14 آذار: تحديات معركة السلاح والمحكمة

تاريخ الإضافة الجمعة 11 آذار 2011 - 10:28 ص    عدد الزيارات 575    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
تمرد الديموقراطيين على الإحتلال الداخلي
14 آذار: تحديات معركة السلاح والمحكمة

"وصف تقرير أوروبي جديد أعدته مجموعة من الديبلوماسيين والخبراء المعنيين بشؤون الشرق الأوسط، بناء على طلب دولة أوروبية بارزة، الإنتفاضات الشعبية العربية التي أحدثت خلال أسابيع قليلة تحولاً تاريخياً في المنطقة لأنها أسقطت النظامين في تونس ومصر وأنهت عملياً نظام العقيد معمر القذافي إذ لم تعد ثمة عودة الى الوراء في ليبيا، بأنها حركات ديموقراطية أصيلة تهدف أساساً الى التحرر من الإحتلال الداخلي الذي تمثله سلطات مستبدة استخدمت سنوات طويلة وسائل القمع والترهيب لإخضاع شعوبها وتجاهل مطالبها الحيوية وإلحاق الظلم بها وحرمانها الحرية والعدالة والإنصاف. وأضاف هذا التقرير أن هذه الحركات الديموقراطية الشعبية تلقى دعماً أميركياً - أوروبياً قوياً وان الأنظمة العربية المتسلطة تفرض على مواطنيها استقراراً زائفاً يلائمها ويؤمن مصالحها وأهدافها وهو استقرار قائم على القهر والكبت وديكتاتورية العنف والرأي الواحد. وقد رفض الثوار العرب الجدد هذا النوع من الاستقرار واختاروا حيوية الفوضى الموقتة للانتقال من الحكم المستبد الى الحكم الديموقراطي والحرية. وذكر التقرير الأوروبي ان فريق 14 آذار جزء أساسي من هذه الحركات الديموقراطية العربية إذ انه سبق التونسيين والمصريين والليبيين وسواهم الى تفجير انتفاضة شعبية سلمية ضخمة في قلب بيروت يوم 14 آذار 2005 رداً على اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وتعبيراً عن رفضه القاطع للهيمنة السورية على لبنان مما أدى الى سقوط النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك والى الإنسحاب السوري من هذا البلد. ولاحظ التقرير ان فريق 14 آذار منسجم تماماً مع العالم العربي الجديد في مقابل ارتباط فريق 8 آذار بالمحور السوري - الإيراني المتشدد ذي التوجهات غير الديموقراطية وبمخططاته الخطرة في لبنان والمنطقة".
هذا ما نقلته الينا مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس شاركت في صوغ التقرير غير المعد للنشر والذي يتضمن اقتراحات وتوصيات للتعامل مع التحولات السياسية في المنطقة ويخصص حيزاً مهماً لتقويم دور فريق 14 آذار وحلفائه. وأفادت المصادر ان التقرير الأوروبي ركّز على المسائل والأمور الأساسية الآتية المتعلقة بفريق 14 آذار الديموقراطي والإستقلالي التوجهات:
أولاً - التحديات التي يواجهها في هذه المرحلة فريق 14 آذار وحلفاؤه ليست أكبر وأخطر من تلك التي واجهها عام 2005 حين انتصر على الخوف وتحدى سلمياً السلطة السورية المهيمنة مما أحدث التحول التاريخي ودفع المجتمع الدولي والدول البارزة فيه الى التضامن مع الاستقلاليين وإنهاء الوجود العسكري والأمني السوري في لبنان. وإذا كان الاستقلاليون واجهوا بشجاعة وحزم في السابق تسلط النظام الأمني المشترك الذي أنشأ وحدة أمر واقع بين لبنان وسوريا، فإنهم يواجهون اليوم تسلط فريق مرتبط بالمحور السوري - الإيراني ومستعد لاستخدام العنف والسلاح ووسائل الترهيب المتنوعة لمحاولة تحقيق أهدافه وإخضاع لبنان مجدداً لنوع من الوصاية السورية. والمعركة الجديدة التي يخوضها فريق 14 آذار وحلفاؤه، بعد إسقاط حكومة سعد الحريري بقرار سوري مدعوم إيرانياً وتكليف نجيب ميقاتي تأليف حكومة جديدة يقودها ويحدد توجهاتها "حزب الله" وحلفاؤه، تتطلب من هذا الفريق أن ينتصر، أولا، على الخوف من السلاح غير الشرعي وأن يرفض الخضوع لحامليه وأن يتصرف على أساس ان هذا السلاح ليس له وجود، تماماً كما فعل الثوار العرب الجدد حين واجهوا الأجهزة الأمنية والقمعية في الدول التي انتفضوا فيها. وسيلقى فريق 14 آذار في معركته الجديدة هذه دعماً لبنانياً ودولياً وعربياً واسعاً ومؤثراً، إذ ان السلاح الخارج عن سلطة الدولة والموجه الى المواطنين يشكل نوعاً من الاحتلال الداخلي الذي ينبغي التحرر منه بالوسائل السلمية المشروعة.

