رسائل تحذير دولية ·· وعقد داخلية بالجملة!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 22 شباط 2011 - 5:50 ص    عدد الزيارات 537    التعليقات 0

        

رسائل تحذير دولية ·· وعقد داخلية بالجملة!
صلاح سلام

·· فجأة ودون مقدمات لافتة، شعر اللبنانيون ان وطنهم اصبح، وبقدرة قادر، اكثر بلدان المنطقة استقراراً، قياساً على عاصفة الثورات والاضطرابات الدموية التي تجتاح العديد من الدول العربية، وأدت الى سقوط انظمة، وغياب رؤساء، كانوا حتى الامس القريب يُعتبرون من أعمدة الاستقرار في المنطقة!
 

وكان من الممكن للوطن الصغير ان يكون المثال الديمقراطي في المنطقة، لو بقيت ممارسات قياداته السياسية والحزبية، ملتزمة بأصول النظام السياسي الديمقراطي في لبنان، والذي يقوم حسب الميثاق والدستور، على احترام حرية التعبير، والحفاظ على التعدد والتنوع السياسي والثقافي، وعلى التمسك بمبدأ تداول السلطة، ورفض كل اشكال الاستئثار او التفرد او حتى الهيمنة على مقدرات البلاد والعباد!

ورغم كل الاشكالات والملابسات التي سبقت الموعد الثاني للاستشارات النيابية، والتي ادت الى تحول الاكثرية النيابية من جبهة 14 آذار الى فريق 8 آذار،

يمكن القول ان لبنان يعيش اليوم مشهداً سياسياً حضارياً في لعبة تداول السلطة، حيث سلّمت قيادة المعارضة الجديدة بالنتائج التي ادت الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مسؤولية تشكيل الحكومة العتيدة، بعدما تم ابعاد الرئيس سعد الحريري عن السراي بأكثر من فيتو محلي واقليمي·

* * *

كان يمكن للوطن الصغير ان يكون أكثر استقراراً، وأكثر ازدهاراً، وأكثر نمواً، لو توفرت له قيادات سياسية وحزبية تدرك خطورة الزلزال السياسي الذي يهز انظمة ودول المنطقة، وما تفرضه تلك المخاطر من اسراع في تنفيذ الخطوات التي من شأنها تحصين الوضع الداخلي، وتعزيز الجبهة الوطنية، وتظهير مكانة لبنان كملاذ آمن للثروات والاستثمارات، واستعادة دوره كواحة للحرية والديمقراطية والعيش الكريم في الاقليم·

لقد أدّت هذه الصورة التي كان يحتلها لبنان في مطلع الستينيات من القرن الماضي، الى الإسهام بصناعة ما كان يسمى <المعجزة اللبنانية> التي حملت الازدهار والبحبوحة الى اللبنانيين، والى كل المقيمين والوافدين الى الربوع اللبنانية، وحولت الوطن الصغير الى جامعة العرب، ومستشفى العرب، ومصرف المنطقة بأسرها، فضلاً عن اطلاق عشرات المشاريع الاستثمارية في القطاعات العقارية والصناعية خاصة، والتي ما زالت إنجازاتها مرموقة حتى اليوم·

* * *

ولكن كيف لبعض قيادات هذا الزمن الرديء ان يرتفع الى ذلك المستوى الوطني الكبير، وهو لا يفكر الا بمنطق المصالح والغنائم، ولا يعمل إلا على موجة الحسابات الضيقة والانانيات، ولا يسعى الا لتحقيق المنافع الشخصية والحزبية والفئوية!

ولعل العُقد التي تعترض تشكيل الحكومة العتيدة تعكس حالة التردي التي بلغها الاداء السياسي عند هذا <البعض> الذي لا يراعي حُرمة لمقام، ولا يحافظ على احترام لمسؤول، ولا يقيم وزناً للمعادلات السياسية وما تقوم عليه من توازنات وطنية دقيقة، اثبتت تجارب الامس، القريب والبعيد، ان الاخلال بها أو الخروج عنها، يعني تعريض السلم الاهلي للإهتزاز·· وأحياناً للإنهيار!

وفي هذا الاطار بالذات، لا بد من وضع مواقف النائب ميشال عون الاخيرة ضد رئيس الجمهورية وضد رئيس الحكومة المكلف وحتى ضد رئيس حكومة تصريف الاعمال، في خانة المحاولات اليائسة لضرب دستور الطائف، والاخلال بالميثاق الوطني، والتنكر لدور المؤسسات الدستورية والشرعية الاخرى·

ومما يدعو للأسف والسخرية معاً، ان العماد عون يحاول اختصار الجميع بشخصه الكريم، على طريقة العازف المنفرد، (One man show)، وكأن الاقدار بعثت به الى هذا الوطن المعذب وشعبه الصابر على المعاناة والمحن، كمنقذ إلهي·· لا أحد قبله ولن يكون هناك أحد بعده!!

فهو الذي اوصل الرئيس المكلف الى عتبة السراي، وهو يريد ان يصادر دور وصلاحيات رئيس الجمهورية، لانه الزعيم المسيحي الاول في بلاد الشرق، وهو يريد ان يمنع عن الرئيس الماروني حصته الوزارية، لان من حقه لوحده ان يحتكر التمثيل المسيحي في الحكومة العتيدة، وهو يريد ان يحدد الوزارات التي يريدها لفريقه لانه الطرف المسيحي الوحيد في جبهة 8 آذار، وهو يريد وزارة الداخلية لصهره لان الوزير الادمي والناجح الحالي، لم يتجاوب مع طلباته في اقصاء فلان، والكيد لعلان·· الى آخر المعزوفة إياها!!

* * *

الواضح حتى الآن، ان حلفاء عون الأساسيين (أي دمشق وحزب الله)، لم يتدخلوا بعد لإعادة الحليف المدلل الى جادة الواقع والصواب، والطلب 00اليه وقف حملاته على الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي أولاً، ثم التخلي عن مطالبه التعجيزية في التشكيلة الحكومية ثانياً وثالثاً ورابعاً···!

ويبدو ان الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بالطبخة الوزارية، تضع الحكومة الجديدة على نار هادئة، بانتظار جلاءالغبار الكثيف الذي اثارته العاصفة السياسية الهوجاء في العديد من دول المنطقة، والتي على ضوئها يمكن تحديد حجم المغامرة ومخاطرها في حال الاندفاع في تشكيل حكومة اللون الواحد حتى الآخر!

ولم يعد خافياً ان الرسائل التي وصلت الى من يعنيهم الامر، محلياً وإقليمياً، تحذر بكثير من الوضوح والحسم، من مغبة التسرع في تشكيل حكومة الفريق الواحد، والعمل على فك التزام لبنان بالقرارات الدولية وخاصة المحكمة، والقرار 1701 الخاص بوجود قوات اليونيفل في الجنوب اللبناني، لان مثل <هذه الخطوات غير المسؤولة> ستؤدي الى وقوع مواجهة بين الوطن الصغير والمجتمع الدولي·

ولعل ملف البنك اللبناني - الكندي في هذه المرحلة بالذات كان بمثابة الانذار لجدية الرسائل التحذيرية!

* * *

قد يكون من السهل على الرئيس المكلف ان يشكل حكومة بمن حضر··ولكن المسألة الأهم تبقى بتشكيل حكومة تجعل البلد أكثر استقراراً وتكون قادرة على توفير أجواء الطمأنينة والأمان ليصبح البلد أكثر ازدهاراً!

صلاح سلام

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,435,386

عدد الزوار: 7,757,887

المتواجدون الآن: 1