مصر: الاخوان المسلمون أم طبقة جديدة شابة؟

تاريخ الإضافة الأحد 7 آب 2011 - 6:52 ص    عدد الزيارات 550    التعليقات 0

        

مصر: الاخوان المسلمون أم طبقة جديدة شابة؟
بقلم سليم نصار – لندن

مع ان زعماء التيارات العلمانية يعتبرون ان الاحزاب الدينية والسلفية وحدها مهيأة لخوض المعركة الانتخابية يقول المراقبون الديبلوماسيون ان الرهان على فوز التيارات الاسلامية في مصر قد يكون خاطئاً.

رمضان مبارك... رمضان مبارك
هاتان الكلمتان اللتان تصدرتا يافطات تظاهرة يوم الجمعة الاسبق، كانتا الدليل الامثل على اهمية استخدام الادبيات الرمضانية لمحاكمة "مبارك" وعهده.
وقد تجلى الحاح الجماهير على ضرورة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، بعدما نشرت الصحف تكهنات متضاربة حول حضوره الجلسة الاولى. ومع ان وزير الصحة الدكتور عمرو حلمي اكد استعداد الجهات الامنية لنقل الرئيس الى القاهرة، الا ان محامي الدفاع فريد الديب ظل يشكك في قدرة موكله على تحمّل المحاكمة.
تقول الصحف المصرية ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم، هو الذي شجع حكومة الدكتور عصام شرف، على نقل مبارك الى المحكمة في القاهرة بهدف اقناع الجماهير بأن المجلس جاد في هذه المسألة، خصوصاً بعدما اطلقت احزاب المعارضة صيحات التشكيك بأن الحكومة تضخّم حكاية وضعه الصحي تحاشياً لاهانته واذلاله.
وربما لجأ اهل الضحايا الى هذا الاستنتاج المريب لأن رئيس المجلس المشير حسين طنطاوي ورئيس الاركان الفريق سامي عنان، كانا من اقرب المقربين الى الرئيس. بل ان المجلس كان الهيئة الرسمية التي جيّر لها مبارك سلطاته عندما تنحى عن الحكم في 11 شباط الماضي.
وبما انها المرة الاولى في التاريخ العربي الحديث، يتعرض رئيس للمحاكمة والمساءلة، لذلك تقدم آلاف المحامين والموظفين وممثلي الاحزاب للحصول على اذونات الحضور. ولكن وزارة الداخلية حددت عدد الذين تستوعبهم القاعة بـ600 شخص فقط.
الشخص الذي افتقده جمهور قاعة المحكمة كان الملياردير حسين سالم. ويستدل من خلفية عمله السابق انه استغل وظيفته كطيار ليدخل الى قلب رفيقه الطيار حسني مبارك. ومن هذا الباب التحق بأجهزة الاستخبارات التي افسحت له مجال الاتجار بالسلاح. ولكن انجازاته المهمة حصرها في امرين خطيرين: تحقيق صفقة الغاز مع اسرائيل بواسطة رجل اعمال يهودي يدعى يوسي ميمان، واقناع الرئيس مبارك بالغاء اجازته الصيفية في الاسكندرية والانتقال الى شرم الشيخ.
وبسبب مشروع "شرم الشيخ"، اطلقت الصحافة المصرية على حسين سالم (83 سنة) لقب "الاب الروحي" لهذا المنتجع الذي حوّل الصحراء القاحلة جنّة للسياح. وقد بنى فيها لصديقه القديم مبارك قصراً متواضعاً، قرب نادي "موفينبيك" للغولف. ولم تمض عشر سنوات حتى انتشرت الفنادق الفخمة على جنباته، موفرة لسياح اسرائيل فرص الاستمتاع باجازة آمنة.
بعد تفجير انبوب الغاز في سيناء، شعر حسين سالم بخطر اقتراب الثورة من منزله في القاهرة، الامر الذي دفعه الى حزم حقائبه والتوجه الى الخليج على متن طائرة خاصة. وبعد فترة قصيرة، انتقل الى جنيف، ومن ثم الى اسبانيا حيث يقبع في مستشفى خاص، ويرفض العودة الى مصر بحجة المرض.
عقب رفضه التجاوب مع طلب استدعاء المحكمة، اتهمته احدى الصحف بأنه جنى ثروة كبرى تقدّر بـ18 مليار دولار. ونفى عبر برنامج لتفزيوني هذه الادعاءات، مؤكداً للمدعي العام انه سافر الى اسبانيا ولم يهرب... وانه استثمر في شرم الشيخ ولم يسرق... وانه قدم خدمة لوطنه في صفقة الغاز ولم يرتش. وعلى كل حال، فان ملف الفساد الذي ادخل اربعة وزراء الى السجن، ينتظر عودة حسين سالم لضمه الى مجموعة المنتفعين من النظام.
بانتظار الانتقال الى الجلسة المقبلة يوم 15 الجاري، عاد حديث وسائل الاعلام ليركّز على موضوع حضور مبارك واحتمال تغيبه. وذكر ان محاميه قدم تقريراً صحياً جديداً يؤكد معاناته من اكتئاب شديد، ومن عدم قدرته على التركيز. ويرى الاطباء ان هذه الاعراض ناتجة عن كثرة تناول حبوب مهدئات الاعصاب التي تساعده على النوم واحتمال ضغوط الحراسة.
ويتردد في القاهرة ان أعضاء الحكومة انقسموا حول مسألة الحضور الشخصي. ذلك ان بينهم من اقترح ضرورة التقيد بمواعيد المحكمة لئلا تحسب الجماهير ان ظهور مبارك داخل القفص الحديد، كان مجرد عملية استعراضية لارضاء الغوغاء. في حين يرى البعض الآخر ان المبالغة في عملية الاذلال قد تنعكس بشكل سلبي على الفئات المحايدة وعلى الرأي العام العالمي الذي استفظع خشونة المعاملة.
