التزايد السكاني الفلسطيني

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 آذار 2011 - 6:47 ص    عدد الزيارات 580    التعليقات 0

        

التزايد السكاني الفلسطيني
محمد علي الحلبي

 


 
ورغم عظامة وضخامة التضحيات التي قدّمها الفلسطينيون عبر ما يقارب القرن من الزمن دفاعاً عن الأرض والكرامة، وعن الحقوق والقيم حتى باتوا مدرسة لكل شعوب الأرض المضطهدة قاطبة····لقد تركوا لدى العدو الإسرائيلي وحليفيه أميركا والغرب كل بواعث القلق من المستقبل···· يحملون بشرى ربهم بالعودة والفتح القريب···· ماحيّن من أذهانهم الوقت والزمن، فطول الزمن لا يهمهم ،وقصره في قناعتهم يتلازم ويتعلق بشدة الإيمان بالله منبع الحق ومطلقه،وعبادتهم له تتركز في دأبهم على إحقاق الحق إيماناً واعتقاداً راسخيّن بقوله:<يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم> وقال تعالى:<ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز> ويتلاقى نُسك العبادة في كلمات ثلاث···الله····الحق·····الشهادة أروع ما في فلسفة الوجود الإنساني·

وعلى مدى الأيام تتوسع هواجس القلق لدى العدو الإسرائيلي، فكم قضّت العمليات الاستشهادية مضاجع مغتصبي الأراضي حتى تدنت أعداد القادمين للأراضي المحتلة، بل انعدمت، وبدأ الحديث عن الهجرة المعاكسة من فلسطين إلى بلدان العالم، وهذا ما عبر عنه ما يُعرف بالقلق الديموغرافي،والتغير السكاني الذي راح يتوسع لصالح أهل الأرض الأصلاء·

وعن ذلك يتحدث الدكتور <رائد صالحة> أستاذ الجغرافية في الجامعة الإسلامية وبلغة الأرقام ليبيّن أن الجهود الذي بُذلت لهجرة اليهود إلى الأراضي المحتلة أبقت على الميزان الديموغرافي لصالح اليهود ،وبقي ذلك حتى عام1998، لكنه يُبرز أرقاماً جديدة في عام2007معتمداً على مصدر موثوق، وهو دائرة الإحصاء المركزية، وبمقارنة معلوماته مع ما صدر عن الـ C.I.A فيتوصل إلى حقيقة أن47,1 من المجتمع الفلسطيني هو تحت سن14سنة، فهو مجتمع فتيّ وفئة الشباب فيه بلغت نسبتها49,4% من الفئات العمرية المحصورة ما بين15-64، أما نسبة الشيخوخة فيه فتبلغ3,5%وهي نسبة أقل بكثير مما هي لدى الصهاينة حيث بلغت10%، ويَخلص من خلال دراساته الإحصائية المقارنة، فعام 2008كشف عن الفارق بينه وبين عام1948، فقد كان عدد الفلسطينيين1,4مليون، وفي عام2008 أصبحوا10,6ملايين نسمة في العالم منهم1,400,000من سكان فلسطين1948،و 3,700,000نسمة في الضفة، و3,700,000نسمة في الضفة وغزة، فالإجمالي5,200,000نسمة،وهم يُشكلون نحو48%من سكان فلسطين التاريخية،أي إن عدد السكان الفلسطينيين في فلسطين التاريخية ازداد خلال ربع قرن بنسبة7أضعاف· وفي نظرة علمية استنتاجية يؤكد أن عام2010سيكون العدد في مصلحة الفلسطينيين بغض النظر عن مكان وجودهم سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة،أو في داخل مناطق48،فقد وصل عدد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية إلى حوالي5,467,472فلسطينياً في الوقت الذي سجل اليهود على نفس الأرض5,452,100،وأرجع التفوق إلى الزيادة الطبيعية رغم حملات التهجير القسرية للمواطنين العرب، وهكذا فالباحث يشير إلى أن الصراع السكاني بات له وجود في عالمنا اليوم، وأصبح يُعرف بالمصطلح الجغرافي السياسي،وضمن هذا المفهوم فالصراع على أرض فلسطين بين الفلسطينيين (سكان الأرض الأصليين) والمغتصبين اليهود الذين جاؤوا من شتى بقاع الأرض صراع وجود له أبعاد دينية، سياسية، حضارية، ثقافية، اجتماعية، واقتصادية·

أمام حملة مكونات الصراع يجب أن لا نستغرب أن يتمسك رئيس وزراء العدو بمتابعة المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين··· بشرطه الجديد بشعار<يهودية الدولة>· وهو في حدّ ذاته قديم، لقد سبقه ومنذ قيام <إسرائيل> في منتصف القرن الماضي العديد من السياسيين والمفكرين الصهاينة بطرح وجهة النظر هذه، لكن الحاجة للتأكيد عليه في هذه الأيام باتت برأي الغزاة ملحة أمام التزايد السكاني للفلسطينيين، وهم يقصدون من ذلك،ويتقصدون هدفين رئيسيين:

1- إلغاء حق العودة للاجئين، وهو حقهم الشرعي الذي أقرته المنظمات الدولية والإنسانية·

2 - العمل تباعاً، ومن جديد على تهجير السكان العرب الأصليين من أراضي عام1948 ·

لقد بدأت إسرائيل فعلياً في تطبيق إجراءات في شتى مجالات الحياة في محاولات للتضييق على أهل الأرض الأصلاء لدفعهم لترك بلادهم،ويأتي التقرير السياسي العاشر والصادر عن <مدى الكرمل> مركز الدراسات الاجتماعية التطبيقية ليبيّن أن الكنيست الثامن عشر الحالي تحول إلى مصدر رئيسي لتقليص حقوق المواطنين الفلسطينيين كان من أهمها ما بات يُعرف بقانون المواطنة، وشرطه العام أداء قَسم الولاء ليهودية الدولة·····لقد كثرت النقاشات،ومشاريع القوانين حول الحدّ من أن تقوم الأحزاب العربية التي تُمثل أقلية قومية أصيلة في الدفاع عن مصالح أهلها، ومحاولة تحسين ظروفهم، وقد صدر ما بات يعرف باللائحة السوداء والتي تتضمن مشاريع قوانين بالولاء الذي سيفرض على الجمعيات، ومنع الدعوة لمقاطعة اسرائيل، والتمادي في شروط سحب الجنسية، ومحاسبة المتحدثين عن النكبة، وفي حزيران عام2010 كان قبول هيئة الكنيست توصيات لجنته بسحب ثلاثة امتيازات من حقوق النائبة>حنين الزعبي> التي رافقت قافلة شريان الحياة، والتي تُمنح لكل نائب في البرلمان، وهي امتياز الخروج من البلاد، وامتياز الحصول على جواز سفر دبلوماسي، وامتياز تغطية المصاريف القضائية من قبل الكنيست في حال تقديم النائبة إلى المحاكمة عقابا لها على مواقفها الوطنية،وكذلك اقتراح قانون بالإعلان عن الحركة الإسلامية الشمالية في إسرائيل كتنظيم ممنوع،وتقديم اقتراح قانون يتيح للنواب فصل عضو الكنيست في حال شارك في تأييد <الكفاح المسلح> ضد إسرائيل من قِبل دولة عدو،أو تنظيم إرهابي،أو كان شريكاً في التحريض العنصري،أو إذا نفى وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية،وتتابع الإجراءات بتقديم اقتراح قانون يُطالب المحكمة سحب مواطنة من كل من قام بعمل <إرهابي والتضييق على الجمعيات بمختلف نشاطاتها الإنسانية لكن ما بلفت النظر الاقتراح بعدم تسجيل أية جمعية إذا اقتنع مسجل الجمعيات أن الجمعية متورطة،أو قد تُقدم لعناصر أجنبية معلومات حول دعاوى قضائية خارجية خارج دولة إسرائيل ضد موظفين كبار في الحكومة، أو ضد ضباط في الجيش·

لقد ثبتنا في مقالة سابقة تحت عنوان<معنى يهودية الدولة>كل أقوال المسؤولين من قيام<الدولة>الداعمة للعنصرية، وليهودية الدولة انسجاماً مع الموروث الثقافي للديانة اليهودية التي حرفها أحبارها أثناء السبي البابلي وما بعده والتي يدعو معتنقوها لتعميق فكرة أنهم الأخيار وكل شعوب العالم بالنسبة لهم أغياراً، وأدنى منهم مرتبة،بل مراتب عدة في الحياة،ويأتي استطلاع للرأي نشرته صحيفة>يديعوت أحرنوت>في15/10/2010ليبيّن الحقائق التالية:

1- أكثر من ثلث اليهود يؤيدون سحب حق التصويت من العرب·

2- غالبية إسرائيلية تؤيد إعلان الولاء لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، والغالبية تؤيد الحد من حرية التعبير عن الرأي· 3- وعن سؤال بشأن مدى شرعية إضافة الكلمات>كدولة يهودية ديمقراطية>على تصريح الولاء لمن هم من غير اليهود؟!···أجاب بالإيجاب62%من العلمانيين،92%من المتدينين،و73%من المهاجرين الجُدد·

4- وعن سؤال عن مدى تأييد منح حق التصويت للمواطنين من غير اليهود؟!···أجاب بالإيجاب75%من العلمانيين،42%من المتدينين، و12%من المهاجرين·