 

مصادر قوة 14 آذار

ثانياً يستمد فريق 14 آذار قوته ومناعته وديناميكيته من أربعة عوامل أساسية هي الآتية: أولاً - ان هذا الفريق حركة سياسية شعبية كبيرة تمثل الغالبية من اللبنانيين ولها امتداداتها ونفوذها في مختلف الطوائف ولذلك نجحت في إيجاد رأي عام استقلالي سيادي صلب وصامد لم يضعفه إبتعاد بعض أعضاء هذا الفريق عنه لأسباب متنوعة. ثانياً - ان فريق 14 آذار هو الملاذ الذي يلجأ اليه الشعب اللبناني ودرعه الحامية ويعكس التطلعات والطموحات والأماني للكثير من اللبنانيين الذين يتمسكون في غالبيتهم بالإستقلال والسيادة ويرفضون الهيمنة السورية والإقليمية ويطالبون بالعدالة وبوقف نهج الإغتيالات وبحظر استخدام العنف والسلاح في الداخل ويحرصون على سلطة القانون وعلى الديموقراطية والحريات والتعددية وعلى الأمن والإستقرار والسلم الأهلي وكل ما يصنع وطناً حقيقياً ودولة قوية وعادلة. ثالثاً - أثبت فريق 14 آذار من خلال الممارسة انه متمسك بالنظام الديموقراطي وبالتعددية والحريات وبالتداول السلمي للسلطة وبالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، كما أثبت انه يعمل فعلاً على تعزيز استقلال لبنان وسيادته وتقوية علاقاته العربية والدولية لتأمين أوسع حماية لهذا البلد. رابعاً - مشروع فريق 14 آذار سلمي ديموقراطي انفتاحي في الداخل وعلى العالم العربي والمجتمع الدولي. وأحد مصادر قوة هذا الفريق ان خصومه الذين ينتمون الى فريق 8 آذار يعطون الأولوية لتأمين مصالح المحور السوري - الإيراني إذ انهم يرغبون، بقيادة "حزب الله"، في تحقيق هدفين كبيرين يتناقضان مع المصالح الحيوية المشروعة للبنانيين. الأول هو إعادة ربط لبنان تدريجاً بسوريا والثاني هو جعل لبنان فعلاً ساحة مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ومع دول أخرى من أجل خدمة مصالح دمشق وطهران. واللبنانيون يحتاجون الى مشروع فريق 14 آذار للخروج من معاناتهم ومن مأزقهم وتحسين أوضاعهم الداخلية البالغة الصعوبة ولتثبيت إستقلالهم وسيادتهم.
ثالثاً - إحدى المهمات الأساسية لفريق 14 آذار هي إسقاط مفهوم الاستقرار الذي يتمسك به حلفاء دمشق. فالاستقرار في لبنان يكون زائفاً وهشاً إذا فرضه فريق مسلح يسعى الى منع تحقيق العدالة ويريد تعطيل عمل المحكمة الخاصة بلبنان وإخضاع الأفرقاء الآخرين لمطالبه وشروطه بالقوة. فهذا الإستقرار ليس قابلاً للإستمرار لأنه يتناقض مع متطلبات العدالة ومع سلطة القانون ودور الدولة ولأنه يهدف الى تحقيق خطط الفريق القوي بسلاحه وليس الى ضمان مصالح اللبنانيين عموماً وتعزيز السلم الأهلي من أجل تأمين الظروف المناسبة لتحسين الأوضاع وتطوير البلد وتنميته.
رابعاً - الثوار الجدد في تونس ومصر وليبيا ودول أخرى تمسكوا بأربعة مطالب أساسية هي: الخبز والكرامة والحرية والعدالة. وهذه المطالب تلخص مشروع فريق 14 آذار: فالمطالبة بالخبز تعني المطالبة بحياة طبيعية آمنة ومستقرة غير خاضعة للتهديد الداخلي ولخطر الإنجرار في أي وقت الى الحرب خدمة لمصالح جهات إقليمية، والمطالبة بالحرية تعني التمسك بنظام ديموقراطي تعددي واحترام الدستور والإنفتاح على الآخرين والتعاون معهم لمعالجة المشاكل العالقة، والمطالبة بالعدالة تعني التمسك بسلطة القانون وسيادة الدولة ومحاسبة المتورطين في الجرائم السياسية والإرهابية التي هزّت لبنان وتعني رفض التخلي عن المحكمة الخاصة بلبنان خوفاً من غضب المتضررين منها، والمطالبة بالكرامة تعني التمسك بالاستقلال والسيادة واحترام الإرادة الحرة للشعب اللبناني ورفض الخضوع للهيمنة الإقليمية أو لسلطة السلاح غير الشرعي.

