هل تسعى أميركا لإعطاء الحكم للمعارضة ؟!

تاريخ الإضافة الجمعة 21 كانون الثاني 2011 - 2:48 م    عدد الزيارات 589    التعليقات 0

        

هل تسعى أميركا لإعطاء الحكم للمعارضة ؟!

- مالك أبي نادر

يتفق كثيرون من المحللين السياسيين بأن ادارة الولايات المتحدة لاي ازمة سياسية او اقتصادية اوعسكرية في العالم تنطلق من مصالحها بالدرجة الاولى ومصالح حلفائها بالدرجة الثانية، ومدى ارتباط مسببات ونتائج هذه الازمة بشكل مباشر او غير مباشر بأمنها القومي الذي يتسع لأمن اصدقائها وحلفائها وفقاً لظروف كل منهم ومعطياته. ولا يجد هؤلاء عناءً في التوافق على معرفة اسباب تدخلها المباشر في الازمة اللبنانية الحالية وخاصة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية لبنانية داخلية، في سابقة لم تشهد لها الديبلوماسية العالمية مثيلاً من حيث تعاطيها لاول مرة بعملية قتل لاحد السياسيين اللبنانيين الذي انضم الى قافلة طويلة من الرؤساء ورؤساء الوزارات والوزراء ورجال السياسة والصحافة قضوا في عمليات قتل انتهى معظمها بتجهيل الفاعل او بغض النظر عن متابعة التحقيقات لاسباب سياسية. فالاسباب المعلنة هي طلب الحقيقة والخفية هي محاولة استعمال المعطيات المصاحبة للجريمة وحيثياتها في ازالة التهديد الذي تمثله الترسانة الصاروخية لـ"حزب الله" على المجتمع الاسرائيلي.
فقد اثبتت تطورات الساحة العراقية بأن الولايات المتحدة الاميركية تخلت عن حليفتها المملكة السعودية في سبيل انتاج تسوية مع عدوتيها المعلنتين ايران وسوريا، تساعدها للخروج من المستنقع الذي وُضعت فيه قواتها وللمحافظة على حد ادنى من الاستقرار العراقي بشكل لا يعرّض انسياب النفط في الاسواق العالمية لأية اهتزازات، تزيد من تفاقم الازمة التي لا يزال اقتصادها يعاني عوارض تداعياتها.
وأتت مجريات الحدث السوداني لتثبت بأن نظرية ادارة الازمات لخدمة المصالح الاميركية مستمرة وما استعمال مذكرة الجلب بحق البشير الا للتهويل عليه لكي يسهل الاستفتاء الجنوبي. وهكذا حصل، وقد اكد نائب الرئيس الاميركي بايدن بأن التعاون السوداني الاميركي سيتقدم خطوات ويكبر في حال سُمح "للعملية الديموقراطية" في جنوب السودان بان تسير بدون اية مضايقات "شمالية".
اما على الساحة اللبنانية فما هي التسوية التي قد تسعى الولايات المتحدة لفرضها؟
فالوضع الجنوبي يشير، حسب تقارير القوات الدولية وباعتراف المصادر العسكرية الاسرائيلية، الى هدوء تام لم تشهده الحدود الشمالية لاسرائيل منذ عام 1967 حتى ابان المراحل السابقة، حيث كانت بعض التنظيمات تطلق صواريخ كاتيوشا على شمال اسرائيل فرفضت السلطات في تل ابيب تحميل "حزب الله" اية مسؤولية ولو غير مباشرة عن هذه الخروقات. ولكن يبقى الخوف الاسرائيلي من الترسانة الصاروخية البعيدة المدى التي يمتلكها الحزب والتي تستطيع الوصول الى معظم الاراضي الاسرائيلية من خارج منطقة عمل القوات الدولية.
فمنذ طرح موضوع سلاح المقاومة على طاولة الحوار الداخلي من قبل الاطراف اللبنانية المنضوية تحت لواء 14 اذار، وفي المحافل الدولية من قبل اميركا واسرائيل وتتدحرج مطالب الافرقاء المعارضين له من نزعه بالكامل والغاء الروح المقاومة في الشعب اللبناني، الى تسليمه للجيش اللبناني، الى نظريات التنسيق بين الجيش والمقاومة، وصولاً اخيرا الى القبول بنظرية ادخال رجال المقاومة في منظومة القوى الامنية الشرعية وابقاء السلاح بعهدتهم لاستعماله وفقاً لمصالح الدولة اللبنانية. ولا يخفى على احد التنسيق الدائم بين اطراف 14 اذار والمنظومة الدولية التي شكلتها الولايات المتحدة الاميركية دعماً للمحكمة منذ 2005 وحتى الان.
من اجل ذلك تشير المعطيات على ان الدخول الاميركي "المُعطل" على خط المساعي السورية – السعودية سببه الخوف الاميركي من تظهير توافق سني – شيعي لبناني ينهي تأثيرات المحكمة ويقضي على فرصة ذهبية تمسكها كل من اميركا واسرائيل من خلال استعمال القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمفاوضة ايران و"حزب الله" لايجاد حل تقبل به اسرائيل لموضوع سلاح المقاومة - كما حصل بالقضية السودانية.
ولكن ما هو موقف المقاومة الجدي من هذا الطرح ؟
