بلوغ اليمن مرحلة الخطر جراء الانقسام القبلي

تاريخ الإضافة الجمعة 26 آب 2011 - 4:57 ص    عدد الزيارات 528    التعليقات 0

        

بلوغ اليمن مرحلة الخطر جراء الانقسام القبلي
هل ما يجري في اليمن ثورة من ثورات الربيع العربي، أم أن الثورة غداة محاولة الاغتيال التي تعرّض لها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وكبار رجال الدولة اليمنية يوم الجمعة في 3 حزيران/ يونيو الماضي، في جامع النهدين بدار الرئاسة، قلبت الموازين، وجعلت تجمع أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) مع بعض رجال القبائل النافذين يسرقون الثورة من الشباب المتجمعين أمام جامعة صنعاء، منذ انطلاق الثورة اليمنية في 11 شباط/ فبراير الماضي؟

ما قبل إصابة علي عبد الله صالح وانتقاله الى السعودية للعلاج (وحالياً يقضي فترة نقاهة في العاصمة السعودية الرياض) هو غير ما بعد الإصابة، فقد تغيّرت الكثير من المعطيات على الأرض، وإلى الأسوأ في رأي العارفين في الشأن اليمني في الداخل والخارج·

إذا تأملنا واقع اليمن اليوم هناك مشهديتين للحديث لا ثالث لهما وإن كانت كل السلبيات المتعددة في الفضاء اليمني تؤثر في المجتمع تأثيراً بالغاً، وتحتاج إلى معالجات حقيقية وبتكاتف كل الجهود ولكن أين هي هذه الجهود واليمن أصبح منقسماً على نفسه كما تنقسم حبات الزئبق دون مغنطيس يعود ويجمعها من جديد!

المشهدية الأولى: هذه المشهدية تتحدث عن العاصمة صنعاء التي أصبحت قسمين بين معارضين وموالين للرئيس اليمني علي عبد الله صالح· وهذ الانقسام الزلزالي حالياً لا يوجد من المشايخ القبلية شيخ يدعو إلى مؤتمر للقبائل كما حدث في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي قبل 34 سنة، عندما تنادت عموم القبائل وعلى رأسها حاشد وبكيل إلى الاجتماع في مدينة خمر بقيادة المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد والشيخ سنان أبو لحوم أحد شيوخ بكيل النافذين الذي أثر في السياسة اليمنية، وما أحوج اليوم اليمني إلى هذين الرجلين وإلى حكمتهما، مع أن اليوم غير الأمس، ولكن طالما أن القبلية بعدها وعديدها تشكل 75 بالمائة من تشكيلة المجتمع اليمني· القبائل اليمنية هي عدنان وقحطان وهمدان وبكيل وحاشد ومذحج والزرانيق والعوالق والحواشب وقبائل الضالع ويافع وردفان وقبائل بين شبوة وكندة والحموم في حضرموت وغيرها من القبائل الصغيرة تعداداً·

وإذا ما تألمنا تاريخ اليمن على مر العصور قبل الثورة وبعدها التي حدثت عام 1962 على أيدي الضباط الأحرار وإعلان الجمهورية في 24 أيلول/ سبتمبر عام 1962، نرى أن القبيلة كانت ولا زالت مشاركة في صنع القرارات السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية، ولم يستطع أي حاكم في اليمن حتى في زمن الإمامة وحكم آل حميد الدين، أن يتجاهل القرارات السياسية والعسكرية والاقتصادية، حتى أن كل الرؤساء الذين جاءوا بعد الثورة ارتموا في حضن القبلية لترسيخ حكمهم كما فعل الرئيس علي عبد الله صالح في بداية حكمه، ولكنه عاد وبعد ما قوي ريشه إلى قصقصة أظافر رجال القبائل بإبعادهم تارة وتقريبهم تارة أخرى، بل لجأ إلى تصفية الشخصيات الجامعة من زعماء الأشراف والقبائل بحادثي سير، وهذه الحقيقة يعرفها كل الشعب اليمني على الاطلاق، بينما لو كانت هذه النخبة موجودة لما كان حدث في اليمن ما حدث وأصبحت الحال على ما هلي عليه اليوم·

طبعاً في احداثيات المشهد اليمني في المشهدية الأولى انهارت مساء الجمعة في 19 آب/ أغسطس الهدنة السادسة المبرمة بين السلطات المحلية في تعز والشباب المؤيدين للثورة، وهذا انعكس على العاصمة صنعاء بين معسكري المؤيدين للرئيس اليمني علي عبد الله صالح والمناوئين له، وخرجت في نهار الجمعة الماضية مظاهرات حاشدة، إستجابة لدعوة شباب الثورة واللجنة التنظيمية للثورة الشبابية السلمية في ما سميت <جمعة تأييد المجلس الوطني> الذي تشكل وبدأ إجتماعاته تحت هذا المسمى يوم السبت الماضي· بينما خرجت مظاهرات للموالين للرئيس صالح في ميدان السبعين وأطلق على هذا اليوم اسم <جمعة الحكمة اليمانية>·

