المراجعة النقدية الضرورية لأداء فريق 14 آذار

تاريخ الإضافة السبت 29 كانون الثاني 2011 - 5:24 ص    عدد الزيارات 577    التعليقات 0

        

المراجعة النقدية الضرورية لأداء فريق 14 آذار

-  رويدة سام منسى – واشنطن

بعد ان رسا هذا الفصل من فصول الأزمة اللبنانية المستمرة، بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مرشح ما يسمى المعارضة او فريق "حزب الله" وحلفائه وإبعاد سعد الحريري ومن يمثل عن الحكم بالوسائل الديموقراطية، اقله في الظاهر، من الفائدة ان يُلقى الضؤ على بعض الوقائع، حتى لا أقول الحقائق، علّها تساهم في مراجعة اداء فريق 14 آذار ما قد يساعد على التعاطي مع المرحلة المقبلة والحد من الخسائر والضرر الذي سوف يترتب جراءها بعد ان تبدأ هذه الحكومة اعمالها إن قُدِّر لها ان تبدأ.
اولا: ضياع فرصة لا تعوض اتاحتها تداعيات إغتيال الرئيس الحريري وسلسلة الاغتيالات التي لحقت، والتي تجلت بتطابق مواقف أكثرية القادة والسياسيين في الطائفة السنية مع الشعارات التي حارب من اجلها المسيحيون اقله منذ العام 1975، وملخصها شعار "لبنان اولا" قبل القضايا الاقليمية كافة. وتجدر الاشارة هنا الى ما عبرت عنه صرخة احد الناشطين من ابناء الطائفة المارونية بعد تظاهرة 14 آذار: "لقد سرقوا شعاراتنا... ماذا نفعل؟". وفي الواقع ان قسما كبيرا من المسيحيين تجاوز حدود الاستهجان الى الرفض والاصطفاف ضد الغالبية السنية وشعاراتها ومطالبها في حلف مناهض لسنا في هذا المجال بصدد مقاربة اسبابه ودوافعه.
 والنتيجة ادت الى تعميق الهوة بين بعض المسيحيين والسنة اضافة الى الخلاف القديم والمتجدد بين المسيحيين انفسهم، عوض ان تتيح السنوات الست المنصرمة الفرصة لميثاق اسلامي - مسيحي جديد على قاعدة الجوامع المشتركة عماده غالبية المسيحيين مع غالبية السنة يؤسس لاحتضان الطائفة الشيعية كمكون رئيس اساسي لا غنى عنه في النسيج اللبناني.
ثانيا: النقطة الثانية التي امكن رصدها عبر السنوات الست المنصرمة 2005 – 2011 لدى فريق 14 آذار هي عدم وضوح الرؤية وتحديد الاهداف والوسائل لتحقيقها اضافة الى ضعف التنسيق وتفرد بعض الاطراف بمواقف دون الاطراف الأخرى. ان الانطباع الذي يتولد عند المراقب لأداء فريق 14 آذار خلال هذه الفترة الطويلة نسبيا هي سياسة تدوير الزوايا والسباحة في المناطق الرمادية وقد بدأت منذ انتخابات العام 2005 ولا تزال مستمرة. ان سرد بعض المحطات المواقف وهي ليست على سبيل الحصر، لا يسعى الى نكء الجراح بل للإفادة من التجارب:
- اجهاض الغليان الشعبي لدى كل الطوائف وفي كل المناطق. والذي بلغ ذروته في 14 آذار 2005 عبر التردد بالحسم وباتخاذ اجراءات للامساك بزمام الامور واهمها التردد باسقاط رئيس الجمهورية الممدد له قسرا جراء الضغوط السورية - اتفاق الدوحة شكلا ومضمونا - التردد بحسم انتخابات رئاسة الجمهورية - التخلي عن عدد من الحلفاء في الانتخابات النيابية الأخيرة - انتخاب الرئيس بري رئيسا للمجلس النيابي – البيانات الوزارية والمواقف الملتبسة من مقاومة "حزب الله" – التمسك بالقرار 1701 والمقاومة في آن واحد
