التحالف الدوليّ يتأهّب للتدخّل عسكريّاً ضدّ النظام السوريّ؟

تاريخ الإضافة الجمعة 26 آب 2011 - 5:03 ص    عدد الزيارات 565    التعليقات 0

        

جورج علم

جاء الردّ تصعيديّا، لأنّ الرئيس بشّار الأسد لم يقدّم جملة مقنعة للمجتمع الدولي خلال إطلالته الإعلاميّة الأخيرة، فسارع مجلس الأمن الى الاجتماع للنظر في مسوّدة مشروع عقوبات تحت الفصل السابع، فيما تستعدّ لجنة تقصّي الحقائق للانتقال الى سوريا منتدبة من قبل الأمم المتحدة للتحقيق بضحايا العنف، بينما يستقرّ الخطاب السياسي المتداول بين الكبار على مفردة واحدة "بعد ليبيا، جاء دور سوريا".

إلّا أنّ المواجهة الدوليّة تفتقر الى عناصر عدّة أوّلها أنّه لم يتمّ التوافق على البديل، وهناك خيارات متاحة لكنها بحاجة الى تنسيق، حيث يرى البعض في "التحالف الدولي – الإقليمي" بأنّ المواجهة يفترض أن تستند الى أولويّات، وعلى رأسها إسقاط النظام، وعندما يتحقق ذلك تهون المسائل الأخرى، ويصبح من السهل التفاهم على المرحلة التالية، فيما يحبّذ البعض الآخر الشفافيّة في كلّ شيء، ويطالب بخطة واضحة من ألفها حتي يائها، وكيف يفترض تنفيذ كلّ خطوة كما يجب، وفق أداء صحيح وتوقيت محدّد، للوصول الى مكان لا يوجد فيه فراغ، لأنّ التحدّي الكبير الذي يواجه التغييريّين يتمثّل بالفوضى التي إذا ما وقعت ستطيح بكلّ شيء، وتنعكس على وحدة التراب السوري، وربّما تنتقل العدوى الى دول وكيانات مجاورة.

وجرت محاولة في تركيا لتشكيل " نواة " مجلس تأسيسي. كان يفترض أن يتمّ التوصل الى شيء من هذا القبيل بعد سلسلة من الاجتماعات والمناقشات حتى لا يقال بأنّ الخلافات بين المجتمعين أكثر من أن تعدّ وتحصى، لكن هذا المجلس الذي شكّل، والذي تمّ التفاهم على صيغته الأولى التأسيسيّة، ليس شاملا، ولا يعبّر عن مختلف شرائح المجتمع السوري المنتفض والرافض، وما جرى هو أشبه بحجر الأساس الذي يمكن البناء عليه شرط أن يتمّ ذلك وفق معايير وطنيّة شفّافة تأخذ الحكمة والكفاءة بعين الاعتبار، ولا يكون للارتجال والتهوّر مكان.

وتفتقر المواجهة الى خطة عسكريّة خارجيّة ينفّذها حلف الناتو، او قوى أخرى لها مصلحة في لعب هذا الدور إذا ما تأمّن لها الغطاء الدوليّ. ورسّخت الإطلالة الإعلاميّة الأخيرة للرئيس الأسد جملة قناعات لدى التكتل الدولي المهتمّ والمتابع للملفّ السوري، أوّلها انّ المعادلة السارية المفعول في الداخل لن تتغيّر، وطالما هناك مظاهرات تطالب بإسقاط النظام، فهناك قمع، ويصعب التوصّل الى مرحلة يسمح فيها بالتظاهر من دون مواجهات او اعتراضات أو دوريّات للشرطة والجيش، لأنه يخشى في هذه الحال أنّ تتفاقم الأمور، و" يفلت الملق"، وتتعاظم حركات الاحتجاج دفعة واحدة وفي جميع المناطق السوريّة فيكون السقوط المدوّي.

ويدخل الجيش كعنصر أساسي في أيّ حسابات، سواء تلك التي تجرى من قبل المعارضة أو من التكتّل الدولي، ولم يتمّ لغاية الآن التوصل الى إجابات حاسمة ونهائيّة حول سؤالين: هل سيستمرّ متماسكا موحّد القيادة والصفوف إذا ما قرّر المجتمع الدولي التدخّل عسكريّا لوقف العنف ضدّ المنتفضين؟ وهل سيدافع عن النظام حتى الرمق الأخير، أم أنّه في لحظة من اللحظات سوف يتنحّى جانبا، أو يواجه بداية وهَن في صفوفه؟

إنّ سفراء دول التحالف الدولي الذين ما زالوا في دمشق "يشتغلون" منذ مدّة على المؤسّسة العسكريّة، يركّزون على مواقع القوّة فيها، وكيفيّة التسلل من مكامن الضعف للعمل على تعطيل دورها ضدّ شعبها، وبالتالي تقويض القاعدة الصلبة التي يستند اليها النظام في مواجهته مع الداخل والخارج على السواء.

وهناك اهتمام بالموارد المختلفة التي تشكّل الاكتفاء الذاتي، وحتى الآن يمكن القول بأن العقوبات الاقتصاديّة الدوليّة غير ذي جدوى طالما أنّ قطاعات الإنتاج تعمل بشكل طبيعيّ، ولا يوجد بعد مناطق معزولة، ولا شرايين مقطّعة على مستوى المواصلات والاتّصالات، ولا بوّابات مقفلة مع دول الجوار، بدءا بلبنان، وهذه مسائل يأخذها التحالف الدولي بعين الاعتبار، ويخطط لتعطيل دورها عند تحديده ساعة الصفر للانطلاق بالمواجهة.

إلّا أنّ التحدّي الأبرز أمام التحالف يتمثّل بموقف كلّ من الصين وروسيا في مجلس الأمن، هل سيستخدمان حق النقض "الفيتو" ويعطّلان أيّ مشروع قرار قد يتيح للناتو التدخّل عسكريّا إيذانا بسقوط مبكّر للنظام؟. كلّ المؤشرات تؤكّد بأنّ روسيا على الأقلّ لم تصل بعد الى المرحلة التي تدفعها إلى التخلّي نهائيّا عن النظام السوري. لقد قامت بمحاولة عندما وافقت مؤخّرا على صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن الذي يدين ممارسات النظام ضدّ المنتفضين، وفتح هذا الموقف شهيّة الخبراء الدولييّن، واستنتج بعضهم أنّ الروسي تاجر كبير يبيع ويشتري، وليس له ثوابت صارمة في علاقاته الدوليّة ومقتضيات مصالحه، ويمكن في لحظة ما أن " يكوّع"، ويغضّ الطرف عن قرار دولي يتيح استخدام القوّة ضدّ النظام السوري. وطالما أنّ باب الاجتهاد مفتوح، وأيضا باب الفرضيّات، فإنّ التحالف الدولي الذي يخطط لنقلة نوعيّة في سوريا، لا زال يبحث عن الجواب الصحّ: أين تقف طهران؟. وهل تستميت في الدفاع عن النظام السوريّ الحليف إذا ما حصل تدخّل عسكريّ؟.

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,854,290

عدد الزوار: 7,770,177

المتواجدون الآن: 0