نموذج الإخوان المسلمين في مصر القومي السياسي- والإسلامي السياسي لا يلتقيان

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 آذار 2011 - 6:45 ص    عدد الزيارات 564    التعليقات 0

        

نموذج الإخوان المسلمين في مصر القومي السياسي- والإسلامي السياسي لا يلتقيان
فائز البرازي

 


 
 توجهان سياسيان (لا يمكن) أن يلتقيا، وإن تقاربا وتناسقا أحيانآ· وهنا سيأتي من يقول أن هذا اللايمكن / النفي، بعيدآ ومعاكسآ لأصول البحث العلمي الموضوعي بوضع النتيجة قبل المقدمات والأسباب، والتحليل والعرض والإختبار· وسيأتي خاصة من <مدرسة دمشق للمنطق الحيوي> من يقول أن هذا النفي هو: (منطق الجوهر الفئوي)· وحتى من ضمن الطرفين من يرفض هذا النفي·· وكلهم قد يكونون محقين فيما إدّعوه وطرحوه·

بعد عرض هذه النتيجة أقول: إن (القومي السياسي) يمثل كتلة مجتمعية تضم: المسلم والمسيحي واليهودي والسرياني·· وكل الإنتماءات الدينية· ويضم اللاديني والملحد ? هناك فرق بين اللاديني والملحد -· ويضم مما يطلق عليه الإثنيات / الأقليات، ضمن فكرة الوطن والمصلحة والمواطنية· اي: هو تعبير مجتمعي لكتلة شعبية تمارس حياتها ونضالاتها وتحدد أسلوب معالجاتها لمشكلاتها السياسية، بعيدآ عن <الفكر الديني الإنساني> بكل اشكاله، وتتجنب أي إبعاد للآخر، أو أية شروط مسبقة غير الشرط الوطني·

وأن (الإسلامي السياسي) هو كتلة مجتمعية <محصورة> فقط بالمؤمن الإسلامي الذي يرغب ويعمل على أن يكون شعار [الإسلام هو الحل] في <العقيدة> و <المعاملات> و<النهج السياسي>، هو الأسلوب الأمثل والوحيد في معالجة المشكلات كافة: إجتماعية، إقتصادية، سياسية، قانونية، ثقافية· وبه وبواسطته تتحدد معالم الدولة والمجتمع· ويسكت عما يجول في خفايا تفكيره لنتائج هذا الطرح من: إعتماد لمبدأ سيطرة وهيمنة الأكثرية على الأقلية المجتمعية ? ديكتاتورية الأكثرية -، وأنه الحاكم والمقرر ? مستفردآ ? لمسار المجتمع والدولة، وبشروطه <الفقهية الإختيارية> التي إختارها عما سواها· أي: (أنه القائد للمجتمع والدولة)، وضمن مبدأ وتوجه <الإستعلاء>·

(القومي السياسي) يتطلع إلى بناء أكبر كتلة مجتمعية متجانسة ومترابطة·

(الإسلامي السياسي) يتطلع إلى ذاته <كنخبة خاصة> على الآخرين اللحاق بها والإلتزام والخضوع لما تراه وتقرره، فتكون النتيجة: تقليص وحصر وتنميط لكتلة مجتمعية، وعزلها عن كتلتها الأكبر·

(مشروعان سياسيان)·· متواجهان·

وإن كان المشروع الأول ? القومي السياسي ? مفتوحآ لإنضمام توجهات فكرية وايديولوجية إليه من: يسارية، ليبرالية، إثنيات، طوائف·· بإعتباره لايهتم بالعرق والدم والثقافة، إلا بكونها جزء من مكون حضاري جيوسياسي· فإن المشروع الثاني ? الإسلامي السياسي ? منغلق تمامآ أمام ذلك، بكون الإعتبار الأول والأخير لهذا الإنضمام يتعلق بالدين حصرآوبالفقه الديني، وبكونه المحدد الأساسي <لدرجات المواطنة>·

وعلى سبيل المثال المتجسد، فإن الإخوان المسلمين / الإسلام السياسي، ابقى أمورآ كثيرة تتعلق بالواقع ومعالجته وإتخاذ موقف منه? بعيدآ عن الشعار / العموم، في طي المسكوت عنه· ليعيش ُمظهرآ لمن يريد تحولآ ديمقراطيآ وتعددآ للسلطات ورقابة على الأجهزة التنفيذية، أنه من مؤيدي تلك الطروحات· وفي ذات الوقت يعيش ويؤمن <باطنآ>، ويحلم (بدولة كليانية) تطال أدوارها كل قطاعات المجتمع، من: ضبط حركة السوق، وحتى توجيه الفن والموسيقى، وما بينهما من مراتب للمواطنية المجتمعية والتحكم بأمور معاشها وحياتها·

وعندما <إضطر> مدفوعآ بضرورة ولوج السياسة، وتقنين تلك العموميات، والإجابة عن الكيفية التي يعتزم بها ترجمة ذلك إلى سياسات وتشريعات على أرض الواقع·· إضطر إلى طرح مسودة (البرنامج السياسي) الذي أثار وفتح الباب على مصراعيه لخلافات كبيرة، بينه وبين القوى السياسية المجتمعية الأخرى، وبينه وبين بعضه البعض <داخليآ>·

لقد ولدت وأبانت (مسودة البرنامج السياسي) للإخوان المسلمين في مصر، شعورآ ورؤى مع وضوح فقراته، مؤداها أن <الجماعة> تريد إختزال التراث التشريعي والقانوني الطويل للحضارة الإسلامية، <بتأويلات> ضيقة تفرض صورة ملزمة إقصائية·