- زيارات الرئيس الحريري الى سوريا بسبب او من دون سبب – زيارة ايران - التصريح الشهير الى صحيفة "الشرق الاوسط" وتبرئة سوريا من الاتهام السياسي باغتيال الرئيس الحريري – احاطة المبادرة السورية السعودية بغموض مريب ادى الى تفاسير وتأويلات اسست لارضية صالحة لاي رئيس حكومة بعد الرئيس الحريري ان يختبئ وراءها للنيل من المحكمة الدولية.
ماذا حصد فريق 14 آذار مقابل كل التنازلات وسياسة تدوير الزوايا سوى اصرار الفريق الآخر، ومنذ العام 2005 على سياسة القضم اولا ثم الانقلاب التدريجي واخيرا المجاهرة برغبته واصراره على الاستيلاء على السلطة وبكل الوسائل.
وفي هذا المجال لا بد من ان نشير الى ان فريق "حزب الله" يعرف ماذا يريد ويجاهر بعلاقاته بحلفائه بينما أداء فريق الاكثرية يولد الانطباع بأنه لا يعرف ماذا يريد ولم يحدد بعد من هم حلفائه.
ثالثا: إن مقاربة سلاح المقاومة، وهو القضية الاساس منذ قبل اغتيال الرئيس الحريري وتداعياته، اقل ما يقال فيها انها مقاربة عادية لمشكلة اساسية استثنائية ومن شأن استمرارها على ما هي عليه أن يؤدي الى تقويض تسويات المشاكل والقضايا الاخرى كافة.
مع وجود السلاح بيد "حزب الله" يتعذر التوصل الى اية تسوية لأي شأن، اللهم الا اذا كان المقصود بالتسوية "باللبناني" المتداول هو التسليم بمشيئة الحزب ورؤيته للقضايا كافة والامثلة كثيرة لسنا بحاجة الى تعدادها.
ان كل المقاربات لسلاح "حزب الله" خلال السنوات الست المنصرمة لم تؤدِّ الا الى زيادة حدة المشكلة وتعقيدها وبات الانطباع لدى اكثر من مراقب ان فريق 14 آذار سلم بوجود السلاح بيد الحزب شرط توجيهه الى اسرائيل وبتنا اليوم بصدد السعي لانقاذ الحزب من تداعيات القرار الاتهامي والمحكمة الدولية بينما الاساس هو كيف نخلص شيعة لبنان واللبنانيين كافة من سلاح "حزب الله"؟!!
كيف يمكن التوفيق بين المطالبة بنزع سلاح الحزب وتضمين البيان الوزاري دعم المقاومة ؟ كما ان المسؤولين وحتى بعض اطراف 14 آذار باتوا يتحدثون في بعض المناسبات عن ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة مع التأكيد على تنفيذ القرار 1701.
وفي هذا الصدد ان ما يصدر عن الجيش اللبناني من بيانات حول حماية السلم الاهلي والضرب بيد من حديد على الذين يعبثون بالأمن والاستقرار باتت تثير الضحك والبكاء في أن معا. هل العبث بالامن والاستقرار هو القيام باعمال شغب وغيرها من الاعمال العسكرية فقط ام ان التهديد بالسلاح والاستعراضات شبه المسلحة والتماهي بترسانات الصواريخ والبنى التحتية لدولة برمتها ضمن الدولة اشد خطرا؟
رابعا: ان المراقب من الخارج للاوضاع في لبنان يلفته تنامي وتمدد دور واهمية "حزب الله" في الحياة السياسية اللبنانية حيث بات ممسكا بمفاصل العملية السياسية برمتها. اما الفريق الآخر فتقتصر مواقفه على الرد وغالبا في اتخاذ موقف المدافع. ويندر ان لاحظنا موقفا هجوميا واحدا. هذا في الشكل اما في المضمون، هل يمكن للحياة السياسية ان تستقيم بوجود حزب مسلح يشكل اكبر قوة سياسية هي اليد العسكرية والايديولوجية لدولة اقليمية كبرى هي ايران لها اهدافها ومشاريعها في الاقليم؟
لبنان متعدد يضم 18 طائفة هل يحكم بفريق واحد ينتمي الى طائفة واحدة صاحب ايديولوجية دينية متشددة اصولية تهدف الى انشاء دولة اسلامية ولو في المستقبل البعيد؟