هذا، وكان الحضور العلني المكثف لـ"الاخوان المسلمين" قد أعطى الانطباع بأن المجلس العسكري الاعلى عقد صفقة مع هذه الجماعة بهدف مساعدته على فرض الهدوء والنظام وكل ما يفتعله "الشبيحة". ورد الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة، على هذا الاتهام بالقول: ان النشاط الذي يظهره "الاخوان المسلمون" ليس مرتبطاً بتعاطف الجيش معهم... وانما هو حصيلة ممارساتهم اليومية خلال فتح مراكز ومقرات جديدة في مختلف المحافظات.
والمعروف ان لجنة الاحزاب سمحت لهم بتشكيل "حزب الحرية والعدالة"، الامر الذي سلحهم بالشرعية لاول مرة منذ 1928. أي منذ اطلقهم حسن البنا كتنظيم سري ناهضته كل العهود لا فرق أكانت ملكية أم جمهورية.
ويستدل من مراجعة مانيفستو "حزب الحرية والعدالة"، ان المؤسسين الجدد قد استوحوا اعلان "حزب العدالة والتنمية" في تركيا، على اعتبار ان حصيلة الانتخابات ستدعمهم بغالبية برلمانية قادرة على انتخاب جمعية تأسيسية تتولى كتابة الدستور خلال فترة لا تزيد على ستة أشهر. وبعد ذلك يصار الى طرح الدستور لاستفتاء شعبي بعد اسبوعين من تاريخ نشره.
الحكومة المصرية تحرص على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد خلال شهر ايلول المقبل. علماً بأن بعض الاحزاب السياسية سعى الى اقناع المسؤولين بأهمية تأجيل موعد الانتخابات الى شهر كانون الاول بحيث تتمكن الاحزاب الجديدة من نشر برامجها وشعاراتها. خصوصاً ان الشهر الحالي – أي شهر رمضان المبارك – لا يسمح باجراء الحملات الانتخابية مع ما تتطلبه من لقاءات ومؤتمرات وجولات في ظل ظروف الصيام ودرجة حرارة تخطت الاربعين!
اضافة الى هذا، فإن شباب التظاهرات قد أعربوا عن عجزهم عن انشاء أحزاب سياسية تعبر عن تطلعاتهم، لاسباب مادية وتنظيمية. فالقانون الجديد يشترط حصول المؤسس على خمسة آلاف توقيع بعد نشر اعلانات في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار. وقد أعرب الثري نجيب ساويرس عن استعداده لتلبية هذه الشروط، في حين عجز سواه عن التجاوب مع مطلب قانون الاحزاب.
بعض زعماء التيارات العلمانية اتهم المجلس العسكري الاعلى بالسلبية واللامبالاة لأن الاحزاب الدينية والسلفية وحدها مهيأة لخوض المعركة الانتخابية الشهر المقبل، خصوصاً بعدما قدمت لها الحكومة رشوة سياسية كبيرة من طريق الافراج عن اعداد كبيرة من المساجين والسماح لآلاف المقاتلين بالعودة من باكستان والعراق وافغانستان.
يقول المراقبون الديبلوماسيون ان الرهان على فوز التيارات الاسلامية قد يكون خاطئاً لان الفراغ الحزبي يشير الى نشوء طبقة شابة جديدة ظلت مهمشة طوال الدورات الانتخابية السابقة. ومن المتوقع ان تلعب دوراً نشطاً لتكوين رأي عام مخالف للرأي العام الذي شحنه "الحزب الوطني الديموقراطي" الحاكم طوال ثلاثين سنة. واذا ما نحن أضفنا فترة الجمود السياسي التي غرسها جمال عبد الناصر طوال عهده، فإن مصر تكون قد تخلفت حوالى نصف قرن عن ممارسة الديموقراطية الحزبية. وللخروج من هذه القوقعة والعزلة تحتاج الى مرحلة طويلة لاسترداد العافية السياسية المخدرة.
خلال زيارتها الاخيرة لبودابست، قالت وزير الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، ان واشنطن مستعدة لفتح حوار مع الاسلاميين في مصر. وعندما أحرجت بسؤال عن غياب الديموقراطية في ظل حكم الاسلاميين، قالت ان الديموقراطية لا تتحقق إذا نحن تجاهلنا نصف سكان مصر. وكانت بهذا الكلام تنتقد ادارة جورج بوش الذي اهمل غالبية الشعب الفلسطيني الذي صوت لـ"حماس".
والملاحظ ان زعماء "حزب النهضة" التونسي قد زاروا واشنطن واجتمعوا مع اعضاء في الكونغرس، من اجل بناء جسر من الثقة يحيي العلاقة التي اهتزت مع سقوط زين العابدين بن علي. وفي هذه الحال، تتوقع هيلاري كلينتون زيارات مرتقبة من زعماء "الاخوان المسلمين" خصوصاً في حال استيلائهم على غالبية مجلس النواب... أو في حال مطالبة المجلس العسكري بدفع المخصصات والمساعدات الاميركية.
أما في حال فشل "الاخوان" في تقليد النموذج التركي، والاقتداء بالنموذج الايراني، فإن حراس الانتفاضة المصرية يعرفون طريق الانقلابات التي دشنها جمال عبد الناصر.
وقديماً قيل: ان الثورة الفرنسية التي استخدمت المقصلة باسم "الحرية والعدالة والمساواة"... لم تتوقف الا بارادة ديكتاتور يدعى نابليون!


(كاتب وصحافي لبناني)      

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,831,015

عدد الزوار: 7,769,171

المتواجدون الآن: 0