الأسد انتقل إلى "منطقة خطرة" وميقاتي "تسرّع"

تاريخ الإضافة السبت 5 آذار 2011 - 6:21 ص    عدد الزيارات 577    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
الأسد انتقل إلى "منطقة خطرة" وميقاتي "تسرّع"
إسرائيل خططت لإنشاء "منطقة لبنانية آمنة" خاضعة لها

مسؤول غربي بارز يتولى منصباً رفيعاً في دولته التي تضطلع بدور مؤثر في الشرق الأوسط تحدث في جلسة خاصة في باريس عن خفايا التحول السياسي الجديد في لبنان وأورد معلومات مهمة وإنطباعات تكونت لديه نتيجة إتصالاته مع قيادات وشخصيات سياسية لبنانية وسورية وعربية وأميركية فركز على المسائل والأمور الأساسية الآتية :
أولاً - إن نظام الرئيس بشار الأسد أقدم على " مجازفة حقيقية " وأفرط في الثقة بقدراته حين إتخذ قرارين خاطئين: الأول إحباط المشروع السعودي لإنجاز المصالحة الوطنية الشاملة في لبنان وحل القضايا العالقة بطريقة تؤمن مصالح جميع الأفرقاء اللبنانيين وتحقق العدالة والإستقرار معاً، وذلك بالتعاون معه وفي رعاية عربية، مما أدى الى وقف التعاون السعودي - السوري.
 والثاني إسقاط حكومة الوحدة الوطنية ودفع حلفائه الى رفض تأليف حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري زعيم الطائفة السنية ورئيس أكبر كتلة نيابية. ولم يحقق الأسد بذلك، كما يعتقد، إنتصاراً سياسيا حاسماً لنفسه ولحلفائه الذين حصلوا على الغالبية النيابية نتيجة ضغوط هائلة مورست على البعض وإغراءات سياسية قدمت الى آخرين، بل ان النظام السوري يواجه عقبات وتحديات عدة في الساحة اللبنانية وخارجها وقد انتقل من "منطقة آمنة" نسبياً الى "منطقة خطرة" إذ انه سيتحمل المسؤولية والعواقب لتأليف حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي يقودها فعلاً "حزب الله" وتدخل لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي ودول بارزة ومؤثرة لأن الحزب مصمم على رفض التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان وفك الإرتباط بها ولأنه قد يقوم بأعمال وخطوات تهدد الوضع الداخلي ومن شأنها أن توجد الأجواء المناسبة لحرب لبنانية - إسرائيلية جديدة تتحول إقليمية وتكون سوريا طرفاً فيها بإرادتها أو بغير ارادتها.
ثانياً - نظام الأسد أكد لجهات رسمية اميركية وفرنسية وعربية انه يدعم تأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة ميقاتي، لكن معلومات هذه الجهات تفيد ان المسؤولين السوريين لم يطلبوا من حلفائهم الإنفتاح جدياً على فريق 14 آذار وحلفائه والتعاون معهم ومع الرئيس ميشال سليمان لتأليف حكومة وحدة وطنية إذ ان "حزب الله" وحلفاءه يرفضون تأمين أي من مطالب الإستقلاليين الأساسية وخصوصاً ما يتعلق منها بضرورة مواصلة إحترام لبنان التزاماته الدولية والتعاون مع المحكمة الخاصة، كما يرفضون منح الإستقلاليين ما تمسكوا هم به حين كانوا أقلية أي الثلث الضامن في الحكومة الجديدة. وبدا واضحاً من المشاورات ان "حزب الله" وحلفاءه يريدون "حكومة مواجهة سياسية" مع الإستقلاليين ومع الدول والجهات العربية والدولية الداعمة لهم ولإستقلال لبنان وللمحكمة وانهم يعطون الأولوية لضمان مصالحهم ومصالح المحور السوري - الإيراني ويتعاونون مع ميقاتي شرط أن يؤمن لهم ولمخططاتهم "تغطية مناسبة" .
ثالثاً - يخطىء نظام الأسد إذ يعتقد انه يستطيع أن يدفع لبنان الى الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي نتيجة قرارات تتخذها حكومة يقودها فعلاً "حزب الله" وأن تظل سوريا بمنأى عن هذه المواجهة وتداعياتها. فالمحكمة الخاصة، التي ستكون محور معركة حلفاء دمشق مع الإستقلاليين والمجتمع الدولي، هي مسؤولية مجلس الأمن وليست مسؤولية فريق لبناني أو إقليمي، وأي إجراءات ضدها ستشكل تحدياً للمجلس وللشرعية الدولية وللدول البارزة التي ستحمّل نظام الأسد مسؤولية أي قرارات تتبناها الحكومة الجديدة وتهدف الى تعطيل عمل المحكمة. وإذا حدث ذلك فستتخذ الدول البارزة ضمن إطار مجلس الأمن أو خارجه إجراءات حازمة ضد النظام السوري قد تشمل فرض عقوبات جديدة عليه وخصوصاً إذا تضمن القرار الإتهامي أدلة قوية وصلبة عن تورط مسؤولين سوريين في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

