شيطان التسوية الدائمـة...!

تاريخ الإضافة الجمعة 4 آذار 2011 - 5:43 ص    عدد الزيارات 624    التعليقات 0

        

شيطان التسوية الدائمـة...!
بقلم   أنطـوان شلحـت - عكا

انعكست التخوفات الإسرائيلية من خطوات أميركية وشيكة قد تتطلع إلى "حسم" موضوع التسوية السياسية الشاملة مع الفلسطينيين في معظم المداولات وأوراق العمل التي أُدرجت في جدول أعمال مؤتمر هرتسيليا 2011 بشأن ميزان المناعة والأمن القومي في إسرائيل المنعقد في شباط الفائت، والذي بات يعتبر بمثابة التئام لـ "العقل الجماعي الإستراتيجي المدبّر" للدولة العبرية، وبرزت على نحو خاص في تقرير طاقم التفكير بسياسة إسرائيل الخارجية الذي وقف على رأسه السفير الأسبق في واشنطن زلمان شوفال، وأستاذ العلوم السياسية البروفسور شلومو أفينيري، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية.
ولم يجد هذا التقرير أي غضاضة في انتقاد الإدارة الأميركية الحالية، مؤكداً أن إستراتيجيتها خلال العامين المنصرمين تجاهلت حقيقة أنه على مدار العقود الأربعة الماضية فشلت جميع المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية شاملة في المنطقة، سواء أكانت بمبادرة جهات خارجية، مثل الرباعية الدولية (المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) التي طرحت خطة "خريطة الطريق"، أو بمبادرة جهات إقليمية مثل جامعة الدول العربية التي عرضت مبادرة السلام العربية. والتسويات الوحيدة التي تم إنجازها كانت ثمرة مبادرة لاعبين محليين وعكست مصالح الجانبين بالتوصل إلى اتفاقيات ثنائية، والمقصود اتفاقيتا السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن، واتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ويتسق ما جاء في التقرير مع تأكيدات معاهد أبحاث إسرائيلية أخرى بأن قبول "مفهوم الدولتين"، الذي أضحى يشمل أيضاً رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية بنيامين نتنياهو، ليس من شأنه أن يسفر عن إيجاد تسوية شاملة للنزاع، وذلك لأن الشيطان يكمن في التفاصيل، ولأن ما يعرقل هذه التسوية إلى الآن هو الحقيقة البسيطة المكرورة منذ 18 عاماً، ومؤداها أن الحد الأقصى الذي يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تقترحه على الفلسطينيين وأن تحافظ في الوقت نفسه على بقائها السياسي هو أقل كثيراً من الحد الأدنى الذي يمكن أن توافق عليه أي سلطة فلسطينية وأن تحافظ من ثم على بقائها السياسي.
ولا نجافي الواقع حين نقول إن الحق مع الذين شددوا، في هذا السياق، على أن مقاربة الإدارة الأميركية التي تلح على أنه لا بُدّ من إيجاد حل للنزاع، وأنه إذا لم يتم التوصل إلى حل حتى الآن فإن ذلك يعود إلى عدم قيام الولايات المتحدة بجهود كافية للتوصل إليه، متنائية جداً عن المقاربة المعمول بها في الشرق الأوسط ولا سيما من طرف الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث أن كلا منهما يعتقد أن لديه مصلحة في الانخراط في عملية سياسية لكن من دون أن يسفر هذا عن اتفاق دائم أو نهائي يمكن أن يلحق ضرراً كبيراً به.
الاستنتاج الأبرز من هذا كله، كما ورد في تقرير طاقم التفكير لمؤتمر هرتسيليا، تمثل في أنه لا توجد في الوقت الحالي أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي- فلسطيني، كما أن احتمالات إحراز اتفاقيات مرحلية متفق عليها ورسمية بين الجانبين أصبحت ضئيلة للغاية، فضلاً عن أن أي محاولات أخرى تصب في هذه الوجهة المحدّدة ربما تلحق أضراراً فادحة أكثر بالمكانة الإقليمية لكل من الولايات المتحدة والدول العربية "المعتدلة" وإسرائيل.
ولذا حان الوقت: 1- لتحريك خطوات يمكن تحقيقها؛ 2- لتنحية التطلعات لحل المشكلات العويصة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني جانبا.
ومن الخطوات التي اقترحت تسليم الفلسطينيين المسؤولية الأمنية الكاملة على مناطق "ب" و"ج"، وإجلاء بؤر استيطانية إسرائيلية عشوائية وفقا لتعهدات سابقة. كما طولبت الحكومة الإسرائيلية بإعادة النظر في استمرار فرض الحصار على قطاع غزة الذي "لا يساهم في تحسين وضع إسرائيل الأمني"، علاوة على أنه يجعلها عرضة لانتقادات دولية، ويؤجج "مبادرات نزع الشرعية عنها".
طبعاً لم يوضح التقرير سبب الأضرار التي قد تلحق بمكانة الولايات المتحدة والدول العربية "المعتدلة" في حال التوصل إلى تسوية، مع ذلك فليس من الصعب إحالته إلى تعنت إسرائيل التي لا ترى سوى الشيطان في تفاصيل التسوية الشاملة. 
 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,447,394

عدد الزوار: 7,758,369

المتواجدون الآن: 1