5- وجاء في طليعة المتعصبين للتطرف القومي إلى درجة الفاشية بالتدرج <افيدور ليبرمان> و<إيلي بشاي>و<بنيامين نتنياهو> و<أيهود باراك>و<جدعون ساعار>·

وذات يوم قالت وزيرة الخارجية السابقة<تسيبي ليفني>:<نحن نفاوض الفلسطينيين الجيدين، ونعاقب الفلسطينيين السيئين<فهنيئاً لمن تعاقبه إسرائيل،وبؤساً لمن تتعامل معه،ورئيس السلطة الفلسطينية>عميد المفاوضين>أكد بنفسه في حديث له نشر بتاريخ17/10/2010بيّن فيه أن الرئيس الأميركي السابق>جورج بوش>تعهد بوقف الاستيطان في الضفة قبل بدء المفاوضات مع حكومة>أيهود أولمرت>وأن السلطة ذهبت إلى المفاوضات مع حكومة>أولمرت>استناداً إلى تعهد>بوش>الذي لم يتم تنفيذه،و الجدير بالذكر أن الرئيس <بوش> تعهد لــ>شارون>رئيس الوزراء الأسبق في نيسان عام2004برسالة سلمها له ببنود ثلاثة:

1- حول المستوطنات تتعرض الرسالة إلى أن التغييرات الديموغرافية على الواقع فإنه أصبح من المستحيل العودة إلى حدود وقف إطلاق النار عام1949لذا فالإدارة الأميركية تلتزم بالموقف الإسرائيلي الذي يُطالب بضم التجمعات الاستيطانية الأساسية إلى إسرائيل مقابل أراضٍ محتلة سابقا يتم تحويلها إلى الدولة الفلسطينية·

2- حق العودة، فإن أميركا ملتزمة تماماً بأن إسرائيل دولة يهودية، وحل موضوع اللاجئين سيكون ضمن الحل الشامل، وعليه يتم السماح بعودة جزء من اللاجئين الفلسطينيين إلى الدولة الفلسطينية وليس إلى إسرائيل·،ويتركز انتباهنا هنا على معنى الجزء وليس الكل،وإلى الدولة الفلسطينية وليس إلى إسرائيل·

3- ما يتعلق ببند>الإرهاب والعنف>يتعهد الرئيس الأميركي بوقفه بشكل كامل في كافة الأماكن ضد إسرائيل،وكذلك وقف التحريض تماماً ضد إسرائيل·

والإدارة الأميركية الحالية>إدارة أوباما>تؤيد بشكل عام النقاط الثلاث مع اختلافات بسيطة،ففي بند الحدود فهي موافقة على ضم بعض التجمعات الاستيطانية،وإعطاء أرض في النقب بدلا ًعنها للدولة الفلسطينية،لكن الرئيس الأميركي الجديد أبدى تفهمه للقلق الإسرائيلي من المطالبة بعودة اللاجئين،وأوضح أنه لن يدعم هذا الطلب،وفيما يتعلق>بالإرهاب>فقد طالب بوقف كافة أعمال العنف معلناً أن طريق العنف>غير صحيحة>·····أمام كل ذلك أبدى رئيس السلطة استعداده للإعلان عن انتهاء المطالب التاريخية، وإنهاء الصراع في حال تم التوصل إلى تسوية سلمية·

كنتيجة لكل ما قدمناه من إثباتات تُظهر لنا الحقيقة عدوانية إسرائيل المستمرة،ومخططاتها المتمادية،والدعم الأميركي لها في كل المجالات وأن الأيام القادمة ستكون حافلة بكل أنواع النضال،فالصراع هنا صراع وجود لا للفلسطينيين وحدهم،بل لكل الأمة العربية،فمسلسل التمادي الإسرائيلي لن يحله سلام مزعوم،بل سيتمادى الصراع أكثر وأكثر إن بقيت الأوضاع على حالها من بؤس وتنازلات،ولذلك لابد من العودة إلى الجذور فالصراع عربي إسلامي من طرف،وإسرائيلي يهودي من طرف آخر لذا لابد ممن العودة إلى شعار المقاومة بكل أنواعها وخاصة المقاومة المسلحة،وأن ينضم جميع أبناء الأمة له ويعملوا من أجله فيكفي السلطة مهازلها،فمندوبوها يجتمعون مع الإسرائيليين في أي مكان يُطلب ولو في القدس بينما لا يلتقون مع حماس من أجل المصالحة الوطنية في دمشق·····لقد غابت الأهداف السامية وحلت محلها شكليات لا تدعو للثقة في بعض القياديين الفلسطينيين·

 كاتب من فلسطين·

 

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب..مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين..

 السبت 19 تشرين الأول 2024 - 4:13 ص

جوزف عون..قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب.. مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع ال… تتمة »

عدد الزيارات: 174,475,038

عدد الزوار: 7,759,105

المتواجدون الآن: 0