رَفَضَ بشّار "السباعية" وقَبِلَ "الثلاثية"... لماذا ؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 19 كانون الثاني 2011 - 5:56 ص    عدد الزيارات 624    التعليقات 0

        

رَفَضَ بشّار "السباعية" وقَبِلَ "الثلاثية"... لماذا ؟

نام اللبنانيون ليل الاحد الماضي على اخبار تفيد ان رئيس الجمهورية سيرجىء الاستشارات النيابية التي كان حدد موعداً لها يوم امس الاثنين. وهذا قرار من حقه اتخاذه اذ لا نص في الدستور يتناوله سواء بالسلب او بالايجاب. واستيقظوا صباح امس الاثنين على الاخبار نفسها. لكنهم لم يقطعوا الشك باليقين حول هذا الموضوع إلا قبل الظهر، حين صدر عن رئاسة الجمهورية بيان بإرجاء الاستشارات اسبوعاً كاملاً.
ما هي الدوافع التي املت عليه الإرجاء؟
الدافع الابرز كان ادراكه ان إسقاط المعارضة حكومة الرئيس الحريري اعادت التحدي والاستفزاز والعداء الى الانقسام العمودي بين فريقي 8 آذار و14 آذار وخصوصاً بين السنّة والشيعة. وخوفه ان تكون نتيجة الاستشارات الرئاسية واحدة من إثنتين. الاولى، تكليف الحريري تأليف الحكومة الجديدة بعد اثبات الغالبية النيابية استمرار تأييدها له. ويعني ذلك وقوف غالبية النواب الشيعة ضده. والثانية، سقوط الحريري وحصول سنّي تؤيده المعارضة على غالبية تكلِّفه تشكيل حكومة جديدة. ويعني ذلك وقوف معظم النواب السنّة ضده. والنتيجتان قد تُدخلان البلاد في عدم استقرار امني وسياسي، وربما في حرب مذهبية لا يعرف أحد كيف تنتهي. لكن، الى هذا الدافع، كانت هناك دوافع اخرى ابرزها اتفاق رئيس سوريا بشار الاسد وأمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان على اللقاء يوم الاثنين (امس) للبحث في الازمة الحكومية اللبنانية، بل في الازمات الخطيرة والكثيرة التي يتخبّط فيها اللبنانيون. وطبيعي في حال كهذه ان يتريَّث الرئيس ميشال سليمان في موضوع الاستشارات او بالأحرى ان يرجئها. اذ ان مهمة الزعماء  الثلاثة نزع فتيل الازمة الحكومية والانفجار اللاحق لها. ولا يجوز تعطيل اجتماعهم واستباقه باستشارات لا بد ان تضع البلاد على كف عفريت سواء فاز فيها مرشح 8 آذار او مرشح 14 آذار. علماً ان معلومات متوافرة كانت اشارت الى ان سليمان فكّر الاسبوع الماضي، بعدما تأكد من خطورة الوضع الذي خلفه اسقاط الحكومة، في إرجاء الاستشارات. لكنه مع اقتناعه بالارجاء حاذر تبنّيه قبل التشاور مع دمشق. وعندما أتاه الضوء الاخضر منها اتخذ القرار بارجائها. وما كان ليحصل على ضوء كهذا لولا القمة الثلاثية في العاصمة السورية.
لماذا قبلت سوريا ان تشرك معها شقيقاً عربياً هو قطر، وشقيقاً اسلامياً هو تركيا، في حين رفضت وان على نحو غير رسمي اقتراح "صديقها" رئيس جمهورية فرنسا نيكولا ساركوزي تشكيل مجموعة اتصال دولية – اقليمية سُباعية تتولى متابعة الاوضاع اللبنانية وتكون سوريا احد ابرز اعضائها؟