 

ميقاتي والمحكمة

رابعاً - إن نجيب ميقاتي "سياسي حكيم وغير متهور" لكنه لم يتصرف هذه المرة بحكمة وواقعية بل انه إتخذ قراراً "متسرعاً وغير مدروس" يمكن أن تكون له إنعكاسات سلبية عليه، على صعيد طائفته وعلى الصعيد اللبناني عموماً، وقد تتأثر به مصالحه، حين فك تحالفه مع الحريري بعد تفاهم غير معلن مع الرئيس الأسد على تأليف حكومة يؤمن لها الغالبية النيابية حلفاء دمشق. وإذا فشل ميقاتي في تأليف حكومة وحدة وطنية تعمل على أساس برنامج سياسي مقبول لدى مختلف الأفرقاء، كما كان الحال مع حكومة الحريري، فانه سيكون رئيساً بلا نفوذ لحكومة يقودها ويسيطر عليها وعلى قراراتها "حزب الله" وحلفاؤه. وترى جهات دولية معنية بمصير لبنان ان من مصلحة ميقاتي رفض الخضوع للشروط المتشددة التي يفرضها عليه حلفاء دمشق، وانه إذا لم يستطع تأليف حكومة وحدة وطنية تحترم التزامات لبنان الدولية وتدعم عمل المحكمة الخاصة وتمنع الإنزلاق نحو حرب جديدة مع إسرائيل، فمن الأفضل والأنسب له أن يعتذر ويتخلى عن مهمته هذه لأنه لن يكون قادراً على حماية الوضع الداخلي وعلاقات لبنان الأساسية العربية والدولية وعلى منع "حزب الله" وحلفائه من إتخاذ كل القرارات التي يريدونها في حكومة يملكون فيها الغالبية الكبيرة من الحقائب الوزارية. وسيتحمل ميقاتي شخصياً مسؤولية ما ستفعله وتقرره حكومة يرئسها هو ويسيطر عليها "حزب الله" لأنه سيؤمن التغطية لقرارات وأعمال تتناقض مع مصالح اللبنانيين الحيوية والمشروعة وتهدد الإستقرار الداخلي وتضع لبنان في حال مواجهة مع المجتمع الدولي ومع دول بارزة عدة. والمعلومات التي تملكها باريس وواشنطن تفيد ان "حزب الله" يرفض حكومة تكنوقراط تتركز جهودها على معالجة مشاكل الناس المعيشية وعلى تحسين الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية وتتجنب إتخاذ قرارات ضد المحكمة وما يرتبط بها. وإعتذار ميقاتي عن مواصلة مهمته يمكن أن يحدث "صدمة إيجابية" للسوريين وحلفائهم تدفعهم الى العمل مجدداً على تأليف حكومة وحدة وطنية، أو يمكن أن يدفعهم هذا القرار الى مواصلة المعركة مع المحكمة ومع الإستقلاليين ولكن من دون "تغطية" يؤمنها ميقاتي الامر الذي يشكل نكسة سياسية لهم.
خامساً - إن موقف ميقاتي من المحكمة الخاصة يثير الحيرة والشكوك لدى جهات دولية وعربية معنية بمصير لبنان. فرئيس الوزراء المكلف يقول علناً وفي إتصالاته الدولية انه يريد تأمين إجماع لبناني وغطاء عربي لأي قرار تتخذه الحكومة الجديدة ويتعلق بالمحكمة، لكن الواقع ان ميقاتي ينحاز الى "حزب الله" وسوريا في تعامله مع موضوع المحكمة وهو يرفض تقديم ضمانات وتعهدات واضحة ومحددة الى الجهات الدولية المعنية بالأمر تجعلها تطمئن الى ان الحكومة ستواصل دعم عمل المحكمة. فقد أعلن ميقاتي مراراً انه قدم التزاماً واحداً الى حلفاء دمشق يقضي بحماية المقاومة، لكنه في الوقت عينه رفض ويرفض أن يقدم الى فريق 14 آذار وحلفائه أي التزام يقضي بحماية العدالة من خلال دعم المحكمة، بينما يبدو جلياً ان إنجاز العدالة حق مشروع لأهالي الضحايا وللبنانيين الذين يريدون وضع حد لنهج الإغتيالات السياسية ومعرفة حقائق الجرائم السياسية والإرهابية التي شهدها لبنان خلال مرحلة المواجهة بين النظام السوري والإستقلاليين ومحاسبة المتورطين فيها. كما ان ميقاتي سيتخلى عن موقفه الوسطي وينحاز الى خصوم المحكمة إذا رفض تبني الإجماع اللبناني على دعم المحكمة الذي كرسته قرارات مؤتمر الحوار الوطني وحكومتي فؤاد السنيورة وسعد الحريري في البيانين الوزاريين اللذين وافق عليهما "حزب الله" وحلفاؤه. وتأمين العدالة ليس خاضعاً للتصويت في أي حال بل انه حق مشروع لأهالي الضحايا وللمتضررين من الجرائم.