دلت الاحداث على تناغم تام يحصل بين قيادة الجيش اللبناني وقيادة المقاومة في الكثير من المواقف والمحطات ما يشير لثقة متبادلة بين الطرفين ما يعطي قيادة المقاومة ثقة اكبر في حال تم التوافق على الحل الاخير التي نادى به اطراف 14 اذار كحل "لمشكلة السلاح".
ولكن الجيش اللبناني اثبت في كثير من مراحل الازمات اللبنانية انه يحافظ على مهمته الاساسية الا وهي احتسابه ذراعاً للسلطة السياسية التي يلتزم مقرارتها وتوجيهاتها. فكيف ستأمن المقاومة لسلطة سياسية تكونت بعد عام 2005 وجعلت من استهداف المقاومة والغاء دورها مهمتها الاساسية كما يصرح اركان المقاومة ليلاً نهارا.
اذاً فالعائق الوحيد امام قبول المقاومة بالتصور الاخير لمصير سلاحها والمقبول من كل الاطراف اللبنانية والاقليمية والدولية هو وجود سلطة سياسية لبنانية يديرها سعد الحريري المتحالف داخلياً مع الاطراف المسيحية المعادية للمقاومة بعد ابتعاد الدروز عن تحالف 14 اذار، وخارجياً مع الولايات المتحدة وتحالفها الدولي المعادي للمقاومة وحلفائها الاقليميين.
امام هذه الحقائق تُطرح التساؤلات التالية:
هل تقبل المقاومة بالحل المقترح في حال وجود سلطة تثق بها ؟
هل تقبل اميركا واسرائيل بان تستلم المعارضة اللبنانية الحكم في لبنان؟
دأبت قيادات المقاومة منذ عام 2000 على الاشارة الى ان مهمة سلاحها تنتهي باحد امرين: اما انتفاء الحاجة له اي بانتهاء الصراع العربي الاسرائيلي واما بوجود دولة قوية تتبنى نظرة المقاومة واستراتيجيتها لادارة الصراع مع العدو الاسرائيل ومن الطبيعي ان يؤدي وصول المعارضة الى الحكم الى اقتناع المقاومة بأن السلطة الجديدة ستتبنى استراتيجيتها ونظرتها الى الصراع ما يسقط من يدها حجة الاحتفاظ بالسلاح اقله امام حلفائها الذين سلموا بأن مرحلة السلاح تنتهي بتحقق احد الامرين اعلاه.
اما ان تقبل اميركا واسرائيل باستلام المعارضة للحكم فاشكالية تقاربها كل من اسرائيل واميركا ببراغماتية ومن منطلقات مصالحهما الخاصة والنتائج المترتبة على هذا الاستلام . وليس منطقياً ان تقبل اميركا بتعاون مع ايران وسوريا – دول محور الشر - لانتاج سلطة عراقية تحافظ على مصالح جميع هذه الدول، ولا تقبل بأن تكون السلطة بيد المعارضة في لبنان ما دامت نتائج هذا الامر ستؤدي اولاً الى حدود شمالية طبيعية بعيدة عن المتسللين والى وضع السلاح المتنازع عليه في إطار شرعي تكون الدولة للبنانية مسؤولة عنه، بشكل لا يهدد المجتمع الاسرائيلي – كما تروج في ادبيات زعمائها.
ركزت التصريحات والبيانات الاميركية الصادرة بعد استقالة الحكومة اللبنانية على دعم اميركي واضح للمحكمة دون ذكر الحكومة اللبنانية او رئيسها سعد الحريري واقتصرت زيارات السفيرة الاميركية في بيروت لمعارضي الحريري دون اية زيارة او اتصال علني مع اركان 14 اذار وفي هذا ما يشي بأن الاهتمام الاميركي محصور بالقرار الظني وبالمحكمة وليس بدعم عودة الحريري الى الحكم علماً انه في محطات سابقة كان التدخل مباشراً وصريحاً وعلنياً. فما هي اسباب هذا الاحجام الذي يصل لحد التخلي العلني عن حلفائها في ازمة وجودية بالنسبة لهم لم يتعرضوا لمثلها منذ تكوين تيارهم السياسي عام 2005؟
يبدو واضحاً وجلياً بأن الاهتمام الاميركي بالمحكمة ينحصر بصدور قرار اتهامي عن محكمة شُكلت دولياً وفقاً لاحكام البند السابع، ويتضمن في مندرجاته اشارة واضحة لتورط المقاومة في لبنان بجريمة اغتيال الحريري الاب، لامساكه كورقة مساومةٍ قوية بيدها تضعها على طاولات المفاوضات مع ايران وسوريا الدولتين الداعمتين للمقاومة، مع علمها بأن ما من قوة في المنطقة تستطيع نزع هذا السلاح من يد المقاومة. ولكنها قد تصل في مفاوضاتها الى محطة تطرح فيها ورقة ادخال المقاومة برجالها وعتادها الصاروخي في إطار الشرعية اللبنانية التي تشارك هي فيها.
الا يتلائم هذا السيناريو مع ما اسر به احد الديبلوماسيين الغربيين الفاعلين على الساحة اللبنانية لاحد اركان المعارضة حين قال مع تعسر التسوية السعودية السورية: فليذهب الحريري وليحكم "حزب الله" وحلفاؤه ولننزع من يده مقولة عجز الدولة عن حماية اهل الجنوب.
 


( عضو المكتب التنفيذي في التيار الوطني الحر)      

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,383,888

عدد الزوار: 7,755,922

المتواجدون الآن: 0