 

الإنجازات والأخطاء

وأورد التقرير الأوروبي ان فريق 14 آذار "ارتكب جملة أخطاء تكتيكية، لكن هذا أمر طبيعي في مسيرة أي حركة سياسية في العالم، خصوصاً أن هذا الفريق يواجه، في وقت واحد، مخططات سوريا وإيران وفريقاً معادياً له مستعداً لاستخدام العنف والسلاح ضده. وهذه الأخطاء التكتيكية يمكن إصلاحها وتجاوزها بسهولة". وشدد في المقابل على أن فريق 14 آذار "لم يخطىء في الجوهر إذ ان خياراته ومواقفه وتوجهاته والتزاماته الأساسية صحيحة ووطنية ومناسبة لأنها منسجمة تماماً مع ما يريده اللبنانيون في غالبيتهم الواسعة ولأنها أدت الى تحقيق إنجازات مهمة بل تاريخية أبرزها إنهاء الهيمنة السورية المباشرة على لبنان وانشاء المحكمة الخاصة بلبنان وتأمين دعم دولي وعربي واسع للبنان المستقل السيد وإيجاد رأي عام إستقلالي سيادي واسع ومؤثر يعزز مواقع القوى المدافعة عن مصالح اللبنانيين الحيوية والمشروعة والرافضة إعطاء الأولوية لتأمين مصالح جهات إقليمية".
وتضمن التقرير الأوروبي تقويماً دقيقاً للأعمال التي قام بها فريق 14 آذار والقرارات التي اتخذها فركز على الأمور الآتية:
أولاً - لم يخطئ فريق 14 آذار إذ تمسك باستقلال لبنان وسيادته ويرفض الهيمنة السورية والإقليمية عليه ودافع عن الدولة ومؤسساتها الشرعية وعن النظام الديموقراطي والتعددية والحريات وحرص على تطبيق الدستور واتفاق الطائف وعلى المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
ثانياً - لم يخطئ هذا الفريق حين لجأ الى الشرعية الدولية وطلب دعم مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول البارزة لتأمين الحماية لاستقلال لبنان وسيادته من أي هيمنة إقليمية عليه. بل ان هذا مطلب مشروع وإنجاز مهم.
ثالثاً - لم يخطئ هذا الفريق حين اعتمد إستراتيجية الإنفتاح على العالم العربي ككل وعلى المجتمع الدولي عوض أن يكون لبنان أسير المحور السوري - الإيراني ومخططاته مما يشكل تهديداً لأمنه وإستقراره ويقوض مقومات استقلاله وسيادته.
رابعاً - لم يخطئ هذا الفريق حين رفض السلاح غير الشرعي وأصّر على حظر استخدام العنف والقوة المسلحة في الصراع السياسي الداخلي وامتنع عن حيازة السلاح وتمسك ببسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وإزالة البؤر والمحميات الأمنية لضمان حياة آمنة ومستقرة لجميع اللبنانيين وليس لفئة منهم فقط. ولم يخطئ هذا الفريق حين طالب بوضع سلاح المقاومة تحت سلطة الجيش وبأن يكون هذا السلاح جزءاً من استراتيجية دفاعية جديدة تتولى الدولة مسؤولية تطبيقها والإعتماد عليها لحماية لبنان من أي أخطار أو تهديدات محتملة.
