شمس الديمقراطية العربية تُشرق من ميدان التحرير··؟!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 شباط 2011 - 6:04 ص    عدد الزيارات 542    التعليقات 0

        

شمس الديمقراطية العربية تُشرق من ميدان التحرير··؟!
صلاح سلام

قلوب ملايين العرب تخفق هذه الأيام على إيقاع هتافات الديمقراطية التي تشق العنان من ميدان التحرير في قلب القاهرة لتدوي أصداؤها في أرجاء الوطن العربي الكبير·

ما يجري على أرض مصر لا يعني المصريين وحدهم، ومفاعيله ونتائجه لن تقتصر على التغيير في النظام المصري وحسب، بل ستفتح ثورة الشباب في أرض الكنانة أبواب التغيير الديمقراطي في المنطقة العربية، بعد سنوات مديدة من عمر أنظمة أصابها الترهل، وتخلّفت عن مواكبة التحديات التي تهدد أمن الأمة، وكرامة شعوبها·

بالأمس أطلقت حركة الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر شرارة المدّ الثوري القومي، وأشعلت ثورات التحرير من جنوب اليمن شرقاً حتى الجزائر غرباً· واليوم تستقطب ثورة الشباب من أجل الديمقراطية إهتمام الشباب العربي المتعطش لحقوقه السياسية والاجتماعية والمتطلّع الى إعادة الإمساك بالمبادرة والقرار في القضايا المصيرية·

* * *

لم يشفع للرئيس حسني مبارك ما حققه من إنجازات في مختلف ميادين الانماء والاقتصاد والصحة والتعليم فضلاً عن تنفيذ مخططات وبرامج لإنشاء مدن جديدة تواكب التطور السكاني والعمراني المتسارع في بلاد النيل، لان سوسة الفساد نخرت هيكل النظام، بعد ان هيمنت طبقة من الانتهازيين والمنتفعين على مواقع القرار الاقتصادي والاستثماري في البلاد، وراحت تمعن في نهب حقوق الدولة، والتضييق على لقمة العيش لاصحاب الدخل المحدود وطبقة العمال والموظفين·

وفيما كانت ارقام البطالة بين الشباب ترتفع، ويزداد عدد العاطلين عن العمل، خاصة في اوساط الجامعيين وحملة الشهادات، كانت ثروات رجال الاعمال المدللين من أهل النظام تتضاعف والهوة بين الاغنياء والفقراء تكبر وتتسع، على حساب تراجع حجم الطبقة المتوسطة التي لم تعد مداخيلها المحدودة تلبي حاجاتها الاساسية في تأمين العيش الكريم·

وجاءت ممارسات <بلطجية الحزب الحاكم> خلال الانتخابات الاخيرة لتصب زيت الانتفاضة على حالة الاحتقان التي خلفتها عمليات <إلغاء الآخر> في مجلس الشعب، فكان ان اشتعل غضب الناس التي تعاني الكثير من القهر في البحث عن لقمة العيش من جهة، وفي منعها من التعبير عن الممارسة الديمقراطية السليمة·

واذا اضفنا الى كل ذلك ظاهرة الاجماع التي ضمت النخب العسكرية والقضائية، الادارية والحزبية، الى جانب القواعد الشعبية العريضة، في رفض مبدأ توريث الحكم، الذي كان الشغل الشاغل للنظام في الآونة الاخيرة، ندرك اهمية العوامل التي ادت الى تفجير <ثورة الشباب> المصري انطلاقاً من ميدان التحرير!

* * *

كل تلك الاسباب المتراكمة، وما يحيط بها من عناصر محلية متشابكة تبقى شأناً مصرياً أولاً وأخيراً، لا يحق للآخرين التدخل في تفاصيله، أو الدخول في ثناياه·

على أن المسألة الأهم، بالنسبة لملايين العرب، تكمن في عودة مصر إلى دورها الريادي عربياً واسلامياً، افريقياً ودولياً، بعد غياب أدى إلى اختلال المعادلة في المحاور التي كان ينشط فيها الدور المصري·

وبأسلوب الظرافة المصرية المعهودة، ينقل عاشق القاهرة المفكر أحمد الغز عن أحد الزملاء المصريين النكتة التالية:

كان الزعيم جمال عبد الناصر يجلس إلى جانب الطيار ويقول له خذ شمال··· فجاء الرئيس أنور السادات وقال للطيار خذ شمال··· بس إمشي يمين! أما الرئيس حسني مبارك فقال له من أوّل الطريق: ادخل الكاراج!!·

وترسم هذه النكتة على بساطتها مشهداً كاريكاتيرياً معبراً عن غياب دور مصر الريادي في عهد الرئيس مبارك خلال العقدين الماضيين·

ويبدو أن عودة القادة العسكريين المشهود بنظافتهم، ومناقبيتهم الوطنية إلى سلطة القرار، قد تمهد لعودة القاهرة إلى الساحة العربية والإقليمية بقوة، خاصة وأن التحديات التي يواجهها قادة العهد العتيد يتداخل فيها الوطني مع القومي مع الإقليمي، لا سيما بعد وصول إيران إلى حدود سيناء من خلال نفوذها المعروف في غزة·

وثمة رهان على أن عودة مصر الى حلبة العمل العربي القومي، من شأنها أن تحد من حالة الاختراق الحالية، وتسد الكثير من الفراغ في العمل العربي المشترك، والذي تحاول أطراف إقليمية عديدة الحلول مكانه، في معالجة قضايا الإقليم·

* * *

وتأتي ثورة الشباب الديمقراطي في مصر، بعد نجاح إنتفاضة شباب تونس، وإنتصار ثورة شباب 14 آذار في لبنان عام 2005، لتؤكد من جديد بأن الديمقراطية هي الطريق الأسلم للتغيير، وتصحيح الاداء السياسي والإجتماعي للسلطة، وذلك بعد طوي صفحة الإنقلابات العسكرية التي كان أصحابها يأتون إلى السلطة تحت شعارات التغيير والتصحيح، والتي سرعان ما كانت تتلاشى تحت ضغط القمع والقهر، وممارسة شتى أنواع الهيمنة على مقدرات البلاد والعباد·

القاهرة تستعد لإعلان بزوغ فجر جديد للديمقراطية على أرض الكنانة··

فهل يعني ذلك أن شمس الديمقراطية العربية ستشرق من ميدان التحرير هذه المرة؟·

صلاح سلام


 

 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,393,384

عدد الزوار: 7,756,092

المتواجدون الآن: 0