 

خطط الحرب المقبلة

سادساً - لن تتعامل الدول البارزة والمؤثرة مع حكومة يرئسها ميقاتي ويقودها " حزب الله " على أساس انها تمثل الشعب اللبناني والإرادة الوطنية اللبنانية الحرة بل على أساس انها تمثل إرادة النظام السوري وحلفائه وذلك للأسباب الآتية :
أولاً - لم يحصل "حزب الله " وحلفاؤه على الغالبية النيابية نتيجة إنتخابات حرة وشفافة بل نتيجة ضغوط هائلة مورست على شخصيات وقيادات ونتيجة إغراءات سياسية قدمت الى عدد من النواب. ثانياً - ستتخذ هذه الحكومة قراراتها خارج إطار التوافق الوطني والمشاركة الوطنية المتوازنة الصحيحة في السلطة، إذ ان اللبنانيين يدعمون في غالبيتهم، كما أظهرت وتظهر الإنتخابات النيابية وغير النيابية منذ العام 2005 حتى اليوم، مطالب الإستقلاليين وتوجهاتهم المتعلقة بالمحكمة الخاصة وبضرورة حظر إستخدام العنف والسلاح في الصراع السياسي الداخلي وبضرورة الحفاظ على إستقلال لبنان وسيادته ومنع أي هيمنة سورية عليه وعلى قراراته. ثالثاً - هذه الحكومة ستكون أساساً مرتبطة بالمحور السوري - الإيراني ومخططاته مما يتناقض مع المصالح الحيوية المشروعة لللبنانيين ومما يمكنه أن يهدد الأمن والإستقرار في البلد وفي المنطقة وخصوصاً نتيجة وجود صراع قاس بين هذا المحور والمعتدلين العرب والدول الغربية البارزة .
سابعاً - إن نظام الأسد لم ينفذ "إنقلابه السياسي" على المشروع السعودي لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وعلى الحريري والإستقلاليين من أجل خدمة مصالح اللبنانيين الحيوية وتعزيز الأمن والإستقرار والسلم الأهلي في لبنان والمساعدة على تطوير أوضاع هذا البلد وتحسين الظروف المعيشية للبنانيين، إذ ان ذلك كله يمكن أن يتحقق من خلال حكومة وحدة وطنية وليس من خلال حكومة يقودها حلفاء دمشق. بل ان نظام الأسد نفذ إنقلابه لأنه يريد أن يمتلك مع القيادة الإيرانية القدرة الكاملة على تحويل لبنان ساحة مواجهة حقيقية مع إسرائيل في الوقت الذي يراه السوريون والإيرانيون مناسباً. وقد يتم تفجير هذه المواجهة مع إسرائيل رداً على القرار الإتهامي أو نتيجة إشتداد الصراع الإيراني - الدولي حدة، أو من أجل تحويل الأنظار عن الضغوط الشعبية الداخلية التي يواجهها النظام الإيراني، أو لمحاولة تركيز الإهتمام مجدداً على مركزية النزاع العربي - الإسرائيلي والقيام بعملية "تطويق" للإنتفاضات الشعبية في تونس ومصر ودول عربية عدة والتي فاجأت المحور السوري - الإيراني بمطالبها الداعية الى تحقيق الديموقراطية والعدالة وتعزيز الحريات وتنفيذ الإصلاحات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتخلص من الأنظمة المتسلطة ومن الظلم والإستبداد. كما ان المحور السوري - الإيراني يريد تحسين موقفه التفاوضي مع أميركا ودول كبرى أخرى ليس من خلال الإكتفاء بفرض حكومة لبنانية يقودها "حزب الله" بل من خلال تفجير حرب لبنانية - إسرائيلية جديدة، متجاهلاً نتائجها وإنعكاساتها الكارثية على لبنان خصوصاً وعلى المنطقة عموماً.