ومع أن يوم الجمعة هو يوم عطلة في اليمن، إلا أن الحكومة اليمنية ولأول مرة توجه أصابع الاتهام في هذا اليوم لشخصين متهمين بالتورط في محاولة اغتيال صالح وكبار مسؤولي الدولة، وقال عبده الجندي، نائب وزير الإعلام في مؤتمر صحافي في صنعاء، إن الاتهامات الرسمية موجهة إلى المعارض البارز حميد الأحمر ومعه اللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع والأخ غير الشقيق للرئيس علي عبد الله صالح، ويبدو بحسب مصادر يمنية محايدة أن هذا الاتهام كيدي، وقال الجندي أن <الأحزاب المعارضة من تكتل اللقاء المشترك (ترجمت مضمون خطاب رئيس الجمهورية الأخير الذي قال فيه أن ثورة الشباب سرقت، وذلك من خلال اعلان أحزاب اللقاء المشترك تشكيلة ما يسمى بالمجلس الوطني)، كون هذا الاجراء يترجم فعلياً سرقة ثورة الشباب التي تطالب بالثورة على الفساد والمفسدين>· ولم يخلُ حديث الجندي من تنبيه الشباب الى ما يجري لضرب معسكر المعارضة فيما بينه·

وإذا كان كل ما أسفلناه جديد، إلا أن أجد الجديد هو تشكيل المعارضون والموالون للنظام كيانين قبليين مؤخراً·

في نهاية شهر تموز/ يوليو الماضي، أعلن الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد إنشاء <تحالف قبائل اليمن> ويضم كل القبائل المؤيدة والمناصرة للثورة الشبابية، من أجل توحيد الرؤى القبلية بما يحقق نجاح وحماية الثورة وبناء دولة مدنية حديثة بما لا يتعارض مع قيم المجتمع وتعاليم الشرع·

ويوم الخميس الماضي وفي حركة التفافية، إعلنت قبائل موالية للرئيس علي عبد الله صالح إنشاء كيان قبلي يضم عناصر من مختلف القبائل اليمنية، كما يقول مؤسسوه الذي ينتمي أغلبهم إلى الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وأقروا وثيقة <قاعدة الثوابت الوطنية والعرقية لقبائل اليمن>· وأعلن وقوف المشاركين في وجه كل من يحاول الخروج على الثوابت الوطنية كما يقولون·

وهاتان الجزئيتان هامتان جداً وتكوّنهما خطر على اليمن وعلى الثورة وعلى بقاء اليمن موحّداً، لأن هذه المرحلة في انشاء هذه التحالفات هي مرحلة صراع خطير ليس بين النظام والقبائل بل بين أبناء القبائل نفسها، وما زاد الخطر، توزيع النظام للسلاح على القبائل المؤيدة له·

فعلاً، إذا كان صالح رئيساً لليمن ويريد أن يختم حياته السياسية بموقف يشهد له في التاريخ رغم كل الأخطاء والفساد في الحكم، فإن الأجدى عوض أن يعلن أنه قادم لمتابعة حكمه حتى إجراء الانتخابات في نيسان/ أبريل 2012، ليسلم السلطة إلى من يستحقها، وأن يوقّع على المبادرة الخليجية رغم أنه تلكأ ثلاث مرات عن توقيعها في اللحظات الأخيرة سابقاً، أن يسلم السلطة إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي· حتى يتجنب اليمن حمام من الدم ويكون فيه للثأر والأخذ بالثأر ترددات زلزالية، تزلزل القبلية فيما بين القبائل وتزلزل المجتمع اليمني برمته·

المشهدية الثانية: تجدد العنف في جنوب اليمن بين تنظيم القاعدة والقوات الحكومية في محافظة أبين حيث استغل أفراد تنظيم القاعدة الفراغ السياسي واستولوا على بلدة شقرة وزنجبار وعاصمة أبين، ويبدو أن هناك توجه لإخافة المجتمع الدولي من قوة وحركة تنظيم القاعدة، ولذلك تراخت القوات الحكومية وتركت لهؤلاء المتشددين الذين طردتهم الشهر الماضي من محافظة أبين إلى العودة والسيطرة على شقرة وزنجبار·

ويؤكد المعارضون لصالح في اليمن وحتى الناس الحياديين الذين يتفرجون على ما يجري على الأرض، أن السماح للمتشددين بإعادة السيطرة على بعض بلدات أبين هو بتوجيه رئاسي لتوسيع المتشددين لنفوذهم في الجنوب وذلك لاقناع المجتمع الدولي بأن صالح هو وحده القادر على كبح جماح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب·

بالطبع التشاور الدولي بخصوص ما جرى في أبين هو محل اتصالات ومناقشات مع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي وقد وعد الأميركان هادي بدعم القوات الحكومية بالسلاح، ولكن ترى إلى من سيوجّه السلاح الجديد إلى محاربة تنظيم القاعدة أم إلى <تحالف قبائل اليمن> برئاسة الشيخ صادق الأحمر؟

اليمن بلغت مرحلة الخطر الأقصى، وتحتاج الأمور فيها إلى حكمة قبل أن ترتوي الشوارع المسفلتة وتلك الترابية لأنها أكثر بكثير بدماء أبناء اليمن، طالما أن موسم الأمطار لهذه السنة كان جافاً وكأنه لا يريد ازعاج المتظاهرين في هذه الصائفة·

ليلى بديع

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,850,157

عدد الزوار: 7,769,982

المتواجدون الآن: 0