سبب الرفض واضح. وهو حرص سوريا على تلافي تدويل "الازمة" او "القضية" اللبنانية مرة جديدة لأن نتائجه ليست دائماً في مصلحتها. فايام الرئيس الراحل حافظ الاسد كان الجهد الدولي يعتبر دور سوريا بنّاء في لبنان والمنطقة. وحصدت بسبب ذلك مكاسب كثيرة. لكن التدويل الاخير الذي حصل ايام الرئيسين الاميركي والفرنسي السابقين جورج بوش الابن وجاك شيراك كان ضد مصلحتها. لا بل انه تسبب بهزيمة مدوية لها، وباذلال لم تكن تتصور يوماً كما لم يكن يتصور لبناني يوماً انها ستتعرض له. والوضع الدولي ليس لمصلحة سوريا في ايام الاسد الراحل رغم ما حققه نجله الرئيس بشار من نجاحات على صعيد انفتاح المجتمع الدولي على بلاده.  فـ"المحكمة الدولية" تقضّ مضجعه سواء لأنه يخشى "توريطه" في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، او لأنه يعرف انها ستقلّم اظفاره مرة جديدة، او ستقدم اليه شروطاً عدة لقبول الاعتراف بعودة نفوذه الى لبنان ولتكريس هذه العودة. وما المواقف من المحكمة المذكورة، والتدخل الدولي ومنه الاميركي في لبنان، المماثل للتدخل السوري والايراني والسعودي والاردني والمصري والقطري، إلا دليل واضح على ان العداء بين سوريا والمجتمع الدولي لا يزال موجوداً وإن مع شيء من الضعف.
وسبب قبول البحث ومن خلال قمة، في وضع لبنان وازمته الحكومية المستجدة، مع تركيا وقطر واضح بدوره. فقطر صديقة لسوريا بشار الاسد ومن زمان وللبنان كله. علماً ان لها علاقة خاصة بالمعارضة فيه او مميزة. وهي قامت بدور مهم في حل ازمة 2008 باستضافتها اطراف الصراع اللبنانيين في الدوحة، وبرعايتها مع جهات اخرى اتفاقهم الذي اتاح انتخاب رئيس جمهورية بعد فراغ منصب الرئاسة اشهرا  وبتأليف حكومة (وهذا مكسب لبناني). كما نص على حكومة وحدة وطنية يشارك الجميع فيها، ويكون للمعارضة حق الفيتو داخلها (وهذا مكسب مُعارِض). ودورها في اجتماع دمشق (امس) هو الاهتمام بالتفاصيل وباخراج اي اتفاق يُتوصَّل اليه. وهي في القمة تمثل نفسها. ولا تُمثِّل السعودية كما قد يتبادر الى اذهان الكثيرين. اما تركيا فصديقة لسوريا بل حليفة. ومهمتها هي إقناع سوريا بعدم السماح لحلفائها "بلي ذراع السنّة" في لبنان من خلال الازمة الحكومية. وهي ايضاً إقناع "سنّة لبنان"، الذين يمثل الرئيس سعد الحريري غالبيتهم، بعدم استهداف المقاومة وسوريا اي بعدم قيام "ذراعهم" التي حمتها لهم بتوجيه اللكمات والضربات الى الفريقين المذكورين. وهي اخيراً عدم القيام بأي شيء من شأنه إفادة اسرائيل او اضعاف المواجهة لها.
هل تنجح القمة الثلاثية في دمشق؟ وهل تخرج بتسوية شاملة؟ او باقتراحات تفصيلية تنزع فتيل الانفجار وليس الازمة؟ لا احد يعرف. لكن لا بد من الانتظار، لأن هناك اسبوعاً من التشاور الداخلي ومع الخارج، ولأن هناك استحقاقات عدة متلازمة لا بد من معالجتها معها. منها الحكومة برئيسها وبرنامج عملها. ومنها ايضاً المحكمة الدولية بقرارها الاتهامي والموقف اللبناني منه.
 

سركيس نعوم     

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,372,311

عدد الزوار: 7,755,744

المتواجدون الآن: 0