ضمن هذا السياق ذكرت مصادر ديبلوماسية غربية وثيقة الإطلاع على الخطط الإسرائيلية ان الفريقين الأساسيين المعنيين بالأمر، أي "حزب الله" وإسرائيل، "مستعدان تماماً للمواجهة" وان الحرب يمكن أن تقع "في أي وقت" وانها ستتميز بالآتي:
أولاً - "حزب الله" يملك فعلاً القدرة على قصف تل أبيب ومدن ومواقع في قلب إسرائيل بصواريخ أرض - أرض متوسطة المدى إيرانية أو سورية الصنع مما يشكل تطوراً عسكرياً واستراتيجياً بالغ الخطورة باعتراف المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم خلال محادثاتهم مع مسؤولين أوروبيين وأميركيين.
ثانياً - "حزب الله" ليس قادراً على السيطرة على الجليل أو على أي منطقة إسرائيلية أخرى، كما هدد بذلك الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، لأنه ليست لديه طائرات حربية ودبابات ومدرعات ومدفعية ثقيلة تمكنه من تحقيق هذا الهدف، لكن مقاتليه يستطيعون دخول الجليل ورفع علم الحزب فيه فترة قصيرة.
ثالثاً - لن تكتفي إسرائيل في المواجهة المقبلة بإلحاق دمار هائل بالجنوب ومناطق لبنانية أخرى على نطاق أكثر إتساعاً وشراسة مما حدث في حرب صيف 2006، بل إن الحكومة الإسرائيلية وضعت خططاً لإنشاء "منطقة آمنة" واسعة خاضعة لسيطرتها في أجزاء من الجنوب والبقاع بدعوى انها تريد حماية مدنها ومواطنيها من صواريخ "حزب الله" وسترفض إسرائيل الإنسحاب من هذه الأراضي اللبنانية قبل التوصل الى إتفاق لبناني - دولي يدعمه مجلس الأمن ويضمن نزع أسلحة "حزب الله" أو إقفال الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية أمام أي عمليات عسكرية.
رابعاً - وضعت الحكومة الإسرائيلية خططاً عسكرية اطلعت عليها جهات دولية تقضي بقصف مواقع ومنشآت عسكرية وحيوية في سوريا "لمعاقبة" نظام الأسد على دعمه ﻟ "حزب الله" وعلى خوضه الحرب غير المباشرة عبر لبنان مع الدولة العبرية.
وكما قال ديبلوماسي أوروبي مطلع "إن إسرائيل تريد إستغلال أي حرب جديدة مع لبنان من أجل توجيه ضربات قاصمة ﻠ"حزب الله" ولو دفع اللبنانيون ثمناً باهظاً، ومن أجل إضعاف المحور السوري - الإيراني وإظهار كونها تمتلك القدرة على الحاق الخسائر الجسيمة "بأعدائها" وكون موازين القوى العسكرية لمصلحتها وليست لمصلحة إيران وحلفائها".
 

عبد الكريم أبو النصر     

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,446,377

عدد الزوار: 7,758,305

المتواجدون الآن: 1