ومن بعض أهم الأفكار الرئيسية التي طرحتها مسودة البرنامج، والمثيرة جدلآ وإنقسامآ < داخل الحركة <، عدا عن رفضها من الآخر·· القوى السياسية والمجتمعية:

1- الدعوة لتأسيس هيئة لعلماء الدين:

تحاول <الجماعة> حتى الآن، لإيجاد مساحة مقبولة لدور الدين في الحياة العامة· فخرجت الان كبداية <مختصرة مبتسرة> بإقتراح إستحداث <هيئة منتخبة من علماء الدين> وظيفتها: (تقديم الرأي الملزم) للسلطة التشريعية والتنفيذية، فيما يتعلق بأحكام الشريعة التي يجب أن تستقر عليها الأمور·

ولقد صدم هذا <الإقتراح> بعض قيادات الجماعة، الذين دافعوا مرارآ عن حتمية الإرتكان إلى دور <المحكمة الدستورية العليا>، فإقتراح الهيئة: يحدد آلية واضحة لضمان الإلتزام بالشريعة، خارج السلطة التشريعية والتنفيذية، بل خارج سياقات المؤسسة الدينية ? الأزهر و دار الإفتاء -·

وتدافع القيادات الإخوانية التي رفضت هذا الإقتراح، بكونه ينتصر <لتأويلات إختزالية> لقضية تطبيق الشريعة، ولا يعبر عن إجماع إخواني مستقر·

أما عن التداعيات السلبية على نظرة الرأي العام للجماعة فكثيرة، وفتحت الأبواب لتأكيد إتهام الإخوان بالسعي لتأسيس <دولة ثيوقراطية> وبالإنقلاب على مبدأ <مدنية الدولة والسياسة>·

2- نزع الأهلية عن: غير المسلمين? و المرأة، لتولي المناصب العليا:

كان الوضوح والتحديد في <مشروع البرنامج السياسي> في السياق الثاني، بالغ الأهمية· وهو نزع أهلية تولي المناصب العليا في الدولة، عن غير المسلمين والنساء·

وهنا أسست المسودة للتعامل <الإقصائي> بالإستناد إلى مقولات كلاسيكية بالتراث الإسلامي حول شروط أهلية الحاكم، وتبعيته للإنتماء الإسلامي، وهويته الذكورية·

وفي حين رأى البعض من قيادات الإخوان بهذا الموقف إتساقآ مع القطعي من أحكام الشريعة··?رفضه فريق قيادي إخواني آخر، وشددوا على تناقض الإقصاء، مع مبدأ المواطنة المدنية· وأفاضوا في شرح رؤيتهم معتمدين على: التميز بين المقولات الكلاسيكية لصيغ وقضايا في الولاية الكبرى ومؤسسة الدولة التي لم تستقر·· وبين زمانية القرن الحادي والعشرين والدولة الحديثة وإستقرارها الدستوري وتبلور مؤسساتها العامة· وقد عبر / المرشد العام / للإخوان المسلمين عن ذلك < الخيار الفقهي < الملزم: للإخوان المسلمين، فقال: (هناك نقطتان ? الأقباط والمرأة ? الإخوان أخذوا فيهما قرارآ، وهما ليسا من عندنا·· هناك في الشرع والدين أناس فقهاء يقولون الدولة الإسلامية لايكون على رأسها إلا مسلم، ولا يجوز لدولة أن يكون على رأسها إمرأة· وهذا رأي فقهي، و <هناك آراء فقهية أخرى غير ذلك>)··

أي: أن هذا <الرأي الفقهي بعينه> هو الذي تبناه الإخوان، ولم يتبنوا آراء فقهية أخرى!!! مع سعي المؤيدين والمعارضين إلى <إستصدار فتاوى> من رجال الدين تدعم مواقفهم·

3- حول < الدعوي> و<الحزبي>:

تبلورت بعض المبادرات الدافعة بإتجاه السعي نحو تشكيل <حزب> يدير النشاط السياسي للإخوان كآلية رئيسية لتنظيم مشاركة الجماعة في الحياة السياسية الرسمية· لكن عوامل متعددة خلافية داخل الحركة بين قياداتها، حالت دون بلورة نهائية وحقيقية نحو تأسيس حزب سياسي·?

فغاب التوافق بين القيادات حول: جوهر وشكل العلاقة المبتغاة بين <الجماعة> و <الحزب>· والخوف من العواقب المترتبة على فصل محتمل بين <الدعوة> وبين <النشاط السياسي>· وكذلك التوجس من رد فعل النظام الحاكم لإنشاء مثل هذا الحزب·

وأخيرآ·· فإن هذا التناقض الرئيس·· في الفكر والتوجه والممارسة، يخلق فجوة أكاد لا أرى سبيلآ لردمها إلا من خلال تغير التوجه الفكري والسياسي والثقافي، حول < تناول السياسة العامة < لأحد هذين المشروعين: القومي والإسلامي السياسيين· وتبقى جميع الأمور الأخرى وإستنساخاتها، ماهي إلا تحصيل حاصل لهذا التناقض والإختلاف الرئيسي·

وبالتالي أكاد أجزم بلا جدوى محاولات الإلتقاء· وأن من توجهات العلوم السياسية في مثل هذه الحالات، محاولة التقارب والتنسيق حول أهداف لاتمس هذا التناقض الرئيس، وضمن قناعات وتعهدات كلا الطرفين بأن لاينقلب هذا التناقض إلى صراع ولا إلى صدام يحيق ويوقع السوء بالمجتمع والدولة·

 كاتب من سوريا

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,474,823

عدد الزوار: 7,759,096

المتواجدون الآن: 0