من النظام الطائفي··· إلى السلاح··· إلى المحكمة أين الخلل···؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 آب 2011 - 5:43 ص    عدد الزيارات 551    التعليقات 0

        

من النظام الطائفي··· إلى السلاح··· إلى المحكمة أين الخلل···؟
صلاح سلام

يوماً بعد يوم، تزداد قناعة اللبنانيين بأن <ثمة خلل ما> في الحركة السياسية، حوّل حياة النّاس إلى جحيم من التوتر والقلق، وكأنّ البلد يعيش على برميل بارود ساخن··· قابل للإنفجار في أية لحظة!·

ويختلف اللبنانيون، كعادتهم في الاختلاف حتى على جنس الملائكة، في تحديد أسباب هذا الخلل: هل العلة في النظام السياسي الطائفي، أم المشكلة في حصرية السلاح وسطوته، أم أن الخلل ينبع من هيكلية الدولة التي أخلت مواقعها الأساسية لقوى الأمر الواقع، ففقدت هيبتها وأضاعت مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطن في أكثر الواجبات أهمية، وفي أدق الملفات حساسية؟!·

وإذا حاولنا تفادي النقاشات البيزنطية، واعتبرنا أن الخلل المشكو منه هو نسيج تلك الافتراضات الثلاثة، وغيرها من العوامل والحساسيات الأخرى، لأدركنا أسباب التصعيد الدائم في المواقف والخطابات، عند كل ملف خلافيّ يطل برأسه على الساحة السياسية، وخاصة ملف المحكمة الدولية الخاصة لأجل لبنان·

* * *

لا مصلحة للبنان بالتراجع عن التزاماته تجاه المحكمة، ومواجهة المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن الدولي الذي أنشأ المحكمة بقرار إجماعي، بعدما تعذّر على الحكومة اللبنانية، يومذاك، إقرار إنشاء المحكمة والمصادقة على نظامها في مجلس النواب الذي كان مقفلاً، بعد انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من حكومة السنيورة·

ولا قدرة للوطن الصغير في وقف أعمال المحكمة، لأنها تسير في مسار دولي مُحكم المفاصل، بمعزل عن ردود الفعل والخلافات اللبنانية - اللبنانية·

لذلك لم تستطع الحكومة الحالية، والمؤلفة من أطراف متحالفة، بشكل أو بآخر، مع حزب الله، التفلّت من التزامات المحكمة، حيث لا يُفوّت الرئيس ميقاتي مناسبة إلا ويؤكد الحرص على متابعة كافة الالتزامات تجاه المحكمة: تمويلاً، وتعاوناً، والإبقاء على القضاة اللبنانيين فيها·

وقد يكون من حق <حزب الله>، أو أي طرف سياسي آخر، أن يصرّ على رفضه الاعتراف بالمحكمة، وعدم التعامل معها، واعتبارها مسيّسة، وتخدم الأهداف الأميركية والصهيونية··· إلى آخر المعزوفة، على نحو ما حصل مجدداً بعد صدور القرار الاتهامي، ثم نشر بعض تفاصيله وتوجيه التهمة إلى أربعة عناصر ينتمون للحزب·

كان من الممكن أن يبقى السجال السياسي حول نزاهة المحكمة واتهامات التسييس والاستهداف، في إطاره التقليدي بين الموالاة والمعارضة، لولا نشر مجلة <التايم> الأميركية الكلام المنسوب لأحد المتهمين، والذي أعلن فيه أن مكان إقامته معروف من قبل الأجهزة الأمنية الرسمية ولكن الدولة غير قادرة على توقيفه!!·

* * *

لا نريد أن نُفاضل بين نفي <حزب الله> للواقعة من أساسها، وبين تأكيد المجلة الأميركية على صدقية الحديث، والتفاصيل التي أحاطت بزيارة الصحافي الأميركي إلى منزل <مصدر مسؤول> في <حزب الله>، حيث

وجد نفسه بعد قليل وجهاً لوجه أمام أحد المتهمين الأربعة> كما ورد في مقدمة المقابلة، فهذا الأمر ستكشفه الأيام القليلة المقبلة، خاصة إذا كان مندوب <التايم> قد استطاع أن يثبت وقائع اللقاء، بطريقة أو بأخرى، أو أظهر إعلام حزب الله <زيف هذه الادعاءات>·