خامساً - لم يخطئ هذا الفريق حين رفض استخدام لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ودول أخرى من أجل خدمة مصالح جهات إقليمية، ولم يخطئ حين طالب بتطبيق النموذج السوري في التعامل مع الدولة العبرية إذ ان النظام السوري يرفض منذ العام 1974 تحرير الجولان المحتل من طريق المقاومة المسلحة والحرب ويعمل على استعادة أرضه المحتلة من خلال المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة مع الإسرائيليين والإعتماد على الوسائل الديبلوماسية.
سادساً - لم يخطئ هذا الفريق حين ساعد على انشاء المحكمة الخاصة بلبنان المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم أخرى مرتبطة بها وحين قرر دعم عملها لأن وضع حد لنهج الاغتيالات وتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم والحرص على سلطة القانون مطالب أساسية حيوية ومشروعة يتمسك بها اللبنانيون عموماً وبقطع النظر عن مواقف بعض السياسيين.
سابعاً - لم يخطئ هذا الفريق حين ألّف حكومة وحدة وطنية مع الأقلية بعد انتخابات حزيران 2009 لأنه يؤمن بمعالجة القضايا العالقة من خلال الحوار والتفاهم وفي إطار توافق وطني واسع. لكن هذا الفريق أخطأ لأنه لم يكشف بحزم وبسرعة مطالب تعجيزية قدمها اليه حلفاء دمشق ولم يكشف نياتهم ومخططاتهم.
ثامناً - لم يخطئ هذا الفريق حين اتخذ قرار الإنتقال، في ظل رعاية سعودية - عربية - إقليمية، من مرحلة المواجهة مع سوريا الى مرحلة الانفتاح عليها، بل انه حدد المسار الصحيح لتحسين العلاقات بين لبنان وسوريا لأنه تمسك بضرورة قيام علاقات صحية وسليمة وقوية قائمة على الإحترام المتبادل بين الدولتين المستقلتين اللبنانية والسورية، ولأنه رفض منطق الهيمنة والإملاءات السورية، كما رفض إعطاء الأولوية لتأمين مصالح السوريين على حساب مصالح اللبنانيين.
تاسعاً - لم يخطئ فريق 14 آذار حين دعم المشروع السعودي لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين الأفرقاء اللبنانيين في مؤتمر يعقد في الرياض في رعاية عربية واسعة لأن هدف هذا المؤتمر تكريس التفاهم اللبناني - اللبناني على معالجة مختلف القضايا العالقة على أساس تحقيق العدالة والإستقرار وتأمين المصالح الحيوية المشروعة للشعب اللبناني.
وكما قال ديبلوماسي أوروبي مطلع "ان فريق 14 آذار يواجه تحديات جدية لكنه يستمد قوته وشرعيته من إنجازاته المهمة ومن تجربته السابقة ومن تمسكه بمطالب حيوية أساسية يدعمها اللبنانيون في غالبيتهم الواسعة ومن تحركه في أجواء وفي ظل أوضاع عربية ودولية مناسبة له وتؤمن دعماً حقيقياً للقوى الشعبية الديموقراطية التي تتمرد على الإحتلال الداخلي والتسلط وتسعى الى تحقيق أهدافها المشروعة بالوسائل السلمية".
 

بقلم عبد الكريم أبو النصر     

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,456,019

عدد الزوار: 7,758,657

المتواجدون الآن: 0