"صدمة مصر" في "العقل الإسرائيلي"! -

تاريخ الإضافة الجمعة 4 شباط 2011 - 5:21 ص    عدد الزيارات 589    التعليقات 0

        

"صدمة مصر" في "العقل الإسرائيلي"! -

بقلم أنطـوان شلحـت - عكا

إسرائيل واقعة تحت وطأة صدمة "أنها لم تعرف" ما تميدُ به الأرض المصرية من غليان شعبي على سلطة الرئيس حسني مبارك، الذي درجت على توصيفه بأنه من أقرب الأصدقاء في السرّاء والضرّاء، أو كما قال رئيسها شمعون بيريس: "إننا مدينون له بالعرفان على أنه حافظ على السلام في الشرق الأوسط"، ولا يني كبار الساسة والمحللين السياسيين والعسكريين يوجهون نقدا حادّا إلى مؤسسة الاستخبارات الإسرائيلية جراء عدم قدرتها على استشراف إمكان اندلاع الانتفاضة الجماهيرية، وجراء توقعاتها في بدايتها بأن لا تفضي إلى نتائج شبيهة بتلك التي أفضت إليها "ثورة الياسمين" في تونس. 
ولدى متابعة ما نُشر في هذا الشأن لا بُدّ من ملاحظة أن النقد كان صارماً للغاية، لا سيما في ضوء أن مؤسسة الاستخبارات نفسها ارتكبت في الآونة الأخيرة إخفاقات كثيرة في مجال استشراف تطورات في الشرق الأوسط.
ولتخفيف وطأة "الجلد الذاتي" فإن البعض استعاد حقيقة أن احتمالات نجاح الاستخبارات في استشراف سلوك الجماهير الشعبية تبقى ضئيلة جداً، فضلاً عن أن استخبارات دول أخرى أقوى نفوذاً من إسرائيل واجهت إخفاقات أشد وأدهى في هذا المجال، بل وفي مجالات محدّدة وقابلة للاستشراف أكثر، ولعل أشهرها- إذا ما نأينا بأنفسنا عن نظرية المؤامرة- "إخفاق الاستخبارات الأميركية في معرفة عدم امتلاك الرئيس العراقي السابق صدام حسين أسلحة دمار شامل". وفي هذا السياق فإن بعضاً آخر استعاد، بقدر من السخرية السوداء، كيف أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق، دونالد رامسفيلد، قال عندما سُئل عن إخفاقات استخبارات بلده قبيل غزو العراق: "يبدو أننا لا نعرف أننا لا نعرف"!.
غير أن القضية في العمق لا تبدو منحصرة في معادلة أن "إسرائيل لا تعرف أنها لا تعرف"، بقدر ما إنها تعبر عن هزيمة أخرى لـ "العقل الإسرائيلي" الذي كان ولا يزال أسير مفهوم متكلس، أصاب المعلق السياسي والعسكري الإسرائيلي عوفر شيلح الحقيقة حين قال بشأنه: إن المشكلة ليست كامنة في رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أو في رئيس هيئة الأركان العامة، وإنما هي مشكلتنا جميعاً حينما نسألهما. والمشكلة أيضاً هي أننا لا نزال، بعد كل أخطاء تنبئهما وتنبؤ آخرين، نفكر أنه في الأمور التي تتصل بإرادة الجمهور العريض وليس بالمعلومات التكتيكية، ثمة أحد يعرف أكثر من الجميع لا لشيء إلا لأنه يحمل درجات ورُتباً (عسكرية) وفي مقدوره أن يتنصّت سرّاً، مؤكداً أن الدولة التي تنظر إلى كل شيء عبر فوهة المدفع فقط بمقدورها أن تجعل عسكرييها مسؤولين بصورة حصرية عن "تقدير المواقف الوطنية". 
ورأى غيره أنه حان الوقت للتحرّر من التفكير القائل إنه إذا كانت لدى إسرائيل استخبارات جيدة، فإن في مقدورها أن تتغلب على كل مشكلاتها الخارجية والأمنية. وكان أستاذ الإعلام الدكتور يورام بيري قد أشار قبل خمسة أعوام في سياق مماثل آخر إلى أن هذا التفكير يشكل قدماً واحدة لمفهوم أعوج تحيا إسرائيل معه طوال أعوام كثيرة رغم أنه يقلب لها ظهر المجن مرة تلو الأخرى، والقدم الثانية هي الاعتقاد بأنه إذا كانت لديها دعاية أفضل فستصبح ملك العالم. وأعاد هؤلاء إلى الأذهان أن نظرة متبصرّة إلى أعوام وجود إسرائيل تبيّن بسهولة أن أكثر الأحداث أهمية في تاريخها، والتي أثرّت كثيراً على مسيرتها، لم يتم توقعها مسبقاً، لا من طرف شعبة الاستخبارات العسكرية ولا من طرف أنبياء آخرين. وتمثل استنتاجهم في ما يلي: "بدلاً من تنمية الوهم/ الخداع الذاتي بأنه ينبغي أن تكون لدينا استخبارات جيدة كي تتنبأ بما يحدث لدى جيراننا، فإن من المفضل تبنّي سياسة جيدة من أجل أن تؤثر في ما يحدث هناك". وهو بدون أدنى شك استنتاج صحيح للحالة الراهنة إزاء ما يحدث في مصر، والتي جاءت وقائعها بمنزلة إنبـاء مدوية بأن إسرائيل لم تتعلم أي شيء من أخطائها السياسية، أو من استنكافها عن الإقرار أن في الشرق الأوسط أشياء غابت عن عقل استخباراتها مثلما يمكن أن تغيب عنه أشياء أخرى في المستقبل.  

 

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة..

 الخميس 17 تشرين الأول 2024 - 5:09 ص

محطات الصراع الإيراني - الإسرائيلي..من «حرب الظل» إلى المواجهة المباشرة.. لندن: «الشرق الأوسط».. … تتمة »

عدد الزيارات: 174,404,714

عدد الزوار: 7,756,282

المتواجدون الآن: 0