ولكن ما يهمنا هنا هو طرح السؤال الذي يشغل اللبنانيين، القلقين أيضاً من الأحداث والمواجهات الدامية المتلاحقة في مختلف المناطق و المدن السورية:

لمصلحة مَن هذا التباهي في إظهار حزب الله وكأنه دولة في حماية شرعية الدولة اللبنانية، أو حتى كأنه هو الدولة، ويعود الأمر إليه وحده على الأرض اللبنانية؟·

ألم تثبت تجارب السنوات السوداء أن لا ترسانات الأسلحة، ولا الفرق العسكرية الجرّارة، ولا حتى الإمكانيات المالية الكبيرة، تنفع في إقامة سلطة تأخذ دور الدولة الوطنية، ولا حتى الهيمنة على مقدراتها وقراراتها إلى الأبد:

{{ حاولت منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينات مصادرة قرار السلطة اللبنانية الشرعية بعدما عطّلت مؤسساتها الأمنية والعسكرية، فدفعت القضية الفلسطينية الأثمان الغالية للانحراف عن الخط النضالي الأساسي·

{{ قطعت <القوات اللبنانية> أشواطاً خلال الثمانينات في الحلول مكان الدولة: أمناً وتنظيماً ومالية وجباية، وذلك في مناطق نفوذها من الأشرفية حتى البربارة، فكان أن دفع المجتمع المسيحي لاحقاً الثمن من وحدته وأمنه·

{{ أنشأ الحزب التقدمي الاشتراكي الإدارة المدنية في الجبل للحلول مكان الإدارات الرسمية، وسرعان ما اكتشف أن أعباء الدولة الوطنية تنوء بأثقالها الجبال·

فهل نحن بحاجة إلى تجربة جديدة··· تودي برصيد المقاومة؟·

* * *

لقد أصبح واضحاً أن الاستقواء بسطوة السلاح في الداخل، يُفاقم الخلل الذي تُعاني منه الحركة السياسية في البلد، ويزيد المعادلة الوطنية، الدقيقة والحسّاسة، اضطراباً، في مرحلة أحوج ما يكون فيها الوطن الصغير إلى تماسك جبهته الداخلية، وإلى تحصين صيغته التي تُجسّد العيش الواحد بين مختلف الطوائف، في وقت يجتاح زلزال الانتفاضات والثورات التغييرية دولاً عربية كانت حتى الأمس القريب أكثر تماسكاً، وأكثر استقراراً، وكان حكامها أكثر استرخاء··!!·

المواجهة مع المحكمة الدولية لا تكون في الشارع اللبناني، ولا بصب الزيت على نار الفتن الداخلية والمذهبية، بل في الإعداد الجيّد لملفات الدفاع، ومقارعة الاتهامات بالأدلة والإثباتات القاطعة، ومن خلال توجه يُحاكي قناعة اللبنانيين، كل اللبنانيين، وجمهور المقاومة في الوطن العربي، لإظهار مظلومية الاتهامات وعدم دقتها·

وطالما أن قرينة البراءة متوافرة للمتهمين الأربعة، فان إهمال متوجبات الدفاع القانوني والقضائي، والاكتفاء بالخطاب السياسي الرافض للمحكمة، يضيع فرصة إثبات براءة المتهمين، حسب الأصول القانونية، الأمر الذي من شأنه أن يحمل تداعيات خطيرة على الوضع اللبناني، ويزيد الخلل الحالي تفاقماً وتعقيداً، خاصة بعد تصوير المسألة وكأنها تضع الطائفة الشيعية كلها في موقع الاتهام··· وهذا أبعد ما يكون عن الواقع، حيث أن هذه الطائفة الكريمة تحظى باحترام وتقدير كل اللبنانيين، طوائف وأحزاب وجماعات، نظراً لدورها التاريخي المرموق في الحياة الوطنية والسياسية والثقافية والقومية.

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,848,713

عدد الزوار: 7,769,893

المتواجدون الآن: 0