لا يحتاج الجواب الى كثير عناء للاستنتاج ان هذا الوضع او هذه الحالة هي غير ميثاقية طالما يكثر الكلام في هذه الايام عن الميثاقية.
يرد البعض انها دعوة لعزل "حزب الله" على غرار عزل الكتائب في العام 1975 وهو امر مستحيل في هذه الظروف، انما ايضا الاستمرار بالتكاذب وتجاهل الحقيقة وطمر الرأس بالرمال لن يستمر ولن تستقيم الاوضاع ويتأمن التعايش بين مكونات المجتمع اللبناني بوجود قوة عقائدية مسلحة في بلد متعدد محكوم بتوازنات طائفية.
خامسا: الموقف من اسرائيل - باتت قضية اسرائيل بمثابة الفزاعة حينا والشماعة التي نلقي عليها مشاكلنا وجرائمنا وعقدنا كافة حينا آخر.
ان مهاجمة اسرائيل ولو بالكلام بمثابة آلة الغسيل التي تخرج منها طاهرا نظيفا مغفورة لك كل الخطايا والجرائم.
الموقف من اسرائيل ينبغي ايضا مواجهته من دون عقد بدءا من احتلال مزارع شبعا الى الموقف من تسوية النزاع العربي - الاسرائيلي برمته.
ويجدر التساؤل لماذا محكوم على لبنان واللبنانيين بموقف من اسرائيل اكثر تشددا من السلطة الفلسطينية ومن حركة "فتح"؟ لماذا لا يكون سقف الموقف من اسرائيل هو موقف السلطة الفلسطينية.
ان اسرائيل تحتل كل ارض فلسطين التاريخية باستثناء غزة ومحمود عباس وسلام فياض وحركة "فتح" يكررون في كل مناسبة التخلي عن خيار العنف والمقاومة وبات السلام خيارهم والمفاوضات، نعم المفاوضات فقط، سبيلهم اليه.
الموقف الواضح ضروري في هذه المرحلة، وهو ان السبيل الوحيد لاسترجاع ما تحتله اسرائيل من اراض لبنانية هو المفاوضات لا غيرها.
كثيرون يرفضون تلك المقاربة للنزاع مع اسرائيل انما كل الذي جرى وسوف يجري في الايام المقبلة يؤكد ضرورة اعتماد تلك المقاربة اقله ان تكون مادة للحوار والدراسة.
ان لبنان دخل مرحلة جدية - قديمة في آن واحد، انها جديدة لأنها قد تقلب المعادلة التي رست بعد اغتيال الرئيس الحريري وحتى اسقاط حكومة سعد الحريري. وهي مرحلة جديدة لأنها قد تكون المرة الاولى في تاريخ لبنان الحديث يحكم البلد بقوة سياسية عسكرية على غرار "حزب الله". ولن تنفع محاولات ستر الحقيقة بحلفاء الحزب وعدد من الشخصيات التي توصف بالوسطية والاعتدال لانها لن تشكل اكثر من واجهة لسياسة الحزب على الصعد كافة.
اما لماذا هذه المرحلة هي قديمة ايضا فلأنها سوف ترجع عقارب الساعة الى 14 شباط 2005 واعادة العقارب الى الوراء هي سياسة سورية بإمتياز عرفها لبنان جراء الحرب على اتفاق 17 ايار وتشكيل حكومة الاتحاد الوطني يومها برئاسة الرئيس رشيد كرامي، رحمه الله.
انها سياسة قديمة سوف تعيد سياسة الاقصاء مع تبديل في الاسماء والطوائف وكما حصل مع التمثيل المسيحي على مدى سنوات قد يحصل بالتمثيل السني.
انما اكثر ما يبعث الى القلق ان المنطقة برمتها شهدت تغييرات عدة والمستجدات الطائفية والتجاذب المذهبي على اشده ما قد يحرك اصوليات سنية متشددة نائمة حتى الآن تدخل البلاد في نمط جديد لم تشهده الحرب الاهلية المستمرة منذ العام 1975 بالرغم من اعتقاد البعض اننا نعيش في سلم اهلي ينبغي حمايته.

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,393,099

عدد الزوار: 7,756,086

المتواجدون الآن: 0