حل الدولتين إلى أين؟

تاريخ الإضافة السبت 21 كانون الأول 2013 - 6:48 ص    عدد الزيارات 522    التعليقات 0

        

 

حل الدولتين إلى أين؟
إياد مسعود
مازال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتحدث عن "حل الدولتين" لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكنه في جولته الأخيرة، وهي التاسعة له في المنطقة بين تل أبيب ورام الله، عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشروعاً وصفه بأنه أمني، يهدف إلى ضمان أمن إسرائيل من الناحية الشرقية. أي من جهة الأردن. وقد قام مشروع كيري، على بقاء جيش الاحتلال منتشراً عند نهر الأردن، لمدة لا تقل عن ثلاثين عاماً، وأن يتمتع هذا الجيش بحريّة التحرك عند خط الحدود، بدون مشاركة فلسطينية.
أما المعابر إلى الدولة الفلسطينية، حين تقوم، فتكون مشتركة بين الجانبين، لضمان عدم تدفق اللاجئين الفلسطينيين بأعداد تعجز الدولة الفلسطينية عن استيعابها، فتتحول إلى منطقة توتر اجتماعي ينعكس سلباً على أمن إسرائيل. وكذلك لضمان عدم تسلل العناصر الإرهابية إلى إسرائيل عبر مناطق الدولة الفلسطينية. كما طالب كيري بأن تكون لإسرائيل السيادة على أجواء الدولة الفلسطينية ومياهها الإقليمية، كما تكون لها مراكز الإنذار المبكر على رؤوس قمم الجبال والتلال في الضفة الفلسطينية.
ونظرة إلى مشروع كيري الأمني هذا يبين أن الدولة الفلسطينية ستكون بلا سيادة على أرضها، وأن المرجعية الأمنية العليا ستكون بيد إسرائيل، وأن الاحتلال سوف يتواصل لكن بمسميات أخرى. وتتبين خطورة هذا الأمر، إذا ما ربطنا كل هذا بالموقف الإسرائيلي الرافض للانسحاب من القدس الشرقية المحتلة، عاصمة الدولة الفلسطينية المحتلة، والموقف الإسرائيلي الداعي إلى ضم المستوطنات اليهودية لإسرائيل، وكذلك أجزاء واسعة من المنطقة (ج) والتي تساوي مساحتها 60% من الضفة الفلسطينية. كما يشترط الإسرائيليون إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم وديارهم التي هجروا منها منذ العام 1948. وأن يكون حل هذه القضية حلاً عربياً وعلى حساب الدولة المضيفة بشكل رئيسي. وفي الختام يؤكد الإسرائيليون تفسيرهم لحل الدولتين، بأنه يقضي بدولة يهودية هي الوطن القومي للشعب اليهودي، ودولة فلسطينية هي الوطن القومي للفلسطينيين، ويغلفون موقفهم هذا بالحديث عما يسمونه "حق الشعب اليهودي في تقرير المصير"، باعتباره هو الشعب الذي عانى الشتات والتهجير، وآن له أن تكون له دولته القومية بحدودها النهائية التي تضمن أمنه واستقراره، ولا يتعرض في ظرف لاحق لمحارق أخرى كالتي تعرض لها اليهود في الحرب العالمية الثانية. وأكدت وزيرة العدل الإسرائيلية، ورئيسة الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات تسيبي ليفني هذا الموقف حين صرحت بأنها سوف تقاتل في الغرف بلا هوادة، من أجل الاعتراف بالدولة اليهودية، في إطار حل الدولتين.
ذهب الفلسطينيون إلى المفاوضات، تحت سقف حل الدولتين، تتعايشان بسلام، مع ضمان أمن واستقلال وسيادة كل منهما؛ وعلى قاعدة الاعتراف المتبادل. وقد فسر الرئيس محمود عباس معنى الدولة الفلسطينية بأنها الدولة المستقلة كاملة السيادة؛ بحدود الرابع من حزيران 67، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة. مشروع كيري الأمني، وتفسير تل أبيب لمفهوم الدولة الفلسطينية ينسف ما قاله الرئيس عباس. ويقلب الصورة رأساً على عقب، فالشعب المشتت والذي يحتاج إلى جمع شمل هو "الشعب اليهودي" وليس الشعب الفلسطيني. وحق تقرير المصير هو لـ "الشعب اليهودي" وليس للشعب الفلسطيني. وأساس حل الدولتين هو قيام دولة إسرائيلية تعيد رسم حدودها، بناء على تصوراتها الأمنية الخاصة بها، ولو أدى ذلك إلى انتهاك قرارات الشرعية، ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك حقها (المزعوم)، ولأسباب أمنية مفبركة، بالاستيلاء على أراضي الغير (أراضي الشعب الفلسطيني) بالقوة، المدعومة أميركياً. وهكذا يصبح "حل الدولتين"، في حقيقته حلاً للدولة الإسرائيلية التي تحاول أن تلتف على قرارات الشرعية الدولية، وأن تتجنب الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وأن تحتفظ بأكبر مساحة من الأرض المحتلة عام 67، إما بدواع أمنية، أو تحت مسمى "حق تقرير المصير"، ما يترك للفلسطينيين "دولة" تحت السيطرة العسكرية (أي الاحتلال) الإسرائيلية، فاقدة للسيادة، مفتتة، تترابط مناطقها وتتواصل بالجسور والأنفاق والمعابر الخاضعة للسيادة الإسرائيلية. أي، في الحقيقة، حكم ذاتي بصلاحيات إدارية إضافية، ومظاهر سيادة شكلية (كامتناع دوريات الاحتلال عن اختراق المناطق (أ) والتعاون في هذا السياق بدلاً من ذلك مع قوات الأمن الفلسطينية) وتوسيع الصلاحيات الإدارية، مع بعض المظاهر الأمنية المحدودة في المنطقة (ب)، ونقل أجزاء من المنطقة (ج) لإدارة (وليس لسيادة) الدولة الفلسطينية لتقام عليها مشاريع اقتصادية إسرائيلية فلسطينية مشتركة، كمعامل تعليب الخضر وتغليف الفواكه وسواها، ما يوفر حالة مزيفة من الازدهار الاقتصادي، بحيث يستند الحل إلى المبدأين المعروفين، السلام مقابل الاقتصاد، والسلام مقابل الأمن. فتعزز الحالة الاقتصادية للفلسطينيين، والحالة الأمنية للإسرائيليين، لكن على حساب الحقوق الوطنية المشروعة لشعب فلسطين في الاستقلال والسيادة الفعلية، لدولة عاصمتها القدس، وكفالة حق العودة للاجئين.
عندما أطلق الفلسطينيون مشروعهم للسلام، أقاموه على أساس حقهم الثابت في تقرير المصير، كما أكدته قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك حقهم في الدولة المستقلة ذات السيادة التي اعترف بها المجتمع الدولي في الأمم المتحدة في 29/11/2012، وهو ما يوفر لهم سلاحاً فعالاً للرد على المشاريع الاحتلالية الإسرائيلية المسنودة أميركياً.
الفلسطينيون، وبدعم عربي، مطالبون الآن بإعادة وضع النقاط على الحروف، وإخراج القضية من دهاليز المشاريع الملتوية، لصالح العودة إلى المشروع الوطني الفلسطيني، كما أقرّه مجلسهم الوطني واعترفت لهم به الأمم المتحدة، بكل ما يتطلبه هذا الأمر من تضحيات إضافية ووحدة داخلية.
 
 

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,989,678

عدد الزوار: 7,654,296

المتواجدون الآن: 0