل استثمارات.

في 21 كانون الاول 2010، تم توقيع اتفاق امني بين رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة وصفت بأنها تاريخية لـ"مكافحة الإرهاب". وبحسب صحيفة "زمان" التركية الصادرة باللغة الانكليزية، فإن الاتفاقية تنظم كيفية التعامل مع عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يتمركزون حالياً في شمال العراق ويشنون عملياتهم المسلحة ضد الدولة التركية، حيث تشير التقديرات إلى أنّ نحو 1500 مسلح في حزب العمال الكردستاني هم من أصل سوري، من بين نحو 4000 آلاف هم العدد الكلي لعناصر الحزب. وكانت الاتفاقية تزمع تشجيع عناصر الحزب على القدوم إلى سوريا لدمجهم مجدداً في المجتمع. وحول هذه الإتفاقية، كشف السفير السوري لدى تركيا نضال قبلان في مقابلة مع صحيفة الوطن أنها ستكون اشمل من اتفاق اضنه الأمني ليشمل بالإضافة إلى حزب العمال الكردستاني كل من تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات المصنفة ارهابية.

لكن هذه العلاقات الواعدة المبنية على "أواصر التاريخ والإيمان والمستقبل المشترك" على حد قول وزير الخارجية داوود اوغلو، تعيش منذ 3 أشهر منعطفاً دراماتيكياً. فبوادر الربيع العربي التي اول ما حطت رحالها في درعا، انتشرت في المدن السورية وصولاً إلى تلك المدينة التي كانت مجهولة للكثيرين والتي تسمى "جسر الشغور"، والتي شاءت الأقدار أن تلاصق حدود الجمهورية التركية. رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان لم يكن ينتظر ان تشتعل المدينة الحدودية ويدخل 5 آلاف من سكانها كلاجئين إلى الأرض التاريخية لبني عثمان، لأن زعيم حزب العدالة والتنمية كانت له مواقف واضحة منذ الشرارة الأولى في درعا تصاعدت فيها لهجته في تخاطبه مع الرئيس السوري بشار الأسد بموازاة تصاعد تعداد القتلى السوريين اللذين تجاوزوا الفاً لينبه الأسد قائلاً "نحن نرفض أن تحدث مجزرة أخرى مماثلة لحماة".

المنطقة العازلة في الشمال السوري: اصرار اردوغان لتمرير قرار بهذا الشأن...دولي كان أم اطلسي يرى تقرير صادر في مجلة Foreign Policy الأمريكية أنّ الانتفاضة السورية أوقفت هذه الشراكة الاستراتيجية وكانت بمثابة ضربة مدوية لها، حيث أن تركيا ذات الغالبية السنية، وخاصة بسبب طبيعة «حزب العدالة والتنمية» المحافظة والإسلاموية، لم يكن لها أن تقف مكتوفة الأيدي بينما الأسد، والذي يترأس نظاماً تسيطر عليه أقلية علوية، يذبح إخوانها من أهل السنة. وتخشى تركيا كذلك استمرار الفوضى في شمال غرب سوريا الذي من شأنه أن يفتح المجال أمام المتشددين الأكراد باستخدام المنطقة كقاعدة لشن عمليات ضدها. ولا تشكل هذه التطورات تهديداً أمنياً كبيراً عبر الحدود التركية فحسب، بل قد تضر بموقف «حزب العدالة والتنمية» في الداخل قبل الانتخابات العامة. لذا قد تبدو فكرة انشاء منطقة عازلة في الداخل السوري تسيطر عليها تركيا، فكرة ممكنة وقابلة للتطبيق وفق التوازنات الإقليمية والدولية؟

وإذا كان وزير الخارجية التركية ينفي نية انقرة اقامة هذه المنطقة في الوقت الراهن، فإنّ مصادر تركيا لم تعلن عن هويتها افشت عن توجه تركي لإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية السوريَّة لمواجهة تدفق الأعداد المتزايدة من النازحين السوريين هروبًا من القمع والعنف في بلادهم. وفي الوقت عينه اعلنت تركيا أنها جاهزة لاستقبال 10 آلاف لاجئ سوري وتعدّ نفسها في الوقت عينه لإقامة منطقة عازلة Buffer Zone. واسلوب المنطقة العازلة هي اسلوب درجت الدول الكبرى للجوء إليه من اجل درء المخاطر والتعامل معها بشكل مبكر قبل دخولها إلى أراضي الدولة. وهو ما سعت الى اقامته تركيا في شمال العراق، لحماية أمنها من انشطة حزب العمال الكردستاني. ولكن في حالة تركيا وسوريا، فإنّ قيام مثل هذه المنطقة في الشمال السوري من شأنه زعزعة اركان النظام الحاكم عبر استخدام حجة دخول آلاف السوريين الى اراضيها.

اردوغان اتخذ عدة خطوات للشروع في هذه المنطقة العازلة بدءاً من استضافة مؤتمر المعارضة التركية برعايته الشخصية في مدينة انطاليا التركية. كما أنّ سيناريو منطقة حظر الطيران هو أمر ممكن، في حال تم تمرير قرار دولي في مجلس الأمن مع تحييد الروس والصينيين، وهذا ما يذكرنا بالسيناريو الليبي الذي تكور لاحقاً، خصوصاً أن تركيا قد تعمد الى استغلال عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لطرح اقامة هذه المنطقة داخل الناتو بشكل مبدأي لاستدراج الحلف دون تأييده لاحقاً في مجلس الأمن.

الردود السورية على مواقف اردوغان كانت تأتي إعلامية بالدرجة الأولى وتوجه اتهامات للأتراك بأنهم متورطون بارسال شحنات أسلحة للمحتجين السوريين مع تلويح بالورقة العلوية في تركيا. الأتراك ما زالوا يدرسون المسألة بمزيد من التأني لأن سوريا لا زالت تملك بعض الأوراق لتلعبها منها اطلاق سراح عناصر من حزب العمال الكردستاني المعتقلين في السجون السورية بموجب قانون العفو الاخير. وهؤلاء هم بمعظمهم من المقاتلين اللذين يمكن دفعهم لتخريب الداخل التركي من خلال عمليات عسكرية قد نفذ بعض منها في شهر ايار. ومن جهة سوريا، فانها ظلت وحتى أيار 2011 تلتزم باتفاق اضنة حين سلمت سلطات دمشق إلى تركيا 3 من عناصر حزب العمال الكردستاني المحظور. وكانت سوريا سلمت إلى تركيا أكثر من 128 من عناصر حزب العمال منذ توقيع اتفاق أضنة في 20 تشرين الأول في العام 1998.

من جهتها، الولايات المتحدة والغرب عموماً رحبوا بصمت في موقف الأتراك من النظام السوري، حيث رأوا أنه لولا هذا الضغط التركي الأخير لكان نظام الأسد أكثر راحة ، كما اشار الكاتب الأميركي المعروف دايفيد شنكر. وقد اشار تقرير لمركز التقويم الاستراتيجي الامريكي أنّ هناك اهداف وضعت لمستقبل تركيا حتى العام 2020 منها تحويل تركيا الى قوة نووية بحلول عام 2020، والتركيز على تحول تركيا من الارتباط الاوروبي الى الارتباط الاطلسي مع ما يواكب ذلك من توسع منتظر لدور تركي مقبول من جميع الأطراف في المنطقة ويستطيع الوقوف في وجه ايران والنفوذ الروسي، وكذلك عامل ضغط على اسرائيل عند اللزوم لانجاح عملية السلام

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,684,866

عدد الزوار: 7,764,838

المتواجدون الآن: 0